14 Jan 2010
الباب الرابع: في الإشارات إلى عبارات محررة مستوفاة موجزة
قال أبو محمد جمال الدين عبد الله بن يوسف ابن هشام الأنصاري (ت:761هـ): (الباب الرابع: في الإشارات إلى عبارات محررة مستوفاة موجزة
ينبغي أن تقول في نحو: (ضُرِبَ) من (ضُرِبَ زيد):
بأنه فعل ماض لم يسم فاعله. ولا تقل: مبني لما لم يسم فاعله، لما فيه من
التطويل والخفاء. وأن تقول: في نحو: (زيد) : نائب عن الفاعل. ولا تقل:
مفعول لما لم يسم فاعله، لخفائه، وطوله، وصدقه على نحو: (درهما) من: (أعطي زيد درهما).
وأن تقول في (قد): حرف لتقليل زمن الماضي، وحدث المضارع، ولتحقيق حدثيهما.
وفي (لن): حرف نصب، ونفي، واستقبال.
وفي (لم): حرف جزم لنفي المضارع، وقلبه ماضيا.
وفي (أما): المفتوحة المشددة: حرف شرط، وتفصيل، وتوكيد.
وفي (أن): حرف مصدري ينصب المضارع.
وفي الفاء التي بعد الشرط: رابطة (لجواب) الشرط ولا تقل: جواب الشرط كما يقولون، لأن الجواب الجملة بأسرها، لا الفاء وحدها.
وفي نحو: (زيد) من (جلست
أمام زيد): مخفوض بالإضافة، أو بالمضاف. ولا تقل: مخفوض بالظرف، لأن
المقتضي للخفض هو الإضافة، أو المضاف من حيث هو مضاف، لا المضاف من حيث هو
ظرف، بدليل: غلام زيد، وإكرام عمرو.
وفي الفاء في نحو: {فصل لربك وانحر}: فاء السببية، ولا تقل: فاء العطف، لأنه لا يجوز، أو لا يحسن عطف الطلب على الخبر، ولا العكس.
وأن تقول في الواو العاطفة: حرف عطف لمجرد الجمع.
وفي (حتى): حرف عطف للجمع، والغاية.
وفي (ثم): حرف عطف للترتيب، والمهلة.
وفي (الفاء): حرف عطف للترتيب، والتعقيب.
وإذا اختصرت فيهن: (فقل) عاطف ومعطوف، كمل تقول: (في نحو بسم الله) جار ومجرور. وكذلك إذا اختصرت في نحو: {لن نبرح} وأن نفعل، (فقل): ناصب ومنصوب.
وأن تقول في (إن)
المكسورة: حرف توكيد ينصب الاسم ويرفع الخبر، وتزيد في (أن) المفتوحة
فتقول: حرف توكيد مصدري ينصب الاسم ويرفع الخبر.
واعلم أنه يعاب على الناشئ
في صناعة الإعراب أن يذكر فعلا ولا يبحث عن فاعله، أو مبتدأ، ولا يتفحص عن
خبره، أو ظرفا، أو مجرورا ولا ينبه على متعلقه، أو جملة، ولا يذكر ألها
محل أم لا، أو موصولا ولا يبين صلته وعائده.
وأن يقتصر في إعراب الاسم
من نحو: (قام ذا)، أو (قام الذي) على أن يقول: اسم إشارة، أو اسم موصول،
فإن ذلك لا يقتضي إعرابا. والصواب أن يقال: فاعل وهو اسم إشارة، أو وهو اسم
موصول.
فإن قلت: لا فائدة في قوله
في نحو (ذا): إنه اسم إشارة، بخلاف قوله في (الذي): إنه اسم موصول، فإن
فيه تنبيها على ما يفتقر إليه من الصلة والعائد، ليطلبهما المعرب، وليعلم
أن الجملة الصلة لا محل لها.
قلت: بلى فيه فائدة، وهي
التنبيه إلى أن ما يلحقه من الكاف حرف خطاب، لا اسم مضاف إليه، وإلى أن
الاسم الذي بعد (ذا) في نحو قولك: جاءني هذا الرجل، نعت، أو عطف بيان على
الخلاف في المعرف بأل الواقع بعد اسم الإشارة، وبعد (أيها) في نحو: يا أيها
الرجل.
ومما لا ينبني عليه إعراب أن يقول: في (غلام)، من نحو: (غلام زيد) مضاف،
فإن المضاف ليس له إعراب مستقر، كما للفاعل، ونحوه. وإنما إعرابه بحسب ما
يدخل عليه. فالصواب أن يقال: فاعل أو مفعول، ونحو ذلك. بخلاف المضاف إليه،
فإن له إعرابا مستقر، وهو الجر، فإذا قيل: مضاف إليه علم أنه مجرور.
وينبغي أن يتجنب المعرب أن
يقول في حرف في كتاب الله تعالى: إنه زائد، لأنه يسبق إلى الأذهان أن
الزائد هو الذي لا معنى له، وكلام الله ـ سبحانه منزه عن ذلك.
وقد وقع هذا الوهم للإمام فخر الدين، فقال: (المحققون على أن المهمل لا يقع في كلام الله سبحانه، فأما (ما) في قوله تعالى: {فبما رحمة} فيمكن أن تكون استفهامية للتعجب، والتقدير: فبأي رحمة؟) انتهى.
والزائد عند النحويين معناه: الذي لم يؤت به إلا لمجرد التقوية، والتوكيد، لا المهمل.
والتوجيه المذكور في الآية باطل لأمرين: أحدهما: أن (ما) الاستفهامية إذا خفضت وجب حذف ألفها نحو: {عم يتساءلون}.
الثاني: أن خفض {رحمة}
حينئذ يشكل، لأنه لا يكون بالإضافة، إذ ليس في أسماء الاستفهام ما يضاف
إلا (أي) عند الجميع، و(كم) عند الزجاج، ولا بالإبدال من (ما) لأن المبدل
من اسم الاستفهام، لابد أن يقرن بهمزة الاستفهام، نحو: كيف أنت، أصحيح أم
سقيم؟ ولا صفة لأن (ما) لا توصف إذا كانت شرطية، أو استفهامية. ولا بيانا
لأن ما لا يوصف لا يعطف عليه عطف البيان كالمضمرات.
وكثير من المتقدمين يسمون
الزائد صلة . . وبعضهم يسميه مؤكدا، وبعضهم يسميه مؤكدا، وبعضهم يسميه
لغوا، لكن اجتناب هذه العبارة في التنزيل واجب.
وفي هذا القدر كفاية لمن تأمله.
كتب في 10 شهر رجب من شهور سنة 971هـ).
نظم قواعد الإعراب لابن ظهيرة المكي
قال جمال الدين محمد بن عبد الله ابن ظهيرة المكي (ت: ٨١٧ هـ): (
قُـلْ فِعْـلَ مَـالَـمْ يُـسَـمَّ فَاعِـلُـهْ ... فـي نَحْـوِ هَــذَا قُبِّـلَـتْ أَنَامِـلُـهْ
ونَائِبـاً عَـنْ فَـاعِـلٍ فيـمـا يَـلِـي ... وَقَــدْ لتَقْلِـيـلٍ وتَحْقـيـقٍ تَـلِـي
لَنْ حَرْفُ نَصْـبٍ قَـدْ نَفَـى المُسْتَقْبَـلا ... لَـمْ حَـرْفُ جَـزْمٍ قَـدْ نَفَـاهُ جَاعِـلا
مَعْـنَـاهُ مَاضِـيـاً وفـــي أَمَّـــا ... حَرْفُ شَـرْطٍ وتَفْصِيـلٍ وتَوْكيـدٍ أَمَّـا
وأَنْ فـحَـرْفُ مَـصْـدَرِيٌّ يَنْـصِـبُ ... مُضارِعـاً وفَــاءُ شَــرْطٍ تُـعْـرِبُ
جَـوَابَــهُ رَابِـطَــةً ولا تَــقُــلْ ... جَوَابَ شَـرْطٍ بَـلْ كَمَـا قُلْـتُ فَقُـلْ
أَمَــامَ زيــدٍ بإضـافـةٍ خُـفِــضْ ... فلا تَقُـلْ بالظَّـرْفِ فَهْـوَ قَـدْ رُفِـضْ
فَــاءُ فَـصَـلِّ لا تَـقُـلْ للعَـطْـفِ ... فَــاءَ سَبَبِـيَّـةٍ فَـقُــلْ لـعُــرْفِ
لمُطْلَـقِ الجَمْـعِ بـواوٍ قَــدْ عُـطِـفْ ... حَـتَّـى لجَـمْـعٍ ولغَـايَـةٍ عُــرِفْ
وثُـــمَّ للمُـهْـلَـةِ والـتَّـرْتـيـبِ ... والـفَـاءُ للتـرتـيـبِ والتَّعْـقـيـبِ
أَكِّــدْ بــإِنَّ وانْصِـبَـنَّ وارْفَـعَـا ... زِدْ مَصْـدَرِيًّـا إِنْ بـفَـتْـحٍ وَقَـعَــا
خَاتِمَةٌ
نَسْأَلُ اللَّهَ حُسْنَ الخَاتِمَةِ
ويَنْبَغِي للنَّاسِ في الإِعْـرابِ ... بَحْثٌ عَنِ المُهِمِّ في الأَبْـوابِ
كمِثْلِ فاعلٍ لفِعْلٍ أَوْ خَبَـرْ ... كَذَا إِذَا بظَرْفٍ او بالحَرْفِ مَرْ
بَيَّنَ مَحْذُوفـاً بـه تَعَلَّقَـا ... وصِلَةَ المَوْصُولِ أَيضاً حَقَّقَـا
وإِنْ أَتَـى بجُمْلَـةٍ فيَذْكُـرُ ... لَهَا المَحَلَّ فَهْوَ حَقًّـا أَجْـدَرُ
كَذَاكَ في الَّذِي وَذَا لا يَقْتَصِرُ ... بقَوْلِ مَوْصولٍ إشارةٍ ذُكِـرْ
بل ليَقُولَ فَاعِلٌ وَهْـوَ كَـذَا ... كَذَاكَ في المُضَافِ فاعْرِفَنَّ ذَا
جُزْءُ المُضَافِ الجَرُّ فِيـهِ وَارِدُ ... ولا تَقُلْ في الذِّكْرِ لَفْظٌ زَائِدُ
وبَعْضُهُمْ عَبَّرَ عَنْـهُ بصِلَـهْ ... وبَعْضُهُمْ مُؤَكِّداً قَدْ جَعَلَـهْ
وكَمُلَتْ والحَمْـدُ للرَّحْمَـنِ ... ثُمَّ صَـلاةُ المَلِـكِ الدَّيَّـانِ
عَلَى النَّبِيِّ المُصْطَفَى المُخْتَـارِ ... وآلِـهِ وصَحْبِـهِ الأَطْهَـارِ
موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب للشيخ: خالد بن عبد الله الأزهري
قال زين الدين خالد بن عبد الله بن أبي بكر الجرجاوي الأزهري (ت: 905هـ): (الباب الرابع: في الإشارات إلى عبارات محررة مستوفاة موجزة
وهي ثمانية أنواع عدد أبواب الجنة:
(الباب الرابع في الإشارات
إلى عبارات محررة) مهذبة منقحة، (مستوفاة) للمقصود، (موجزة) من الإيجاز
وهو تجريد المعنى، من غير رعاية للفظ الأصل، بلفظ يسير. ولم يقل: مختصرة،
لأن الاختصار تجريد اللفظ اليسير من اللفظ الكثير مع بقاء المعنى، وليس
مراد هنا.
(ينبغي) لك أيها المعرب (أن تقول في نحو. ضرب)، بضم أوله وكسر ما قبل آخره، (من) قولك (ضرب زيد)
ضرب (فعل ماض)، لتبين نوع الفعل، (لم يسم فاعله)، لتبين أنه لم يبق على
صيغته الأصلية أو تقول: فعل ماض (مبني للمفعول) لوجازة هاتين العبارتين.
(ولا تقل)، مع قولك فعل
ماض مبني لما، أي لشيء، لم يسم فاعله لما فيه، أي لما في هذا التعبير بمعنى
العبارة، (من التطويل والخفاء). أما التطويل فلأن هذه العبارة سبع كلمات،
والعبارتان السابقتان دون ذلك. وأما الخفاء فلإبهام ما وقعت عليه (ما)
المجرورة باللام. وفي كلتا العبارتين السابقتين نظر، أما الأولى فلأنها
تصدق على الفعل الذي لا فاعل له نحو: قلما، إنه فعل ماض لم يسم فاعله مع
أنه ليس مراداً. وأما الثانية فلأن المفعول حيث أطلق انصرف إلى المفعول به
لأنه أكثر المفاعيل دورا في الكلام كما قاله المصنف في (المغني) فلا يشمل
المسند إلى المجرور والظرف والمصدر.
ينبغي لك (أن تقول: في
نحو: زيد)، المسند إليه الفعل المبني للمفعول، نائب عن الفاعل لجلائه
ووجازته. (ولا تقل: مفعول لما لم يسم فاعله) لخفائه وطوله،كما يؤخذ مما
تقدم، وصدقه بالجر أي ولصدق هذا القول على المفعول الثاني مثل: (درهما) من
نحو: (أعطي زيد درهما)، فيصدق على (درهما) في هذا المثال، أنه مفعول لما لم يسم فاعله مع أنه ليس مرادا، ومن ثم سماه المتقدمون خبر ما لم يسم فاعله.
وينبغي لك (أن تقول في
(قد) حرف لتقليل زمن الماضي) وتقريبه من الحال وتقليل (حدث، المضارع،
وتحقيق حدثيهما). وتقدمت أمثلة ذلك في بحث (قد).
وأن تقول (في لن): من نحو:
لن أقوم، (حرف نفي، واستقبال) ولا يقتضي تأكيد النفي على الأصح، خلافا
للزمخشري في كشافه ولا تأييده، خلافا له في أنموذجه فلن أقوم يحتمل أنك
تريد لا تقوم أبدا، وأنك لا تقوم في بعض أزمنة المستقبل.
وأن تقول: (في لم) من نحو: لم يقم (حرف جزم لنفي المضارع، وقبله ماضيا).
وأن تقول (في أما المفتوحة) الهمزة (المشددة) الميم، من نحو: {فأما اليتيم فلا تقهر} الآية حرف شرط، وتفصيل، وتوكيد. ومن نحو: أما زيد فمنطلق حرف شرط، وتوكيد بدون تفصيل.
وأن تقول: (في أن) المفتوحة الهمزة الساكنة النون، من نحو: أن تقوم حرف مصدري ينصب المضارع ويخلصه للاستقبال.
وأن تقول (في الفاء التي بعد الشرط) من نحو: {وإن يمسسك بخير فهو على كل شيء قدير}
الفاء (رابطة لجواب الشرط) بالشرط، (ولا تقل جواب الشرط كما يقولون)
كالحوفي وغيره، (لأن الجواب) في الحقيقة إنما هو (الجملة بأسرها)، يعني
الفاء ومدخولها، لا الفاء وحدها. وفيه تجوز لأن الفاء لا مدخل لها في
الجواب، وإنما جيء بها لربط الجواب بالشرط كما قال قبل التعليل.
والجواب عن القائلين بأن
الفاء جواب الشرط، أنه على حذف مضاف والتقدير حرف جواب الشرط، أو لا حذف
فيكون مجازا علاقته المجاورة، من إطلاق أحد المتجاورين، وهو الجواب، على
مجاوره، وهو الفاء.
وأن تقول: في نحو: (زيد)
بالجر من (جلست أمام زيد) زيد (مخفوض بالإضافة) أي: بإضافة (أمام) إليه، أو
بالمضاف. ولا تقل (مخفوض بالظرف) وهو أمام لأن (المقتضي للخفض إنما هي
الإضافة لا كون المضاف ظرفا بخصوصه)، بدليل أن المضاف قد يأتي غير ظرف، كأن
يكون اسم ذات، أو اسم معنى نحو: غلام زيد، وإكرام عمرو. وفي بعض النسخ
إنما هو المضاف من حيث أنه مضاف، وهو متعين لأن الأصح أن العامل في المضاف
إليه إنما هو المضاف لا الإضافة.
وأن تقول (في الفاء من نحو): {إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر}
الفاء (فاء السببية، ولا تقل فاء العطف لأنه لا يجوز) على رأي، (أو لا
يحسن)، على آخر، عطف الطلب، وهو قسم من الإنشاء، على الخبر المقابل
للإنشاء، فلو جعلنا الفاء عاطفة (صل) على {إنا أعطيناك الكوثر}
لزم عطف الإنشاء على الخبر (ولا العكس) أي: عطف الخبر على الإنشاء. وهي
مسألة خلاف، منع من ذلك البيانيون لما بينهما من التنافي وعدم التناسب،
وأجازه الصفار وقال المرادي في (شرح التسهيل) أجاز سيبويه التخالف في تعاطف
الجملتين بالخبر والاستفهام فأجاز: هذا زيد، ومن عمرو؟ انتهى.
وأن تقول: في الواو
العاطفة، من نحو: جاء زيد وعمرو، الواو (حرف لمجرد الجمع) بين المتعاطفين
قال المصنف في (المغني) لا تقل للجمع المطلق (انتهى) لأنها قد تكون للجمع
المقيد نحو: جاء زيد وعمرو قبله أو بعده أو معه.
وأن تقول: (في (حتى) ) من نحو قدم الحجاج حتى المشاة. حتى حرف عطف للجمع والغاية والتدريج.
وأن تقول: في (ثم) من نحو: قام زيد (ثم) عمرو، ثم حرف عطف للترتيب بين المتعاطفين، والمهلة في الزمان.
وأن تقول: في الفاء، من
نحو: قام زيد فعمرو، والفاء (حرف عطف للترتيب والتعقيب). وتعقيب كل شيء
بحسبه، تقول: تزوج فلان فولد له. إذا لم يكن بينهما إلا مدة الحمل.
(وإذا اختصرت فيهن) أي في
أحرف العطف الأربعة وما عطفت (فقل عاطف ومعطوف)، على طريق اللف والنشر، على
الترتيب الأول للأول والثاني للثاني، (كما تقول) في بسم (جار ومجرور).
وكذلك تقول: (في لن نبرح، ولن نفعل ناصب ومنصوب) وفي: لم يقم جازم ومجزوم.
وأن تقول: في إن
(المكسورة) الهمزة (المشددة) النون (حرف تأكيد تنصب الاسم) اتفاقا (وترفع
الخبر) على الأصح. (وتزيد) على ذلك في (أن) المفتوحة الهمزة المشددة النون
مصدري، (فتقول: حرف توكيد مصدري (ينصب) الاسم اتفاقا ويرفع الخبر) على
الأصح.
وتقول في كأن: حرف تشبيه ينصب الاسم ويرفع الخبر.
وفي لكن: حرف استدراك ينصب الاسم ويرفع الخبر.
وفي لعل: حرف ترج ينصب الاسم ويرفع الخبر.
وفي ليت: حرف تمن ينصب الاسم ويرفع الخبر.
(واعلم أنه يعاب على
الناشئ في صناعة)، بكسر الصاد وهي العلم الحاصل من التمرن في العمل
(الإعراب) بكسر الهمزة وتقدم بيانه، (أن يذكر فعلا) من الأفعال الثلاثة
(ولا يبحث عن فاعله) إن كان له فاعل. ولو قال أن يذكر عاملا ولا يبحث عن
معموله لكان أشمل، ليدخل في العامل جميع الأفعال وأسمائها، والمصادر
وأسمائها، والصفات وما في معناها. ويدخل في المعمول الفاعل ونائبه، واسم
كان وأخواتها، وخبر إن وأخواتها، وما أشبه ذلك.
أو يذكر (مبتدأ) في الأصل أو في الحال (ولا) يفحص عن خبره، أهو مذكور أم محذوف وجوبا أم جوازا؟
(أو يذكر ظرفا أو مجرورا)
لهما متعلق (ولا ينبه على متعلقه)، أو هو فعل أم شبهه؟ وتقدم أن المجرور
بحرف زائد لا يتعلق بشيء، فلا متعلق له.
أو يذكر (جملة) فعلية أو اسمية (ولا يذكر لها محل من الإعراب أم لا) وهل المحل رفع أو نصب خفض أو جزم؟
أو يذكر (موصولا) اسميا (ولا يبين صلته وعائده).
وما يعاب على الناشئ في
صناعة الإعراب (أن يقتصر في إعراب الاسم) المبهم (من قولك: قام ذا، أو قام
الذي، على أن يقول): في الأول ذا: اسم إشارة، أو يقول: في الثاني (الذي)
(اسم موصول فإن ذلك لا يبنى عليه إعراب)، من رفع أو غيره، (فالصواب أن
يقال): في ذا، أو الذي في المثالين (فاعل) محله رفع، (وهو اسم إشارة أو
فاعل (وهو اسم موصول).
وهل المحل للموصول دون
صلته أولهما؟ صحح في (المغني) الأول. وقد أورد المصنف سؤالا على ما قرره
وأجاب عنه فقال: (فإن قلت: لا فائدة) في قوله: (في ذا، أنه اسم إشارة) بعد
قوله فاعل لأن الغرض بيان الإعراب، وكونه اسم إشارة لا ينبني عليه إعراب،
(بخلاف قولك: في الذي)، مع بيان محله من الإعراب، (إنه اسم موصول). (فإن
فيه) فائدة و(تنبيها على ما يفتقر الموصول إليه من الصلة والعائد ليطلبهما
المعرب، وليعلم أن جملة الصلة لا محل لها). (قلت: بلى فيه)، أي: في قوله
اسم إشارة، (فائدة: وهي التنبيه على أن ما يلحقه من الكاف حرف خطاب)، وإن
كانت متصرفة تصرف الأسماء، (لا) أنها (اسم مضاف إليه).
وليهتد (إلى أن الاسم)
المقرون بال (الذي) يقع (بعده) أي: بعد اسم الإشارة (من نحو قولك: جاءني
هذا الرجل، نعت) عند ابن الحاجب، (أو عطف بيان) عند ابن مالك، (على الخلاف)
المذكور (في المعرف بال الواقع بعد الإشارة) والواقع (بعد (أيها) في نحو:
يا أيها الرجل)، فذهب بعضهم إلى أنه نعت (أيها)، وبعضهم إلى أنه بيان
عليها، وقيل: بدل منها.
(ومما لا يبنى عليه إعراب
أن يقول) في غلام. من نحو: غلام زيد (مضاف) مقتصر عليه، (فإن المضاف ليس له
إعراب مستقر كالفاعل)، فإن له إعراب مستقرا وهو الرفع أو محلا، (ونحوه)،
أي: الفاعل، مما له إعراب مستقر كالمفعول له إعرابا وهو النصب، بخلاف
المضاف فإنه ليس له إعراب مستقر، (وإنما إعرابه بحسب ما يدخل عليه)، مما
يقتضي رفعه أو نصبه أو خفضه. فالصواب أن يبين موقع إعرابه فيقول: (فاعل أو
مفعول أو نحو ذلك) من العمد والفضلات، (بخلاف المضاف إليه فإن له إعراباً
مستقراً وهو الجر) بالمضاف (فإذا قيل: مضاف إليه علم أنه مجرور) لفظا أو
محلا.
وينبغي للمعرب أن لا يعبر
عن ما هو موضوع على حرف واحد بلفظه فيقول: في الضمير المتصل بالفعل من نحو:
ضربت (ت) فاعل إذ لا يكون اسم هكذا، فالصواب أن يعبر باسمه الخاص المشترك
فيقول: التاء أو الضمير فاعل. وأما ما صار بالحذف على حرف واحد فلا بأس
بذلك، فتقول: في (م) مبتدأ حذف خبره لأنه بعض (أيمن)، وفي (ق) من نحو قولك:
ق نفسك فعل أمر، لأنه من الوقاية.
فإن كان موضوعا على حرفين
نطق به فتقول: من اسم الاستفهام، وما أشبه ذلك. ولا يحسن أن ينطق عن الكلمة
بحروف هجائها، ولا يقال: الميم والنون اسم استفهام، ولذلك كان قولهم: (أل)
في أداة التعريف أقيس من قولهم: الألف واللام.
(وينبغي أن يجتنب المعرب
أن يقول في حرف من (كتاب الله تعالى إنه زائد)، تعظيما له، واحتراما، (لأنه
يسبق إلى الأذهان أن الزائد هو الذي لا معنى له) أصلا (وكلامه سبحانه منزه
عن ذلك) لأن ما من حرف فيه إلا وله معنى صحيح (ومن فهم خلاف ذلك فقد وهم).
(وقد وقع هذا الوهم، بفتح
الهاء مصدر وهم بكسرها إذا غلط، الإمام فخر الدين الرازي خطيب الري، قال
الكافيجي: فإن قلت: من أين علم المصنف أن هذا الوهم وقع للإمام فخر الدين
الرازي؟ قلت: من أمرين:
الأول: أنه
نقل إجماع الأشاعرة على عدم وقوع المهمل في كلام الله تعالى، وهو عين
الإجماع على عدم وقوع الزائد فيه، إذ الزائد بهذا المعنى هو عين المهمل،
فلو لم يقع له هذا الوهم لما احتاج إلى التعرض لهذا الإجماع.
والثاني: أنه حمل ما في قوله تعالى: {فبما رحمة} على أنها استفهامية بمعنى التعجب كقوله تعالى: {ما لي لا أرى الهدهد}
فأشار المصنف إلى الأول بقوله: (فقال) الفخر الرازي: (المحققون) من
المتكلمين وهم الأشاعرة، (على أن المهمل لا يقع في كلام الله تعالى لترفعه
عن ذلك. وأشار إلى الثاني بقوله (فأما) (ما) في قوله تعالى: {فبما رحمة}
فيمكن أن تكون استفهامية للتعجب والتقدير فبأي رحمة، يعني: زائدة، انتهى
كلام الفخر الرازي. والظاهر أن هذا الوهم لا يقع لواحد من العلماء، فضلا عن
أن يقع لمثل الإمام الرازي، وإنما أنكر إطلاق القول بالزائد إجلالا لكلام
الله تعالى وللملازمة لباب الأدب كما هو اللائق بحاله.
وأما حمل (ما) في قوله: (فبما رحمة) يمكن أن تكون استفهامية بمعنى التعجب، على سبيل الجواز والإمكان الذي قاله المعربون.
وعبارة بعضهم قيل: (ما)
زائدة للتوكيد وقيل: نكرة وقيل: موصوفة برحمة، وقيل: غير موصوفة، ورحمة بدل
منها، فهو بمعزل عن الدلالة على وقوع الوهم منه بمراحل. انتهى كلام
الكافيجي.
ولما فرغ المصنف من نقل
كلام الإمام الرازي وتوجيهه، وأراد إبطاله وبيان تعريف الزائد قال:
(والزائد عند النحويين هو الذي لم يؤت به إلا لمجرد التقوية والتوكيد، لا)
إن الزائد عندهم هو (المهمل) كما توهمه الإمام الرازي. وأنت قد علمت أن
الإمام الرازي بريء من ذلك. (والتوجيه المذكور) للإمام الرازي (في الآية
باطل لأمرين):
أحدها: أن (ما) الاستفهامية إذا خفضت وجب حذف ألفها، فرقا بين الاستفهام والخبر، (نحو: {عم يتساءلون}
و(ما) في الآية ثابتة الألف ولو كانت استفهامية لحذفت ألفها، لدخول حرف
الخفض عليها، وأجيب بأن حذف ألف (ما) الاستفهامية إذا دخل الخافض أكثري لا
دائمي، فيجوز إثباتها للتنبيه على إبقاء الشيء على أصله. وعورض بأن إثبات
الألف لغة شاذة لا يحسن تخريج التنزيل عليها.
والأمر (الثاني:
أن خفض رحمة حينئذ) أي حين إذ قال: إن (ما) الاستفهامية (يشكل على القواعد
(لأنه)، أي: خفض رحمة، (لا يكون بالإضافة،) إذ ليس في أسماء الاستفهام ما
يضاف إلا (أي) عند) النحاة (الجميع، وكم عند) أبي إسحاق (الزجاج) (ولا)
يكون خفضها (بالإبدال من ما) وذلك لا يجوز (لأن المبدل من اسم الاستفهام)
لا بد أن (يقترن بهمزة الاستفهام)، إشعارا بتعلق معنى الاستفهام بالبدل
قصدا، واختصت الهمزة بذلك لأنها أصل الباب ووضعها على حرف واحد نحو: كيف
أنت، أصحيح أم سقيم؟ ورحمة لم تقترن بهمزة الاستفهام فلا تكون بدلا من
(ما)، (ولا) يكون خفضها على أن تكون رحمة (صفة) لـ (ما)، لأن (ما) (لا توصف
إذا كانت شرطية، أو استفهامية) وكل ما لا يوصف لا يكون له صفة، فوجب ألا
يكون صفة لما. ولا يكون خفضها على أن تكون رحمة (بيانا)، أي: عطف بيان على
(ما) لأن (ما) (لا توصف) وكل (ما لا يوصف لا يعطف عليه عطف بيان،
كالمضمرات) عند الأكثرين.
وللإمام الرازي أن يقول
لما كانت (ما) على صورة الحرف، نقل الإعراب منها إلى ما بعدها فجرت بالحرف
على حد: مررت بالضارب (على القول باسمية (ال) وهو الأصح.
(وكثير من) النحاة
(المتقدمين يسمون الزائد صلة)، لكونه يتوصل به إلى نيل غرض صحيح كتحسين
الكلام وتزينه. (وبعضهم) يسميه (مؤكدا)، لأنه يعطي الكلام معنى التأكيد
والتقوية. (وبعضهم) يسميه (لغوا)، لا لغاية، أي عدم اعتباره في حصول
الفائدة به، (لكن اجتناب هذه العبارة الأخيرة في التنزيل واجب لأنه يتبادر
إلى الأذهان من اللغو الباطل، وكلام الله تعالى منزه عن ذلك.
وفي هذا القدر الذي ذكره
المصنف كفاية لمن تأمله، فإن التأمل أصل في إدراك الأمور كلها، فلذلك نص
على التأمل في ختم الكتاب كما فعل في افتتاحه حيث قال: تقتضي بمتأملها جادة
الصواب.
والله الموفق والهادي إلى
سبيل الخيرات بمنه وكرمه، أسأل الله التوفيق والهداية إلى طريق الخير بمنه
وكرمه كما فعل في أول الكتاب، حيث قال: ومن الله استمد التوفيق والهداية
إلى أقوم طريق بمنه وكرمه فختم كتابه بما ابتدأ به.
والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وآله وصحبه أجمعين.
قال مؤلفه خالد بن عبد
الله الأزهري فرغت من تسويد هذه النسخة ثالث شوال سنة ثمان وتسعين
وثمانمائة (3شوال سنة 898 هـ) جعله الله خالصا، موجبا للفوز لديه، ونفع به
كما نفع بأصله إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير).
شرح قواعد الإعراب للعلامة: محمد بن سليمان الكافيجي
قال محيي الدين محمد بن سليمان الكافيجي (ت: 879هـ): (الباب الرابع من الأبواب الأربعة فإن قلت كان المناسب لقواعد النحو والإعراب أن يجعل الأبحاث المتعلقة بتلك العبارات خاتمة الكتاب فلم جعلها بابًا منه قلتُ سلمنا ذلك لكن لشدة الاحتياج إليها جعلها بابًا على حدة كما جعلت مبادئ العلوم من المعلوم فإن قلت لم أخره عن سائر الأبواب قلت لأن المعاني المقصودة أولاً وبالذات والألفاظ مقصودة ثانيًا وبالعرض ولكون تلك العبارات وإن ثبت إليها الاحتياج ليست من الألفاظ التي توقف فهم معانيها عليها توقف المعاني الموضوع لها بل من الأمور المحسنة والمكهلة للفن والكتاب في الإشارة إلى عبارات جمع عبارة من عبرت الروايات إذا فسرتها والمراد ههنا الألفاظ الظاهرة الدلالة على المقصود محررة من حررت الكتاب إذا قومته والمراد أن تكون تلك الألفاظ بحيث لا يوجد فيها احتمال بخلاف المقصود مستوفاة من استوفيت الحق إذا أخذته وافيًا فإن قلت التحرر بهذا المعنى يستلزم الاستيفاء فلم ذكره قلت للتصريح بالمقصود والتتميم وذكرهما ههنا كذكر الحساس والمتحرك بالإرادة في تعريف الحيوان موجزة أي مختصرة فكأنه قال الباب الرابع في بيان الألفاظ الظاهرة الدلالة الوافية بالمقصود على سبيل الإيجاز بلا تطويل فإن قلت الألفاظ بهذه الصفة لا تحتاج إلى الإشارة إليها قلت هي بتلك الصفة حاصلة عند المصنف وليست بحاصلة عند المتعلم فمست الحاجة إليها في حقه فإن قلت العبارات بهذه الطريقة بصريح الإشارة قلت ذلك البيان إشارة بالنسبة إلى طريق الإطناب وإن كان صريحًا بالنسبة إلى طريق الإيجاز كما أشرنا إليه على أن المراد من الإشارة ههنا هو الإشارة اللغوية لا الإشارة البيانية ثم أن الغرض من وضع هذا الكتاب إرشاد المبتدئين إلى طريق ينبغي أن يكون سلوكهم مقصورًا عليها ليكونوا على جادة الصواب وليأمنوا من طريق الخطأ والطغيان كما قال في صدر الكتاب يقتفي متأملها جادة الصواب وكما يقول في آخره أيضًا وفي هذا القدر كفاية لمن تأمله ثم لما أراد أن يشرع في بيان تلك العبارات قال على طريق الاستئناف ينبغي لك أن تقول في نحو ضرب من ضرب زيد فعل ماضٍ لم يسم فاعله لكون هذا القول ظاهر الدلالة على المقصود وافيًا به على سبيل الاختصار الابتغاء مأخوذ لغة من قولهم تعيب العلم أي طلبته فابتغي مثل كسرت الحطب فانكسر ومعناه في العرف بمعنى يستقيم ويصح والمراد منه ههنا بمعنى الوجوب أو الندب بقرينة قوله ولا تقل فإن قلت فلم لم يقل يجب أن تقول كذا وكذا قلت لرعاية الأدب ولعدم ظهور الدليل الحاصل عليه ولكن لما كان ذلك القول مما يقبله الطبع والعقل ويساعده معان النصوص والنقل نحو قوله عليه أفضل الصلاة والسلام: ((دع ما يريبك إلى ما يريبك)) وقال الله تعالى: {لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا} صدره بهذه العبارة المحتملة للمعاني الثلاثة الوجوب والندب والجواز وذلك لأن ذلك القول إن كان مخلصًا عن ارتكاب محظور ولم يحصل بغيره ينبغي أن يكون واجبًا وإن حصل به الاجتناب عن اكتساب مكروه ينبغي أن يكون مندوبًا وإن لم يكن لا هذا ولا ذلك فلا أقل من أن يكون جائز ويحتمل أن يكون المعنى ههنا الأحسن والأولى أن يقول كذا وكذا وهو المناسب للمباحث العربية والعلوم الأدبية فإن قلت ما الفرق بين قولك ينبغي أن يكون الشخص عالمًا كما ينبغي أو على ما ينبغي وبين قولك ينبغي أن يكون عالمًا قلتُ الفرق بينهما جلي فإن الأول يدل على اتصافه بأصل العلم مع اتصافه بوصف العلم وكماله والثاني إنما على اتصافه بأصل العلم فقط فإن قلت فلم اختار الثاني قلت لأنه متصد لبيان تلك العبارة على سبيل الإيجاز فإن قلت العبارة الأولى من تلك العبارات هي قولك فعل ماضٍ لم يسم فاعله وهذا اللفظ لأنه مقول القول والكتاب عبارة عن الخطوط وصور الألفاظ وأشكال الحروف قول بعت كتابًا واشتريت كتابًا فلا يكون لفظًا فكيف تكون تلك العبارة جزءًا من الكتاب وكيف يصح إطلاق الجزء عليها قلت لاستبعاد في ذلك لجواز إطلاق الخطوط على الألفاظ لكونها دالة عليها كما جاز إطلاق القرآن على الكتاب وعلى النظم المتلو وعلى المعنى على أن الكتاب يذكر ويراد به اللفظ يقول قرأت الكتاب بتمامه وتقول في مقامات الحريري الألفاظ عذبة وعبارات غريبة واستعارات لطيفة فإذا عرفت العبارة الأولى ومباحثها ففسر عليها حال سائر العبارات والمعف لا تقل معطوف من حيث المعنى أي ولا ينبغي لك أن تقول في نحو ضرب وقبل وأكل وشرب من نحو قولك ضرب زيد وقيل زيد وأكل الطعام وشرب الماء مبني لما لم يسم قائله لما فيه أي قول المذكور من الطول فإن هذا القول أكثر حروفًا من القول الأول سواء عد التنوين حرفًا أم لا ومن الخفا فإن دلالته على المقصود خفية بخلاف دلالة ذلك القول فإن قلت مثل هذا الخفا مفسر وجائز فإنه مثل الأول في الدلالة على المقصود عند النحاة وكذا التطويل قلت الكلام في الأولوية لا في الجواز فيكون الأول أولى لخلوه من التعريفين باطل لكونه غير مانع وذلك لأن القول الأول يقتضي أن تصدق على أعطي من نحو قولك أعطي زيد درهمًا بالنسبة إلى درهم أنه فعل ماض لم يسم فاعله كما يقتضي القول الثاني أن يصدق عليه بالنسبة إلى درهم أنه مبني لما لم يسم فاعله قلتُ لاشك أن الغرض من التعريف ههنا هو تمييز الفعل الماضي الذي لم يسم فاعله عن الفعل الماضي الذي سمي فاعله لا غير فلا يتوجه ما ذكرته وينبغي لك أن تقول في زيد في نحو ضرب زيد نائب خبر مبتدأ محذوف على الفاعل المحذوف لكونه قولاً ظاهرًا لدلالته على المقصود وإنيابه على سبيل الاختصار ولا تقل أي لا ينبغي لك أن تقول في زيد من نحو ضرب زيد هو مفعول ما لم يسم فاعله لخفائه أي لخفاء دلالة القول على المطلوب بالنسبة إلى قولك زيد نائب عن الفاعل فإنه أكثر منه من جملة الحرف والكلمة ولصدقه أي لصدق القول الثاني على درهمًا من نحو أعطي زيد درهما يعني يقتضي القول الثاني أن يصدق على درهما من نحو أعطي زيد درهما بالنسبة إلى أعطي أنه مفعول ما لم يسم فاعله بخلاف القول الأول فيكون أولى فإن قلت لا شك أن العرض من التعريف ههنا تمييز مثل زيد عن فاعله يعطي لا عن مفعوله فيكون بالقول الثاني صحيحًا أيضًا قلت هذا الكلام إنما يدفع الاعتراض ولا يدفع الأولوية والكلام فيها فكذا تعرض المصنف للصدق المذكور في بيان العبارة الثانية ولم يتعرض له في بيان العبارة الأولى وينبغي لك أن تقول في قد من نحو قد ضرب زيد وقد يضرب زيد حرف لتقليل زمن الفعل الماضي ولتقليل حدث الفعل المضارع لكون كل واحد منهما ظاهرًا وافيًا بالمقصود ولا ينبغي لك أن تقول فيها أنها تفيد التقليل مثلاً فإنه مجمل فإن قلت فلم يقل ههنا ولا يقل كما ذكره هناك قلت لصدق الإيجاز والاكتفاء بما ذكر هناك والإشعار بأن الباب الرابع معقود لبيان العبارات أصالة وأما ذكر غيرها فيه فعلى سبيل الاستطراد وينبغي لك أن تقول قد من نحو قد جاء القوم وقد يجيء القوم مثلاً حرف لتحقيق حدث أي حدث الماضي وحدث المضارع ولا ينبغي لك أن تقول أنها تفيد التحقيق فإنه غير واضح الدلالة على المراد وينبغي لك أن تقول لن من نحو لن يضرب زيد حرف نفي لدلالتها على نفي الضرب سواء كان ذلك النفي مؤبدًا أو لا وزعم البعض أنها لاستغراق النفي لجميع أجزاء الزمان المستقبل وهو مراد من قال أنها لتأكيد نفي المستقبل المستفاد من لا نحو لا تضرب زيدًا مثلاً وحرف نصب لنصبها المضارع وحرف استقبال لدلالتها على نفي الضرب في الزمن المستقبل وينبغي لك أن تقول في لم من نحو لم يضرب زيد عمرو حرف جزم لنفي المضارع ولقلبه ماضيًا وينبغي لك أن تقول أما من قولك أما زيد فأكرمته وأما بشر فأعرضت عنه المشددة إذ لو كانت محققة تكون حرف التنبيه المفتوحة الهمزة إذ لو كانت مكسورة تكون حرف عطف عن البعض حرف الشرط لدلالتها على التعليق وحرف تفصيل و حرف توكيد لدلالتها على تفصيل النسب وتوكيدها وتقول في أن من نحو أريد أن يقوم زيد حرف مصدري لحصل مدخولها بمعنى المصدر نصب المضارع وينبغي لك أن تقول الفاء التي تجيء بعد فعل الشرط نحو إذا جاء زيد فأكرمته رابطة لجواب الشرط بفعل الشرط والرابط خارج عن المربوط فلا يكون هي نفس الجواب ولا الجزاء ولا تقول أي لا ينبغي أن تقول هي جواب الشرط كما يقولون أي كما قال بعض النحاة الفاء جواب الشرط فلا يكون هذا القول ظاهر الدلالة على المقصود بخلاف القول المؤول فاندفع ما قيل ههنا من أنهم يقولون جواب الشرط على سبيل التقدير مضاف أو على سبيل مجاز فإن قلت الكاف في قوله كما يقولون ونحوه هل يدل على السببية قلت يدل عليه لكن المقصود ههنا ليس النهي عن المشابهة بل المقصود النهي عن التحقق والوقوع على سبيل العموم ومثل هذه سمي كاف القرآن والوقوع نحو جاء زيد كما قعد عمرو قوله لأن الجواب أي جواب الشرط الجملة الجزائية بأسرها أي بمجموعها الفاء وحدها أي ليس الجواب الفاء وحدها بدون الجملة الجزائية فلا يكون إطلاق الجواب عليها من باب الإطلاق على سبيل الحقيقة فيكون القول الثاني غير وافٍ بمقصوده بحسب الظاهر فهذا علة النهي المذكور فإن قلت فلم قيد الفاء بوحدها ولم يقل ليس الفاء جواب الشرط ولا جزاؤه أصلاً قلت لرعاية المناسبة لقوله الجملة بأسرها للإشارة إلى أن الرد ينبغي أن يكون على قدر المذكور فإنهم قالوا الفاء جواب الشرط من غير التعرض بكونها جزاء الجواب فإن قلت وحدها حال من الفاء فما العامل فيها قلت العامل فيها معنى النفي المستفاد من لا وينبغي لك أن تقول في نحو زيد من قولك جلست أمام زيد، زيد مخفوض بالإضافة على أن يكون العامل في جر المضاف إليه معنويًا وهو أحد الأقوال الثلاثة ولا تقل زيد مخفوض بالظرف لكون ذلك القول قولاً خارجًا عن الأقوال الثلاثة فيكون مخالفًا للإجماع المركب فأشار إلى هذا بقوله لأن المقتضي للخفض أي لجر المضاف إليه إنما هو الإضافة على قول من قال إن العامل في المضاف إليه معنوي فإن قلت العامل ما به يتقوم المعنى المقتضى فلا يكون نفس المقتضى فكيف يصح هذا الكلام قلت لعل هؤلاء لا يسلمون تعريف العامل بهذا التعريف على أن المراد من المقتضى ههنا أعم من المعنى المقتضى هناك يدل عليه قوله وللعطف قوله المضاف من حيث هو مضاف معطوف على الإضافة وهذا على قول من قال أن العامل في المضاف إليه هو المضاف وأما قول من قال أن العامل في المضاف إليه حرف الجر المقدر فلم يلتفت إليه المصنف لا للعطف قوله كون المضاف ظرفًا معطوفًا عليها أيضًا بدليل غلام زيد ووجه الدلالة أن زيدًا ههنا مخفوض؛ فلو كان المقتضى للخفض في المضاف كون المضاف ظرفًا لما كان زيد ههنا مخفوضًا لانتفاء معنى الظرفية في المضاف بالكلية فاللازم بطل وكذا الملزوم وينبغي لك أن تقول الفاء من نحو: {فصل لربك} صل فعل أمر من باب التفصيل فاعله مستتر فيه وهو أنت ولربك متعلق به فالسببية لدلالتها على سبق لما قبلها لما بعدها فإن قلت الأمر كاف في إيجاب الصلاة فما الفائدة ههنا قلت فائدتها هي الإشعار بأن ما بعدها منتظم مع ما قبلها معنى وعقلاً كما انتظم الأمر مع معنى نظما وأصل البيان يسمون هذه الفاء فاء فصيحة ولا تقل هي فاء العطف لأنه أي الشأن لا يجوز أصلاً عن البعض أو يجوز ولكن لا يحسن عند الآخرين عطف الطلب على الخبر لكمال الانقطاع بينهما والعطف يقتضي اتصالاً في الجملة بين المعطوف والمعطوف عليه قوله عطف الطلب مرفوع ينازع فيه فيجوز ويحسن فاعل الثاني وأضمر ضمير الفاء على في الأول على رأي البصريين ولا العكس أي لا يجوز ولا يحسن عطف الخبر على الطلب لما عرفت والجملة الفعلية مرفوعة المحل على أنها خبر ضمير الشأن وفي الواو العاطفة من نحو قولك جاء زيد وعمرو هي حرف عطف لمجرد الجمع أي ينبغي لك أن تقول الواو حرف عطف تدل على الجمع بدون التعرض بتقييد الجمع بالمطلق كما هو المشهور لكن هذا القول ظاهر الدلالة على المقصود بالاحتمال لغيره ولا تقل الواو حرف عطف للجمع المطلق وإن كان صحيحاً في نفس الأمر لكونه غير ظاهر على المراد لتبادر الذهن إلى أن الجمع مقيداً بالمطلق تقييد المطلق بالمقيد نحو قولك رأيت رجلاً عالماً فمن هذا علم فساد ما قيل ههنا من أن مثل هذا القيد ليس لبيان التقييد بل لبيان الإطلاق كقولك الإنسان من حيث هو والماهية من حيث هي ومن أنه قد وقع فيما هرب منه من حيث لا يشعر فإن التجريد وكونه بلا قيد؛ قيد سلبي للجمع أيضًا وينبغي لك أن تقول في حتى من نحو قولك جاء الحجاج حتى المشاة هي. هي حرف عطف للجمع والغاية وأن تقول في ثم من نحو قولك جاء زيد ثم عمرو هي حرف عطف للترتيب والمهلة وتقول في الفاء من نحو قولك جاء بكر فخاله هي حرف عطف للترتيب والتعقيب فكذا قولهم الأحسن من قولهم الألف واللام لكونه أحصر فالحاصل أن المعرب ينبغي له أن يختار من العبارات أوجزها وأحسنها كما هو اللائق بشأن العلوم الأدبية ثم إنه لما فرغ من تعليم آداب استعمالات العبارات على الوجوه المذكورة أراد أن يعلم كيفية استعمالات اصطلاحات على وجه أخصر فقال وإذا اختصرت فيهن أي وإذا أردت الاختصار في حرف العطف فقل فيهن أي في حروف العطف أي في الواو وفي غيرها من نحو جاء زيد وعمرو وجاء الحجاج حتى المشاة هي عاطف وقل في التعبير عن المعطوفات المذكورة معطوف كما تقول إذا أردت الاختصار في التعبير عن الباء وعن زيد في قولك مررت بزيد جار ومجرور فإن قلت فعلى هذا تحقق في العبارات المذكورة تطويل فلا يكون مقبولة قلت التطويل فيما ذكر هو التطويل المتعرض للمقصود ويكون مقبولاً وأما التطويل المردود فهو التطويل المتعرض لخلاف المراد وتقول كذلك أي مثل ذلك القول إذا اختصرت أي إذا أردت الاختصار في نحو: {لن نبرح} وفي نحو أن يقوم زيد ناصب ومنصوب من غير احتياج إلى أن يقوم حرف نفي ونصب واستقبال وإلى أن يقوم حرف مصدري ينصب المضارع وتقول أيضًا في نحو لم يضرب زيد جازم ومجزوم بلا احتياج إلى أن تقول حرف جزم لنفي وتقول في نحو وقلبه ماضيًا وينبغي لك أن تقول في أن المكسورة من قولك أن زيدًا قائم حرف توكيد تنصب الاسم وترفع الخبر هذا على مذهب البصريين وأما عند الكوفيين فالخبر مرفوع على ما كان عليه وينبغي لك أن تزيد على القول الأول في أن المفتوحة من نحو بلغني أنك ذاهب حرف توكيد مصدري تنصب الاسم وترفع الخبر ثم لما فرغ الشيخ من تعليم الآداب للمبتدئين في الفن وأراد أن يبين ما يعاب على المتمردين فيه وأن يرشدهم إلى الطريقة الحسنة على سبيل الذهن والإشارة تعظيم ودفعًا لشأنهم قال واعلم أن ما ذكر يتعلق بالمبتدئ واعلم أن ما يذكر يتعلق بالمنتهي في الفن أنه أي الشأن يعاب على الفاء شيء وإن لم يعيب على الدخيل في الفن كالناشئ فيه فما وجد ههنا في بعض النسخ الناسي بمعنى الإنسان فليس له مقبول ههنا فقوله في صناعات الإعراب أي في النحو متعلق بالناشئ وإنما عول إليها لكونها أحسن مناسب لما قبلها بدل الناشئ بمعنى المتمري وأشار إلى أنه علم صناعي يحصل بالممارسة والمزاولة وإثقاب الخواطر والإعراب بمعنى النحو أن يذكر فعلاً أن حرف ناصب ويذكر فعل فاعله مستتر فيه عائد إلى الناشئ وفعلاً مفعوله والجملة مرفوعة المحل على أنها فاعل يعاب وهو مع معموله مرفوع المحل على أنه خبر ضمير الشأن ولا يبحث عن فاعله إذ كل فعل لا بد له من فاعل فينبغي له أن يذكر فاعله نعم يجوز أن يسكت عنه إذا كان الفاعل معلومًا نحو وخلق العامل مثلا ًوإذا كان المقصود بيان حال الفعل فقط وإذا التزم بيان الفعل ولم يلتزم بيان الفاعل وأما السكوت عن ذكر المفعول عند ذكر الفعل فلا يعاب عليه لكونه فضلة في الكلام الواو واو الحال والأحرف نفي ويجب فعل فاعله مستتر فيه عائد إلى الناشئ أيضًا وعن حرف جر وفاعله مجرور به مضاف إلى الضمير العائد إلى الفعل والجار مع المجرور متعلق به والفعل مع معموله منصوب المحل على أنه حال من فاعل يذكر ويجوز أن يكون الواو ههنا للعطف كأنه قال يعاب عليه أن يذكر فعلاً وأن لا يبحث عن فاعله ذلك الفعل فمناط التعييب على كل تقدير من هو عدم البحث عنه لا ذكر الفعل وحده فقس على هذا حال ما يذكر بعد هذا أو أن يذكره مبتدأ ولا يفحص عن خبره لما بينهما من الاتصال التأخر فلا يحسن أن يذكر أحدهما ويسكت عن الآخر وبيانه فإن قلت يجوز حذف الخبر بل يجب في مواضع فكيف يعاب عليه عدم ذكره حين ذكر المبتدأ قلت مثل هذا مستثنى عن تلك القاعدة كما أشرنا إليه والاستبعاد في تعلق التعذيب به لترك اللائق بحاله فإن المناسب لشأنه أن تقول الخبر المحذوف كذا عقيب ذكر المبتدأ والتحقيق أن الحذف لا يستلزم عدم التفحص لتحققه بدونه أو أن يذكر ظرفًا أو أن يذكر مجرورًا ولاينته على متعلقه بفتح اللام أي على متعلق كل واحد منهما فإن يقول متعلق الظرف مذكورًا أو محذوف أو متعلقه كذا وبأن يقول متعلق المجرور كذا وكذا فإن قلت فكيف يصح هذا على إطلاقه وقد قال في الباب الثاني ويستثنى من حروف الجر أربعة ولا يتعلق بشيء قلت أراد هناك من حروف الجر حروفًا لا يقصد لها أفضى معنى الفعل إلى المجرور كما يدل عليه المثل المذكور هنا وأراد ههنا من المجرور مجرور قد أفضى إليه معنى الفعل بواسطة حرف الجر فإن حسن ذكر متعلقه فرع حسن تعلقه به بواسطة حرف الجر فاندفع ما توهم ههنا من نقص القاعدة فإن قلت فلم ذكر ههنا التنبيه وفيما سبق التفحص والبحث قلت للتعيين مع الإشارة إلى أن الاطلاع على متعلق كل واحد من الظرف والمجرور أيسر من الاطلاع على الخبر والفاعل أو أن يذكر جملة ولا يذكر لها محل من الإعراب أم بمعنى أو ولو ذكر أو بدلها لكان أحسن لا يكون لها محل منه فلا يحصل المقصود بذكر الجملة المطلقة فحسن أن يقول هذه الجملة من الجمل التي لها محل من الإعراب نعم لا بأس بعدم الذكر عند القيام القرينة الدالة على يقين إحدى الجملتين وأنت تعلم أن الكلام في الأولوية لا في الجواز أو أن يذكر موصولاً سواء كان اسمًا أو حرفًا ولا يبين حلقه بأن يقول هذا عائد إلى الاسم الموصول وهذا مختص بالاسم الموصول ويجوز أن يكون منه الاسم الموصول وهو الظاهر فيختص الأول بالاسم الموصول أيضًا أو للعطف أن يقتصر معطوف على قوله أن يذكر في بيان إعراب الاسم من أن يقول قام فعل والاسم إشارة فاعله له في نحو قولك قام ذا أو من أن يقول قام فعل والذين اسم موصول فاعله له في نحو قولك قام الذين في الدار فيكون من الابتداء متعلقه بتقتصر ويقول ضمير مستتر فيه عائد إلى الناشئ ويجوز أن يكون لبيان الاسم متعلقة بمحذوف كأنه قال في إعراب الاسم الذي هو في ذا في نحو قام ذا لكن المبتدأ للمطلوب هو الأول لا غير على متعلقه بتقتصر أن يقول في نحو قام ذا قام فعل وذا اسم إشارة بدون التعريض بذكر الفاعل وهذا مقول القول وأن تقول في قام الذين في الدار قام فعل والذين اسم موصول بدون التعرض يذكر الفاعل أيضاً قوله فإن ذلك إلى آخره تعليل الاختصار على ما ذكر أي فإن كون اسم ذا إشارة وكون الذين اسم موصول لا يقتضي إعراباً فضلاً أن يقتضي رفعاً بدليل قام زيد على قياس ما عرفت وذلك لأن المقتضي للإعراب هو توارد المعاني الثلاثة فيما هو قابل لها لا كون الاسم اسم إشارة ولا كون الاسم اسم موصول ولا كون الاسم اسم ظاهر أو اسم مضمر إلى غير ذلك والصواب فإن قلت ذلك الوجه جائز غاية ما في الباب أوجب فلم ذكر المصنف ههنا ولم يقل والأولى قلت سلمناه لكن لا ضلال الوجه المعيب عند المقابلة بالوجه السليم الحسن لاسيما إذا صدر من الحذاق والأبرار نزل منزلة الخطاب فلهذا قال والصواب أن يقال قام فعل وذا فاعل له وهو اسم إشارة في نحو قولك قام ذا كأنه قال قام فعل وذا مرفوع لأنه فاعل أو أن يقال قام فعل والذي فاعله وهو اسم موصول في نحو قولك قام الذي في الدار فإن يذكر محله أو محل كل واحد منهما فإن الفاعل إنما يقتضي رفعاً أي رفع كان ولا يقتضي الرفع المحلي بمخصوصه كما لا يقتضي الرفع اللفظي والتقديري بخصوصهما فيقال قام فعل وفاعله وذا فاعل مرفوع المحل في نحو قام ذا كما يقال قام فعل والذي فاعل مرفوع المحل في نحو قام الذي في الدار وإنما ذكر لفظه في نحو في المثالين المذكورين أشار إلى أن الأبحاث المذكورة ليست بمختصة بهما بل تشملهما وغيرهما فإنك إذا قلت في بيان إعراب زيد في نحو قولك قام زيد قام فعل وزيد علم أو اسم ظاهر يعاب عليك أيضاً هذا القول بل الصواب أن تقول في بيان إعرابه في نحو قام زيد قام فعل وزيد فاعل مرفوع لفظاً وكذا يعاب عليك إذا قلت في إعراب بكر في نحو رأيت بكرا رأيت فعل وبكر اسم ثلاثي ساكن الوسط مثلاً فالصواب أن تقول رأيت فعل وفاعل وبكراً مفعول منصوب لفظاً فقس على هذا بيان سائر الوجوه الإعراب فحاصل هذا الأصل أن المعرب بحث عليه في بيان الإعراب أن يذكر المقتضى للإعراب تحصيلاً للمطلوب وتحيزاً عما لا يقتضيه هرباً من اللغو والعنت فكذا فرع السؤال على قول المعرب في بيان إعراب ذا في نحو قام ذا قام فعل وذا فاعل وهو اسم إشارة فقوله فإن قلت لا فائدة في قوله أي أو الناشئ في صناعة الإعراب في بيان إعراب ما في نحو قام ذا إنه أي ذا في المثال المذكور فاعل واسم إشارة لأن الاقتصار على فاعل كان وحده في تحصيل بيان إعرابه فيكون ذلك القول أي القول أن اسم الإشارة لغواً لخلوه عن إفادة هذا المطلوب ههنا بالكلية فعلم من هذا فساد قول من قال ههنا أن هذا السؤال في غاية السقوط لأن اسم الإشارة كم له فائدة باعتبار استعمالاته في الكلام بخلاف قوله أي قول المعرب في بيان الذي في نحو قام الذي في الدار أنه اسم موصول بدون الاقتصار على فاعل فإنه يفيد فإن فيه أي في القول بأنه اسم موصول بالاقتصار على فاعل أي في القول يذكرهما جميعاً في بيان إعراب الاسم الموصول في المثال المذكور فعلم من هذا فساد قول من قال ههنا فإن فيه أي في القول بالاسم الموصول وحده بدون التعرض بذكر الفاعل لأن هذا باطل فضلاً أن يفيد فائدة على ما عرفت تنبيهًا للمعرب أو تنبيه من جملة الفوائد على ما يقتصر إليه على حرف جر متعلق بالتنبيه وما اسم موصول ويقتصر فعل فاعله مستتر فيه عائد إلى قوله اسم موصول وإليه متعلق به والضمير المجرور عائد إلى ما قوله من الصلة بيان ما منصوب المحل على أنه حال قوله ومن العائد معطوف عليه والجملة صلة الموصول ووجهه التنبيه أن ذكر الاسم الموصول يشير إلى العائد إليه من الصلة كما أن ذكر الموصول يشير على الصلة قوله ليطلبها تعليل التنبيه أي ليطلب الصلة من العائد المعرب أي معرب هذا الاسم أو معرب الاسم فيكون اللام إما لتعريف العهد وإما التعريف الجنس وللعطف قوله ليعلم معطوف على ليطلبها أن الجملة الصلة أي الجملة الظرفية جملة لا محل لها من الإعراب وأنت تعلم مما ذكر أن ذكر اسم موصول هناك وإن كان قد أفاد هذا الفائدة في ذلك الكلام لكنه لا دخل له في تحصيل أصل الذي عين له هذا الأصل لحصوله بذكر الفاعل على ما عرفت فعاد المحذور في التحقيق قلت بلى فيه أي في القول بأنه اسم إشارة فائدة أيضًا وهي الفائدة الحاصلة فيه التنبيه إلى ضمن معنى الإشارة فكذا عدي بإلى أن ما يلحقه من الكاف ما اسم موصول ويلحقه فعل فاعله مستتر فيه عائد إلى ما ومفعوله الضمير المنصوب المتصل به العائد إلى اسم الإشارة ومن الكاف منصوب المحل على أنه حال من فاعل يلحق حرف خطاب لا اسم مضاف إليه لما تقرر أن أسماء الإشارة من المعارف والمعارف لا تضاف والتنبيه أيضًا إلى اسم الذي يقع بعده أو بعد اسم الإشارة أو في نحو قولك جاء هذا الرجل نعت لاسم الإشارة أو عطف بيان له قال بعضهم أي اجعل نعتًا له بكون الألف واللام للعهد كما أنه جعل عطف بيان له تكون الألف واللام للحضور كما أن اسم الإشارة لا تفيد إلا الحضور كائنًا على الخلاف بين النحاة في المعرف بأن الواقع بالجر على صفة المعرف بعد اسم الإشارة ومثل هذا تفصيل بعد الإجمال وتنصيص على محل النزاع بأوضح وجه فلا يكون تكرارًا وبعد إنها معطوف على بعد اسم الإشارة كأنه قال في المعرف بأن الواقع بعد بيان أيها في نحو قولك يا أيها الرجل ليكون الرجل صفة لأي أو عطف بيان ليكون في قولك يا أيها الرجل فيكون الرجل صفة لأي أو عطف بيان له فيكون ذكر هذا على سبيل الاستطراد لأجل المناسبة فلا يكون داخلاً بحث التنبيه والتحقيق أن المقيد في بيان الإعراب ذكر هو المقتضي له لا غير فذكر اسم الإشارة ليس بذكر المقتضي له أصلاً وإن كان له فائدة في إيضاح معنى الكلام ومما لا ينتهي عليه إعراب أن يقول أي المعرب أو الناشئ في صناعة الإعراب الواو للعطف ومن حرف جر متعلق بمقدر وهو حاصل وما موصول ولا حرف نفي وينتهي فعل وعليه متعلق به والضمير المجرور عائد إلى الموصول وإعراب قائم مقام فاعله وأن ناصب ويقول فعل منصوب به فاعله مستتر فيه عائد إلى المعرب أو إلى الناشئ لتقدم ذكر كل منهما والفعل مع فاعله مرفوع المحل على أنه مبتدأ والمقدم خبره المجموع معطوف على مقدر كأنه قال مما لا ينتهي عليه إعراب قول الناشئ في بيان إعراب الاسم كذا وكذا ومما لا ينتهي عليه إعراب أن يقول في بيان إعراب غلام في نحو جاء غلام زيد جاء فعل وغلام مضاف فإن المضاف من حيث أنه مضاف ليس له إعراب مستقر مستمر لعدم تعيينه لأحد المعاني الثلاثة فلا يكون وصف المضاف مقتضيًا لإعراب أصلاً فضلاً أن يقتضي رفع الفاعل كما كان للفاعل إعراب مستقر مخصوص به حتى إذا قلت في المثال المذكور جاء فعل وغلام فاعل أنه مرفوع على ما عرفتَ ونحوه أي وكما كان لنحو الفاعل كالمبتدأ والخبر كالمفعول وكالمضاف وكالحال والتمييز إلى غير ذلك من الأمور التي يلزمها أحد المعاني الثلاثة مثلاً إذا قلت في إعراب زيد في نحو قولك زيد قائم مبتدأ وقائم خبره علم منه أن زيدًا مرفوع فقس عليه حال الخبر وقد وجد ههنا في بعض النسخ مستقبل موضع مستقر أو يؤيد هذا قوله وإنما يكون إعرابه أي إعراب المضاف بحسب اقتضاء ما يدخل عليه أي على المضاف فرفع في نحو جاء غلام زيد وينصب في نحو قولك رأيت غلام زيد ويجر في نحو مررت بغلام فهذا يختص بالعوامل اللفظية فخرج نحو غلام زيد قائم عندنا اللهم إلا إن أراد من الدخول العروض فلو قال بحسب ما يعرض عليه لكان أولى فالصواب أن يقال عند إرادة بيان إعراب المضاف في نحو قولك جاء غلام زيد جاء فعل وغلام فاعل فيعلم أنه مرفوع أو يقال في نحو رأيت غلام زيد رأيت فعل وفاعل وغلام مفعول فيعلم منه أنه منصوب أو نحو ذلك أو أن يقال في نحو مررت بغلام زيد مضاف إليه بواسطة حرف الجر لفظًا فيعلم أنه مجرور أو أن يقال في نحو غلام زيد قائم مبتدأ هذا الذي ذكرنا من حكم المضاف بخلاف حكم المضاف إليه فإن له إعرابًا مستقرًا وهو الجر فإذا قيل في بيان إعراب زيد في نحو قام غلام زيد قام فعل وغلامه فاعله وهو مضاف إلى زيد وزيد مضاف إليه علم أنه مجرور وذلك بأن يقال زيد مضاف إليه وكل مضاف إليه مجرور فزيد مجرور وينبغي أن يجتنب المعرب فإن قلت الاجتناب يعم الكل فلم خصصه بالمعرب قلت لأن الاحتراز عن شيء بعد العلم بذلك الشيء والكون مثل هذا القول صادرًا من المعرب غالبًا أو تقول في حرف من كتاب الله والظاهر أن المراد من الحرف ههنا أعم فيتناول حروف المباني وحرف المعاني وللاسم والفعل وغيرهما أن زيدًا لاته قوله لاته إلى آخره تعليل الاجتناب أي لأن الشأن يسبق من هذه القول إلى الأذهان أن الزائد هو الذي لا معنى له أصلاً وكلام الله تعالى منزه عن ذلك الزائد قال البيضاوي في تفسير قوله تعالى {مثلاً ما بعوضة} ما زائدة لتأكيد ولا يعني بالزائدة اللغو الضائع فإن القرآن كله هدى وبيان بل يعني بها ما لم يوضع لمعنى يراد منه وإنما وضعت لأن يذكر مع غيرها فتقيد له وثاقة وقوة وهو زيادة في الهدى غير قادح فيه فظهر من قوله الأمر أن الأول أنه إذا قيل حرف مزيدة للتأكيد لو زيدت للتقوية ومثل هذا في كتب التفاسير كثير فلا بأس به والثاني أن الحرف الذي ينبغي أن يجتنب عن أن تقول أنه زائد إذا أطلق كأنه يقال من زائدة بلا تقييد. تقيد التأكيد والتقوية وغيرها وقد وقع هذا الوهم أي التوهم وهو الزائد الذي لا معنى له أصلاً للإمام فخر الدين الرازي فإن قلت من أين علم المصنف أن هذا الوهم وقع للإمام فخر الدين الرازي قلت من أمرين الأول أنه نقل إجماع الأشاعرة على عدم وقوع المهمل في كلام الله تعالى وهو عين الإجماع على عدم وقوع الزائد فيه بهذا المعنى هو عين المهمل فلو لم يقع له هذا الوهم لما احتاج إلى التعريض بهذا الإجماع والثاني أنه حمل ما في قوله: {فبما رحمة} على أنها استفهامية بمعنى التعجب كقوله تعالى: {ما لي لا أرى الهدهد} فأشار المصنف إلى الأول بقوله فقال أي الإمام فخر الدين الرازي المحققون من المتكلمين وهم الأشاعرة على أن المهمل لا يقع في كلام الله تعالى لرفعه عن ذلك وأشار إلى الثاني فأما ما في قوله: {فبما رحمة من الله} فيمكن أن تكون استفهامية للتعجب انتهى أي كلام الإمام فخر الدين الرازي والظاهر أن هذا الوهم لا يقع لواحد من العلماء فضلاً أن يقع لمثل الإمام الرازي وإنما أنكر إطلاق القول بالزائد إجلالا بكلام الله تعالى وللملازمة لباب الأدب كما هو اللائق بحاله لا لوقوع هذا الوهم منه وأما نقل اتفاق الأشاعرة فمؤيد لما قصده من معنى الإجلال لا لوقوع منه كما ترى وأما حمل ما في قوله تعالى: {فبما رحمة} على أن تكون استفهامية بمعنى التعجب على سبيل الجواز والإمكان فهو بمعزل على الدلالة على وقوع الوهم منه بمؤجل ثم لما فرغ من نقل كلام الإمام وتوجيهه وأراد إبطاله قال والزائد عند النحويين معناه فإن قلت فلم ذكر معناه مع أنه لو قال الزائد هو الذي لم يؤت به إلا لمجرد التقوية والتأكيد لتم التعريف وكان أظهر وإن سبق قلت لما كان بصدد الرد على من زعم أن الزائد هو الذي لا معنى له أصلاً حقيقة وإن كان صورة في بيان التعريف ذكر معناه للرد هرعا على الزاعم فلأجل هذا قال لا المهمل كما فهم من كلام الرازي وأنت قد علمت أن الإمام بريء فإن قلت ما الفرق بين التقوية والتأكيد قلتُ الظاهر أن التقوية أعم من التأكيد والتوجيه المذكور الحاصل من الإمام الرازي في الآية أن قوله: {فبما رحمة من الله} فإطلاق الآية عليه مجازًا كإطلاق الكل على الجزء باطل لأمرين أحدهما أي أحد الأمرين الدالين على بطلان توجيه الكلام فيها أن ما الاستفهامية إذا خفضت بحرف الجر وجب حذف ألفها نحو ما التي حذفت ألفها لدخول حرف الجر عليها في قوله تعالى: {عم يتساءلون} وتقديره أن ما في قوله تعالى: {فبما رحمة من الله} لو كانت استفهامية لحذفت ألفها لدخول حرف الجر عليها لكنها ما حذفت بالاتفاق والجواب أن حذف ألف ما الاستفهامية إذا دخل عليها حرف الجر الثري لا داعي فيجوز إثباتها للتنبيه على إبقاء الشيء على أصله والأمر الثاني الدال على بطلان توجيهه فيها أيضًا أن خفض رحمة في قوله تعالى: {فبما رحمة} حينئذ أي إذا حمل على أن تكون استفهامية بمعنى التعجب يشكل لأنه يعسر تخريجه من القواعد الإعرابية لأن أي خفض ولا يكون بالإضافة إذ ليس في الأسماء الاستفهامية ما يضاف أي غيره إضافة نحوية بالاستقراء إلا أي عند جميع أي عند جميع النحاة فإنهم متفقون على إضافتها لتحقق السماع والاستماع وكم معطوف على أي عند الزجاج أي وليس في الأسماء الاستفهامية ما يضاف إلى كم عند الشيخ أبي إسحاق الزجاج خلافًا لغيره نحو بكم درهم اشتريت فإنها كم استفهامية لا خبرية أو قول أولاً هذا الدليل لا يستلزم بطلان توجيه الإمام وإنما يستلزم لو أجمع النحاة على بطلان إضافتها ومعلوم أيضًا أن عدم الإجماع على شيء لا يستلزم الإجماع على عدم ذلك الشيء وثانيًا أن الاعتبار للمعاني لا للصور والمباني فيجوز إضافتها لوجود معنى أي فيها ومثل هذا كثير في الكلام جدًا ولا يحتاج إلى السماع بخصوصه والإمام الرازي رحمه الله تعالى أشار إلى هذا بقوله والتقدير فبأي رحمة ولا يكون خفضها بالإبدال من ما لأن المبدل من اسم الاستفهام لا بد من أن يقترن بهمزة الاستفهام إشعارًا متعلق بمعنى الاستفهام بالبدل قصدًا وسبب اختصاص اقترانه بهمزة الاستفهام دون غيرها كونها أصلاً في بيان الاستفهام مع كون بيانها على حرف واحد فكيف أنت صحيح أم سقيم وأنت مبتدأ خبره وهو اسم استفهام وصحيح بدل من مقترنًا بهمزة الاستفهام وأم للعطف وسقيم معطوف على صحيح فإن قلت فلم وقع الفصل بين البدل والمبدل منه قلت لاقتضاء المبدل منه صدر الكلام لتضمنه معنى الاستفهام وتقدير الدليل من رحمة في قوله تعالى: {فبما رحمة} لو كانت مبدلة من اسم الاستفهام لكانت قرنت بهمزة الاستفهام لكنها لم تقترن بها فلا تكون مبدل له من ما ولا يكون جرها بأن يكون صفة لما لأن كلمة ما فإن قلت فلم أدخل الكلمة على ما ولم يقل لأن ما لا يوصف قلت تنصيصًا على المراد ودفعًا للالتباس قوله إذا كانت شرطية مذكورة ههنا على سبيل الاستطراد لأجل تعميم الفائدة أو استفهامية وكل ما لا يوصف لا يكون له صفة فرحمة لا يكون صفة لما ولا يخفى عليك أن حال هذا العامل فحال الدليل على عدم خفضها بالإضافة ولا يكون خفض رحمة بأن يكون بيان أي عطف بيان لما لأن ما هذه لا يوصف لما عرفت كل ما لا يوصف لا يعطف عليه عطف البيان فرحمة لا يكون عطف بيان لما قوله كالمضمرات أشار إلى بيان الكبر أي بمعنى أن المضمرات لا تكون موصوفة ولا معطوفًا عليها عطف بيان وأنت تعلم أن المضمرات تجوز أن تكون موصوفة ومعطوفًا عليها عطف البيان عند البعض فلا يتم هذا أيضًا ثم لما فرغ من الرد على الإمام وأراد أن يقوي ما ذكر بكلام السلف من النحاة قال وكثير من النحاة المتقدمين يسمون الزائد صفة لكونها وسيلة إلى نيل غرض من الأغراض كتحسين الكلام وتزيينه وكتحصيل ازدياد قوته ومساسه بزيادة حرف من الحروف الزائدة وبعضهم أي بعض النحاة المتقدمين كما هو الظاهر المراد ويحتمل أن يكون المراد بعض النحاة مطلقًا تسميه توكيدًا لإعطائها اللفظ النظم معنى التأكيد فإن قلت قد قال في آخر الباب الثالث ويسمى الزائد صلة وتوكيدًا فما الفائدة في هذا الكلام قلتُ للتذكير وللتفصيل بعد الإجماع بذكر الفريقين من النحاة المتقدمين والإشارة إلى أن بعض ذلك القول ههنا جار على سبيل المسامحة والنجاز ثم لما فرغ الباب الرابع لبيان العبارات المحررة المستوفاة وكانت الاصطلاحات المتعلقة فعلم النحو كثيرة لكثرة أصوله وتشعب فروعه وكان هذا القدر المذكور يستوفيها بمجرد التنادر والذكر ولكن كان فيها بحسب التأمل والفكر أشار إلى هذا بقوله وفي هذا القدر أي في بيان هذه العبارات المحررة ويجوز أن يكون المراد منه بيان العبارات وتحرير القواعد والأصول كتابة لمن تأمله لأن التأمل أصل في درك الأمور كلها فلهذا قال في أول هذا الكتاب يقتضي منالها جادة الصواب جعلنا الله وإياكم من أهل الجنة والثواب ويرانا في النعيم مع الأحياء والأصحاب أمين يا مجيب الدعوات ومفتح الأبواب والحمد لله جزايل ربهم والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وسلم).