أنواع الخبر
قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحَمْدُ
للهِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلِيماً قَدِيراً، وَصَلَّى اللهُ عَلَى
سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ إِلى النَّاسِ بَشِيراً
وَنَذِيراً، وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً
كَثِيراً.
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ التَّصَانِيفَ في اصْطِلاَحِ أَهْلِ الحَدِيثِ قَدْ كَثُرَتْ، وَبُسِطَتْ، وَاخْتُصِرَتْ.
فَسَأَلَنِي
بَعْضُ الإِخْوَانِ أَنْ أُلَخِّصَ لَهُ المُهِمَّ مِنْ ذَلِكَ؛
فَأَجَبْتُهُ إِلى سُؤَالِهِ؛ رَجَاءَ الانْدِرَاجِ في تِلْكَ المَسَالِكِ.
فَأَقُولُ: الخَبَرُ:
- إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ طُرُقٌ بِلا عَدَدٍ مُعَيَّنٍ.
- أَو مَعَ حَصْرٍ بِمَا فَوْقَ الاثْنَيْنِ.
- أَو بِهِمَا.
- أَو بِوَاحِدٍ).
نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني
قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (1) (الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَزَلْ عَلِيمًا قَدِيرًا) حَيًّا،
قَيُّومًا، سَميعَاً، بَصِيرًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ
وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأُكَبِّرُهُ تَكْبِيرًا.
(2) (أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ التّصَانِيفَ فِي اصْطِلاَحِ أَهْلِ الحَدِيثِ قَدْ كَثُرَتْ وَبُسِطَتْ وَاخْتُصِرَتْ) لِلأَئِمَّةِ فِي القَدِيمِ وَالحَدِيثِ.
فَمِن أولِ مَنْ صَنَّفَ فِي ذَلِكَ:
القَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ الرّامَهُرْمُزِيُّ، فِي كِتَابِهِ (المُحَدِّثُ الفَاصِل)؛ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَوعِبْ.
- وَالحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللهِ النَّيْسَابُورِيُّ؛ لَكِنَّه لَمْ يُهَذِّبْ، وَلَمْ يُرَتِّبْ.
- وَتَلاَهُ أَبُو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ؛ فَعَمِلَ عَلَى كِتَابِهِ مُسْتَخْرَجًا، وَأَبْقَى أَشْيَاءَ لِلمُتَعقِّبِ.
- ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمْ الخَطِيبُ أَبُو بَكْرٍ البَغْدَادِيُّ؛ فَصَنَّفَ فِي قَوَانِينِ الرِّوَايةِ كِتَابًا سَمَّاهُ (الكِفَايةَ)، وَفِي آدَابِهَا، كِتَابًا سَمَّاهُ (الجَامِعَ لآدَابِ الشَّيْخِ وَالسَّامِع)،
وَقَلَّ فَنٌّ مِن فُنُونِ الحَديثِِ إلاَّ وَقَد صَنَّفَ فيه كِتَابًا
مُفْرَدًا، فَكَانَ كَمَا قَالَ الحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ نُقْطَةَ: (كُلُّ مَن أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ المُحَدِّثِينَ بَعْدَ الخَطِيبِ عِيَالٌ عَلَى كُتُبِهِ).
ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمْ بَعْضُ مَن تَأَخَّرَ عَن الخَطِيبِ؛ فَأَخَذَ مِن هَذَا العِلْمِ بِنَصِيبٍ؛ فَجَمَعَ القَاضِي عِيَاضٌ كِتَابًا لَطِيفًا سَمَّاهُ (الإِلْمَاعَ)، وَأَبُو حَفْصٍ المَيَّانَجِيُّ؛ جُزْءاً سَمَّاهُ (مَا لاَ يَسَعُ المُحَدِّثَ جَهْلُهُ).
(3)وَأَمِثَالُ ذَلِكَ مِن (التَّصَانِيفِ) التي اشْتَهَرَتْ (وَبُسِطَتْ) لِيَتَوفَّرَ عِلْمُهَا،(وَاخْتُصِرَتْ)؛ لِيَتَيَسَّرَ فَهْمُهَا، إِلَى أَنْ جَاءَ الحَافِظُ الفَقِيهُ تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو عَمْرٍو عُثْمَانُ بْنُ الصَّلاَحِ عَبْدُ الرّحْمَنِ الشَّهْرُزُورِيُّ، نَزِيلُ دِمَشْقَ، فَجَمَعَ لَمَّا وَلِيَ تَدْرِيسَ الحَدِيثِ بِالْمَدْرَسَةِ الأَشْرَفِيَّةِ كِتَابَهُ المَشْهُورَ، فَهَذَّبَ فُنَونَهُ، وَأَمْلاَهُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ؛ فَلِهَذَا لَمْ يَحْصُلْ تَرْتِيبُهُ عَلَى الوَضْعِ المُتَنَاسِبِ، وَاعْتَنَى بِتصَانِيفِ الخَطِيبِ المُتَفَرِّقَةِ؛ فَجَمَعَ شَتَاتَ مَقَاصِدِهَا، وَضَمَّ إِلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا نُخَبَ فَوَائِدِهَا.
فَاجْتمَعَ فِي كِتَابِهِ مَا تَفَرَّقَ فِي غَيْرِهِ، فَلِهَذَا عَكَفَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَسَارُوا بِسَيْرِهِ؛ فَلاَ يُحْصَى كَمْ نَاظِمٍ لَهُ وَمُخْتَصِرٍ، وَمُسْتَدْرِكٍ عَلَيْهِ، وَمُقْتَصِرٍ، وَمُعَارِضٍ لَهُ، وَمُنْتَصِرٍ.
(4) (فَسَأَلَنِي بَعْضُ الإِخْوَانِ أَنْ أُلَخِّصَ لَهُ المُهِمَّ مِنْ ذَلِكَ)
فَلَخَّصْتُهُ فِي أورَاقٍ لَطِيفَةٍ سَمَّيْتُهَا(نُخْبَةَ الفِكَرِ في مُصْطَلَحِ أَهْلِ الأَثَرِ)،
عَلَى تَرْتِيبٍ ابْتَكَرْتُهُ وَسَبْيلٍ انْتَهَجْتُهُ، مَعَ مَا
ضَمَمْتُهُ إِلَيْهِ مِنْ شَوَارِدِ الفَرَائِدِ، وَزَوَائِدِ الفَوَائِدِ.
(5) (فَأَجَبْتُهُ إِلَى سُؤَالِهِ رَجَاءَ الانْدِرَاجِ فِي تِلْكَ المَسَالِكِ) فَرَغِبَ
إِلَيَّ جَمَاعَةٌ ثَانِيًا أَنْ أَضَعَ عَلَيْهَا شَرْحًا يَحُلُّ
رُمُوزَهَا، وَيَفْتَحُ كُنُوزَهَا، وَيُوَضِّحُ مَا خَفِيَ عَلَى
المُبْتَدِئِ مِن ذَلِكَ (فَأَجَبْتُهُ إِلَى سُؤَالِهِ رَجَاءَ الانْدِرَاجِ في تِلْكَ المَسَالِكِ) فَبَالَغْتُ
فِي شَرْحِهَا فِي الإيضَاحِ وَالتَّوْجِيهِ، وَنَبَّهْتُ عَلَى خَبَايا
زَوَاياهَا؛ لأنَّ صَاحِبَ البَيْتِ أَدْرَى بِمَا فيه، وَظَهَرَ لِي أَنَّ
إيرَادَهُ عَلَى صُورَةِ البَسْطِ أَلْيَقُ، ودَمْجَهَا ضِمْنَ
تَوْضِيحِهَا أوفَقُ، فَسَلَكْتُ هَذِهِ الطَّرِيقَ القَلِيلَةَ
الَمَسَالِكِ.
(6) (فَأَقُولُ)طَالِبًا مِن اللهِ التّوفِيقَ فِيمَا هُنَالِكَ.
(الخَبَرُ)عِنْدَ عُلَمَاءِ هَذَا الفَنِّ:
- مُرَادِفٌ لِلْحَدِيثِ.
- وَقِيلَ:الحَّدِيثُ: مَا جَاءَ عَن النّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
وَالخَبَرُ:مَا جَاءَ عَن غَيْرِهِ.
وَمِنْ
ثَمَّ قِيلَ لِمَنْ يَشْتَغِلُ بِالتَّوَارِيخِ وَمَا شَاكَلَهَا:
الأَخْبَارِيُّ، وَلِمَن يَشْتَغِلُ بِالسُّنَّةِ النّبَوِيَّةِ:
المُحَدِّثُ.
- وَقِيلَ:بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ؛ فَكُلُّ حَدِيثٍ خَبَرٌ مِن غَيْرِ عَكْسٍ.
وَعَبَّرْتُ هُنَا بِالخَبَرِ لِيَكُونَ أَشْمَلَ، فَهُوَ بِاعْتِبَارِ وُصُولِهِ إِلَيْنَا.
(7) (إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ طُرُقٌ)أي:
أَسَانِيدُ كَثِيرَةٌ؛ لأنَّ طُرُقًا جَمْعُ طَرِيقٍ، وَفَعِيلٌ فِي
الكَثْرَةِ يُجْمَعُ عَلَى فُعُلٍ بِضَمَّتَينِ، وَفِي القِلَّةِ عَلَى
أَفْعِلَةٍ.
وَالمُرَادُ
بِالطُّرُقِ الأَسَانِيدُ، وَالإِسْنَادُ حِكَايةُ طَرِيقِ المَتْنِ،
وَتِلْكَ الكَثْرَةُ أَحَدُ شُرُوطِ التَّوَاتُرِ إِذَا وَرَدَتْ (بِلاَ) حَصْرِ(عَدَدٍ مُعَيَّنٍ) بَلْ
تَكُونُ العَادَةُ قَدْ أَحَالَتْ تَوَاطُؤَهُمْ عَلَى الكَذِبِ، وَكَذَا
وُقُوعُهُ منهم اتِّفاقًا مِن غَيْرِ قَصْدٍ؛ فَلاَ مَعْنَى لِتَعْيِينِ
العَدَدِ عَلَى الصَّحِيحِ.
وَمنهمْ:مَن عَيَّنَهُ فِي الأَرْبَعَةِ.
وَقِيلَ: فِي الخَمْسَةِ.
وَقِيلَ: فِي السَّبْعَةِ.
وَقِيلَ: فِي العَشَرَةِ.
وَقِيلَ: فِي الاثْنَيْ عَشَرَ.
وَقِيلَ: فِي الأَرْبَعِينَ.
وَقِيلَ:فِي السّبْعِينَ.
وَقِيلَ:غَيْرُ ذَلِكَ.
وتمسَّكَ
كُلُّّ قائلٍ بدليلٍ جاءَ فيه ذِكْرُ ذَلكَ العَدَدِ فأفادَ العِلْمَ،
وليس بلازمٍ أن يَطَّرِدَ في غَيرهِ لاحْتمَالِ الاخْتصَاصِ، فإذا وردَ
الخَبرُ كَذلكَ وانضَافَ إليهِ:
- أنْ يستويَ الأمرُ فيه في الكَثْرةِ المَذْكُورَةِ مِن ابتدائِهِ إِلى انتهائِهِ.
والمرادُ بالاسْتِواءِ: أن لا تَنْقُصَ الكَثْرةُ المَذْكُورةُ فِي بَعضِ المَواضعِ لا أنْ لا تَزيدَ؛ إذ الزّيَادَةُ هُنا مَطْلُوبةٌ مِن بَابِ أولى.
- وأنْ يكونَ مُسْتَنَدُ انْتِهَائِهِ الأَمْرَ المُشَاهَدَ أو المَسْمُوعَ، لاَ مَا ثَبَتَ بِقَضِيَّةِ العَقْلِ الصِّرْفِ.
فَإِذَا جَمَعَ هَذِهِ الشّروطَ الأَرْبَعةَ -وَهِي:
أ-عَدَدٌ كَثيرٌ أَحَالَت العادةُ تَوَاطُؤَهُمْ وتَوَافُقَهُم عَلَى الكَذبِ.
ب-رَوَوْا ذَلِكَ عَن مِثْلِهِمْ مِن الابْتِداءِ إِلى الانْتِهاءِ.
ت-وَكانَ مُسْتندُ انْتِهائِهمْ الحِسَّ.
ث-وَانْضَافَ إلَى ذَلِك أَنْ يَصْحَبَ خَبَرَهُم إِفَادَةُ العِلْمِ لسامِعِهِ.
فَهَذَا هُو المُتواتِرُ، ومَا تَخلَّفتْ إِفَادةُ العِلْمِ عَنْهُ كَانَ مشهورًا فَقَطْ.
فَكُلُّّ مُتَواترٍ، مَشْهورٌ مِن غَيْرِ عَكْسٍ.
وَقَد يُقَالُ: إِنَّ الشّروطَ الأَرْبَعَةَ إِذَا حَصَلَت اسْتَلْزَمَتْ حُصُولَ العِلْمِ، وَهوكَذلكَ في الغَالبِ، لكِنْ قَد تَتَخَلَّفُ عَن البَعْضِ لمَانعٍ.
وَقَدْ وَضَحَ بِهَذَا تَعريِفُ المُتَواتِرِ، وَخِلاَفُهُ قَد يَرِدُ بِلاَ حَصْرٍ أيضًا، لَكِنْ مَعَ فقْدِ بَعْضِ الشُّروطِ.
(8) (أو مَعَ حَصْرٍ بِمَا فَوْقَ الاثْنَيْنِ)أي: بِثَلاَثةٍ فَصَاعدًا مَا لمْ يَجْمَعْ شُرُوطَ المُتواتِرِ
(9) (أو بِهِمَا) أي: بِاثْنَينِ فَقَطْ، (أو بِوَاحِدٍ) فَقَطْ.
وَالمُرَادُ بِقَولِنَا: (أَنْ يَرِدَ بِاثْنينِ) أَنْ لاَ يَرِدَ بِأَقَلَّ منهمَا؛ فَإِنْ وَرَدَ بِأكثرَ فِي بَعْضِ المَواضِعِ مِن السَّنَدِ الوَاحِدِ لاَ يَضُرُّ؛ إِذْ الأَقلُّ فِي هَذَا العِلْمِ يَقضِي عَلَى الأَكثرِ).
نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: (هذا
الكتابُ هو خُلاَصَةُ كُتُبِ علومِ الحديثِ، والذي كَتَبَهُ إِمَامٌ
مَشْهُورٌ، وهو الحافظُ ابنُ حَجَرٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-
كَتَبَ الأَصْلَ الذي هو (النُّخْبَةُ)،
وهو عبارةٌ عن إشاراتٍ بسيطةٍ لاَ تَكَادُ تُفْهَمُ لِوَحْدِهَا،
وَلَعَلَّهُ كَتَبَهَا لِلْحِفْظِ، ثم بعدَ ذلك رأَى بِنَاءً على سُؤَالِ
بَعْضِ الإخوانِ لهُ -كما قَالَ- أَنْ يُوَضِّحَ الأصلَ، وَيَشْرَحَهُ في
كِتَابِنَا (نُزْهَةُ النَّظَرِ). وقد شُرِحَت (النُّخْبَةُ) مِنْ
قِبَلِ أَكْثَرَ مِنْ إمامٍ بعدَ الحافظِ ابنِ حَجَرٍ،واعْتُنِيَ بها؛
لأَنَّ فيها خُلاَصةَ أُمَّهَاتِ كُتُبِ هذا الفنِّ وَلُبَّ الكلامِ فيهِ. قَالَ ابنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: (أَمَّا بعدُ: فَإِنَّ التصانيفَ في اصْطِلاَحِ أهلِ الحديثِ قد كَثُرَتْ لِلأَئِمَّةِ في القديمِ والحديثِ، فَمِن أَوَّلِ مَن صَنَّفَ في ذلكَ: - القاضي أبو محمدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ في كتابِهِ (الْمُحَدِّثُ الْفَاصِلُ)، لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْ. - والحاكمُ أبو عبدِ اللهِ النَّيْسَابُورِيُّ، لَكِنَّهُ لَم يُهَذِّبْ، وَلَمْ يُرَتِّبْ. - وَتَلاَهُ أبو نُعَيْمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، فَعَمِلَ عَلَى كِتَابِهِ (مُسْتَخْرَجًا)، وَأَبْقَى أَشْيَاءَ لِلْمُتَعَقِّبِ. - ثم جاءَ بعدَهم الخَطِيبُ أبو بكرٍ الْبَغْدَادِيُّ، فَصَنَّفَ في قوانينِ الروايةِ كتابًا سَمَّاهُ (الْكِفَايَةُ)، وفي آدَابِهَا كتابًا سَمَّاهُ (الْجَامِعُ لآدَابِ الشَّيْخِ وَالسَّامِعِ)، وَقَلَّ فَنٌّ مِنْ فنونِ الحديثِ إلاَّ وقد صَنَّفَ فيهِ كتابًا مُفْرَدًا. فكانَ كما قَالَ الحافظُ أبو بكرِ بنُ نُقْطَةَ: (كُلُّ مَنْ أَنْصَفَ عَلِمَ أَنَّ الْمُحَدِّثِينَ بعدَ الخطيبِ عِيَالٌ على كُتُبِهِ). ثم جاءَ بعدَهم بعضُ مَنْ تَأَخَّرَ عن الخطيبِ، فأخذَ مِن هذا العلمِ بنصيبٍ. - فجمعَ القاضي عِيَاضٌ كتابًا لطيفًا سَمَّاهُ (الإِلْمَاعُ). - وأبو حَفْصٍ الْمَيَّانَجِيُّ وأمثالُ ذلك مِن التصانيفِ التي اشْتَهَرَتْ وَبُسِّطَتْ؛ لِيَتَوَفَّرَ عِلْمُهَا، وَاخْتُصِرَتْ لِيَتَيَسَّرَ فَهْمُهَا. -
إلى أنْ جاءَ الحافظُ تَقِيُّ الدِّينِ أبو عَمْرٍو عثمانُ بنُ الصلاحِ
عبدُ الرحمنِ الشَّهْرَزُورِيُّ نَزِيلُ دِمَشْقَ، فجمعَ -لَمَّا وُلِّيَ
تَدْرِيسَ الحديثِ بالمدرسةِ الأَشْرَفِيَّةِ- كِتَابَهُ المشهورَ،
فَهَذَّبَ فُنُونَهُ، وَأَمْلاَهُ شَيْئًا بعدَ شيءٍ؛ فَلِهَذَا لَمْ
يَحْصُلْ تَرْتِيبُهُ على الْوَضْعِ الْمُتَنَاسِبِ، وَاعْتَنَى بتصانيفِ
الخطيبِ الْمُتَفَرِّقَةِ؛ فَجَمَعَ شَتَاتَ مَقَاصِدِهَا، وَضَمَّ إليها
مِن غيرِهَا نُخَبَ فَوَائِدِهَا؛ فَاجْتَمَعَ في كتابِهِ ما تَفَرَّقَ في
غيرِهِ؛ فلهذا عَكَفَ الناسُ عليه، وساروا بِسَيْرِهِ؛ فَلاَ يُحْصَى كَمْ
نَاظِمٍ لَهُ وَمُخْتَصِرٍ، وَمُسْتَدْرِكٍ عَلَيْهِ وَمُقْتَصِرٍ،
وَمُعَارِضٍ لَهُ وَمُنْتَصِرٍ. فَسَأَلَنِي بعضُ الإخوانِ أنْ أُلَخِّصَ لَهُ الْمُهِمَّ مِن ذلك؛ فَلَخَّصْتُهُ في أوراقٍ لطيفةٍ سَمَّيْتُهَا (نُخْبَةُ الْفِكَرِ في مُصْطَلَحِ أَهْلِ الأَثَرِ)،
على تَرْتِيبٍ ابْتَكَرْتُهُ، وَسَبِيلٍ انْتَهَجْتُهُ، مَعَ مَا
ضَمَمْتُهُ إليهِ مِن شَوَارِدِ الْفَرَائِدِ، وَزَوَائِدِ الْفَوَائِدِ. فَرَغَّبَ
إليَّ جماعةٌ ثانيًا أنْ أَضَعَ عليها شَرْحًا يَحُلُّ رُمُوزَهَا،
وَيَفْتَحُ كُنُوزَهَا، وَيُوَضِّحُ مَا خَفِيَ على الْمُبْتَدِئِ مِن ذلك؛
فَأَجَبْتُهُ إلى سُؤَالِهِ رَجَاءَ الانْدِرَاجِ في تلكَ الْمَسَالِكِ؛
فَبَالَغْتُ في شَرْحِهَا في الإيضاحِ والتوجيهِ، وَنَبَّهْتُ على خَبَايَا
زَوَايَاهَا؛ لأَنَّ صَاحِبَ البيتِ أَدْرَى بما فيه، وظَهَرَ لِي أنَّ
إِيرَادَهُ على صورةِ الْبَسْطِ أَلْيَقُ، وَدَمْجَهَا ضِمْنَ تَوْضِيحِهَا
أَوْفَقُ، فَسَلَكْتُ هذه الطريقةَ الْقَلِيلَةَ الْمَسَالِكِ، فَأَقُولُ
طَالِبًا مِن اللهِ التوفيقَ فِيمَا هُنَالِكَ. الشرح: هذا
المقطعُ يدورُ حولَ ما يُعْرَفُ في الوقتِ الحاضِرِ بتقييمِ مصادِرِ
الفَنِّ، فالباحثُ قبلَ أن يكتُبَ في موضوعٍ ما يُعْطِينَا خلاصةَ ما
كُتِبَ قَبْلَهُ، وهذا يُسَمُّونَهُ نَقْدَ المصادِرِ، أو تقييمَ المصادرِ
التي سَبَقَتْ في هذا الفَنِّ، أو الموضوعِ الذي يَكْتُبُ فِيه. -
وابنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ دَرَجَ على هذا في كثيرٍ مِن كُتُبِهِ،
يكتُبُ خلاصةً حولَ ما كُتِبَ قبلَهُ، ويَدْخُلُ مِن هذه الخلاصةِ إلى
كِتَابِهِ الذي سَيَكْتُبُ فيه؛ لِيُبَيِّنَ للطالبِ لِمَ هو كتَبَ مع أنَّ
هناك كُتُبًا قد تَقَدَّمَتْ عليه. وهذا
العَمَلُ مُسْتَحْسَنٌ الآنَ في ضِمْنِ مناهجِ البحْثِ، وهو أن يُكْتُبَ
نَقْدًا لمصادرِهِ، مثلَ أنْ يقولَ: فلانٌ كَتَبَ في الموضوعِ، وَلَكِنَّ
كتابَهُ يَعُوزُهُ كذا وكذا، وهكذا يُعَدِّدُ المصادرَ، ويُبَيِّنُ
مَزَايَاهَا وما فيها مِن أخطاءٍ. - فذكَر ابنُ حَجَرٍ أن أولَّ مَن صَنَّفَ في ذلك القاضي أبو محمدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ في كتابِهِ (المُحَدِّثُ الفَاصِلُ)،
وتابعَهُ الباحثونَ على هذا الرأْيِ؛ فَيَنْسِبُونَ الفَضْلَ إلى
الرَّامَهُرْمُزِيِّ، وهو أبو محمدٍ الحسنُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ خَلاَّدٍ
الرَّامَهُرْمُزِيُّ المتوفَّى نحوَ سنةِ 360 للهجرةِ. ومِن المفارقاتِ العجيبةِ أنَّهُ لُغَوِيٌّ أَشْهَرُ منه مُحَدِّثٌ، ومع هذا فهو أوَّلُ مَن كَتَبَ كِتَابًا مُسْتَقِلاّ في فَنِّ علومِ الحديثِ، وَنَقَدَهُ ابنُ حَجَرٍ بكلمةٍ واحدةٍ، وهي (أَنَّهُ لم يَسْتَوْعِبْ) أي: لم يَسْتَكْمِلْ مباحثَ هذا الفَنِّ، وعُذْرُ الرَّامَهُرْمُزِيِّ في هذا ظَاهِرٌ جِدًّا، وهو أَنَّهُ أوَّلُ مَن صَنَّفَ. ثم جاءَ مِن بعدِهِ: الحاكمُ أبو عبدِ اللهِ النَّيْسَابُورِيُّ المُتَوَفَّى سنةَ 405، واسْمُ كتابِهِ (مَعْرِفَةُ عُلُومِ الحديثِ)، وَنَقَدَهُ ابنُ حَجَرٍ بقولِهِ: (لَكِنَّهُ لمْ يُهَذِّبْ ولم يُرَتِّبْ). والتهذيبُ والترتيبُ مُخْتَلِفَانِ. فَعَدَمُ التهذيبِ يشملُ أشياءَ، وهي: - تَدَاخُلُ الموضوعاتِ. - التطويلُ مع إمكانِ الاختصارِ. وعدمُ
الترتيبِ معناهُ:أَنَّهُ لم يَضُمَّ الأشياءَ المتشابهةَ بعضَهَا إلى
بعضٍ، فجاءَ موضوعٌ إلى جنبِ موضوعٍ آخَرَ، وحَقُّهُمَا أنْ يَفْتَرِقَا. ثم تَلاَ الحاكِمَ أبو نعيمٍ الأَصْبَهَانِيُّ صاحِبُ كتابِ (حِلْيَةِ الأَوْلِيَاءِ) المُتَوَفَّى سنةِ 430، فعمِلَ على كتابِ الحاكمِ كتابًا سَمَّاهُ (المُسْتَخْرَجُ على معرفةِ علومِ الحديثِ)، وَنَقَدَهُ ابنُ حَجَرٍ بأنَّ هناكَ أشياءَ تُلاحَظُ لم يُلاحِظْهَا، وأشياءَ يَنْبَغِي استدراكُهَا، ولم يَسْتَدْرِكْهَا. -
ذَكَرَ ابنُ حَجَرٍ كتابَ الرَّامَهُرْمُزِيِّ، والحاكمِ، وأبي نعيمٍ،
والخطيبِ الْبَغْدَادِيِّ، والقاضي عِياضٍ، ثم المَيَّانَجِيِّ، وغالبُ هذه
الكتبِ يُمَثِّلُ مرحلةً من مراحلِ التأليفِ في علومِ الحديثِ نُطْلِقُ
عليها مرحلةَ تأليفِ الكُتُبِ المُسْنَدَةِ. ومعنى
مُسْنَدَةٍ:أنَّ أقوالَ الأئمةِ فيها مَرْوِيَّةٌ بالأسانيدِ، فعندَما
يَنْقُلُ الخطيبُ مثلاً عن الإمامِ أحمدَ قولاً فإنَّهُ يَذْكُرُهُ عنه
بإسنادِهِ. وكذلك: الحاكمُ، وأبو نعيمٍ، والرَّامَهُرْمُزِيُّ. وهناك
مرحلةٌ لم يذكرْهَا ابنُ حَجَرٍ، وهي: قبلَ مرحلةِ الكُتُبِ المُسْنَدَةِ،
ولم يَتَعَرَّضْ لها لسببٍ واحدٍ، وهو أنَّ التأليفَ في وقتِهَا لم يَكُنْ
في كُتُبٍ مُسْتَقِلَّةٍ، بمعنى أنَّ مباحثَ علومِ الحديثِ لا توجدُ في
كُتُبٍ مُسْتَقِلَّةٍ؛ إذ أنَّ الرَّامَهُرْمُزِيَّ هو أوَّلُ مَن
كَتَبَهَا في كتابٍ مُسْتَقِلٍّ. ومِن أمثلةِ العلومِ الحديثيةِ المَبْثُوثَةِ ضِمْنَ الكُتُبِ الأخرَى: - مُقَدِّمَةُ (صحيحِ مسلِمٍ) ، تَحَدَّثَ فيها عن بعضِ المباحثِ في علومِ الحديثِ. - ومثلُ (الرسَالَةِ) للشافعيِّ. - ومقدمةُ (الجَرْحِ والتَعْدِيلِ) لابنِ أبي حاتِمٍ. - ومقدمةُ (الكاملِ) لابنِ عَدِيٍّ. - ومقدمةُ (المَجْرُوحِينَ) لابنِ حِبَّانَ. إذًا
يحتاجُ ابنُ الصلاحِ إلى كتابٍ محذوفِ الأسانيدِ، جامعٍ لشَتَاتِ مباحثِ
هذا الفَنِّ، فَعَزَمَ على أنْ يُؤَلِّفَ كتابًا في علومِ الحديثِ، فصارَ
كلَّما جمعَ موضوعًا من الكتبِ السابقةِ أملاهُ على الطلاَّبِ بِحَسَبِ ما
يَتَيَسَّرُ له، ولهذا لم يُرَتِّبْ كتابَهُ الترتيبَ المناسبَ، بحيثُ
يَجْمَعُ ما يَتَعَلَّقُ مثلاً: بالإسنادِ لِوَحْدِهِ، وما يَتَعَلَّقُ:
بالمَتْنِ لِوَحْدِهِ، وما يَتَعَلَّقُ: بالسماعِ والروايةِ لِوَحْدِهِ...
إلخ. وَمُنْذُ
أنْ أَخَرَجَ ابنُ الصلاحِ كتابَهُ وَضَعَهُ العلماءُ على مَحَكِّ
النقْدِ، وهذه مِيزَةٌ قديمةٌ لعلماءِ الأُمَّةِ الإسلاميةِ سَبَقُوا بها
غيرَهُم، بل إنَّ ابنَ الصلاحِ نفسَهُ قد رَاجَعَ كتابَهُ، فله تعليقاتٌ
واستدراكاتٌ تُوجَدُ في بعضِ نُسَخِ كتابِهِ. إذن
كان لابنِ الصلاحِ رَحِمَهُ اللهُ الفضلُ في الابتداءِ في جَمْعِ شَتَاتِ
هذا الفَنِّ مِن هذه الكُتُبِ المُتَفَرِّقَةِ، ولا بُدَّ أنْ يَحْصُلَ له
أشياءُ: منها: ما ذَكَرَهُ ابنُ حَجَرٍ، وهو عَدَمُ الترتيبِ. كما
حصلَ له أخطاءٌ أَلَّفَ العلماءُ لأجْلِهَا كُتُبًا يَنْتَقِدُونَ فيها
كتابَ ابنِ الصلاحِ، وكثيرٌ مما يُنْتَقَدُ على ابنِ الصلاحِ يكونُ الصوابُ
مَعَهُ، وانْتَصَرَ له فيه أَئِمَّةٌ. ومِن الكتبِ التي يُذكَرُ فيها ذلك: وبعضُ
العلماءِ قال: هذا الكتابُ يَصْلُحُ لِطَلَبَةٍ مُتَقَدِّمِينَ في هذا
الفَنِّ؛ إذ إنَّ بعضَ الطلاَّبِ يَحْتَاجُ إلى كتابٍ أَخْصَرَ مِن كتابِ
ابنِ الصلاحِ، فَعَمَدَ بعضُهُم إلى اختصارِ الكتابِ، فاختصرَهُ
النَّوَوِيُّ في (إِرْشَادُ طُلاَّبِ الحقائقِ)، ثم اختصرَ (الإرشادُ) أيضا في (التقْرِيبُ). وَمِمَّن اختصرَ كتابَ ابنِ الصلاحِ: - ابنُ كثيرٍ في (اختصارُ علومِ الحديثِ) . - وابنُ دَقِيقِ العيدُ في كتابِهِ (الاقتراحُ في بيانِ الاصطلاحِ) . - وجاءَ الذهبيُّ فاختصرَ (الاقتراحَ) في (المُوقِظَةِ). وقالَ
بعضُ الأئمَّةِ: إنَّ هذا المَتْنَ منثورٌ، وبعضُ الطلابِ يَصْلُحُ لهم
أنْ يكونَ منظومًا، فَنَظَمَهُ وزادَ عليه مثلُ العراقيِّ والسُّيُوطِيِّ. ثم إنَّ هذه المنظوماتِ، والمختصراتِ تحتاجُ إلى شَرْحٍ، مثلَ (التقريبِ) شَرَحَهُ السيُّوطِيُّ في كتابِهِ (تدريبُ الراوِي)، (وَأَلْفِيَّةِ العراقيِّ) شَرَحَهَا العراقيُّ نفسُهُ، كما شَرَحَهَا السَّخَاوِيُّ. نَفْهَمُ
مِن كُلِّ هذا أنَّ الأَئِمَّةَ بعدَ ابنِ الصلاحِ يَدُورُونَ حولَ هذا
الكتابِ، فَصَارَت التآليفُ بعدَهُ كُلُّهَا تدورُ حولَ هذا الكتابِ، ما
بينَ مُخْتَصِرٍ له، وَشَارِحٍ، وَمُسْتَدْرِكٍ عليه، ونَاقِدٍ له،
وَمُنْتَصِرٍ. وبينَ
ابنِ الصلاحِ، وابنِ حَجَرٍ، قريبٌ مِن مِئَتَيْ سَنَةٍ، اشْتَغَلَ
خلالَها العلماءُ بكتابِ ابنِ الصلاحِ نَظْمًا، واخْتِصَارًا،
وَتَعَقُّبًا؛ لكنَّ الترتيبَ لم يَتَعَرَّضْ له أحدٌ، إذ إنَّ الكُتُبَ
التي خَرَجَتْ في الفترةِ التي بينَ ابنِ الصلاحِ، وبينَ ابنِ حَجَرٍ،
تَسِيرُ على ترتيبِ ابنِ الصلاحِ في الغالِبِ، فَلَمَّا جاءَ ابنُ حَجَرٍ
قامَ بترتيبِ المباحثِ الحديثيةِ في هذا الكتابِ (نُخْبَةُ الفِكَرِ). - إذًا فَمِيزَةُ هذا الكتابِ، إعادةُ الترتيبِ. - وفي حجمٍ لطيفٍ. -
قامَ بتحريرِ مصطلحاتِ علومِ الحديثِ، بحيثُ إنَّ مَن جاءَ بعدَ ابنِ
حَجَرٍ اعْتَمَدَ كلامَهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - في التعاريفِ، بل وحتى في
الأمثلةِ أحيانًا. والكتبُ التي أُلِّفَتْ في المُصْطَلَحِ بعدَ ابنِ حَجَرٍ: منها: ما أُلِّفَ على ترتيبِهِ، وهذه غالبُهَا. ومنها: ما أُلِّفَ على ترتيبِ ابنِ الصلاحِ، وهذا له سَبَبٌ؛ فالسَّخَاوِيُّ مثلاً مِن تلامذةِ ابنِ حَجَرٍ، وله كتابٌ اسْمُهُ (فَتْحُ المُغِيثِ) ؛ لَكِنَّهُ يَشْرَحُ الألفيَّةَ، وَصَاحِبُهَا مِن شُيُوخِ ابنِ حَجَرٍ؛ فطبيعيٌّ أنْ يكونَ ترتيبُ (فتحِ المُغِيثِ) على ترتيبِ ابنِ الصلاحِ. وكذلكَ:السيُوطِيُّ في (تدريبُ الراوي) الذي يَشْرَحُ فيه كتابَ (التقريبِ) لِلنَّوَوِيِّ. ومِن المعاصرينَ مَن اقْتَرَحَ ترتيبًا مِن عندهِ هو، ولم يُشَارِكِ ابنَ الصلاحِ، ولا ابنَ حَجَرٍ، مِنهم أبو شُهْبَةَ في كتابِ (الوَسِيطُ في علومِ الحديثِ) ، وَعَجاجُ الخطيبُ في (علومُ الحديثِ ومُصْطَلَحُهُ)، وكُتُبٍ أُخْرَى، والخلافُ في كُلِّ هذه الكتبِ إنَّمَا يكونُ في الترتيبِ، والبَسْطِ، والاختصارِ.
جُزْءاً سَمَّاهُ (مَا لاَ يَسَعُ الْمُحَدِّثَ جَهْلُهُ).
- عَدَمُ تحريرِ موضوعٍ وَفَصْلُهُ عن موضوعٍ آخَرَ.
- وَمقدمةُ (الصحيحِ) لَهُ.
-ومنها أيضًا: (عِلَلُ الإمامِ أحمدَ).
- و(عِلَلُ ابنِ الْمَدِينِيِّ).
- و(العِلَلُ الصغيرُ) للترمذِيِّ.
- و(العِلَلُ الكبيرُ) له أيضًا.
فهذه كُتُبٌ فيها علومُ الحديثِ، لكنَّها ليستْ كُتُبًا مُسْتَقِلَّةً، لهذا فإنَّ ابنَ حَجَرٍ ابْتَدَأَ بِذِكْرِ أوَّلِ مَن
دَوَّنَ كتابًا مُسْتَقِلاً في هذا الفَنِّ، وَتَرَكَ تلكَ المرحلةَ، وهي
مَرْحَلَةٌ لا تَقِلُّ أهميةً عن المرحلةِ التي تَلَتْهَا.
-
ثم جاءَ ابنُ الصلاحِ، وبدأَ مرحلةً ثالثةً في علومِ الحديثِ، فجمَعَ
لَمَّا وُلِّيَ تَدْرِيسَ الحديثِ بالمدرسةِ الأشرفيَّةِ كتابَهُ المشهورَ،
والحافظُ لم يُسَمِّهِ؛ لأَنَّهُ مشهورٌ، ولأنَّ ابنَ الصلاحِ لم يُطْلِقْ
عليهِ اسمًا في دِيبَاجَتِهِ للكتابِ، وقد سَمَّاهُ في كتابٍ آخَرَ لَهُ (مَعْرِفَةُ علومِ الحديثِ)، واشْتَهَرَ الكتابُ (بمقدمةِ ابنِ الصلاحِ)، ويُعْرَفُ أيضًا (بعلومِ الحديثِ)،
وقد تَولَّى ابنُ الصلاحِ رَحِمَهُ اللهُ تدريسَ الحديثِ بالمدرسةِ
الأشرفيَّةِ؛ فأرادَ أنْ يجعلَ مقدمةً في علومِ الحديثِ، لَكِنَّهُ نَظَرَ
في الكُتُبِ التي قبلَهُ، فَوَجَدَهَا لا تَصْلُحُ لِتَقْرِيرِهَا على
طُلاَّبِهِ؛ وذلِكَ لأنَّ:-الكُتُبَ مُسْنَدَةٌ، فَيَحْصُلُ مع الإسنادِ
طولٌ في الكتابِ، إضافةً إلى سَبَبٍ آخَرَ للطولِ؛ وهو التَّكرارُ، بمعنى
أنَّ النصَّ الواحدَ يُكَرَّرُ عن أكثرَ مِن إمامٍ؛ لأَنَّهُ سَيَذْكُرُهُ عن كُلِّ إمامٍ مُسْنَدًا.
-أنَّ علومَ الحديثِ مُتَفَرِّقَةٌ في مجموعِ هذه الكُتُبِ.
- (نُكَتُ الزَّرْكَشِيِّ).
- (ونُكَتُ العِرَاقِيِّ) ، ويُسَمَّى (التقْيِيدُ والإِيضَاحُ).
- (وَنُكَتُ ابنِ حَجَرٍ) وغيرُهَا، وفاتَهُ أشياءُ ذَكَرَهَا العلماءُ بعدَهُ، وهذا ما يُسَمُّونَهُ (الاستدراكَ).فلو قَارَنْتَ مثلاً بينَ كتابِ ابنِ الصلاحِ، وكتابِ (فَتْحُ المُغِيثِ) للسَّخَاوِيِّ،
أو للعِرَاقِيِّ؛ لَوَجَدْتَ أنَّ هناك مباحثَ أَغْفَلَهَا ابنُ الصلاحِ؛
فَيُضِيفُونَ عليه ما رَأَوْا أَنَّهُ قد فاتَهُ.
مِن الطُّرُقِ المُتَّبَعَةِ في شَرْحِ المُتُونِ:
- أنْ يقومَ الشارحُ بِذِكْرِ النِّقَاطِ المُرَادِ شَرْحُهَا وَجَعْلِهَا كَعَنَاوِينَ، ثم يَشْرَحُهَا شَرْحًا مُجْمَلاً، وهذه الطريقةُ مثلُ: كتابِ (المُغْنِي) في شرحِ (مُخْتَصَرُ الْخِرَقِيِّ).
وَطَرِيقَتُهُ أنْ يقولَ:
قولُهُ (………) ثم يَنْفَصِلُ عنه وكأَنَّهُ يُؤَلِّفُ كِتَابًا مِن عندِهِ، وهذه الطريقةُ تُسَمَّى في الوَقْتِ الحاضِرِ: الشرحَ المَوْضُوعِيَّ، وهذه الطريقةُ مَعْرُوفَةٌ، ولها مَزَايَا، وهي تُعْطِي للمؤلفِ حُرِّيَّةً بحيثُ يَكْتُبُ دونَ ارتباطٍ بالألفاظِ، وبهذا يكونُ غيرَ مُقَيَّدٍ بالنسبةِ للألفاظِ.
- وهناك طريقةٌ ثانيةٌ في الشرحِ، وهي أنْ يَجْعَلَ المَتْنَ في وسطِ الشرْحِ، فَيَتَكَلَّفُ الشارحُ بأَنْ يَجْعَلَ المَتْنَ، والشرْحَ، كأَنَّهُ كتابٌ واحِدٌ، مثلَ:(فتْحُ المُغِيثِ) في شرْحِ ألفِيَّةِ العِرَاقِيِّ، وهذه الطريقةُ تُقَيِّدُ الشارِحَ كثيرًا.
ولو أنَّ السَّخَاوِيَّ أَلَّفَ كتابَ (فتحِ المُغِيثِ) ابتداءً بدلاً مِن أنْ يشرحَ الألفيَّةَ، ويَتَقَيَّدَ بألفاظِ العِرَاقِيِّ لكان أَحْسَنَ سَبْكًا، وَأَحْسَنَ عِبَارَةً. فمع
ما في هذا الكتابِ مِن معلوماتٍ قَيِّمَةٍ بحيثُ يُعْتَبَرُ -في نَظَرِي-
أَفْضَلَ كِتَابٍ في علومِ الحديثِ، إلاَّ أنَّ مُشْكِلَتَهُ تَكْمُنُ في
صعوبةِ العبارةِ، وصعوبتُهَا جاءتْ مِن اتِّبَاعِهِ وحِرْصِهِ على
التَّقَيُّدِ بألفاظِ صاحبِ المَتْنِ.
إضافةً إلى أنَّ أسلوبَ السَّخَاوِيِّ نفسَهُ، كان فيهِ شيءٌ مِن الصعوبَةِ.
- وابنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ اختارَ الطريقةَ الثانيةَ، وهي طريقةُ دَمْجِ المَتْنِ بالشرْحِ.
قَالَ ابنُ حَجَرٍ: الخبرُ عندَ علماءِ هذا الفنِّ:
- مرادفٌ للحديثِ.
- وَقِيلَ:الحديثُ: ما جاءَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
- والخبرُ: ما جاءَ عن غيرِهِ.
ومِنْ ثَمَّ قِيلَ لِمَنْ يَشْتَغِلُ بِالتَّوَارِيخِ وَمَا شَاكَلَهَا (الأَخْبَارِيُّ) ، وَلِمَنْ يَشْتَغِلُ بِالسُّنَّةِ النبويةِ (الْمُحَدِّثُ). - وَقِيلَ:بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، فكلُّ حديثٍ خَبَرٌ مِن غيرِ عَكْسٍ. وَعَبَّرْتُ هُنَا بالخبرِ لِيَكُونَ أَشْمَلَ.
الشرح:
شَرَعَ الحافظُ في شرحِ كلمةِ (الخَبَرِ) التي جاءتْ في المَتْنِ، فَيَقُولُ: (إِنَّهُ مُرَادِفٌ للحديثِ عندَ علماءِ هذا الفَنِّ، أي: أنَّ كِلَيْهِمَا فيمَا وَرَدَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم ذَكَرَ قولاً آخَرَ: وهو أنَّ الحديثَ: ما جاءَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والخبرُ:ما جاءَ عن غيرِهِ، وهذا القولُ الثاني هو الأَغْلَبُ، والمُتَبَادِرُ عندَ الإطلاقِ.
فعندَما نَقُولُ: هذا الحديثُ صحيحٌ، فَيُرَادُ به ما جاءَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنَّ هذا لا يَعْنِي أنَّ كلمةَ (الحديثِ) لا تُسْتَعْمَلُ في غيرِ ما جاءَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَتَجِدُ الأَئِمَّةَ السابقينَ -ونحنُ نَتَكَلَّمُ عن اصطلاحِهِم- يقولون عَمَّا جاءَ عن ابنِ مسعودٍ: هذا الحديثُ لا يَصِحُّ، وَمُرَادُهُم بهِ أَنَّهُ لا يَصِحُّ مِن كلامِ ابنِ مسعودٍ، لَكِنَّ الاصطلاحَ العامَّ أنْ يُرَادَ بالحديثِ ما جاءَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ويُرَادُ بالخبرِ في الأغلبِ: ما جاءَ عن غيرِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كما يُقَالُ: فلانٌ أَخْبَارِيٌّ، مَعْنَاهُ: أَنَّهُ رَاوِيَةٌ للأخبارِ والتي تكونُ في الغالبِ غيرَ أحاديثَ، وليس مَعْنَى هذا أنَّ الخبرَ لا يُسْتَعْمَلُ فيما جاءَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل يُسْتَعْمَلُ كثيرًا، ولا سِيَّمَا في كلامِ بعضِ الأَئِمَّةِ مثلَ: الشَّافِعِيِّ، وابنِ خُزَيْمَةَ، وتلميذِهِ ابنِ حِبَّانَ؛ فهؤلاء أَكْثَرُوا مِن استعمالِ (الخبرِ).ثم ذَكَرَ ابنُ حَجَرٍ قولاً ثالثًا: فقالَ: (وقِيلَ بينَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، فكُلُّ حديثٍ خبرٌ مِن غيرِ عَكْسٍ) وهذا القولُ ليس قويًّا، إذا ذَكَرْتَ أَنَّهُ في استعمالِ المُتَقَدِّمِينَ تُسْتَخْدَمُ كَلَمَةُ (الحديثِ) فيما رُوِيَ عن غيرِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَكِنْ في الغالبِ يُسْتَعْمَلُ (الحديثُ) فيما رُوِيَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
والذي يُحَدِّدُ المرادَ: سِيَاقُ الكلامِ، فقد تَقْرَأُ في بعضِ المختصراتِ أنَّ (الحديثَ): ما جاءَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فلأَنَّهُ مُخْتَصَرٌ فهو لا يُرِيدُ أنْ يَذْكُرَ أقوالاً أُخْرَى، وإذا قَرَأْتَ في كتابٍ ما أنَّ الإمامَ أحمدَ مثلاً قال: هذا حديثٌ صحيحٌ، مع أَنَّهُ مَرْوِيٌّ عن صحابيٍّ فإنَّكَ تَجِدُ تَنَاقُضًا بينَ ما يُطَبَّقُ عَمَلِيًّا، وبينَ ما قَرَأْتَهُ في كتبِ المصطلحِ.
مِن أجلِ القولِ الثالثِ: هذا قالَ ابنُ حَجَرٍ (وَعَبَّرْتُ هنا بالخبرِ لِيَكُونَ أَشْمَلَ).
فهنا شَيْءٌ مُهِمٌّ بالنسبةِ لعلومِ الحديثِ، يظهرُ مِن اختيارِ ابنِ حَجَرٍ لكلمةِ (الخبرِ) لأنَّ الخبرَ الآنَ يَشْمَلُ ما جاءَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وما جاءَ عن غيرِهِ، وفعلَ ذلك لِيَكُونَ أَشْمَلَ.
ومُرَادُهُ
مِن هذا أنَّ هذا العلمَ، وإنْ كان يُسَمَّى علومَ الحديثِ؛ إلاَّ أَنَّهُ
يُطَبَّقُ أيضًا على كُلِّ ما وَرَدَ بالأسانيدِ، وهذا أَمْرٌ وَاقِعٌ،
فالأَئِمَّةُ نَقَدُوا ما جاءَ عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّم،َ وما جاءَ عن الصحابةِ والتابعينَ، بل نَقَدُوا الأخبارَ العامةَ
أيضًا. وفي
العصرِ الحاضرِ تقومُ دراساتٌ تَهْدِفُ إلى إعادةِ كتابةِ التاريخِ وَفْقَ
مَنْهَجِ الْمُحَدِّثِينَ، وهناكَ جهودٌ قائمةٌ الآنَ لا سِيَّمَا في
السيرةِ النبويَّةِ، وسِيرَةِ الخلفاءِ الراشدينَ، يَتَوَلاَّهَا قِسْمُ
السُّنَّةِ في الجامعاتِ المختلفةِ، كالجامعةِ الإسلاميةِ بالمدينَةِ؛
قِسْمُ التاريخِ فيها، وَفْقَ خُطَّةٍ شَامِلَةٍ يَرْعَاهَا بعضُ
الباحثينَ، لا سِيَّمَا دكتورُ أكرمَ الْعُمَرِيِّ الباحِثِ المشهورِ. والمشكلةُ أنَّ كثيرًا مِن المؤرخينَ إمَّا ضعفاءُ مُتَّهَمُونَ عندَ أهْلِ الحديثِ:
مثلَ:أبي بَكْرٍ الْهُذَلِيِّ.
أو شِيعَةٌ هَالِكُونَ مثلَ:لُوطِ بنِ يحيى؛ فيَحْتَاجُ التاريخُ إلى دراسةِ ما كُتِبَ عن عصرِ الخلفاءِ الراشدينَ ومَن بعدَهُم على ضوءِ قواعدِ علومِ الحديثِ).
شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: (بِسْمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ 1-لأنه أَشْرَفُ العُلومِ. 2-ولأنَّ أَهْلَه هُم الذين أَصْبَحُوا مَصابيحَ الدُّجَى، فلو نَظَرْنَا إلى الأَئِمَّةِ الأربعةِ نَجِدُ أنَّ ثلاثةً مِنهم مِمَّنِ اشْتَهَروا بالْحَدِيثِ. فالإمامُ مالِكٌ كتابُه (الْمُوَطَّأُ) مَليءٌ بالأحاديثِ. والإمامُ الشافعيُّ كِتابُه (الأُمُّ) مَليءٌ بالأحاديثِ التي يَسُوقُها بسَنَدِهِ، وهكذا كتابُه (الرِّسالةُ)،
وقامَ أحَدُ تَلاميذِهِ، فألَّفَ مُسْنَداً للشافعيِّ استَخْلَصَه مِن
الأحاديثِ التي يَرْوِيهَا في كُتُبِه، وأَصْبَحَ الكتابُ مَشهوراً
بمسْنَدِ الشافعيِّ، وهذا كتابُ (السُّنَنِ). وأمَّا الإمامُ أحمدُ فَهُوَ قِمَّةُ أهْلِ الْحَدِيثِ، ولا يُعْرَفُ أنَّ الإمامَ أحمدَ كَتَبَ حَرْفاً واحداً في
الفِقْهِ، مع العلْمِ أنه مَحسوبٌ في عِدَادِ الفُقهاءِ، وكان يَنْهَى
تَلاميذَه عن كِتابةِ الرَّأْيِ، ويَحُثُّهُم على كِتابةِ الْحَدِيثِ. فضْلُ أهلِ الْحَدِيثِ: هُمُ
الذينَ جَهَّزُوا الْجِهازَ، وأَعَدُّوا الْعُدَّةَ لكُلِّ مَن أَرادَ أنْ
يَخْدُمَ عُلومَ الإسلامِ على شَتَّى صُنُوفِها؛ فالْمُفَسِّرُ لا
يَسْتَغْني عن الْحَدِيثِ، والفقيهُ لا يَستغنِي عن الْحَدِيثِ،
والأُصُولِيُّ لا يَستغنِي عن الْحَدِيثِ، والمؤَرِّخُ لا يَستغنِي عن
الْحَدِيثِ. بل لا يَستغنونَ عن مُصطَلَحِ الْحَدِيثِ؛ فالمفَسِّرُ يُفَسِّرُ القرآنَ: -بكتابِ اللهِ، وبسُنَّةِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ. - ثم بأقوالِ الصحابةِ. - ثم بأقوالِ التابعينَ. فلو
نَظَرْنَا إلى ما جاءَ عن النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وما جاءَ عن
الصَّحابةِ، وإذا به لا بُدَّ أن يكونَ مَرْوِيًّا بالسنَدِ، وهكذا
السنَدُ إمَّا أنْ يَصِحَّ، وإمَّا أن لا يَصِحَّ؛ فإنْ صَحَّ السنَدُ فلا
يُمْكِنُ الحكْمُ على الْحَدِيثِ، أو الأَثَرِ بالصِّحَّةِ؛ إلا مِن إجراءِ
علْمِ مُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ.
مُقَدِّمَةٌ فِي عِلْمِ الْحَدِيثِ
لِمَاذَا نَطْلُبُ علْمَ الْحَدِيثِ؟
نَطْلُبُ علْمَ الْحَدِيث:
ولو مُيِّزَتِ الأحاديثُ والآثارُ صحيحُها مِن سَقِيمِها، لتَقَلَّصَتْ دائرةُ الخِلافِ إلى حَدٍّ كبيرٍ جِدًّا؛ لأنَّ ما لا تَصِحُّ نِسْبَتُهُ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو إلى أصحابِه، أو إلى تابِعِيٍّ، هو الذي يُشَكِّلُ كَثيراً مِن الخِلافِ دائماً.
بدايةُ التأليفِ في عِلْمِ مُصْطَلَحِ الْحَدِيثِ:
1-الإمامُ مسلِمٌ في (مُقَدِّمَةِ صَحِيحِهِ) وهي مِن أوائلِ ما كُتِبَ في علْمِ مصْطَلَحِ الْحَدِيثِ، لكنها لم تَشْمَلْ جميعَ الجوانِبِ، وإنما شَمِلَتْ جوانبَ عَديدةً، وهي بصِفَةِ النقْلِ بالسنَدِ عن الأَئِمَّةِ لبَعْضِ قَواعدِ الْمُصْطَلَحِ؛ فمَثلاً عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ في مناقَشَتِهِ للطَّالقَانِيِّ في الْحَدِيثِ الذي ذُكِرَ في الصدَقَةِ، والصيامِ وغيرِ ذلك:
قالَ له عبدُ اللهِ بنُ المبارَكِ: يا أبا إسحاقَ، عَمَّنْ هذا؟
قالَ: قلتُ له: هذا مِن حديثِ شِهابِ بنِْ خِرَاشٍ.
فقالَ: ثِقَةٌ: عَمَّنْ؟
قالَ: قلتُ: عن الْحَجَّاجِ بنِ دِينارٍ.
قالَ: ثِقَةٌ: عمَّنْ؟
قالَ: قلتُ: قالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قالَ: يا أبا إسحاقَ، إنَّ بينَ الْحَجَّاجِ وبينَ دِينارٍ وبينَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مَفَاوِزَ تُقْطَعُ فيها أعناقُ الْمَطِيِّ.
ولكن ليس في الصَّدَقَةِ اختلافٌ؛ فهو يُبَيِّنُ في هذا الأَثَرِ ضَرورةَ اتِّصالِ السنَدِ.
وذلك كلامُه في عَبَّادِ بنِ كثيرٍ، وذلك أنَّ عبدَ اللهِ بنَ المبارَكِ قالَ: قلتُ لسُفيانَ الثَّوْرِيِّ: إنَّ عبَّادَ بنَ كثيرٍ مَن تَعْرِفُ حالَه، وإذا حَدَّثَ جاءَ بأَمْرٍ عظيمٍ، فتَرَى أن أقولَ للناسِ: لا تَأْخُذُوا عنه؟
قالَ سُفيانُ: بلى.
قالَ عبدُ اللهِ: فكنتُ إذا كنتُ في مَجْلِسٍ ذُكِرَ فيه عَبَّادٌ أَثْنَيْتُ عليه في دِينِهِ، وأقولُ: لا تَأْخُذُوا عنه. (مسلم 1/17).
2-الإمامُ التِّرْمِذِيُّ، سواءٌ في كتابِه (العِلَلُ) ، أو في تَعقيباتِه على بعضِ الأحاديثِ، كلُّ ذلك يُعتَبَرُ مِن القواعِدِ في الاصْطِلاَحِ.
ومِن أَمْثِلَةِ ذلك:وَصْفُهُ الْحَدِيثَ الحسَنَ في آخِرِ كتابِه (الجامعُ) بقولِه: والحسَنُ عندَنا: كلُّ حديثٍ يُرْوَى لا يكونُ في إسنادِه مَن يُتَّهَمُ بالكَذِبِ، ولا يكونُ الْحَدِيثُ شاذًّا، ويُرْوَى مِن غيرِ وجهٍ.(تُحْفَةُ الأَحْوَذِيِّ 10/519).
3-عبدُ الرحمنِ بنُ خَلاَّدٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ، وهو أوَّلُ مَن أَفْرَد علْمَ المصْطَلَحِ بالتصنيفِ في كتابِه (الْمُحَدِّثُ الفاصِلُ بينَ الرَّاوِي والوَاعِي) ، الْمُتَوَفَّى سنةَ 360هـ.
4-أبو عبدِ اللهِ الحاكمُ، في كتابِه (مَعْرِفَةُ علومِ الْحَدِيثِ) ، وقد بَسَطَ الأمورَ أكثرَ مِن الرَّامَهُرْمُزِيِّ.
5-أبو نُعيمٍ الأَصْبَهَانِيُّ، فقد عَمِلَ مُسْتَخْرَجاً على كتابِ الحاكِمِ.
6-الخطيبُ الْبَغْدَادِيُّ،وهو الذي خَدَمَ علْمَ المصطَلَحِ خِدْمَةً لا مَثيلَ لها، وقَلَّ أنْ يكونَ بابٌ في الْمُصْطَلَحِ؛ إلا وللخطيبِ البَغْدَادِيِّ فيه تَصنيفٌ مُسْتَقِلٌّ.
7-ابنُ الصَّلاَحِ،وقد أَلَّفَ كِتاباً مَشهوراً عُرِفَ (بِمُقَدِّمَةِ ابنِ الصلاحِ) وهو الذي أَصْبَحَ عُمدةً لِمَنْ جَاءَ بَعْدَه؛ لأنه جَمَعَ أنواعَ عُلومِ الْحَدِيثِ وجَعَلَها على أنواعٍ، وتَكَلَّمَ على كلِّ نَوْعٍ، فكلُّ مَن جاءَ بعدَه فهو: إمَّا مُخْتَصِرٌ، أو ناظِمٌ، أو شارِحٌ لنَظْمٍ، أو شارحٌ لاختصارٍ.
فمَثلاً النَّوَوِيُّ -رَحِمَه اللهُ- اختَصَرَ (مُقَدِّمَةَ ابنِ الصلاحِ) في كتابِه (التقريبُ)، ثم جاءَ بعدَه السُّيُوطِيُّ فشَرَحَ التقريبَ في (تَدْرِيبُ الرَّاوِي) .
والعراقيُّ-رَحِمَه اللهُ- نَظَمَ مَنْظُومَةً في (مُقَدِّمَةِ ابنِ الصلاحِ) المعروفةََ (بأَلْفِيَّةِ العراقيِّ) ، ثم شَرَحَ هذه الْمَنظومةَ في كتابِه (فَتْحُ الْمُغِيثِ) .
وللعراقيِّ تَقْيِيداتٌ على ابنِ الصلاحِ في كتابٍ سَمَّاهُ (التقييدُ والإيضاحُ) .
ثم جاءَ بعدَه ابنُ حَجَرٍ؛ فوَجَدَ أنَّ هنالِكَ بعضَ الاِسْتِدْرَاكَاتِ على ابنِ الصلاحِ وعلى شَيْخِه العراقيِّ؛ فأَلَّفَ كتابَه (النُّكَتُ) .
كتابُ (نُخْبَةِ الفِكَرِ) للحافظِ ابنِ حَجَرٍ: هذا الكتابُ على تَبْوِيبِ ابنِ الصلاحِ مع التقديمِ، والتأخيرِ الذي عَمِلَهُ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ اجتهاداً منه، وهي تُشَكِّلُ عُصَارَةَ ذِهْنِ الحافظِ ابنِ حَجَرٍ في اختيارِه الراجِحَِ مِن الأقوالِ في مَسائلِ المصطَلَحِ، حتى ولو كان فيها شيءٌ مِن الخِلافِ.
-وشَرَحَ هذه النُّخْبَةَ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ في كتابِه (نُزْهَةُ النَّظَرِ) ، وهو شرْحٌ مُوجَزٌ جَيِّدٌ، ومِن أفْضَلِ الطَّبْعَاتِ التي طُبِعَ بها الكتابُ ما حَقَّقَها الشيخُ عليُّ بنُ حسنِ بنِ عبدِ الحميدِ، وتَتَمَيَّزُ هذه الطبعةُ بضَبْطِها.
(1)قولُه: (الْحَمْدُ للهِ) وذلك لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كان يَفْتَتِحُ خُطَبَه وكلامَه دائماً بقولِه:
((إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ... إلخ))، فهذا يَدُلُّ على مَشروعِيَّةِ الافتتاحِ بالحمْدِ.
(2)قَوْلُه: (أَمَّا بعدُ: فإنَّ التصانيفَ في اصطلاحِ أهْلِ الْحَدِيثِ قد كَثُرَتْ وبُسِطَتْ واخْتُصِرَتْ) يَقْصِدُ -رَحِمَه اللهُ- ما أُلِّفَ مِن الكُتُبِ الْمُتقدِّمَةِ التي سَبَقَ الكلامُ عنها.
(3)قَـْولُه: (فَسَأَلَنِي بعضُ الإِخوانِ أنْ أُلَخِّصَ له الْمُهِمَّ مِن ذلك، فأَجَبْتُهُ إلى سؤالِه؛ رَجاءَ الاِندراجِ في تلك الْمَسَالِكِ) فمِن جُملةِ مَن سَأَلَ الحافظَ ابنَ حَجَرٍ: الزَّرْكَشِيُّ، وهو أحَدُ تلاميذِه.
(4)قولُه: (فأقولُ: الْخَبَرُ).
تعريفاتٌ:
أ-تعريفُ الْحَدِيثِ: ما رُوِيَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن قولٍ، أو فعْلٍ، أو تَقريرٍ، أو صِفةٍ خَلْقِيَّةٍ أو خُلُقِيَّةٍ، أو سِيرةٍ.
ب -تعريفُ الخبرِ: له ثلاثُةُ تَعريفاتٍ:
1-مِن العُلماءِ مَن قالَ: إِنَّ الخبَرَ مُرَادِفٌ للحديثِ؛ أيْ: أنَّ الخبَرَ: ما يُرْوَى عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ مِن قَوْلٍ، أو فِعْلٍ، أو تَقريرٍ، أو صِفَةٍ خَلْقِيَّةٍ أو خُلُقِيَّةٍ، أو سِيرةٍ.
2-ومِن العُلماءِ مَن قالَ: الخبَرُ أعَمُّ مِن الْحَدِيثِ؛فالْحَدِيثُ: ما جاءَ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والخبَرُ: ما جاءَ عنه وعن غَيْرِه، وعليه فكلُّ حديثٍ خَبَرٌ، وليس كلُّ خَبَرٍ حَديثاً.
3-مِن العُلماءِ مَن قالَ: الْحَدِيثُ ما يُرْوَى عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ.
والخبرُ:ما يُرْوَى عن غيرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وعلى هذا فهو مُغَايِرٌ للحديثِ.
ج -تعريفُ الأثَرِ: له تَعريفانِ:
1-مِن العُلماءِ مَن قالَ: إنه مُرَادِفٌ للحديثِ.
2-مِن العُلماءِ مَن قالَ: الأثَرُ هو ما يُرْوَى عن الصَّحَابِيِّ والتابعيِّ فَقَطْ.
(5)قولُه: (إمَّا أن يكونَ له طُرُقٌ) المرادُ بالطرُقِ:
الأسانيدُ.
تعريفُ الإسنادِ:ذَكَرَ العُلماءُ له تَعريفينِ:
1-ما ذَكَرَهُ الحافظُ في (شَرْحِ النُّخْبَةِ) : هو حِكايةُ طريقِ الْمَتْنِ.
بمعنى: عَزْوُ الْحَدِيثِ إلى قائلِه مُسْنَداً، (إلى قائلِهِ) يعني: النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ.
2-الإسنادُ هو: سِلسلةُ رِجالِ الإسنادِ الْمُوصِلَةُ إلى الْمَتْنِ.
وبهذا التعريفِ يكونُ تعريفُ الإسنادِ والسَّنَدِ بمعنًى واحدٍ.
فالسنَدُ:هو سِلسلةُ رِجالِ الإسنادِ الْمُوصِلَةُ إلى الْمَتْنِ.
تعريفُ الْمَتْنِ:هو ما يَنْتَهِي إليه السنَدُ مِن الكلامِ.
والخبرُ أَيًّا كانَ سواءٌ عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أو عمَّنْ قَبْلَه، أو عن الصَّحَابَةِ، أو عن التابعينَ- إمَّا أنْ يَرِدَنَا بإسنادٍ، أو بلا إسنادٍ.
وإذا كان ليس له إسنادٌ؛ فهذا لا يَهْتَمُّ به الْمُحَدِّثُونَ.
وإذا كان له إسنادٌ، فإمَّا أنْ يكونَ له إسنادٌ واحدٌ، أو إسنادانِ، أو له أكثَرُ مِن إِسْنَادَيْنِ؛ ثلاثةٌ فأَكْثَرَ، وهذه الكَثرةُإمَّا أن تكونَ مَحصورةً بعَدَدٍ مُعَيَّنٍ، أو ليستْ مَحصورةً بعَدَدٍ مُعَيَّنٍ).
العناصر
تعريفات مهمة
تعريف الحديث
تعريف الخبر
الفرق بين (الخبر) و(الحديث)
تعريف الأثر
تعريف المتن
تعريف (السند)
تعريف الإسناد
الفرق بين (السند) و(الإسناد)
تعريف المسنَد بفتح النون
ألقاب أهل الحديث
تاريخ التصنيف في علم المصطلح
كلام السلف في علوم الحديث كان منثوراً
مقدمة مسلم من أول ما كتب في المصطلح
مناقشة عبد الله بن المبارك لشهاب بن خراش
استفتاء ابن المبارك للثوري في القدح في عباد بن كثير
كلام الإمام الترمذي في المصطلح
الرامهرمزي أول من أفرد علم المصطلح بالتصنيف
ترجمة الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي
يأتي بعده كتاب (معرفة علوم الحديث) للحاكم
ما يتميز به كتاب الحاكم في علوم الحديث
ثم جاء بعده أبو نعيم الأصبهاني، فعمل مستخرجاً على كتاب الحاكم
ثم جاء بعده الخطيب البغدادي فأكثر من التصنيف في علوم الحديث
(مقدمة ابن الصلاح) عمدة من جاء بعده
عناية العلماء (بمقدمة ابن الصلاح)
أهمية كتاب (النكت على ابن الصلاح) لابن حجر
التعريف بنخبة الفكر
سبب تأليف الحافظ (النخبة)
أهمية متن (نخبة الفكر)
منهج الحافظ في (النخبة)
سبب تأليف الحافظ للشرح
التسلسل الصحيح في دراسة علم المصطلح
أهمية استغلال الوقت فيما ينفع
كثرة مصنفات العلماء المشهورين دليل على عدم تضييعهم لأوقاتهم
ذم تضييع الأوقات فيما لا يجدي
حاجة الداعية إلى طلب العلم الشرعي
لماذا نطلب علم الحديث؟
علم الحديث من أشرف العلوم
عناية الأئمة الأربعة بعلم الحديث
فضل أهل الحديث
حاجة المشتغلين بعلوم الشريعة إلى علم الحديث
حاجة المفسر إلى علم الحديث
أهمية معرفة الإسناد للمفسر
حاجة الفقيه إلى علم الحديث
ذم التقليد الأعمى
حاجة الأصولي إلى علم الحديث
حاجة المؤرخ إلى علم الحديث
أمثلة لبعض القصص التي اشتهرت مع بطلانها
قصة تحكيم الحكمين
أوجه بطلان هذه القصة
فيها نسبة الخديعة والمكر بالباطل للصحابة رضي الله عنهم
معاوية لم يطالب بنتيجة التحكيم
انطلت هذه القصة على الذين لا يميزون صحيح الأخبار من سقيمها
ذكر الصحيح في هذه القصة وهو رواية حضين بن المنذر - رحمه الله -
تصحيح الدارقطني لرواية حضين بن المنذر
كتب التاريخ مليئة بالأكاذيب والدواهي
قصة استباحة المدينة في عهد يزيد بن معاوية
حادثة إحراق الكعبة لم تكن بالصورة التي تصورها كتب التاريخ
هذه القصة وغيرها كثير مما أدخله الروافض في كتب التاريخ
قصد الروافض من ذلك تشويه صورة الدولة الأموية
كثرة الفتوحات الإسلامية في عهد الدولة الأموية
ذكر بعض مؤرخي الرافضة
العداء بين الروافض والدولة الأموية
أهمية تمحيص التاريخ من الأكاذيب والأخبار الواهية
الإسناد من خصائص الأمة المحمدية
الدعاة والمصلحون في تاريخ الأمة الإسلامية معظمهم برزوا في علم الحديث
عناية الأئمة المحدثين بدراية الأحاديث وفقهها
الشافعي - رحمه الله - من فقهاء المحدثين
فقه البخاري - رحمه الله -
ذم احتقار المحدثين
الصراع العقيم بين المحدثين والفقهاء
القصة التي ذكرها الخطيب البغدادي عن يحيى بن صاعد لا تصح
الأسئلة
س1: عرف (الحديث) لغة واصطلاحاً.
س2: ما الفرق بين (الخبر) و (الحديث)؟
س3: عرف (الأثر) لغة واصطلاحاً.
س4: ما الفرق بين (الحديث) وبين (السنة)؟
س5: عرف (المتن) اصطلاحاً وما سبب تسميته بذلك؟
س6: عرف (السَّنَد) لغة واصطلاحاً وما الفرق بينه وبين (الإسناد)؟
س7: عدد إطلاقات المسند.
س8: ما الفرق بين (الحافظ) و (المحدث)؟
س9: علم الحديث ينقسم إلى قسمين؛ اذكرهما.
س10: تحدث باختصار عن تاريخ التصنيف في علم المصطلح.
س11: تحدث عن عناية العلماء بمقدمة ابن الصلاح.
س12: ما سبب تأليف الحافظ ابن حجر -رحمه الله- للنخبة؟
س13: بين بإيجاز أهمية هذا الكتاب في هذا العلم.
س14: بين منهج الحافظ في النخبة.
س15: اذكر شروح النخبة.
س16: تحدث باختصار عن فضل علم الحديث.
س17: ما صحة قصة تحكيم الحكمين بين علي ومعاوية رضي الله عنهما؟
س18: تحدث عن أهمية تمحيص التاريخ من الأكاذيب والأخبار الواهية.
س19: بين بإيجاز عناية الأئمة المحدثين بدراية الأحاديث وفقهها.