14 Jan 2010
النوع الرابع: ما يأتي على أربعة أوجه
قال أبو محمد جمال الدين عبد الله بن يوسف ابن هشام الأنصاري (ت:761هـ): (النوع الرابع: ما يأتي على أربعة أوجه
وهو أربعة:
أحدها: (لولا)،
فيقال فيها تارة: حرف يقتضي امتناع جوابه لوجود شرطه، وتختص بالجملة
الاسمية المحذوفة الخبر غالبا، نحو: لولا زيد لأكرمتك، ومنه: لولاي لكان
كذا، أي لولا أنا موجود.
وتارة: حرف تحضيض وعرض، أي طلب بإزعاج، أو برفق. فتختص بالمضارع، أو بما هو في تأويله، نحو: {لولا تستغفرون الله}، ونحو: {لولا أخرتنا إلى أجل قريب}.
وتارة: حرف توبيخ، فتختص بالماضي، نحو: {فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قربانا آلهة}.
قيل: وتكون حرف استفهام، نحو: {لولا أخرتني إلى أجل قريب} {ولولا أنزل إليه ملك} ، قاله الهروي. والظاهر أنها في الأولى للعرض، وفي الثانية للتحضيض.
وزاد معنى آخر، وهو أن تكون نافية بمنزلة (لم) وجعل منه: {فلولا كانت قرية آمنت}
أي: لم تكن قرية آمنت. والظاهر أن المراد: فهلا. وهو قول الأخفش،
والكسائي، والفراء. ويؤيده أن في حرف أبي، وعبد الله بن مسعود: (فهلا)
ويلزم من ذلك معنى النفي الذي ذكره الهروي، لأن اقتران التوبيخ بالفعل
الماضي يشعر بانتقاء وقوعه.
الثانية: (إن) المكسورة الخفيفة، فيقال فيها: شرطية، نحو: : {إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله}. وحكمها أن تجزم فعلين.
ونافية، في نحو: {إن عندكم من سلطان بهذا}. وأهل العالية يعملونها عمل ليس، نحو قول بعضهم: إن أحد خيرا من أحد إلا بالعافية. وقد اجتمعا في قوله تعالى : {ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده}.
ومخففة من الثقيلة، في نحو: {وإن كلا لما ليوفينهم}. في قراءة من خفف النون. ويقل إعمالها عمل المشددة كهذه القراءة. ومن إهمالها: (إن كل نفس لما عليها حافظ) في قراءة من خفف (لما).
وزائدة، في نحو: ما إن زيد
قائم. وحيث اجتمعت (ما) و(إن) فإن تقدمت (ما) فهي نافية، وإن (زائدة)، وإن
تقدمت (إن) فهي شرطية، و(ما) زائدة، نحو: {وإما تخافن من قوم خيانة}.
والثالثة : (أن) المفتوحة الخفيفة فيقال فيها: حرف مصدري ينصب المضارع، نحو: {يريد الله أن يخفف عنكم}. وهي الداخلة على الماضي في نحو: أعجبني أن صمت، لا غيرها، خلافا لابن طاهر.
وزائدة، في نحو: {فلما أن جاء البشير}، وكذا حيث جاءت بعد (لما).
ومفسرة في نحو: {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك}، وكذلك حيث وقعت بعد جملة فيها معنى القول دون حروفه، ولم تقترن بخافض.
فليس منها: {وآخر دعواهم أن الحمد لله} لأن المقدم عليها غير جملة. ولا نحو: كتبت إليه بأن أفعل، لدخول الخافض.
وقول بعض العلماء في قوله تعالى: {ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن اعبدوا الله ربي وربكم}: إنها مفسرة، إن حمل على أنها مفسرة لـ {أمرتني} دون (قلت) منع منه أنه لا يصح أن يكون {اعبدوا الله ربي وربكم}
مقولا لله تعالى. أو على أنها مفسرة لـ (قلت)، فحروف القول تأباه. وجوزه
الزمخشري إن أول (قلت) بأمرت. وجوز مصدريتها، على أن المصدر بيان للهاء، لا
بدل، لأن تقدير إسقاط الضمير يخلي الصلة من عائد.
والصواب العكس، لأن البيان
كالصفة، فلا يتبع الضمير، والعائد المقدر الحذف موجود لا معدوم، ولا يصح
أن يبدل من (ما) لأن العبادة لا يعمل فيها القول. نعم يجوز إن أول بأمرت.
ولا يمتنع في {وأوحى ربك إلى النحل أن اتخذي}، أن تكون مفسرة، مثلها في {فأوحينا إليه أن اصنع الفلك}، خلافا لمن منع ذلك لأن الإلهام في معنى القول.
ومخففة من الثقيلة في: {علم أن سيكون منكم}، {وحسبوا أن لا تكون} في قراءة الرفع. وكذا حيث وقعت بعد علم، أو ظن نزل منزلة العلم.
الرابعة: (من) فتكون: شرطية، في نحو: {من يعمل سوء يجز به}.
وموصولة، في نحو: {ومن الناس من يقول}.
واستفهامية، في نحو: {من بعثنا من مرقدنا}.
ونكرة موصوفة، في: مررت بمن معجب لك، أي: بإنسان معجب لك. وأجاز الفارسي أن تقع نكرة تامة، وحمل عليه قوله:
ونعم من هو في سر وإعلان
أي: ونعم شخصا).