10 Nov 2008
مقدمة في الفصاحة والبلاغة
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (مقدِّمَةٌ في الفصاحةِ والبلاغةِ
(الفصاحةُ في اللغةِ تُنْبِئُ عن البيانِ والظهورِ. يقالُ: أفْصَحَ الصَّبيُّ في مَنْطِقِه، إذا بانَ وظَهَرَ كلامُه.
وتَقَعُ في الاصطلاحِ وصْفًا للكلمةِ والكلامِ والمتكلِّمِ). (دروس البلاغة).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. قال المؤلفون رحمهم الله تعالى : (مقدمة في الفصاحة والبلاغة: الفصاحة في اللغة : تنبئ عن البيان والظهور ، يقال : أفصح الصبي في منطقة إذا بان وظهر كلامه).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: ( (أفصح الصبي في منطقه إذا بان وظهر كلامه) إذا بان وظهر كلامه، أي أفصح، وكذلك أيضاً يوصف الأعجمي إذا صارت لغته العربية بينةً.
لابد من التنبيه هنا إلى مسألة وهي قضية الفصاحة وعلاقتها بالبلاغة علاقة عموم وخصوص؛ لأن البلاغة صارت عنواناً لهذا العلم.
أما الفصاحة: فهي جزء يتكون منه النص الذي يمكن أن يوصف بأنه فصيح.
طبعاً عند العلماء حديث طويل حول الفرق بين الفصاحة والبلاغة ، ولعله يأتي في آخر الحديث عن هذا الموضوع.
يعني الحديث في الجانب اللغوي ينحصر في دلالة الفصاحة على الظهور والبيان.
أفصح اللبن إذا ذهبت رغوته، وهذا طبعاً مما يقوله اللغويون في معنى الفصاحة).
القارئ: (وتقع في الاصطلاح وصفاً للكلمة والكلام والمتكلم).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هنا أحد الفروق التي ألمحت إليها قبل قليل بين الفصاحة والبلاغة،كما سيأتي الحديث عن البلاغة أن الفصاحة يوصف بها ثلاثة أمور: الكلمة والكلام والمتكلم، وقدمت الكلمة باعتبار أنها هي الجزء الأصغر، ثم الكلام باعتبار أنه هو المكون للنص من النص المتكون من كلمات أصبح كلاماً، ثم هذا الكلام لابد أن يقال وله قائل، فهو المتكلم.
إذاً: هذا الترتيب الذي صار عليه البلاغيون في الترتيب: الكلمة - الكلام - المتكلم.
الكلمة: هي مفردة لا تؤدي إلا معنىً خاصاً.
أما الكلام: فهو المشتمل على مجموعة من العبارات ومجموعة من الجُمَلِ يؤدي معنىً يرغب فيه المتكلم.
والمتكلم: هو الذي يحدث هذا الكلام.
إذاً: هو الوصف الفصاحة، يقال كلمة فصيحة، وكلام فصيح، ومتكلم فصيح).
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (مقدِّمةٌ في الفصاحةِ والبلاغةِ
(الفصاحةُ)
في اللغةِ تُنْبِئُ عن البيانِ والظهورِ(1)، يُقالُ: أَفْصَحَ الصبيُّ في
مَنْطِقِه، إذا بَانَ وظَهَرَ كلامُهُ، وتَقَعُ في الاصطلاحِ وَصْفًا
للكلمةِ والكلامِ والمتكلِّمِ(2)).(دروس البلاغة)
_____________
قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ( (1) قولُه: (تُنبِئُ عن البيانِ والظهورِ)،
أيْ: تَدُلُّ عليه دَلالةً التزاميَّةً لا مطابِقيَّةً؛ لأنَّ لفظَ
الفصاحةِ لم يُوضَعْ للظهورِ حتَّى تكونَ دَلالتُه عليه مطابقيِّةً، ولا
تَضَمُّنِيَّةً؛ لأنَّ لفظَ الفصاحةِ لم يُوجَدْ في كُتُبِ اللغةِ أَنَّه
موضوعٌ للظهورِ وغيرِه حتَّى تكونَ دَلالتُه عليه تَضمُّنِيَّةً، ثم إنَّ
الفصاحةَ نُقِلَتْ عُرفًا إلى وصْفٍ للكلمةِ والكلامِ والمتكلِّمِ، ولا
يَخلُو ذلكَ الوصْفُ من ملابَسةِ وضوحٍ وظهورٍ، وإنما لم يَقتَصِرْ هنا على
المعنى الاصطلاحيِّ للإشارةِ إلى أنَّ بَيْنَ المعنى اللغويِّ
والاصطلاحيِّ مناسَبةً، والمناسَبةُ تَحصُلُ ولو بِحسْبِ المآلِ، وقولُه:
والظهورِ، عطْفُ مرادِفٍ.
(2) قولُه: (وصْفًا للكلمةِ والكلامِ والمتكلِّمِ)،
وأمَّا المركَّبُ الناقصُ فلا يَتَّصِفُ بالفصاحةِ في نفسِه كما لا
يَتَّصِفُ بالبلاغةِ، واتِّصافُه بالفصاحةِ في قولِهم: مركَّبٌ فصيحٌ، إنما
هو باعتبارِ اتِّصافِ مُفرداتِه بها، فلا حاجةَ لإدخالِه في الكلامِ
واعتبارِ فصاحتِه فيه حتَّى يُرَدَّ أَنَّه لا يُعهَدُ في الكلامِ إلا
الإطلاقُ، اصطلاحًا على المركَّبِ التامِّ، ولغةً على اللفظِ مطْلَقًا.
والثاني لا يُناسِبُ مقابلتَه بالكلمةِ فتَعَيَّنَ الأوَّلُ، وأنَّه يَقتضي
اتِّصافَ المركَّبِ الناقصِ بالبلاغةِ حقيقةً لقولِ المؤلِّفِ بعدُ،
وتَقَعُ في الاصطلاحِ وصْفًا للكلامِ والمتكلِّمِ، وهو باطلٌ؛ إذ لم
يُدَوِّنوا عوارضَه التي يُطابِقُ بها مُقتَضَى الحالِ كما دَوَّنوا
عوارِضَ المركَّبِ التامِّ، ولا حاجةَ أيضًا لإدخالِه في الكلمةِ واعتبارِ
فصاحتِها فيه حتَّى يَرِدَ أنَّ نحوُ أَنَّ: كان قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ
قَبْرٌ، ونحوُ أَنَّ: ضَرَبَ غلامُها هندًا، ونحوُ أَنَّ: تَسكُبُ عينايَ
الدموعَ لتَجْمُدا، فصيحٌ. وإن اشتَمَلَ الأوَّلُ على تَنافُرِ الكلماتِ،
والثاني على ضَعْفِ التأليفِ، والثالثُ على التعقيدِ؛ نَظَرًا لسلامةِ ذلكَ
من تَنافُرِ الحروفِ والغرابةِ ومخالَفةِ القياسِ، وإنه يَلزَمُ صيرورةُ
ما ذُكِرَ من المركَّباتِ غيرَ فصيحٍ بضمِّ كلمةٍ فصيحةٍ إليه كقولِكَ في
المثالِ الأوَّلِ: رحِمَ، وفي الثاني: أساءَ، وفي الثالثِ: بلَغْتَ
الْمُنى؛ لأنَّ كُلاًّ قبلَ الضمِّ من قبيلِ المفرَدِ، ولم يُشْتَرَطْ في
فصاحتِه السلامةُ مما ذُكِرَ، وبعدَ الضمِّ من قبيلِ الكلامِ، والسلامةُ
مما ذُكِرَ شرطٌ في فصاحتِه، والحالُ أنه لم يَسلَمْ، ولا شكَّ أنَّ
صيرورةَ ما هو فصيحٌ غيرَ فصيحٍ بضمِّ كلمةٍ فصيحةٍ إليه بعيدٌ جدًّا،
وأبعدُ منه أنَّ نحوُ: زيدٌ الذي ضربَ غلامَه عمْرًا في دارِه، إذا جَعَلَ
الذي وصْفًا لزيدٍ كان مركبًّا ناقصًا، فيكونُ فصيحًا لدخولِه في الكلمةِ،
وإن جَعَلَ الذي خبرًا عن زيدٍ كان كلامًا، فيكونُ غيرَ فصيحٍ لعدَمِ
سلامتِه من ضعْفِ التأليفِ. وقيلَ إن المركَّبَ الناقصَ وإن خَرَجَ عن كلٍّ
من الكلمةِ والكلامِ إلا أنَّ حكْمَ فصاحتِه معلومٌ بطريقِ المقايَسَةِ
على المركَّبِ التامِّ؛ لأنه معلومٌ قَطْعًا أن القيودَ المعتَبَرةَ في
فصاحةِ الكلامِ إنما اعْتُبِرَتْ لاشتمالِه على التركيبِ، ولا دخْلَ
للإسنادِ في هذا المعنى. فالطُرُقُ في المركَّبِ الناقصِ أربعةٌ: الأوَّلُ
لعبدِ الحكيمِ، والثاني للخلخاليِّ ومن وافَقَهُ، والثالثُ للسعْدِ،
والرابعُ لبعضِهم فافْهَمْ).
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (الفصاحةُ في اللغةِ تُنْبِئُ عن البيانِ والظهورِ. يقالُ: أفْصَحَ الصَّبيُّ في مَنْطِقِه، إذا بانَ وظَهَرَ كلامُه.
وتَقَعُ في الاصطلاحِ وصْفًا للكلمةِ والكلامِ والمتكلِّمِ).
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (الفَصَاحَةُ)
في اللغةِ(1) تُنْبِئُ عن البيانِ والظهورِ(2)، يُقالُ: أَفْصَحَ الصبيُّ
في مَنْطِقِهِ, إذا بانَ وظهرَ كلامُهُ؛ وتَقَعُ في الاصطلاحِ وَصْفاً
للكلمةِ(3) و(4) الكلامِ(5)، و(6) المُتَكَلِّمِ(7).
__________________________
قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): (( 1 ) ( الفصاحةُ فِي اللغَةِ
) تُطْلَقُ على معانٍ كثيرةٍ، منها نَزْعُ الرَّغْوَةِ، ومنها ذهابُ
اللَّبَإِ مِن اللبنِ، يُقالُ: سَقَاهُمْ لَبَناً فَصِيحاً, أي: أُخِذَتْ
رَغْوَتُهُ، وَنُزِعَتْ مِنْهُ، أو ذَهَبَ لَبَؤُهُ، وَخَلَصَ منهُ، ومنها
الإضاءةُ، يُقَالُ: أَفْصَحَ الصبحُ, إذا أَضَاءَ، وَفَصَحَ أيضاً، وهذهِ
كلُّهَا تُؤَوَّلُ للظهورِ بالاستلزامِ, فلذلكَ قالَ:
( 2 ) ( تُنْبِيءُ عن البيانِ والظهورِ ) أي: تَدُلُّ دلالةً الْتِزَامِيَّةً عليهما لأنْفُسِهِمَا؛ لأَنَّهُ لم يُوجَدْ لها مَعْنًى هو البيانُ والظهورُ.
( 3 ) ( وتَقَعُ فِي الاصطلاحِ وَصْفاً للكلمةِ ) كما فِي قولِكَ: كلمةٌ فصيحةٌ، ولفظٌ فصيحٌ.
( 4 )( و ) وَصْفاً
( 5 ) لـ ( الكلامِ ) كما فِي قولِكَ: كلامٌ فصيحٌ، ورسالةٌ فصيحةٌ، وقصيدةٌ فصيحةٌ
( 6 ) ( و )
( 7 ) لـ ( لْمُتَكَلِّمِ ) كما فِي قولِكَ: شاعرٌ فصيحٌ، وكاتبٌ فصيحٌ.
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (مقَدِّمَةٌ:
أيْ هذهِ مُقَدِّمَةٌ، فهيَ خبرٌ لِمُبْتَدَأٍ محذوفٍ، وَلذا نَكَّرَهَا لأَنَّ الأصْلَ في الخبرِ التنكيرُ.
في الفصاحةِ والبلاغةِ: أيْ في بيانِ معنى الفصاحةِ والبلاغةِ وأقْسامِهما،
وإنَّما جَعَلَ الكلامَ فيهِ مُقَدِّمَةً؛ لأنَّ الْمُرادَ
بالْمُقَدِّمَةِ هنا ما يُذْكَرُ قبلَ المقصودِ؛ ليَرْتَبِطَ بهِ ذلكَ
المقصودُ، وَيَنْتَفِعَ بهِ الطالبُ فيه، ولا شكَّ أنَّ بيانَ معنى
الفصاحةِ والبلاغةِ مَمَّا يَرْتَبِطُ بهِ مَقَاصِدُ هذا الفنِّ،
وَيَنْتَفِعُ بهِ الطالبُ فيها).
الكشاف التحليلي
عناصر الدرس الأول:
مقدمة في الفصاحة والبلاغة
(الفصاحةُ في اللغةِ : تُنْبِئُ عن البيانِ والظهورِ. يقالُ: أفْصَحَ الصَّبيُّ في مَنْطِقِه، إذا بانَ وظَهَرَكلامُه.
وتَقَعُ في الاصطلاحِ: وصْفًا للكلمةِ والكلامِ والمتكلِّمِ).
الشرح:
معنى الفصاحة والبلاغة
الفصاحة لغة: البيان والتبيين
الرجل الفصيح هو المبين في كلامه، قال تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: (وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردءاً يصدقني إني أخاف أن يكذبون)
قال الخليل بن أحمد: (البيان: الفصاحة)
قول المؤلفين: (الفصاحة في اللغة
تنبئ عن البيان والظهور) احتراز من عدم مطابقة التفسير لمقتضى اللفظ،
والصحيح أن الفصاحة وصف يختلف معناه بحسب الموصوف فلكل موصوف معنى يناسبه،
فاللبن الفصيح في اللغة هو المحض الذي ذهبت عنه الرغوة، وأفصحت الشاة إذا
انقطع اللبأ عنها وصار لبنها صافياً، وقال ابن الأعرابي: أفصح البول صفا،
ومنه قول الأعرابي: أفصح بولي اليوم وكان أمس مثل الحناء.
وأفصح الصبح إذا بان وأسفر.
والرجل الفصيح هو المبين في كلامه، واللفظ الفصيح في كلام أهل اللغة هو المستعمل، وهذا إطلاق خاص ومنه سمى ثعلب كتابه الفصيح.
والفصاحة في اصطلاح البلاغيين وصف توصف به الكلمة فيقال: كلمة فصيحة
- استعمالات الفصاحة في اللغة
- استعمال الفصاحة في الكلمة والكلام والمتكلم
- المعنى الاصطلاحي لفصاحة الكلمة
- وجه انحصار عيوب فصاحة الكلمة في هذه الثلاثة).