25 Oct 2008
مجهول العين ومجهول الحال، والمبهم والموضح والوحدان
قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): (ثُمَّ الجَهَالَةُ: وَسَبَبُهَا
أَنَّ الرَّاوِيَ قَدْ تَكْثُرُ نُعُوتُهُ فَيُذْكَرُ بِغَيْرِ مَا اشْتَهَرَ بِهِ لِغَرَضٍ، وَصَنَّفُوا فِيهِ (المُوْضِحَ).
-وَقَدْ يَكُونُ مُقِلاًّ فَلاَ يَكْثُرُ الأَخْذُ عَنْه ُ، وَصَنَّفُوا فِيهِ (الوُحْدَانَ).
-أَوْ لاَ يُسَمَّى اخْتِصَارًا، وَفِيهِ (المُبْهَمَاتُ).
-وَلاَ يُقْبَل المُبْهَمُ وَلَوْ أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْدِيلِ عَلَى الأَصَحِّ.
فَإِنْ سُمِّيَ وَانْفَرَدَ وَاحِدٌ عَنْهُ فَمَجْهُولُ العَيْنِ.
أَو اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَلَمْ يُوَثَّقْ، فَمَجْهُولُ الحَالِ، وَهُوَ: المَسْتُورُ).
نزهة النظر شرح نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني قال الحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت:852هـ): ( (1) (ثُمَّ الجَهَالَةُ) بالرَّاوي وهيَ: السَّبَبُ الثَّامِنُ في الطَّعْنِ (وَسَبَبُهَا)أمْرَانِ: أحَدُهُمَا: (أَنَّ الرَّاوي قَدْ تَكْثُرُ نُعُوتُهُ) مِن اسمٍ، أو كُنْيَةٍ، أو لَقَبٍ، أو صِفَةٍ، أو حِرْفَةٍ، أو نَسَبٍ؛ فيَشتهِرُ بشيءٍ منها؛ (فَيُذْكَرُ بِغَيْرِ مَا اشْتُهِرَ بِهِ لِغَرَضٍ) من الأغْرَاضِ، فَيُظَنُّ أنَّهُ آخَرُ فَيَحْصُلُ الجَهْلُ بحالِهِ (وَصَنَّفُوا فيه) أي: في هَذَا النَّوْعِ (المُوَضِّحَ) لأوهَامِ
الجَمْعِ وَالتَّفرِيقِ، أَجَادَ فيه الْخَطِيبُ وَسَبَقَهُ إليه عبْدُ
الْغَنِيِّ بْنُ سَعِيدٍ الْمِصْرِيُّ وهو الأَزْدِيُّ ثُمَّ الصُّورِيُّ. ومِن أَمْثِلَتِهِ: محمدُ بْنُ السَّائِبِ بْنِ بِشرٍ الكَلْبِيُّ،
نَسَبَهُ بَعضُهُمْ إلى جَدِّهِ فقال: محمدُ بْنُ بِشرٍ، وسمَّاهُ
بعضُهُمْ حَمَّادَ بْنَ السَّائِبِ، وَكَنَّاهُ بعضُهُم أَبَا النَّضْرِ،
وبعضُهُم أبَا سعيدٍٍ، وبعضُهُم أبا هِشَامٍ، فصَارَ يُظَنُّ أنَّهُ
جَمَاعَةٌ، وهو واحدٌ، ومَنْ لا يَعْرِفُ حقيقةَ الأمرِ فيه لا يَعْرِفُ
شَيْئًا من ذَلِكَ. (2) (وَ) الأَمْرُ الثَّانِي: أنَّ الرَّاوي (قَدْ يَكُونُ مُقِلاً) من الحَدِيثِ (فَلاَ يَكْثُرُ الأَخْذُ عَنْهُ) وقد (صَنَّفُوا فيه الوُحدَانَ) وهو مَنْ لم يرْوِ عنهُ إلاَّ واحدٌ ولو سُمِّيَ، فَمِمَّن جَمَعَهُ مُسْلِمٌ، والحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ وغيرُهُما، (أو لاَ يُسَمَّى) الرَّاوي (اخْتِصَارًا) من
الرَّاوي عنه كقولِه: أَخْبَرَنِي فُلاَنٌ، أو شيخٌ، أو رجلٌ، أو
بَعْضُهُمْ، أو ابْنُ فُلانٍ، ويُسْتَدَلُّ على معرفَةِ اسمِ المُبْهَمِ
بوُرُودِهِ من طريقٍ أُخْرَى مُسَمًّى فيها، (وَ) صَنَّفُوا (فيه المُبْهَمَاتِ، وَلاَ يُقْبَلُ) حَدِيثُ (المُبْهَمِ) ما
لم يُسَمَّ؛ لأنَّ شرْطَ قَبُولِ الخَبَرِ عَدَالَةُ راوِيهِ، وَمَنْ
أُبْهِمَ اسمُهُ لا تُعْرَفْ عَيْنُهُ فكيفَ تُعْرَفُ عَدَالَتُهُ؟ وكذا لا يُقْبَلُ خَبَرُهُ (وَلَوْ أُبْهِمَ بِلَفْظِ التَّعْدِيلِ) كأنْ يقولَ الرَّاوي عنه: أخْبَرَنِي الثقَةُ؛ لأنَّهُ قدْ يكونُ ثِقَةً عندَه مَجْرُوحًا عندَ غيرِهِ، وهَذَا (عَلَى الأَصَحِّ) في المسألةِ، ولهَذِهِ النُّكْتَةِ لم يُقْبَل المُرْسَلُ، ولو أَرْسلَهُ العَدْلُ جَازِمًا بهِ لهَذَا الاحتمالِ بعينِه. وقيلَ:يُقْبَلُ تَمَسُّكًا بالظَّاهِرِ؛إذ الجَرْحُ على خِلافِ الأصلِ. وقيلَ:إن كان القائِلُ عالِمًا أَجْزَأَ ذَلِكَ في حقِّ مَنْ يُوَافِقُهُ في مَذْهَبِهِ، وهَذَا ليسَ من مَباحِثِ عُلُومِ الحَدِيثِ، واللهُ المُوَفِّقُ. (3) (فَإِنْ سُمِّيَ عَنْهُ) الرَّاوي (وَانْفَرَدَ) راوٍ (وَاحِدٌ) بالروايةِ (عَنْهُ فَـ) هو (مَجْهُولُ العَيْنِ) كالمُبْهَمِ
فلا يُقبلُ حَدِيثُه إلاَّ أنْ يُوَثِّقَهُ غيرُ مَنْ ينْفَرِدُ عنهُ على
الأصَحِّ، وكذا مَن ينفرِدُ عنهُ إذا كانَ متأَهِّلاً لذَلِكَ (أو) إنْ رَوَى عنهُ (اثْنَانِ فَصَاعِدًا وَلَمْ يُوَثَّقْ، فَـ) هووقد قَبِلَ رِوَايتَهُ جَماعَةٌ بغيرِ قَيْدٍ، وردَّها الجُمْهورُ. والتَّحْقَيقُ
أنَّ رِوَايةَ المَسْتُورِ وَنَحْوِهِ ممَّا فيه الاحتِمَالُ لا يُطْلَقُ
القولُ بِرَدِّها ولا بِقَبُولِها، بلْ هيَ مَوْقُوفَةٌ إلى اسْتِبَانَةِ
حَالِهِ كما جَزَمَ به إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، ونَحْوَهُ قولُ ابْنِ
الصَّلاَحِ فيَمن جُرِحَ بِجَرْحٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ).
نظم الدرر لفضيلة الشيخ: إبراهيم اللاحم قال الشيخ إبراهيم بن عبد الله اللاحم: ( (1)المَجْهُولُ انتقلَ الحافظُ إلى السَّببِ الثامنِ مِن أسبابِ ردِّ الحديثِ وهو جهالةُ الراوي، ولم يُعْطِ الحديثَ المردودَ بهذا السببِ اسمًا خاصًّا، فهو يدخلُ تحتَ الحديثِ الضعيف. ذُكِرَ أنَّ للجَهَالةِ سببينِ: 1-أنَّ الراوي قد يكونُ له أسماءٌ أو نعوتٌ أو أنسابٌ كثيرةٌ: -بأنْ يُنسبَ إلى البلدِ تارةً. -وإلى القبيلةِ تارةً. -وإلى الصنعةِ تارةً. -كما يُنسبُ إلى أبيه تارةً. -وإلى
جدِّه تارةً أخرى، إلى غيرِ ذلكَ؛ فإذا سُمِّي، أو كُنِّيَ، أو لُقِّبَ،
بغيرِ المعروفِ وقعت الجهالةُ، ومَثَّلَ:الحافظُ بشخصٍ اسمُه: محمدُ بنُ
السائبِ الكلبيُّ، وهو متروكُ الحديثِ، ورُمِيَ بالكذبِ، لكنَّ
المدلِّسِينَ الذين يروونَ عنه يُغَيِّرُونَ اسمَه، وتارةً لقبَه، وتارةً
نِسْبَتَهُ، وتارةً كُنيتَه. - ومثلُه: محمدُ
بنُ سعيدٍ المصلوبُ،وَضَّاعٌ مشهورٌ، يُدَلِّسُونَه كثيرًا، حتَّى ذكرَ
بعضُ الحُفَّاظِ أنه جمعَ الأسماءَ التي سُمِّيَ بها هذا الرجلُ مع
الكُنَى، والألقابِ، والأنسابِ، فزادتْ على مائةٍ، وكلُّها لرجلٍ واحدٍ. - وقالَ الحافظُ: (إنَّ الأئمَّة صنَّفُوا في هذا لكي لا يقعَ الباحثُ في وصفِ الراوي بوصفٍ لا يستحقُّه بسببِ جهالتِه)، فمِن ذلكَ: (مُوَضِّحُ أوهامِ الجمعِ والتفريقِ) للخطيبِ، وهذا الكتابُ يتعلَّقُ بأمرينِ: الأَوَّلُ: وهو
ما يهمُّنَا هنا وهو التفريقُ، ويُرادُ به الشخصُ الواحدُ قد يعدُّه
الإمامُ اثنينِ أو ثلاثةً؛ لذكرِه بأسماءٍ مختلفةٍ أو كُنَى وألقابٍ
مختلفةٍ، فيقولُ الخطيبُ: (إنَّ هذا الرجلَ وإنْ
تعدَّدَتْ أسماؤه وألقابُه فهو رجلٌ واحدٌ، وذكرَ كلَّ مَن وقفَ عليه بهذه
الطريقةِ مثلَ:إبراهيمَبنِ أبي يحيى، شيخِ الشافعيِّ، وهو متروكٌ كذَّابٌ). الثاني: الجمعُ
بضدِّ هذا،وهوَ أنْ يكونَ ثلاثةٌ مِن الرواةِ متَّفقينَ في الاسمِ واسمِ
الأبِ وأحيانًا في اسمِ الجدِّ أو في النسبةِ فيظنُّهم الإمامُ واحدًا،
وهذا الجمعُ أكثرُ ما يُعرفُ عندَ الأئمَّةِ في مصطلحِ الحديثِ باسمِ
المُتَّفِقِ والمُفْتَرِقِ. -مُتَّفِقٌ في الاسمِ. -ومُفْتَرِقٌ في الأشخاصِ. وهذا
السببُ بعدَ التصنيفِ فيه وبيانِ أنَّ هذا الراوي إنَّمَا هو واحدٌ الذي
يظهرُ أنَّه ليسَ سببًا جوهريًّا في الوقوعِ في الجهالةِ. 2-أنَّ الراوي قد يكونُ مُقلاً ليسَ مشهورًا بروايةِ الحديثِ،إمَّا
أنَّه لم يروِ إلا أحاديثَ يسيرةً أو أنَّه ليسَ له مِن الرواةِ إلا أناسٌ
قليلونَ، فهذا هو السببُ الرئيسيُّ في الوقوعِ في الجهالةِ، واعتنى
الأئمَّةُ بهذا وصنَّفُوا فيه كتبًا باسمِ (الْوُحْدَانِ)، مِثْلُ: (الْوُحْدَانِ)لمسلمٍ،والحسنِ بنِ سفيانَ،وأبي الفتحِ الأزديِّ، صنَّفُوا كتبَ الوحدانِ وهم الذين لم يروِ عنهم إلا شخصٌ واحدٌ. ومِمَّاألْحَقَه
الحافظُ بهذا السببِ مِن أسبابِ الجهالةِ: عدمُ تسميةِ الراوي تمامًا؛
بأنْ يقولَ: حدَّثَنِي رجلٌ، أو أخو فلانٍ، أو رجلٌ من بني فلانٍ؛ فهذا
يُسَمَّى المبهمَ، وقالَ: إنُه عُرِفَ هذا الذي لا يُذكرُ باسمِه عندَ
المحدِّثين باسمِ (المُبْهَمَاتِ)، وفيه
تصانيفُ، لكنَّ التصانيفَ المؤلفةَ أكثرُها في مُبْهَمَاتِ المتونِ في حينِ
أنَّ الحافظَ يتحدَّثُ عن مُبْهَمَاتِ الإسنادِ، وبعضُ هذه المُؤَلَّفَاتِ
لا ذكرَ فيها للمُبْهَمَاتِ في الإسنادِ. - مثلُ: أنْ
تردَ قصَّةٌ لرجلٍ لم يُسَمَّ فيذكرُ المؤلفُ اسمَ هذا الرجلِ، وهناكَ
كتابٌ مِن أجمعِ ما أُلِّفَ في المبهماتِ سواءٌ في المتنِ أو في الإسنادِ،
وهو لوليِّ الدينِ أبي زُرْعَةَ العراقيِّ بنِ العراقيِّ الإمامِ المشهورِ
واسمُه: (المستفادُ مِن مبهماتِ المتنِ والإسنادِ). بعدَ ذلكَ تَحَدَّثَ الحافظُ عن حكمِ الحديثِ المبهمِ: وقالَ: إنَّ المبهمَ لا يُقبلُ حديثُه بسببِ الجهالةِ، وأنَّه لا يُعرفُ هل هو ثقةٌ أو غيرُ ثقةٍ؟ حتى ولو كانَ معَ إبهامِه عُدِّلَ بأنْ يقالَ: حدَّثني
رجلٌ ثقةٌ أو قالَ: حدَّثَنِي مَن أثقُ به … إلخ بدونِ أنْ يُسَمِّيَهُ،
فالصحيحُ الذي عليه جمهورُ المحدِّثينَ أنَّه لا يُقبلُ ويُسَمُّونَه
تعديلَ المُبْهَمِ، والذي يستعملُه كثيرًا هو الإمامُ الشافعيُّ،
وبالاستقراءِ عُرفَ أنَّ الشافعيَّ قد يروي عن أناسٍ هم عندَ غيرِه ليسوا
بثقاتٍ، ومِن أشهرِهم إبراهيمُ بنُ أبي يحيى، ومنهمْ مسلمُ بنُ
خالدٍالزنجيُّ الفقيهُ، وإنْ كانَ في الضعفِ ليسَ مثلَ سابقِه. ثُمَّ
ذكرَ الحافظُ قضيَّةً أصوليَّةً أشارَ إلى أنَّها غيرُ مُتَعَلِّقَةٍ
بعلمِ الحديثِ، وهي أنَّ التعديلَ قد يُقبلُ عندَ مَن يُقَلِّدُ ذلكَ
الإمامَ، فكما قَلَّدَهُ في الفقهِ فيقلِّدُه في التعديلِ، وهذا فيه نظرٌ. ثُمَّ تعرَّضَ الحافظُ لتقسيمِ المجهولِ، ومتى يرتفعُ الشخصُ عن حدِّ الجهالةِ؟ (2) مجهولُ العينِ هو: الذي لم يروِ عنه إلا راوٍ واحدٌ ولم يُوَثَّقْ. وترتفعُ جهالةُ عينِه: إذا روى عنه اثنانِ فأكثرُ، حينئذٍ ينتقلُ مِن جهالةِ العينِ إلى جهالةِ الحالِ، كما ينتقلُ مِن جهالةِ العينِ في حالةٍ ثانيةٍ إذا روى عنه واحدٌ وَوُثِّقَ، فزالتْ عنه بذلكَ جهالةُ العينِ والحالِ، وارتفعَ إلى أنْ صارَ معروفًا مُوَثَّقًا، فحينئذٍ الدرجاتُ ثلاثٌ: 1-مجهولُ العينِ: وهو مَن لم يروِ عنه إلا واحدٌ ولم يُوَثَّقْ. 2-مجهولُ الحالِ: وهو الذي روى عنه اثنانِ فأكثرُ ولم يُوَثَّقْ. 3-مَن روى عنه واحدٌ فأكثرُ وَوُثِّقَ فَتَرْتَفعُ جهالتُه. هذا
كلامُ الحافظِ، وذكرَ الكلامَ في روايةِ المستورِ الذي هو مجهولُ الحالِ،
وذكرَ أنَّ الجمهورَ على أنَّه لا تُقْبَلُ روايتُه حتى يُوَثَّقَ وأنَّ
منهم مَن قَبلَها، والمعروفُ عن الأحنافِ قبولُ روايةِ المستورِ. والتقسيمُ
الذي ذهبَ إليه ابنُ حجرٍ في أنواعِ الجهالةِ مشهورٌ جدًّا حتى لا يكادَ
كتابٌ مِن كتبِ المصطلحِ المتأخِّرَةِ إلا ويذكرُه، والذينَ ذكرُوه
اعتمدُوا فيه على كلامِ محمدِ بنِ يحيى الذهليِّ، شيخِ البخاريِّ وأحدِ
أئمَّةِ السُّنَّةِ، ولهُ كتابُ (عللِ حديثِ الزُّهْرِيِّ)، يقولُ فيه الدارَقُطْنِيُّ: مَن أرادَ أنْ يعرفَ فضلَ علمِ السلفِ على علمِ الخلفِ فلينظرْ في (عللِ أحاديثِ الزُّهْرِيِّ)لمحمدِ
بنِ يحيى الذُّهْلِيِّ، ثُمَّ أودعَ الخطيبُ كلامَ الذُّهْلِيِّ في كتبهِ،
وانتشرَ عنه وأصبحَ هو الاصطلاحَ السائدَ، وإنْ كانَ ابنُ الصلاحِ قد
أشارَ إلى أنَّ هناكَ مذهبًا للأئمَّةِ يخالفُ اشتراطَ أنْ يرويَ عن
الراوي اثنانِ لتزولَ جهالةُ عينِه. هناك خلاصةٌ لمسألةِ الجهالةِ بأيِّ شيءٍ تزولُ مِن مَراجعِها لمَن أرادَ التوسُّعَ (شرحُ عللِ التِّرْمِذِيِّ)، فهذا الكلامُ الموجودُ في كتبِ المصطلحِ ربَّما نجدُ ما يخالفُه في التطبيقِ في كتبِ الأئمَّةِ لا سيَّما في (الصحيحينِ). الخلاصةُ: أنَ الجهالةَ ليسَ لها ضابطٌ معينٌ بل يُنظرُ إلى عدَّةِ أمورٍ في موضوعِ الجهالةِ منها: -الراوي عن ذلك المجهولِ. -الحديثُ الذي أتى به ذلكَ الراوي. -العصرُ الذي وُجِدَ فيه ذلكَ الراوي. -موقفُ الأئمَّةِ مِن حديثِ ذلكَ الراويِ قُبُولاً وردًّا. فهذه عِدَّةُ أمورٍ تُلاحظُ في موضوعِ الجهالةِ، ومِن الأمثلةِ على هذا أنَّه ربَّ رجلٍ لم يروِ عنه إلا شخصٌ واحدٌ، ولم يُنصَّ على توثيقِه ومع ذلكَ فهو عندَ الأئمَّةِ ثقةٌ. - سُئِلَ ابنُ معينٍ عن الرجلِ لا يروي عنه؛ إلا راوٍ واحدٌ يُقْبَلُ حديثُه؟ فقالَ:
إذا كانَ الراوي عنه مثلَ: ابنِ سيرينَ، والشعبيِّ فيُقبلُ حديثُه، ومعنى
هذا أنَّ هناكَ مِن الأئمَّةِ مَن إذا روى عن راوٍ فروايتُه تقويةٌ له،
منهم: حريزُ بنُ عثمانَ كما قالَ: أبو داودَ: شيوخُه كلُّهم ثقاتٌ. - وقالَ في الشعبيِّ: كلُّ
رجلٍ يروي عنه الشعبيُّ فهو ثقةٌ، ويقولونُ في الحسنِ البصريِّ: إذا
سَمَّى الراوي عنه فهو ثقةٌ، لكن بعضُ الرواةِ مثلُ: سِمَاكِ بنِ حربٍ،
وأبي إسحاقَ السبيعيِّ قالَ عنهما ابنُ معينٍ: لا، هذانِ يرويانِ عن كلِّ
أحدٍ. فالخلاصةُ: أنَّ الراوي عن الشخصِ قد يكونُ له صلةٌ بموضوعِ ارتفاعِ جهالتِه. وكذلكَ: بالنسبةِ
للعصرِ، فهذا الراوي الذي لم يروِ عنه إلا واحدٌ إذا كانَ في عصرِ كبارِ
التابعينَ فإنَّه ليسَ مثلَ الراوي إذا كانَ في عصرٍ متأخِّرٍ، وهو العصرُ
الذي اعتنى فيه الأئمَّةُ بالرواةِ وبحثُوا عنهم. - وكذلكَ: المتنُ الذي يأتي به الراوي له صلةٌ بالموضوعِ، ولهذه الأمورِ فقدْ أخرجَ الشيخانِ لأناسٍ ليسَ لهم إلا راوٍ واحدٌ ولا سيِّما الإمامُ مسلمٌ، أو روى عنهم أكثرُ مِن واحدٍ وليسَ فيهم توثيقٌ. وموضوعُ الجهالةِ يحتاجُ إلى دراسةٍ وافيةٍ دقيقةٍ).
شرح نخبة الفكر لفضيلة الشيخ: سعد بن عبد الله الحميد
قال الشيخ سعد بن عبد الله الحميد: (السببُ الرابعُ مِنْ أسبابِ الطعْنِ في الرَّاوِي:
(1) قالَ الحافظُ: (ثُمَّ الْجَهَالَةُ، وسببُها أنَّ الراويَ قدْ تَكْثُرُ نُعُوتُهُ فيُذْكَرُ بغيرِ ما اشْتَهَرَ اشْتُهِرَ بهِ لغَرَضٍ، وصَنَّفُوا فيها (الْمُوضِّحَ).
ذَكَرَ في الشرْحِ أنَّ سببَها أَمْرَانِ، ويُمْكِنُ أنْ نَقولَ: إنَّ سببَها ثلاثةُ أُمُورٍ:
الأمْرُ الأَوَّلُ:
أنَّ الراويَ أَحياناً قدْ تَكْثُرُ نُعوتُهُ، فنَجِدُهُ أحياناً يُذْكَرُ بغيرِ ما اشْتَهَرَ اشْتُهِرَ بهِ، فيَطَّلِعَ فيَطَّلِعُ الْمُطَّلِعُ على الإسنادِ فيَبْقَى حَيرانَاً في هذا الرجُلِ مَنْ يكونُ؛ ولذلكَ أحياناً يُضْطَرُّونَ إلى القولِ بأنَّ فُلاناً مَجهولٌ؛ لأنَّهُم لم يَعْرِفُوا مَنْ هوَ..
والغالِبُ على مَنْ يُوصَفُ بأوصافٍ كثيرةٍ أنَّهُ مَطْعُونٌ في عَدالتِهِ، فإذا حَكَمْنَا عليهِ بأنَّهُ مجهولٌ فقطْ، وتَسَمَّحَ أُناسٌ في قَضِيَّةِ المجهولِ، وقَبِلُوهُ في الْمُتَابَعَاتِ والشواهِدِ؛ فمعْنَى ذلكَ أنَّهُ قدْ تَدْخُلُ تُدْخَلُ علينا الْمَوضوعاتُ في الأحاديثِ التي نَحْتَجُّ بها، فتَغْلِيباً لسُوءِ الظَّنِّ في هذهِ الأحوالِ وحَيْطَةً؛ لأنَّ أحاديثَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ- يَنبغِي أنْ يُتَحَرَّزَ فيها، وكَوْنُنا نَحْتَاطُ أَوْلَى مِنْ أنْ نَتَسَاهَلَ، فيَدْخُلُ فيَدْخُلَ علينا البَلاءُ مِن الأحاديثِ التي لا تَصِحُّ ولا تَثْبُتُ عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ-.
وهناكَ بَعْضُ المَتْرُوكِينَ والكذَّابينَ؛ لأَجْلِ أنَّهُم عُرِفُوا واشْتَهَر واشْتُهِرَ أمْرُهم، صارَ بعضُ تلاميذِهم يُسَمُّونَهم بأسماءَ بأسماءٍ ويُلَقِّبُونَهُم بألقابٍ ويُكَنُّونَهُم بكُنًى غيرِ ما يَشْتَهِرُونَ يُشْتَهَرُونَ بهِ.
الْجَهَالَةُ:
ذَكَرْنَا سابقاً قَضِيَّةَ
(بَقِيَّةَ بنِ الوليدِ) الواردةَ في بابِ التدليسِ، وذَكَرْنَا أنَّ بَقِيَّةَ، حينَما حَذَفَ عُبَيْدَ اللَّهِ بنَ عَمْرٍو الرَّقِّيَّ، سَمَّاهُ أبا وَهْبٍ الأَسَدِيَّ، فعَمَّى على مَنْ يَطَّلِعُ على الحديثِ مَنْ يكونُ هذا الرَّجُلُ.
لكنَّ الإمامَ: أبا حاتمٍ الرازيَّ، اسْتَطَاعَ أنْ يَعْرِفَ أبا وَهْبٍ هذا، وأنَّهُ هوَ عُبيدُ اللَّهِ بنُ عمرٍو؛ فلذلكَ يَنبغِي أَخْذُ الْحَيْطَةَ الْحَيْطَةِ مِنْ مِثلِ هذهِ الْمَوَاقِفِ.
مِثالٌ على هذا:
(مُحَمَّدُ بنُ سعيدِ بنِ حَسَّانَ بنِ أبي قَيسٍ المَصْلُوبُ)، صَلَبَهُ أبو جَعفرٍ المنصورُ بالزَّنْدَقَةِ؛ لأنَّهُ وَضَعَ أربعةَ آلافِ حَدِيثٍ؛ لِيَطْعَنَ في الإسلامِ - هذا الراوي قَلَبَ تلاميذُهُ اسْمَهُ على نحوِ مائةِ اسمٍ؛ فمَرَّةً يَقولونَ: محمَّدُ بنُ حَسَّانَ، ومَرَّةً: محمَّدُ بنُ سعيدٍ، ومَرَّةً يَنْسِبُونَه يَنْسُبُونَهُ إلى قَبيلةٍ دُنْيَا، ومَرَّةً يَنْسِبُونَه يَنْسُبُونَهُ إلى قَبيلةٍ عُلْيَا.
وكذلكَ:
(محمَّدُ بنُ السَّائِبِ بنِ بِشْرٍ الكَلْبِيُّ) ، هذا مُتَّهَمٌ فنَجِدُهُ كَثُرَتْ نُعُوتُهُ، ونَجِدُ عَطِيَّةَ بنَ سَعْدٍ الْعَوْفِيَّ، وهوَ مِنْ تلاميذِ الكَلْبِيِّ هذا، وهوَ أيضاً ضِمْنُ مَنْ رَوَى عن الصحابِيِّ الجليلِ أبي سعيدٍ الْخُدْرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عنهُ-، فأحياناً يقولُ: حَدَّثَنِي أبو سعيدٍ، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ- قالَ؛ فَيَتَوَهَّمُ مَنْ لا مَعْرِفَةَ لهُ دقيقةً بالحديثِ أنَّهُ يَرويهِ عن الصحابِيِّ.
وعَطِيَّةُ، بَعْضُهم يَقْبَلُهُ أوْ على الأَقَلِّ يقولُ: حَدِيثٌ مِن الأحاديثِ الْمُنْجَبِرَةِ، والأمْرُ خِلافُ ذلكَ.
فإذا جاءَ في حَدِيثٍ راوٍ مُتَّهَمٌ بالكَذِبِ فلا يُقبَلُ، ولوْ جاءتْ مِنْ مِائةِ طَريقٍ،فعطيَّةُ العَوْفِيُّ كَنَّى شيخَهُ الكلْبِيَّ بكُنيَةٍ لا يُعْرَفُ بها، وهناكَ أحَدُ أبنائِهِ اسمُهُ سعيدٌ، فيُكَنِّيهِ بهِ.
ولذلكَ العُلماءُ يُدَقِّقُونَ في رِوايتِهِ، هلْ قالَ: الْخُدْرِيُّ أمْ لا؟
وصَنيعُ عَطِيَّةَ هذا معَ الكلبِيِّ يُسَمَّى تَدليسَ الشيوخِ، وقدْ تَرَكناهُ في مَبْحَثِ التدليسِ اختصاراً.
كُتُبٌ مُصَنَّفَةٌ في هذا الْمَبْحَثِ:
(الْمُوَضِّحُ لأَوْهَامِ الجمْعِ والتفريقِ)
للخَطيبِ البَغدادِيِّ، مَطبوعٌ في مُجَلَّدَيْنِ بتحقيقِ الشيخِ: عبدِ الرحمنِ المعلميِّ، وهوَ كتابٌ جَيِّدٌ في البابِ، وهوَ لا يَقتصِرُ على هذا الْمَبْحَثِ، بلْ هوَ يَقْصِدُ أنَّ هناكَ بعضَ الرُّواةِ الذينَ يَخْتَلِفُ العُلماءُ فيهم، فأحياناً يكونُ راوٍ واحدٌ يَجْعَلُهُ العُلماءُ اثنَيْنِ، وأحياناً يكونُ هناكَ رَاوِيَانِ يَجْعَلُهُما العُلماءُ واحداً.
مثلاً:
محمَّدُ بنُ السائبِ الكلبيُّ يُمْكِنُ يُجْعَلُ أكثَرَ مِن اثنَيْنِ، فالخطيبُ يُبَيِّنُ. وهناكَ بعضُ الرُّواةِ يُجْعَلُونَ واحداً.
مِثالٌ:
رجُلٌ يَرِدُ في الأسانيدِ يُكَنَّى أبا مَوْدُودٍ، اخْتَلَفَ العُلماءُ فيهِ ما اسْمُهُ ؟
فمِنهم مَنْ قالَ: اسْمُهُ (فِضَّةُ).
ومِنهم مَنْ قالَ: اسْمُهُ (عبدُ العزيزِ بنُ أبي سُليمانَ).
والصوابُ أنَّهُما اثنانِ، فعبدُ العزيزِ بنُ أبي سُليمانَ ثِقَةٌ، وفِضَّةُ مجهولُ الحالِ، فيُفَرَّقُ بينَهما، ومَنْ جَمَعَ بينَهما فقدْ أَخْطَأَ.
الأمْرُ الثاني:
ومِن الأسبابِ أيضاً أنْ يكونَ الراوي مُقِلاًّ مِن الحديثِ، فبعضُهم لا تَجِدُ لهم إلاَّ حديثاً واحداً أوْ حديثَيْنِ أوْ نحوَ ذلكَ، فَبِطَبِيعَةِ الحالِ لَنْ يَكْثُرَ تلاميذُهُ، وفي بعضِ الأحيانِ يكونُ الرَّاوِي عنهُ ابنَهُ أوْ أحَدَ أقارِبِهِ، فمِثْلُ هذا تَتَّجِهُ إليهِ الْجَهَالَةُ، وجَهَالَةُ هذا الصِّنْفِ تَحتَمِلُ أمرَيْنِ:
1-أنْ لا يكونَ رَوَى عنهُ إلاَّ رَجُلٌ واحدٌ،فهذا لهم عليهِ حُكْمٌ، فيقولونَ عنهُ: مجهولٌ، أوْ: مجهولُ العَيْنِ.
2-إذا رَوَى عنهُ أكثَرُ مِنْ راوٍ،فهذا يُقالُ عنهُ: مجهولُ الحالِ، وأحياناً يُطلِقونَ عليهِ: المَسْتُورَ، ويُطْلِقُ عليهِ الحافِظُ في التقريبِ: مَقْبُولٌ.
وهناكَ قَيْدٌ في الْمَجهولِ وهوَ بصِنْفَيْهِ، وهوَ ألاَّ يُوَثَّقَ مِنْ إِمَامٍ مُعْتَبَرٍ؛ مِثلِ: الإمامِ أحمدَ وابنِ مَعِينٍ، والبُخَارِيِّ، وأبي حاتمٍ، وابنِ الْمَدِينِيِّ، وأمثالِهم، أمَّا ابنُ حِبَّانَ نَجِدُهُ يَذْكُرُ رُواةً مَجهولينَ أوْ مَجْهُولِي الحالِ على أنَّهُم ثِقاتٌ في كتابِ الثِّقاتِ؛ لذلكَ اسْتَثْنَى العُلماءُ ابنَ حِبَّانَ مِنْ هذهِ القاعدةِ، وقالَ: تَوثيقُ ابنِ حِبَّانَ لا يُعْتَبَرُ في مِثلِ هؤلاءِ الرُّواةِ.
الوُحْدَانُ:
وَهُمْ مَنْ لم يَرْوِ عنهم إلاَّ راوٍ واحدٌ.
الأمْرُ الثالثُ:
أوْ لا يُسَمَّى الراوي اختصاراً مِن الراوي عنهُ،كقَوْلِهِ: أَخْبَرَنِي فُلانٌ، أوْ شيخٌ، أوْ رجُلٌ أوْ بعضُهم، أو ابنُ فُلانٍ، وهوَ الْمُبْهَمُ، وهوَ الذي لم يُفْصَحْ باسْمِهِ، مَثَلاً: - حدَّثَنِي رجُلٌ، عن ابنِ بَازٍ.
أوْ: حدَّثَنِي ابنٌ؛ لأحَدِ بَنِي تَميمٍ.
أوْ: حدَّثَنِي بعضُهم.
أوْ: حدَّثَنِي شيخٌ.
مِثالُهُ:
قولُ ابنِ عَدِيٍّ في (الكاملِ): حدَّثَنِي أشياخٌ لنا؛ فهؤلاءِ مُبْهَمُونَ، وهذهِ قِصَّةُ البُخَارِيِّ في العراقِ.
كُتُبٌ مُؤَلَّفَةٌ في الْمُبْهَمَاتِ:
الْمُبْهَمُ إمَّا أنْ يكونَ في السَّنَدِ أوْ في الْمَتْنِ، ومُعْظَمُ الْمُصَنَّفَاتِ التي صُنِّفَتْ في الْمُبْهَمَاتِ تُرَكِّزُ على الْمُبْهَمَاتِ في الْمَتْنِ دُونَ الْمُبْهَمِ في السَّنَدِ.
1-كتابُ (الأسماءُ المُبْهَمَةُ في الأَنباءِ الْمُحْكَمَةِ) للخَطيبِ البَغداديِّ؛ يَتَكَلَّمُ عن الرُّواةِ الْمُبْهَمِينَ في الْمُتُونِ.
مِثالُهُ:
في (صحيحِ مُسْلِمٍ) حَدِيثُ: طَلحةَ بنِ عُبيدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عنهُ: جاءَ رجُلٌ مِنْ أهلِ نَجْدٍ ثائِرَ الرأسِ، نَسْمَعُ دَوِيَّ صوتِهِ ولا نَفْقَهُ ما يقولُ، فإذا هوَ يَسأَلُ عن الإسلامِ... إلخ. هذا مُبْهَمُ الْمَتْنِ، فالخَطيبُ يُحَاوِلُ أنْ يَجْمَعَ طُرُقَ الحديثِ كُلَّها حتَّى يَعْثُرَ على طريقٍ سُمِّيَ فيها هذا الرجُلُ الْمُبْهَمُ، فنَجِدُ أنَّ أنَسَ بنَ مالكٍ صَرَّحَ باسمِهِ فَقَالَ في آخِرِ الحديثِ: يا رسولَ اللَّهِ، أَنَا ضِمَامُ بنُ ثَعْلَبَةَ وافِدُ قَوْمِي إليكَ.
2- (غَوَامِضُ الأسماءِ الْمُبْهَمَةِ)لابنِ بَشْكُوَالٍ، وهوَ مَطبوعٌ، وطريقتُهُ بنَفْسُِ طريقةِ البَغداديِّ، لكنَّهُ أَوْرَدَ أحاديثَ أكْثَرَ ممَّا أَوْرَدَهُ الْخَطيبُ البَغداديُّ.
3-(إيضاحُ الإِشكالِ)لابنِ طاهرٍ الْمَقْدِسِيِّ، جَمَعَ بينَ الْمُبْهَمِ في السَّنَدِ والْمُبْهَمِ في الْمَتْنِ، لكنَّهُ لا يَستطيعُ أنْ يَحْصُرَ الْمُبْهَمِينَ في الإسنادِ؛ لأنَّ الأسانيدَ كثيرةٌ، لكنَّهُ بِحَسْبِ بِحَسَبِ ما وَقَعَ لهُ، وهوَ بطريقةٍ مُخْتَصَرَةٍ.
ما الفائدةُ مِنْ هذا؟
نقولُ: معرِفةُ الإبهامِ في الإسنادِ أعظَمُ فائدةً مِنْ مَعرفةِ الإبهامِ في الْمَتْنِ؛ لأنَّهُ يَنْبَنِي عليهِ تصحيحٌ وتَضعيفٌ، فلوْ لم نتَعْرِفِ الراويَ الْمُبْهَمَ؛ فمعناهُ أنَّنا سنَتَوَقَّفُ عن الحُكْمِ على الحديثِ حتَّى نَعْرِفَ ذلكَ الراويَ الْمُبْهَمَ.
4-أهَمِّيَّةُ الْمُبْهَمِ في الْمَتْنِ أقَلُّ مِن الإسنادِ،
ومَنْ أرادَ مَعْرِفَةَ أهَمِّيَّتَهَا أهَمِّيَّتِهَا فَلْيَرْجِعْ لِمُقَدِّمَةِ (الْمُستفادُ مِنْ مُبْهَمَاتِ المتْنِ والإسنادِ) لأبي زُرْعَةَ ابنِ الحافظِ العراقيِّ، فإنَّهُ أتَى بكتابِ الْخَطيبِ وابنِ بشْكوَالٍ، وابنِ طاهِرٍ بترتيبِ النَّوَوِيِّ، وزياداتِهِ على كتابِ الخطيبِ، فجَمَعَ هذهِ الكُتُبَ الأربعةَ في كتابِهِ (الْمُسْتَفَادُ) ورَتَّبَها تَرتيباً جَيِّداً.
حُكْمُ الحديثِ الْمُبْهَمِ:
يقولُ الحافظُ: (لا يُقْبَلُ حَدِيثُ الْمُبْهَمِ) ما لم يُسَمَّ.
ونقولُ: ولا يَنْجَبِرُ حتَّى نَعْرِفَ مَن الْمُبْهَمُ وسببُ وسَبَبَ رَدِّهِ؛ لأنَّ شَرْطَ قَبُولِ الْجَبْرِ عَدالةُ رَاوِيهِ، ومَنْ أُبْهِمَ اسْمُهُ لا تُعْرَفُ عَيْنُهُ، فكيفَ تُعْرَفُ عدالتُهُ؟!
الإبهامُ بلَفْظِ التعديلِ: بعضُ العُلماءِ مِثْلُ: الشافعيِّ نَجِدُهُ أحياناً يقولُ: أخْبَرَنِي الثِّقَةُ. فشيخُهُ مُبْهَمٌ لكنَّهُ زادَ على الْمُبْهَمِ بأنَّهُ وَصَفَهُ بأنَّهُ ثِقَةٌ، فهلْ يُقْبَلُ التعديلُ على الإبهامِ؟ الرَّاجِحُ أنَّهُ لا يُقْبَلُ؛ لاحتمالِ أنْ يكونَ ثِقةً عندَهُ، لكنَّهُ غيرُ ثِقَةٍ عندَ غيرِهِ).
العناصر الجهالة: الجهالة من أسباب الطعن في الراوي أسباب الجهالة: السبب الأول: أن تكثر نعوت الراوي، فيذكر بغير ما اشتهر به
مثال السبب الأول
أسماء الكتب المصنفة في السبب الأول
الكلام على كتاب الخطيب البغدادي (الموضح لأوهام الجمع والتفريق)
السبب الثاني: أن يكون الراوي مقلاً فلا يكثر الأخذ عنه
أسماء الكتب المصنفة في السبب الثاني
السبب الثالث: ألا يسمى الراوي؛ اختصارًا من الراوي عنه (المبهم)
أقسام الجهالة:
القسم الأول: جهالة عين
تعريف (جهالة العين)
كيف ترفع جهالة العين عن الراوي ؟
المصنفات في الرواة الذين لم يرو عنهم إلا واحد
القسم الثاني: جهالة حال
تعريف (جهالة الحال)
فائدة: (المستور) لقب لمجهول الحال
شرط (الجهالة) أن لا يوثق الراوي من إمام معتبر
نقد العلماء لمذهب ابن حبان في توثيق المجاهيل
طرق كشف الجهالة
1 - معرفة الراوي عن ذلك المجهول
2 - معرفة الحديث الذي رواه ذلك الراوي
3 - معرفة العصر الذي وجد فيه ذلك الراوي
4 - موقف الأئمة من حديث ذلك الراوي قبولاً وردًا
المبهم:
تعريف (المبهم)
أهمية معرفة (المبهم)
أمثلة المبهم
أقسام الإبهام:
القسم الأول: الإبهام في السند
معرفة المبهم في الإسناد أعظم فائدة من معرفة الإبهام في المتن
القسم الثاني: الإبهام في المتن
حكم (الحديث المبهم)
هل (الحديث المبهم) من الضعيف الذي ينجبر؟
سبب رد (الحديث المبهم)
الكتب المصنفة في المبهمات
معظم المصنفات في (المبهم) تركز على مبهم المتن دون السند
فائدة: كتاب (المستفاد من مبهمات المتن والإسناد) من أجمع ما ألف في المبهمات
هل يمكن حصر المبهمين في الإسناد؟
الإبهام بلفظ التعديل:
المقصود بالإبهام بلفظ التعديل
هل يقبل الإبهام بلفظ التعديل؟
المستور:
تعريف (المستور)
حكم رواية (المستور) ).
الأسئلة س1: ما معنى (الجهالة)؟ س2: اذكر مع التمثيل أسباب الجهالة. س3: اذكر أنواع الجهالة. س4: متى ترتفع جهالة العين عن الراوي؟ س5: ما مذهب ابن حبان في المجاهيل واذكر نقد العلماء له؟ س6: اذكر طرق كشف الجهالة. س7: عرف (المبهم) لغة واصطلاحاً. س8: بين أهمية معرفة (المبهم). س9: اذكر أنواع الإبهام. س10: اذكر المصنفات في الحديث المبهم. س11: ما المقصود بالإبهام بلفظ التعديل مع التمثيل له وما حكمه؟ س12: ما حكم رواية (المستور) ؟