الدروس
course cover
التطبيق الثالث: تلخيص تفسير سورة الكوثر
11 Oct 2015
11 Oct 2015

9860

0

4

course cover
المهارات الأساسية في التفسير

القسم الثالث

التطبيق الثالث: تلخيص تفسير سورة الكوثر
11 Oct 2015
11 Oct 2015

11 Oct 2015

9860

0

4


0

0

0

0

4

التطبيق الثالث: تلخيص تفسير سورة الكوثر


مقدمــات

توجد ثلاثة أمور مهمّة تتعلّق بتلخيص تفسير سورة الكوثر يحسن التنبيه عليها، وهي:

1: ما يتعلّق بكيفية إيراد الأدلة على المسألة.

2: ما يتعلّق باستخلاص مقصد السورة أو الآية.

3: ما يتعلّق بورود عدة أسباب لنزول الآية أو السورة.

أولا: ما يتعلّق بطريقة إيراد الأدلة على المسألة.

من الملاحظ في المسألة الأولى في السورة وهي مسألة المراد بالكوثر ورود كثير من الأحاديث والآثار في تفسير المراد بالكوثر.

والطريقة المثلى في إيراد هذه الأدلة في التلخيص تكون كتالي:

أولا: يراعى ترتيب الآثار، فتقدم الأحاديث النبوية ثم آثار الصحابة كبارهم ثم صغارهم ثم آثار التابعين كذلك.

ثانيا: إذا كثرت الأدلة على المسألة يمكن الاكتفاء بأهمها، ويقدم الصحيح من الأدلة على الضعيف.

ثالثا: ينتقى من الأدلة أقربها للمسألة وأقواها دلالة.

رابعا: يختصر سند الحديث أو الأثر، فيكتفى بذكر الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابي أو التابعي، مع نسبته إلى من رواه من أهل السنن وفي أي كتاب.

خامسا: يكتفى بموضع الشاهد من الدليل على المسألة، ولا داعي لنقله كاملا خاصّة إذا كان الدليل طويلا.

سادسا: عند إسناد الحديث أو الأثر يُرتب رواة الحديث ترتيبا زمنيا، إلا إذا كان مخرّجا في الصحيحين أو في أحدهما فنقدم البخاري ومسلم ثم نذكر بقية الرواة على الترتيب هكذا: رواه البخاري ومسلم، ورواه فلان وفلان وفلان .....

ملحوظة: الفقرة السادسة ذكرناها للفائدة، وتتقن مع الوقت إن شاء الله.

ثانيا: ما يتعلّق باستخلاص مقصد السورة أو الآية.

ننقل كلام الشيخ عبد العزيز الداخل حفظه الله في بيان أنواع مقاصد الآيات، وما يعين على التعرف عليها:

((مقاصد الآيات على نوعين:

النوع الأول: مقاصد تعرف بالدلالة النصية الظاهرة؛ كما في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} مقصودها: حث المؤمنين على التقوى والصدق وأن يكونوا مع أهل الصدق، ولا يكونوا مع الكاذبين.

والنوع الآخر: مقاصد تفهم بأنواع من الدلالات؛ لأن المقصد غير منصوص عليه ، وإنما يستعان عليه بمعرفة دلالة المفهوم، وبالسياق، وهذه المقاصد يتفاوت العلماء في استخراجها، وينبغي لطالب العلم أن يمرّن نفسه على التعرّف عليها ويستعمل من الأدوات العلمية ما يعينه على استخراجها؛ كمعرفة معنى الاستفهام في الآية إذا كان في الآية استفهام؛ فإنّ ذلك مما يعين على معرفة المقصد؛ كما في قول الله تعالى: {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم..} الاستفهام في الآية للإنكار والتوبيخ؛ فيستفاد من ذلك معرفة مقصد الآية، وأنّها في توبيخ من لا يعمل بعلمه والإنكار عليه.

وقول الله تعالى: {أليس الله بكافٍ عبده..} الاستفهام فيه للتقرير، ومقصد الآية ظاهر في الحث على التوكّل على الله تعالى.

وقد تتضمّن الآية مثلا؛ فمن عقل المثل عرف مقصد الآية؛ كما في قوله تعالى: {يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له..} الآية

فمن عقل هذا المثل عرف أن المقصد هو الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك.

وأمثال القرآن وقصصه من عرف مقاصدها استفاد علماً كثيراً مباركاً)).

وقال حفظه الله في موضع آخر في التفريق بين مقصد الآية ومعناها الإجمالي:

((المعنى الإجمالي يتعلق بتلخيص معاني مفردات الآية وتراكيبها بعبارة وافية مختصرة.

وأمّا مقصد الآية فيراد به الغرض من نزولها، وهذا قد لا يتّصل بالدلالة المباشرة للألفاظ.

مثال ذلك:

المعنى الإجمالي لسورة النصر: أن الله تعالى أمر نبيّه صلى الله عليه وسلم أنه إذا حان وقت فتح مكة ونصره الله على المشركين ورأى كثرة الداخلين في دين الإسلام أن يسبّح بحمد ربّه ويستغفره.

ومقصد هذه السورة: إعلام النبي صلى الله عليه وسلم بقرب أجله؛ لأنّ رسالته تكون قد تمّت بذلك ، ونصره الله على القوم الذين كذّبوه كما نصر الرسل من قبله على من كذبهم ثمّ قبضهم إليه بعد ما انتهت مهمّة رسالتهم.

مثال آخر: قول الله تعالى: {ألم تر كيف فعل ربّك بأصحاب الفيل . ألم يجعل كيدهم في تضليل . ..} إلى آخر السورة.

المعنى الإجمالي لها ظاهر من دلالات مفردات السورة.

ومقصودها - والله تعالى أعلم - أن مَن حفظ بيته وردّ كيد من أراد به سوءاً قادر على أن يحفظ نبيّه ويردّ عنه كيد من يريد به سوءاً)) ا. ه

ثالثا: ما يتعلّق بورود عدة أسباب لنزول الآية أو السورة.

في سورة الكوثر وردت عدة أسباب للنزول، ربما وصلت لستة أسباب نزول، وقد يستغرب بعض الطلاب ذلك ويتساءل أيها سبب نزول الآية فعليا؟

لأن الآية تنزل لسبب واحد في الغالب.

فنذكر هنا قاعدة مهمة في تعدد الأسباب التي يذكرها المفسّرون في الآية ستدرسونها لاحقا بإذن الله بالتفصيل، وهي أن كثيرا من هذه الأسباب المذكورة لا يقصد أنها سبب نزول مباشر للآية، وإنما باعتبار أن هذا مما يشمله لفظ الآية.

فمما ورد في نزول السورة -كما سترون في المشاركة التالية- أن قوله تعالى: (إن شانئك هو الأبتر) نزل في العاص بن وائل، وقيل في كعب بن الأشرف، وقيل نزلت في أبي لهب، وقيل في أبي جهل.

فيكون ذكر هذه الأسماء إنما هو على سبيل التمثيل لبعض من أبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبالطبع يسري عليه نفس الوعيد أنه هو الأبتر أي المقطوع عن كل خير، هذا التمثيل يختلف من مفسّر لآخر بحسب المناسبة والمقام الذي فسّر فيه الآية.

فلو أن أحدا في زماننا أساء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقلنا إن هذه الآية نزلت فيه، فإن معناه أنها نزلت في مثل من فعل فعله، عملا بالقاعدة التي تقول: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.

رابعا: ما يتعلّق بالتفسير النبوي للآية.

أمل عبد الرحمن

#2

11 Oct 2015

تفسير سورة الكوثر


للاطّلاع على تفسير سورة الكوثر اضغط على الروابط التالية:
مقدمات تفسير سورة الكوثر
تفسير سورة الكوثر [ من الآية (1) إلى آخر السورة ]

أمل عبد الرحمن

#3

11 Oct 2015

تلخيص تفسير سورة الكوثر

قائمة المسائل:

نزول السورة ك

هل البسملة آية من سورة الكوثر؟ ك

مقصد السورة. س

المسائل التفسيرية

قوله تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)

● المخاطب في الآية. ك س ش

● معنى الكوثر لغة. ك س ش

● المراد بالكوثر في الآية. ك س ش

قوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) )

● سبب نزول الآية. ش

● مقصد الآية. ك س

● المأمور به في الآية. ك س ش

● معنى إخلاص الصلاة والنحر لله تعالى. ك ش

● المراد بالصلاة في الآية. ك س ش

● المراد بالنحر في الآية. ك س ش

● سبب تخصيص الصلاة والنحر بالذكر دون غيرهما من العبادات. ك

● استحقاق الرب تبارك وتعالى لإخلاص العبادة له وحده. ك

قوله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) )

● فيمن نزلت الآية؟ ك

● معنى"شانئك". ك س ش

● معنى "الأبتر" في الآية. ك س ش

● دلالة الآية على بقاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ودوام شرعه. ك س ش

خلاصة أقوال المفسّرين في كل مسألة

● نزول السورة.

ورد في نزول سورة الكوثر قولان:

الأول: أنها مكية، ذكره ابن كثير والسعدي.

الثاني: أنها مدنية، ذكره ابن كثير، واستدلّ له بالحديث الذي رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

"بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين أظهرنا في المسجد؛ إذ أغفى إغفاءةً، ثمّ رفع رأسه متبسّماً، قلنا: ما أضحكك يا رسول اللّه؟ قال: ((لقد أنزلت عليّ آنفاً سورةٌ)) فقرأ: ((بسم اللّه الرّحمن الرّحيم {إنّا أعطيناك الكوثر فصلّ لربّك وانحر إنّ شانئك هو الأبتر}".*

● هل البسملة آية من سورة الكوثر؟

كثير من الفقهاء على أن البسملة آية من سورة الكوثر وأنها مُنزلة معها للحديث السابق الذي رواه أنس رضي الله عنه، حيث قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم البسملة ثم تلا السورة، ذكر ذلك ابن كثير.

● مقصد السورة.

مقصد سورة الكوثر هو الامتنان على النبي صلى الله عليه وسلم، ذكر ذلك السعدي رحمه الله.

المسائل التفسيرية:

قوله تعالى: (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)

● المخاطب في الآية.

المخاطب بقوله تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر) هو النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق، وقد ورد في الحديث: (هو نهرٌ أعطانيه ربّي عزّ وجلّ في الجنّة) رواه مسلم.

● معنى الكوثر لغة.

الكوثرُ فِي اللُّغَةِ: الْخَيْرُ الْكَثِيرُ البالغُ فِي الْكَثْرَةِ إِلَى الْغَايَةِ، ذكره الأشقر، وذكر مثله ابن كثير والسعدي.

● المراد بالكوثر في الآية.

تنوعت عبارات المفسّرين في بيان المراد بالكوثر في الآية على عدة أقوال:

القول الأول: أنه نهر في الجنة أعطاه الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم، ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

ويشهد له الأحاديث والآثار، فمما ذكره ابن كثير:

1: عن أنس بن مالكٍ قال: ((أغفى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إغفاءةً، فرفع رأسه متبسّماً؛ إمّا قال لهم، وإمّا قالوا له: لم ضحكت؟ فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (إنّه أنزلت عليّ آنفاً سورةٌ)؛ فقرأ: (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم {إنّا أعطيناك الكوثر}) حتّى ختمها؛ فقال: ((هل تدرون ما الكوثر؟)) قالوا: اللّه ورسوله أعلم. قال: ((هو نهرٌ أعطانيه ربّي عزّ وجلّ في الجنّة، عليه خيرٌ كثيرٌ، ترد عليه أمّتي يوم القيامة، آنيته عدد الكواكب، يختلج العبد منهم فأقول: يا ربّ، إنّه من أمّتي. فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك)). رواه مسلم، ورواه أحمد -واللفظ له-، وأبو داوود والنسائي.

2: عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((الكوثر نهرٌ في الجنّة، حافتاه من ذهبٍ، والماء يجري على اللّؤلؤ، وماؤه أشدّ بياضاً من اللّبن وأحلى من العسل)). رواه أحمد والتّرمذيّ وابن ماجه وابن أبي حاتمٍ وابن جريرٍ من طريق محمد بن فضيلٍ، عن عطاء بن السّائب به مرفوعاً، وقال التّرمذيّ: حسنٌ صحيحٌ.

3: عن أبي عبيدة، عن عائشة قال: (سألتها عن قوله تعالى: {إنّا أعطيناك الكوثر}. قالت: نهرٌ أعطيه نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم، شاطئاه عليه درٌّ مجوّفٌ، آنيته كعدد النّجوم). رواه البخاري.

4: عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ قال: (الكوثر: نهرٌ في الجنّة، حافتاه ذهبٌ وفضّةٌ، يجري على الياقوت والدّرّ، ماؤه أبيض من الثّلج وأحلى من العسل). رواه ابن جرير، وقال ابن كثير إنه حديث صحيح.

وقد ورد في صفة الحوض يوم القيامة أنّه يشخب فيه ميزابان من السماء من نهر الكوثر، كما ذكر ابن كثير.

القول الثاني: أنه حوض في الجنة.

وهو مروي عن عطاء، ذكر ذلك ابن كثير.

القول الثالث: أنه الخير الذي أعطاه الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم.

وهذا القول مروي عن ابن عباس رضي الله عنه.

عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال في الكوثر: ((هو الخير الذي أعطاه اللّه إيّاه). قال أبو بشرٍ: قلت لسعيد بن جبيرٍ: (فإنّ ناساً يزعمون أنّه نهرٌ في الجنّة). فقال سعيدٌ: (النّهر الذي في الجنّة من الخير الذي أعطاه اللّه إيّاه)). رواه البخاري.

قال ابن كثير: "وهذا التفسير يعمّ النّهر وغيره؛ لأنّ الكوثر من الكثرة، وهو الخير الكثير، ومن ذلك النّهر، كما قال ابن عبّاسٍ وعكرمة وسعيد بن جبيرٍ ومجاهدٌ ومحارب بن دثارٍ والحسن بن أبي الحسن البصريّ، حتى قال مجاهدٌ: هو الخير الكثير في الدّنيا والآخرة".

القول الرابع: أنه النبوة والقرآن وثواب الآخرة.

وهو قول عكرمة رحمه الله، كما ذكر ابن كثير.

وذكر الأشقر: القرآن.

القول الخامس: أنه كَثْرَةُ الأصحابِ والأُمَّةِ، ذكره الأشقر.

والقولان الرابع والخامس يرجعان إلى القول الثالث كما قال ابن كثير في التعقيب عليه.

ويجمع بين القول الأول والثاني أن نهر الكوثر يصب في الحوض كما ذكر ابن كثير في صفة الحوض أنه يشخب فيه ميزابان من نهر الكوثر.

تفسير قوله تعالى: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) )

● سبب نزول الآية.

كَانَ ناسٌ يُصَلُّونَ لغيرِ اللَّهِ وَيَنْحَرُونَ لغيرِ اللَّهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَكُونَ صَلاتُهُ وَنَحْرُهُ لَهُ، ذكره الأشقر.

● مقصد الآية.

مقابلة نعم الله تعالى بالشكر، وهو حاصل كلام ابن كثير والسعدي.

● المأمور به في الآية.

إخلاص عبادة الصلاة والنحر لله تعالى، ذكره ابن كثير، كما يفهم من كلام السعدي والأشقر.

● معنى إخلاص الصلاة والنحر لله تعالى.

إخلاص العبادة لله يكون بإفراده بها، وإخلاص الصلاة والنحر لله أي إفراده بالصلاة وحده فلا يسجد لغيره وبالنحر له وحده فلا يذبح لغيره.

قال تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين * لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}.

وهذا بخلاف ما كان المشركون عليه من السّجود لغير اللّه والذّبح على غير اسمه، قال تعالى: (ولا تأكلوا ممّا لم يذكر اسم اللّه عليه وإنّه لفسقٌ) الآية.

● المراد بالصلاة في الآية.

ورد في المراد بالصلاة في الآية أقوال:

الأول: أنها جميع الصلوات المكتوبة والنافلة، ذكره ابن كثير.

الثاني: أنها الصلاة المفروضة، ذكره الأشقر.

الثالث: أنها صلاة العيد، قاله قتادة وعطاء وعكرمة كما ذكر الأشقر.

● المراد بالنحر في الآية.

ورد في المراد بالنحر في الآية عدة أقوال:

الأول: أنه ذبح البدن ونحوها من أنواع النحائر..

قاله ابن عبّاسٍ وعطاءٌ ومجاهدٌ وعكرمة والحسن، وقتادة ومحمد بن كعبٍ القرظيّ والضّحّاك والرّبيع وعطاءٌ الخراسانيّ والحكم وإسماعيل بن أبي خالدٍ وغير واحدٍ من السّلف.ذكر ذلك عنهم ابن كثير، وذكر هذا القول السعدي والأشقر.

القول الثاني: أن المراد بالنحر وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى تحت النّحر. يروى هذا عن عليٍّ، ولا يصحّ، وعن الشّعبيّ مثله، ذكره ابن كثير عن ابن جرير.

القول الثالث: أن المراد به رفع اليدين عند افتتاح الصلاة،، يروى عن أبي جعفرٍ الباقر، ذكره ابن كثير عن ابن جرير.

القول الرابع: أن معنى قوله تعالى: {انحر} أي استقبل بنحرك القبلة، ذكره ابن كثير عن ابن جرير.

قال ابن كثير: وقد روى ابن أبي حاتمٍ ههنا حديثاً منكراً جدًّا:

عن عليّ بن أبي طالبٍ قال: ((لمّا نزلت هذه السورة على النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم {إنّا أعطيناك الكوثر فصلّ لربّك وانحر}.

قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((ياجبريل ما هذه النّحيرة التي أمرني بها ربّي؟)).

فقال: ليست بنحيرةٍ، ولكنّه يأمرك إذا تحرّمت للصلاة ارفع يديك إذا كبّرت، وإذا ركعت، وإذا رفعت رأسك من الرّكوع، وإذا سجدت؛ فإنّها صلاتنا وصلاة الملائكة الّذين في السّماوات السّبع، وإنّ لكلّ شيءٍ زينةً، وزينة الصّلاة رفع اليدين عند كلّ تكبيرةٍ)).

وهكذا رواه الحاكم في المستدرك من حديث إسرائيل بن حاتمٍ به.

القول الخامس: {وانحر} أي ارفع صلبك بعد الرّكوع ، واعتدل وأبرز نحرك، يعني بعد الاعتدال، رواه ابن أبي حاتمٍ عن عطاء الخراساني وذكره ابن كثير.

القول الراجح في هذه الأقوال:

قال ابن كثير: ((وكلّ هذه الأقوال غريبةٌ جدًّا، والصّحيح القول الأوّل، أنّ المراد بالنّحر: ذبح المناسك ؛ ولهذا كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي العيد ثم ينحر نسكه ويقول: (من صلّى صلاتنا ونسك نسكنا؛ فقد أصاب النّسك، ومن نسك قبل الصّلاة فلا نسك له)).

وهو اختيار ابن جرير.

● سبب تخصيص الصلاة والنحر بالذكر دون غيرهما من العبادات.

خُصَّت هاتينِ العبادتينِ بالذكرِ، لأنهمَا منْ أفضلِ العباداتِ وأجلِّ القرباتِ.

ولأنَّ الصلاةَ تتضمنُ خضوعَ القلبِ والجوارحِ للهِ، وتنقلهَا في أنواعِ العبوديةِ، وفي النحرِ تقربٌ إلى اللهِ بأفضلِ مَا عندَ العبدِ منَ النحائرِ، وإخراجٌ للمالِ الذي جبلتِ النفوسُ على محبتهِ والشحِّ بهِ، ذكره السعدي.

● استحقاق الرب تبارك وتعالى لإخلاص العبادة له وحده.

استحق الرب تبارك وتعالى أن تخلص العبادة له وحده لأنه المعطي للمكارم والخيرات ولا كفاء له، هذا حاصل قول ابن جرير الذي ذكره ابن كثير في تفسيره.

قوله تعالى: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3) )

● فيمن نزلت الآية؟

ورد فيمن نزلت فيه هذه الآية عدة أقوال ذكرها ابن كثير:

1: أنها نزلت في العاص بن وائل، قاله ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ وسعيد بن جبيرٍ وقتادة.

عن يزيد بن رومان قال: (كان العاص بن وائلٍ إذا ذكر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: دعوه، فإنّه رجلٌ أبتر، لا عقب له، فإذا هلك انقطع ذكره؛ فأنزل اللّه هذه السورة)، رواه محمد بن إسحاق.

2: نزلت في عقبة بن أبي معيط، قاله شمر بن عطية.

3: نزلت في كعب بن الأشرف.

عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: (قدم كعب بن الأشرف مكّة، فقالت له قريشٌ: أنت سيّدهم، ألا ترى إلى هذا المصنبر المنبتر من قومه؟ يزعم أنّه خيرٌ منّا، ونحن أهل الحجيج وأهل السّدانة وأهل السّقاية، فقال: أنتم خيرٌ منه)، رواه البزار، وقال ابن كثير أنه حديث صحيح.

4: نزلت في أبي لهب.

عن عطاء قال: نزلت في أبي لهب حين مات ابنٌ لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فذهب أبو لهبٍ إلى المشركين، فقال: بتر محمدٌ اللّيلة؛ فأنزل اللّه في ذلك: {إنّ شانئك هو الأبتر}.

وذكر السدي مثل هذا القول ولم يسمّ أبا لهب.

5: نزلت في أبي جهل، قاله ابن عباس.

● معنى"شانئك".

شانئك أي مبغضك ومنتقصك وذامّك، هذا حاصل ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر.

وعن ابن عباس: يعني عدوّك، ذكره ابن كثير.

قال ابن كثير: (وهذا يعمّ جميع من اتّصف بذلك ممّن ذكر وغيرهم).

● معنى "الأبتر" في الآية.

قال عكرمة: الأبتر: الفرد، ذكره ابن كثير.

وقال السّدّيّ: كانوا إذا مات ذكور الرجل قالوا: بتر. فلمّا مات أبناء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا: بتر محمدٌ؛ فأنزل اللّه: {إنّ شانئك هو الأبتر}، ذكره ابن كثير، وذكر هذا المعنى الأشقر.

ومعنى الأبتر في الآية المقطوع الذكر الأذل، وهذا حاصل كلام ابن كثير والسعدي والأشقر.

قال ابن كثير: (وهذا يرجع إلى ما قلناه، من أنّ الأبتر الذي إذا مات انقطع ذكره، فتوهّموا لجهلهم أنّه إذا مات بنوه ينقطع ذكره، وحاشا وكلاّ، بل قد أبقى اللّه ذكره على رؤوس الأشهاد، وأوجب شرعه على رقاب العباد مستمرًّا على دوام الآباد إلى يوم الحشر والمعاد، صلوات اللّه وسلامه عليه دائماً إلى يوم التّناد)

● دلالة الآية على بقاء ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ودوام شرعه.

يفهم من قوله تعالى: (إن شانئك هو الأبتر)، أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الباقي ذكره بعد موته رفيع الذكر كثير الاتباع، وهذا المعنى ذكره المفسّرون الثلاثة رحمهم الله.

تمّ، والحمد لله رب العالمين.

____________________

* دلّ الحديث على مدنية السورة لأن راوي الحديث أنس بن مالك رضي الله عنه من الأنصار، قابل النبي صلى الله عليه وسلم أول مرة بعد هجرته إلى المدينة، وكان عمر أنس رضي الله عنه إذ ذاك عشر سنين.