8 Apr 2010
ثم قال البخاري:
اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم
حدثنا
أبو النعمان محمد بن الفضل عارم، حدثنا حماد بن زيد، عن أبي عمران الجوني،
عن جندب بن عبد الله، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه)).
حدثنا عمرو بن علي بن بحر الفلاس، حدثنا
عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سلام بن أبي مطيع، عن أبي عمران الجوني، عن جندب
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم، فإذا اختلفتم فقوموا عنه)).
تابعه الحارث بن عبيد وسعيد بن زيد، عن أبي عمران، ولم يرفعه حماد بن سلمة وأبان.
وقال غندر: عن شعبة، عن أبي عمران قال:
سمعت جندبا. قوله: وقال ابن عون، عن أبي عمران، عن عبد الله بن الصامت، عن
عمر قوله. وجندب أصح وأكثر .
وقد رواه في موضع آخر، ومسلم كلاهما عن
إسحاق بن منصور، عن عبد الصمد، عن همام، عن أبي عمران به ومسلم -أيضا- عن
يحيى بن يحيى، عن الحارث بن عبيد أبي قدامة، عن أبي عمران به، ورواه مسلم
-أيضا- عن أحمد بن سعيد، عن حبان بن هلال، عن أبان العطار، عن أبي عمران به
مرفوعا.
وقد حكى البخاري: أن أبان وحماد بن سلمة لم يرفعاه، فالله أعلم.
ورواه النسائي والطبراني من حديث مسلم بن إبراهيم، عن هارون بن موسى الأعور النحوي، عن أبي عمران به.
ورواه النسائي -أيضا- من طرق عن سفيان، عن
حجاج بن فرافصة، عن أبي عمران به مرفوعا وفي رواية عن هارون بن زيد بن أبي
الزرقاء، عن أبيه، عن سفيان عن حجاج، عن أبي عمران، عن جندب موقوفا، ورواه
عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم، عن إسحاق الأزرق، عن عبد الله بن عون، عن
أبي عمران، عن عبد الله بن الصامت، عن عمر قوله.
قال أبو بكر بن أبي داود: لم يخطئ ابن عون
في حديث قط إلا في هذا، والصواب عن جندب. ورواه الطبراني عن علي بن عبد
العزيز عن مسلم بن إبراهيم وسعيد بن منصور قالا حدثنا الحارث بن عبيد، عن
أبي عمران، عن جندب مرفوعا.
فهذا مما تيسر من ذكر طرق هذا الحديث على
سبيل الاختصار، والصحيح منها ما أرشد إليه شيخ هذه الصناعة أبو عبد الله
البخاري، رحمه الله، من أن الأكثر والأصح: أنه عن جندب بن عبد الله مرفوعا
إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومعنى الحديث أنه، عليه السلام، أرشد وحض
أمته على تلاوة القرآن إذا كانت القلوب مجتمعة على تلاوته، متفكرة فيه،
متدبرة له، لا في حال شغلها وملالها، فإنه لا يحصل المقصود من التلاوة بذلك
كما ثبت في الحديث أنه قال عليه الصلاة والسلام: ((اكلفوا من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) وقال: ((أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل))، وفي اللفظ الآخر: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل)).
ثم قال البخاري: حدثنا سليمان بن حرب،
حدثنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبرة، عن عبد الله -هو
ابن مسعود- "أنه سمع رجلا يقرأ آية سمع النبي صلى الله عليه وسلم قرأ
خلافها، فأخذت بيده فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ((كلاكما محسن فاقرآ)) أكبر علمي قال: ((فإن من كان قبلكم اختلفوا فأهلكهم الله عز وجل)) ".
وأخرجه النسائي من رواية شعبة به وهذا في
معنى الحديث الذي تقدمه، وأنه ينهى عن الاختلاف في القراءة والمنازعة في
ذلك والمراء فيه كما تقدم النهي عن ذلك، والله أعلم.
وقريب من هذا ما رواه عبد الله بن الإمام
أحمد في مسند أبيه: حدثنا أبو محمد بن محمد الجرمي، حدثنا يحيى بن سعيد
الأموي، عن الأعمش، عن عاصم، عن زر بن حبيش قال: قال عبد الله بن مسعود:
تمارينا في سورة من القرآن فقلنا: خمس وثلاثون آية، ست وثلاثون آية قال:
فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدنا عليا يناجيه فقلنا له:
اختلفنا في القراءة، فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال علي: إن
رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرؤوا كما قد علمتم.
وهذا آخر ما أورده البخاري، رحمه الله، في كتاب فضائل القرآن، جل منزله، وتعالى قائله، ولله الحمد والمنة.