الدروس
course cover
مزايا تفسير ابن كثير وموارده
30 Nov -0001
30 Nov -0001

2

0

0

course cover
منهج ابن كثير في تفسيره

القسم الأول

مزايا تفسير ابن كثير وموارده
30 Nov -0001
30 Nov -0001

30 Nov -0001

2

0

0


0

0

0

0

0

[تفسير ابن كثير وبيان مزاياه]
أما عن تفسيره: اشتهر بقولهم (تفسير القرآن العظيم) وهو من أشهر ما دوّن في التفسير بالمأثور، بعد تفسير الطبري، ومن أصح التفاسير بالمأثور، إن لم يكن أصحّها، يجمع أصح الآثار الواردة في تفسير الآية، والكلام على رتبتها غالبا، وينبّه على الإسرائيليّات في كثير من الأحاديث، كما يمتاز بحسن البيان وعدم التعقيد، وعدم التشعب في المسائل.
وطريقته في تفسيره: يذكر الآية ثم يفسّرها بعبارة سهلة موجزة، ثم يقوم بتوضيح الآية بآية أخرى إن أمكنه ذلك، ويعارض ما بين الآيتين، ثم يشرع في سرد الأحاديث المرفوعة التي تتعلق بالآية، ويبيّن ما يُحتجّ به وما لا يُحتجّ به منها، بعد تفسير القرآن بالقرآن، والقرآن بالسنة، يتبع ذلك بأقوال الصحابة، والتابعين ومن يليهم من علماء السلف، ويقوم بترجيح بعض الأقوال على بعض، وعندما يشرح آية من آيات الأحكام فإنه يدخل في المناقشات الفقهية من دون إطالة.
فخصائص هذا التفسير باختصار هي:
1: التنبيه على الإسرائيليّات.
2: المعرفة الواسعة بفنون الحديث وأحوال الرجال.
3: شدّة العناية بتفسير القرآن بالقرآن.
وبمناسبة معرفته الواسعة بأحوال الرجال له كتاب اسمه:(الرفع والتكميل في الثقات والضعفاء والمجاهيل)، يوجد منه مجلد واحد (الثالث)، وجده حمّاد الأنصاري في الصنادقية في مصر، واشتراه -أظن- بألفين ريـال، ولما أحضره إلى المدينة وجد عليه ختم مكتبة المسجد النبوي، فأرجعه إليهم وأعطوه نسخة مصورة، كما حدثني بذلك ببيته بالمدينة رحمة الله عليه.
[موارد ابن كثير في تفسيره]
موارد ابن كثير كثيرة، وله من اسمه نصيب، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم لمّا أتى سهيل بن عمرو يوم الحديبية وقال: ((سهل أمركم))، فمازال ابن كثير كذلك، فموارده كثيرة.
وبين يدي هذا الكتاب ويتألف من مجلدين؛ واسمه: (موارد الحافظ ابن كثير في تفسيره) للأستاذ الدكتور: سعود بن عبد الله الفليسان، وقسّمها: موارده في كتب التفسير، في علوم القرآن، في كذا ..، يعني في مختلف الفنون.
وأنا تناولت جزءا من ذلك في أثناء دراستي عن حياة الحافظ ابن كثير، فلابد من التعرض لموارده؛ وهي كما ذكرت في التفسير، وفي علوم القرآن، وفي سائر الفنون.
وما يتعلّق بالتفسير:
هو ينقل عمّن سبقه من المفسرين وعلى رأسهم إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري، لكنه نقل البصير، ويكثر عن الطبري، وينقل عن ابن أبي حاتم، ويأخذ شيئا من تفسير الرازي، وأحيانا يأخذ عن الكشاف وأحيانا يأخذ منه لينقده نقدا، وإذا كان استشهاد ابن كثير لشيء من كلام الزمخشري يقول قال كذا ويبجّله، أما إذا انتقده يقول: وما حمله على ذلك إلا اعتزاله، ويأخذ كذلك عن الرازي ويردّ عليه؛ لأن الرازي صاحب علم كلام، فهو لمّا تكلّم عن تفسير: {واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان}، وقصة هاروت وماروت، وذكر أنواع السحر، والرازي أطال فيها، وابن كثير ذكر جزءا منها وينقده.
وغيرهم من المفسّرين، وهناك تفاسير لم نجدها الآن، وابن كثير ذكرها في تفسيره، وهذه أيضا تعتبر من مآثر ومفاخر ابن كثير، كما تحتسب أيضا للسيوطي وهو أتى بعد ابن كثير، نقل عن مؤلفات لم نجدها في وقتنا الحاضر.
وتفسير ابن مردويه، هناك تفاسير لم نجدها في الوقت الحاضر، لكن ينقل عنها، فتفسير ابن مردويه ينقل عنه، لكن لم نجده في الوقت الحاضر، وتفسير وكيع، وينقل عن القرطبي وأيضا ينقل ويوجّه.
وينقل عن ابن عطية –يعني في تفسيره-، وعن الماوردي، والهداية في التفسير لمكي بن أبي طالب، هذا على سبيل الاختصار موارده في تفسيره، أعود لها مرة ثانية: يهتم بالتفاسير التي تُعنى بالأثر، وما وُجد من تفاسير أُخرى نقل عنها ابن كثير إنما يستفيد منها في جوانب يعلّق عليها إما استفادة، أو أنه ينقدها ويوجّه، كما نقل عن الرازيّ، ونقل عن الزمخشري.
وما يتعلق بعلوم القرآن نقل عن عدد من العلماء مثال الباقلاني في كتاب (إعجاز القرآن)، وأبو عمرو الداني في كتابه (البيان)، وينقل كثيرا عن أبي عبيد القاسم بن سلام في كتابه (فضائل القرآن) ويبجّله يقول: الإمام العلم، و (المصاحف) لابن أبي داوود، وأيضا (الناسخ والمنسوخ) لأبي عبيد القاسم بن سلام.
أما مصادره من دواوين السنة: لاشك أنها الأمهات الست، وكأنه استظهر مسند الإمام أحمد، فكثيرا ما يذكره ويقدّمه في الذكر قبل الصحيحين.
ويأخذ من كتاب (الإشراف على معرفة الأطراف) لابن عساكر، و (التمهيد) لابن عبد البر، ودواوين السنة المتعددة.
ومصادر ابن كثير في اللغة: (إعراب القرآن) للنحّاس، و (الزّاهر) لابن الأنباري، و (الصحاح) لأبي نصر الجوهري، ويكثر من الأخذ عنه، و (معاني القرآن) لابن الزجاج.
وبمناسبة كتب اللغة يذكر ابن كثير، يقول: لا أذكر في التفسير فيما يتعلق باللغة إلا ما يتوقف عليه في بيان المعنى أما حشو التفسير بشيء من اللغة هذا لا ينبغي واللغة مؤلفاتها لها مجال، كذلك لمّا تكلّم عن القراءات ذكر أنه يذكر من القراءات ما يعين على فهم المعنى ولا يتوسع، ولا يكثر من ذكر القراءات، ومن أراد التوسّع يقول يرجع إلى كتب القراءات المختصّة في هذا، ولاشك أن هذا منهج محمود ومسلك جيّد، ومن ينتقد أحيانا القرطبي يقول أوغل في التوسّع في الأحكام، مع أنه خاص بالأحكام القرطبي –رحمة الله عليه-.
ما يذكره ابن كثير في تفسيره من الأحكام فهو يأخذه عن (الأحكام الكبير) للمصنف نفسه، فالحافظ ابن كثير له كتاب سمّاه (الأحكام الكبير)، لكن الموجود منه ثلاثة أجزاء، ووصل فيه إلى باب الأذان، والمساجد، واستقبال القبلة، وصفة الصلاة -يعني في هذا الجزء-، ولما تكلّم في تفسير سورة الفاتحة ولها ارتباط فيما يتعلق بالصلاة أحال على كتاب (الأحكام الكبير)، وفي كتاب الأحكام يحيل إلى التفسير، فتبيّن لي أنه يكتب في التفسير وفي الأحكام الكبير، وفي البداية والنهاية؛ لأنه يحيل من كلّ واحد إلى الآخر، ولاشك أنّ هذا يعطينا دلالة على الجهد الذي استفرغه الحافظ ابن كثير لمّا ألّف تفسيره كان يشتغل في عدّة فنون، مع أنه – كما وجدت- أن ابن كثير استغرق في كتابة تفسيره أربع سنوات فقط، أظن سنة اثنان وأربعين انتهى من تفسيره، انظر وهو من مواليد سبعمائة أو سبعمائة وواحد، فكان في ريعان الشباب وعنفوان الفتوّة –رحمة الله عليه-، وهذه رسالة موجّهة إلى طلاب العلم أن يستغلّوا هذه المرحلة.
مصادره من كتب الأحكام: (الأم) للشافعي، تعظيم قدر الصلاة لمحمد بن نصر المروزي، ينقل عن ابن بطة في جزئه الخلع وإبطال الحيل، ينقل عن الطحاوي (مشكل الآثار).
مصادر أخرى: الإشراف لابن هبيرة، تاريخ ابن يونس، تاريخ مكة للأزرقي، فضائل الصحابة لأبي بكر بن زنجويه، والمغازي لابن إسحاق.
كما أن هناك علماء يصرّح بأسمائهم لكن ما ذكر لهم كتبا؛ كأمثال: أبي الحسن الأشعري، والخليل بن أحمد، وسفيان الثوري، والحافظ السمعاني، وسيبويه، وابن عبد البر، وابن عساكر وغيرهم.
هذا ما يتعلّق عن الكلام على مصادر ابن كثير.