الدروس
course cover
الموضوع
25 Oct 2008
25 Oct 2008

4228

0

0

course cover
شرح نخبة الفكر

القسم الثالث

الموضوع
25 Oct 2008
25 Oct 2008

25 Oct 2008

4228

0

0


0

0

0

0

0

الموضوع

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (ثُمَّ الطَّعْنُ: إِمَّا أَنْ يَكُونَ لِكَذِبِ الرَّاوِي، أَوْ تُهْمَتِهِ بِذَلِكَ، أَوْ فُحْشِ غَلَطِهِ، أَوْ غَفْلَتِهِ، أَوْ فِسْقِهِ، أَوْ وَهَمِهِ، أَوْ مُخَالَفَتِهِ، أَوْ جَهَالَتِهِ، أَوْ بِدْعَتِهِ، أَوْ سُوءِ حِفْظِهِ.

فالأَوَّلُ: المَوْضُوعُ).

هيئة الإشراف

#2

29 Oct 2008

نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني

قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (1) (ثُمَّ الطَّعْنُ)يَكونُ بِعَشَرَةِ أشْياءَ، بعضُها أشدُّ في القَدْحِ من بعضٍ، خَمْسَةٌ منها تتَعلَّقُ بالْعَدَالَةِ وخَمْسَةٌ تتَعلَّقُ بالضَّبْطِ، ولم يحْصُل الاعْتِناءُ بتمْيِيزِ أحدِ الْقِسْمَيْنِ من الآخَرِ لِمَصْلَحَةٍ اقتضتْ ذَلِكَ، وهي: ترتيبُها على الأشدِّ فالأشدِّ في مُوجِبِ الرَّدِّ على سبيلِ التَّدَلِّي؛ لأنَّ الطَّعْنَ (إمَّا أَنْ يَكُونَ):

(2) (لِكَذِبِ الرَّاوي)في الحَدِيثِ النَّبويِّ بأنْ يَرْوِيَ عنهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما لمْ يَقُلْهُ مُتَعَمِّدًا لذَلِكَ.

(3) (أو تُهْمَتِهِ بِذَلِكَ) بأنْ لا يُرْوَى ذَلِكَ الحَدِيثُ إلاَّ من جِهَتِه، ويكونُ مُخالِفًا للقَواعِدِ المَعلومَةِ، وكذا مَن عُرِفَ بِالْكَذِبِ في كَلاَمِه وإنْ لم يظْهَرْ منه وُقُوعُ ذَلِكَ في الحَدِيثِ النَّبويِّ، وهَذَا دونَ الأولِ.

(4) (أو فُحْشِ غَلَطِهِ)أي: كَثْرَتِهِ.

(5) (أو غَفْلَتِهِ) عَن الإِتْقَانِ.

(6) (أو فِسْقِهِ) أي: بِالفِعْلِ والقولِ ممَّا لا يبلُغُ الْكُفْرَ، وبَيْنَه وبَيْنَ الأولِ عُمومٌ، وَإِنَّمَا أُفْرِدَ الأوَّلُ لكوْنِ القَدْحِ به أشدَّ في هَذَا الفَنِّ.

وأَمَّا الْفِسْقُ بِالْمُعْتَقَدِ فَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.

(7) (أو وهْمِهِ) بأنْ يَرْوِيَ على سبيلِ التَّوَهُّمِ.

(8) (أو مُخَالَفَتِهِ) أي: لِلثِّقَاتِ.

(9) (أو جَهَالَتِهِ)بأنْ لا يُعْرَفَ فيه تعديلٌ ولا تجريحٌ مُعَيَّنٌ.

(10) (أو بِدْعَتِهِ)وهي اعتقادُ ما أُحْدِثَ على خلافِ المعروفِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لا بِمُعَانَدَةٍ بل بنوعِ شُبْهَةٍ.

(11) (أو سُوءِ حِفْظِهِ) وهي عِبارَةٌ عَن أنْ لا يكونَ غَلَطُهُ أَقَلَّ مِنْ إِصَابَتِهِ.

(12) (فَـ)الْقِسْمُ (الأولُ) وهو الطَّعْنُ بِكَذِبِ الرَّاوي في الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ هو (الْمَوْضُوعُ) والحُكْمُ عليه بالوضْعِ إِنَّمَا هو بطريقِ الظَّنِّ الغالِبِ لا بالقَطْعِ، إذ قد يَصْدُقُ.

لكنْ لأهلِ العِلْمِ بالحَدِيثِ مَلَكَةٌ قَوِيَّةٌ يُمَيِّزُونَ بها ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يقومُ بذَلِكَ منهم مَنْ يَكُونُ اطِّلاعُهُ تَامًّا، وذِهْنُهُ ثَاقِبًا، وَفَهْمُهُ قَوِيًّا، ومَعْرِفَتُهُ بِالقَرَائِنِ الدَّالَّةِ على ذَلِكَ مُتَمَكِّنَةً.

وقد يُعْرَفُ الوَضْعُ بإِقْرَارِ وَاضِعِهِ.

قال ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: (لَكِنْ لا يُقْطَعُ بذَلِكَ لاحتمالِ أَنْ يَكُونَ كَذِبَ في ذَلِكَ الإِقْرَارِ) ا.هـ.

وَفَهِمَ منه بعضُهمْ أنَّهُ لا يُعْمَلُ بذَلِكَ الإِقْرَارِ أصلاً، وليس ذَلِكَ مُرَادَهُ وَإِنَّمَا نَفَى الْقَطْعَ بذَلِكَ، ولا يَلْزَمُ مِن نَفْيِ القطْعِ نَفْيُ الحُكْمِ؛ لأنَّ الحُكْمَ يقعُ بالظَّنِّ الغالبِ وهو هنَا كذَلِكَ، ولولا ذَلِكَ لَمَّا سَاغَ قَتْلُ الْمُقِرِّ بالقَتْلِ، ولا رَجْمُ الْمُعْتَرِفِ بِالزِّنَى؛ لاحتمالِ أنْ يكُونَا كاذِبَيْنِ فيما اعْتَرَفَا بِهِ.

ومِن القَرَائِنِ التي يُدْرَكُ بها الوَضْعُ:

- ما يُؤْخَذُ من حالِ الرَّاوي كما وقعَ للمأمونِ بْنِ أحمدَ أنَّهُ ذُكِرَ بحضْرَتِه الخلافُ في كونِ الحَسَنِ سَمِعَ من أَبِي هُرَيْرَةَ أو لا؟

فَسَاقَ في الحالِ إِسْنَادًا إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قال: سَمِعَ الحَسَنُ من أَبِي هُرَيْرَةَ، وكما وقعَ لغِيَاثِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ حيثُ دَخَلَ على الْمَهْدِيِّ فَوَجَدَه يلعبُ بالْحَمَامِ فَساقَ في الحالِ إِسنادًا إلى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّه قالَ: ((لا سَبْقَ إلاَّ في نَصْلٍ أو خُفٍّ أو حَافِرٍ أو جَنَاحٍ)) فزادَ في الحَدِيثِ: ((أو جَنَاحٍ)) فَعَرَفَ الْمَهْدِيُّ أنَّه كَذِبَ لأجلِهِ، فأَمَرَ بِذَبْحِ الْحَمَامِ.

ومنها:ما يُؤخَذُ من حالِ الْمَرْوِيِّ.

-كأنْ يكونَ مُنَاقِضًا لنَصِّ القرآنِ، أو السُّنَّةِ المُتَواتِرَةِ، أو الإجْمَاعِ القَطْعِيِّ، أو صريحِ العَقْلِ، حيثُ لا يُقْبَلُ شَيْءٌ من ذَلِكَ التّأويلِ.

ثُمَّ المروِيُّ تارةً يَخْتَرِعُهُ الوَاضِعُ.

وتارةً يَأْخُذُ من كَلاَمِ غيرِهِ، كبعضِ السَّلَفِ الصَّالحِ، أو قُدَمَاءِ الحُكَماءِ، أو الإسْرائِيلِيَّاتِ.

-أو يأخذُ حَدِيثًا ضَعِيفَ الإسنادِ فَيُرَكِّبُ له إسنادًا صَحِيحًا؛ ليَرُوجَ.

والحاملُ للواضعِ على الوَضْعِ:

-إمَّا عدمُ الدِّينِ كالزَّنَادِقَةِ.

- أو غَلَبَةُ الجَهْلِ كبعضِ المُتَعَبِّدِينَ.

- أو فَرْطُ العَصَبِيَّةِ كبعضِ المُقَلِّدِينَ.

- أو اتِّبَاعُ هَوَى بَعْضِ الرُّؤَسَاءِ.

-أو الإِغْرابُ لِقَصْدِ الاشْتِهَارِ، وكُلُّ ذَلِكَ حَرَامٌ بإجماعِ مَن يُعْتَدُّ به.

إلا أنَّ بعضَ الكَرَّامِيَّةِ وبعضَ المُتَصَوِّفَةِ نُقِلَ عنهمْ إباحةُ الوضعِ في التَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ وهو خطأٌ مِن فَاعِلِهِ، نشأَ عَن جَهْلٍ؛ لأنَّ التَّرغيبَ والتَّرهيبَ من جمُلْةِ الأحكامِ الشّرعِيَّةِ، واتَّفقوا على أنَّ تَعَمُّدَ الكَذِبِ على النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الكبائِرِ.

وبالغَ أَبُو محمدٍ الْجُوَيْنِيُّ؛ فَكَفَّرَ من تَعمَّدَ الكَذِبَ على النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. واتَّفقوا على تحْرِيمِ رِوايةِ المَوْضُوعِ إلاَّ مَقْرُونًا بِبَيانِهِ؛ لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أنَّه كَاذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الكَاذِبَيْنِ)) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ).

هيئة الإشراف

#3

29 Oct 2008

نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم

قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: (ثانيًا: الْمَرْدُودُ بسببِ الطعنِ في الراوِي:بَعْدَ أنْ فرغَ

الحافظُ مِن الكلامِ عن السقطِ في الإسنادِ دَخَلَ في ردِّ الحديثِ بسببِ الطعنِ في رَاوِيهِ، وقسَّمَ الحافظُ الطعنَ إلى الطعنِ في عدالةِ الراوي والطعنِ في ضَبْطِهِ، وقال: لمْ أُوَزِّعْهَا على القِسْمَيْن، بمعنى: لم أَذْكُر الخمسةَ التي تتعلَّقُ بالعدالةِ، ثم الخمسةَ التي تتعلَّقُ بالضبطِ؛ لأَنَّ سَرْدَهَا على سبيلِ الترتيبِ أولى مِن جِهَةِ تَعَلُّقِهَا بالفَنِّ، واخْتَارَ الترتيبَ على سبيلِ التدَلِّي: الأَشَدُّ فالأَشَدُّ، ولا شَكَّ أنَّ الأولَ منها، وهو كَذِبُ الراوي هو أَشَدُّهَا.

(1) لكنَّ هذا الترتيبَ قد يكونُ في بعضِهِ ما يُلاحَظُ عليهِ من جهتينِ:

1-أَنَّهُ ذَكَرَهَا بِحَسَبِ الأَشَدِّ فالأشدِّ وجعلَ آخرَهَا سوءَ الحفظِ، معنى ذلكَ أَنَّ أَهْوَنَهَا سوءُ الحفظِ، وفي هذا شيءٌ من النَّظَرِ، فإذا نَظَرْتَ إلى الرَّمْيِ بالبِدْعَةِ أو الوَهْمِ أو حتى مُخَالَفَةِ الثِّقَاتِ فَإِنَّ هذا الترتيبَ يُؤْخَذُ إجمالاً، ومِن ناحيةِ التطبيقِ إنْ أَمْكَنَ في كثيرٍ منه لم يُمْكِنْ في بعضِهِ.

2-في نظري أَنَّ فيها شيئًا مِن التَّدَاخُلِ، هو يقولُ: (أو وَهْمِه) ، ثم قال: (أو مُخَالَفَتِه للثقاتِ)، والراوي إذا خَالَفَ الثقاتَ وهو ثِقَةٌ يُقالُ عنه: وَهِمَ في هذا الحديثِ؛ فَمُخَالَفَةُ الثقاتِ والوَهْمُ في الحديثِ بينَهُمَا تَدَاخُلٌ، كذلكَ سوءُ الحفظِ وفُحْشُ الغَلَطِ قد يكونُ بينهما تَدَاخُلٌ، فهذهِ الطُعُونُ العَشْرَةُ تُؤْخَذُ من ناحيةِ الإجمالِ وليسَ ورائها فائدةٌ تَطْبِيقِيَّةٌ على هذا التدقيقِ الذي ذَكَرَهُ الحافِظُ.

الحديثُ الموضوعُ

(2) ابتدأَ الحافظُ بالقسمِ الأوَّلِ: وهو ما يُعْرَفُ عندَ العلماءِ بالموضوعِ، والطَّعْنُ بِكَذِبِ الراوي تارةً يُبَالَغُ فيه بأنْ يُقَالَ: إنَّ أشدَّ مراتبِ الجَرْحِ أَنْ يُقالَ مُبَالَغَةً:

فلانٌ إليه المُنْتَهَى في الكَذِبِ أو رُكْنُ الكَذِبِ.

-وَيَلِيهَا: دَجَّالٌ، وَضَّاعٌ، وهذه أيضًا صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ.

-وَيَلِيهَا:ما قِيلَ فيهِ: إنَّهُ يَضَعُ الحديثَ، فهذهِ المراتبُ الثلاثُ في الجَرْحِ يُقالُ في حديثِ أصحابِهَا: إنَّهُ موضوعٌ.

ومِن هذا نَعْرِفُ أَنَّ الرُّوَاةَ الذين يُوصَفُونَ بالكَذِبِ ليسوا على درجةٍ واحدةٍ، فمنهم مَن يُقَالُ فيهِ:

-أَجْمَعُوا على أَنَّهُ يَضَعُ الحديثَ، مثلُ:سُلَيْمَانَ بنِ دَاوُدَ النَّخَعِيِّ، الذي قالَ فيهِ وَكِيعٌ: ذاكَ كذَّابُ النَّخَعِ.

- ومثلُ:وَهْبِ بنِ وَهْبٍ القاضي، كَذَّابٌ مشهورٌ بالكَذِبِ وبِوَضْعِ الحديثِ مع أَنَّهُ كانَ قاضيًا، وهاشميًّا، ولكن اشْتُهِرَ بالوضعِ، وفي المقابلِ بعضُ الوضَّاعِينَ إِنَّمَا يُعْرَفُ بِوَضْعِ حديثٍ واحدٍ اتُّهِمَ بهِ، وبينَ هذينِ الصِّنْفَيْنِ درجاتٌ للوضَّاعينَ كثيرةٌ.

تَحَدَّثَ الحافظُ عن عِدَّةِ أُمُورٍ في الموضوعِ:

1-مَن الذي يَحْكُمُ على الحديثِ بالوضْعِ؟

أَشَارَ إلى أَنَّ هذه مُهِمَّةُ أَئِمَّةِ الجَرْحِ والتعديلِ، فَهُم الذينَ يحكمونَ على الراوي بأَنَّهُ وَضَّاعٌ، ورُبَّمَا يكونُ هذا الراوي غيرَ مُعَاصِرٍ لَهُم، بمعنى أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ عليهم فَيَحْكُمُونَ على حَدِيثِهِ بالوَضْعِ بِنَاءً على دِرَاسَةِ أحاديثِهِ، وليس لنا إلا تَقْلِيدُهُمْ فِيمَا وَصَلُوا إليهِ من أحكامٍ، وقد حاولَ بعضُ الأَئِمَّةِ جَمْعَ الرُّوَاةِ الذينَ قالَ عنهم الأَئِمَّةُ إنَّهم يَضَعُونَ الأحاديثَ.

هناكَ كتابٌ للحافظِ، سبْطِ بنِ العَجَمِيِّ أَحَدِ مَن أَخَذَ عنهُ الحافظُ ابنُ حَجَرٍ واسمُهُ: (الكَشْفُ الحَثِيثُ عمَّنْ رُمِيَ بِوَضْعِ الحديثِ)، جَمَعَ فيهِ مَن رَمَاهُ الأَئِمَّةُ بِوَضْعِ الحديثِ، أَخَذَهُ من (مِيزَانِ الاعتدالِ)، و(الجرحِ والتعديلِ)، و(موضوعاتِ ابنِ الجَوْزِيِّ).

- وكذلكَ: هناكَ كتابُ: (تَنْزِيهِ الشريعةِ عن الأحاديثِ الموضوعةِ)لابنِ عِرَاقٍ، ذَكَرَ فيهِ مَن كُذِّبَ أو رُمِيَ بوضْعِ الحديثِ، ذَكَرَ ذلكَ في مقدمةِ الكتابِ.

2-لا يَلْزَمُ القطعُ بأنَّ الحديثَ الذي رَوَاهُ الكذَّابُ موضوعٌ،إذ قد يَصْدُقُ الكذوبُ، وهذا صحيحٌ، ولكنَّ الحكمَ للغالبِ، وهو هنا للاحتياطِ، فإذا عُرِفَ أَنَّ الراويَ كَذَبَ في حديثٍ حُمِلَ بَاقِي حَدِيثِهِ على الكَذِبِ، ولا يَلْزَمُ القَطْعُ بذلكَ، لأَنَّهُ مَرَّ بنا أَنَّ علومَ الحديثِ مَبْنِيَّةٌ على غَلَبَةِ الظَّنِّ.

- وقالَ الحافِظُ: إنَّ لأَئِمَّةِ الحديثِ فَهْمًا خاصًّا يَفْهَمُونَ بهِ أَنَّ هذا الحديثَ موضوعٌ، ثم قال: إنَّ الوضْعَ قد يُعْرَفُ بإقرارِ واضعِهِ، وهذا صحيحٌ كما قالَ عبدُ الكريمِ بنُ أبي العَرْجَاءِ، حينَ أُخِذَ لِيُصْلَبَ على الزَّنْدَقَةِ فقالَ: (وَضَعْتُ فيكم أربعةَ آلافِ حديثٍ أُحَلِّلُ فيها الحرامَ، وَأُحَرِّمُ فيها الحلالَ)، فإنْ صَحَّ هذا عنهُ فهذا إقرارٌ بأَنَّهُ يَضَعُ الحديثَ.

- وكذلكَ:غلامُ خليلٍ أَحَدُ الزُّهَّادِ، قيلَ له: مِن أينَ لكَ هذه الأحاديثُ؟

قال: وَضَعْنَاهَا لِنُرَقِّقَ بها قلوبَ العامَّةِ.

ابنُ دَقِيقِ العيدِ

- وهو أُصُولِيٌّ يَنْحَى مَنْحَى الاتجاهِ العقلِيِّ في تقريرِهِ لقضايا علومِ الحديثِ - في بعضِ كلامِهِ يُورِدُ على المُحَدِّثينَ أشياءَ مِن جِهَةِ العقلِ، فقال: يُحْتَمَلُ أَنَّ هذا الراويَ يَكْذِبُ في هذا الإقرارِ، فهذا عَقْلاً مُحْتَمَلٌ وإنْ كان بعيدًا، ومع احتمالِ أَنْ يَكْذِبَ في هذا الإقرارِ فإنَّا لا نَقْطَعُ بأَنَّهُ موضوعٌ - هذا قولُهُ -، نقولُ: نَعَمْ، لَكِنْ ليسَ المطلوبُ هو القَطْعَ حتَّى لإثباتِ الصِّحَّةِ فالقطعُ غيرُ مطلوبٍ، لهذا قال الحافِظُ: (ليسَ المطلوبُ هو القطعَ وإِنَّمَا إذا حَصَلْنَا على الظَّنِّ الغالبِ، وإقْرَارُهُ هو من بابِ الظنِّ الغالِبِ).

3-الأَئِمَّةُ وإنْ كانوا قد اخْتَصُّوا بِمَعْرِفَةِ وَضْعِ الحديثِ، وأنَّ هذا الحديثَ موضوعٌ إلا أَنَّ الحافظَ أَشَارَ إلى عددٍ من القرائنِ يُمْكِنُ لغيرِ الأَئِمَّةِ أَنْ يُدْرِكُوا منها ذلكَ،منها:

- الواقِعَةُ التي سِيقَ مِن أجلِهَا الحديثُ، مثلَ: ما ذَكَرَهُ الحافظُ في قصَّةِ مأمونِ بنِ أحمدَ، وهو أحدُ الوَضَّاعِينَ الكبارِ، والذي يَضَعُ أحاديثَ سَمِجَةً جِدًّا، ويُقالُ فيهِ: إنَّ مثلَ هذا الراوي يَكْذِبُ مُجَاوَبَةً، أي: بِمُجَرَّدِ أَنْ تُورِدَ لهُ شيئًا يَضَعُ حديثًا، فقد ذُكِرَ لهُ الخلافُ في سماعِ الحَسَنِ، من أبي هُرَيْرَةَ؛ فَرَكَّبَ إسنادًا أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: (سَمِعَ الحَسَنُ، مِن أبي هُرَيْرَةَ)، وذُكِرَ عِندَهُ الشَّافِعِيُّ فَسَاقَ حديثًا مباشرةً أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ هُوَ أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي مِن …….. وَيَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو حَنِيفَةَ هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي))، ومثلَ أَحَدِ الوَضَّاعِينَ ذُكِرَ لَهُ بعضُ أخلاقِ المُعَلِّمِينَ وَشَرَاسَتُهُمْ على الطُلاَّبِ فَسَاقَ حديثًا أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((شِرَارُكُمْ مُعَلِّمُوا صِبْيَانِكُمْ)).

-ومِن القرائنِ ما يُؤْخَذُ مِن حالِ المَرْويِّ كَأَنْ يكونَ مُنَاقِضًا لِنَصِّ القرآنِ أو السُنَّةِ المُتَوَاتِرَةِ أو الإجماعِ القَطْعِيِّ أو صريحِ العَقْلِ حيثُ لا يَقْبَلُ التأويلَ شيءٌ مِن ذلِكَ، وقدْ حَرَّرَ مثلَ هذهِ القرائنِ ابنُ القَيِّمِ في كتابِهِ: (المنارِ المنيفِ)، حينَ أَوْرَدَ سؤالاً وهو: هلْ يُمكنُ أَنْ يُعْرَفَ حالُ الحديثِ دونَ النَّظَرِ في الإسنادِ؟

فَسَاقَ عددًا من القرائنِ التي يُؤْخَذُ منها مباشرةً معرفةُ أَنَّ الحديثَ مَكْذُوبٌ، لكنْ لاَ بُدَّ مِن تَقْيِيدِ هذا لاَ سِيَّمَا فيما يَتَعَلَّقُ بصريحِ العقلِ، لأنَّ مسألةَ العقلِ هذه دَخَلَهَا غَبَشٌ كثيرٌ لاَ سِيَّمَا بعدَ انتشارِ المَذْهَبِ العَقْلِيِّ وتحكيمِ العقلِ في كُلِّ شيءٍ، ودخولِ كثيرٍ مِن آراءِ المُعْتَزِلَةِ إلى مذهبِ الأشاعرةِ ومذاهبَ أُخْرَى، مِمَّا أَدَّى إلى رَدِّ أحاديثَ قدْ تكونُ صحيحةً.

4-ما يُحْكَمُ عليهِ بأَنَّهُ موضوعٌ، ليس دائمًا وَضَعَهُ الواضِعُ نفسُهُ واخْتَرَعَهُ، وإِنَّمَا كَثِيرٌ مِن الأحاديثِ التي يُحْكَمُ عليها بالوضعِ هي صحيحةٌ لكنْ عن غيرِ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد تكونُ حِكْمَةً أو كلامًا للصَّحَابَةِ فَرَدُّهَا عن الرسولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَعْنِي أنَّهَا مِن اختراعِ الواضِعِ.

فقَالَ الحافِظُ:

(2) (ثم المَرْوِيُّ تَارَةً يَخْتَرِعُهُ الواضِعُ، وتارةً يَأْخُذُ مِن كلامِ غيرِهِ كَبَعْضِ السلَفِ الصالحِ أو قُدَمَاءِ الحُكَمَاءِ أو الإسْرَائِيلِيَّاتِ أو يَأْخُذُ حديثًا ضعيفَ الإسنادِ، فَيُرَكِّبُ له إِسْنَادًا صحيحًا؛ لِيَرُوجَ)

ولهذا يقولُ الأَئِمَّةُ في بعضِ الكذَّابِينَ: إنَّهُ مشهورٌ بتركيبِ الأسانيدِ أو سَرِقَةِ الأسانيدِ، ومعناهُ مَتْنٌ مُسْتَقِلٌّ وإسنادٌ مُسْتَقِلٌّ فيأتي وَيُرَكِّبُ هذا المَتْنَ على هذا الإسنادِ.

- يقولُ ابنُ حِبَّانَ: (كنتُ في المسجدِ مَرَّةً فقامَ شابٌّ وأَخَذَ يَعِظُ ويقولُ حدَّثنا فِطْرُ بنُ خليفةَ، وساقَ إسنادَهُ إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قال: ((مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهَ، خَلَقَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ حَرْفٍ أَلْفَ طَائِرٍ …. إلخ))وَأَخَذَ يُفَرِّعُ على هذه الأُلُوفِ، فلَمَّا فَرَغَ مِن الصلاةِ نَادَاهُ ابنُ حِبَّانَ؛ فجاءَ مُتَوَقِّعًا لِنَوَالٍ، يقولُ: قلتُ لَهُ: أينَ رأيتَ فِطْرَ بنَ خليفةَ هذا الذي تَرْوِي عنه؟

فقالَ: المناقشةُ مَعَنَا مِن قِلَّةِ المُرُوءةِ، أَنَا أَحْفَظُ هذا الإسنادَ مُنْذُ سَبْعَةَ عَشَرَ عامًا، فَكُلَّمَا رأيتُ كلامًا حسنًا رَكَّبْتُهُ على هذا الإسنادِ.

5- الأسبابُ التي تُؤَدِّي إلى الوَضْعِ:

قَالَ الحافِظُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

(3) (والحامِلُ للواضِعِ على الوضْعِ: إمَّا عَدَمُ الدينِ كالزَّنَادِقَةِ، أو غَلَبَةُ الجَهْلِ كبعضِ المتعبِّدِينَ، أو فَرْطُ العَصَبِيِّةِ كبعضِ المُقَلِّدِينَ، أو اتباعُ هَوَى بعضِ الرؤساءِ، أو الإغرابُ لِقَصْدِ الاشْتِهَارِ).

الأهواءُ السياسيَّةُ: وهذا كثيرٌ جِدًّا، وَأَكْثَرُهُ في فَضَائِلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَوَضَعَ شِيعَةُ عُثْمَانَ أحاديثَ في فَضْلِ مُعَاوِيَةَ، والبَكْرِيَّةُ كما قال ابنُ الجَوْزِيِّ يَضَعُونَ أحاديثَ في مناقبِ أبي بَكْرٍ، والجميعُ قد أَغْنَاهُم اللهُ عن هذه المَكْذُوبَاتِ.

وبعدَ قيامِ الدولةِ العَبَّاسِيَّةِ نَشِطَ بعضُ الوضَّاعِينَ تَقَرُّبًا للحُكَّامِ في وَضْعِ أحاديثَ في فضائلِ بَنِي العَبَّاسِ، وفَضَائِلِ خِلاَفَتِهِم.

الزَّنْدَقَةُ:وهو بابٌ واسِعٌ، يقولُ ابنُ عَدِيٍّ: إنَّهُم رُبَّمَا وَضَعُوا أحاديثَ في التَّشْبِيهِ أيْ: في تَشْبِيهِ اللهِ بِمَخْلُوقَاتِهِ نِكَايَةً بأهلِ الحديثِ، ومِن بابِ التَّشْنِيعِ عليهم.

مثلَ حديثِ:((إِذَا رَضِيَ اللهُ تَعَالَى تَكَلَّمَ بِالعَرَبِيَّةِ وَإِذَا غَضِبَ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ))، ونحوَ ذلكَ، ومثلَ: ما مَرَّ معنا مع ابنِ أبي العَرْجَاءِ وهو أَحَدُ الزَّنَادِقَةِ حيثُ يقولُ: (وَضَعْتُ أربعةَ آلافِ حديثٍ)؛ لكنْ لَمَّا بَلَغَ ذلكَ ابنَ المُبَارَكِ قالَ: (تَعِيشُ لَهَا الجَهَابِذَةُ)، يعني أَنَّ أَئِمَّةَ الحديثِ الحُذَّاقَ قَدَرُوا على تَمْيِيزِ ما وَضَعَهُ هؤلاءِ.

الإِغْرَابُ بِقَصْدِ الاشْتِهَارِ:

وهذا يَفْعَلُهُ بعضُ الرُّوَاةِ لكنْ ليسَ بالكثيرِ، وأَكْثَرُ ما يَضَعُونَ أسانيدَ مثلَ: أَنْ يكونَ الحديثُ مشهورًا عن عائشةَ فَيَضَعُ لهُ إسنادًا عن ابنِ عُمَرَ، من أَجْلِ أَنْ يُطْلَبَ منهُ هذا الحديثُ.

- ومِثْلَ:أَنْ يكونَ الحديثُ مشهورًا عن عبدِ اللهِ بنِ دِينَارٍ، عن ابنِ عُمَرَ؛ فَيَضَعُ لهُ إسنادًا عن نافعٍ عن ابنِ عُمَرَ، ومِمَّنْ يَفْعَلُ هذا أَحَدُ الرُّوَاةِ وهو: حَمَّادُ بنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ وهو كَثِيرُ القَلْبِ والوَضْعِ مِن أَجْلِ الإغرابِ.

الزُّهْدُ وَالعِبَادَةُ:

وهذا سَبَبُهُ الزهدُ والعبادةُ على جَهْلٍ، وَضَعَ بَعْضُ الوضَّاعينَ حديثًا في فضائلِ السُّوَرِ: مَن قَرَأَ سُورَةَ كذا فَلَهُ كذا، وذلكَ لجميعِ سُوَرِ القرآنِ، وهو مشهورٌ ومُوَزَّعٌ على سورِ القرآنِ في بعضِ كُتُبِ التفسيرِ، وسُئِلَ عنهُ نوحُ بنُ أبي مَرْيَمَ: مِن أينَ لكَ حديثُ: مَنْ قَرَأَ كَذَا؟

فقالَ: رأينا الناسَ اشْتَغَلُوا بِمَغَازِي ابنِ إِسْحَقَ وفِقْهِ أبي حَنِيفَةَ، فَأَرَدْنَا أَنْ نُرَغِّبَهُمْ في القرآنِ، ومثلَ غُلاَمِ خليلٍ وهو أَحَدُ الزُّهَّادِ، يقولون: كانَ لا يأكلُ اللحْمَ ويَقْتَاتُ البَاقِلاَّءَ، ولَمَّا ماتَ أُغْلِقَتْ أَسْوَاقُ بغدادَ خَلْفَ جنازتِهِ، ومع هذا كان يَضَعُ الحديثَ ونَصَّ هو على ذلكَ، لذا فَكُلُّ حديثٍ يأتي فيهِ غُلاَمُ خليلٍ فهو موضوعٌ، وقالَ أَحَدُ الأَئِمَّةِ: إذا سَمِعْتَ في الإسنادِ: حَدَّثَنَا فلانٌ الزاهدُ؛ فَانْفُضْ يَدَكَ مِنْهُ، لأنَّ وَصْفَهُ بالزَّاهِدِ يَدُلُّ على أَنَّهُ ليس عندَهُ مِن الفضلِ إلا الزَّهْدُ، فإذا لمْ يَكُنْ مِن أهلِ الحديثِ وحَدَّثَ وهو زاهِدٌ دَلَّ على خَلَلٍ في الإسنادِ.

أَغْفَلَ الحافظُ صِنْفًا من الوَضَّاعِينَ، وهم القُصَّاصُ، ورُبَّمَا يَدْخُلُونَ في المُتَعَبِّدِينَ، لكنْ هم صِنْفٌ خاصٌّ، وهم من أَكْثَرِ الأصنافِ المذكورةِ وَضْعًا للأحاديثِ، وهَدَفُ القاصِّ المادَّةُ في أحيانٍ كثيرةٍ، يقولُ بعضُ الحُفَّاظِ: كُلَّمَا كانت القصَّةُ أَغْرَبَ كُلَّمَا كانَ الناسُ إليها أَكْثَرَ استماعًا وتَشَوُّقًا، فلهذا يَذْكُرونَ أشياءَ مُبَالَغًا فيها وأحاديثَ طويلةً جِدًّا.

6- حُكْمُ وَضْعِ الحديثِ وروايةِ الحديثِ الموضوعِ:

(4) قالَ الحافظُ بعدَ أَنْ ذَكَرَ الدَّوَافِع لوضعِ الحديثِ:

(وَكُلُّ ذلكَ حرامٌ بإجماعِ مَن يُعْتَدُّ بهِ، إلا أَنَّ بعضَ الكَرَّامِيَّةِ وبعضَ المُتَصَوِّفَةِ نُقِلَ عنهم إباحةُ الوضعِ في الترغيبِ والترهيبِ، وهو خَطَأٌ مِنْ فَاعِلِهِ نَشَأَ عن جَهْلٍ، لأنَّ الترغيبَ والترهيبَ مِن جُمْلَةِ الأحكامِ الشَّرْعِيَّةِ، واتَّفَقُوا على أَنَّ تَعَمُّدَ الكَذِبِ على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن الكبائرِ، وبَالَغَ أبو محمدٍ الجُوَيْنِيُّ فَكَفَّرَ مَن تَعَمَّدَ الكَذِبَ على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واتَّفَقُوا على تحريمِ روايةِ الموضوعِ إلا مَقْرُونًا بِبَيَانِهِ، لقولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبَيْنِ)). أَخْرَجَهُ مسلمٌ).

وفِي كلامِ الحافظِ هنا ثلاثةُ أمورٍ:

1-أشارَ الحافظُ إلى أَنَّ هذا كلَّهُ حرامٌ بأيِّ: قَصْدٍ وَضَعَ الواضِعُ حديثًا وهذا بالإجماعِ، واسْتَثْنَى الحافظُ بعضَ الكَرَّامِيَّةِ - وهم فِرْقَةٌ لهم آراءٌ خالفوا فيها في الصفاتِ وفي الإيمانِ - فقالَ: إنَّهُ نُقِلَ عنهم وعن بعضِ المُتَصَوِّفَةِ إباحةُ الوضعِ في الترغيبِ والترهيبِ، ولا بُدَّ مِن التَّأَكُّدِ مِن أنَّهُمْ يُجِيزُونَ وَضْعَ الحديثِ، وقد مَرَّ مَعَنَا أَنَّ غُلاَمَ خَلِيلٍ قالَ: (نُرَقِّقُ بِهَا قُلُوبَ العَامَّةِ)، وذلكَ في اعْتِذَارِهِ عن أحاديثَ وَضَعَهَا، فهو فَعَلَ ما فَعَلَ وهو يَعْتَقِدُ فِعْلَهُ حلالاً، بلْ إنَّ حديثَ: ((مَنْ كَذِبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا)) زَادُوا فيهِ: ((لِيُضِلَّ بِهِ النَّاسَ))، لِكَيْ يُخْرِجُوا مَن فَعَلَ التَّعَمُّدَ، فيقولونَ: نَحْنُ نَكْذِبُ لهُ لا عليهِ، وكلُّ هذا لا يُلْتَفَتُ إليهِ وهُم ليسوا من أهلِ الإجماعِ حتى يكونَ قولُهُم نَقْضًا للإجماعِ.

2-تَعَمُّدُ الكذبِ على رسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الكبائرِ،

ورأَى أبو محمدٍ الجُوَيْنِيُّ أَنَّهُ كُفْرٌ مُخْرِجٌ عن المِلَّةِ، والذَّهَبِيُّ يقولُ في كتابِهِ (الكبائِرِ): (لاَ رَيْبَ أَنَّ الكَذِبَ على اللهِ ورسولِهِ في تَحْلِيلِ حرامٍ وتحريمِ حلالٍ كُفْرٌ مَحْضٌ، وإِنَّمَا الشأنُ في الكَذِبِ عليهِ فيما سِوَى ذلكَ)، ولَعَلَّ ذلكَ لا يُوجَدُ إلاَّ مِن قِبَلِ الزَّنَادِقَةِ، وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فإِنَّمَا يَسْتَحِلُّونَ الوَضْعَ في التَّرْغِيبِ والتَّرْهِيبِ.

3- مَا حُكْمُ رِوَايَةِ الحديثِ الموضوعِ؟

بالإجماعِ أنَّهَا لا تَجُوزُ إذا عَرَفَ الراوي أَنَّهُ موضوعٌ إلا مع بيانِ وَضْعِهِ، لكنْ قدْ يُؤَلِّفُ شَخْصٌ كتابًا في الترغيبِ والترهيبِ، وَيَمْلَؤُهُ بالأحاديثِ الموضوعةِ؛ بِحُجَّةِ أَنَّهُ بَيَّنَ الموضوعَ، لكنْ في نظري لا يجوزُ روايةُ الحديثِ الموضوعِ إلا مِن أَجْلِ بيانِ وَضْعِهِ، فإذا وَضَعَ شخصٌ كتابًا في الترغيبِ والترهيبِ وَوَضَعَ أحاديثَ صحيحةً؛ فلا بَأْسَ أَنْ يُنَبِّهَ ويقولَ:

(وَأَمَّا حَدِيثُ كَذَا فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ).

تَبْقَى مَسْأَلَةٌ:

إِجْمَاعُهُمْ هذا على تحريمِ روايةِ الموضوعِ إلاَّ مع بيانِهِ لكنَّ هذا الأمرَ هلْ طُبِّقَ في الحقيقةِ؟

قد تَرَى كتابًا لبعضِ الأَئِمَّةِ لا يُبَيِّنُ فيهِ أَنَّ الأحاديثَ موضوعةٌ، فإذا نَظَرْتَ إلى هذا الاتفاقِ فإنكَ تَأْخُذُ منهُ أَنَّ هذه الأحاديثَ التي أَوْرَدَهَا الإمامُ ليستْ موضوعةً، لكنْ يُقَالُ: هذا الاتفاقُ قد يُخْرَجُ عنهُ، فهناكَ أَئِمَّةٌ وَمُحَدِّثُونَ رَوَوْا أحاديثَ موضوعةً وأَثْبَتُوهَا في بعضِ كُتُبِهِمْ، ومع هذا تَرَكُوا القدْحَ فيها وبيانَ وَضْعِهَا، وأَحْسَنُ ما يُعْتَذَرُ لهم في ذلكَ أنها أحاديثُ يُعْرَفُ وَضْعُهَا من إسنادِها، كما قالَ الذهبيُّ في أبي نُعَيْمٍ وابنِ مَنْدَهٍ - وكانا قد تَشَاحَنَا وبينهما خِلاَفٌ كَبِيرٌ - يقولُ: (لا أَعْرِفُ لَهُمَا ذَنْبًا أكثرَ مِن روايتِهِمَا الموضوعاتِ ساكتِينَ عنها)، فيُتَنَبَّهُ لهذا، إذْ إِنَّ هناك أحاديثَ في (الحِلْيَةِ) مثلاً: وكُتُبَ ابنِ أبي الدنيا، وكُتُبَ الطَبَرَانِيِّ، وكُتُبَ أبي الشيخِ، ويُسْكَتُ عن بيانِ وَضْعِهَا، فلا يُفْهَمُ مِن ذلك أنَّهَا ليستْ موضوعةً، بِنَاءً على هذه الكلمةِ أنَّهُم اتفقوا على تحريمِ روايةِ الموضوعِ إلاَّ مع بيانِ وَضْعِهِ.

7- هل يُحْكَمُ على الحديثِ بالوضعِ وإنْ لمْ يَكُنْ في إسنادِهِ كَذَّابٌ؟

هناكَ كُتُبٌ مُؤَلَّفَةٌ في الأحاديثِ الموضُوعةِ، من أشهرِهَا كتابُ:

(الموضوعاتِ) لابنِ الجَوْزِيِّ، و(اللآلئ المَصْنُوعَةِ في الأحاديثِ الموضوعةِ)للسيُوطِيِّ، وكتابُ: (ذَيْلِ اللآلئ) له أيضًا، وكان السيُوطِيُّ كثيرَ التَّعَقُّبِ على ابنِ الجَوْزِيِّ، ثم جاءَ ابنُ عِرَاقٍ في كتابِهِ: (تَنْزِيهِ الشريعةِ) فَحَاكَمَ بينهما، فوضعَ فَصْلاً لِمَا لمْ يُتَعَقَّبْ فيهِ ابنُ الجَوْزِيِّ، ثم فَصْلاً لِمَا تُعُقِّبَ فيهِ ابنُ الجَوْزِيِّ، ثم فَصْلاً لِمَا أَهْمَلَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ.

كثيرٌ من تَعَقُّبَاتِ السِّيُوطِيِّ تَعْتَمِدُ على أَنَّ الإسنادَ ليس فيهِ مَن رُمِيَ بالوضعِ، ونحنُ نقولُ: الطعنُ بِكَذِبِ الراوي في الحديثِ النبويِّ يُسَمَّى الموضوعَ، لَكِن انْظُرْ إلى قولِ الحافِظِ: (مِن القرائنِ التي يُدْرَكُ بها الوَضْعُ ما يُؤْخَذُ مِن حالِ الراوي)، يعني أَنْ يكونَ الراوي مَوْصُوفًا بالكَذِبِ، ثم قَارِنْهُ بقولِهِ: (ومنها ما يُؤْخَدُ من حالِ المَرْوِي كأنْ يكونَ مُنَاقِضًا لِنَصِّ القرآنِ …) نَفْهَمُ مِن هذا أَنَّ الأَئِمَّةَ الذين كتَبوا في الأحاديثِ الموضوعةِ لمْ يَخُصُّوهَا بِأَنْ يكونَ الراوي مَرْمِيًّا بالوضعِ، والحافظُ نفسُهُ عادَ إليهِ عندَما قال: (ومنها ما يُؤْخَذُ مِن حالِ المَرْوِيِّ)، فهناكَ أحاديثُ حَكَمَ عليها الأَئِمَّةُ بالوضعِ وليس في رُوَاتِهَا مَن رُمِيَ بوضعِ الحديثِ، فحينئذٍ الحديثُ الموضوعُ إذا وُجِدَ في إسنادِهِ رَاوٍ وَضَّاعٌ حَكَمْنَا مباشرةً بأنَّ الحديثَ موضوعٌ، وقد يُحْكَمُ على الحديثِ بالوضعِ وإنْ لم يَكُنْ فيهِ وَضَّاعٌ بِنَاءً على قرائنَ في المَتْنِ.

مثالُ ذلِكَ: حديثُ يَحْيَى بنِ مُحَمَّدِ بنِ قَيْسٍ - ويُعْرَفُ بأبي زَكِّيرٍ - عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ، عن أبيهِ عُرْوَةَ، عن عائشةَ أَنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((كُلُوا الْبَلَحَ بِالتَّمْرِ - يَعْنِي إِذَا أَثْمَرَ النَّخْلُ ثَمَرًا جديدًا هذا العامَ فلا تُهْمِلُوا ثَمَرَ العامِ الماضي - فَإِنَّ ابنَ آدَمَ إِذَا أَكَلَ غَضِبَ الشَّيْطَانُ وَقَالَ: عَاشَ ابنُ آدَمَ حَتَّى أَكَلَ الخَلِقَ بِالْجَدِيدِ))، يَحْيَى هذا ضعيفٌ، وأَخْرَجَ لهُ مسلمٌ مَقْرُونًا، هذا الحديثُ ذَكَرَهُ ابنُ الجَوْزِيِّ في (الموضوعاتِ)، وتَعَقَّبَهُ السيُوطِيُّ بأنَّ يحيى بنَ محمَّدٍ هذا ليسَ بِوَضَّاعٍ، فَبِنَاءً على تعريفِ الموضوعِ نقولُ: إنَّ هذا الحديثَ ليس موضوعًا، وقد سَمَّاهُ النَّسَائِيُّ مُنْكَرًا، لكنَّ يَحْيَى بنَ مُحَمَّدٍ ضَعِيفٌ وانضافَ إليهِ تَفَرُّدُهُ عن هشامِ بنِ عُرْوَةَ والذي له أصحابٌ كثيرونَ ثِقَاتٌ، وانْضَافَ إلى ذلكَ أيضًا نَكَارَةُ المَتْنِ وركَّتُهُ؛ فإنَّ هذا لا يُشْبِهُ كلامَ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهذه أمورٌ في المَتْنِ والإسنادِ حُكِمَ على الحديثِ مِن خِلاَلِهَا بالوضعِ ولا تَعَقُّبَ على مَن حَكَمَ عليهِ بالوضْعِ.

ومثلَ حديثِ:

((أَنَّ عَائِشَةَ كَانَتْ تُتِمُّ الصَّلاَةَ وَتَصُومُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) ، فقالَ ابنُ تَيْمِيَّةَ: هذا الحديثُ كَذِبٌ باتِّفَاقِ أهلِ المَعْرِفَةِ بالحديثِ، مع أَنَّكَ إذا نَظَرْتَ في الأسانيدِ لا يَتَأَتَّى أَنْ تَحْكُمَ على الحديثِ بأَنَّهُ كَذِبٌ، ولكنَّهُ مُخَالِفٌ للأحاديثِ الصحيحةِ، فمثلُ هذا كثيرٌ في الأحاديثِ تُعْرَفُ بالقرائنِ التي أَشَارَ إليها الحافظُ وبغيرِهَا أيضًا.

فوائدُ مِن الأسئلَةِ:

الراوي محمدُ بنُ قَيْسٍ كثيرُ الخَطَأِ بسببِ غَفْلَتِهِ وسُوءِ حِفْظِهِ وهذا الراوي معروفٌ في دينِهِ، فمِثْلُ هذا يُقالُ: إنَّهُ غَلِطَ على هشامٍ، إمَّا أَنَّهُ سَمِعَهُ مِن غيرِهِ، وَظَنَّ أَنَّهُ مِن مَسْمُوعَاتِهِ عن هشامٍ، أو أَنَّهُ دَلَّسَهُ عن هشامٍ، لكنْ ليسَ بسببِ هذا الحديثِ يُرْمَى بالوضعِ، وإنْ رُجِّحَ أَنَّ هذا الحديثَ موضوعٌ.

أَوْهَامُ الثقاتِ لا يَنْبَغِي أَبَدًا أَنْ تُذْكَرَ على أنَّهَا موضوعاتٌ وإنْ رَجَّحْنَا أَنَّهَا خَطَأٌ، لكنْ مع بقاءِ احتمالٍ حَدِيثِيٍّ وليسَ عَقْلِيٍّ أَنَّهَا صَوَابٌ، فهناكَ أحاديثُ تَنَازَعَ فيها الأَئِمَّةُ هل هي موضوعةٌ أمْ لا؟

فابنُ الجَوْزِيُّ يَذْكُرُهَا في (الموضوعاتِ) ومَن يَتَعَقَّبْهُ يَقُلْ: فلانٌ ليس بِوَضَّاعٍ، نعمْ، هو ليس بِوَضَّاعٍ ولكنَّ أَحَادِيثَهُ في درجةِ الموضوع؛ِ لأَنَّهُ قد يَنْقُلُ عن وَضَّاعٍ أو يُخْطِئُ، فالحديثُ يُحْكَمُ عليهِ بالوضعِ، والراوي لا يُحْكَمُ عليهِ إلا بِقَرَائِنَ؛ لأنَّ بعضَ الناسِ يقولُ: إذا جَزَمْنَا بأَنَّهُ خَطَأٌ فهو موضوعٌ، إذاً جميعُ ما نُرَجِّحُ أَنَّهُ خَطَأٌ - وإنْ كانَ يَرْوِيهِ ثقةٌ - فهو موضوعٌ، لكنْ نقولُ: إنَّ ما يُخْطِئُ فيهِ الثقةُ أو الصَّدُوقُ هناكَ احتمالٌ حديثيٌّ بصوابِهِ وإنْ تَرَجَّحَ خَطَؤُهُ، أمَّا راوي الموضوعاتِ، فليسَ هناكَ إحتمالٌ حديثيٌّ بِصَوَابِهِ، وهذا غالبُ ما يُذْكَرُ أَنَّهُ موضوعٌ؛ إذْ لا يَتَأَتَّى الحُكْمُ عليهِ بالوضعِ من جِهَةِ وجودِ راوٍ فيهِ، بلْ مِن جِهَةِ قرائنَ في الإسنادِ أو المَتْنِ.

الحديثُ الذي في إسنادِهِ راوٍ كَذَّابٌ، أو وَضَّاعٌ لا يَنْبَغِي التسامحُ فيهِ، ولا يُقَلَّدُ فيهِ مَن فَعَلَ ذلكَ، وما حُكِمَ عليهِ بالوضعِ - بالنَّظَرِ إلى القرائنِ في المَتْنِ أو في الإسنادِ مع ضَعْفِ الرُّوَاةِ - فهذا الذي يَنْبَغِي أَنْ يُبَيَّنَ لاَ سِيَّمَا في العصرِ الحاضرِ؛ إذْ لا يُمْكِنُ مَعرفةُ ذلكَ بالإسنادِ، إذا تَجَاوَزَ الشخصُ وتَسَامَحَ وَقَلَّدَ هؤلاءِ الأَئِمَّةَ وذَكَرَ أحاديثَ عَرَفَ أنَّهَا موضوعةٌ فإنَّهُ يُخْشَى أَنْ يكونَ آثِمًا، وسَدُّ البابِ في هذا أَوْلَى في كِلاَ القِسْمَيْنِ.

والذي أَرَى أَنَّ:-

القسمَ الأوَّلَ:هو المقصودُ بتحريمِ روايتِهِ، وأنَّ ما يَقَعُ مِن بعضِ الأَئِمَّةِ في روايتِهِ نَعْتَبِرُهُ خروجًا عن اتِّفَاقِ تحريمِ روايتِهِ؛ لأنَّهُم أحيانًا يَتَّفِقُونَ على الحُكْمِ لكنْ عندَ التطبيقِ رُبَّمَا يُوجَدُ تَجَاوُزٌ لهذا الاتفاقِ.

وأمَّا القسمُ الثاني: فهذا هو الذي يُقَالُ: إنَّ الأَئِمَّةَ تَسَامَحُوا فيهِ عن عَمْدٍ بروايتِهِ اكتفاءً بِبَيَانِ الإسنادِ، ويُمْكِنُ أَنْ يُعْتَذَرَ لهم بأنَّ الحديثَ لا يَصِلُ إلى درجةِ الموضوعِ وإنْ حَكَمَ عليهِ بعضُ الأَئِمَّةِ أَنَّهُ موضوعٌ، وهذا موجودٌ حتَّى في (مُسْنَدِ الإمامِ أحمدَ) وغيرِهِ من كُتُبِ السُّنَّةِ).

هيئة الإشراف

#4

29 Oct 2008

شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد

قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: ( (1)المردودُ بسببِ طَعْنٍ في الراوِي، ويكونُ الطعْنُ بأشياءَ تَنْقَسِمُ إلى قِسمَيْنِ:

1-منها ما يُعْتَبَرُ طَعْناً في العَدالةِ.

2-منها ما يكونُ طَعْناً في الْحِفْظِ والضبْطِ.

القِسمُ الأَوَّلُ:

-وهو (المردودُ بسببِ: الطعْنِ في العَدالةِ) - يكونُ بسببِ:

1-كَذِبِ الرَّاوِي.

2-التُّهْمَةِ بالكَذِبِ.

3-فِسْقِ الرَّاوِي.

4-الْجَهَالَةِ.

5-الْبِدْعَةِ.

القِسْمُ الثَّانِي:

- وهوَ (الْمَردودُ بسببِ: الطعْنِ في الْحِفْظِ والضَّبْطِ) - فيكونُ بسببِ:

1-سُوءِ الْحِفْظِ.

2-الغلَطِ الفَاحِشِ.

3-الْغَفْلَةِ.

4-الوَهْمِ.

5-مُخَالَفَةِ الثِّقَاتِ.

وأمَّا عن القِسْمِ الأَوَّلِ فأَشَدُّهَا التحَقُّقُ مِنْ كَذِبِ الرَّاوِي، ثمَّ التُّهْمَةُ بالكَذِبِ، وهكذا على التَّسَلْسُلِ، الأَشَدُّ فالأَشَدُّ.

فأَوَّلُها:

ما يكونُ مَردوداً بسببِ كَذِبِ الرَّاوِي، ويُسَمَّى الذي في إِسنادِهِ راوٍ كَذَّابٌ (الموضوعَ)، وهوَ: الْمَصنوعُ، وهوَ: الْمُخْتَلَقُ على رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ.

مَسألةٌ:

أَثَارَ الْحَافِظُ مَسألةً، وهيَ أنَّ الْحُكْمَ على الْحَدِيثِ بأنَّهُ مَوضوعٌ إنَّما هوَ بطَريقِ الظَّنِّ الغالِبِ لا بالقَطْعِ؛ إذْ قدْ يَصْدُقُ الكَذوبُ؟

لكنْ لأَهْلِ العلْمِ بالْحَدِيثِ مَلَكَةٌ يُمَيِّزُونَ بها ذلكَ.

ثمَّ نَقَلَ كلاماً عن ابنِ دَقيقِ العِيدِ في عَدَمِ القَطْعِ على حديثٍ مِن الأحاديثِ بالكَذِبِ، حتَّى ولوْ كانَ الراوي نفْسُهُ اعْتَرَفَ بأنَّهُ كَذَّابٌ، وأنَّهُ كَذَبَ في ذلكَ الْحَدِيثِ.

وهذهِ المسألةُ يُمْكِنُ أنْ تكونَ كَمَا أَوْرَدَهَا الحافِظُ، ويُمْكِنُ أنْ تكونَ بخِلافِهِ، فإذا جاءنا حديثٌ مِن الأحاديثِ، وهذا الْحَدِيثُ يُمْكِنُ أنْ يكونَ مَرْوِيًّا مِنْ طريقٍ صحيحةٍ أُخْرَى.. فمَتْنُهُ صحيحٌ، ولكنَّ هذا الإسنادَ للحديثِ فيهِ راوٍ عندَما نَبْحَثُ تَرجمتَهُ نَجِدُ العُلماءَ قالُوا فيهِ: كَذَّابٌ، أوْ وَضَّاعٌ؛ فلا يَجوزُ الْحُكْمُ على الْمَتْنِ ما دامَ مَرْوِيًّا مِنْ طريقٍ صحيحةٍ، فالْمَتْنُ صحيحٌ، ولكنَّ السنَدَ، هلْ يُجْزَمُ بأنَّ هذا الراويَ الكَذَّابَ كَذَبَ في الإسنادِ أمْ لا؟

مَثَلاً:في (صحيحِ مُسْلِمٍ) عنْ سُهَيْلِ بنِ أبي صالحٍ، عنْ أبيهِ، عنْ أبي هُريرةَ -رَضِيَ اللَّهُ عنْهُ- أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ قالَ: ((لا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلا النَّصَارَى بِالسَّلامِ، وَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ)).

لا يُعْرَفُ هذا الْحَدِيثُ إلاَّ مِنْ طريقِ سُهَيْلِ بنِ أبي صالحٍ، يَرْويهِ عنْ أبيهِ، فجاءَ حَمَّادُ بنُ عَمْرٍو النَّصِيبِيُّ - وهوَ كَذَّابٌ - فرَوَاهُ عن الأَعْمَشِ، عنْ أبي صالحٍ، عنْ أبي هُريرةَ، ورِوايَةُ الأعمَشِ عنْ أبي صالحٍ كالقمَرِ في ليلةِ البَدْرِ، ثَبَتٌ عنْ ثَبَتٍ عنْ صحابِيٍّ، وحَمَّادٌ مِنْ تلاميذِ الأعمَشِ؛ فجاءَ وقالَ: حدَّثَنِي الأَعْمَشُ، عنْ أبي صالحٍ.

قَصَدَهُ ليَنصرفَ الناسُ إليهِ، ويَسْمَعُوا هذا الْحَدِيثَ الذي لا يُوجَدُ عندَ غيرِهِ؛ لأنَّ الْحَدِيثَ لم يُعْرَفْ إلاَّ مِنْ روايَةِ سُهَيْلِ بنِ أبي صالحٍ،وسُهيلٌ بعضُهُمْ تَكَلَّمَ فيهِ، فمِثْلُ هذا نقولُ فيهِ: هذا الْحَدِيثُ مَوضوعٌ مِنْ طَريقِ حَمَّادٍ، عن الأَعْمَشِ، وأمَّا أصْلُهُ فصحيحٌ.

مسألةٌ أُخْرَى: وهيَ التي أَثَارَهَا ابنُ دَقيقٍ، وهيَ: هلْ مَعْنَى هذا أنَّنا نَجْزِمُ على ذلكَ الْحَدِيثِ بأنَّ فُلاناً هذا هوَ الذي وَضَعَهُ وكَذَبَ على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ؟

ظاهِرُ كلامِ ابنِ حَجَرٍ حينَما يقولُ: (والحُكْمُ عليهِ بالوضْعِ إنَّما هوَ بالظَّنِّ الغالبِ لا بالقَطْعِ؛ إذْ قدْ يَصْدُقُ الكَذوبُ) نقولُ: نَعَم، الكَذوبُ قدْ يَصْدُقُ، لكنْ هذا في الحالةِ التي مَثَّلْنَا لها قَبْلَ قليلٍ.

ولكنْ إذا لم نَجِدِ الْحَدِيثَ إلاَّ مِنْ طريقِ ذلكَ الكَذوبِ، وعِندَنا قَرينةٌ أُخْرَى تُؤَكِّدُ أنَّهُ قدْ كَذَبَ فيهِ؛ فلا حَرَجَ أنْ نَجْزِمَ بأنَّهُ هوَ الذي وَضَعَهُ.

أمَّا إنْ كانَ في الإسنادِ أكثَرُ مِنْ وَضَّاعٍ، وليسَ هناكَ قَرينةٌ تُؤَكِّدُ أنَّ فُلاناً هوَ الذي وَضَعَهُ، إنْ كانَ الإسنادُ كُلُّهم ثِقَاتٌ، وليسَ هناكَ إلاَّ وَضَّاعٌ واحدٌ، فلا نَتَحَرَّجُ مِنْ أنْ نَقولَ: إنَّ فُلاناً هوَ الذي وَضَعَهُ.

ولذلكَ مِنْ دَلائلِ وَضْعِ الْحَدِيثِ أنْ يَعْتَرِفَ الراوي بأنَّهُ كَذَبَ في الْحَدِيثِ.

وهذهِ المسألةُ يَقولُ فيها ابنُ دَقيقِ العِيدِ:

(إنَّنِي لا أَقْبَلُ هذا الراويَ الذي اعْتَرَفَ بأنَّهُ كَذَبَ في ذلكَ الْحَدِيثِ؛ لأنَّهُ يُحْتَمَلُ أنْ يكونَ كَذَبَ عَلَيَّ في قولِهِ: إنِّي وَضَعْتُ ذلكَ الْحَدِيثَ).

وهذا الكلامُ غيرُ مَقبولٍ؛

ولذلكَ رَفَضَهُ الحافظُ الذهبيُّ، وقالَ: (هذهِ سَفْسَطَةٌ؛ لأنَّنا لوْ قَبِلْنَا هذا الكلامَ، فمَعْنَى ذلكَ أنَّنا لا يَحِقُّ لنا أنْ نَجْزِمَ بأنَّ هذا الزانِيَ قدْ زَنَى باعترافِهِ هوَ، أوْ أنَّ هذا القاتِلَ قدْ قَتَلَ باعترافِهِ هوَ؛ لأنَّنا سنَعتبِرُهُ فاسِقاً بفِعْلِهِ هذا - أي: الزِّنَا والقتْلِ - والفاسقُ لا يُوثَقُ بكلامِهِ، ولا يُوثَقُ باعترافِهِ).

ومعلومٌ أنَّ هذا مَرفوضٌ شَرْعاً، فالنبيُّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ اعتَبَرَ إقرارَ الزانِي بِمَثابةِ الدليلِ القويِّ جِدًّا على ارتكابِهِ تلكَ الفَاحِشَةَ، وأقامَ عليهِ الْحَدَّ.

حتَّى لوْ فَرَضْنَا ما قالَهُ ابنُ دَقيقِ العيدِ، وهوَ أنَّهُ كَذَبَ في اعترافِهِ؛ فالمسأَلَةُ كُلُّها كَذِبٌ على كَذِبٍ، فهيَ ظُلُمَاتٌ بعضُها فوقَ بعضٍ، فلا يُفِيدُ هذا شيئاً، فالْحَدِيثُ مَردودٌ بكُلِّ حالٍ.

واعْتَذَرَ بعضُهم عن ابنِ دَقيقِ العيدِ بأنَّهُ لم يَقُلْ: إنَّ الْحَدِيثَ لا يُعْتَبَرُ مَوضوعاً، ولكنَّهُ يَقولُ: إنَّنا لا نَجْزِمُ بأنَّ ذلكَ الراويَ وَضَعَ ذلكَ الْحَدِيثَ باعترافِهِ؛ لأنَّ اعترافَهُ اعترافٌ كاذبٌ... إلخ. فهذا الكلامُ جَدَلِيٌّ لا فائدةَ فيهِ.

القَرَائِنُ التي يُعْرَفُ بها الوضْعُ في الْحَدِيثِ:

وتَنقسِمُ إلى قِسمَيْنِ:

القِسمُ الأَوَّلُ:

قَرَائِنُ في الرَّاوِي:

أَعْلاهَا:إقرارُ الرَّاوِي بأنَّهُ وَضَعَ ذلكَ الْحَدِيثَ.

مِثالٌ:أبو عِصْمَةَ نُوحُ بنُ أبي مَريمَ

سُئِلَ عن الْحَدِيثِ الذي يَرويهِ في فَضائلِ القرآنِ سُورةً سُورةً، وعنْ سَبَبِ وَضْعِهِ لذلكَ الْحَدِيثِ - اعتَرَفَ بوَضْعِهِ لهُ بهَدَفِ تَرْغِيبِ الناسِ في تِلاوةِ القُرآنِ، فقالَ: إنِّي رَأَيْتُ الناسَ قد انْصَرَفُوا إلى (فِقْهِ)أبي حَنيفةَ (ومَغازِي)ابنِ إسحاقَ؛ فوَضَعْتُ هذا الْحَدِيثَ لأُرَغِّبَهُمْ في كتابِ اللَّهِ.

قرائنُ تَتَنَزَّلُ بِمَنْزِلَةِ الإقرارِ بوَضْعِ الْحَدِيثِ:

1-أنْ يَدَّعِيَ الراوي سَمَاعَهُ للحديثِ مِنْ شيخٍ تُوُفِّيَ قَبلَ وِلادتِهِ.

مثالٌ: مَا حَصَلَ لأبي حُذَيْفَةَ البُخاريِّ - إسحاقَ بنِ بِشْرٍ- ادَّعَى الروايَةَ عنْ عبدِ اللَّهِ بنِ طَاوُسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فذُكِرَ ذلكَ لسُفيانَ بنِ عُيَيْنَةَ، فقالَ لهم: اسْأَلُوهُ: مَتَى وُلِدَ؟ فسَأَلُوهُ: متى وُلِدَ؟

فقالَ سُفيانُ: قدْ كَذَبَ؛ لأنَّ عبدَ اللَّهِ بنَ طَاوُسٍ تُوُفِّيَ قَبْلَ وِلادةِ أبي حُذيفةَ بسَنَتَيْنِ. فكَشَفَ لنا التاريخُ كَذِبَ ذلكَ الرَّاوِي؛ ولذلكَ قالَ العُلماءُ: حينَما استَعْمَلَ الرواةُ الكَذِبَ، استَعْمَلْنَا لهم التاريخَ، فالرَّاوِي لم يَعترِفْ بالكَذِبِ، لكنَّ هذا كالإقرارِ تَمَاماً.

2-أنْ يَدَّعِيَ الرَّاوِي السمَاعَ مِنْ شَيخٍ، إذا ما حُقِّقَ ودُقِّقَ فيهِ تَبَيَّنَ بذلكَ كَذِبُهُ.

مِثالٌ:ما وَقَعَ لابنِ حِبَّانَ معَ أبي العَبَّاسِ الأَزْهَرِيِّ أحمدَ بنِ الأَزْهَرِ؛ فإنَّ أحمدَ ادَّعَى الروايَةَ عنْ بعْضِ الشيوخِ، فسَأَلَهُ ابنُ حِبَّانَ عنْ أحَدِهم مَتَى لَقِيَهُ؟

فزَعَمَ أنَّهُ لَقِيَهُ في سنةِ مِائتَيْنِ وسِتَّةٍ وأربعينَ في مَكَّةَ - أيْ: في الْحَجِّ - فقالَ ابنُ حِبَّانَ: إنَّ فُلاناً قدْ حَدَّثَنِي أنَّهُ قالَ: حَجَجْتُ وفُلانٌ - أي: الذي رَوَى عنهُ الأَزْهَرِيُّ - فلَمَّا كُنَّا بالْجُحْفَةِ مَرِضَ ذلكَ الشيخُ، فحَمَلُوهُ إلى مِنًى، فلَمَّا كانَ بِمِنًى حاوَلَ أنْ يَحْجُبَ الناسَ عن الشيخِ، فأَلَحُّوا بالدُّخولِ، فدَخَلُوا عليهِ، فما حَدَّثَهُمْ إلاَّ بحديثٍ واحدٍ، ثمَّ ماتَ.

فابنُ حِبَّانَ يَسألُ الأَزْهَرِيَّ؛ لأنَّهُ حَدَّثَ بأحاديثَ كثيرةٍ عنهُ، فقالَ: كلُّ هذهِ الأحاديثِ سَمِعْتَهَا مِنْ فُلانٍ؟

قالَ:نعمْ، فقالَ: وكُلُّها في سنةِ (246) في الْحَجِّ؟

قالَ:نعمْ، فذَكَرَ لهُ هذهِ القِصَّةَ.

قالَ:ابنُ حِبَّانَ: فبَقِيَ الأَزْهَرِيُّ يَنْظُرُ إليَّ مَشْدُوهاً؛ فقدْ عَرَفَ أنَّ ابنَ حِبَّانَ عَرَفَ كَذِبَهُ.

ثمَّ أَخَذَ يُحَدِّثُ عنْ راوٍ آخَرَ، فقالَ ابنُ حِبَّانَ: متَى لَقِيتَهُ؟

قالَ: في سنةِ (246).

قالَ:إنَّ فُلاناً حَدَّثَنِي أنَّ فُلاناً هذا تُوُفِّيَ سنةَ (232) فدَلَّ على كذِبِ الراوي.

3-أنْ يَرْوِيَ الراوي عنْ شيخٍ،

إذا ما طُولِبَ الراوي بصِفَةِ ذلكَ الشيخِ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ، أوْ طُولِبَ بِمَحَلِّ السمَاعِ منهُ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ.

مِثالٌ:أنَّ أحدَهم زَعَمَ أنَّهُ روَى عنْ عائشةَ رَضِيَ اللَّهُ عنها، فطُولِبَ بوَصْفِهَا؛ فوَصَفَهَا بأنَّها أَدْمَاءُ - أيْ: فيها بَيَاضٌ- معَ أنَّ عائشةَ صِفَتُها غيرُ ذلكَ، ولا يُمْكِنُ أنْ تَتَكَشَّفَ للرِّجَالِ، ثمَّ قالُوا لهُ: أينَ لَقِيتَهَا؟

قالَ: لَقِيتُهَا بوَاسِطَ؛ فدَلَّ على كذِبِهِ؛ لأنَّ عائشةَ تُوُفِّيَتْ سنةَ (57هـ)، ومدينةُ وَاسِطَ بُنِيَتْ بعدَ سنةِ (80هـ) في زَمَنِ الْحَجَّاجِ.

4-أنْ يَرْوِيَ قِصَّةً تَدُلُّ على كَذِبِهِ.

مِثالٌ: أنَّ أحَدَهم زَعَمَ أنَّهُ مَرَّ بالسُّوقِ، وإذا برَاوِيَةٍ في بيتٍ مُرْتَفِعٍ، قالَ: فأخَذْتُ بُنْدُقِيَّةً فرَمَيْتُ الرَّاوِيَةَ بها فثَقَبْتُهَا، فأَخَذَ الماءُ يَنْزِلُ في فَمِي حتَّى رَوِيتُ، ثمَّ أَخَذْتُ بُنْدُقِيَّةً فرَمَيْتُ بها إلى الرَّاوِيَةِ، فسَدَدْتُ ذلكَ الثُّقْبَ في الرَّاوِيَةِ.

ولا شَكَّ أنَّ هذا واضحُ الكَذِبِ.

مِثالٌ آخَرُ:سَمِعَ أحدُهم نِزَاعاً بينَ الْمُحَدِّثِينَ في سَمَاعِ الحسَنِ البَصْرِيِّ مِنْ أبي هُريرةَ، فوَضَعَ إسناداً إلى النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ أنَّهُ قالَ: (سَمِعَ الْحَسَنُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ).

القِسْمُ الثاني: قَرائنُ الْمَرْوِيِّ:

1-مُخَالَفَةُ الْحَدِيثِ لنصِّ القرآنِ.

مِثالُ ذلكَ: الْحَدِيثُ الموضوعُ:((أنَّ عُمْرَ الدُّنْيَا سبعةُ آلافِ سنةٍ، وأنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ بُعِثَ في الأَلْفِ الأَخِيرَةِ)).

قالَ ابنُ القَيِّمِ في (الْمَنَارُ الْمَنِيفُ): فهذا الْحَدِيثُ كَذِبٌ؛ لأنَّهُ ما دامَ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ بُعِثَ في الأَلْفِ الأَخِيرَةِ، على زَعْمِ الكَذَّابِ، فمَعناهُ أنَّهُ لم يَبْقَ على قِيامِ الساعةِ إلاَّ (251) سَنَةً، وهذا مُخَالِفٌ لكتابِ اللَّهِ تعالَى، وهوَ القائلُ: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلاَّ هُوَ}، ومعَ ذلكَ ففيهِ مُخالَفَةٌ للوَاقِعِ.

2-أنْ يكونَ مُخَالِفاً لصحيحِ السُّنَّةِ، وليسَ شَرْطاً أنْ تكونَ مُتواتِرَةً، فإمَّا أنْ تكونَ مُتواتِرَةً أوْ غيرَ مُتواتِرَةٍ.

إذا كانت الْمُخالَفَةُ بحيثُ لا يُمْكِنُ الجمْعُ بينَ نَصَّيْنِ بها، ولا يُعْرَفُ الناسِخُ مِن الْمَنسوخِ، ولا تُستَخْدَمُ معَهَا إحدَى آلاتِ الترجيحِ، ووَجَدْنَا أنَّ في إسنادِ الْحَدِيثِ مَنْ يُمْكِنُ أنْ يَحْمِلَ تَبِعَةَ ذلكَ الْحَدِيثِ، بحيثُ تُنْصَبُ التُّهْمَةُ عليهِ، فهذا يُمْكِنُ أنْ يُقالَ لهُ: الموضوعُ.

مثالٌ:أحاديثُ ضعيفةٌ تُبَيِّنُ أنَّ مَن اسمُهُ أحمدُ يُغْفَرُ لهُ ذَنْبُهُ ويُجارُ مِن النارِ، معَ أنَّ العِبرةَ بالتَّقْوَى، وليسَ للأسماءِ دَخْلٌ في ذلكَ.

3-أنْ يكونَ الْمَرْوِيُّ مُخَالِفاً لصريحِ العَقْلِ.

ونَنْتَبِهُ للقَيْدِ الأخيرِ؛ لأنَّ الْمُعْتَزِلَةَ أَقْحَمُوا العقْلَ وجَعلوهُ حَكَماً على نصوصِ الشرْعِ، فرَدُّوا بعضَ النصوصِ الصحيحةِ، بل التي تَقْرُبُ مِن التواتُرِ بدَعْوَى مخالَفَةِ العقْلِ، وهذا ما لا نُريدُهُ، بلْ نقولُ: مُخالِفَةٌ للعقْلِ الصحيحِ السليمِ.

مِثالٌ:الْحَدِيثُ الذي وَضَعَهُ أحَدُ الزَّنَادِقَةِ لتشويهِ الإسلامِ، ولفْظُهُ: (إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْفرَسَ فأَجْرَاهَا فَعَرِقَتْ، فَخَلَقَ نَفْسَهُ مِنْ عَرَقِهَا).

4-أنْ يكونَ الْمَرْوِيُّ رَكِيكَ اللفظِ.

فالنبيُّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ آتَاهُ اللَّهُ جَوامِعَ الكَلِمِ، وهوَ أَفْصَحُ الفُصحاءِ، فإذا وَجَدْنَا حديثاً لفْظُهُ رَكِيكٌ، فنَعْلَمُ بأنَّهُ ليسَ كلامَهُ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ.

مِثالٌ:ما وَضَعَهُ بعضُ الْقُصَّاصِ ليَسْتَدِرَّ بهِ أموالَ الناسِ، وهذا الْحَدِيثُ فيهِ: ((أنَّ اللَّهَ خَلَقَ طائراً لهُ كذا وكذا جَناحاً، وكذا وكذا مِنْقَاراً، وفي كُلِّ مِنْقَارٍ سبعونَ ألفَ لِسانٍ، وكلُّ لسانٍ يُسَبِّحُ اللَّهَ بسَبعينَ ألْفَ لُغَةٍ)).

مِثالٌ آخَرُ:(مَنْ صَلَّى الضُّحَى يَوْمَ الْجُمُعَةِ كَذَا رَكْعَةً، وَقَالَ فيها كذا)، ثمَّ يَعُدُّ لهُ مِن الثوابِ الذي لا يُعَادِلُ عِبادةَ أَعْبَدِ نَبِيٍّ مُنذُ خَلَقَ اللَّهُ الخلْقَ.

5-أنْ نَجِدَ الْحَدِيثَ مَرْوِيًّا بلَفْظٍ، ويَأْتِيَ الراوي ويَرْوِيَهُ بذلكَ اللفْظِ، ويَزيدَ عليهِ لفظاً آخَرَ لغَرَضٍ ما.

أسبابُ الوَضْعِ في الْحَدِيثِ.

أوَّلاً:الزَّنْدَقَةُ والطعْنُ في الإسلامِ

مِثالٌ: الْحَدِيثُ الذي وَرَدَ قبلَ قَليلٍ: ((إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْفَرَسَ... إلخ)).

والزنادِقَةُ كَثُرُوا في الدولةِ العَبَّاسِيَّةِ، وكانَ الخليفةُ العباسيُّ الْمَهْدِيُّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- قدْ أَنْشَأَ دِيوَاناً خاصًّا لِتَتَبُّعِ الزنادقةِ، وكانَ لا يَرْحَمُهم أَبَداً، بلْ لا يَتَرَدَّدُ في قَتْلِهم، وسُمِّيَ: قَصَّابَ الزَّنَادِقَةِ.

وهؤلاءِ الزنادقةُ وَضَعُوا كثيراً مِن الأحاديثِ، حتَّى قالَ أحَدُهم للرشيدِ حينَما عُرِضَ على القتْلِ: كيفَ تَقْتُلُني وقدْ وَضَعْتُ أربعةَ آلافِ حديثٍ أُحَرِّمُ فيها الحلالَ، وأُحِلُّ فيها الحرامَ؟!

فقالَ الرشيدُ: أينَ أنتَ يا عَدُوَّ اللَّهِ مِنْ أبي إسحاقَ الْفَزَارِيِّ، وعبدِ اللَّهِ بنِ المُبَارَكِ يَنْخُلانِهَا لكَ نَخْلاً؟!

قالَ تعالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.

ثانيـاً:التعَصُّبُ الْمَذْهَبِيُّ

مِثالٌ: بعضُ الْحَنَفِيَّةِ وَضَعَ حَديثاً لرفْعِ أبي حَنيفةَ وذَمِّ الشافعيِّ - رَحِمَهما اللَّهُ - فوَضَعَ حديثاً عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ أنَّهُ قالَ: ((يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: أَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانُ، هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي، هُوَ سِرَاجُ أُمَّتِي، هوَ سِرَاجُ أُمَّتِي، وَيَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ: مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ - يَعْنِي الشَّافِعِيَّ - هُوَ أَضَرُّ عَلَى أُمَّتِي مِنْ إِبْلِيسَ)).

مِثالٌ آخَرُ:بعْضُ الْحَنفيَّةِ حِينَمَا أُحْرِجَ في مَسألةِ رَفْعِ اليدَيْنِ في الصلاةِ عندَ الرُّكوعِ وعندَ الرفْعِ منهُ، وذُكِرَتْ لهُ الأحاديثُ الصحيحةُ التي تَصِلُ إلى حَدِّ التواتُرِ في هذا؛ فوَضَعَ على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ في عَدَمِ رفْعِ اليدَيْنِ عندَ الركوعِ والرفْعِ منهُ، كُلُّ هذا ليَنتصِرَ لمسألةٍ فِقْهِيَّةٍ، نَعوذُ باللَّهِ مِن الزَّلَلِ.

ثالثاً:الانتصارُ للأفكارِ السياسيَّةِ والاعتقاداتِ الفاسدةِ

مِثالٌ: ما وَضَعَ الرافِضَةُ في القَدْحِ في بعضِ الصحابةِ مِثلِ: أبي بكْرٍ، وعمرَ، وعائشةَ، -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُم- ووَضَعُوا أحاديثَ في فَضْلِ آلِ البيتِ.

مِثالٌ:ما رَوَاهُ الْحَاكِمُ في (الْمُسْتَدْرَكِ) عن النبيِّ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ أنَّهُ قالَ: ((أَنَا الشَّجَرَةُ، وَفَاطِمَةُ أَصْلُهَا، وَعَلِيٌّ لِقَاحُهَا، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَرْعُهَا، وَشِيعَتُنَا وَرَقُهَا... إلخ))وهوَ واضحٌ أنَّهُ مِنْ وَضْعِ الرافِضَةِ.

مِثالٌ آخَرُ:حديثُ: ((النَّظَرُ إِلَى عَلِيٍّ عِبَادَةٌ)) إلى غيرِهِ مِن الأحاديثِ وَضَعُوهَا.

مثالٌ آخَرُ:الخِلافُ الدائرُ بينَ أهلِ السنَّةِ، والْمُرْجِئَةِ، في مسألةِ: زِيادةِ الإيمانِ ونُقصانِهِ، فبَعْضُ الْمُرْجِئَةِ وَضَعَ حديثاً على أنَّ الإيمانَ كُتْلَةٌ واحدةٌ لا يَزيدُ ولا يَنْقُصُ، زِيادتُهُ كُفْرٌ ونُقصانُهُ كُفْرٌ، وهذا مُخالِفٌ للقرآنِ والسنَّةِ، ولا يَتَرَدَّدُ عالِمٌ في الحكْمِ عليهِ بالوَضْعِ.

رابعاً:التقَرُّبُ إلى الْحُكَّامِ:

مِثالٌ: يُمَثِّلُونَ بقِصَّةِغَيَّاثِ بنِ إبراهيمَ النَّخَعِيِّ معَ الْمَهْدِيِّ، فيقُولُونَ: إنَّ الْمَهْدِيَّ كانَ مُولَعاً بالْحَمامِ، ودَخَلَ عليهِ غَيَّاثُ بنُ إبراهيمَ، فقالَ أحَدُ جُلساءِ الْمَهْدِيِّ لِغَيَّاثٍ: حَدِّثْ أميرَ المؤمنينَ بحديثٍ فيهِ فَضْلُ الْحَمَامِ؛ فإنَّهُ يُحِبُّ الْحَمَامَ؛ فجاءَ غَيَّاثٌ بحديثٍ صحيحٍ، وهوَ حديثُ: ((لا سَبْقَ إِلاَّ فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ)) فزادَ فيهِ ((أوْ جَنَاحٍ)) - أي: الْحَمَامِ - ففَطِنَ الْمَهْدِيُّ إلى أنَّ غَيَّاثاً وَضَعَ الْحَدِيثَ تَقَرُّباً إليهِ؛ فأَعطاهُ مَبْلَغاً مِن الْمَالِ، وأَمَرَ بذَبْحِ الْحَمامِ، وبعدَما ذَهَبَ غَيَّاثٌ قالَ: أَشْهَدُ على قَفَاكَ قَفَا كذَّابٍ على رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ، وإنَّما أنا الذي دَفَعْتُهُ لذلكَ، فأَمَرَ بذَبْحِ الْحَمَامِ.

وهذهِ القِصَّةُ وَرَدَتْ تَقريباً في كُلِّ الكُتُبِ التي تَحَدَّثَتْ عن الوَضْعِ في الْحَدِيثِ، ويُمَثِّلُونَ بها على هذا السببِ، لكنَّ هذهِ القِصَّةَ لا تَصِحُّ؛ لأسبابٍ:

1- أنَّ الْمَهْدِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عُرِفَ عنهُ أنَّهُ لا يُمْكِنُ أنْ يَقْبَلَ مِثلَ هذهِ التُّرَّهَاتِ، فلا يُمْكِنُ أنْ يَسْكُتَ عنْ هذا الرجُلِ إِطْلاقاً.

2-أنَّ هذهِ القِصَّةَ لا نَجِدُ لها سَنَداً مُتَّصِلاً إلى الْمَهْدِيِّ، فهيَ لا تَصِحُّ سَنَداً.

3- غَيَّاثُ بنُ إبراهيمَ تَكَلَّمَ فيهِ العُلماءُ، لكنَّنا لا نَجِدُ أنَّ أحداً منهم قالَ: إنَّهُ وَضَّاعٌ؛ لأنَّهُ فَعَلَ كذا وكذا، وذَكَرُوا هذهِ القِصَّةَ، فلوْ كانت القِصَّةُ مَعروفةً لَمَا أَهْمَلُوهَا، إلى غيرِ ذلكَ مِن الأسبابِ.

خامساً:أنْ يَضَعَ لِحَوَائِجِهِ الشخصيَّةِ.

مِثالٌ:رَجُلٌ أَعْمَى يَبْدُو أنَّهُ يَشْكُو أنَّهُ لا يَجِدُ قائداً؛ فوَضَعَ حَديثاً أنَّ مَنْ قادَ أَعْمَى أربعينَ خُطْوَةً فلهُ كذا وكذا مِن الأَجْرِ.

مِثالٌ آخَرُ:بائعُ باذِنْجَانٍ وَضَعَ حديثاً في فَضْلِ البَاذِنْجَانِ.

مِثالٌ آخَرُ:وَضَعَ آخَرُ حديثاً في الْهَرِيسَةِ بأنَّها تَشُدُّ الظهْرَ لقِيامِ اللَّيْلِ.

مِثالٌ آخَرُ:جاءَ طِفْلٌ إلى أبيهِ شَاكِياً ضَرْبَ الْمُعَلِّمِ لهُ، فقالَ - وَاسْمُهُ سعدُ بنُ طريفٍ-: ضَرَبَكَ؟

واللَّهِ لأُخْزِيَنَّهُمُ اليومَ، فوَضَعَ حديثاً، وهوَ: ((مُعَلِّمُو صِبْيَانِكُمْ شِرَارُكُمْ)).

حُكْمُ الذي يَكْذِبُ على رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ علَيْهِ وسَلَّمَ:

اتَّفَقَ العُلماءُ على أنَّ الكَذِبَ على النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ كبيرةٌ مِنْ كبائرِ الذُّنُوبِ).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#5

29 Oct 2008

العناصر

أسباب الطعن في الراوي:
نقد ترتيب الحافظ لأسباب الطعن في الراوي
الانتقاد الأول: أنه ذكرها بحسب الأشد فالأشد، وجعل آخرها سوء الحفظ، وهذا فيه نظر
الانتقاد الثاني: أن فيها شيئاً من التداخل
أقسام الطعن في الراوي عند الحافظ:
القسم الأول: الطعن في عدالة الراوي، ويندرج تحته:
1 - كذب الراوي
2 - التهمة بالكذب
3 - فسق الراوي
4 - الجهالة
5 - البدعة
القسم الثاني: الطعن في حفظ الرواي وضبطه، ويندرج تحته:
1 _ سوء الحفظ
2 - الغلط الفاحش
3 - الغفلة
4 - الوهم
5 - مخالفة الثقات
الحديث الموضوع:
بيان معنى (الموضوع)
تعريف (الموضوع) لغةً
تعريف (الموضوع) اصطلاحاً
سبب إيراد الموضوع من أنواع الحديث مع أنه ليس بحديث
مثال الحديث الموضوع
القرائن التي تدل على الوضع:
القرائن التي في الراوي
القرائن التي في المروي
فائدة: حرر ابن القيم قرائن الوضع في كتابه (المنار المنيف)
ذكر بعض الصيغ الدالة على أن الراوي يضع الحديث
أسباب وضع الحديث:
1 - الزندقة والطعن في الإسلام
2 - التعصب المذهبي
3 - الانتصار للأفكار السياسية والخلافات العقائدية
4 - التقرب إلى الحكام
5 - الأغراض الشخصية
حكم وضع الحديث:
هل يجوز وضع أحاديث بقصد الترغيب والترهيب ؟
حكم واضع الحديث
حكم رواية الحديث الموضوع
هل يعتذر لمن روى أحاديث موضوعة ولم يبين وضعها؟
المؤلفات في الوضاعين والموضوعات
مسائل وتنبيهات:
مسألة: متى يحكم على الحديث بالوضع ؟
تنبيه: هناك أحاديث حكم عليها الأئمة بالوضع وليس في رواتها من رمي بالوضع
الحكم على الراوي بالوضع إنما هو بطريق الظن الغالب لا القطع
الوضاعون ليسوا على مرتبة واحدة
الحديث الموضوع لا يقتضي دائماً أنه من وضع الواضع
أوهام الثقات لا ينبغي أن تعد من الموضوعات

الفرق بين الحكم على الحديث بأنه موضوع والحكم على الراوي بأنه وضاع

عبد العزيز بن داخل المطيري

#6

29 Oct 2008

الأسئلة

س1: بين أهمية مبحث الطعن في الراوي.
س2: اذكر بالتفصيل أنواع الطعن في الراوي.
س3: عرف (الموضوع) لغة واصطلاحاً.
س4: هل (الموضوع) من أنواع الحديث؟
س5: مثل لخبر موضوع.
س6: اذكر مع التمثيل والتفصيل أنواع القرائن التي تدل على الوضع.
س7: اذكر مع التمثيل أسباب الوضع.
س8: ما حكم وضع الحديث بقصد الترغيب والترهيب؟
س9: ما حكم رواية الحديث الموضوع؟
س10: اذكر بعض المؤلفات في الموضوعات والوضاعين.
س11: بين متى يحكم على الحديث بالوضع.
س12: ما الفرق بين الحكم على الراوي بأنه وضاع والحكم على الحديث بأنه موضوع؟