2 Oct 2022
بيان بعض ما يوجب العلم من الأخبار وضوابط الإجماع في التفسير
[خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول يوجب العلم]
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ) : (وَلِهَذَا كَانَ جُمْهُورُ أَهْلِِ العِلْمِِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوائفِ عَلَى أنَّ خَبَرَ الوَاحِدِ إِِذَا تَلَقَّتْهُ الأُمَّةُ بِالقَبُولِ تَصْدِيقًا لَهُ أَوْ عملاً بِهِ ، أنَّهُ يوجِبُ العلمَ ، وهَذَا هو الَّذِي ذَكَرَهُ المصنِّفُونَ فِي أُصُولِ الفِقْهِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَالشَّافعيِّ وَأَحْمَدَ ، إِلاَّ فِرْقَةً قَلِيلَةً مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ اتَّبعُوا فِي ذَلِكَ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْكَلاَمِ أَنْكَرُوا ذَلِكَ ، وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ الْكَلامِ ، أَوْ أَكْثَرَهُمْ يُوافِقُونَ الفُقَهَاءَ وَأَهْلَ الْحَدِيثِ وَالسَّلَفَ عَلَى ذَلِكَ .
وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الأَشْعَرِيَّةِ كَأبِي إِسْحَاقَ وابنِ فُورَكَ . وأمَّا ابنُ الباقلانيِّ فَهُوَ الَّذِي أَنْكَرَ ذَلِكَ ، وَتَبِعَهُ مِثْلُ أَبِي الْمَعَالِي، وَأَبُو حَامِدٍ ، وابنُ عَقَيلٍ ، وابْنُ الْجَوْزِيِّ ، وابنُ الْخَطِيبِ وَالآمِدِيُّ ، وَنَحْوُ هَؤُلاَءِ .
وَالأَوَّلُ هُوَ الَّذِي ذكَرَهُ الشَّيخُ أَبُو حَامِدٍ ، وَأبُو الطَّيِّبِ ، وَأَبُو إِسْحَاقَ ، وَأَمْثَالُهُ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّافعيَّةِ .
وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ القَاضِي عَبْدُ الوهَّابِ ، وَأَمْثَالُهُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ شَمْسُ الدِّينِ السَّرَخْسِيُّ ، وَأَمْثَالُهُ مِن الْحَنَفِيَّةِ .
وهو الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو يَعْلََى ، وَأَبُو الخطَّابِ ، وَأَبُو الْحَسَنِ بْنُ الزَّاغونيِّ ، وَأَمْثَالُهُم مِن الْحَنْبَلِيَّةِ).
ضوابط الإجماع في التفسير
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ) : (وَإِذَا كَانَ
الإِجْمَاعُ عَلَى تَصْدِيقِ الْخَبَرِ مُوجِبًا لِلْقَطْعِ بِهِ فَالاعْتِبَارُ في
ذَلِكَ بِِإِجْمَاعِ أَهْلِ العِلْمِ بِالحدِيثِ ، كَمَا أَنَّ الاعْتِبَارَ
بِالإِجْمَاعِ عَلَى الأَحْكَامِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ العِلْمِ بِالأَمْرِ
وَالنَّهيِ وَالإِبَاحَةِ).
تعدد الطرق عمن يعتبر حديثهم يوجب العلم
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ) : (وَالْمَقْصُودُ هُنَا
أَنَّ تَعَدُّدَ الطُّرُقِ مَعَ عَدَمِ التَّشَاوُرِ أَو الاتِّفاقِ فِي العَادَةِ
؛ يُوجِِبُ العِلْمَ بِمَضْمُونِ الْمَنْقولِ ، لَكِنَّ هَذَا يُنتفَعُ بِهِ كثيرًا
فِي عِلْمِ أَحْوَالِ النَّاقلينَ .
وَفِي مِثْلِ هَذَا
يُنتفَعُ بِرِوَايَةِ الْمَجْهُولِ وَالسَّيِّئِ الْحِفْظِِ ، وَبِالْحَدِيثِ
الْمُرْسَلِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، وَلِهَذَا كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ يَكْتُبُونَ
مِثْلَ هَذِهِ الأَحَادِيثِ وَيَقُولُونَ : إِنَّهُ يَصْلُحُ لِلشَّوَاهِدِ
وَالاعْتِبَارِ مَا لاَ يَصْلُحُ لِغَيْرِهِ
.
قَالَ أَحْمَدُ : " قَدْ أَكْتُبُ حَدِيثَ الرَّجلِ
لأَعْتَبِرَهُ " وَمَثَّلَ ذَلِكَ بَعَبْدِِ اللهِ بْنِ لَهِيعَةَ ، قَاضِي مِصْرَ
؛ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ حَدِيثًا وَمِنْ خِيَارِ النَّاسِ ،
لَكِنْ بِسَبَبِ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ وَقَعَ فِي حَدِيثِهِ الْمُتَأَخِّرِ غَلَطٌ ،
فَصَارَ يُعْتَبَرُ بِذَلِكَ وَيُسْتَشْهَدُ بِهِ . وَكَثِيراً مَا يَقْتَرِنُ هُوَ
وَاللَّيثُ بنُ سَعْدٍ ، وَاللَّيثُ حُجَّةٌ ثَبْتٌ إمامٌ).