2 Oct 2022
أغلاط الثقات والموضوعات في كتب التفسير
[أغلاط الثقات]
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ) : (وَكَمَا أَنَّهُمْ يَسْتَشْهِدُونَ وَيَعْتَبِرُونَ بِحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ سُوءُ حِفْظٍ ؛ فَإنَّهُم أَيْضًا يُضَعِّفُونَ مِنْ حَدِيثِ الثِّقةِ الصَّدُوقِ الضَّابِطِ أَشْيَاءَ تَبَيَّنَ لَهُمْ غَلَطُهُ فِيهَا بِأُمُورٍ يَسْتَدِِلُّونَ بِهَا ، وَيُسَمُّونَ هَذَا عِلْمَ عِلَلِ الحدِيثِ ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ عُلُومِهِمْ بِحَيْثُ يَكُونُ الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ ثِقَةٌ ضَابِطٌ وَغَلَطََ فِيهِ ، وَغَلَطُهُ فِيهِ عُرِف ، إمَّا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ ، كَمَا عَرَفُوا أَنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلاَلٌ . وَأَنَّهُ صَلَّى فِي البَيْتِ رَكْعَتَينِ ، وَجَعَلُوا رِوَايَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ لِتَزَوُّجِهَا حَرَامًا ، وَلِكَوْنِهِ لَمْ يُصَلِّ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الغَلَطُ .
وَكَذَلِكَ أَنَّهُ اعْتَمَرَ أَرْبَعَ عُمَرٍ ، وَعَلِمُوا أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ : إنَّهُ اعْتَمَرَ فِي رَجَبٍ مِمَّا وَقَعَ فِيهِ الغلَطُ .
وَعَلِمُوا أنَّهُ تَمَتَّعَ ، وَهُوَ آمِنٌ فِي حَجَّةِ الوَدَاعِ ، وَأَنَّ قَوْلَ عُثْمَانَ لِعَلِيٍّ : كُنَّا يَوْمَئِذٍ خَائِفِينَ ، ممَّا وَقَعَ فيهِ الغلَطُ .
وَأَنَّ مَا وَقَعَ في بَعْضِ طُرُقِ البُخَاريِّ : " أَنَّ النَّارَ لاَ تَمْتَلِئُ حَتَّى يُنْشِِئَ اللهُ لَهَا خَلْقًا آخَرَ " مِمََّّا وَقَعَ فِيهِ الغَلَطُ ، وَهَذَا كثيرٌ).
مواقف العلماء من أغلاط الثقات
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ) : (وَالنَّاسُ في هَذَا البابِ طَرَفَانِ :
طَرَفٌ مِنْ أَهْلِ الكَلامِ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ هُوَ بَعِيدٌ عَنْ مَعْرِفةِ الحدِيثِ وَأَهْلِهِ ، لاَ يُميِّزُ بَيْنَ الصَّحيحِ وَالضَّعيفِ فَيَشُكُّ فِي صِحَّةِ أَحَادِيثَ ، أَوْ في القَطْعِ بِهَا معَ كَوْنِهَا مَعْلُومَةً مَقْطُوعًا بِِهَا عنْدَ أَهْلِ العِلْمِ بِهِ .
وَطَرَفٌ مِمَّنْ يَدَّعي اتِّبَاعَ الحدِيثِ وَالعَمَلَ بِهِ كُلَّمَا وَجَدَ لَفْظًا فِي حَدِيثٍ قَدْ رَوَاهُ ثِقَةٌ أَوْ رَأَى حَدِيثًا بِإِسنَادٍ ظَاهِرُهُ الصِّحَّةُ ، يُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ مِنْ جِنْسِ مَا جَزَمَ أَهْلُ العِلْمِ بِصِحَّتِهِ حتَّى إِذَا عارَضَ الصَّحِيحَ الْمَعْرُوفَ أَخَذَ يَتَكَلَّفُ لَه التَّأْوِيلاتِ الباردَةَ أَوْ يَجْعَلُهُ دَلِيلاً فِي مَسَائلِ العِلْمِ ، مَعَ أنَّ أَهْلَ العِلْمِ بِالْحَدِيثِ يَعْرِفُونَ أَنَّ مِثْلَ هَذَا غَلَطٌ).
الموضوعات في كتب التفسير
قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت: 728هـ) : (وَكَمَا أَنَّ عَلَى
الحدِيثِ أَدِلَّةً يُعْلَمُ بِهَا أنَّهُ صِدْقٌ ، وَقَدْ يُقْطَعُ بِذَلِكَ ،
فَعَلَيْهِ أَدِلَّةٌ يُعْلَمُ بِهَا أنَّهُ كَذِبٌ ويُقطَعُ بِذَلِكَ ، مِثْلُ مَا
يُقْطَعُ بِكَذِبِ مَا يَرْوِيهِ الوَضَّاعُونَ مِنْ أَهْلِ البِدَعِ وَالغُلُوِّ
فِي الفَضَائِلِ ، مِثْلَ حَدِيثِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ، وَأَمْثَالِهِ ممَّا فِيهِ
أَنَّ مَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ كَانَ لَهُ كَأَجْرِ كَذَا وَكَذَا نَبِيًّا
! وَفِي التَّفسيرِ مِنْ هَذِهِ الْمَوْضُوعَاتِ قِطْعَةٌ
كَبِيرةٌ ؛ مِثْلُ الْحَدِيثِ الَّذِي يَرْوِيهِ الثَّعْلَبِيُّ وَالوَاحِدِيُّ
وَالزَّمَخْشريُّ فِي فَضَائِلِ سُوَرِِ القُرْآنِ سُورَةً سُورَةً ، فَإِنَّهُ
مَوْضُوعٌ بِاتِّفاقِ أَهْلِ العِلْمِ . وَالثَّعْلَبِيُّ هُوَ
فِي نَفْسِِهِ كَانَ فِيهِ خَيْرٌ وَدِينٌ ، وَلَكِنَّهُ كَانَ حَاطِبَ لَيْلٍ
يَنقُلُ مَا وَجَدَ فِي كُتُبِ التَّفسيرِ مِنْ صَحِيحٍ وَضَعِيفٍ وَمَوْضُوعٍ .
وَالوَاحِديُّ صَاحِبُهُ كَانَ أَبْصَرَ مِنْهُ بِالعَرَبيَّةِ ، لَكِنْ هُوَ
أَبْعَدُ عَن السَّلاَمَةِ وَاتِّبَاعِ السَّلَفِ ، وَالبَغَوِيُّ تَفْسِيرُهُ
مُخْتَصَرٌ من الثَّعلبيِّ ، لَكِنَّهُ صَانَ تَفْسِيرَهُ عَن الأَحَادِيثِ
الْمَوْضُوعَةِ وَالآرَاءِ الْمُبْتَدَعَةِ . وَالْمَوْضُوعَاتُ في
كُتُبِ التَّفسيرِ كَثِيرَةٌ . مِنْهَا : الأَحَادِيثُ
الكَثِيرةُ الصَّريحةُ في الجَهْرِِ بِالبَسْمَلَةِ ، وَحَدِيثُ عَلِيٍّ الطَّويلُ
فِي تَصَدُّقِهِ بِخَاتَمِهِ في الصَّلاةِ ؛ فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ
أَهْلِ العِلْمِ . وَمِثْلُ مَا رُوِيَ في قَوْلِهِ
:] وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ[ [ سُورَةُ الرَّعْدِ : 7] ،إنَّهُ عَلِيٌّ ، ]وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ[ [سُورَةُ الْحَاقَّةِ : 12] أذُنُكَ يا عليُّ
!).