عناصر الدرس:
1. تمهيد
2. المراد بتخريج أقوال المفسّرين
3. مراتب تخريج أقوال المفسّرين 4. مخرج الحديث ومخرج الأثر 5. درجات التحقق من صحّة النسبة
6. أنواع نسبة الأقوال
7. فوائد تخريج أقوال المفسّرين
8. أصول معينة على التحقق من صحّة النسبة
9. الأمثلة
10. التطبيقات
الدراسة والتخريج:
- في هذه النقول تعيين السبع الطوال ونسبة ذلك إلى عدد من الصحابة على قولين مختلفين.
- هذه المصادر مصادر ناقلة وليست أصيلة في حكاية
الأقوال ونسبتها؛ فينبغي أن نبحث عن أصول هذه الأقوال في كتب التفسير
المسندة وفي دواوين السنة، ويمكن الاستعانة بجمهرة التفاسير ( هنا ).
- بعد البحث ظهر لنا ما يلي:
1. ابن عمر وابن مسعود لم يفصّلا ما هي سور السبع الطوال، وإنما روى عنهما ابن جرير قولهما بأن السبع المثاني هي السبع الطوال.
قالَ ابن جرير (ت: 310هـ) : (حدّثنا
أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن يونس، عن ابن سيرين، عن
ابن مسعودٍ، في قوله: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني} قال: " السّبع الطّول
".
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن سعيدٍ الجريريّ، عن رجلٍ، عن ابن عمر، قال: " السّبع الطّول ").
2. ابن عباس روي عنه ذكر ستّ سور من السبع الطوال
ونسي أحد الرواة السورة السابعة؛ فقد روى ابن جرير من طريق عن إسرائيل بن
يونس، عن أبي إسحاق، عن مسلمٍ البطين، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ، في
قوله: {سبعًا من المثاني} قال: " البقرة، وآل عمران، والنّساء، والمائدة،
والأنعام، والأعراف " قال إسرائيل: وذكر السّابعة فنسيتها). وقد رواه
النسائي في السنن الكبرى بنحوه من دون قول إسرائيل واقتصر على ذكر السور
الست على اختلاف في الترتيب.
3. مجاهد بن جبر روى عنه ابن جرير في تفسير قول
اللّه تعالى: {ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم} قال: " من
القرآن السّبع الطّول، السّبع الأُوَل ".، ولم يعدّد هذه السور، وهذا قد
يُحمل على ما استقرّ من ترتيب السور على جمع عثمان رضي الله عنه، وهو قول
مخالف لما ذكر في المصادر السابقة.
4. وأما سعيد بن جبير فقد روى عنه أبو عبيد وابن
جرير وابن أبي حاتم والبيهقي أن السبع الطوال هي البقرة وآل عمران والنساء
والمائدة والأنعام والأعراف ويونس.
وقال بمثل قول سعيد بن جبير من قراء الأمصار
الأوائل: عطية بن قيس، وشداد بن عبيد الله، ويحيى بن الحارث الذماري، وقد
أسند ذلك عنهم أبو عبيد القاسم بن سلام.
وهذا التعداد موافق لما نقله الماوردي وابن عطية، ومخالف لما نقله العيني.
5. وأما الضحّاك فروى عنه ابن جرير بإسناد فيه مجهول
حيث قال ابن جرير: (حُدّثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذٍ، يقول: حدّثنا
عبيدٌ، قال سمعت الضّحّاك، يقول في قوله: {سبعًا من المثاني} " يعني السّبع
الطّول). فهذه الرواية على ما فيها من الانقطاع لم يسمّ فيها الضحاك أسماء
السور السبع الطوال.
6. فتلخّص مما سبق ما يلي:
أ: أنّ القدر الذي يسوغ أن يُقال: إنه رُوي عن هؤلاء الصحابة والتابعين هو قولهم بأن المراد بالسبع من المثاني هي السبع الطوال.
ب: خطأ ما نسبه العيني إلى سعيد بن جبير.
ج: خطأ القول الذي نسبه ابن عطية والعيني إلى ابن مسعود وابن عمر وابن عباس ومجاهد في تعداد سور السبع الطوال.
د. أنه لا يصحّ أن ينسب تعداد سور السبع الطوال إلى ابن مسعود وابن عمر والضحاك؛ وأما البقية فقد رويت عنهم آثار في تعدادها.
هـ: أن نسبة هذا القول إلى مجاهد فيها مخالفة لظاهر
لفظه؛ ونحتاج إلى الوقوف على رواية ابن أبي حاتم لهذا الأثر عن مجاهد فهي
من الجزء المفقود من تفسيره.
تنبيه: يُمكن أن
يستخرج لابن عباس قول في هذه المسألة من قصته المشتهرة مع عثمان وقوله له:
(ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني، وإلى براءة وهي من
المئين، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم،
فوضعتموها في السبع الطوال؟). وقد رواها الإمام أحمد وأبو داوود والترمذي
والنسائي وغيرهم من طريق عوف بن أبي جميلة عن يزيد الفارسي عن ابن عباس،
ويزيد مختلف فيه.
فهذا الأثر عن ابن عباس يوافق ما روي عن سعيد بن جبير.
المثال الثاني: أقوال السلف في المراد بالنفاثات في العقد.
قال ابن كثير: (وقوله: {ومن شر النفاثات في العقد}
قال مجاهد وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك: "يعني السواحر"، قال مجاهد: "إذا
رقين ونفثن في العقد").
الدراسة والتخريج:
- هذا الكلام إذا قرأه طالب العلم لأول وهلة قد
يفهمُ منه إجماعَ المفسرين على أن المراد بالنفاثات: النساء السواحر، لأنه
نقل هذا التفسير عن هؤلاء الأئمة ولم يذكر قولاً غيره.
- وهذا الكلام اختصره ابن كثير من تفسير ابن جرير
لكنه كان اختصاراً غير دقيق، ولعل مما يعتذر له به أن ابن جرير صدّر تفسيره
للنفاثات بأنهن السواحر ثم قال: (وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل
التأويل).
ثم أورد آثاراً عن هؤلاء الأئمة، لكن هذه الآثار ليس
فيها نص على أن المراد بالنفاثات السواحر إلا ما رواه عن عبد الرحمن بن
زيد بن أسلم. [ينظر هنا لمعرفة أقوال السلف في تفسير هذه الآية]
1. فالحسن البصري قال: (السواحر والسحرة).
2. وقتادة لما تلا قوله تعالى: {ومن شر النفاثات في العقد} قال: (إياكم وما خالط السحر من هذه الرقى).
ومجاهد قال في تفسير النفاثات: (الرقى في عقد الخيط).
وعكرمة قال: (الأُخَذُ في عُقَد الخيط) الأُخَذ جمع أُخذة ، وهي أخذة السحر.
فهؤلاء كلهم لم ينصوا على أن النفاثات السواحر.
على أن الإسناد إلى مجاهد وعكرمة فيه جابر بن يزيد الجعفي وهو رافضي متهم بالكذب.
بل قول الحسن البصري (النفاثات: السواحر والسحرة)، خارج عن هذا القول.
ومجاهد وعكرمة وقتادة لا يصح أن يُنسب إليهم هذا القول.
وقول ابن كثير عن مجاهد أنه قال: (إذا رقين ونفثن في
العقد) هذا نقل بالمعنى ، وفيه تجوّز أداه إليه اختياره للقول ثم اعتماده
وحكايته عن هؤلاء الأئمة ثم تغيير الضمير لأجل أن يتناسب مع ذلك.
ونص كلام مجاهد فيما رواه ابن جرير في تفسير النفاثات: (الرقى في عقد الخيط).
وابن جرير استدل بأقوالهم على أن هذه الآيات في الاستعاذة من شر السحر، وهذا القدر مجمع عليه لا خلاف فيه.
ولعل هذا هو ما فهمه ابن كثير أيضاً، وبذلك يعتذر له
فيه، فتكون مسألة شمول لفظ الآية للسحرة من الرجال مسألةً أخرى زائدة على
القدر الذي وقع عليه الإجماع.
فابن جرير استدل بأقوال من نقل أقوالهم على أن
المراد بالآية الاستعاذة من شر السحرة، وهذا يُخرِج قول المعتزلة الذين
ينكرون حقيقة السحر.
وأما مسألة المراد بالنفاثات وهل هنّ النساء السواحر فقط؟ وهل يشمل اللفظ السواحر والسحرة؟ فهذه مسألة أخرى.
[وينظر لمزيد البحث في هذه المسألة: تفسير قول الله تعالى: {ومن شرّ النفاثات في العقد} ]
تنبيهات:
1. هذا التحقق بالدرجة الأولى لم نحتج معه إلى النظر
في الأسانيد وأحوال الرجال، وإنما كان الغرض منه التحقق من وجود هذا القول
مروياً عن أولئك الصحابة والتابعين في مصادر أصيلة؛ وقد أفادت هذه الطريقة
في تمييز بعض ما لا يصح أن يُنسب إلى بعض الصحابة والتابعين، وهذا القدر
من التحقق ينبغي أن لا يغفله الباحث في مسائل التفسير، وهو سهل ميسور لكنّه
بحاجة إلى دربة ومِرَان.
2. ينبغي لطالب العلم أن يوسع العذر للعلماء إذا وجد
خطأ في نسبة بعض الأقوال؛ فقد يكون نظرهم إلى مسألة غير المسألة التي تبحث
عنها؛ كما في هذا المثال؛ فإنّهم كانوا يبحثون في مسألة المراد بالسبع من
المثاني؛ وأن من الصحابة والتابعين من قال بأنها السبع الطوال، وهذا القدر
مروي عن أولئك الصحابة والتابعين فعلاً، لكن حصل الخطأ بتعداد تلك السور في
معرض نسبة القول إليهم.
أصول معينة على التحقق من صحة النسبة:
- الدرجة الثانية من التحقق من صحة نسبة القول المروي عن أحد من السلف تعتمد على تحقق الدرجة الأولى.
- إذا لم توجد نسبة القول إلى أحد من السلف في مصدر أصيل أو بديل فهو قول لا أصل له.
- إذا وجدت تلك النسبة في مصدر أصيل أو بديل فيأتي هنا دور دراسة الإسناد والتحقق من صحّة النسبة.
- التحقق هنا على نوعين: تحقق من صحّة الإسناد في
الأقوال المروية بالإسناد، وتحقق من صحة الاستخراج في الأقوال المستخرجة
غير المنصوصة.
- إذا كان للقول وجه صحيح في الدلالة وتناقله
المفسّرون من غير إنكار ولا اعتراض؛ فعامّة أهل العلم على التساهل في نسبة
ذلك القول، وعدم التدقيق في صحّة الإسناد.
- إذا كان القول مستغرباً أو فيه نكارة أو يعارض ظاهره دليلاً صحيحاً ؛ فهنا لا بدّ من التدقيق في الإسناد.
- دراسة أسانيد التفسير ستعقد لها دورة مخصصة بإذن الله تعالى، لكن سأذكر هنا خلاصة يتبلّغ بها الباحث بإذن الله تعالى.
- الأقوال المروية عن بعض السلف وفيها نكارة لا تكاد
تخلو من بيان العلماء المفضي إلى ردّها وكشف خطئها أو توجيهها بما تصحّ به
في حال صحة الإسناد وصحّة الدلالة على ذلك المعنى؛ وفي هذه الحالة يحتاج
الدارس إلى البحث في كتب العلماء المعتنين بالتحرير العلمي ونقد الأقوال
وقد سبقت الإشارة إلى كتبهم، ويضيف إليها النظر في كتب مشكل القرآن.
- إذا ظفر الباحث بنقد أولئك العلماء وبيانهم فقد كفي أكثر المؤونة، ويمكنه أن يبني دراسته على ذلك البيان.
- إذا لم يظفر الدارس بهذا البيان أو كان الإشكال
حديث النشأة فيحتاج إلى سؤال أهل العلم عن تلك الرواية، ويعتني بجوابهم؛
ليستفيد منه في نظائره.
- أسانيد التفسير منها أسانيد صحيحة باتّفاق، ومنها أسانيد ضعيفة باتّفاق، ومنها أسانيد مختلف فيها.
- صحّة الإسناد لا تقتضي صحّة القول؛ لأن العلة قد
تكون في المتن، وقد تكون في سياق القول في موضع يحيل المعنى، وقد تكون
الرواية مختصرة اختصاراً مخلاً، فهذه العلل ونحوها مما يقدح في صحة القول
ولو كان الإسناد صحيحاً.
- من أهمّ الوسائل المعينة على اكتشاف العلة جمع الطرق، وقد قال علي بن المديني: (الحديث إذا لم تجمع طرقه لم يتبيّن خطؤه).
- الأسانيد المتّفق على ضعفها كثيرة ويمكن للباحث أن
يعرفها بمداومته على البحث، وأن يتحفّظها؛ فإذا وردت رواية منكرة بإسناد
من تلك الأسانيد سهل عليه ردّه ببطلان ثبوته إذا لم يرو إلا من تلك
الأسانيد الباطلة.
- هذا القدر من التحقق فيه بلغة للباحث بإذن الله تعالى، ويمكنه أن يردّ به كثيراً من الأقوال الواهية المروية بأسانيد باطلة.
- بقيت مسألة مهمّة وهي الأقوال المستخرجة لأحد من
السلف ؛ فهذه بالإضافة إلى ما تقدّم؛ ينظر في صحّة الاستخراج وطريقته؛ فإذا
كان أصل الرواية صحيحاً لكن طريقة الاستخراج فيها خطأ فإنّه يبيّن أن هذا
القول ليس منصوصاً وإنما هو مستخرج، وأن طريقة الاستخراج فيها خطأ، ولا
تُسلّم.
مثال على تخريج أقوال المفسّرين: قال الماودي(ت:450هـ): (قوله تعالى: {صِبْغَةَ اللهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبْغَةً} فيه تأويلان:
أحدهما: معناه دين
الله، وهذا قول قتادة. وسبب ذلك أن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في ماء
لهم , ويقولون هذا تطهير لهم كالختان , فرد الله تعالى ذلك عليهم بأن قال:
{صِبْغَةَ اللهِ} أي صبغة الله أحسن صبغة، وهي الإسلام.
والثاني: أن صبغة الله هي خِلقة الله، وهذا قول مجاهد.
فإن كانت الصبغة هي
الدين؛ فإنما سُمِّيَ الدين صبغة لظهوره على صاحبه كظهور الصِّبْغِ عَلَى
الثوبِ، وإن كانت هي الخلقة فلإحداثه كإحداث اللون على الثوب).
النقول:[تنبيه:
إيراد النقول ليس من التخريج لكنّي ذكرتها ليتّضح الأمر للدارس ولتوثيق
مصدر التخريج، وهي مطلوبة في التطبيقات لأجل تسهيل التصحيح] أولاً: قول قتادة:
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (نا معمر، عن قتادة في قوله: {صبغة الله} قال: «دين الله» ). [تفسير عبد الرزاق: 1/ 60]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: قوله: «{صبغة اللّه ومن أحسن من اللّه صبغةً}إنّ
اليهود تصبغ أبناءها يهود، والنّصارى تصبغ أبناءها نصارى، وإنّ صبغة
اللّه الإسلام، فلا صبغة أحسن من الإسلام ولا أطهر، وهو دين اللّه بعث به
نوحًا والأنبياء بعده»). [جامع البيان: 2/ ؟؟]
ثانياً: قول مجاهد:
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة أن مجاهدا قال: {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة} قال: «هي الفطرة، فطرة الإسلام التي فطر الناس عليها» ). [الجامع في علوم القرآن: 1/ 7]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: في قول اللّه: {صبغة اللّه} قال: «فطرة اللّه الّتي فطر النّاس عليها».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا محمّد بن حربٍ، قال: حدّثنا ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن مجاهدٍ: {ومن أحسن من اللّه صبغةً}، قال: «الصّبغة: الفطرة».
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثنا حجّاجٌ، عن ابن جريجٍ، عن مجاهدٍ قال: «{صبغة اللّه}الإسلام، فطرة اللّه الّتي فطر النّاس عليها»). [جامع البيان: 2/ ؟؟]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن أبي جعفرٍ، عن الرّبيع، عن أبي العالية: في قوله: {صبغة اللّه} قال: «دين اللّه ، {ومن أحسن من اللّه صبغةً}ومن أحسن من اللّه دينًا».
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا إسحاق، قال: حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الرّبيع، مثله.
- حدّثنا أحمد بن إسحاق الأهوازيّ، قال: حدّثنا أبو أحمد الزّبيريّ، قال: حدّثنا سفيان، عن رجلٍ، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سفيان، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 2/ 606]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (قوله: {ومن أحسن من اللّه صبغةً ونحن له عابدون}:
- حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ ثنا ابن نميرٍ عن أبي جعفرٍ الرّازيّ عن الرّبيع بن أنسٍ عن أبي العالية: {ومن أحسن من اللّه صبغةً} قال: «ومن أحسن من اللّه دينًا».
وروي عن مجاهدٍ وإبراهيم النّخعيّ والحسن والسّدّيّ والرّبيع بن أنسٍ وعبد اللّه بن كثيرٍ نحو ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 1/ 245]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد: {صبغة الله} قال: «يعني فطرة الإسلام التي فطر الناس عليها»). [تفسير مجاهد: 89] التخريج:
1. أما قول قتادة فرواه عبد الرزاق وابن جرير في تفسيريهما.
- فروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله {صبغة الله} قال: «دين الله».
- وروى ابن جرير من
طريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة: قوله: «{صبغة اللّه
ومن أحسن من اللّه صبغةً} إنّ اليهود تصبغ أبناءها يهود، والنّصارى تصبغ
أبناءها نصارى، وإنّ صبغة اللّه الإسلام، فلا صبغة أحسن من الإسلام ولا
أطهر، وهو دين اللّه بعث به نوحًا والأنبياء بعده» 2. وأمّا ما
ذكره عن مجاهد أنّ صبغة الله هي خلقة الله فلم أجده بهذا اللفظ في كتب
التفسير المسندة، ولعله وهْمٌ منه، وقد رُويت عن مجاهد روايتان في هذه
المسألة:
إحداهما: صبغة
الله هي فطرة الإسلام التي فطر الناس عليها، وهذه الرواية أخرجها ابن وهب
وابن جرير من طرق عنه، وأخرجها عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني في تفسير آدم
ابن أبي إياس.
والأخرى: صبغة الله: دين الإسلام ، أخرجها ابن جرير، وأشار إليها ابن أبي حاتم في تفسيره.
والروايتان معناهما واحد
وأمّا القول بأنّ {صبغة الله } هي خِلْقة الله؛ فهو قول لبعض أهل اللغة، قال به أبو عبيدة وذكره الزجاج احتمالاً.
التطبيقات:
اختر تطبيقا واحداً من التطبيقات التالية، وخرّج أقوال المفسّرين المذكورة فيه:
1. قال ابن كثير: ({وله الدين واصبا} قال ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وميمون بن مهران، والسدي، وقتادة، وغير واحد: أي دائما.
وعن ابن عباس أيضا: واجبا.
وقال مجاهد: خالصا، أي: له العبادة وحده ممن في السماوات والأرض، كقوله:
{أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها} هذا على
قول ابن عباس وعكرمة، فيكون من باب الخبر، وأما على قول مجاهد فإنه يكون
من باب الطلب، أي: ارهبوا أن تشركوا به شيئا، وأخلصوا له الطلب، كما في
قوله تعالى: {ألا لله الدين الخالص} ).
2. قال ابن عطية: (اختلفت عبارة المفسرين في
المراد في هذه الآية بِحَبْلِ اللَّهِ، فقال ابن مسعود: «حبل الله»
الجماعة، وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن بني
إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين فرقة، وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين
فرقة كلها في النار إلا واحدة قال فقيل يا رسول الله: وما هذه الواحدة؟ قال
فقبض يده وقال: الجماعة وقرأ، وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً،
وقال ابن مسعود في خطبة: عليكم جميعا بالطاعة والجماعة فإنها حبل الله الذي
أمر به، وقال قتادة رحمه الله: «حبل الله» الذي أمر بالاعتصام به هو
القرآن، وقال السدي: «حبل الله» كتاب الله، وقاله أيضا ابن مسعود والضحاك،
وروى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كتاب الله هو
حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض، وقال أبو العالية: «حبل الله» في
هذه الآية هو الإخلاص في التوحيد وقال ابن زيد: «حبل الله» هو الإسلام).
3. قال ابن الجوزي: (قوله تعالى: {وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ} فيه سبعة أقوال:
أحدها: خافوا ربهم، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس.
والثاني: أنابوا إلى ربهم، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثالث: ثابوا إِلى ربهم، قاله قتادة.
والرابع: اطمأنوا، قاله مجاهد.
والخامس: أخلصوا، قاله مقاتل.
والسادس: تخشَّعوا لربهم، قاله الفراء.
والسابع: تواضعوا لربهم، قاله ابن قتيبة).