الدرس الثاني: أنواع الأدوات العلمية لاستخراج الأحكام والفوائد القرآنية

تأملت الأدوات العلمية التي يستعملها العلماء في استخراج الفوائد القرآنية؛ فوجدتها راجعة إلى جملة من العلوم والمهارات التي ينبغي لطالب العلم أن يحرص على تعلّمها وإتقانها.

- وأوّل ذلك: المعرفة الحسنة بتفسير الآية، واستخلاص مسائلها، والاطلاع على الأقوال التي قيلت فيها، والموازنة بينها.

- ثم النظر في تعلّق الآية بأنواع من علوم القرآن، وأثر ذلك على تفسيرها.

- والاجتهاد في إدراك مقصد الآية، وتوافقه مع المقاصد القرآنية العامة.

- ثم تأمّل موضوع الآية، وصلته بقواعد الباب الذي ينتمي إليه ذلك الموضوع؛ فإذا كانت الآية في الحثّ على الإخلاص لله تعالى مثلاً؛ فيوصى الطالب بالاطلاع على قواعد باب الإخلاص لله تعالى في كتب العقيدة وكتب علم السلوك، وإذا كان لدى الطالب ملخّص علمي في هذين العلمين فإنّه يختصر على نفسه كثيراً من الجهد والوقت، وهكذا سائر العلوم التي يحتاج إليها المفسّر.

وتأمُّلُ موضوع الآية ومعرفة قواعده يفيد المفسّر فائدة عظيمة في معرفة أوجه دلالة الآية على الهدى في ذلك الباب، وهذا مما يبيّن حاجة المفسّر إلى تحصيل قدر حسن من علوم الشريعة.

- ويمعن النظر في دلالة منطوق الآية، ويستخرج ما يظهر له من الأحكام والفوائد بهذه الدلالة.

- ثم يتأمّل دلالات مفهوم الآية مع موازنة ما يستخرجه بها بقواعد موضوع الآية حتى لا يخرج بفهم يخالف قواعد ذلك الباب؛ لأن لإعمال مفهوم المخالفة شروطاً ينبغي أن يراعيها المفسّر، ومن أهمّها أن لا يخالف نصاً من نصوص الشريعة ولا إجماعاً لأهل العلم، ومظنّة معرفة نصوص كلّ موضوع وما ذكر فيه من الإجماع والخلاف هو ما كُتب فيه من الكتب الخاصة وما تضمنته الأبواب المختصة به من دواوين أهل العلم الكبار.

- وفي ضمن ذلك يحتاج إلى النظر في دلالة مفردات الآية، ودلالة أساليبها، ومعاني الحروف فيها، وهذه الدلائل الثلاث يستخرج بها حذاق المفسّرين مسائل كثيرة، ولذلك يحتاج المفسّر فيها إلى التمهّر في استعمال الأدوات اللغوية والبلاغية والأصولية.

- ثمّ يتأمّل لوازم معنى الآية؛ فإنّ الآية تدلّ على معانيها دلالة مباشرة، وتلك المعاني تدلّ باللازم على معان أخر، ينبغي أن يستخرجها الطالب، ويعرف فوائدها.

- ثمّ يتأمّل آثار تلك المعاني في الخلق والأمر، وآثار معرفته بتفسير الآية، وما تفيده تلك المعرفة في أبواب العلم.

- ثمّ يتأمّل صلة ما استخرجه بالمقاصد الكلية للشريعة.

فتبيّن بذلك أنّ أعمال المتفهّم للقرآن في الآية الواحدة كثيرة، ولذلك قد يستنبط بعض أهل العلم من الآية الواحدة أحكاماً وفوائد كثيرة جداً.

[ للدرس بقية ]

وسأشرح في الدروس القادمة - بعون الله تعالى وتوفيقه - ما يسّر الله معرفته من هذه الدلائل بالأمثلة حتى يظهر للطالب أثر معرفتها في الإعانة على فهم القرآن.