الدروس
course cover
النوع الثامن: ما يأتي على اثني عشر وجهاً
14 Jan 2010
14 Jan 2010

5144

0

0

course cover
قواعد الإعراب

القسم الثالث

النوع الثامن: ما يأتي على اثني عشر وجهاً
14 Jan 2010
14 Jan 2010

14 Jan 2010

5144

0

0


0

0

0

0

0

النوع الثامن: ما يأتي على اثني عشر وجهاً

قال أبو محمد جمال الدين عبد الله بن يوسف ابن هشام الأنصاري (ت:761هـ): (النوع الثامن: ما يأتي على اثني عشر وجها
وهو: (ما) فإنها على ضربين: اسمية، وأوجهها سبعة: معرفة تامة، نحو: {فنعما هي}، أي فنعم الشيء إبداؤها.
ومعرفة ناقصة، وهي الموصولة، نحو: {ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة}. أي: الذي عند الله خير.
وشرطية، نحو: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله}.
واستفهامية، نحو: {وما تلك بيمينك يا موسى}.
ويجب حذف ألفها إذا كانت مجرورة، نحو: {عم يتساءلون} ، {فناظرة بم يرجع المرسلون}، ولهذا رد الكسائي على المفسرين قولهم في {بما غفر لي ربي}: إنها استفهامية.
وإنما جاز نحو: (لماذا فعلت)؟ لأن ألفها صارت حشوا بالتركيب مع (ذا)، فأشبهت الموصولة.
ونكرة تامة، وذلك في ثلاثة مواضع في كل منها خلاف:
أحدها: نحو: {فنعما هي}، ونحو: نعم ما صنعت، أي: فنعم شيئا هي، ونعم شيئا شيء صنعته.
والثاني: قولهم: إني مما أن أفعل، أي: إني مخلوق من أمر هو فعلي كذا وكذا، وذلك على سبيل المبالغة، مثل قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل}.
والثالث: قولهم في التعجب: ما أحسن زيدا، أي: شيء حسن زيدا، وهو قول سيبويه.
ونكرة موصوفة، كقولهم: مررت بما معجب لك، أي بشيء معجب، ومنه في قول: نعم ما صنعت، أي نعم شيئا صنعته، وما أحسن زيدا، أي: شيء موصوف بأنه حسن زيدا عظيم، بحذف الخبر. ونكرة موصوف بها، نحو: {مثلا ما}، وقولهم: لأمر ما جدع قصير أنفه، أي: مثلا بالغا في الحقارة، ولأمر عظيم، وقيل: إن (ما) في هذه حرف لا موضع لها.
وحرفية، وأوجهها خمسة:
نافية، فتعمل في الجملة الاسمية عمل (ليس) في لغة الحجازيين، نحو: {ما هذا بشرا}.
ومصدرية غير ظرفية، نحو: {بما نسوا يوم الحساب} أي: بنسيانهم إياه.
ومصدرية ظرفية، نحو: {مادمت حيا}، أي: مدة دوامي حيا. وكافة عن العمل، وهي ثلاثة أقسام: كافة عن عمل الرفع، كقوله:

صددت فأطولت الصدود وقلما = وصال على طول الصدود يدوم

فـ (قل) فعل، و(ما) كافة عن طلب الفاعل، و(وصال) فاعل فعل محذوف يفسره الفعل المذكور، وهو (يدوم)، ولا يكون (وصال) مبتدأ، لأن الفعل المكفوف لا يدخل إلا على الجمل الفعلية. ولم يكف من الأفعال إلا: قل، وطال، وكثر.
وكافة عن عمل النصب والرفع، وذلك (في إن) وأخواتها، نحو: {إنما الله إله واحد}.
وكافة عن عمل الجر، نحو: {ربما يود الذين كفروا} وقوله:

كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه

(واختلف في لفظ (ما) التالية (بعد) كقوله:

أعلاقة أم الوليد بعدما = أفنان رأسك كالغثام المخلس

فقيل: كافة (بعد) عن الإضافة، وقيل: مصدرية.
وزائدة، وتسمى هي وغيرها من الحروف الزائدة صلة وتوكيدا، نحو: {فبما رحمة من الله لنت لهم}، و{عما قليل ليصبحن نادمين}، أي: فبرحمة، وعن قليل. والله أعلم).

هيئة الإشراف

#2

14 Jan 2010

نظم قواعد الإعراب لابن ظهيرة المكي

قال جمال الدين محمد بن عبد الله ابن ظهيرة المكي (ت: ٨١٧ هـ): (

مَعْـرِفَـةٌ ذَاتُ تـمـامِ مَــا قُـــلِ ... وذَاتُ نَـقْـصٍ ولـشَـرْطٍ  فـاقْـبَـلِ
نَـكِــرَةٌ مَـوْصـوفَـةٌ  تَـعَـجُّـبُ
... نَكِـرَةٌ فصِـفْ بـهـا مــا تَطْـلُـبُ
مَوْصُـولَـةٌ  كـــذا  للاستـفـهـامِ
... واسمـاً أَتَـتْ فـي هــذِهِ  الاقْـسـامِ
وإِنْ تَـكُـنْ حَـرفــاً فمَـصْـدَرِيَّـهْ
... ظَرْفِـيَّـةٌ وغَـيْـرُ  مَــا  ظَـرْفِـيَّـهْ
زَائِـــدَةٌ نَـافِـيَــةٌ  وكَــافَّــهْ
... عَـنْ رَفْـعٍ أَوْ نَصْـبٍ  وجَـرٍّ  كَـافَّـهْ).

هيئة الإشراف

#3

14 Jan 2010

شرح قواعد الإعراب للعلامة: محمد بن سليمان الكافيجي

قال محيي الدين محمد بن سليمان الكافيجي  (ت: 879هـ): (النوع الثامن من الأنواع الثمانية ما يأتي في الكلام على اثني عشر وجهها وهو ما فيكون استعماله منحصرًا في تلك الوجوه بالاستقراء انحصار الكلي في جزئياته وهو على ضربين أحدهما اسمية ووجوهها سبعة أحدها أن تكون معرفة تامة والمراد من تمامها أن لا يحتاج إلى صلة ولا إلى صفة نحو ما في قوله تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} الفاء فاء جواب الشرط ونعم فعل مدح وما معرفة تامة مرفوعة المحل على أنها فاعلها فأشار إليه بقوله أي نعم الشيء فمن قال ما ههنا منصوب على التمييز وفاعل نعم ضمير مستتر فيه عائد إلى الصدقات فقد سهى عن مقصود الكتاب فإن قلت فكيف يكون ساهيًا وقد قال بعض النحاة ههنا ما نكرة غير موصوفة منصوبة على التمييز وفاعل نعم ضمير مستتر فيه عائد إلى الصدقات وقال أيضًا ما ههنا لا محل لها من الإعراب للفاعل هو المرفوع بعده قلتُ المذكور في الكتاب ههنا هو مذهب سيبويه فيكون قول ذلك القائل غير مطابق لمذهبه وإن كان مطابقًا لمذهب غيره وهي عائد إلى الصدقات مخصوص بالمدح ظاهرًا والمعنى على حذف مضاف لأن ضابط المدح هو أبداها لنفسها بشهادة معنى الكلام عليه ثم حذف المضاف ونقل الضمير المجرور إلى الضمير المرفوع وأقيم مقامه فأشار إلى هذا بقوله: ابداؤهما والفعل مع معموله جملة فعلية وقعت جواب الشرط فإذا قلتَ نعما صنعت ونعما فعلت يكون المعنى على مذهب سيبويه نعم الشيء شيء صنعت فيكون جاء فاعل نعم والمخصوص بالمدح محذوف وصنعت مع مفعوله المحذوف العائد إلى ذلك المخصوص مرفوع المحل على أنه صفة هذا ما يناسق إليه الذهن ويشهد بصدق القاعدة العربية وههنا أقوال أخر لا تخلو عن التحمل فلذلك أعرضنا عن ذكرها وثانيها أن تكون معرفة ناقصة وهي التي تحتاج إلى الصلة وهي الموصولة نحو: {قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة} أي الذي عند الله من الثواب خير قل فعل فاعله مستتر فيه وهو أنت وما موصول بمعنى الذي والظرف صلته وهو مع صلته مرفوع المحل على أنه مبتدأ وخير خبره ومن اللهو متعلق به ومن التجارة عطف عليه والجملة منصوبة المحل على أنها مقول القول والوجه الثالث شرطية أي تكون نكرة متضمنة معنى حرف الشرط نحو: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله} فإن قيل الله عالم بكل شيء سواء كان خيرًا أو شرًا فما الفائدة في تعلق العلم بالخير وحده وقيل المراد منه الحث عقيب النهي عن الشر سيبدل به ويستعمل مكانه وقيل المعنى على العموم لكن اقتصر على ذكر الخير على سبيل الاكتفاء إظهارًا لشرفه فإن قلت ما الفائدة في هذا التعليق مع أن علم الله تعالى متعلق بكل شيء قلت الترغيب في فعل الحسنات والترهيب عن اكتساب السيئات على أن الشرط قد يستعمل للدلالة على أن المشروط ثابت مستقر في كل حال وهذا من ذلك القبيل وقد عرفت أن المراد من التعليق في أمثال هذا هو مطلق الارتباط سواء كان على سبيل الترفق أم لا وما اسم متضمن لمعنى الشرط منصوب المحل على أنه مفعول تفعله مثل {أياما تدعو} وتفعلوا فعل الشرط فاعله الواو حذف النون علامة الجزم ومن خير منصوب المحل على أنه حال من المفعول وقيل منصوب المحل على التمييز والمميز ما وقيل منصوب المحل على أنه نعت المصدر المحذوف وكأنه قيل ما تفعلوا فعلاً من خيرٍ، ويعلم جزاء الشرط مجزوم بما والضمير المنصوب المتصل به العائد إلى مفعوله والله فاعله والمجموع جملة شرطية لا محل لها من الإعراب... والوجه الرابع أن تكون استفهامية أي اسم متضمنة لمعنى حرف الاستفهام فتكون بمعنى أي شيء {وما تلك بيمينك} ما اسم متضمن لمعنى الاستفهام مبتدأ وتلك خبره وبيمينك منصوب المحل على أنه حال من تلك مثل على جنوبهم في قوله تعالى: {الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم} فالمعنى يذكرونه دائمًا على الحالات كلها قائمين وقاعدين ومضطجعين على جنوبهم وأما العامل فيها فهو معنى الإشارة في تلك كما في {هذا بعلي شيخًا} وقال الكوفيون: تلك اسم موصول وبيمينك صلته.
ثم لما فرغ من بيان استعمالها في الكلام وأراد أن يبين حال ألفها على سبيل استطراد أشار إلى هذا بقوله ويجب حذف ألفها أي ألف ما الاستفهامية لكثرة استعمالها وطول الكلام إذا كانت مجرورة بجار لكن يجب إبقاء فتحة الميم للدلالة على الألف المحذوفة كقولك فيم ولم وعم نحو {عم يتساءلون} المعنى عن أي شيء يتساءلون عن حرف جر دخلت على ما الاستفهامية فحذفت ألفها فقلبت النون ميمًا وأدغم الميم في الميم والجار مع المجرور متعلق بـ (يتساءلون) وهو فعل فاعله الواو والنون علامة الرفع والجملة ابتدائية لا محل لها من الإعراب ونحو {فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} المعنى بأي شيء يرجع المرسلون من حاله أي من حال سليمان عليه السلام الفاء فاء العطف وناظرة معطوف بها على مرسلة والباء حرف جر دخلت على ما وحذفت ألفها والجار مع المجرور متعلق بيرجع وهو فعل فاعله المرسلون ولهذا أي لوجوب حذف ألفها إذا كانت مجرورة رد الكسائي على المفسرين قولهم منصوب على أنه مفعول رد لتوجيه ما التي في قوله تعالى: {بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي} أنها بالكسر لكونها بعد القول استفهامية المعنى بأي شيء غفر لي ربي الباء حرف جر دخلت على ما والجار مع المجرور متعلق بغفر ولي متعلق به وربي فاعله والجملة متعلقة بيعلمون من حيث المعنى وتقدر الدواتها ههنا ليست باستفهامية إذ لو كانت استفهامية لما ثبت ألفها ههنا لكنها قد ثبتت فلا يكون استفهامية فتكون مصدرية فيكون مع مدخولها بمعنى المصدر فيكون الجار مع المجرور متعلقا بيعلمون ويجوز أن يكون موصولة فيكون المعنى بالذي غفر لي ربي من الذنوب فيكون الموصول مع صلته مجرور للمحل بالتاء معلقًا بيعلمون أيضًا والجواب أنا نقول لا نسلم لزوم حذف ألفها إذا كانت استفهامية وكانت مجرورة ولم لا يجوز أن يكون إثباتها جائز ألا ترى أنك تقول قد علمت بما صنعت أي بأي شيء صنعت كما قال حسان:
على ما قام يشتمني لئيم كخنزير تمرغ في رماد
وقال بعضهم إذا دخل عليها الجار يحذف ألفها كثيرًا وتذكر قليلاً قوله وإنما جاز أي جاز إثبات ألفها مع كونها مجرورة إشارة إلى جواب سؤال رد على قوله ويجب حذف ألفها إذا كانت مجرورة في نحو لماذا اللام حرف جر دخلت على ما الاستفهامية وذا اسم إشارة فصار المجموع بعد التركيب بمعنى أي شيء ويجوز أن تكون استفهامية وذا زائدة فعلى كلا التقديرين الجار مع المجرور متعلق فعلتَ على سبيل التعليل وقدم عليه لتضمنها معنى الاستفهام وههنا وجوه أخر أحدها أن تكون ما زائدة وذا اسم إشارة وثانيها أن يكون ماذا كلمه اسم جنس بمعنى شيء أو اسم موصول بمعنى الذي وثالثها أن يكون ما للاستفهام وذا موصول أو اسم إشارة لأن ألفها صارت حشوا بالتركيب أي بسبب تركيب ما مع ذا والحشو محل القرار والثبات غير محل التغيير فكذا جرى الإعراب في آخر الكلمة فأشبهت أي ما الاستفهامية الموصول لفظًا وإن كان بينهما فرق معنى والمشابهة الصورية كافية في الأحكام اللفظية فلا يحذف ألف الموصولة والوجه الخامس أن تكون نكرة تامة وهي التي لا تكون موصوفة بشيء ولا موصوفًا بها وذلك أي استعمال تلك النكرة في ثلاثة مواضع في كل واحد منها أي من المواضع الثلاثة خلاف مشهور بين النحاة والجملة الظرفية مجرورة المحل على أنها صفة مواضع أحدها أحد المواضع باب نعم وبئس نحو: {فنعما هي} نعم فعل مدح فاعله مستتر فيه عائد إلى الصدقات والمعنى على تقدير مضاف على ما عرفت وما نكرة تامة منصوبة على التمييز عند بعض النحاة منهم الزمخشري. وأما عند سيبويه فهي معرفة تامة مرفوعة المحل على أنها فاعله وهي مخصوصة بالمدح فبتقدير مضاف ونحو نعما صنعتَ الواو للعطف ونعم فعل مدح فاعله ضمير مبهم مستتر فيه وهي نكرة تامة منصوبة المحل على أنها مميزة لذلك الضمير المبهم عند البعض وقد عرفت مذهب سيبويه ههنا والمخصوص بالمدح فحذف وصنع فعل فاعله التاء ومفعوله غير محذوف عائد إلى ذلك المخصوص والجملة الفعلية مرفوعة المحل على أنها صفة والمخصوص المحذوف فأشار إلى جميع ذلك بقوله أي نعم الشيء شيء صنعته والموضع الثاني منها قولهم أي قول العرب إذا ادعوا أن صفة أمر قد بلغت فيه حدًا لا يمكن فوق حد ولزمته وأرادوا التنبيه على ذلك جعلوا تلك الصفة مادة ذلك الأمر ومنبعه وأدخلوا عليها كلمة تشعر بذلك المقصود فقالوا أن زيدًا مما أن يكتب مثلاً وكذا إذا أراد بعضهم إثبات ذلك المعنى لنفسه يقول إني مما أن أفعل فإن قلت المناسب أن يقول أن أكتب وأشتغل مثلاً فلم عدل إلى أن أفعل قلتُ للإرشاد إلى أن ذلك المطلوب ممكن الحصول في كل ما من مواد الفعل وليس مختصًا بمادة مخصوصة كالكتابة مثلاً أن بالكسر وهو حرف من الحروف المشبهة بالفعل اسمها ياء المتكلم ومن حرف جر تدل على الابتداء ههنا وما نكرة تامة بمعنى شيء والتعبير عن الشيء بما لتفخيم شأن تلك الصفة والجار مع المجرور متعلق بحاصل وهو خبر أن فإن قلت المتعلق مخلوق لا حاصل كما يدل عليه تفسير هذا الكلام قلت المخلوق لازم معنى هذا الكلام وليس متعلقًا له لا لغةً ولا اصطلاحًا فإن قلت قد صرح بعض الناس أنه متعلق له قلتُ ليس ذلك المتعلق المقصود ههنا بل هو ميل إلى جانب حاصل معنى الكلام ونظيره أن معنى كتبت بالقلم معنى كتبت مستعينًا بالقلم ولا شك أن هذا ليس بيان متعلق الباء فكذا هذا وأن حرف مصدري ناصب وأفعل فعل منصوب به فاعله مستتر فيه وهو أنا وهو مع معموله في معنى المصدر مجرور المحل على أنه بدل مما بدل الكل فائدته التفسير بعد الإبهام ليكون أثمر وأوقع في القلوب فإن قلت التفسير يدل على أنه صفته قلتُ ذلك أيضًا ميل إلى حاصل المعنى وإلا فالفعل مع فاعله بمعنى المصدر المضاف إلى فاعله فيكون معرفة فكيف تكون صفة لنكرة فإن قلت نجعل الفعل وحده صفة له أو جعل الفعل مع فاعله مبني مبتدأ محذوف وهو هي فيصبح أن يكون لها صفة أيضًا قلتُ ذلك لا يعول عليه لكونه عدولاً عن معنى الكلام بدون الاحتياج إليه ثم لما كان المعنى اللغوي لهذا الكلام وإن كان ظاهرًا لكن المعنى اللازم له غير ظاهر أشار إلى بيانه بقوله أي أن مخلوق من أمر هو أي الأمر مبتدأ خبره فعل وهو مضاف إلى كذا وهو ههنا كناية عن فعل مخصوص وأشار إليه كالكناية مثلاً وكذا عطف عليه والجملة مجرورة المحل على أنها صفة أمر فإن قلت هذا ما ينافي ما ذكرته قلتُ لا لأن ما ذكرته هناك إنما هو بالنظر إلى المعنى الأصلي للكلام والذي ذكرته ههنا إنما هو بحسب لازم معناه هذا عند أكثر النحاة وهو مختار المصنف وقال السيرافي ومن تابعه أنها معرفة تامة بمعنى الأمر وأن أفعل مرفوع المحل على أنه مبتدأ مؤخر مما خبره مقدم عليه والجملة مرفوعة المحل على أنها خبر أن وأنت تعلم أن معنى الكلام لا يساعد هذا التوجيه وذلك إشارة إلى مضمون قوله إني مخلوق إلى آخره جار على سبيل المبالغة وقد عرفت بما ذكر معنى المبالغة وسبيلها مثل جريان معنى الجعل على سبيل المبالغة في قوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} ولا شك أن طريق المبالغة ههنا أظهر خلق فعل فاعله الإنسان ومن عجل متعلق به والوضع الثالث منها ما في قولهم ما أحسن زيدًا معنى هذا الكلام شيء حسن زيدًا ما نكرة تامة مبتدأ عند سيبويه وأحسن فعل فاعله مستتر فيه عائد إلى شيء وزيدًا مفعوله والجملة خبرة وقال بعضهم ما موصولة فتكون معرفة ناقصة والجملة الفعلية صلتها وهي مع صلتها أو وحدها مبتدأ خبره محذوف وجوبًا كأنه قيل الذي حسن زيدًا شيء عظيم. والوجه السادس أن تكون نكرة موصوفة كقولهم أي العرب مررت بما معجب لك الباء حرف جر وما نكرة موصوفة بمعنى شيء مجرور به والجار مع المجرور متعلق بمررت ومعجب مجرور صفة ما ولك متعلق بمعجب فأشار إلى هذا بقوله أي شيء معجب لك ومنه من هذا الوجه ما في قولهم أي العرب نعم ما صنعت أي الشيء شيئًا صنعته نعم فعل فاعله مستتر فيه عبارة عن الشيء وما نكرة موصوفة منصوبة على التمييز وصنع فعل فاعله التاء ومفعوله ضمير منصوب به عائد إلى ما محذوف والجملة منصوبة المحل على أنها صفة ما والمخصوص بالمدح محذوف ففي ما هذه ثلاثة أقوال الأول أنها معرفة تامة عند سيبويه والثاني أنها نكرة تامة عند بعض النحاة ومنهم الزمخشري والثالث أنها نكرة موصوفة على رأي بعض منهم والوجه السابع أن تكون نكرة قوله موصوف بها صفة نكرة وبها مرفوع المحل على أنه فاعل موصوف والهاء عائد إلى نكرة نحو: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا} ما أن حرف من الحروف الشبهة والله اسمه ولا يستحي فعل فاعله مستتر فيه عائد إليه أيضًا ومثلاً منصوبة بالفعل مفعوله وهو مع معموله بمعنى المصدر منصوب المحل على أنه مفعول لا يستحيي وهو مع معموله منصوب المحل على أنه مفعول لا يستحيي وهو مع معموله مرفوع المحل على أنه خبر إن وما نكرة منصوبة المحل على أنها صفة مثلاً كقولك أعطني كتابًا ما أي أي كتاب كان ونحو قولهم في مقام الإبهام والتفخيم لأمر ما جدع قصير أنفه أي لأمر عظيم قطع قصير أنفه وهذا مثل مشهور عندهم واللام حرف جر وأمر مجرور بها وهو أمر واحد لأمور ومعناه ههنا الشأن والحال كما في قول الشاعر:
لأمر ما يسود من يسود
والجار مع المجرور متعلق بجدع وما نكرة مجرورة المحل على أنها صفة وجدع بالدال المهملة بمعنى قطع فاعله قصير وهو قصير بن سعيد اللخمي صاحب جذيمة الأبرش فما وقع ههنا من قصير بدل قصير فهو تصحيف وأنف مفعوله وهو مضاف إلى المجرور العائد إلى قصير فما هذه لا يخلو عن إفادة أحد الأمور الثلاثة التحقير والتعظيم والتنويع كما لا يخلو عن إفادة معنى الإبهام وتأكيد معنى التنكير فأشار إلى الأول بتفسير لازم معناه في المثال الأول بقوله أي مثلاً بالفاء صفة مثلاً في الحقارة متعلق بها كما أشار إلى الثاني بتفسير حاصل معناها في المثال الثاني بقوله ولأمر عظيم وأما مثال الثالث فنحو قولك ضرب زيد عمرو ضربًا ما أي ضربه نوعًا من أنواع الضرب أي نوع كان ثم لما فرغ من بيان قول من قال ما في هذه الصورة اسم نكرة موصوفة بها وقد قال بعضهم هي حرف زائد لا محل لها من الإعراب وكان المختار عند المصنف هو القول الأول أشار إلى الثاني بقوله وقيل أن هذه أو ما في هذه الأمثلة حرف زائدة لإفادة معنى الإبهام والتأكيد لا بمعنى أنها لغو ضائع فإن كلام العرب بعيد عن مثل هذا بمراحل خصوصًا في حق القرآن لا موضع لها من الإعراب لانتفاء المعاني الموجبة له في معاني الحروف والضرب الثاني حرفية وأوجهها خمسة ما لاستقر الوجه الأول أن يكون نافية فتعمل في خبري الجملة الاسمية فإن الجملة من حيث أنها جملة لا تعمل فيها عامل عمل ليس لكونها بمعناها في لغة الحجازيين نحو: {ما هذا بشرًا} ما حرف نفي بمعنى ليس وهذا مرفوع المحل على أنه اسمها وبشرًا منصوب خبرها والوجه الثاني أن يكون مصدرية غير ظرفية فيدل على معنى المصدر وبدون التعرض لمعنى الوقت نحو: {لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب} أي بنسيانهم وهو الضلال عن سبيل الله تعالى إياه أي يوم الحساب المعنى لهم عذاب شديد بسبب نسيانهم يوم القيامة لهم ظرف وعذاب مرفوع فاعله وشديد صفة عذاب والباء حرف جر وما حرف مصدري موصول ونسوا فعل فاعله الواو ويوم الحساب مفعوله والفعل مع معموله وقع صلة الموصول وهو مع صلته مجرور المحل بالباء متعلق بقوله: {لهم عذاب شديد} وقيل يوم الحساب متعلق به أيضًا المعنى لهم عذاب شديد يوم القيامة بسبب نسيانهم وضلالتهم عن سبيل الله تعالى والوجه الثالث أن يكون مصدرية ظرفية فيدل على المعنى المصدري أصالة مع التعرض لمعنى الوقتي بمعونة القرينة نحو: {وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيًا} أي مدة دوامي حيا فأشار بالمدة إلى دلالتها على الوقت كما أشار بالدوام إلى دلالتها على المعنى المصدري. الواو للعطف وأوصى فعل بمعنى أمر فاعله مستتر فيه عائد إلى الله تعالى. والنون نون الوقاية والياء مفعوله وبالصلاة متعلق به والزكاة عطف عليها وما حرف مصدري يدل على المعنى المصدر بحسب الوضع ويدل على معنى المدة بحسب النيابة ومعونة المقام لا بحسب الوضع ولا يلزم أن يكون اسمًا وذلك لأن الأصل مرة دوامي حيًا فحذف الظرف وجعل الموصول مع صلته مقامه كما في قولك جئتك صلاة العصر وأتيتك قدوم الحاج وهو منصوب المحل على أنه مفعول فيه للزكاة على مذهب البصريين ودام فعل من الأفعال الناقصة والياء اسمه وحيا خبره والجملة وقعت صلة للموصول. والوجه الرابع أن يكون كافة أي بمعنى العامل عن العمل وهي أي الكافة عن العمل منحصرة بحسب الفعل والاستقراء في ثلاثة أقسام. انحصار الكلمة في أقسامها لأن الكفوف إما أن تكون مكفوفًا عن عمل الرفع أو عن عمل النصب أو عن عمل الجر فالقسم الأول أن يكون كافة عن عمل الرفع كقوله أي المراد
صددت فما طولت الصدود وفلما وصال على طول الصدود يدوم
المعنى أعرضت فاستمررت على الإعراض ولا يدوم وصال على امتداد الإعراض صد فعل فاعله التاء وهي خطاب المرأة والفاء للعطف وأطال فعل فاعله التاء أيضًا والصدود مفعوله والجملة معطوفة على جملة صددت والواو واو الحال وقيل فعل مكفوف عن عمل الرفع وما حرف كافة ووصال مرفوع على أنه فاعل فعل محذوف وهو يدوم على طول الصدود متعلق به والجملة منصوبة المحل على الحالية ويدوم فعل مفسر كذلك المحذوف فاعله مستتر فيه عائد إلى وصال فقل في فلما فعل مكفوف عن عمل الرفع وما كافة إياه عن طلب الفاعل فصلاً عن العمل ثم إنها تقع بعدها إلا فعل لفظًا أو تقديرًا أما الأول فنحو فلما يجئ زيد وأما الثاني فأشار إليه بقوله ووصال فاعل فعل محذوف وجوبًا يفسره أي الفعل المحذوف الفعل المذكور وهو أي الفعل المذكور يدوم وقيل أنه فاعل يدوم قدم عليه للضرورة ورده بأن البصريين لا يجوزون تقديم الفاعل مطلقًا سواء كان في النظم أو في النثر ثم أن بعض الناس لما قالوا أن وصال مبتدأ ويدوم فعل فاعله مستتر فيه عائد إلى المبتدأ وعلى طول الصدود متعلق به والجملة الاسمية أقيمت مقام الجملة الفعلية لأجل ضرورة النظم وكان هذا المقول عدولاً عن الظاهر أشار المصنف إلى رده بقوله ولا يكون أي وصال مبتدأ أي لا يجوز أن يكون وصال مبتدأ ويدوم مع متعلقه خبره والمجموع جملة اسمية لأن الفعل المكفوف عن العمل لا يدخل إلا على الجملة الفعلية على أن فلما ههنا تضمن معنى حرف النفي ووجه الرد أن هذه الجملة مدخوله الفعل المكفوف فلو كانت اسمية لما دخل عليها الفعل المكفوف لكن اللازم باطل فكذا الملزوم هذا وقال بعضهم ما في فلما زائدة ووصال فاعل قل وقيل ما مصدرية مطلقًا سواء كانت مع قل أو كثر أو طال ولكون ما بعدها بمعنى المصدر مرفوع المحل على أنه فاعل لهذه الأفعال كأنه قيل وقل دوام الوصال على طول الصدود فإن قلت أي الوجوه أولى ههنا قلتُ الوجه الأول أولى لأن المقصود من هذه الكلام ههنا هو بيان تعلق معنى القلة يعني الدوام مع قصد نفيه لا بيان تعلقه بمعنى الوصال ولا بمعنى الكلام المؤول بمعنى المصدر فلهذا اختاره المصنف ولا يلتفت إلى غيره ولم يكف فعل من الأفعال عن العمل إلا فلما وطال ما وكثر ما لأنها أشبهت رب من حيث المعنى فكما يكون رب مكفوفة بما فكذلك تكون تلك الأفعال مكفوفة بها فإن قلت فلم ذكر هذا الكلام بعد بيان القاعدة قلتُ للتفصيل بعد الإجمال ولحصر المكفوف عن العمل في الصور المخصوصة ولدفع قولهم جر بأن الكف في جميع أصول الأفعال ثم أنها إذا كانت كافة تكتب موصولة بالمكفوف لغاية إيصالها به نحو طال لما وإنما وإذا كانت غير كافة تكتب مفعوله نحو قل ما يقوم زيد أي قبل قيامه والقسم الثاني أن يكون كافة عن عمل النصب والرفع معًا فإن قلت قد علم الكف عن عمل الرفع في القسم الأول فلم أعاده ههنا قلتُ الإرشاد إلى صورة الاجتماع بعد الإعلام بصورة الانفراد ولاقتضاء ذكر الكف عن النصب ذكر الكف عن الرفع على سبيل الانتظام والاستطراد لأجل انتظام ودفع الاختلال والحق أن القسم الأول مختص بكف الفعل عن العمل الرفع فإن قلت المناسب أن يؤخر القسم الثاني عن القسم الثالث كتأخير التركيب عن الإفراد فلم قدمه عليه قلت للحافظة على الطريق المعهودة للاعتناء بشأنه لكثرة وقوعه ومباحثه وذلك أي الكف عنهما جميعًا منحصر في أن وأخواتها أي في الحروف المشبهة بالفعل نحو ما في قوله تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} إن حرف من الحرف المشبهة بالفعل وما حرف كافة والله مبتدأ وإله خبره وواحد صفته والقسم الثالث أن يكون كافة عن عمل الجر نحو: {ربما يود الذين كفروا} رب حرف جر مكفوف عن عملها وما كافة ويود فعل والذين اسم موصول وكفروا فعل فاعله الواو والجملة صلة الموصول وهو مع صلته مرفوع المحل على أنه فاعل يود ثم أنها قد تقع بعدها جملة فعلية كما في هذا المثال وقد تقع اسمية كما في هذا المثال الثاني وقوله أي الشاعر:
كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه
الكاف مكفوفة وما كافة وسيف مبتدأ مضاف إلى عمرو ولم حرف جازم وتخنه فعل مجزوم به مفعوله متصل به عائد إلى عمرو مضاف به فاعله مضاف إلى الضمير العائد إلى السيف جمع مضرب وهو الظرف سيف وحده وقيل أن الكاف لا تكون مكفوفة بها وأنها في أمثال هذا مصدرية موصولة بالجملة الاسمية المؤولة بالمصدر المجرورة المحل بها فإن قلت قد ظهر أثرها في اللفظ فهل لها فائدة من حيث المعنى قلت فائدتها في القصد بوقوع مضمون الكلام المذكور بعدها مع الإشعار به فإن قلت ما الفرق بينهما وبين ما الزائدة قلت الفرق بينهما اللفظي والمعنوي أما اللفظي فلأنه الكافة يبطل العمل حتمًا بخلاف الزائدة وأما المعنوي فلأنها قد تبطل حتى الكلام بإسقاطها بخلاف الزائدة.. والوجه الخامس أن يكون زائدة لعرض من الأعراض لا بمعنى أنها لغوي ضائع في الكلام ولا يتبادر إليه الوهم فتدفع هذا الوهم مع الإشارة إلى الأعراض قال ويسمى على سبيل الاعتراض ثم لما قصد بعميم هذه الفائدة ودفع توهم الاختصاص وأكد الضمير المرفوع المستقر في سمي العائد إلى ما الزائدة؛ ذكر قوله وغيرها أي غير ما الزائدة على سبيل الاستطراد عطفًا عليه قوله من الحروف الزائدة بيان غير قوله صلة مفعول بأن المسمى يشير على أنها وسيلة إلى زيادة حسن الكلام وترتيبه وإلى حصول ازدياد قوته ومتانة بزيادتها وقوله وتوكيد معطوفًا عليها يشعر بإفادتها الكلام التأكيد نحو ما زيد بقائم وما جاءني من أحد وسمى تمام بحث هذه التسمية في الباب الرابع نحو: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} الجار مع المجرور متعلق بلنت ومن الله مجرور المحل على أنه صفة رحمة ولأن فعل فاعله التاء ولهم متعلق به ونحو: {عما قليل لتصبحن نادمين} عن حرف جر وما حرف صلة لتأكيد معنى القلة وقيل مجرور به والمعنى عن زمان قليل والجار مع المجرور يتعلق بيصبحن واللام لام جواب قسم محذوف كأنه قيل أقسم بالله ويصبح فعل من الأفعال الناقصة أصله يصبحون اسمه الواو وقد حذفت ههنا اكتفاء تضمنه ما قبلها كما حذف الاسم مع كان في قولهم الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرًا فخير والنون نون للإعراب حذفت بمجيء نون التوكيد ونادمين خبره والجملة جواب القسم لا محل لها من الإعراب أي فرحمة تفسير للمثال الأول كما أن قوله وعن قليل تفسير للمثال الثاني).

هيئة الإشراف

#4

14 Jan 2010

موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب للشيخ: خالد بن عبد الله الأزهري

قال زين الدين خالد بن عبد الله بن أبي بكر الجرجاوي الأزهري (ت: 905هـ): (النوع الثامن

ما يأتي من الكلمات على اثني عشر وجها:
(وهو (ما)، وهي على ضربين: اسمية) وحرفية:
فالضرب الأول: الاسمية، وهي الأشرف، (وأوجهها سبعة):
أحدها: (معرفة تامة)، فلا تحتاج إلى شيء وهي ضربان: عامة وخاصة.
فالعامة هي التي لم يتقدمها اسم تكون هي وعاملها صفة له في المعنى نحو قوله تعالى: {إن تبدوا الصدقات فنعما هي} فما فاعل نعم، معناها الشيء. (وهي) ضمير الصدقات على تقدير مضاف محذوف دل عليه تبدو أو هو المخصوص بالمدح، (أي: فنعم الشيء إبداؤها).
والخاصة هي التي يتقدمها اسم تكون هي وعاملها صفة له في المعنى، ويقدر من لفظ ذلك الاسم المتقدم نحو، (غسلته غسلا نعما)، ودققته دقا نعما. أي: نعم الغسل، ونعم الدق.
والثاني: (معرفة ناقصة، وهي الموصولة) وتحتاج إلى صلة وعائد نحو قوله تعالى: {ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة} فما موصول اسمي في محل رفع على الابتداء وعند صلته، وخير خبره (أي: الذي عند الله خير).
والثالث: (شرطية) زمانية وغير زمانية فالأولى: نحو قوله تعالى: {فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم} أي: استقيموا لهم مدة استقامتهم لكم. والثانية: نحو قوله تعالى: {وما تفعلوا من خير يعلمه الله}
والرابع: (الاستفهامية) نحو قوله تعالى: {وما تلك بيمنك يا موسى} ويجب في الاستفهامية (حذف ألفها إذا كانت مجرورة نحو) قوله تعالى: {عم يتساءلون} {فناظرة بم يرجع المرسلون} الأصل عن ما وبما فحذفت الألف فرقا بين الاستفهامية والخبرية.
وسمع إثباتها على الأصل نثرا وشعرا، فالنثر كقراءة عيسى وعكرمة {عما يتساءلون} بإثبات الألف. والشعر كقول حسان رضي الله عنه:

على ما قام يشتمني لئيم = كخنزير تمرغ في دمان

فالدمان كالرماد وزنا ومعنى، إلا أن حذف الألف هو الأجود وإثباتها لا يكاد يوجد، (ولهذا) أي ولأجل أن ما الاستفهامية تحذف ألفها إذا جرت (رد الكسائي على المفسريين قولهم في) قوله تعالى: {بما غفر لي ربي} (إنها استفهامية) وجه الرد أن نفي اللازم يستلزم نفي الملزوم، وكون ما الاستفهامية مدخول حرف الجر ملزوم لحذف الألف، وحذف الألف لازم، فإذا ثبتت الألف فقد انتفى اللازم. وإذا انتفى اللازم، وهو حذف الألف، انتفى الملزوم، وهو كون ما استفهامية. وإذا انتفى كون ما استفهامية ثبت نقيضه، وهو كونها غير استفهامية، وجوابه يؤخذ مما تقدم.
قال في (الكشاف) ويحتمل أن تكون (ما) استفهامية، أعني بأي شيء غفر لي ربي فطرح الألف أجود وإن كان إثباتها جائز. يقال: قد علمت بما صنعت هذا وبم صنعت انتهى.
وعلى وجوب حذف الألف (إنما جاز) إثبات الألف في (لماذا فعلت؟ لأن ألفها صارت حشوا بالتركيب مع (ذا) وصيرورتها كالكلمة الواحدة، فأشبهت (ما) الاستفهامية في حال تركيبها مع (ذا) (الموصولة) في وقوع ألفها حشوا لصيرورة الموصول مع صلته كالشيء الواحد.
والخامس: (نكرة تامة) غير محتاجة إلى صفة، (وذلك) واقع (في ثلاثة مواضع في كل منها خلاف) يذكر (أحدها) الواقعة في باب نعم وبئس، إذا وقع بعدها اسم أو فعل، فالأول نحو قوله: {فنعما هي} والثاني: كقولك: (نعم ما صنعت) فما في المثالين نكرة تامة منصوبة المحل على التمييز للضمير المستتر في (نعم) المرفوع على الفاعلية. والمخصوص بالمدح في المثال الأول المذكور (أي: نعم شيئا هي) وفي المثال الثاني محذوف، والفعل والفاعل صفته، أي: (نعم شيئا شيء صنعته). والخلاف في الأول ثلاثة أقوال وفي الثاني عشرة أقوال أتركها خوف الإطالة.
والموضع (الثاني): من المواضع الثلاثة: (قولهم) إذا أردوا المبالغة في الإكثار من فعل: (إني مما أن أفعل) فخبر (إن) محذوف ومن متعلقة به، وما نكرة تامة بمعنى أمر، وأن وصلتها (في موضع جر بدل من (ما) (أي إني مخلوق من أمر) ذلك الأمر (هو فعلي كذا وكذا).
وزعم السيرافي وابن خروف وتبعهما ابن مالك ونقله عن سيبويه أن (ما) معرفة تامة بمعنى الأمر وأن وصلتها مبتدأ، والظرف خبره، والجملة خبر إن، أي: إني من الأمر فعلي كذا وكذا والأول أظهر، (وذلك) لأنه (على سبيل المبالغة مثل): {وخلق الإنسان من عجل} جعل الإنسان لمبالغته في العجلة كأنه مخلوق منها ويؤيده أن بعده {فلا تستعجلون} (وقيل العجل الطين بلغة حمير، ورصده المصنف في شرح بانت سعاد بأن ذلك لم يثبت عند علماء اللغة.
والموضع (الثالث)، وهو آخرها، (التعجب نحو: ما أحسن زيدا فما نكرة تامة مبتدأ وما بعدها خبرها، أي شيء حسن زيدا، وهذا القول (هو قول سيبويه) وجوز الأخفش أن تكون موصولة، وأن تكون نكرة ناقصة وما بعدها صلة أو صفة، والخبر محذوف وجوبا مقدر بعظيم ونحوه.
وذهب الفراء وابن دستوريه إلى أنها استفهامية وما بعدها الخبر.
والسادس: (نكرة موصوفة) بعدها (كقولهم) أي: العرب: (مررت بما معجب لك) (أي: شيء معجب) لك. (ومنه) أي ومن وقوع (ما) نكرة موصوفة (في قول) قال به الأخفش والزجاج والزمخشري: نعم ما صنعت. فما نكرة ناقصة فاعل نعم وما بعدها صفتها، (أي: نعم شيء صنعته.)
(ومنه) أيضا ما أحسن زيدا عند الأخفش في أحد احتماليه: أي شيء موصوف بأنه حسن زيدا عظيم. فحذف الخبر كما تقدم عنه.
والسابع: (نكرة موصوف بها) نكرة قبلها إما للتحقير أو التعظيم أو التنويع. فالأول نحو: {مثلا ما بعوضة} والثاني: نحو قولهم أي: العرب كالزباء بالمعجمة والموحدة وبالمد علم امرأة: لأمر ما جدع قصير أنفه (فما فيهما نكرة موصوف بها) مثلا في الأول، (وأمر) في الثاني، مؤولة بمشتق (أي مثلا بالغا في الحقارة) بعوضة (ولأمر عظيم) جدع قصير أنفه، وقصير اسم رجل، وهو قصير بن سعد اللخمي صاحب جذيمة الأبرش وقصته مشهورة مع الزباء لما احتال على قتلها.
والثالث: ضربته ضربا ما. أي نوعا من الضرب، من أي نوع كان. وقيل إن ما في هذه المواضع الثلاثة حرف لا موضع لها، زائدة منبئة عن وصف لائق بالمحل وهو أولى لأن زيادتها عوضا عن محذوف ثابتة في كلامهم، قاله ابن مالك في (شرح التسهيل).
والضرب الثاني: (حرفية وأوجهها خمسة):
الأول: (نافية فتعمل في) دخولها على (الجمل الاسمية عمل ليس) فترفع الاسم وتنصب الخبر في لغة الحجازيين نحو قوله تعالى: {ما هذا بشرا} {ما هن أمهاتهم}.
والثاني: (مصدرية غير ظرفية نحو) قوله تعالى: {بما نسوا يوم الحساب} فتسبك مع صلتها بمصدر، (أي: بنسيانهم إياه) أي: يوم الحساب.
والثالث: (مصدرية ظرفية) زمانية نحو قوله تعالى: {ما دمت حيا} فتنوب عن المدة وتؤول بمصدر أي مدة دوامي حيا.
ولا تقع ظرفية غير مصدرية فأما قوله تعالى: {كلما أضاء لهم مشوا فيه} فالزمان المقدر هنا مجرور، أي كل وقت، والمجرور لا يسمى ظرفا اصطلاحا.
والرابع: (كافة عن العمل وهي) في ذلك ثلاثة أقسام:
الأول: كافة عن عمل الرفع في الفاعل كقوله وهو المرار يخاطب امرأة:

صددت فأطولت الصدود وقلما = وصال على طول الصدود يدوم

(فقل فعل) ماض يقبل التائين، (وما كافة) له عن طلب الفاعل. وأما (وصال) فهو (فاعل لفعل محذوف) وجوبا (يفسره الفعل المذكور وهو يدوم) والتقدير قلما يدوم وصال على حد {إن امرؤ هلك} (ولا يكون وصال مبتدأ) وخبره يدوم (لأن الفعل المكفوف) عن طلب الفاعل (لا يدخل إلا على الجمل الفعلية)، لأنه أجري مجرى حرف النفي، فقولك: قلما تقول بمعنى ما تقول، قاله ابن مالك في (شرح التسهيل).
فإن قلت: أين فاعل قلما؟ قلت: لا فاعل له. فإن قلت: الفعل لا بد له من فاعل قلت: أقول بموجبه، ولكن في غير الفعل المكفوف. فإن قلت: هل لذلك نظير؟ قلت: نعم، الفعل المؤكد كقوله: أتاك أتاك اللاحقون، فاللاحقون فاعل للأول، ولا فاعل للثاني، قاله المصنف في (التوضيح).
(ولم تكف (ما) من الأفعال) عن عمل الرفع (إلا) ثلاثة (قل وطال وكثر)
فالأول:

قلما يبرح اللبيب

والثاني:

يا ابن الزبير طالما عصيكا

والثالث:

كثر ما فعلت كذا.
ولا تدخل هذه الأفعال المكفوفة بـ (ما) إلا على فعلية صرح بفعلها وأما: قلما وصال .. البيت، مما الجملة غير مصرح بفعلها، فقال سيبويه ضرورة.
والقسم الثاني: كافة عن عمل النصب والرفع وذلك مع إن وأخواتها نحو) قوله تعالى: {إنما الله إله واحد}
والقسم الثالث: (كافة عن عمل الجر) ومهيئة للدخول على الجمل الفعلية. فالمهيئة نحو قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} والكافة عن عمل الجر نحو قوله وهو السموأل:

أخ ماجد لم يخزني يوم مشهد = كما سيف عمرو لم تخنه مضاربه

برفع (سيف) على الابتداء والخبر.

(واختلف في ما) التالية) للفظ (بعد في قوله) وهو المرار يخاطب نفسه:

أعلاقة أم الوليد بعيد ما = أفنان رأسك كالثغام المخلس

على قولين: (فقيل: كافة (لبعد) عن الإضافة) إلى أفنان.

(وقيل: مصدرية) عند من يجوز وصلها بالجملة الاسمية، والعلاقة، بفتح العين المهملة، علاقة الحب، والوليد تصغير الولد وهو الصبي، والأفنان جمع فنن وهو الغصن مبتدأ، وكالثغام، بفتح المثلثة والغين المعجمة، جمع ثغامة خبره وهو نبت في الجبل يبيض إذا يبس، شبه به الشيب والمخلس بالخاء المعجمة والسين المهملة، اسم فاعل من اخلس النبات إذا اختلط رطبه ويابسه، واختلس رأسه إذا خالط سواده البياض.
والوجه الخامس (زائدة)، (وتسمى هي وغيرها من الحروف الزوائد صلة وتأكيدا) في اصطلاح المعربين، فرارا من أن يتبادر إلى الذهن أن الزائد لا معنى له. والحامل على هذه التسمية خصوص المقام القرآني والتعميم لطرد الباب وقطع المادة نحو: {فبما رحمت من الله لنت لهم} {عما قليل ليصبحن نادمين} (أي فبرحمة، وعن قليل ليصبحن نادمين).