10 Nov 2008
1: بلاغة الكلام
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (فبلاغةُ الكلامِ: مطابقتُه لِمُقْتَضى الحالِ، معَ فصاحتِه.
والحالُ، ويُسمَّى بالمقامِ، هوَ الأمرُ الحاملُ للمتكلِّمِ على أنْ يُورِدَ عبارتَه على صورةٍ مخصوصةٍ.
والْمُقتَضَى، ويُسَمَّى الاعتبارَ المناسبَ، هوَ الصورةُ المخصوصةُ التي تُورَدُ عليها العبارةُ.
مَثَلًا:
المدحُ حالٌ يَدْعو لإيرادِ العبارةِ على صورةِ الإطنابِ، وذكاءُ
المخاطَبِ حالٌ يَدعو لإيرادِها على صورةِ الإيجازِ، فكلٌّ من المدْحِ
والذكاءِ حالٌ، وكلٌّ من الإطنابِ والإيجازِ مُقْتَضًى، وإيرادُ الكلامِ
على صورةِ الإطنابِ والإيجازِ مطابَقةٌ للمُقْتَضَى).
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي
قال
المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن
إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى
طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (1- فبلاغةُ الكلامِ مُطَابقتُهُ لمُقْتَضَى الحالِ مع فصاحتِهِ. والحالُ،
ويُسَمَّى بالمقامِ(1)، هو الأمرُ الحامِلُ للمتكلِّمِ على أن يُورِدَ
عبارتَهُ على صورةٍ مخصوصةٍ.
والمقْتَضَى، ويُسَمَّى الاعتبارَ المناسبَ، هو الصورةُ المخصوصةُ(2) التي
تُورَدُ عليها العبارةُ. مثلاً: المدْحُ حالٌ يَدْعُو لإيرادِ العبارةِ على
صورةِ الإطنابِ، وذكاءُ المخاطَبِ حالٌ يَدعو لإيرادِها على صورةِ
الإيجازِ، فكلٌّ من المدْحِ والذكاءِ حالٌ، وكلٌّ من الإطنابِ والإيجازِ
مقْتَضًى، وإيرادُ الكلامِ على صورةِ الإطنابِ والإيجازِ مُطَابَقةٌ
للمُقْتَضَى(3).
____________________
قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (ويُسَمَّى بالمقامِ)، أي: وبقرينةِ السياقِ عندَ علماءِ المعاني وعندَ الفقهاءِ بالبِساطِ.
(2) قولُه: (هو الصورةُ المخصوصةُ)، هذا جَرْيٌ على خلافِ ما حَقَّقَهُ
العلاَّمَةُ السعْدُ، والذي حَقَّقَه العلاَّمَةُ السعْدُ أنَّ مُقتَضَى
الحالِ هو الكلامُ الكُلِّيُّ الذي هو موصوفُ تلكَ الصورةِ المخصوصةِ،
ووجْهُ كلٍّ من السعْدِ وغيرِه ما ادَّعَاهُ انظُر الصَّبَّانَ.
(3) قولُه: (مطابَقةٌ للمُقْتَضَى)، بمعنى أن صورةَ الإطنابِ أو الإيجازِ
الجزئيَّةِ التي اشْتَمَلَ الكلامُ عليها فرْدٌ من أَفرادِ صُوَرِ الإطنابِ
أو الإيجازِ الكُلِّيَّةِ، التي هي مُقتَضَى الحالِ، فالمطابَقةُ هنا
عكْسُ مطابَقةِ الكُلِّيِّ لِجُزئيَّاتِه؛ إذ هي صِدْقُ الكُلِّيِّ على
كلِّ واحدٍ منها).
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (1- فبلاغةُ الكلامِ: مطابقتُه لِمُقْتَضى الحالِ، معَ فصاحتِه.
والحالُ، ويُسمَّى بالمقامِ، هوَ الأمرُ الحاملُ للمتكلِّمِ على أنْ يُورِدَ عبارتَه على صورةٍ مخصوصةٍ.
والْمُقتَضَى، ويُسَمَّى الاعتبارَ المناسبَ، هوَ الصورةُ المخصوصةُ التي تُورَدُ عليها العبارةُ.
مَثَلاً: المدحُ حالٌ يَدْعو لإيرادِ العبارةِ على صورةِ الإطنابِ، وذكاءُ
المخاطَبِ حالٌ يَدعو لإيرادِها على صورةِ الإيجازِ، فكلٌّ من المدْحِ
والذكاءِ حالٌ، وكلٌّ من الإطنابِ والإيجازِ مُقْتَضًى، وإيرادُ الكلامِ
على صورةِ الإطنابِ والإيجازِ مطابَقةٌ للمُقْتَضَى).
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (1-فبلاغةُ الكلامِ مطابقتُهُ(1) لِمُقْتَضَى الحالِ(2). مَعَ فَصَاحَتِهِ(3).
والحالُ(4) - ويُسَمَّى بالمَقَامِ – هو الأَمْرُ الحامِلُ(5)
للمُتَكَلِّمِ على أنْ يُورِدَ(6) عبارتَهُ(7) على صورةٍ(8) مخصوصةٍ(9).
والمُقْتَضَى(10)
– ويُسَمَّى الاعتبارَ المناسبَ – هو الصورةُ المخصوصةُ التي تُورَدُ
عليها العبارَةُ(11)، مَثَلاً, المدحُ حالٌ(12) يدعو لإيرِادِ العبارةِ على
صورةِ الإطنابِ، وذكاءُ المُخَاطَبِ حالٌ يدعو لإيرادِهَا(13) على صورةِ
الإيجازِ، فَكُلٌّ مِن المدحِ والذكاءِ حالٌ(14)، وكلٌّ مِن الإطنابِ
والإيجازِ مُقْتَضىً(15)، وإيرادُ الكلامِ على صورةِ الإطنابِ أو
الإيجازِ(16) مُطَابَقَةٌ للْمُقْتَضَى(17).
___________________
قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): (( 1 ) ( فبلاغةُ الكلامِ مطابقَتُهُ ) أي: الكلامِ،
والإضافةُ فيهِ للكمالِ، وهِيَ المقصودةُ لِقَائِلِهِ لِتَصْرِيحِهِمْ
بوجوبِ القَصْدِ إلى الخصوصِيَّةِ فِي الكلامِ البليغِ.
( 2 ) ( لِمُقْتَضَى الحالِ ) أي: لِمُنَاسِبِ الحالِ, لاَ مُوجِبِهِ الذي
يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُهُ عنهُ, وإنَّمَا أُطْلِقَ عليهِ ( مُقْتَضَى )
لأَنَّ المُسْتَحْسَنَ كالمُقْتَضَى فِي نَظَرِ البُلَغَاءِ، والمرادُ
بمناسباتِ الحالِ الخصوصياتُ التي يُبْحَثُ عنها فِي عِلْمِ المعاني دونَ
كيفياتِ دلالةِ اللفظِ التي يَتَكَفَّلُ بها عِلْمُ البيانِ.
هذا ولا يُشْتَرَطُ مطابقتُهُ لجميعِ المقتضياتِ التي يَقْتَضِيهَا
الحالُ، بلْ تَكْفِي مُطَابَقَتُهُ لايِّ مُقْتَضًى منها, نَعَمْ إذا
اقْتَضَى الحالُ شَيْئَيْنِ - كالتأكيدِ والتعريفِ مثلاً- فَرُوعِيَ
أَحَدُهُمَا دونَ الآخَرِ كانَ الكلامُ بَلِيغاً مِن هذا الوجْهِ، وإذا
رُوعِيَا معاًكانَ أَزْيَدَ بَلاَغَةً.
( 3 ) ( مع فصاحتِهِ ) حالٌ من الضميرِ المجرورِ فِي مطابقتِهِ، فلابُدَّ
مِن الفصاحةِ مُطْلَقاً, سواءً كانتْ معنويَّةً وهِيَ الخُلُوصُ مِن
التعقيدِ المعنَوِيِّ, أو لفظيةً وهِيَ الخُلُوصُ من التنافُرِ،
والغرابَةِ، وضعْفِ التأليفِ، ومُخَالَفَةِ القياسِ.
( 4 ) ( والحالُ ) أي: حالُ الخطابِ.
( 5 ) ( ويُسَمَّى بالمَقَامِ، هو الأمرُ الحامِلُ ) أي: الباعِثُ والدَّاعِي.
( 6 ) ( للمُتَكَلِّمِ على أَنْ يُورِدَ ) أي: يَأْتِيَ.
( 7 ) ( عِبَارَتَهُ ) التي يُؤَدِّي بها أصْلَ المعنى المُرَادِ مُشْتَمِلَةٌ.
( 8 ) ( على صورةٍ ) أي: صِفَةٍ ونُكْتَةٍ.
( 9 ) ( مَخْصُوصَةٍ ) يَعْنِي: مَزَيَّةً مُخْتَصَّةً بِالْمَقَامِ،
فَلاَبُدَّ فِي بلاغةِ الكلامِ مِن كَوْنِ النِّكَاتِ والخصوصياتِ مقصودةً
للمُتَكَلِّمِ، فإنْ وُجِدَتْ من غيرِ قَصْدٍ لم تَكُنْ مُقْتَضَى حالٍ,
ولا يُقَالُ للكلامِ حينئذٍ: إنَّهُ مُطَابِقٌ لِمُقْتَضَى الحالِ, سواءً
كانَ هذا الأمْرُ الدَّاعِي دَاعِياً فِي نفسِ الأمْرِ, أو غيرَ دَاعٍ فِي
نفسِ الأمْرِ، فالأوَّلُ كما لو كانَ المُخَاطَبُ مُنْكِراً لقيامِ زيدٍ
حقيقةً، فإنَّ الإنكارَ أَمْرٌ دَاعٍ فِي نفسِ الأمْرِ إلى اعتبارِ
المُتَكَلِّمِ فِي كلامِهِ خصوصيَّةً ما، والثاني كما لو نَزَلَ
المُخَاطَبُ غيرُ المُنْكِرِ مَنْزِلَةَ المُنْكِرِ، فإنَّ ذلكَ الإنكارَ
التَّنْزِيلِيَّ دَاعٍ بالنسبةِ للمُتَكَلِّمِ لاَ فِي نَفْسِ الأمْرِ،
وهذا بخلافِ ظاهرِ الحالِ، فَإِنَّهُ الأمْرُ الداعِي فِي نفسِ الأمْرِ
لاعتبارِ المُتَكَلِّمِ خصوصيَّةً ما، فهو أَخَصُّ مِن الحالِ.
( 10 ) ( والمُقْتَضَى ) أي: مُقْتَضَى الحالِ.
( 11 ) ( ويُسَمَّى الاعتبارَ المناسبَ هو الصورةُ المخصوصةُ التي تُورَدُ
عليها العبارةُ ) لا نَفْسُ اعْتِبَارِهَا، نَعَمْ بالنَّظَرِ إلى أنَّ
اعْتِبَارَهَا أَمْرٌ لاَ بُدَّ منهُ في البلاغةِ، قد يُبَالَغُ فيهِ,
فَيُسَمَّى المُقْتَضِي بهِ مُقَيَّداًبالمُنَاسِبِ كَمَا ذُكِرَ.
( 12 ) ( مثلاًالمدحُ حالٌ ) أي: حالُ خطابٍ.
( 13 ) ( يدعو لإيرادِ العبارةِ على صورةِ الإطنابِ، وذكاءُ المخاطبِ حالٌ يدعو لإيرادِهَا ) أي: العبارةِ.
( 14 ) ( على صورةِ الإيجازِ، فَكُلٌّ مِن المدحِ والذكاءِ حالٌ ) ومَقَامٌ
( 15 ) ( وكلٌّ مِن الإطنابِ والإيجازِ مُقْتَضًى ) أي: مُقْتَضَى حالٍ.
( 16 ) ( وإيرادُ الكلامِ على صورةِ الإطنابِ أو الإيجازِ ) أي: مُشْتَمِلاً عليها.
( 17 ) ( مُطَابَقَةٌ للمُقْتَضَى ) فالمرادُ بمطابقةِ الكلامِ للمُقْتَضَى
اشْتِمَالُهُ عليهِ, لا مُصْطَلَحُ المَنَاطِقَةِ الذي هو الصِّدْقُ، هذا
وَيُؤْخَذُ مِن تَعْرِيفَيْ بلاغةِ الكلامِ وفصاحتِهِ أنَّ البلاغةَ
أَخَصُّ والفصاحةَ أَعَمُّ؛ لأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ فِي تعريفِ البلاغةِ،
فَكُلُّ كلامٍ بليغٍ فصيحٌ ولا عَكْسَ؛ لجوازِ أنْ يكونَ كلامٌ فصيحٌ
غَيْرَ مُطَابِقٍ لِمُقْتَضَى الحالِ كما إذا قِيلَ لِمُنْكِرِ قيامِ
زَيْدٍ: زيدٌ قائمٌ. مِن غيرِ تَوْكِيدٍ).
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (فبلاغَةُ
الكلامِ مطابَقتُه لِمُقْتَضَى الحالِ معَ فصاحتِه: قولُه: معَ فصاحتِه،
حالٌ من الضميرِ المجرورِ في مطابقتِه الذي هوَ فاعلُ الْمَصْدَرِ، وهذا
شرْطٌ لتَحَقُّقِ البلاغةِ غيرُ داخلٍ في مفهومِها؛ ولهذا لم يذكُرْهُ
بعضُهم. ثمَّ لَمَّا كان معرفةُ مُقْتَضَى الحالِ موقوفًا على معرفةِ
الحالِ ضرورةَ أنَّ مَعْرِفَةَ المضافِ منْ حيثُ إنَّهُ كذلكَ يَتَوَقَّفُ
على معرفةِ المضافِ إليهِ، قَدَّمَ تعريفَ الحالِ ثمَّ بَيَّنَ
الْمُقْتَضَى
فقالَ: والحالُ، وَيُسَمَّى بالمقامِ: ظاهِرُ هذا الكلامِ يَدُلُّ على
تَرَادُفِ الحالِ والمقامِ، وقيلَ: اعْتَبَرَ في مفهومِ الحالِ تَوَهُّمَ
كونِه زمانًا لورودِ الكلامِ فيه، وفي مفهومِ المقامِ تَوَهُّمَ كونِه
مَحَلًّا لهُ، فهما مُتغايرانِ بهذا الاعتبارِ، مُتَّحِدَانِ في الْقَدْرِ
الْمُشْتَرَكِ الذي هوَ الأمرُ الحاملُ للمتكلِّمِ على أنْ يُورِدَ عبارتَه
التي يُؤَدِّي بها أصلَ المرادِ على صورةٍ مخصوصةٍ من الإطنابِ والإيجازِ
وغيرِهما .
وَالْمُقْتَضَى، ويُسَمَّى الاعتبارَ المناسِبَ: وفي هذه التسميةِ إشارةٌ
إلى أنَّ مُقْتَضَى الحالِ معناهُ مُناسِبُ الحالِ لا مُوجِبُه الذي
يَمْتَنِعُ تَخَلُّفُه عنه، وإنَّما أَطْلَقَ عليهِ لفظَ الْمُقْتَضَى؛
ليكونَ تَنْبِيهًا على أنَّ الْمُنَاسِبَ وَالْمُسْتَحْسَنَ كالْمُقْتَضَى
والمُوجِبِ في نَظَرِ البُلَغاءِ هوَ الصورةُ المخصوصةُ التي تُورَدُ
عليها العبارةُ. هذا صريحٌ في أنَّ مُقْتَضَى الحالِ هوَ نفسُ تلكَ الصورةِ
المخصوصةِ، لكنَّ قولَهُ في تعريفِ عِلْمِ المعاني: هوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ
بهِ أحوالُ اللفظِ العربيِّ التي بها يُطَابِقُ مُقْتَضَى الحالِ يَأْبَى
عنهُ ؛ إذْ من الظاهِرِ أنَّ الأحوالَ التي بها يُطابِقُ اللفظُ مُقْتَضَى
الحالِ هيَ التأكيدُ والذِّكْرُ والحذْفُ ونحوَ ذلكَ، وهيَ بعينِها الصورةُ
المخصوصةُ التي جُعِلَتْ مُقتضياتِ الأحوالِ، فكيفَ يَصِحُّ قولُه:
الأحوالُ التي بها يُطابِقُ مُقْتَضَى الحالِ، وإلَّا يَلْزَمُ أنْ تكونَ
تلكَ الأحوالُ سببًا لِمُطابَقَةِ الكلامِ نفسَ تلكَ الأحوالِ، إلَّا أنْ
يُفَرَّقَ بينَ الأحوالِ التي جَعَلَتْ مُقتضياتِ الأحوالِ وبيْنَ تلكَ
الأحوالِ التي ذَكَرَها المصنِّفُ في تعريفِ علْمِ المعاني، بأنْ يُرَادَ
بالأوَّلِ: الأحوالُ الكُلِّيَّةُ، كالتأكيدِ الكُلِّيِّ والتعريفِ
الكُلِّيِّ، وبالثاني: الجزئِيَّاتُ الْمُورَدَةُ في الألفاظِ كالتأكيدِ
المخصوصِ بـ إنِّ مَثلًا في: إنَّ زيدًا قائمٌ. ولا شكَّ أنَّ اللفظَ بسببِ
اشتمالِه على الْجُزْئِيِّ يُطَابِقُ الكُلِّيَّ وَيُوَافِقُهُ، وَيَصِحُّ
أنْ يُقالَ: إنَّ زيدًا قائمٌ، قدْ طابَقَ ووَافَقَ بالتأكيدِ المخصوصِ
مُطْلَقَ التأكيدِ منْ حيثُ اشتمالُه على فَرْدٍ منْ أفرادِه، وهذا مِثْلُ
ما فَرَّقَ مَنْ جَعْلِ مُقْتَضَى الحالِ الكلامَ المشتمِلَ على الصورةِ
المخصوصةِ لا نفسَها بينَ الكلامينِ المتطابِقَيْنِ، بأنْ جَعَلَ أحدَهُما
كُلِّيًّا والآخَرَ جُزْئِيًّا؛ لدَفْعِ استحالةِ مطابَقَةِ الشيءِ لنفسِه.
ثمَّ المصنِّفُ بعدَما بَيَّنَ معنى الحالِ والْمُقْتَضَى أرادَ أنْ
يُوَضِّحَهما معَ زيادةِ بيانِ معنى المطابَقةِ التي هيَ نِسبتُه بينَهما
فقالَ:
مَثلًا المدْحُ حالٌ يَدْعُو لإيرادِ العبارةِ على صورةِ الإطنابِ، وذكاءُ
المخاطَبِ حالٌ يَدْعُو لإيرادِها على صورةِ الإيجازِ، فَكُلٌّ من المدْحِ
والذكاءِ حالٌ، وكلٌّ من الإطنابِ والإيجازِ مُقْتَضًى، وإيرادُ الكلامِ
على صورةِ الإطنابِ والإيجازِ مُطَابَقَةٌ للمُقْتَضَى).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ) قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (تعريف المؤلفين للبلاغة، بلاغة الكلام بأنه مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع
فصاحته، أحوال الناس تختلف، ومطابقة الكلام لهذا الحال هي لب البلاغة بل
هي البلاغة بعينها. حينما يكون الإنسان في
مقام ينبغي عليه فيه أن يوجز لابد أن يكون كلامه موجزاً. حينما يكون المقام
يتطلب أن يكون الكلام مطنباً، متوسعاً فيه فحينئذ لابد أن يكون الكلام فيه
إطناب وسعة وتطويل، ونأتي الآن لتحديد العبارات الدقيقة فيه لو أنا نظرنا
إلى كلمة الحال، ما معنى كلمة الحال؟ الحال هي المقام الذي يتطلب شيئاً معيناً مقام، مقام حزن، مقام فرح، مقام حث على أمر خيـّر نهي عن أمر سيئ، هذا هو المقام. أما المقتضى فهو العملية
التي يتطلبها الكلام ليكون موافقاً لتلك الحال، فلو يعني، لا قدر الله أنّ
شخصاً من الأشخاص يعني رأى حريقاً يشب في مكان يجمع عدداً من الناس في هذه
الحالة يمكن أن يتحدث عن الحريق، المطلوب منه أن يحذر الناس عن الحريق فهل
من المناسب أن يقوم هذا الرجل ويلقي الكلمات البليغة التي تشمل التصوير
الجيد والتحسين والتنميق والعبارات الجزلة في أخطار النار، أيها الناس
النار شررها عظيم وشأنها جسيم... إلخ، أو أن المقام الذي يتطلبه الحال أن
يقول كلمتين اثنتين (الحريق، الحريق) ويخرج لماذا؟ لأن المقام لا يتطلب
الإطالة في الحديث، لأنه لو أطال - لا قدر الله - لأتت النار على أولئك
وربما يكون منهم من الذي تأتي عليهم النار بخطرها. إذاً: مسألة الحال هي الأمر الداعي إلى تصرف من التصرفات، أما المقتضى فهي العملية التي تتم بها المطابقة للكلام. فعندنا ثلاث جوانب: التي هي: - المقام. - والمقال وهو الكلام. - والحالة التي بناءً
عليها يأتي صياغة الكلام وهي المقتضى، هذه طبعاً ما يتصل بقضية معنى أو
تعريف البلاغة ونلحظ أن المؤلفين ختموا مع فصاحته، حتى يجعلوا كلما قيل عن
الفصاحة سواء كانت على مستوى الكلمة أو على مستوى الكلام أو على مستوى
المتكلم داخلة أيضاً في تعريف البلاغة. إذاً: البلاغة تشمل
الفصاحة، لكن ليس كل كلام فصيح بليغ يمكن أن يكون الكلام فصيحاً مثلما
ذكرنا قبل قليل عن قضية وصف النار، فصيحاً جداً لكنه ليس بليغ، لأن الناس
ينتظرون أن تلتهمهم النار والرجل يتكلم عن النار بكلمات بليغة. هذا لا يصح لابد من مطابقة الكلام، ولذلك يقول القدماء. وهذا الذي استنبط منه البلاغيون تعريف البلاغة (لكل مقام مقال).
القارئ: (فبلاغة
الكلام مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته والحال المسمى بالمقام: هو الأمر
الحامل للمتكلم على أن يورد عبارته على صورة مخصوصة، والمقتضى ويسمى
الاعتبار المناسب هو الصورة المخصوصة التي تورد عليها العبارة مثلاً:
(المدح حالٌ يدعو لإيراد العبارة على صورة الإطناب، وذكاء المخاطب حال يدعو
لإيرادها على صورة الإيجاز فكل من المدح والذكاء حالٌ، وكل من الإطناب
والإيجاز مقتضى، وإيراد الكلام على صورة الإطناب والإيجاز مطابقة للمقتضى).
الكشاف التحليلي
· معنى الحال في تعريف بلاغة الكلام
· معنى المقتضى في تعريف بلاغة الكلام
· مثال للحال والمقتضى
· المعنى الاصطلاحي لبلاغة المتكلم (م)
· علاقة العموم والخصوص بين الفصاحة والبلاغة