31 Aug 2018
11: أبو عمران إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي (ت: 96هـ):
الإمام الفقيه المفسّر، مفتي أهل الكوفة، وإمام أهل السنة في زمانه.
تفقّه على أصحاب عبد الله بن مسعود منهم خالاه
الأسود وعبد الرحمن ابنا يزيد النخعي، ومسروق بن الأجدع، وعلقمة بن قيس،
وأبو معمر الأزدي، وغيرهم، وحمل عنهم علماً كثيراً، كان يحفظه في صدره،
ويعيه قلبه.
روي عنه أنه قال: ما كتبت شيئاً قط.
وقال: قلَّ ما كتب إنسان كتابا إلا اتكل عليه، وقلَّ ما طلب إنسان علماً إلا آتاه الله منه ما يكفيه.
قال عبد الملك بن أبي سليمان: (رأيت سعيد بن جبير يُستفتى فيقول: أتستفتوني وفيكم إبراهيم؟). رواه ابن سعد.
وقال الأعمش: قلت لإبراهيم: إذا حدثتني عن عبد الله فأسند. قال: (إذا قلت قال عبد الله فقد سمعته من غير واحد من أصحابه. وإذا قلت حدثني فلان فحدثني فلان). رواه ابن سعد.
وكان من أئمة أهل السنة؛ يحذّر من الأهواء
والخصومات والبدع، وقد حدثت فتنة الإرجاء في عهده بعد فتنة ابن الأشعث؛
فكان يحذّر من المرجئة، ويقول: إياكم وأهل هذا الرأي المحدَث.
وقال: الإرجاء بدعة.
وقال فيهم: (تركوا هذا الدين أرقَّ من الثوب السابري).
أوذي في زمان الحجاج فتخفّى حتى كان لا يشهد الجمع والأعياد، ولمّا بلغه موت الحجاج سجد.
ومات إبراهيم بعد الحجاج بأربعة أشهر أو خمسة.
قال ابن سعد: (أجمعوا على أنه توفي في سنة ست وتسعين في خلافة الوليد بن عبد الملك بالكوفة، وهو ابن تسع وأربعين سنة لم يستكمل الخمسين).
وكان يكره التصدّر، وكان لا يحضر حلقته في حياته إلا نحو أربعة أو خمسة؛ فلمّا مات روي عنه علم كثير.
قال الشعبي: ما ترك بعده مثله، وهو ميتاً أفقه منه حياً.
قلت: لعلّه يريد ما حمل عنه من العلم ونشر بعد موته.
قال مغيرة بن مقسم: «كان إبراهيم يكره أن يتكلم في القرآن» رواه ابن أبي شيبة.
قلت: وهو محمول على ما سبق بيانه عن سعيد بن المسيب وغيره، وقد روى عنه مغيرة روايات كثيرة في التفسير.
- وقال سفيان بن عيينة، عن الأعمش، قال: «جهدنا بإبراهيم أن نجلسه إلى سارية، فأبى» رواه الدارمي.
- وقال الحكم بن المبارك: حدثنا أبو عوانة، عن مغيرة، قال: كان إبراهيم، «لا يبتدئ الحديث حتى يسأل» رواه الدارمي.
روى عن: خاليه الأسود وعبد الرحمن ابني يزيد النخعي، وعن علقمة بن قيس، ومسروق، وهمام بن الحارث، وأبي معمر الأزدي، وغيرهم.
روى عنه: سليمان بن
مهران الأعمش فأكثر، ومغيرة بن مقسم الضبي، وقتادة، وسماك بن حرب، وأبو
معشر، وإبراهيم بن المهاجر، والحكم بن عتيبة، ومنصور بن المعتمر، وحماد بن
أبي سليمان، وغيرهم.
من مروياته في التفسير:
أ: قال الأعمش: حدثني إبراهيم، عن الأسود، قال: كنا في حلقة عبد الله [بن مسعود] فجاء حذيفة حتى قام علينا فسلم، ثم قال: «لقد أنزل النفاق على قوم خير منكم»، قال الأسود: سبحان الله إن الله يقول: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار}، فتبسم عبد الله، وجلس حذيفة في ناحية المسجد، فقام عبد الله فتفرق أصحابه، فرماني بالحصا، فأتيته، فقال حذيفة: «عجبت من ضحكه، وقد عرف ما قلت، لقد أنزل النفاق على قوم كانوا خيرا منكم ثم تابوا، فتاب الله عليهم» رواه البخاري في صحيحه، وأبو داوود في الزهد، وابن أبي حاتم، والبيهقي.
يريد حذيفة أنّ من المنافقين الذين كانوا على
عهد النبي صلى الله عليه وسلم طائفة تابوا فتاب الله عليهم؛ فكانوا من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونالوا شرف صحبته؛ فأدركوا من الفضل
ما كانوا به خيراً ممن يأتي بعدهم.
ب: معمر بن راشد, عن حماد بن أبي سليمان, عن إبراهيم في قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين}, قال: " إن أهل النار يقولون: كنا أهل شرك وكفر فما شأن هؤلاء الموحدين ما أغنى عنهم عبادتهم إياه؟ " قال: «فيخرج من النار من كان فيها من المسلمين» , قال: «فعند ذلك يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين» رواه عبد الرزاق.
ج: أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم، في قوله: ({الجوار الكنس} قال: هي بقر الوحش). رواه ابن جرير.