الدروس
course cover
3: الاستفهام
10 Nov 2008
10 Nov 2008

16051

0

0

course cover
دروس البلاغة

القسم الثاني

3: الاستفهام
10 Nov 2008
10 Nov 2008

10 Nov 2008

16051

0

0


0

0

0

0

0

3: الاستفهام


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (وأمَّا الاستفهامُ، فهوَ طَلَبُ العلْمِ بشيءٍ، وأدواتُه الهمزةُ، و(هلْ)، و(ما)، و(مَنْ)، و(متى)، و(أيَّانَ)، و(كيفَ)، و(أينَ)، و(أنَّى)، و(كمْ)، و(أيُّ).
1- فالهمزةُ، لطَلَبِ التصوُّرِ أو التصديقِ.
والتصوُّرُ: هوَ إدراكُ المفرَدِ، كقولِكَ: (أعليٌّ مسافرٌ أَمْ خالدٌ؟)، تَعتقِدُ أنَّ السفَرَ حَصَلَ منْ أحدِهما، ولكنْ تَطْلُبُ تعيينَه؛ ولذا يُجابُ بالتعيينِ، فيُقالُ: (عليٌّ)، مَثلًا.
والتصديقُ: هوَ إدراكُ النِّسبةِ، نحوُ: (أسافَرَ عليٌّ)؟ تَستفْهِمُ عنْ حصولِ السفَرِ وعدَمِه. ولذا يُجابُ بـ (نعم) أوْ (لا).
والمسؤولُ عنه في التصوُّرِ ما يَلِي الهمزةَ، ويكونُ لهُ معادِلٌ يُذْكَرُ بعدَ (أمْ)، وتُسَمَّى متَّصِلَةً.
فتقولُ في الاستفهامِ عن المسْنَدِ إليه: (أَأَنْتَ فعلْتَ هذا أَمْ يُوسفُ؟)
وعن المسْنَدِ: (أَرَاغِبٌ أنتَ عن الأمْرِ أَمْ راغبٌ فيه؟)
وعن المفعولِ: (أَإِيَّايَ تَقْصِدُ أَمْ خالدًا؟)
وعن الحالِ: (أراكبًا جئتَ أَمْ ماشيًا؟)
وعن الظرْفِ: (أيومَ الخميسِ قَدِمْتَ أَمْ يومَ الجمُعَةِ؟)،
وهكذا.
وقدْ لا يُذْكَرُ المعادِلُ، نحوُ: (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا؟)، (أَرَاغِبٌ أنتَ عن الأمْرِ؟)، (أإيَّايَ تَقْصِدُ؟)، (أراكبًا جئتَ؟)، (أيومَ الخميسِ قَدِمْتَ؟)
والمسؤولُ عنه في التصديقِ النِّسبةُ. ولا يكونُ لها معادِلٌ، فإنْ جاءتْ (أمْ) بعدَها قُدِّرتْ منْقَطِعَةً، وتكونُ بمعنى (بلْ).
2- و (هلْ) لطلَبِ التصديقِ فقطْ، نحوُ: (هلْ جاءَ صديقُكَ)؟
والجوابُ: (نعم) أوْ (لا).
ولذا يَمتَنِعُ معها ذِكْرُ المعادِلِ، فلا يُقالُ: (هلْ جاءَ صديقُك أمْ عدوُّك؟)
و (هل) تُسمَّى بسيطةً إن استُفْهِمَ بها عنْ وجودِ شيءٍ في نفسِه، نحوُ: (هَلِ العَنْقَاءُ موجودةٌ؟). ومركَّبةً إن استُفْهِمَ بها عنْ وجودِ شيءٍ لشيءٍ، نحوُ: (هلْ تَبِيضُ العَنْقَاءُ وتُفْرِخُ؟)
3- و(ما) يُطْلَبُ بها شرحُ الاسمِ، نحوَ: ما العَسْجَدُ أو اللُّجَيْنُ؟ أوْ حقيقةُ الْمُسمَّى، نحوُ: (ما الإنسانُ؟) أوْ حالُ المذكورِ معها، كقولِك لقادِمٍ عليك: (ما أنتَ؟)
4- و(مَن) يُطلَبُ بها تَعيينُ العُقلاءِ، كقولِك: (مَنْ فَتَحَ مِصْرَ؟)
5- و(متى) يُطْلَبُ بها تَعيينُ الزمانِ، ماضيًا كانَ أوْ مستَقْبلًا، نحوُ: (متى جِئْتَ؟) و(متى تَذْهَبُ؟)
6- و(أيَّانَ) يُطْلَبُ بها تَعيينُ الزمانِ المستَقْبَلِ خاصَّةً، وتكونُ في موضِعِ التهويلِ، كقولِه تعالى: {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ}؟
7- و(كيفَ) يُطْلَبُ بها تعيينُ الحاِل، نحوُ: (كيفَ أنتَ؟)
8- و(أينَ) يُطْلَبُ بها تعيينُ المكانِ، نحوُ: (أينَ تَذْهَبُ؟)
9- و(أنَّى) تكونُ بمعنى (كيفَ)، نحوُ: {أَنَّى يُحْيِـي هَـذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا}؟!
وبمعنى (مِنْ أينَ)، نحوَ: {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا}؟
وبمعنى (متى)، نحوُ: (زِدْ أنَّى شئتَ؟)
10- و(كمْ) يُطلَبُ بها تَعيينُ عددٍ مبْهَمٍ نحوُ:{كَمْ لَبِثْتُمْ}؟
11- و(أيُّ) يُطْلَبُ بها تمييزُ أحَدِ المتشاركيْنِ في أمْرٍ يَعمُّهما، نحوُ: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا}؟
ويُسأَلُ بها عن الزمانِ والمكانِ والحالِ والعددِ والعاقلِ وغيرِه، حسَبَ ما تُضَافُ إليه).

هيئة الإشراف

#2

12 Nov 2008

الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (وأمَّا الاستفهامُ)، فهو طَلَبُ العلْمِ بشيءٍ. وأدواتُهُ: الهمزةُ، وهل، وما، ومَن، ومتى، وأيَّانَ، وكيفَ، وأنَّى، وأينَ، وكَمْ، وأيٌّ.
1- فالهمزةُ، لِطَلَبِ التصوُّرِ أو التصديقِ. والتصوُّرُ هو إداراكُ المفرَدِ(1)، كقولِكَ: أَعَلِيٌّ مسافرٌ أم خالدٌ؟ تَعتقِدُ أنَّ السفَرَ حصَلَ من أحدِهما، ولكنْ تَطلُبُ تعيينَهُ؛ ولذا يُجابُ بالتعيينِ فيُقالُ: عليٌّ، مَثلاً. والتصديقُ هو إدراكُ النِّسبةِ(2) نحوُ: أسافَرَ عليٌّ؟ تَستَفْهِمُ عن حصولِ السفَرِ وعدمِهِ، ولذا يُجابُ بنعمٍ أو لا. والمسئولُ عنهُ في التصوُّرِ ما يَلِي الهمزةَ، ويكونُ لهُ مُعَادِلٌ يُذكَرُ بعدَ أمْ، وتُسمَّى مُتَّصِلَةً، فتقولُ في الاستفهامِ عن المسنَدِ إليهِ(3): أأنتَ فعلْتَ هذا أم يُوسُفُ؟
وعن المسنَدِ: أراغِبٌ أنتَ عن الأمْرِ أم راغبٌ فيهِ؟ وعن المفعولِ: أَإِيَّايَ تَقْصِدُ أم خالدًا؟ وعن الحالِ: أراكِبًا جئتَ أم ماشيًا؟ وعن الظرْفِ: أيومَ الخميسِ قَدِمْتَ أم يومَ الْجُمُعَةِ؟ وهكذا. وقد لا يُذْكَرُ المعادِلُ نحوُ: أأنتَ فعلْتَ هذا؟ أراغبٌ أنتَ عن الأمْرِ؟ أإيَّايَ تَقْصِدُ؟ أَراكبًا جئْتَ؟ أيومَ الخميسِ قَدِمْتَ؟ والمسئولُ عنهُ في التصديقِ النِّسبَةُ(4)، ولا يكونُ لها معادِلٌ، فإذا جاءَتْ أمْ بعدَها قُدِّرَتْ مُنقَطِعةً، وتكونُ بمعنى بلْ.
2- وهلْ، لطلَبِ التصديقِ فقطْ، نحوُ: هل جاءَ صديقُكَ؟ والجوابُ: نعمْ أو لا؛ ولِذَا يَمتنِعُ(5) معها ذِكْرُ المعادِلِ، فلا يُقالُ(6): هل جاءَ صديقُكَ أم عدوُّكَ؟ وهل تُسَمَّى بسيطةً إن استُفْهِمَ بها(7) عن وجودِ شيءٍ في نفسِهِ، نحوُ: هل العَنقاءُ موجُودَةٌ؟ ومُرَكَّبةً إن استُفْهِمَ بها عن وجودِ شيءٍ لشيءٍ(8)، نحوُ: هل تَبيضُ العَنقاءُ وتُفْرِخُ؟
3- ومَا، يُطْلَبُ بها شرْحُ الاسمِ، نحوُ: ما العَسْجَدُ أو اللُّجَيْنُ؟ أو حقيقةُ الْمُسَمَّى، نحوُ: ما الإنسانُ؟ أو حالُ المذكورِ معها، كقولِكَ لقادِمٍ عليكَ: ما أنتَ؟
4- ومن، يُطلَبُ بها تعيينُ العقلاءِ(9)، كقولِكَ: من فَتَحَ مِصْرَ؟
5- ومتى، يُطلَبُ بها تَعيينُ الزمانِ، ماضيًا كان أو مستقبَلاً، نحوُ: متى جئتَ؟ ومتى تَذهبُ؟
6- وأيَّانَ، يُطلَبُ بها تعيينُ الزمانِ المستقبَلِ خاصَّةً، وتكونُ في موضِعِ التهويلِ، كقولِهِ تعالى: {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ}.
7- وكيفَ، يُطلَبُ بها تعيينُ الحالِ، نحوُ: كيفَ أنتَ؟
8- وأينَ، يُطلَبُ بها تعيينُ المكانِ، نحوُ: أينَ تَذهَبُ؟
9- وأنَّى، تكونُ بمعنى كيفَ، نحوُ: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا}، وبمعنى مِن أينَ، نحوُ: {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا}، وبمعنى متى، نحوُ: أنَّى تكونُ زيادةُ النيلِ؟
10- وكَمْ، يُطلَبُ بها تعيينُ عددٍ مبْهَمٍ، نحوُ: {كَمْ لَبِثْتُمْ} آية.
11- وأيٌّ، يُطلَبُ بها تمييزُ أحدِ المتشارِكَيْنِ في أمْرٍ يَعُمُّهما، نحوُ: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا} آيةٌ.
ويُسألُ بها عن الزمانِ، والمكانِ، والحالِ، والعددِ، والعاقلِ، وغيرِهِ حسْبَ ما تُضافُ إليهِ

_____________________
قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (هو إدراكُ المفرَدِ)، المرادُ بالمفرَدِ ما ليسَ وقوعَ النِّسبةِ، فيَشمَلُ إدراكَ المسنَدِ إليه، وإدراكَ المسنَدِ، وإدراكَ النسبةِ، وإداركَ الاثنَيْنِ من الثلاثةِ، وإدراكَ الثلاثةِ، وقولُه: هو إدراكُ النِّسبةِ، فيه مضافٌ محذوفٌ، أي هو إدراكُ وقوعِ النِّسبةِ.
(2) قولُه: (هو إدراكُ النِّسبةِ)، أي: إدراكُ وقوعِ نِسبةٍ تامَّةٍ بينَ شيئَيْنِ، أو اللاوقوعِها، أي إدراكُ موافقَتِها لما في الواقعِ أو عدمِ موافقتِها له، وذلكَ الإدراكُ كما يُسمَّى تصديقًا يُسمَّى حُكْمًا وإسنادًا وإيقاعًا وانتزاعًا وإيجابًا وسلْبًا.
(3) قولُه: (على المسنَدِ إليه)، المناسِبُ عن بدَلَ على، تَنَبَّهْ.
(4) قولُه: (والمسئولُ عنه في التصديقِ النِّسبةُ)، أي: وقوعُها أو عدَمُ وقوعِها.
(5) قولُه: (ولذا يَمتَنِعُ معها إلخ)، قالَ الشَّمَنِيُّ: أي في الفصيحِ الشائعِ؛ حيثُ تكونُ هل لطَلَبِ التصديقِ، وقد تَخرُجُ لطلَبِ التصوُّرِ فيُؤتَى لها بمعادِلٍ، كقولِه صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لجابرٍ: "هَلْ تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟" ولكنَّهُ نادرٌ.
(6) قولُه: (فلا يُقالُ إلخ)، أي: إذا أُريدَ بأَمْ المتَّصِلَةِ، لا إن أُريدَ أَمْ المنقَطِعةُ وقُدِّرَ ما بعدَها جملةً ا.هـ. مُغْنِي وأميرٌ.
(7) قولُه: (إن اسْتُفْهِمَ بها)، أي: بهل عن وجودِ شيءٍ هو الموضوعُ كالعَنقاءِ في نفسِه؛ وذلكَ لأنه استَفْهَمَ بها عن الثبوتِ الحاصلِ بينَ الشيءِ ووجودِه، وهما كالشيءِ الواحدِ؛ لأنَّ الوجودَ عينُ الموجودِ على ما فيه.
(8) وقوله: ( ومركَّبةً إن استُفْهِمَ بها عن وجودِ شيءٍ لشيءٍ)، أي: ثبوتُ محمولٍ لموضوعٍ كالعَنقاءِ والتفريخِ، فهذه قد استُفْهِمَ بها عن ثبوتِ مركَّبٍ، والأُولى عن ثبوتٍ بسيطٍ، والحاصلُ أنَّ كلاّ من البسيطةِ والمركَّبةِ داخلٌ على جملةٍ مشتمِلةٍ على ثلاثةِ أجزاءٍ: الموضوعِ والمحمولِ كالعَنقاءِ وتفريخِها في الثانيةِ، والعَنقاءِ ووُجودِها في الأُولى، ونِسبةٍ وهي وجودُ المحمولِ للموضوعِ أي ثبوتُه له، كثبوتِ التفريخِ للعَنقاءِ في مثالِ المركَّبةِ، وثبوتِ الوجودِ أي التحقُّقُ في الخارجِ للعَنقاءِ في مثالِ البسيطةِ، ولما كان المحمولُ غيرَ الموضوعِ في مثالِ المركَّبةِ كان الثبوتُ المستَفْهَمُ عنه بها الرابطُ بينَهما مركَّبًا، ولما كان الوجودُ الواقعُ محمولاً عَيْنَ الموجودِ الواقعِ موضوعًا في مثالِ البسيطةِ صارَ الثبوتُ المستَفهَمُ عنه بها الرابطُ بينَهما بسيطًا، فإذا نُظِرَ لغيرِ الوجودِ الواقعِ رابطةً في المثالَيْنِ كان المعتَبَرُ في أوَّلِهما شيئًا واحدًا هو العَنقاءُ، وفي ثانيهما شيئَيْنِ هما العَنقاءُ وتفريخُها، وإن اعتُبِرَ الوجودُ الواقعُ رابطةً في المثالَيْنِ كان المعتَبَرُ في الأوَّلِ شيئَيْنِ، وفي الثاني ثلاثةً. وعلى كلِّ حالٍ فالاعتبارُ الأوَّلُ فيه بساطةٌ بالنِّسبةِ إلى الثاني، بمعنى قِلَّةِ المعتَبَرِ وكثرتِه، لا بمعنى ما لا جزءَ له وما له جزءٌ، فافْهَمْ.
(9) قولُه: (ومَن يُطْلَبُ بها تَعيينُ العقلاءِ)، أي: جِنسَهم الصادقَ بالواحدِ والمتعدِّدِ، فجوابُ قولِكَ: من عندَكَ؟ إما زيدٌ، أو زيدٌ وعمرٌو، أو زيدٌ وعمرٌو وبكْرٌ وعليٌّ، هذا إلى أنْ يَستغرِقَ، ولو ذَكَرَ بعضَ من عندَه لم يكن جوابًا صحيحًا، بل الجوابُ لمطابقُ ما لا يزيدُ ولا ينقصُ كما أنَّ الجوابَ الصحيحَ بالحدِّ أن يكونِ جامعًا مانعًا، ويكونُ هذا الجوابُ مفْرَدًا لا مركَّبًا، ولا يُقدَّرُ له خبرٌ ولا مبتدأٌ بمنزلةِ قولِكَ: حيوانٌ ناطقٌ، جوابًا لما الإنسانُ؟ فهو ذِكْرُ حدٍّ يفيدُ التصوُّرَ فقطْ، وإن كان يَستلزِمُ نسبةَ الاستقرارِ عندَ المخاطَبِ إلى ذلكَ الشخصِ أو الأشخاصِ، وهي أخصُّ من النِّسبةِ التي تَضمَّنَها قولُكَ: من عندَكَ؟ الحاصلةُ للمتكلِّمِ أوَّلاً؛ لأنها نِسبةُ الأعمِّ. فَمِن هنا جاءَ الجوابُ مفْرَدًا في قولِه تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ}، وأما قولُه في الآيةِ الأخرى: {خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ}، فهو ابتداءُ كلامٍ يَتضمَّنُ الجوابَ، وليس اقتصارًا على نفسِ الجوابِ بخلافِ الآيةِ قبلَها، ومن هنا غَلَطَ بعضُ الناسِ فظَنَّ أنَّ المطلوبَ بها التصديقُ. ومن هنا يُعلَمُ أنَّ المسئولَ عنه بمَن ماهيَّةُ مَن عندَه أعمُّ من القليلِ والكثيرِ، وبه تَعلَمُ أن مَن الاستفهاميَّةَ ليسَتْ للعمومِ في الأفرادِ بل للماهيَّةِ، بخلافِ ما قالَه الأصوليُّونَ حيثُ استَدلُّوا بذلكَ على العمومِ، فإن أرادوا العمومَ الذي ذَكرْنَاهُ فصحيحٌ، وإن أرادوا أنها تَدُلُّ على الأَفرادِ فممنوعٌ. كذا في عروسِ الأفراحِ للسُّبْكِيِّ نقلاً عن والدِه).

هيئة الإشراف

#3

14 Nov 2008

دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (وأمَّا الاستفهامُ، فهوَ طَلَبُ العلْمِ بشيءٍ، وأدواتُه الهمزةُ، و(هلْ)، و(ما) ، و(مَنْ)، و(متى)، و(أيَّانَ)، و(كيفَ)، و(أينَ)، و(أنَّى)، و(كمْ)، و(أيُّ).
1- فالهمزةُ، لطَلَبِ التصوُّرِ أو التصديقِ.
والتصوُّرُ: هوَ إدراكُ المفرَدِ، كقولِكَ: (أعليٌّ مسافرٌ أَمْ خالدٌ؟)، تَعتقِدُ أنَّ السفَرَ حَصَلَ منْ أحدِهما، ولكنْ تَطْلُبُ تعيينَه؛ ولذا يُجابُ بالتعيينِ، فيُقالُ: (عليٌّ)، مَثلاً.
والتصديقُ: هوَ إدراكُ النِّسبةِ، نحوُ: (أسافَرَ عليٌّ)؟ تَستفْهِمُ عنْ حصولِ السفَرِ وعدَمِه. ولذا يُجابُ بـ (نعم) أوْ (لا).
والمسؤولُ عنه في التصوُّرِ ما يَلِي الهمزةَ، ويكونُ لهُ معادِلٌ يُذْكَرُ بعدَ (أمْ)، وتُسَمَّى متَّصِلَةً.
فتقولُ في الاستفهامِ عن المسْنَدِ إليه: (أَأَنْتَ فعلْتَ هذا أَمْ يُوسفُ؟)
وعن المسْنَدِ: (أَرَاغِبٌ أنتَ عن الأمْرِ أَمْ راغبٌ فيه؟)
وعن المفعولِ: (أَإِيَّايَ تَقْصِدُ أَمْ خالدًا؟)
وعن الحالِ: (أراكبًا جئتَ أَمْ ماشيًا؟)
وعن الظرْفِ: (أيومَ الخميسِ قَدِمْتَ أَمْ يومَ الجمُعَةِ؟)،
وهكذا.
وقدْ لا يُذْكَرُ المعادِلُ، نحوُ: (أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا؟)، (أَرَاغِبٌ أنتَ عن الأمْرِ؟)، (أإيَّايَ تَقْصِدُ؟)، (أراكبًا جئتَ؟)، (أيومَ الخميسِ قَدِمْتَ؟)
والمسؤولُ عنه في التصديقِ النِّسبةُ. ولا يكونُ لها معادِلٌ، فإنْ جاءتْ (أمْ) بعدَها قُدِّرتْ منْقَطِعَةً، وتكونُ بمعنى (بلْ).
2- و (هلْ) لطلَبِ التصديقِ فقطْ، نحوَ: (هلْ جاءَ صديقُكَ)؟
والجوابُ: (نعم) أوْ (لا).
ولذا يَمتَنِعُ معها ذِكْرُ المعادِلِ، فلا يُقالُ: (هلْ جاءَ صديقُك أمْ عدوُّك؟)
و (هل) تُسمَّى بسيطةً إن استُفْهِمَ بها عنْ وجودِ شيءٍ في نفسِه، نحوُ: (هَلِ العَنْقَاءُ موجودةٌ؟) ومركَّبةً إن استُفْهِمَ بها عنْ وجودِ شيءٍ لشيءٍ، نحوُ: (هلْ تَبِيضُ العَنْقَاءُ وتُفْرِخُ؟).
3- و(ما) يُطْلَبُ بها شرحُ الاسمِ، نحوُ: ما العَسْجَدُ أو اللُّجَيْنُ؟ أوْ حقيقةُ الْمُسمَّى، نحوُ: (ما الإنسانُ؟) أوْ حالُ المذكورِ معها، كقولِك لقادِمٍ عليك: (ما أنتَ؟)
4- و(مَن) يُطلَبُ بها تَعيينُ العُقلاءِ، كقولِك: (مَنْ فَتَحَ مِصْرَ؟)
5- و(متى) يُطْلَبُ بها تَعيينُ الزمانِ، ماضيًا كانَ أوْ مستَقْبلاً، نحوُ: (متى جِئْتَ؟) و(متى تَذْهَبُ؟)
6-و (أيَّانَ) يُطْلَبُ بها تَعيينُ الزمانِ المستَقْبَلِ خاصَّةً، وتكونُ في موضِعِ التهويلِ، كقولِه تعالى: {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ}؟
7-و (كيفَ) يُطْلَبُ بها تعيينُ الحاِل، نحوُ: (كيفَ أنتَ؟)
8-و(أينَ) يُطْلَبُ بها تعيينُ المكانِ، نحوُ: (أينَ تَذْهَبُ؟)
9- و(أنَّى) تكونُ بمعنى (كيفَ)، نحوُ: {أَنَّى يُحْيِـي هَـذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا}؟!
وبمعنى (مِنْ أينَ)، نحوُ: {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا}؟
وبمعنى (متى)، نحوُ: (زِدْ أنَّى شئتَ؟)
10- و(كمْ) يُطلَبُ بها تَعيينُ عددٍ مبْهَمٍ نحوُ:{كَمْ لَبِثْتُمْ}؟
و(أيُّ) يُطْلَبُ بها تمييزُ أحَدِ المتشاركيْنِ في أمْرٍ يَعمُّهما، نحوُ: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا}؟
ويُسأَلُ بها عن الزمانِ، والمكانِ، والحالِ، والعددِ، والعاقلِ، وغيرِه، حسَبَ ما تُضَافُ إليه).(دروس البلاغة الصغرى)

هيئة الإشراف

#4

21 Nov 2008

حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (وأمَّا الاستفهامُ(1) ) فهو طَلَبُ العِلْمِ بِشَيْءٍ(2)، وَأَدَوَاتُهُ(3) الهَمْزَةُ، وَهَلْ، وَمَا، وَمَن، وَمَتَى، وَأَيَّانَ، وَكَيْفَ، وأَيْنَ، وَأَنَّى، وَكَمْ، وَأَيّ(4).
1- فالهمزةُ(5) لِطَلَبِ التصوُّرِ أو التصديقِ(6). والتصوُّرُ هو إدراكُ المفرَدِ(7) كقولِكَ:(8) أَعَلِيٌّ مسافرٌ أمْ خالدٌ(9)، تَعْتَقِدُ أَنَّ السفرَ حَصَلَ مِن أحدِهِمَا(10)،
ولكنْ تَطْلُبُ تَعْيِينَهُ(11), ولذا(12) يُجَابُ(13) بالتعيينِ فَيُقَالُ: عَلِيٌّ مثلاً(14). والتصديقُ هوَ إدراكُ النِّسْبَةِ(15) نحوُ: أَسَافَرَ عَلِيٌّ(16)، تَسْتَفْهِمُ عن حصولِ السفرِ وعَدَمِهِ(17), ولذا(18) يُجَابُ(19) بِنَعَمْ(20) أو(21) لا(22). والمَسْئُولُ عنْهُ(23) في التصوَّرِ(24) ما يَلِي الهمزةَ(25), ويَكُونُ لَهُ(26) مُعَادِلٌ يُذْكَرُ بعدَ أَمْ (27), وَتُسَمَّى مُتَّصِلَةً(28)، فتقولُ في الاستفهامِ عن المُسْنَدِ إليهِ(29): أنتَ فَعَلْتَ هذا أمْ يُوسُفُ(30)، و (31) عن المُسْنَدِ(32): أَرَاغِبٌ أَنْتَ عن الأمْـرِ, أمْ رَاغِبٌ فِيهِ(33)، و(34) عن المفعـولِ أَإِيَّايَ تَقْصِدُ أَمْ خَالِداً(35)، و (36) عن الحالِ: أَرَاكِباً جِئْتَ أَمْ مَاشِياً(37)، و(38) عن الظرفِ: أَيَوْمَ الخميسِ قَدِمْتَ أمْ يومَ الجمعةَ(39)، وهكذا(40). وقد لا(41) يُذْكَرُ المُعَادِلُ(42) نحو: أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا. أَرَاغِبٌ أَنْتَ عن الأمْرِ. أَ إِيَّايَ تَقْصِدُ. أَرَاكِباًجِئْتَ. أَيَوْمَ الخميسِ قَدِمْتَ(43). والمَسْئُولُ عنهُ(44) فى(45) التصديقِ النِّسْبَةُ(46), ولا يكونُ لها مُعَادِلٌ(47), فإنْ جاءَتْ أمْ بَعْدَهَا(48) قُدِّرَتْ(49) مُنْقَطِعَةً(50) وتكونُ(51) بِمَعْنَى بَلْ(52).
2- وهلْ لِطَلَبِ التصديقِ(53) فقطْ(54) نحو: هل جاءَ صَدِيقُكَ(55)؟ والجوابُ(56) نَعَمْ(57) أوْ لا(58), ولِذَا(59) يَمْتَنِعُ مَعَهَا(60) ذِكْرُ المُعَادِلِ فلا يُقَالُ: هل جاءَ صَدِيقُكَ أمْ عَدُوُّكَ(61)؟ وهل(62) تُسَمَّى بَسِيطَةً إن اسْتُفْهِمَ بها عن وجودِ شَيْءٍ في نَفْسِهِ(63)
نحوُ: هل العَنْقَاءُ موجودةٌ(64)، و(65) مُرَكَّبَةً إن اسْتُفْهِمَ بها عن وجودِ شَيْءٍ لِشَيْءٍ(66) نحوُ: هل تَبِيضُ العنقاءُ وتُفْرِخُ(67).
3- ومَا يُطْلَبُ بها شَـرْحُ الاسْمِ(68) نحوُ: ما العَسْجَدُ أو اللُّجَيْنُ(69)؟ أو(70) حقيقةِ المُسَمَّى(71) نحوُ: ما الإنسانُ(72)؟ أو(73) حالِ المَذْكُورِ(74) مَعَهَا(75)، كقولِكَ لقادِمٍ عَلَيْكَ: مَا أَنْتَ(76).
4- ومَنْ يُطْلَبُ بها تَعْيِينُ العُقَلاَءِ(77)، كقولِكَ: مَن فَتَحَ مِصْرَ(78)؟
5- وَمَتَى يُطْلَبُ بِهَا تَعْيِينُ الزمانِ(79) ما ضِياًكانَ أوْ مُسْتَقْبَلاً(80)، نحوُ: مَتَى جِئْتَ؟(81) ومَتَى تَذْهَبُ؟(82)
6- وَأَيَّانَ يُطْلَبُ بها تعيينُ الزمانِ المستقبلِ خاصَّةً(83) وتكونُ(84) في مَوْضِعِ التهويلِ(85)، كقولِهِ تعالى: {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ القيامِةِ}(86).
7- وكيفَ يُطْلَبُ بها تعيينُ الحالِ(87) نحوُ: كيفَ أنتَ(88)؟
8- وأينَ يُطْلَبُ بها تعيينُ المكانِ، نحوُ: أينَ تَذْهَبُ(89)؟
9- وَأَنَّى تكونُ(90) بِمَعْنَى كَيْفَ(91)، نحوُ: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا}(92) و(93) بمعنى مِن أَيْنَ(94) نحوُ(95) {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا}(96) و(97) بمعنى مَتَى، نحوُ(98) أَنَّى تَكُونُ زِيَادَةُ النِّيلِ؟(99)
10- وكمْ يُطْلَبُ بها تعيينُ عددٍ مُبْهَمٍ، نحوُ(100) {كَمْ لَبِثْتُمْ}(101).
11- وأيٌّ يُطْلَبُ بها تمييزُ أَحَدِ المُتَشَارِكَيْنِ في أَمْرٍ يَعُمُّهُمَا(102)، نحوُ(103): {أيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَاماً}(104) وَيُسْأَلُ بها(105) عن الزمانِ والمكانِ والحالِ والعددِ والعاقِلِ وغيرِهِ حَسَبَ ما تُضَافُ إليهِ(106).

______________________
قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) ( وَأَمَّا الاسْتِفْهَامُ فهو ) لُغَةً: طَلَبُ الفَهْمِ, وَاصْطِلاَحاً.
(2) ( طَلَبُ العِلْمِ بِشَيْءٍ ) أي: حُصُولُ الشَّيْءِ الذي فِي الخارجِ فِي الذهنِ بأدواتٍ مَخْصُوصَةٍ، بِمَعْنَى أنْ تَطْلُبَ ما هو فِي الخارجِ لِيَحْصُلَ فِي ذِهْنِكَ نَقْشٌ مُطَابِقٌ لهُ بخلافِ الطلبِ فِي غيرِهِ, كالأمرِ والنهْيِ والدعاءِ، فَإِنَّكَ تَنْقُشُ فِي ذِهْنِكَ, ثم تَطْلُبُ أنْ يَحْصُلَ لهُ فِي الخارجِ مُطَابِقٌ، فَنَقْشُ الذهنِ فِي الاستفهامِ تَابِعٌ, وفى غيرِهِ مَتْبُوعٌ. فَخَرَجَ نَحْوُ: عَلِّمْنِي، وَفَهِّمْنِي، فَإِنَّهُ وَإِنْ دَلَّ عَلَى طَلَبِ حُصُولِ صُورَةِ العلمِ ليسَ اسْتِفْهَاماً؛ إذْ لَيْسَتْ فيهِ أداةٌ من الأدواتِ المَخْصُوصَةِ للاستفهامِ. ثم هذه الصورةُ المُسْتَفْهَمَةُ إنْ كانتْ وُقُوعَ نِسْبَةٍ بينَ أَمْرَيْنِ أو لاَ وُقُوعَهَا, فَحُصُولُهَا, أي: إِدْرَاكُهَا, هو التصديقُ, وَإِلاَّ بِأَنْ كَانَتْ مَوْضُوعاًأو مَحْمُولاً أو نِسْبَةً مُجَرَّدَةً أو اثْنَتَيْنِ مِن الثلاثةِ أو الثلاثةَ, فَحُصُولُهَا, أَيْ: إِدْرَاكُهَا, هو التَّصَوُّرُ.
(3) ( وَأَدَوَاتُهُ ) أي: الألفاظُ الموضوعةُ للاستفهامِ إِحْدَى عَشْرَةَ.
(4) ( الهمزةُ، وهلْ، وَمَا، وَمَنْ، وَمَتَى، وَأَيَّانَ، وَكَيْفَ، وَأَيْنَ، وَأَنَّى، وَكَمْ، وَأَيْ ) وَتَنْقَسِمُ إلى ثلاثةِ أقسامٍ: الأولُ ما يُسْتَعْمَلُ لطلبِ التَّصَوُّرِ تَارَةً وَلِطَلَبِ التصديقِ تَارَةً أُخْرَى، وَهُوَ الهَمْزَةُ.
والثانى: مَا يُسْتَعْمَلُ لِطَلَبِ التصديقِ فَقَطْ, وَهُوَ (هَلْ).
والثالثُ: مَا يُسْتَعْمَلُ لِطَلَبِ التصورِ فَقَطْ، وَهُوَ بَقِيَّةُ الألفاظِ.
(5) ( فالهَمْزَةُ ) قُدِّمَتْ؛ لأَنَّهَا أُمُّ البَابِ، وهِيَ جَدِيرَةٌ بِالتَّقْدِيمِ.
(6) ( لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ أو التصديقِ ) أي: تُسْتَعْمَلُ لِطَلَبِ أَيِّهِمَا كَانَ.
(7) ( والتصورُ هو إدراكُ المفردِ ) المرادُ بالمفردِ مَا سِوَى وُقُوعِ النسبةِ أَوْ لا وُقُوعِهَا، فَطَلَبُ التصورِ حِينَئِذٍ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ: طَلَبُ تَصَوُّرِ المَوْضُوعِ، وَطَلَبُ تَصَوُّرِ المَحْمُولِ، وَطَلَبُ تَصَوُّرِ النِّسْبَةِ التي هِيَ مَوْرِدُ الإيجابِ والسلبِ، زُعِمَ أنَّ القِسْمَ الأخيرَ يُغْنِي عنهُ طَلَبُ تَصَوُّرِ الطَّرَفَيْنِ, فَلاَ يُمَثَّلُ لهُ، والمرادُ بالتَّصَوُّرِ المَطْلُوبِ بالاستفهامِ التَّصَوُّرُ على وجهِ التعيينِ، حيثُ كَانَ المُسْتَفْهِمُ مُتَرَدِّداً فِي تَعْيِينِ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ؛ لأَنَّ هذا التَّصَوُّرَ الذي لم يَحْصُلْ، وَلِذَا يَسْتَفْهِمُ عنهُ، وَلاَ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ تَصَوُّرُ الشَيْءِ مِنْ حَيْثُ ذَاتُهُ، وَهُوَ تَصَوُّرُهُ على سبيلِ الإجمالِ، فَإِنَّهُ حَاصِلٌ قَبلَ السؤالِ، فَلاَ مَدْخَلَ لَهُ فِي الاستفهامِ.
(8) ( كَقَوْلِكَ ) فِي طلبِ تَصَوُّرِ المُسْنَدِ إليهِ من حيثُ إِنَّهُ مُسْنَدٌ إليهِ.
(9) ( أَعَلِيٌّ مُسَافِرٌ أمْ خالدٌ؟ ) فَإِنَّ هذا الكلامَ يَدُلُّ على أنَّكَ.
(10) ( تَعْتَقِدُ أنَّ السفرَ حَصَلَ مِن أَحَدِهِمَا ) أي: تَعْتَقِدُ بِوُقُوعِ النسبةِ، وهِيَ حصولُ السفرِ من عَلِيٍّ أو خالدٍ، لا عَلَى وَجْهِ التَّعْيِينِ.
(11) ( وَلَكِنْ تَطْلُبُ تَعْيِينَهُ ) أي: تَطْلُبُ تَصَوُّرَ المُسْنَدِ إليهِ على وجهِ التعيينِ؛ لأَنَّهُ هو المُتَّصِفُ بِكَوْنِهِ حَصَلَ لهُ السفرُ.
(12) ( ولذا ) أي: وَلاجْلِ أنَّ المطلوبَ تَعْيِينُهُ.
(13) ( يُجَابُ ) عن هذا الاستفهامِ.
(14) ( بالتعيينِ، فيُقَالُ: "عَلِيٌّ" مَثَلاً ) وَتَصَوَّرْتَ حِينَئِذٍ المُسْنَدَ إليهِ بِخُصُوصِهِ على وَجْهِ التعيينِ, وَأَنَّهُ عَلِيٌّ, لا خَالِدٌ.
(15) ( والتصديقُ هو إدراكُ النسبةِ ) أي: الإذعانُ بأنَّ النسبةَ التامَّةَ بينَ الشيئينِ وَاقِعَةٌ فِي الخارجِ, أوْ لَيْسَتْ واقعةً, أي: إدراكُ مُوَافَقَتِهَا لِمَا فِي الواقعِ أَوْ عَدَمُ مُوَافَقَتِهَا لهُ، وهذا الإدراكُ كما يُسَمَّى تَصْدِيقاً يُسَمَّى حُكْماً وَإِسْنَاداً وَإِيقَاعاً وَانْتِزَاعاً وَإِيجَاباً وَسَلْباً، سَوَاءٌ كَانَت النِّسْبَةُ التي طُلِبَ التصديقُ بها مَضْمُونَ الجملةِ الفِعْلِيَّةِ، وَهَذَا أَكْثَرُ.
(16) ( نحوُ: أَسَافَرَ عَلِيٌّ؟ ) فَإِنَّكَ قَدْ تَصَوَّرْتَ السَّفَرَ وَعَلِيّاً، والنسبةُ بَيْنَهُمَا وهِيَ حُصُولُ السفرِ مِن عليٍّ، إِلاَّ أنَّ ذِهْنَكَ تَرَدَّدَ فِيهَا بَيْنَ وُقُوعِهَا, وَلاَ وُقُوعِهَا فِي الخارجِ.
(17) وَ ( تَسْتَفْهِمُ عن حصولِ السفرِ وَعَدَمِهِ ) أي: وَتَطْلُبُ تَعْيِينَ ما تَلَبَّسَتْ بهِ تِلْكَ النسبةُ من الوقوعِ وَاللاَّ وُقُوعٍ.
(18) ( وَلِذَا ) أي: وَلاجْلِ أنَّ المطلوبَ تَعْيِينُ ما تَلَبَّسَتْ بهِ تِلْكَ النِّسْبَةُ.
(19) ( يُجَابُ ) عَنْ هَذَا الاستفهامِ.
(20) ( بِنَعَمْ ) وَيَحْصُلُ لكَ التصديقُ بوقوعِ النسبةِ.
(21) ( أو ) يُجَابُ عنهُ بقولِهِ
(22) ( لاَ ) فَيَحْصُلُ لكَ التصديقُ بِعَدَمِ وُقُوعِهَا. أو كانت النسبةُ مَضْمُونَ الجملةِ الاسْمِيَّةِ، نحوُ: أَعَلِيٌّ مُسَافِرٌ؟ فقد تَصَوَّرْتَ الطرفَيْنَ وَالنسبةَ، وَسَأَلْتَ عن وُقُوعِهَا خَارِجاً، فإذا قِيلَ فِي الجوابِ: هو مُسَافِرٌ حَصَلَ التصديقُ.
(23) ( والمسئولُ عنهُ ) أي: بالهمزةِ
(24) ( فى التصورِ ) أي: قَصْدِ السؤالِ عن أجزاءِ الجملةِ.
(25) ( ما يَلِي الهمزةَ ) أي: هو تَصَوُّرُ الجزءِ الذي يَلِيهَا مِن تلكَ الأجزاءِ.
(26) ( وَيَكُونُ لَهُ ) أي: لِهَذَا المسئولِ عنهُ لَفْظٌ.
(27) ( مُعَادِلٌ يُذْكَرُ بعدَ أَمْ ) بِفَتْحِ الهمزةِ.
(28) ( وَتُسَمَّى مُتَّصِلَةً ) أي: تُوصَفُ أَمْ فِي هذه الحالةِ بِكَوْنِهَا مُتَّصِلَةً لاتِّصَالِ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا.
(29) ( فَتَقُولُ فِي الاستفهامِ عن المُسْنَدِ إليهِ ) الفاعلِ. وقد تَقَدَّمَ مثالُ الاستفهامِ عن المسندِ إليهِ المبتدأِ.
(30) ( أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا أمْ يُوْسَفُ؟ ) فَإِنَّ هذا الكلامَ إِنَّمَا يَقُولُهُ مَن عَرَفَ حُصُولَ أَصْلِ النسبةِ، بِأَنْ عَرَفَ صُدُورَ الفعلِ المُشَارِ إليهِ مِن شخصٍ, وَشَكَّ فِي كونِهِ المخاطَبَ أو يوسُفَ, فَكَأَنَّهُ يقولُ: الذي صَدَرَ منهُ الفعلُ المشارُ إليهِ أَأَنْتَ أمْ يُوسُفُ، فَالشَّكُّ فِي الفاعلِ، والسؤالُ لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ.
(31) ( وَ ) تَقُولُ فِي الاستفهامِ.
(32) ( عَن المُسْنَدِ ) خَبَرِ المبتدأِ.
(33) ( أَرَاغِبٌ أَنْتَ عن الأمرِ, أمْ رَاغِبٌ فِيهِ؟ ) فَإِنَّ هذا الكلامَ إِنَّمَا يَقُولُهُ مَن عَرَفَ صُدُورَ فِعْلٍ من المخاطَبِ, وَشَكَّ فِي ذلكَ الفِعْلِ، فَإِنَّهُ يَقُولُ: الفِعْلُ الذي صَدَرَ مِن المُخَاطَبِ أو الرَّغْبَةُ عن الأمرِ، أَهُوَ الرغبةُ فيهِ؟ فَالشَّكُّ فِيمَا أُسْنِدَ إلى المُخَاطَبِ، وَالسُّؤَالُ لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ.
وَمِثَالُ الاستفهامِ عن المُسْنَدِ الفِعْلُ: أَضَرَبْتَ زَيْداً أَمْ أَكْرَمْتَهُ؟ فَإِنَّ هذا الكلامَ يَقُولُهُ مَنْ عَرَفَ تَعَلُّقَ فِعْلٍ بالمخاطَبِ، وَلَكِنْ لا يَعْرِفُ أَنَّهُ ضَرْبٌ أو إكرامٌ، وَأَرَادَ تَعْيِينَهُ، فالشكُّ فِي الفِعْلِ، والسؤالُ لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ.
(34) ( وَ ) تَقُولُ فِي الاستفهامِ.
(35) ( عن المفعولِ: أَإِيَّايَ تَقْصِدُ أَمْ خَالِداً؟ ) فَإِنَّ هذا الكلامَ تَقُولُهُ إِذَا عَرَفْتَ أَنَّ مُخَاطَبَكَ قَصَدَ أَحَداً, وَجَهِلْتَ عَيْنَ ذلك الأحدِ، فَكَأَنَّكَ تَقُولُ: مَقْصُودُكَ مَا هُوَ أَنَا أَوْ خَالِدٌ؟ فَالشَّكُّ هُنَا فِي المَفْعُولِ، وَالسؤالُ لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ.
(36) ( و ) تَقُولُ فِي الاستفهامِ
(37) ( عن الحالِ: أَرَاكِباً جِئْتَ أَمْ مَاشِياً؟ ) فالشكُّ هُنَا فِي حَالَةِ مَجِيءِ المُخَاطَبِ.
(38) ( وَ ) تقولُ فِي الاستفهامِ
(39) ( عن الظرفِ: أَيَوْمَ الخميسِ قَدِمْتَ أَمْ يَوْمَ الجُمُعَةِ؟ ) فَالشَّكُّ فِي هذا المثالِ فِي ظَرْفِ الزمانِ.
(40) ( وهكذا ) أي: سَائِرُ المُتَعَلِّقَاتِ، نحوُ: أَفِي الدَّارِ صَلَّيْتَ, أَمْ فِي المَسْجِدِ الحَرَامِ؟ أو تَأَدْيِباً ضَرَبْتَ أَمْ عِقَاباً؟
أَفَادَهُ فِي المُطَوَّلِ.
(41) ( وقد لا ) تُذْكَرُ أَمْ فَلاَ
(42) ( يُذْكَرُ المُعَادِلُ ) بَعْدَهَا.
(43) ( نحوُ: أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا؟ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَن الأَمْرِ؟ أَإِيَّايَ تَقْصِدُ؟ أَرَاكِباً جِئْتَ؟ أَيَوْمَ الخَمِيسِ قَدِمْتَ؟ ).
فَجَمِيعُ هذه لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ أي: تَصَوُّرِ ما يَلِي الهمزةَ، ولا التباسَ بِأَنْ يُرَادَ بها طَلَبُ التصديقِ؛ إذْ تَقْدِيرُ المثالِ الأوَّلِ: أمْ فَعَلَهُ يُوسُفُ،
والثاني: أَمْ رَاغِبٌ أَنْتَ فِي الأمرِ،
والثالثِ: أَمْ تَقْصِدُ خَالِداً،
والرابعِ: أمْ جِئْتَ مَاشِياً،
والخامسِ: أَمْ قَدِمْتَ يَوْمَ الجُمُعَةِ.
(44) ( والمَسْئُولُ عَنْهُ ) بالهمزةِ.
(45) ( في ) طَلَبِ.
(46) ( التصديقِ النِّسْبَةُ ) أي: حَالُهَا من وقوعٍ أو لاَ وُقُوعٍ، وَهُوَ معنًى دَائِرٌ بينَ المُسْنَدِ والمُسْنَدِ إليهِ.
( 47) ( وَلاَ يَكُونُ لَهَا مُعَادِلٌ ) كما أَنَّهُ لا تُذْكَرُ أمْ بَعْدَ الجُمْلَةِ الدَّالَةِ على النِّسْبَةِ الخَبَرِيَّةِ.
(48) ( فإنْ جَاءَتْ أَمْ بَعْدَهَا ) أي: بعدَ الجملةِ الدالَّةِ على النسبةِ
(49) ( قُدِّرَتْ ) أي: أَمْ.
(50) ( مُنْقَطِعَةً ) لانْقِطَاعِ مَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا؛ لأَنَّ الغرضَ من الإتيانِ بها الانتقالُ من كلامٍ إلى كلامٍ آخَرَ.
(51) ( وَتَكُونُ ) أي: أمْ.
(52) ( بِمَعْنَى بَلْ ) الإضرابِيَّةِ، يعني: أَنَّكَ اسْتَفْهَمْتَ أَوَّلاً عن نِسْبَةِ الجملةِ التي قَبْلَهَا, ثُمَّ أَرَدْتَ إِضْرَاباً عنهُ، واستفهاماً ثانياً, وَيَكُونُ ذلكَ حِينَئِذٍ اسْتِفْهَاماً عن التصديقِ تَالِياً للاستفهامِ بالهمزةِ عن التصديقِ أيضاً. وَلاَ بُدَّ مِنْ وُقُوعِ الجُمْلَةِ بعدَ هذهِ المُنْقَطِعَةِ نحوُ قولِ الشاعرِ:

وَلَسْتُ أُبَالِي بَعْدَ فَقْدِي مَالِكاً ....... أَمَوْتِي نَاءٍ أَمْ هُوَ الآنَ وَاقِعُ

فَإِنْ وَقَعَ بعدَهَا مُفْرَدٌ قُدِّرَ بجملةٍ، نحوُ: أَحَضَرَ الأَمِيرُ أَمْ جَيْشُهُ؟ أي: بَلْ حَضَرَ جَيْشُهُ، ومِن هنا: ظَهَرَ الفَرْقُ بين الاستفهامِ بالهمزةِ عن التَّصَوُّرِ والاستفهامِ بها عن التصديقِ، بِأَنَّ الأوَّلَ ما صَلَحَ أنْ يُؤْتَى بَعْدَهُ بأَمِ المُتَّصِلَةِ دونَ المُنْقَطِعَةِ،

والثانيَ حَقُّهُ أنْ يُؤْتَى بَعْدَهُ بأمِ المُنْقَطِعَةِ دونَ المُتَّصِلَةِ.

(53) ( وَهَلْ لِطَلَبِ التصديقِ ) أي: لِطَلَبِ أَصْلِهِ, وهو مُطْلَقُ إِدراكِ وُقُوعِ النسبةِ أو لا وُقُوعِهَا.

(54) ( فَقَطْ ) أي: وَلاَ يُؤْتَى بها لِطَلَبِ التَّصَوُّرِ. وَتَدْخُلُ عندَ استعمالِهَا فِي التصديقِ الذي تَخْتَصُّ بهِ على الجُمْلَتَيْنِ الفعليَّةِ.

(55) ( نحوُ: هَلْ جَاءَ صَدِيقُكَ؟ ) إذا كَانَ المطلوبُ التصديقَ بِثُبُوتِ المَجِيءِ لِصَدِيقِكَ, أي: إِدْرَاكَ أنَّ هذا الثبوتَ مُطَابِقٌ لِلواقِعِ مع العلمِ بِحَقِيقَةِ كُلٍّ من المُسْنَدَيْنِ، والاسْمِيَّةِ نحوُ: هَلْ خَالِدٌ صَدِيقُكَ؟ إذا كانَ المطلوبُ التصديقَ بِثُبُوتِ صَدَاقَتِكَ لخالدٍ.

(56) ( والجوابُ ) عن هذا الاستفهامِ.

(57) ( نَعَمْ ) أي: جَاءَ صَدِيقُكَ، فَيَحْصُلُ لكَ التَّصْدِيقُ بِوُقُوعِ النِّسْبَةِ.

(58) ( أوْ لاَ ) فَيَحْصُلُ لَكَ التصديقُ بِعَدَمِ وُقُوعِ النسبةِ. هذا وَيُشْتَرَطُ فِي الجملةِ التي تَدْخُلُ ((هل)) عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ مُثْبَتَةً، فَلاَ تَدْخُلُ على مَنْفِيَّةٍ، فلا يُقَالُ: هَلْ لاَ قَامَ خَالِدٌ؛ لأَنَّهَا فِي الأصلِ بِمَعْنَى قَدْ, وهِيَ لا تَدْخُلُ على المَنْفِيِّ، فَلاَ يُقَالُ: قَدْ لاَ يَقُومُ زَيْدٌ

(59) ( وَلِذَا ) أي: وَلِكَوْنِ ((هلْ)) لاَ يُطْلَبُ بِهَا التصديقُ.

(60) ( يَمْتَنِعُ مَعَهَا ) أي: مع هَلْ.

(61) ( ذِكْرُ المُعَادِلِ، فَلاَ يُقَالُ: هَلْ جَاءَ صَدِيقُكَ أَمْ عَدُوُّكَ )، لأَنَّ أَمْ هُنَا وَقَعَ بعدَها مُفْرَدٌ، فَدَلَّ على كَوْنِهَا مُتَّصِلَةً، وَأَم المُتَّصِلَةُ إِنَّمَا تُسْتَعْمَلُ عندَ طَلَبِ التَّصَوُّرِ، وَإِرَادَةِ تَعْيِينِ أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ المُبْهَمِ مَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ النسبةُ مِنْهُمَا بَعْدَ العلمِ بأصلِ تلكَ النسبةِ، وقد تَقَدَّمَ أنَّ هَلْ لِطَلَبِ أصلِ النسبةِ، فَمُقْتَضَاهَا جَهْلُ أصلِ النسبةِ؛ إِذْ لاَ يُسْأَلُ عن معلومٍ، وَمُقْتَضَى أم المُتَّصِلَةِ العِلْمُ بِهَا فَتَنَافَيَا. نَعَمْ إِذَا أُرِيدَتْ بِهَا أم المُنْقَطِعَةُ، وَقُدِّرَ فِعْلٌ بَعْدَهَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالُ ذلكَ، كَمَا يَجُوزُ أَنْ تُعَادِلَ أم المُنْقَطِعَةَ، فَتَقُولُ: هلْ قَامَ زَيْدٌ أَمْ قَعَدَ بِشْرٌ؟ وَهَلْ تَأْتِينِي أَمْ تُحَدِّثُنِي؟ فَتَدَبَّرْ.

(62) ( وَهَلْ ) تَنْقَسِمُ إلى قِسْمَيْنِ: بَسِيطَةٍ وَمُرَكَّبَةٍ.

(63) ( تُسَمَّى بَسِيطَةً إن اسْتُفْهِمَ بها عن وُجُودِ شَيْءٍ فِي نَفْسِهِ ) أي: طُلِبَ بها التَّصْدِيقُ بِوُقُوعِ نِسْبَةٍ بينَ شَيْءٍ جُعِلَ مَوْضُوعاً، وبينَ مَحْمُولٍ هو عَيْنُ الوجودِ الخَارِجِيِّ.

(64) ( نحوُ: هل العَنْقَاءُ مَوْجُودَةٌ؟ ) أي: ثابتةٌ فِي الخارجِ وَمُتَحَقِّقَةٌ فيهِ، فالمطلوبُ التصديقُ بوقوعِ نسبةِ الوجودِ الخارجيِّ لِلْعَنْقَاءِ، حَكَى الزَّمَخْشَرِيُّ فِي رَبِيعِ الأَبْرَارِ أَنَّهَا طَائِرٌ، فيها مِن كُلِّ شَيْءٍ مِن الألوانِ، وكانتْ فِي زَمَنِ أصحابِ الرَّسِّ، تَأْتِي إلى أَطْفَالِهِمْ وَصِغَارِهِمْ, فَتَخْطِفُهُمْ وَتَغْرُبْ بِهِمْ نحوُ الجبلِ فَتَأْكُلُهُمْ، فَشَكَوْا ذلكَ إلى نَبِيِّهِمْ صَالِحٍ عليهِ السلامُ، فَدَعَا اللَّهَ عليها، فَأَهْلَكَهَا، وَانْقَطَعَ نَسْلُهَا، فَسُمِّيَتْ عَنْقَاءَ.

مُغَرَّبٌ انْتَهَى.

وَسُمِّيَتْ ((هَلْ)) بَسِيطَةً لِبَسَاطَةِ المَسْؤُولِ عَنْهُ فيها, وَهُوَ وُجُودُ نَفْسِ الشَّيْءِ، الموضوعِ فقطْ.

(65) ( و ) تُسَمَّى هَلْ

(66) ( مُرَكَّبَةً إن اسْتُفْهِمَ بها عن وجودِ شَيْءٍ لِشَيْءٍ ) أي: طُلِبَ التصديقُ بها عن وقوعِ نسبةٍ بينَ شَيْءٍ جُعِلَ موضوعاً,وبينَ شَيْءٍ آخَرَ جُعِلَ مَحْمُولاً، وهو غيرُ الوجودِ لِذَلِكَ الموضوعِ، بلْ هوَ وُجُودُ شَيْءٍ آخَرَ، فالمرادُ بالوجودِ الواقعِ مَحْمُولاً هُنَا النِّسْبَةُ - بِخِلاَفِهِ فِي البسيطَةِ - فالمرادُ بهِ الوجودُ الخارجيُّ، وهو التَّحَقُّقُ فِي الخارجِ.

(67) ( نحوُ: هَلْ تَبِيضُ العَنْقَاءُ وَتُفْرِخُ؟ ) فإنَّ المطلوبَ التصديقُ بوقوعِ نِسْبَةِ البيضِ والتفريخِ للعنقاءِ, أو بِعَدَمِ وُقُوعِهَا، وَسُمِّيَتْ هذهِ مُرَكَّبَةً لِتَرْكِيبِ المَسْؤُولِ عنهُ فيها، مِن وُجُودِ نَفْسِ شَيْءٍ لشيءٍ آخَرَ، فَاعْتُبِرَ فيها ما اعْتُبِرَ فِي البسيطَةِ وَزِيَادَةٌ، فَإِنَّ قَوْلَنَا: هَل العنقاءُ مَوْجُودَةٌ؟ المُعْتَبَرُ فيهِ وُجُودُ العنقاءِ. وَقَوْلَنَا هَلْ تَبْيضَ العنقاءُ؟ المعتبرُ فيهِ وجودُ العنقاءِ وَبَيْضِهَا، فَإِنْ نُظِرَ إلى غيرِ الوجودِ الواقعِ رَابِطَةٌ فِي الأمرَيْنِ، كان المُعْتَبَرُ فِي أَوَّلِهِمَا شَيْئاً وَاحِداً وهو العنقاءُ، وفى ثَانِيهِمَا شَيْئَيْنِ هُمَا العنقاءُ وَبَيْضُهَا، وَإِنْ نُظِرَ إلى الوجودِ المذكورِ كَانَ المُعْتَبَرُ فِي الأوَّلِ شَيْئَيْنِ، وفى الثاني ثَلاَثَةً، وعلى كُلِّ حالٍ فالاعتبارُ فِي الأوَّلِ فيه بَسَاطَةٌ بالنسبةِ إلى الاعتبارِ فِي الثاني، بمعنى قِلَّةِ المُعْتَبَرِ وَكَثْرَتِهِ.

( 68) ( وَمَا يُطْلَبُ بِهَا شَرْحُ الاسمِ ) أي: بَيَانُ مَفْهُومِهِ الإجماليِّ الذي وُضِعَ لهُ فِي اللغةِ أو الاصطلاحِ، فذلك المفهومُ الموضوعُ لهُ هو المطلوبُ شَرْحُهُ وَبَيانُهُ، والمرادُ بالاسمِ هنا الكلمةُ، عَدَلَ إليهِ لِمُشَاكَلَتِهِ لِلمُسَمَّى.

( 69) ( نحوُ ما العَسْجَدُ أو اللُّجَيْنُ؟ ) تقولُ: هذا طَالِباً أنْ يُعَيَّنَ لَكَ مَدْلُولُهُ اللُّغَوِيُّ، فَيُجَابُ بِإِيرَادِ لَفْظٍ أَشْهَرَ مِنْهُ عندَ السامعِ، فيُقَالُ فِي جوابِ ما العسجدُ؟ إِنَّهُ الذَّهَبُ، وفى جوابِ: ما اللُّجَيْنُ؟ إِنَّهُ الفِضَّةُ، سَوَاءٌ كانَ هذا اللفظُ الأَشْهَرُ مُرَادِفاً لهُ أمْ لاَ، وسواءٌ كانَ مِنْ هذه اللغةِ التي سَأَلَ بها السائلُ أم لاَ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُفْرَداً أم مُرَكَّباً بِشَرْطِ أنْ يَكُونَ فيهِ إِجْمَالٌ.

(70) ( أو ) شَرْحُ.

(71) ( حَقِيقَةِ المُسَمَّى ) المرادُ بالمُسَمَّى المفهومُ الإجماليُّ، والمرادُ بحقيقتِهِ أَجْزَاءُ ذلكَ المفهومِ الإجماليِّ، أَعْنِي: الماهِيَّةَ التَّفْصِيلِيَّةَ الثابتةَ فِي نَفْسِ الأمرِ التي بها أَفْرَادُ الشَّيْءِ تَحَقَقَّتْ بحيثُ لا يُزَادُ عليها فِي الخارجِ إلا العَوَارِضُ كالإنسانِ، فإنَّ مَفْهُومَهُ الإجماليَّ الذي هو مُسَمَّاهُ نَوْعٌ مَخْصُوصٌ من الحيوانِ، وَحَقِيقَةُ ذلكَ المُسَمَّى حيوانٌ ناطِقٌ.

(72) ( نحوُ: مَا الإِنْسَانُ؟ ) تَقُولُ هذا طالِباً أَنْ يُشْرَحَ لَكَ حَقِيقَتُهُ الثَّابِتَةُ فِي نفسِ الأمرِ، فَيُجَابُ بِإيرَادِ تَعْرِيفٍ حَقِيقِيٍّ مُبَيِّنٍ لِحَقِيقَتِهِ التي بها تَحَقَّقَتْ أَفْرَادُهُ؛ فإنَّ أَفْرَادَهُ لاَ تَزِيدُ على هَذِه الحَقِيقَةِ إلاَّ بِالعَوَارِضِ،

(73) ( أو ) شَرْحُ

(74) ( حالِ المَذْكُورِ ) أي: صِفَتِهِ

(75) ( مَعَهَا ) أي: مع لَفْظَةِ ما

(76) ( كَقَوْلِكَ لِقَادِمٍ عليكَ: ما أَنْتَ؟ ) طالباًشَرْحَ حَالِ المُخَاطَبِ، كَأَنَّكَ تقولُ: أَيُّ وَصْفٍ يُقَالُ فِيكَ؟ وَجَوَابُهُ: زَائِرٌ, أو مَبْعُوثٌ من خالدٍ مَثَلاً.

(77) ( ومَنْ يُطْلَبُ بِهَا تَعْيِينُ العُقَلاَءِ ) أي: ذَوِي العلمِ لِيَتَنَاوِلَ البَارِئُ تَعَالَى، نحوُ: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى}، وَتَعْيِينُ ذَوِي العلمِ يَكُونُ بِذِكْرِ الأمرِ المُتَعَلِّقِ بهِ بحيثُ يتَمَيَّزُ بهِ عَمَّا سِوَاهُ من الأفرادِ ذَوِي العلمِ، سَوَاءٌ كانَ هذا الأمرُ عَلَماً لهُ, أو وَصْفاً خاصّاً بهِ.

(78) ( كَقَوْلِكَ: مَنْ فَتَحَ مِصْرَ؟ ) فَإِنَّكَ تَقُولُهُ إذا عَلِمْتَ أَنَّ مِصْرَ فَتَحَهَا أَحَدٌ مِن ذَوِي العلمِ، لَكِنْ لمْ يَتَشَخَّصْ عِنْدَكَ، فَتَسْأَلُ بِمَنْ عن مَشْخَصِهِ، فَيُجَابُ بِأَنَّهُ عَمْرُو بنُ العَاصِ فِي خلافةِ عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وَحَيْثُ إِنَّ المَطْلُوبَ بها التعيينُ فَلاَ يُجَابُ بالأمرِ العارضِ كَكَاتِبٌ ونحوُهِ، فَلاَ يَصِحُّ أَنْ يَقَعَ فِي جوابِ السؤالِ بِمَنْ؛ لأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ عَارِضَةً لحقيقةِ الإنسانِ لَكِنَّهَا غيرُ مُعَيِّنَةٍ لهُ.

(79) ( وَمَتَى يُطْلَبُ بِهَا تَعْيِينُ الزَّمَانِ ) مُطْلَقاً.

(80) ( مَاضِياً كانَ أو مُسْتَقْبَلاً ) أو حَالاً.

(81) ( نحوُ: مَتَى جِئْتَ؟ ) يُقَالُ: فِي طَلَبِ تعيينِ الزمانِ الماضي، والجوابِ: سَحَراًأو نحوُهُ.

(82) ( وَمَتَى تَذْهَبُ؟ ) يُقَالُ: فِي طَلَبِ تَعْيِينِ وَاحِدٍ من زَمَنَيِ الحالِ والاستقبالِ، والجوابُ: هذهِ الساعةَ أو غَداً.

(83) ( وَأَيَّانَ يُطْلَبُ بها تَعْيِينُ الزمانِ المُسْتَقْبَلِ خَاصَّةً ) فيُقَالُ: أَيَّانَ يُثْمِرُ هذا الغَرْسُ؟ والجوابُ: بَعْدَ عشرينَ سَنَةً مَثَلاً. ويُقَالُ: أَيَّانَ تَأْتِي؟ والجوابُ: بَعْدَ غَدٍ.

(84) ( وَتَكُونُ ) أيْ: وَتُسْتَعْمَلُ أَيَّانَ.

(85) ( فِي مَوْضِعِ التَّهْوِيلِ ) أي: قَصْدِ التَّفْخِيمِ لِشَأْنِ المسئولِ عنهُ، كما تُسْتَعْمَلُ فِي غيرِهِ, كَمَا هو ظَاهِرُ كلامِ النُّحَاةِ.

فَالأَوَّلُ:

(86) ( كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ} ) فَقَد اسْتُعْمِلَتْ أَيَّانَ مَعَ يومِ القيامةِ، لِلتَّهْوِيلِ والتفخيمِ بِشَأْنِهِ، وفيهِ حَذْفُ مُضَافٍ، والتقديرُ: أَيَّانَ وُقُوعُ يَوْمِ القيامةِ؟ أي: يَوْمُ القيامةِ يَقَعُ فِي أيِّ زَمَانٍ مِن الأزمانِ المُسْتَقْبَلَةِ؟

وَجَوَابُ هذا السؤالِ: {يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ}.

والثانِي:

كأَنْ يُقَالَ: أَيَّانَ تَنَامُ؟ والجوابُ: بَعْدَ سِتِّ سَاعَاتٍ.

(87) ( وَكَيْفَ يُطْلَبُ بها تَعْيِينُ الحالِ ) أي: الصفةِ التي عليها الشَيْءُ كَالصِّحَّةِ والمرضِ، والركوبِ والمَشْيِ.

(88) ( نحوُ: كَيْفَ أَنْتَ؟ ) أي: ما هِيَ الحالةُ التي أَنْتَ عليها؟

فَجَوَابُهُ: صَحِيحٌ، أو سَقِيمٌ، أو مشغولٌ، ونحوُ ذلكِ.

وَنحوُ: كَيْفَ جَاءَ خَالِدٌ؟ فيُقَالُ فِي جَوَابِهِ: رَاكِباً, أو مَاشِياً، وَتَكُونُ هِيَ بِحَسَبِ العواملِ، فَتَكُونُ خَبَراً كما فِي المثالِ المذكورِ، وَتَكُونُ مَفْعُولاً، أو حالاً كَمَا فِي قَوْلِكَ: كَيْفَ وَجَدْتَ خَالِداً؟ أي: على أيِّ حالٍ؟ أو فِي أيِّ حالٍ وَجَدْتَهُ؟

هَذَا، وفي كلامِ بَعْضِهِمْ أنَّهُ يُسْأَلُ بِكَيْفَ عن الصفاتِ الغَرِيزِيَّةِ, لا غَيْرُ، فلا يُقَالُ: كَيْفَ زَيْدٌ أَقَائِمٌ أم قَاعِدٌ؟ وهو مَرْدُودٌ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَنَّى شِئْتُمْ}، فَإِنَّهُ بِمَعْنَى فَأْتُوا حَرْثَكُمْ كَيْفَ شِئْتُمْ، وهِيَ حالٌ غيرُ غَرِيزِيَّةٍ.

(89) ( وَأَيْنَ يُطْلَبُ بها تَعْيِينُ المَكَانِ، نحوُ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟ ) أي: الآنَ أو بَعْدَهُ، وَجَوَابُهُ: إلى السوقِ مَثَلاً، ويُقَالُ: أَيْنَ جَلَسْتَ بِالأَمْسِ؟ وَجَوَابُهُ: أَمَامَ الأميرِ، وَشِبْهُهُ.

وَأَيْنَ زَيْدٌ؟ وَجَوَابُهُ: فِي الدارِ، أو فِي المسجدِ مَثَلاً.

(90) ( وَأَنَّى تَكُونُ ) أي: تُسْتَعْمَلُ.

(91) ( بِمَعْنَى كَيْفَ ) وَيَجِبُ أنْ يكونَ بَعْدَهَا فِعْلٌ, لاَ فَرْقَ بينَ الماضي وَغَيْرِهِ، فالأوَّلُ نحوُ قَوْلِهِ تعالَى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}، أي: كَيْفَ شِئْتُمْ، بِمَعْنَى على أيِّ حالٍ، وَمِنْ أيِّ شِقٍّ أَرَدْتُمْ، مُقَابَلَةً وَجَنْباً وغيرَ ذلكِ.

والثاني:

(92) ( نحوُ: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا} ) أيْ: كَيْفَ يُحْيِي اللَّهُ أَهْلَ هذهِ القريةِ؟ أو كيفَ يُعَمِّرُ اللهُ هذهِ القريةَ؟ بِخِلاَفِ مَا إذا لم يَلِهَا الفعلُ، فلا تُسْتَعْمَلُ بهذا المعنى، ولا يُقَالُ: أَنَّى زَيْدٌ؟ بِمَعْنَى: كَيْفَ هو, أَصَحِيحٌ أم سَقِيمٌ؟

(93) ( وَ ) تُسْتَعْمَلُ أيضاً.

(94) ( بِمَعْنَى مِن أينَ؟ ) فَتَتَضَمَّنُ الظرفيَّةَ والابتدائيَّةَ.

(95) ( نحوُ ) قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً عن زَكَرِيَّا عليهِ السلامُ.

(96) ( {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا؟} )أي: مِنْ أَيْنَ لكِ هذا الرزْقُ الآتِي كُلَّ يَوْمٍ؟ وكانَ يَجِدُ عندَها فاكهةً فِي غيرِ وَقْتِ أَيَّامِهَا، وليس المرادُ: كَيفَ لَكِ هذا؟ بدليلِ قَوْلِهَا: {قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ}.

وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى أَيْنَ فَقَطْ، فَتَضَمَّنُ الظَّرْفِيَّةَ دُونَ الابتدائيَّةِ، نحوُ قَوْلِهِ: مِنْ أَيْنَ عِشْرُونَ لَنَا؟ من أَنَّى؟ أي: مِنْ أَيْنَ عِشْرُونَ لَنَا، وَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ، فَلَمْ تَتَضَمَّنْ مَعْنَى (مِنْ) لِلتَّصْرِيحِ بِهَا.

(97) ( وَ ) تُسْتَعْمَلُ أَيْضاً ( بِمَعْنَى ) مَتَى، نحوُ

(98) ( أَنَّى تَكُونُ زِيَادَةُ النِّيلِ؟ ) أي: مَتَى وَفِي أَيِّ زَمَانٍ تُوجَدُ زِيَادَةُ النِّيلِ؟ وَقَدْ نُقِلَ ذلكَ عن الضَّحَّاكِ فِي قولِهِ تَعَالَى: {فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ} وَيَرُدُّهُ سَبَبُ النُّزُولِ.

(99) ( وَكَمْ يُطْلَبُ بِهَا تَعْيِينُ عَدَدٍ مُبْهَمٍ )، فَإِذَا قُلْتَ: كَمْ دِرْهَماً لَكَ؟ كَأَنَّكَ قُلْتَ: أَعِشْرُونَ أَمْ ثَلاَثُونَ؟ وَقَدْ يُحْذَفُ المُمَيَّزُ ويُقَالُ: كَمْ دِرْهَمُكَ؟ أي: دَانِقاً، وَكَمْ رَأَيْتُكَ؟ أي: مَرَّةً.

(100) و ( نحوُ ) قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ}

(101) ( {كَمْ لَبِثْتُمْ} ) أي: كَمْ يَوْماً, أو كَمْ شَهْراً, أو كَمْ سَنَةً, أو كَمْ سَاعَةً؟ ثم إنْ كانَ الطلبُ بِهَا على ظاهرِهِ فَيَقَعُ الجوابُ بِمَا يُعَيِّنُ قَدْرَهُ، فيُقَالُ: مِائَةٌ أو ألفٌ مَثَلاً.

وَإِنْ كَانَ الطَّلَبُ بها على غيرِ ظَاهِرِهِ، فَلاَ يَحْتَاجُ للجوابِ، نحوُ قولِهِ تعالى: {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ} لِظُهُورِ أنْ ليسَ القصدُ استعلامَ مقدارِ عددِ الآياتِ من جهةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ لأَنَّهُ تَعَالَى عَلاَّمُ الغيوبِ، وَإِنَّمَا القَصْدُ التَّقْرِيعُ والتوبيخُ على عَدَمِ اتِّبَاعِ مُقْتَضَى الآياتِ مع كَثْرَتِهَا وَبَيَانِهَا، أي: قُلْ لَهُمْ ذَلِكَ فَإِذَا أَجَابُوكَ بِأَنَّنَا آتَيْنَاهُمْ آيَاتٍ كَثِيرَةً فَوَبِّخْهُمْ على عَدَمِ الاتِّبَاعِ مَعَ كَثْرَتِهَا.

(102) ( وَأَيٌّ يُطْلَبُ بها تَمْيِيزُ أَحَدِ المُتَشَارِكَيْنِ فِي أمرٍ يَعُمُّهُمَا )، يعني: إذا كانَ هُنَاكَ أَمْرٌ يَعُمُّ شَيْئَيْنِ أو أشياءَ بِحَيْثُ وَقَعَ فيهِ الاشتراكُ، وكانَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أو مِنْهَا مَحْكُوماً عليهِ بِحُكْمٍ, وهو مَجْهُولٌ عندَ المُتَكَلِّمِ، إِلاَّ أَنَّ لَهُ وَصْفاً عِنْدَ غَيْرِهِ يُمَيِّزُهُ، وَأَرَادَ هُوَ تَمَيُّزَهُ، فَإِنَّهُ يُسْأَلُ بِأَيّ عن ذلكَ الموصوفِ بِالوَصْفِ المُمَيِّزِ لهُ، وَهُوَ صَاحِبُ الحُكْمِ.

(103) ( نحوُ ) قَوْلِهِ تَعَالَى حِكَايَةً لِسُؤَالِ مُشْرِكِي العَرَبِ أَحْبَارَ اليَهُودِ

(104) ( {أَيُّ الفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَاماً} ) فَإِنَّ المُشْرِكِينَ مُعْتَقِدُونَ أنَّ أَحَدَ الفَرِيقَيْنِ ثَبَتَتْ لهُ الخَيْرِيَّةُ، والفَرِيقِيَّةُ تَصْدُقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا، ولم يَتَمَيَّزْ عندَهُم من ثَبَتَتْ له الخيريَّةُ لِعُمُومِهَا، فَسَأَلُوا عن الفريقِ الموصوفِ بالوصفِ المُمَيِّزِ لاحَدِهِمَا، فَكَأَنَّهُمْ قَالوا: نَحْنُ خَيْرٌ أَمْ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وَقَدْ أَجَابَهُمْ أحبارُ اليهودِ بِقَوْلِهِمْ: أَنْتُمْ. وَقَدْ كَذَبُوا فِي هذا الجوابِ، والجوابُ هو أصحابُ مُحَمَّدٍ، وَكُلٌّ مِن الجوابَيْنِ حَصَلَ بهِ التَّمْيِيزُ.

(105) ( وَيُسْأَلُ بِهَا ) أي: بأيّ

(106) ( عن الزمانِ والمكانِ والحالِ والعددِ والعاقلِ وغيرِهِ حَسَبَ ما تُضَافُ إليهِ )، ومنهُ قولُهُ تعالى حِكَايَةً عن سُلَيْمَانَ عليهِ السلامُ: {أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا} أي: أيُّ الإِنْسِ وَالجِنِّ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا، فَإِنَّ الأمرَ المُشْتَرَكَ هو كَوْنُ كُلٍّ مِنْهُمْ من جُنْدِ سُلَيْمَانَ، وَمُنْقَاداًلامْرِهِ).

هيئة الإشراف

#5

4 Dec 2008

شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري


قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (وأمَّا الاستفهامُ فهوَ طَلَبُ العلْمِ بشيءٍ، أيْ بالأدواتِ المخصوصةِ، فلا يَرِدُ نحوَ: عَلِّمْنِي، على صيغةِ الأمْرِ .
وأدواتُه، أيْ كلماتُه، من الحروفِ الدالَّةِ عليه، والأسماءِ الْمُتَضَمِّنَةِ لمعناهُ: الهمزةُ، وهلْ، وما، ومَنْ، ومتى، وأيَّانَ، وكيفَ، وأينَ، وأنَّى، وكمْ، وأيُّ. وهذهِ الأدواتُ إِمَّا مُخْتَصَّةٌ بطَلَبِ التَّصَوُّرِ أوْ بطلَبِ التصديقِ، أوْ غيرُ مُخْتَصَّةٍ بشيءٍ منهما.
فالقِسْمُ الثالثُ هوَ الهمزةُ، والثاني هلْ، والأوَّلُ بقيَّةُ الكلماتِ .
فالهمزةُ لطلَبِ التَّصَوُّرِ: أيْ تَصَوُّرِ الْمُسْتَفْهَمِ عنهُ بوَجْهٍ مخصوصٍ لم يكُنْ حاصلًا بهذا الوجهِ، وإنْ كانَ تَصَوُّرُه بوجهٍ آخَرَ ضَروريًّا؛ لظُهورِ استحالةِ طَلَبِ ما لم يُتَصَوَّرْ أَصْلًا .
أو التصديقِ: فهيَ غيرُ مُخْتَصَّةٍ بواحدٍ منهما. والتصوُّرُ هوَ إدراكُ الْمُفْردِ، أيْ غيرِ النِّسْبَةِ التامَّةِ الخبريَّةِ ؛ لأنَّ التصوُّرَ مقابِلُ التصديقِ. وقدْ فَسَّرَ التصديقَ بُعَيْدَ هذا بإدراكِ النِّسْبَةِ، وأرادَ بالنِّسْبَةِ هناكَ النِّسْبَةَ التامَّةَ الخبريَّةَ، فلا بُدَّ أنْ يكونَ المرادُ بالمفرَدِ ههنا مُقابِلَ هذهِ النِّسْبَةِ، كقولِكَ: أَعَلِيٌّ مسافِرٌ أَمْ خالِدٌ؟ تَعتقِدُ قبلَ السؤالِ أنَّ السَّفَرَ قدْ حَصَلَ منْ أحدِهما منْ غيرِ تَعيينِ مسافِرٍ، ولكنْ لمْ تَعْلَم المحكومَ عليهِ بهذا الحُكْمِ على وجهِ التفصيلِ والتعْيِينِ، فتَقْصِدُ علْمَهُ بهذا الوجهِ، وتطلُبُ تَعيينَه. فيكونُ المطلوبُ بالسؤالِ هوَ تَصَوُّرَ المحكومِ عليهِ بهذا الوجْهِ لا التصديقَ بِمحصولِه قبلَ السؤالِ؛ ولذا يُجابُ بالتعيينِ فيُقالُ: عليٌّ مَثلًا. فحينئذٍ يَحْصُلُ لكَ تَصَوُّرُ المحكومِ عليهِ بخصوصِه، وأنَّهُ عليٌّ. والتصديقُ هوَ إدراكُ النِّسبةِ،
نحوَ: أَمُسَافِرٌ عليٌّ؟ تَستفْهِمُ عنْ حُصولِ السفَرِ وعدمِه، وتَطْلُبُ التصديقَ بأنَّ حصولَه معنًى مُتحقِقٌ في الواقعِ أوْ لا، ولذا يُجابُ بنَعَمْ أوْ لا، فَيَحْصُلُ لكَ التصديقُ بوقوعِ تلكَ النِّسبةِ أوْ لا وقوعِها، والمسئولُ عنهُ في التصَوُّرِ ما يلي الهمزةَ من المسنَدِ إليه والمسنَدِ أوْ شيءٍ منْ مُتَعَلِّقَاتِهما، ويكونُ لهُ معادِلٌ يُذْكَرُ بعدَ أَمْ، وتُسَمَّى مُتَّصِلَةً، أيْ حقُّهُ أنْ تُرْدَفَ فيهِ الهمزةُ بأَم المتَّصِلَةِ؛ لتَدُلَّ على أنَّ الاستفهامَ لتعْيِينِ أحَدِ الْمُفْرَدَيْنِ الْمُتَّصِلِ أحدُهما بالهمزةِ والآخَرُ بأَمْ، معَ حصولِ أصْلِ التصديقِ بالحكْمِ، فتقولُ في الاستفهامِ عن المسنَدِ إليه: أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا أمْ يُوسفُ؟ إذا كُنْتَ تَعْلَمُ أنَّ شَخْصًا صَدَرَ منهُ الفِعْلُ، وشَكَكْتَ في كونِه المخاطَبَ أوْ غيرَهُ، فالسؤالُ ههنا لطَلَبِ تعيينِ المسنَدِ إليه والفاعلِ .
وتقولُ في الاستفهامِ عن المسنَدِ: أَرَاغِبٌ أنتَ عن الأمْرِ أمْ راغبٌ فيهِ ؟ إذا حَصَلَ لكَ التصديقُ بأنَّهُ قدْ وَقَعَ رغبتُه من المخاطَبِ، ولكنْ لا تَعْرِفُ أنَّها عن الآخَرِ أوْ فيهِ، فالسؤالُ ههنا لِطَلَبِ تَصَوُّرِ الْمُسْنَدِ بخصوصِه وتَعيينِه .
وتقولُ في الاستفهامِ عن المفعولِ: أَإِيَّايَ تَقْصِدُ أمْ خالدًا ؟ إذا عَرَفْتَ أنَّ مُخاطَبَكَ قَصَدَ أحدًا منكَ وخالدًا، ولكنْ ما عَرَفْتَ هلْ وَقَعَ هذا القَصْدُ عليكَ أمْ على خالدٍ، فالسؤالُ ههنا لتعيينِ المفعولِ .
وتقولُ في الاستفهامِ عن الحالِ: أراكِبًا جِئْتَ أمْ ماشيًا ؟ إذا كانَ الشكُّ في حالِ المجيءِ، هلْ هيَ الركوبُ أو الْمَشْيُ معَ حصولِ التصديقِ بوقوعِ المجيءِ من المخاطَبِ، فالمقصودُ من السؤالِ ههنا طَلَبُ تعيينِ الحالِ .
وتقولُ في الاستفهامِ عن الظرْفِ: أيومَ الخميسِ قَدِمْتَ أمْ يومَ الجُمُعَةِ ؟ إذا كُنْتَ شَكَكْتَ في زمانِ القُدومِ بأنَّهُ أيُّ يومٍ هوَ، معَ القطْعِ بوقوعِ القُدومِ من المخاطَبِ، فالسؤالُ ههنا لطلَبِ تَصَوُّرِ الظرْفِ وتعيينِه. وهكذا قياسُ سائرِ المعمولاتِ .
وقدْ لا يُذْكَرُ المعادِلُ، أيْ لفظًا، لكنَّهُ يُعْتَبَرُ تقديرًا، فتقولُ في الاستفهامِ عن المسنَدِ إليه بحذفِ المعادِلِ، نحوَ: أَأَنْتَ فعلْتَ هذا ؟ وعن المسنَدِ: أراغبٌ أنْتَ عن الأمْرِ ؟ وعن المفعولِ: أَإِيَّايَ تَقْصِدُ ؟ وعن الحالِ: أراكبًا جئْتَ ؟ وعن الظرْفِ: أيومَ الخميسِ قَدِمْتَ ؟ وهكذا قياسُ باقي المعمولاتِ .
والمسئولُ عنه في التصديقِ النِّسْبَةُ الرابطةُ بينَ المسنَدِ إليه والمسنَدِ لأحدِهما أوْ شيءٍ منْ قيودِهما، حتَّى يكونَ هُوَ أَوْلَى بالإيلاءِ منْ غيرِه. بلْ إيلاءُ الكلامِ بتمامِه الهمزةَ على النظْمِ الطَّبَعيِّ منْ غيرِ تقديمٍ لِمَا يُشْعِرُ أنَّ تقديمَهُ إنَّما هوَ لِقَصْدِ الاستفهامِ عنهُ يَدُلُّ على أنَّ المطلوبَ هوَ التصديقُ بالنِّسْبَةِ. ولا يكونُ لها معادِلٌ؛ فإنَّ الهمزةَ في هذا القِسمِ تُغْنِي غَناءَ أمْ، فلا حاجةَ إلى ذِكْرِ المعادِلِ بعدَ الهمزةِ، فإنْ جاءتْ أمْ بعدَها قُدِّرَتْ مُنقطِعَةً، وتكونُ بمعنى بل التي تَدُلُّ على أنَّ الكلامَ السابقَ وَقَعَ غَلَطًا، أوْ بمعنى بل التي تكونُ لِمُجَرَّدِ الانتقالِ منْ كلامٍ إلى كلامٍ آخَرَ أهَمَّ منهُ، لا لتَدَارُكِ الغَلَطِ .
وهلْ: لطلَبِ التصديقِ فقطْ، أيْ دونَ طَلَبِ التَّصَوُّرِ، نحوَ: هلْ جاءَ صديقُكَ ؟ إذا كانَ المطلوبُ التصديقَ، وأُريدَ السؤالُ: هلْ حَصَلَ المجيءُ لصديقِ المخاطَبِ أوْ لم ْ يَحْصُلْ ؟ والجوابُ: نعَمْ، أيْ حَصَلَ مَجِيءٌ، أوْ لا، أيْ: لم ْ يَحْصُلْ. ولذا، أيْ: ولاختصاصِ هلْ لطَلَبِ التصديقِ يَمْتَنِعُ معها ذِكْرُ المعادِلِ، فلا يُقالُ: هلْ جاءَ صديقُكَ أمْ عَدُوُّكَ ؟ لأنَّ ذِكْرَ المعادِلِ ووقوعَه مُفْرَدًا بعدَ أمْ يَدُلُّ على كونِها مُتَّصِلَةً، وهيَ تَدُلُّ على كونِ السؤالِ عن التَّصَوُّرِ، وتعيينِ إحدى الأمرينِ بعدَ حصولِ التصديقِ بنفسِ الحُكْمِ، فكيفَ يُتَصَوَّرُ ههنا استعمالُ هل التي لطَلَبِ التصديقِ؛ لأنَّ مُقْتَضَاها جَهْلُ أصْلِ الْحُكْمِ. نعمْ لوْ ذُكِرَتْ أمْ معها مُنْقَطِعَةً بمعنى بل الإضرابيَّةِ فقيلَ مَثَلًا: هلْ زيدٌ قائمٌ أَمْ عمرٌو قائمٌ ؟ على سبيلِ الإضرابِ لم يَمْتَنِعْ.
وهلْ قِسمانِ:
أحدُهما:
ما تُسَمَّى بسيطةً، إن اسْتُفْهِمَ وأُرِيدَ السؤالُ بها عنْ وجودِ شيءٍ في نفسِه، أيْ: عن التصديقِ بوقوعِ النِّسْبَةِ بينَ موضوعٍ ما ومحمولٍ هوَ نفسُ وجودِ ذلكَ الموضوعِ، نحوَ: هل الْعَنْقَاءُ موجودةٌ ؟ فيُجابُ بأنَّها موجودةٌ أوْ لا .
وثانيهما: ما تُسَمَّى مُرَكَّبَةً، إن اسْتُفْهِمَ وسُئِلَ بها عنْ وجودِ شيءٍ لشيءٍ، أيْ: عن التصديقِ بوجودِ المحمولِ الْمُغَايِرِ لوجودِ الموضوعِ في نفسِه للموضوعِ، نحوَ: هلْ تَبِيضُ العَنقاءُ وتُفْرِخُ ؟ ويُجابُ بأنَّها تَبِيضُ وَتُفْرِخُ أوْ لا. ثمَّ هذهِ التسميةُ ليستْ باعتبارِ هلْ في نفسِها بلْ باعتبارِ مدخولِها؛ لأنَّ مدخولَ الأُولَى لَمَّا كانَ حكايةً عنْ نفسِ وجودِ الموضوعِ وصيْرُورَتِه في نفسِه بخلافِ مدخولِ الثانيةِ؛ فإنَّها حكايةٌ عن الموضوعِ على حالٍ وصفةٍ، سُمِّيَتِ الأُولَى بسيطةً، والثانيةُ مُرَكَّبَةً .
وما: يُطْلَبُ بها شَرْحُ الاسمِ، أي الكَشْفُ عنْ معناهُ، وبيانُ مفهومِه الذي وُضِعَ لهُ في اللغةِ أو الاصطلاحِ، معَ قَطْعِ النظَرِ عنْ كونِه موجودًا في نفسِ الأمْرِ، نحوَ قولِكَ: ما الْعَسْجَدُ أو اللُّجَيْنُ ؟ طالبًا أنْ يُشْرَحَ هذا الاسمُ ببيانِ مدلولِه، فيُجابُ بإيرادِ لفظٍ أشْهَرَ، ويقالُ: هوَ الذهَبُ أو الفضَّةُ. أوْ حقيقةِ الْمُسَمَّى، أيْ: تَصَوُّرِ ماهيَّتِه منْ حيثُ وجودُها في نفسِ الأمْرِ، نحوَ: ما الإنسانُ ؟ أيْ: ما حقيقةُ مُسَمَّى هذا اللفظِ وماهيَّتِهِ الموجودةِ ؟ فيُجابُ بأنَّهُ حيوانٌ ناطِقٌ. أوْ حالِ المذكورِ معها وَصِفَتِه، كقولِكَ لقادِمٍ عليكَ: ما أنْتَ ؟ أيْ عالِمٌ أمْ جاهِلٌ، فيُجابُ بتعيينِ الوصْفِ، ويُقالُ: هوَ عالِمٌ مثلًا .
ومَنْ: يُطْلَبُ بها تعيينُ العقلاءِ أيْ: شخصًا. وهوَ الأكثرُ، كقولِكَ: مَنْ فَتَحَ مِصْرَ ؟ فيُجابُ بزيدٍ ونحوَه ممَّا يُفِيدُ تَشَخُّصَه. أوْ جِنْسًا، كما يُقالُ: مَنْ جِبريلُ ؟ بمعنى: أَبَشَرٌ هوَ أمْ مَلَكٌ أَمْ جِنِّيٌّ ؟ فيُجابُ بالْمَلَكِ ومثلِهِ مِمَّا يَدُلُّ على تعيينِ جِنْسِه .
ومتى: يُطْلَبُ بها تعيينُ الزمانِ ماضيًا كانَ أوْ مُسْتَقْبَلًا، نحوَ: متى جئْتَ ؟ في الماضي، والجوابُ: سَحَرًا ونحوَه. ومتى تَذْهَبُ ؟ في المستقْبَلِ، فيُقالُ: بعدَ شَهْرٍ، مثلًا .
وأَيَّانَ: يُطْلَبُ بها تعيينُ الزمانِ المستقْبَلِ خاصَّةً، فيُقالُ: أيَّانَ يُثْمِرُ هذا الغَرْسُ ؟ فيُجابُ بعدَ عَشْرٍ، مثلًا. وتكونُ في موضعِ التهويلِ، أيْ: في الموضِعِ الذي يُقْصَدُ فيهِ التهويلُ بشأنِ المسئُولِ عنْهُ وتعظيمِه، كقولِه تعالى: {يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ}، فقد اسْتُعْمِلَتْ أَيَّانَ معَ يومِ القِيامةِ للتهويلِ والتفخيمِ بشأنِه .
وكيفَ: يُطْلَبُ بها تعيينُ الحالِ، أي الصفةِ التي عليها الشيءُ، كالصِّحَّةِ والمرَضِ والركوبِ والْمَشْيِ، نحوَ: كيفَ أنْتَ ؟ أيْ: على أيِّ حالٍ من الصِّحَّةِ والْمَرَضِ أنتَ ؟ ونحوَ: كيفَ جئتَ ؟ أيْ راكبًا أوْ مَاشِيًا .
وأَيْنَ: يُطْلَبُ بها تعيينُ المكانِ، نحوَ: أينَ تَذهَبُ؟ والجوابُ: إلى المسجِدِ، وشَبَهِهِ .
وأَنَّى: تكونُ لها استعمالاتٌ، سواءٌ كانتْ حقيقةً في جَمْعِها، أوْ حقيقةً في البعْضِ ومجازًا في البعضِ:
أحدُها: أنْ تكونَ بمعنى كيفَ، ولكنْ يَجِبُ حينئذٍ أنْ يكونَ بعدَها فعْلٌ بخلافِ كيْفَ، فإنَّ إيلاءَ الفِعْلِ بها غيرُ واجبٍ، نحوَ: { أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا }، أيْ: كيفَ يُحْيِي ؟ بمعنى: على أيِّ حالٍ وصِفَةٍ يُحْيِي؟ وهذا على سبيلِ الاعترافِ بالعجْزِ عنْ معرفةِ كيفيَّةِ الإحياءِ، والاستعظامِ لقُدْرَةِ الْمُحْيِي، ولا يُقالُ: أنَّى زَيْدٌ ؟ بمعنى: كيفَ هوَ ؟ بموالاةِ الاسمِ إيَّاها، ويقالُ: كيفَ زيدٌ ؟
وثانيها: أنْ تكونَ بمعنى مِنْ أينَ، فتكونُ في تلكَ الحالةِ مُتَضَمِّنَةً لمعنى الاسمِ والحرْفِ معًا، وهما الظرفيَّةُ والابتدائيَّةُ.
وهذهِ لا يَجِبُ أنْ يكونَ بعدَها فعلٌ، نحوَ قولِه تعالى حكايةً عنْ زَكَريَّا عليهِ السلامُ: {يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا}؟ أيْ: مِنْ أينَ لكَ هذا الرزقُ الذي لا يُشْبِهُ أرزاقَ الدنيا، وهوَ آتٍ في غيرِ حِينِه، والأبوابُ مُغْلَقَةٌ عليكِ لا سبيلَ للداخِلِ بهِ إليكِ ؟
وثالثُها: أنْ تكونَ بمعنى متى، وحينئذٍ أيضًا يَلِيهَا الفعْلُ، نحوَ: زُرْ أَنَّى شِئْتَ، أيْ: متى شِئْتَ .
وكم: يُطْلَبُ بها تعيينُ عَدَدٍ مُبْهَمٍ، نحوَ: { كَمْ لَبِثْتُمْ }؟ أيْ: كمْ يومًا ؟ أوْ كمْ سَنَةً ؟ أوْ كمْ ساعةً ؟ فمُمَيَّزُ كم ههنا محذوفٌ. ومِثالُ ما مُمَيَّزُهُ مذكورٌ قولُنا: كمْ دِرْهَمًا لكَ ؟
وأيٌّ: يُطْلَبُ بها تَمييزُ أحدِ الْمُتَشَارِكَيْنِ في أمْرٍ يَعُمُّهُمَا، يعْنِي إذا كان هناكَ أمْرٌ يَعُمُّ شَيْئَيْنِ، سواءٌ كانَ ذَاتيًّا أوْ عَرَضِيًّا، وكانَ واحدٌ منهما مَحكومًا عليهِ بحُكْمٍ، وهوَ مجهولٌ عندَ السائلِ، وأُرِيدَ تمييزُه فيُسْأَلُ بأيٍّ عن الْمُمَيِّزِ لهُ. وحينئذٍ يكونُ الجوابُ ما يُفيدُ التمييزَ، سواءٌ كانَ عَلَمًا أوْ صِنْفًا أوْ نوْعًا أوْ جِنسًا أوْ فَصْلًا أوْ خاصَّةً. لكنَّ أربابَ المعقولِ اصْطَلَحُوا على أنَّ الجوابَ هوَ الفَصْلُ أو الخاصَّةُ لا غيرَ؛ وذلكَ لأنَّهُم لَمَّا رَأَوْا أنَّ السؤالَ بأيٍّ عن الْمُمَيِّزِ، وكانَ المقصودُ في علومِهم تمْيِيزَ الْمَاهِيَّاتِ، والمميِّزُ لها ليسَ إلَّا الفَصْلُ أو الخاصَّةُ، حَكَمُوا بأنَّ الجوابَ عن السؤالِ بأيٍّ هوَ الفصْلُ أو الخاصَّةُ، نحوَ: { أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقَامًا }؟ هذا حكايةٌ لكلامِ الْمُشْرِكِينَ لعُلَمَاءِ اليهودِ، فالْفَرِيقِيَّةُ أمْرٌ يَعُمُّ الفريقيْنِ. وقد اعتَقَدَ الْمُشْرِكُونَ أنَّ أحدَ الفريقينِ تَثْبُتُ لهُ الخيريَّةُ، فسألوا عَمَّا يُمَيِّزُ هذا الفريقَ، فكأنَّهُم قالوا: أَنَحْنُ خيرٌ أَمْ أصحابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ تعالى عليهِ وسَلَّمَ؟ والجوابُ الذي يَحْصُلُ بهِ التمييزُ هوَ الجوابُ بالتعيينِ؛ ولذا أجابَهم اليهودُ بقولِهم: أنْتُمْ. لكنَّهُم مُرَاءُونَ في هذا الجوابِ كاذبونَ، ولوْ قالوا: أصحابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عليهِ وسَلَّمَ لكانوا صادِقِينَ في الجوابِ ناطِقِينَ بالحقِّ. فيُسألُ بها عنْ كلِّ ما يُمَيِّزُ الْمُبْهَمَ الذي أُضِيفَتْ كلمةُ أيٍّ إليهِ من الزمانِ والمكانِ والحالِ والعددِ والعاقلِ وغيرِه.
ويكونُ تعيينُ واحدٍ منها حسَبَ ما تُضَافُ كلمةُ أيٍّ إليهِ، لا عن الفَصْلِ والخاصَّةِ فقطْ كما هوَ اصطلاحُ أربابِ المعقولِ).

هيئة الإشراف

#6

8 Jan 2009

شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)


قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (القسم الثالث: الاستفهام ,فهو طلب العلم , لأن العلم هنا المقصود به الفهم ,استفهام طلب الفهم، واستفعل تدل على الطلب وهو مشتق من الفهم , وأدواته: الهمزة , وهل , وما , ومَن ، ومتى , وأيان , وكيف , وأين , وأما , وكم, وأي , هذه هي أدوات الاستفهام , فمنها الهمزة وهي أم أدوات الاستفهام , ولذلك يُسأل بها التصديق والتصور معا , أقام زيد؟ أزيد قائم؟ {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} , {أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله}, فيستفهم بها عن التصور والتصديق , لذلك قال: " فالهمزة لطلب التصور أو التصديق " معناه يستفهم بها عن التصور أو التصديق , والتصوير معناه : فهم الصورة أو إدراك حقيقة الشيء , والتصديق معناه إدراك النسبة , بمعنى إدراك الحكم , هل هو حاصل أو غير حاصل؟ والتصديق لا يتم إلا بثلاث تصورات على الأقل , فيمكن أن يتم بالأربع تصورات , إذا قلت: الفيل واقف , من ليس من أهل العربية لا يعرف معنى الفيل ولا معنى واقف , لن يفهم هذا الكلام , فيحتاج من يريد فهمه إلى أن يفهم معنى الفيل , بغض النظر عن اتصافه بالقيام أو البروك , ثم بعد ذلك يعرف معنى القيام بغض النظر عن اتصاف الفيل به , القيام مطلقاً , ثم بعد ذلك يعرف ما بعد أن كذلك وهو المقابل له، لكن الخبر الذي هو مسافر غير مسؤول عنه هنا , فتقول في الاستفهام عن المسند إليه: أأنت فعلت هذاأم يوسف؟أأنت فعلت هذا أم يوسف، أم زيد؟ فالمستفهم عنه هو أنت , أم يوسف , وفعلت هذا ليس مستفهما عنه؛ لأنه فِعْل فُعِل , وبالنسبة للمعادل وهي القسيم الثاني المقابلقد يذكر مثل ما هنا أأنت فعلت هذا أم زيد؟ وقد لا يذكر: {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} فلم يذكر المقابل , أصل الكلام: أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم أم فعله غيرك؟ لكن حذف المقابل للاستغناء عنه , والسؤال عن المسند، الاستفهام عن المسند مثل قولك: أراغب أنت عن الأمر أم راغب فيه؟ هل أنت راغب عن هذا الأمر أو راغب فيه؟ فالمستفهم عنه هو ما بعد الهمزة وما بعد أم، مقابل الذي بعد أم , وليس المستفهم عنه أنت , فأنا أعلم أن الأمر يتصل بك , الاختيار لك , لكن هل أنت راغب فيه أو راغب عنه؟ هل تريد هذا أو لا تريده؟ هل تجلس أو تقوم؟ وهكذا ، أجالس أنت أم ذاهب؟ أمقيم أنت أم مسافر؟ فالمستفهم عنه هو ما بعد الهمزة وما بعد أم , وهو المسند هنا , وكذلك الاستفهام عن المفعول مثل قولك: أإياي تقصد أم خالدا؟ معناها هل تقصدني أم تقصد خالدا؟فالاستفهام ليس عنك أنت ولا عن قصدك؛ وإنما هو عن مقصودك , وهو المفعول , هو أنا أو خالد , أإياي تقصد أم خالدا؟.
والاستفهام عن الحال كقولك:أراكب أتيت أم ماشيا؟ أراكب جئت أم ماشيا؟ فأنت لا تسأله هل جئت أم لم تجئ , لا تسأله على المجيء , ولا تسأله عن فاعل المجيءالذي هو أنت , ولا عن مفعوله؛لأنه أصلاً فعل لازم ليس له مفعول , وإنما تسأله عن حال المجيء , جئت راكبا أم جئت ماشيا؟.
وكذلك الاستفهام عن الظرف , أيوم الخميس قدمت أم يوم الجمعة؟ فأنت لا تسأله هل قدمت أم لم أقدم؟ ولا تسألههل القادم أنا أو غيري؟ ولا تسأله عن المفعول ؛ لأن الفعل لازم أصلا؛ وإنما تسأله عن وقت المجيء , أيوم الخميس قدمت أم يوم الجمعة؟وهكذا.
وقد لا يذكر المعادل الذي هو المقابل كما ذكرنا , مثل قول الله تعالى: {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} , ومنه قوله تعالى: {أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم} فالأول المقابل المحذوف فيه أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم أم غيرك؟ والثاني: أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم أم غير راغب؟ فحذف المعادل المقابل للاستغناء عنه. أإياي تقصد؟ وهذا مثل قول عنترة:
أحولي (غير مسموع) مذرويها لتقتلني فها أنا يا عمارة
أحولي معناه أو حول غيري . أيوم الخميس قدمت؟ معناه أم يوم الجمعة ؟فحذفت المعادل. والمثول عنه بالتصديق هو النسبة؛لأن التصديق معناه إثبات النسبة أو نفيها , ولا يكون لها معادل؛ لأن النسبة هنا إما أن تثبت وإما أن تنفى , لكن لا يقتضي ذلك إثبات نسبة أخرى إذا نفيت , أو نفي نسبة أخرى إذا أثبت , فإن جاءت أم بعد الاستفهام عن التصديق قدرت منقطعة وتكون حينئذ بمعنى بل , أقمت أم قعدت؟ هذا استفهام عن التصديق وليس عن التصور , فأم هنا منفصلة بمعنى بل , أقمت؟ معناه بل قعدت , لأنها يمكن أن تحذف أصلاً, لوقلت: أقمت؟حصل الاستفهام المطلوب , وتجاب حينئذ بنعم أو بلا, وهذا معنى التصديق .
و (هل) لطلب التصديق فقط،الأداة الثانية من أدوات الاستفهام: هي هل , وهي لطلب التصديق فقط , وتدخل على الاسم وعلى الفعل ,هل زيد قائم ؟ هل قام زيد؟ وجوابها هو جواب التصديق يكون بنعم أو بلا , هل قام زيد؟ نعم. هل زيد قائم؟لا.فجوابها جواب التصديق , ولذا يمتنع معها الذكر المقابل، المعادل الذي هو المقابل لا يذكر معها , لا تقول: هل جاء زيد أم لم يأت؟ , هذا الأصل عدم ذكره , فذكره إطناب , فلا يقال: هل جاء صديقك أم عدوك؟هذا في الغالب , لأنأم عدوك إطناب , و (هل) تسمى بسيطة , للاستفهام بها عن وجود الشيء في نفسه , (هل) يستفهم بها عن أمرين التصديق إما أن يتعلق بوجود الشيء في نفسه , أو بوجود وصف له وصف بشيء آخر, فإن كان السؤال بها عن وجود الشيء في نفسه سميت بسيطة , وإن كان السؤال بها عن وجود شيء بشيء آخر سميت مركبة , فـ (هل) البسيطة كقولك: هل العنقاء موجودة؟العنقاء طائر يزعم العرب أنه من نوادر الدنيا , وما عرفت له حقيقة , فإذا أرادوا أن الشيء قد فقد ولم يبق له أثر , قالوا: طارت به عنقاء مغرب , العنقاء في الأصل مشتقة من العنق , معناه طويلة العنق أي: الطائر طويل العنق , الواقع أنه مجرد تخيَّل لديهم , أن الشيء إذا فُقِدَ فقد طار به طير , فإذا قلت: هل العنقاء موجودة؟ فهذا هل هنا بسيطة؛لأنك سألت فقط عن الوجود , أما إذا قلت: هل تبيض العنقاء أو تفرخ؟ معناه أن العنقاء من الطيور اللواتي تبيض , فيكون ولدها في بيضة أو تفرخ أي تلد فرخا , فهذا سؤال عن شيء لشيء آخر , فهو سؤال عن وصف لا عن حقيقة , فـ (هل) هنا تسمى مركبة.
الأداة الثالثة من أدوات الاستفهام هي: (ما) , ويطلب بها شق الاسم , فتقول: ما العسجد؟ العسجد ذهب , ما اللجين؟ اللجين الفضة , ما القسورة؟ القسورة الأسد , فتسأل بها عن معنى الكلمة , أو تسأل بها عن حقيقة المسمى , فأنت تعرف معنى الكلمة لكن تريد حدا لها , فتقول ما هو الأمر؟ أو ما هو العام؟ أو ما هو الخاص؟ أو ما هو المطلق؟ أو ما هو المقيد؟ فتريد تعريفا أو حدا جامعا مانعا , كقولك: ما الإنسان؟ فأقول: هو الحيوان الناطق مثلا , نحو ما الإنسان؟ أو السؤال عن حال المذكور معها , كقولك لقادم عليك: ما أنت؟ ما أنت ،معناه هل أنت طالب علم؟ هل أنت سفير؟ هل أنت وزير؟ هل أنت راغب، طامع؟ ما أنت؟ فالاستفهام بها حينئذ عن الحال , بخلاف ما لو قلت من أنت؟ فهذا تريد به أن يعرفك على على نفسه , أنا فلان بن فلان فيكفي هذا ، بينما لو قلت له: ما أنت؟ معناه تريده أن يخبرك بحاله.
ولذلك روي في حديث سويد رضي الله عنه أن وفد الأزد حين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قال:((ما أنتم؟))فقالوا: المؤمنون , فقال: ((إن لكل قول حقيقة , فما حقيقة قولكم وإيمانكم؟)) فهذا هنا (ما) خاطب بهاالأزد يسأل عن حالهم , هل هم كفار أو مسلمون أو منافقون؟.
الأداة الرابعة من أدوات الاستفهام: (مَن) , ويطلب بها تعيين العقلاء , كقولك: من فتح مصرا؟ فتقول عمرو بن العاص مثلاً من قتل مرحبا؟ فتقول: علي بن أبي طالب. مَن حفر بئر زمزم؟ فتقول: عبد المطلب. فالمقصود حينئذ تعيين العقلاء , من أنت؟ فلان بن فلان وهكذا.
الأداة الخامسة: (متى) ويطلب بها تعيين الزمان , سواء كان ماضيا أو مستقبليا , نحو متى جئت؟معناه: في أي وقت جئت؟ فتعين الزمان , فتقول: أمس أو قبل أمس , أو يوم الخميس مثلا. ومتى تذهب؟ فتقول: غدا أو بعد غد , سواء كان الزمان ماضيا , متى جئت؟ أو كان مستقبليا متى تذهب ؟.
والأداة السادسة من أدوات الاستفهام: (أيان) , ويطلب بها تعيين الزمان المستقبلي خاصة , وتكون في موضع التهويل أي في الأمر الهائل , كقوله تعالى: {يسأل أيان يوم القيامة} معناه متى يكون يوم القيامة؟ فهي سؤال عن الزمان المستقبلي, ولكنلا يسأل بها إلا عن الأمر العظيم.
الأداة السابعة من أدوات الاستفهام: (كيف) ويطلب بها تعين الحال , أي: يستفهم بها عن حال الإنسان , فتقول: كيف أنت؟ فتقول: بخير , أو صحيح أو معاف ونحو ذلك , فهي سؤال عن حالك.
الأداة الثامنة من أدوات الاستفهام: (أين) ويطلب بها تعين المكان , فتقول: أين تذهب؟ معناه: إلى أي مكان تذهب؟.
الأداة التاسعة من أدوات الاستفهام: (أنى) , ويستفهم بها عن الحال , فتكون بمعنى كيف , نحو: {أنى يحيي هذه الله بعد موتها} , معناه: كيف يحيهذه الله بعد موتها؟ وتأتي أيضا بمعنى أين , أي يستفهم بها عن المكان، كذلك وذلك مثل قوله تعالى: {يا مريم أنى لك هذا} معناه من أين لك هذا؟ من أي مكان جاءك هذا؟ وتأتي أيضا بمعنى متى , وهو الاستفهام عن الزمان, نحو: أنى تكون زيادة النيل أنى تأتنا أنى تأتنا ؟ أنى تأتنا ؟ معناه: متى تأتينا؟ أنى تكون زيادة النيل معناه: متى تكون زيادة النيل.
الأداة العاشرة من أدوات الاستفهام: (كم) , ويطلب بها تعين العدد المبهم كقولك: كم مالك؟ فتقول: ألف مثلا .{كم لبثتم عدد سنين} وهكذا , فيسأل بها عن العدد المبهم.
الأداة الحادية عشرة وهي الآخرة: (أي) ويطلب بها تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمهما , فيشمل ذلك الزمان , والمكان , والحال , والشخص , والهيئة وغير ذلك , يستفهم بها عن كل شيء , لكن لا بد من حصول الاشتراك بين شيئين , لكن أي شيئين أشتركا يمكن أن تسأل التعيين فيهما بأي : {أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا} الفريقان اشتركا هنا, فسئل أيهما خير مقاما وأحسن نديا؟ ويسأل بها عن الزمان والمكان والحال والعدد والعاقل وغيره بحسب ما تضاف إليه؛ لأن المقصود هنا فقط أن يكون المسؤول عنه مشتركا مع غيره في أمر يراد تعيينه عنه).

هيئة الإشراف

#7

24 Mar 2010

شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)


القارئ: (قال المؤلفون رحمهم الله تعالى: وأما الاستفهام فهو طلب العلم بالشيء).

قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (بسم الله الرحمن الرحيم.
يلحظ أن الاستفهام هنا عرف بأنه طلب العلم بشيءٍ، أي الكلمة تكررت في الاستفهام فتصدرت أيضاً بكلمة طلب كما أسلفنا في النوعين السابقين، وبعض العلماء يزيد تحديداً بقوله فهو طلب العلم بشيء بأدوات مخصوصة.
بأدوات مخصوصة حتى لا يدخل فيه قولك علمني، علمني هو طلب العلم بشيء، علمني كذا لكنه لا يدخل في الاستفهام، لأنه هذا يدخل في الأمر ولذلك قولهم بأدوات مخصوصة ليخرجوا مثل هذه الصيغة عن دخولها في الاستفهام).

القارئ: (وأدواته الهمزة وهل وما ومن ومتى وأيان وكيف وأين وأنى وكم وأي).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (أدوات الاستفهام التي ذكرت تنقسم قسمين من حيث التصنيف إلى أسماء وحروف.
وتنقسم إلى ثلاثة أقسام من حيث اختصاص هذه الأدوات، ولأن الأدوات يمكن أن يسال بها عن تصور كما سنعرف، وكلمة تصور تحتاج إلى بيان ويسأل بها عن التصديق بعضها يسأل بها عن هذا وبعضها يسأل بها عن ذاك.
ولكن الأصل في الاستفهام كما قال اللغويون: هو همزة الاستفهام، الهمزة هي أم الباب، وهي التي كما ورد عن سيبويه إذا استفهم بغيرها فهو ينوب عنها لذلك فورود الهمزة كأنه يفهم من كلام سيبويه أنه إذا جاء غير الهمزة في الاستفهام فهو نائب عن الهمزة.
إذاً: الهمزة هي الأصل في هذا الباب ولهذا فهي تدخل على هذا وذاك فألوان أدوات الاستفهام تنقسم من حيث كما قلت الأسمية والفعلية إلى قسمين ومن حيث نوع المسؤول بها سواءً كان التصور أو التصديق إلى ثلاثة وليس إلى اثنين ؛ لأن بعضها يسأل عن التصور كما سنعرف، وبعضها عن التصديق، وبعضها عن التصور والتصديق معاً، وكل واحدة من هذه الأدوات لها معنى كما سنعرف إن شاء الله في عرض المؤلفين رحمهم الله تعالى).

القارئ: (فالهمزة لطلب التصور أو التصديق).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هنا يبدأ المؤلفون بذكر الهمزة وذكروا طبعاً في بداية كلامهم أنها يطلب بها التصور والتصديق، فما التصور وما التصديق في هذا الجانب، وهو الذي سيشرحه المؤلفون هنا بعد قليل. لكن هنا أريد أن أنبه إلى أن الهمزة هي الأداة التي يسأل بها عن هذا وذاك ولا يسأل بأي أداة أخرى إلا عن شيء واحد كما سنعرف؛ لأن الأدوات كما أسلفت في هذا الجانب عن التصور والتصديق ثلاثة أقسام:
- أداة يُسأل بها عن الاثنين معاً، التصور والتصديق وهي الهمزة فقط.
- أداة يُسأل بها عن التصديق فقط، وهي هل.
- والأدوات التي يُسأل بها عن التصور وهي بقية الأدوات الأخرى للاستفهام).

القارئ: (والتصور هو إدراك المفرد كقولك: (أعليٌّ مسافر، أم خالد) تعتقد أن السفر حصل من أحدهما ولكن تطلب تعيينه، ولذا يجاب بالتعيين فيقال: عليٌ مثلاً).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (يلحظ هنا أن التصور معناه إدراك المفرد، وينبغي أن نتنبه إلى مسألة أن الجملة عندنا، الجملة في العربية كما أسلفنا في درس سابق يمكن أن تصنف إلى ثلاثة أصناف:
- مسند.
- والمسند إليه.
- والمتعلقات.
هذا من حيث تصنيف الكلمات التي وردت في الجملة: أما أن تكون مسنداً أو مسنداً إليه أو متعلق أو قيد كما يسميه بعض البلاغيون.
لكن العملية التي يتم بها ربط المسند بالمسند إليه يسمونها عملية الإسناد أو النسبة كما تقول: حضر محمد، فحضر عندما مسند إليه، نسبة الحضور إلى محمد هذه هي الإسناد.
فالسؤال هنا إما أن يكون عن مفرد وهو إما المسند أو المسند إليه أو المتعلق أو يكون عن الإسناد وهو نسبة شيء لشيء، فالهمزة إذاً طبعاً بحكم أنها تصلح لهذا أو ذاك تدخل على الجملة في أي موضع تدخل على أي جزء من أجزاء الجملة (الهمزة) لأنها تصلح أن تكون للإسناد وتصلح أن تكون للتصور، ولذلك يقولون: إذا قلت التصور فأنت تريد إدراك المفرد وليس شأنك أن يكون النسبة فمثلاً إذا قلت: (أعليٌّ مسافر أم خالد) هنا أنت لا تريد معرفة حصول السفر من علي أو حصول السفر من خالد فهذا أمر معروف لك، معروف أنه حصل سفر من واحد منهما لكن من أيهما ؟من علي أو خالد؟ ولذلك ليس الجواب هنا يعني خارجاً عن تحديد أحد هذين الاسمين إما علي أو خالد، أما مسألة حصول السفر وهي قضية النسبة فهذه ليس السؤال عنها إنما السؤال عن تصور واحد من مفردات الجملة علي أو خالد. أما حصول السفر فهذا أمر معروف لكن الذي لا يعرف وسئل هو وقوعه من علي أو وقوعه من خالد، وهذا طبعاً هو الذي يمكن أن يقال عنه التصور. فالتصور هو أن تضع صورة لواحدٍ من أجزاء الجملة وهو المسؤول عنه، وليست قضية نسبة شيء لشيء كما سنعرف في الشق الثاني من الأشياء التي يذكر البلاغيون أنها يُسأل بها، لأن السؤال إما أن يكون عن مفرد أو يكون عن نسبة).

القارئ: (والتصديق هو إدراك النسبة نحو: أسافر علي؟ تستفهم عن حصول السفر وعدمه ولذا يجاب بنعم أو لا).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (واضح أن السؤال في التصور أنت تحدد صورة المفرد الذي سئل عنه فالجواب حينما تقول: (أعلي سافر أم خالد؟) تقول خالد أو تقول علي، لكن حينما يكون السؤال عن التصديق وهو إدراك النسبة، يعني حصول كذا من كذا، حصول الحضور من علي حصول السفر من علي، حصول الحضور من محمد تقول: أسافر علي؟ هنا لا تقول علي أو خالد؛ لأنه ما عندنا خيارات، عندنا السؤال عن حصول السفر من علي أحصل هذا أم لم يحصل فالجواب بنعم أو لا، ولذلك كل ما كان السؤال فيه عن التصديق ولاحظ كلمة التصديق يكون الجواب فيه نعم أو لا نعم لتصديق ظن السائل أسافر علي تقول له نعم إذاً أنت صدقت ظنه بأنه سافر، أو لا لم تصدق ظنه.
إذاً: لا ونعم هما الجوابان الخاصان بما يتصل بقضية التصديق).

القارئ: (فالمسؤول عنه في التصور ما يلي الهمزة ويكون له معادل يذكر بعد أم وتسمى متصلة).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (الحديث عن الهمزة هنا يتطلب الإشارة إلى أن المسؤول عنه في الهمزة هو الذي يأتي بعدها مباشرة سواء كانت في التصور أو في التصديق يعني مثلاً حينما نقول أعلي سافر أم خالد؟ السؤال هنا عن الفاعل أو المبتدأ الذي حصل منه السفر يعني المسند إليه الذي وقع منه السفر أهو علي أم خالد؟ ولذلك لا يجوز أن تقول أعلي مسافر أم لم يسافر؛ لأن الهمزة إذا جاءت للتصور غالباً يأتي بعدها أم المعادلة، وأم المعادلة أشبه ما تكون بكفتي ميزان، ما بعد الهمزة يكون مثله ما بعد أم أو مقول إن ما بعد أم يكون معادل لما بعد الهمزة فإذا كان ما بعد الهمزة اسم يكون اسم مقابلاً له، إذا كان صفة تكون صفة، إذا كان حال يكون حال، إذا كان فعل يكون فعل، وهكذا ولذلك لابد أن تكون الكفتان متعادلتين بين الهمزة وبين أم، فالذي يلي الهمزة هو المسؤول عنه فحينما قلت أعلي مسافر فهنا الغرض من سؤالي هو علي، ولذلك سألت عنه لكن حينما أقول أسافر علي الغرض هو السفر، السؤال عن السفر ولهذا لابد أن نفرق ونتنبه إلى مسألة ما الذي يلي أداة الاستفهام؟ سواء كان في الهمزة أو في غيرها كما سنعرف وما يأتي طبعاً بعد الهمزة يعد المسؤول عنه وإذا كانت للتصوير يكون بعدها أم، وتسمى أم المتصلة أو أم المعادلة كما يسميها البلاغيون؛ لأن هناك نوع من أم تسمى المنقطعة التي بمعنى بل وهي ليست مرادة هنا).

القارئ: (فتقول في الاستفهام عن المسند إليه أأنت فعلت هذا أم يوسف).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (واضح هنا أنه يعدد المفردات التي يمكن أن يسأل بها فالهمزة تدخل على المسند إليه (أأنت فعل هذا) فأنت هنا هو المسؤول عنه والذي قابلها بعد أم يوسف فيوسف مقابل لك أنت المسؤول ويوسف يعادلك، فهل هذا الفعل حصل منك أم من يوسف؟ ولذلك الذي جاء بعد أداة الاستفهام هو منسد إليه وهو أنت المبتدأ الذي جاء خبره جملة فعلية).

القارئ: (وعن المسند: (أراغب أنت عن الأمر أم راغب فيه).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (يلحظ هنا طبعاً أن الاستفهام دخل على المبتدأ المكتفي بمرفوعه عن الخبر وهنا يكون مسنداً، فالسؤال هنا يتوقف على إدراك حصول الرغبة يعني معرفة حصول الرغبة هذا أمر معروف، لكن بقي معرفة تحديد نوع الرغبة أهي رغبة فيه أم رغبة عنه ولذلك جاء الاستفهام (أراغب أنت عن الأمر أم راغب فيه؟) راغب عنه يعني تتركه أو راغب فيه يعني تقبل إليه. فالمسؤول عنه هو المسند وهو راغب ولذلك قابلها الذي جاء بعد أم مقابل ومعادل لما بعد الهمزة – راغب – لكن هناك راغب فيه وهنا راغب عنه).

القارئ: (وعن المفعول، أإياي تقصد أم خالداً؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (ويلحظ أيضاً الذي جاء بعد أداة الاستفهام هو المفعول به المقدم، إياي تقصد أم خالد؟، والمعادل جاء ايضاً معادلاً للمفعول به فكلاهما من المفعول به والمسؤول عنه هو الذي ولي الهمزة: (إياي تقصد أم خالد؟).

القارئ: (وعن الحال: أراكباً جئت أم ماشياً؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (ومثل ذلك يقال عن الحال؛ لأن السؤال هنا ليس عن حصول المجئ منك فهذا أمر معروف، لكن السؤال عن حالة المجئ منك كيف كانت، أما مجيئك فقد عرف لكن حالته، ولهذا جاء السؤال داخلاً على الحال أراكباً وعادله المقابل له أو ماشياً؟، فالمعادلة أيضاً جاءت عن طريق الحال، وجاء بعدها، فالهمزة دخلت على الحال وما جاء بعد أم مقابل للحال كذلك، فكون السؤال عن حالة المجئ أكانت حالة ركوب أم حالة مشي، ولذلك كانت الكفتان متعادلتين فالأولى في الركوب والثانية في المشي، وكلاهما تمثل حالة المجيئ).

القارئ: (وعن الظرف: (أيوم الخميس قدمت أم يوم الجمعة؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (ويلحظ هنا طبعاً أن المسؤول عنه هو ظرف الزمان (أيوم الخميس قدمت أم يوم الجمعة؟) قدومك معروف ولا يسأل عنه، لكن يسأل عن زمانه، فالمسؤول عنه أكان في زمن يوم الخميس أم يوم الجمعة، ولهذا ما بعد الهمزة وما بعد أل كفتاهما متعادلتان).

القارئ: وهكذا، وقد لا يذكر المعادل نحو: أأنت فعلت هذا؟، أراغب أنت عن الأمر؟، أإياي تقصد؟، أراكباً جئت؟، أيوم الخميس قدمت؟.
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (واضح أن هذه أمثلة؛ لأن الذي ذكر هو المسند إليه والمسند والمفعول والحال والظرف وهناك بعض الألوان من أجزاء الجملة يمكن أيضاً أن يدخل عليها ظرف المكان لم يذكر يمكن أن يذكر وغيره من أجزاء الجملة تدخل في حيز ما مر له أمثلة قبل قليل.
وقد لا يذكر المعادل يعني إذا كانت أم للتصور فيكون فيه خيار، إما أن يذكر المعادل وقد يحذف إذا علم به وهناك قاعدة: إذا أمكن تقديره وأمن اللبس يمكن أن يحذف حينما تقول مثلاً: أراغب أنت عن الأمر أم غير راغب، راغب أم غير راغب، راغب أنت عن الأمر أم راغب فيه. هنا طبعاً واضح أن هذا هو التقدير، إياي تقصد أم خالداً إذا أمكن الحذف وأمن اللبس يمكن أن يحصل الحذف، لكن لأن الهمزة تصلح للتصور للتصديق، والذي يميزانها أنها للتصور وللتصديق هو مجئ أم في المعادلة إذا كان للتصور فيحصل إذا لم يؤمن من اللبس أن تكرر بحالة الرغبة في التصور؛ لأنه قد يتحول الأمر إلى تصديق).

القارئ: (فالمسؤول عنه في التصديق النسبة، ولا يكون لها معادل؛ فإن جاءت أم بعدها قدرت منقطعة وتكون بمعنى بل).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (يكرر أيضاً هذا الكلام مع أن قضية التصديق أن الهمزة تدخل في الأمثلة الماضية التي ذكرت آنفاً كلها كانت للتصور؛ لأن المسؤول به مفرد سواء كان مسنداً أو مسنداً إليه أو مفعول أو حال أو ظرف، وقد تكون النسبة. وفي هذه الحالة لا تأتي أم، ولهذا قلت آنفاً: إن حذف أم المعادلة قد يلبس إذا لم يكن الأمر واضحاً؛ لأن الهمزة في هذه الحالة تتحول من الدلالة على السؤال عن التصور إلى السؤال عن التصديق فينبغي أن يتنبه لهذا، فإذا جاءت أم وكان السؤال عن النسبة فحينئذٍ تقدر أم بمعنى بل فتكون أم المتقطعة وليست أم المتصلة).

القارئ: (وهل لطلب التصديق فقط نحو: هل جاءك صديقك؟ والجواب: نعم أو لا، ولهذا يمتنع معها ذكر المعادل فلا يقال: هل جاء صديقك أم عدوك؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هل، يعني بدأنا الآن بعرض أدوات الاستفهام المختصة، يعني الهمزة تصلح للاثنين معاً، التصور والتصديق، أما هل: فلا تصلح إلا للتصديق فقط، ولذلك يقولون: إن الجواب عن هل يكون بنعم أو لا، كل الأسئلة التي تأتي بهل يكون الجواب بنعم؛ لأنها للتصديق، ولهذا يغلب دخول أل على الجمل الفعلية؛ لكونها تبدأ بالمسند، وإذا كانت هل: يسأل بها عن التصديق، وأم المعادلة تدل على التصور فلهذا يمتنع ذكر المعادل بعد هل؛ لأن هل للتصديق والمعادل يكون للتصور فكيف يجتمعان، ولهذا لا يقال: هل جاء صديقك أم عدوك، ويقال تقع نادراً للتصور كما ورد في الأثر: (هل تزوجت بكراً أم ثيباً؟)) هل تزوجت هنا السؤال واضح تماماً؛ لأن بكراً يعني مقابل ثيب فهل تزوجت بكراً أو ثيباً؟ والسؤال طبعاً فيه هنا حتى الصياغة فيها إشكال. لأنما ولي أداة الاستفهام هو (هل تزوجت؟). فلو كانت معادلة: (أم لم تتزوج؟) لكن هل يدخل القيد في الفعل أم لا يدخل؛ لأنه يمكن أن يقدر هل: (تزوجت بكراً أم تزوجت ثيباً) فيكون فعلاً هذا السؤال جاءت أم المعادلة بعد هل وهذا نادر).

القارئ: (وهي تسمى بسيطة إذا استفهم بها عن وجود شيء في نفسه، نحو: هل العنقاء موجودة، ومركبة إن استفهم بها عن وجود شيء لشيء نحو: هل تبيض العنقاء وتفرخ؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (يلحظ هنا أن هل لم تتغير صفتها ولم يتغير نطقها، لكن الذي تغير هو مدخول هل، يعني الجملة التي دخلت عليها هل، هل هي جملة بسيطة أم جملة مركبة ونحن نعرف الفرق بين البسيط والمركب.
أن البسيط: هو إذا سئل عن شيءٍ واحد.
أما المركب: فهو إذا سئل عن شيء ثم سئل عن شيء آخر يتركب على الشيء الأول، فإذا قلت مثلاً: (عرف الفاعل ومَثِّل له؟) فهذا طبعاً يمكن أن يكون سؤال من شقين من تعريف الفاعل، والتمثيل له، لكن إذا طلبت استخراج شيء، ثم إعراب هذا الذي طلبت استخراجه فيه قطعة مثلاً أنت تطلب من الطلاب أن يجيبوا عن أمر:استخرج فعلاً مضارعاً ثم أعربه، هذا سؤال مركب، لو أنك نظرت إلى أن المطلوب من الطالب أولاً يستخرج ثم يعرب، طيب إذا لم يستطع أن يستخرج، معنى ذلك أنه فقد تحقيق الشق الثاني، ولهذا يكون سؤالاً مركباً من جانبين:
جانب أول: هو الخطوة الأولى.
جانب ثاني: هو الخطوة الثانية.
والسؤال هنا طبعاً بهل إذا كان عن أمر واحد، عن أمر وجود الشيء نفسه، هل العنقاء موجودة، سؤال تقول له: نعم أو لا، موجودة؛ لأن العنقاء من الأشياء المستحيلة عند العرب، وهم يقولون: أنه طائر ضخم، ولذلك يقول شاعرهم:

واعلـم بـأنّ المستحــيــل ثـــلاثــة...... الغـولُ والعـنقــاءُ والخـلُ الـوفـي

هنا طبعاً الشاهد: الاستشهاد بأن العنقاء طائر مستحيل، ويقال بأنه من الأشياء التي انقرضت والله أعلم بذلك.
المركبة إذا استفهمت عن وجود شيء لشيء، وهذا الذي قلت قبل قليل، إذا كان الجواب يستدعي معرفة أمرين أحدهما يتركب من الآخر، هل تبيض العنقاء وتفرخ؟
أولاً: أنت تعرف العنقاء؛ فإذا عرفت العنقاء تعرف أنها هل هي تبيض أو هي تفرخ، هل هي تشبه الطير أو تشبه الثديات، هل تشبه الطيور فتبيض أو تشبه الثديات فتلد أو تفرخ مباشرة، هذه قضية.
فإذاً: أنت مطالب في السؤال الثاني أن تعرف العنقاء أولاً، ثم تعرف ما الذي يحدث لها تبيض أو تفرخ؟).

القارئ: (وما يطلب بها شرح الاسم نحو: ما العسجد أو اللجين، أو حقيقة المسمى نحو: ما الإنسان؟ أو حال المذكور معها كقولك لقادم عليك: ما أنت؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هنا يبدأ تحديد دلالات أدوات الاستفهام الأخرى، وهذه الدلالات تخص التصور كلها من ما إلى آخر الأدوات التي سترد، كلها تخص التصور لا يسأل بها إلا عن التصور، لذلك لا يجاب عنها بنعم أو لا. وإنما يجاب بتصور المسؤولة عنه مثلاً: حينما نقول ما يطلب بها شرح اسم نحو: ما العسجد؟ فتقول الذهب، ما اللجين؟ فتقول: الفضة.
أو حقيقة المسمى نحو: ما الإنسان؟ حقيقته أنت تريد أن تعرف حقيقة الإنسان ما هي؟ تقول ما الإنسان؟ فتقول إنه كائن حي ناطق.
أو حال المذكور معها كقولك لقادم عليك: ما أنت؟ لا يريد معرفة اسمك وإنما يقول ما أنت أعدو أم صديق أمبشر أم منذر أو غير ذلك، ولهذا يحسن أن أذكر هنا أن القرآن وصف حال فرعون، وصفاً دقيقاً حينما قال: { وما رب العالمين } ولذلك يقولون استخدام (ما) هنا على لسان فرعون: { وما رب العالمين } والمسؤول عنها جل وعلا وهو لا يتبادر إلى ذهن عاقل أنه ليس من العقلاء بل هو رب العقلاء وخالقهم، فلمّ السؤال جاء بما التي يستفهم بها عن غير العقلاء؟ قيل إنه يعبر ويكشف عن حال فرعون؛ لأنه لو أنه. ( هنا انقطع الدرس ) أ.هـ.
(درس 5 ب)
ولهذا يقال إن قول الله عز وجل على لسان فرعون: { وما رب العالمين } حينما سأل موسى عليه السلام، السؤال هنا جاء عن طريق (ما) التي يُسأل بها عن غير العاقل أو غير العالم، والسبب في هذا، أن هذه الصيغة تكشف عما يظنه فرعون عليه من الله ما يستحق؛ لأنه لو جاء (بمن) قال: (ومن رب العالمين) لكان اعترافاً منه بوجود إله، ولكنه لا يدري من هو؟ لكن أما وقد قال: { وما رب العالمين } فهذا السؤال بما يسأله عن كنه رب العالمين، ولذلك كان الجواب بأنه رب السموات والأرض... إلخ ما ورد في الآية).

القارئ: (ومن يطلب بها تعيين العقلاء كقولك: من فتح مصر؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: ( (من) مقابلة لـ (ما) وكما أن (ما) يسأل بها لغير العاقل أو غير العالم فمن يسأل بها عن العالم أو العاقل ولذلك لا يسأل بمن إلا إذا كان المسؤول عنه عالماً أو عاقلاً).

القارئ: (ومتى يطلب بها تعيين الزمان ماضياً كان أو مستقبلاً نحو: متى جئت ومتى تذهب؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (الآن هذه تحديدات لدلالات أدوات الاستفهام فمتى هي مختصة بالزمن سواء كان ماضياً أو مستقبلاً تقول: متى جئت؟ هنا لاحظ أن تحديد الزمن جاء من خلال الفعل الماضي ومتى تذهب؟ هذا أيضاً تحديد زمانه من خلال دلالة الفعل المضارع الذي يدل على الحاضر والاستقبال).

القارئ: (وأيان يطلب بها تعيين زمان المستقبل خاصة وتكون في موضع التهويل كقوله تعالى: { يسأل أيان يوم القيامة}؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هو واضح أن أيان تشترك مع متى في قضية الاختصاص بالزمن ولكن أيان تختلف عن متى أنها خاصة بالزمان المستقبل، إذا كانت متى تصلح للماضي والمستقبل، فإن أيان خاصة بالمستقبل كما أن أيان مما يسأل به عن الأمور التي يكون في تهويل: { يسأل أيان يوم القيامة }؟).

القارئ: (وكيف يطلب بها تعيين الحال نحو: (كيف أنت؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: ( (وكيف) الحالة التي عليها المسؤول عنه، وكيف أنت؟ سليم أو مريض إلى غير ذلك، فهي خاصة بالحال).

القارئ: (وأين يطلب بها تعيين المكان نحو: أين تذهب؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (وهذه الأداة خاصة بالسؤال عن المكان، حينما يقال: أين تذهب؟ فالمراد تحديد المكان الذي تذهب إليه).

القارئ: (وأنىَّ تكون بمعنى كيف نحو: { أنى يحيي هذه الله بعد موتها } وبمعنى من أين نحو: { يا مريم أنى لك هذا } وبمعنى متى: (زدْ أنّـى شئت).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذه الأداة (أنى) تأتي بمعنى ثلاث أدوات مما ورد:
- تأتي بمعنى كيف نحو: { أنى يحيي هذه الله بعد موتها }.
- وتأتي بمعنى من أين نحو: { يا مريم أني لك هذا } بمعنى من أين لك هذا.
- وتأتي بمعنى متى نحو: (زدْ أنى شئت) متى شئت، فهنا يعني أنها تدل على جانب الزمن والحال والابتداء فيمكن أن تكون هذه هذه الأداة تجمع الحال والمكان والزمان).

القارئ: (وكم يطلب بها تعيين عدد مبهم نحو: { كم لبثتم }؟ ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (وهذه الأداة قبل الأخيرة يسأل بها عن تعيين العدد، السؤال عن العدد يسأل بكم، ولذلك العدد المبهم يسأل بكم: {كم لبثتم } حتى يحدد هذا العدد المسؤول عنه).

القارئ: (وأي يطلب بها تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمهما نحو: { أي الفريقين خير مقاماً }؟ ويسأل بها عن الزمان والمكان والحال والعدد والعاقل وغيره حسب ما تضاف إليه).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذه الأداة هي الأخيرة وهي لا تختص بمعنى معين في ذاتها وإنما الذي يكشف ذلك هو ما تضاف إليه هذه الأداة؛ ولذلك يقال: إنها يطلب بها تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمهما نحو: { أي الفريقين خير مقاماً }. (أي الفريقين) هنا طبعاً المطلوب تمييز أحد الفريقين ويعني ما يتميز به الفريق عن ذاك من الخبرية في المقام.
فيسأل بها عن الزمان مثلما تقول: (أي الأوقات يناسبك)، أو المكان: أي الأماكن تذهب إليه، وهكذا فالذي يحدد الدلالة على أي ما تضاف إليه).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#8

29 Oct 2018

الكشاف التحليلي

عناصر الدرس الرابع :
الاستفهام
تعريف الاستفهام
· تعريف الاستفهام لغة
· تعريف الاستفهام اصطلاحاً
شرح التعريف
محترزات التعريف
· الجواب إما تصديق أو تصور
أولا: التصديق، ومعناه.
ثانيا: التصور، ومعناه
أدوات الاستفهام
· أدوات الاستفهام إجمالا
· أقسام أدوات الاستفهام
القسم الأول: ما يستعمل لطلب التصور تارة ولطلب التصديق أخرى، وهو الهمزة
القسم الثاني: ما يستعمل لطلب التصديق فقط، وهو هل
القسم الثالث: ما يستعمل لطلب التصور فقط، وهو بقية الألفاظ
· أدوات الاستفهام تفصيلاً:
معنى (أدوات الاستفهام)
الأداة الأولى: الهمزة.
سبب تقديم الهمزة
تستعمل الهمزة في طلب التصور والتصديق
معنى التصور
معنى التصور: هو إدراك المفرد
- المراد بالمفرد : ما ليس وقوع النسبة
- أقسام التصور
- المراد بالتصور المطلوب في الاستفهام
- مثال على التصور في جواب الهمزة
معنى التصديق:إدراك النسبة
- معنى إدراك النسبة
- بعض مسميات التصديق
- مثال على التصديق في جواب الهمزة
- التصديق لا يتم إلا بثلاث تصورات على الأقل
- مثاله:الفيل واقف؛ يحتاج إلى معرفة معنى الفيل ومعنى الوقف واتصافه به
موضع المسئول عنه في استفهام التصور بالهمزة
- مثال في الاستفهام عن المسند إليه
- مثال في الاستفهام عن المسند الفعل
- مثال في الاستفهام عن المسند خبر المبتدأ
- مثال في الاستفهام عن المسند خبر المبتدأ
- مثال في الاستفهام عن المفعول
- مثال في الاستفهام عن الحال
- مثال في الاستفهام عن الظرف
- لطيفة: الأنسب اختيار لفظ (استفهام عن) دون (استفهام على)
الأصل أن يكون للمسئول عنه لفظ معادل يذكر بعد أم المتصلة
قد لا يذكر المعادل عند عدم الالتباس
أمثلة الاستفهام بغير ذكر المعادل
موضع المسئول عنه في استفهام التصديق بالهمزة
الأصل في استفهام التصديق بالهمزة ألا يكون لها معادل ذكر بعد
إن ذكرت "أم" والمعادل بعد الجملة الدالة على النسبة فهي منقطعة بمعنى بل
لا بد من من قووع جملة بعد أم المنقطعة، ومثاله.
- إن وقع بعدها مفرد قدر بجملة، ومثاله
الفرق في الاستفهام بالهمزة بين التصور والتصديق:أن التصور يأتي بعد أم المتصلة، والتصديق بأتي بعد أم المنقطعة
الأداة الثانية: هل.
تدخل (هل) على الاسم وعلى الفعل.
تستعمل هل في طلب التصديق فقط
- مثال توضيحي لمعنى هل
الجواب عن هل يكون بنعم أولا
يشترط في الجملة التي تدخل هل عليها أن تكون مثبتة
يمتنع مع هل ذكر المعادل، وسبب ذلك أن هل لطلب أصل النسبة، وأم المتصلة تستعمل لطلب التصور، ولا يكون بعد العلم بأصل النسبة فتنافيا
- لا يمتنع في جملة (هل) أن تذكر (أم) المنقطعة بمعنى (بل) الإضرابية على سبيل الإضراب
قد تخرج هل لطلب التصور فيؤتى لها بمعادل، ومثاله
تنقسم هل إلى قسمين:
القسم الأول:هل البسيطة
- معنى هل البسيطة
- مثاله
- فائدة في معنى العنقاء وبعض ما قيل فيها
- سبب تسمية هل البسيطة بهذا الاسم
القسم الثاني: هل المركبة
- معنى هل المركبة
- مثاله
- سبب تسميتها مركبة
حاصل الكلام في (هل) البسيطة والمركبة
- الاعتبار في كون (هل) البسيطة كذلك هو بالنسبة إلى (هل) المركبة؛ لا بمعنى ما لا جزء له وما له جزء
الأداة الثالثة: ما
تستعمل "ما" لثلاثة مطالب:
- المطلب الأول: شرح الاسم، ومثاله:ما العسجد؟ الذهب.
- المطلب الثاني: شرح حقيقة المسمى، مثال:ما الإنسان؟ حيوان ناطق.
- المطلب الثالث:شرح حال المذكور، مثاله:ما أنت؟ مبعوث من فلان.
- من أمثلة شرح حال المذكور حديث السويد مرفوعاً: (ما أنتم؟ قالوا المؤمنون
الأداة الرابعة: من
تستعمل "من" لتعيين العقلاء، أي ذوي العلم.
- التعبير بذوي العلم أولى ليتناول البارئ جل وعلا
تعيين ذوي العلم يكون بذكر الأمر المتعلق به بحيث يتميز به عما سواه
- مثاله:من فتح مصر؟ فتقول:عمرو بن العاص
- الأكثر في (من) طلب تبين العقلاء شخصا؛ مثاله:من فتح مصر؟ عمرو، وقد يطلب تعيينه جنساً، مثاله:من جبريل؟ مَلَك.
المطلوب بـ"من" التعيين فلا يجاب بالأمر العارض ككاتب.
المسئول بـ(من) الاستفهامية هو الماهية، وليس للعموم في الأفراد
لا بد لـ (مَنْ) مَن جوابٍ مطابق لا يزيد ولا ينقص
- جواب (من) يكون مفرداً لا مركباً؛ مثاله: {ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله}
- قوله تعالى: {خلقهن العزيز العليم} ابتداء كلام يتضمن الجواب وليس اقتصاراً على نفس الجواب
الأداة الخامسة: متى.
تستعمل متى لطلب تعيين الزمان مطلقا
تعيين الزمان قد يكون ماضياً أو مستقبلاً أو حالا
- مثال طلب تعيين الزمان الماضي
- مثال طلب تعيين الزمان الحال والمستقبل
الأداة السادسة:أيان.
تستعمل أيان في طلب تعيين الزمان المستقبل خاصة
مثاله:أيان تأتي؟
تستعمل أيان في موضع التهويل وغيره
- مثال استعمالها في موضع التهويل: {يسأل أيان يوم القيامة}
- مثال استعمالها في غير موضع التهويل: أيان تنام
الأداة السابعة:كيف
تستعمل كيف لطلب تعيين الحال
- مثاله:كيف أنت؟ كيف جاء خالد؟
قد تكون حالة المسئول عنه خبراً أو مفعولا أو حالاً
زعم بعضهم أن "كيف" يسأل بها عن الصفات الغريزية فقط، وهو مردود بقوله تعالى: {أنى شئتم}
الأداة الثامنة: أين
تستعمل أين في طلب الزمان
- مثاله: أين تذهب؟
الأداة التاسعة:أنى.
استعمالات أنى
الاستعمال الأول لـ"أنى" بمعنى:كيف
- شرط استعمالها بمعنى كيف:أن يكون بعدها فعل؛ ماضِ أو غيره
- مثال لحوق الفعل الماضي:أنى شئتم.
- مثال لحوق غير الماضي:أنى يحيي
الاستعمال الثاني لـ"أنى" بمعنى:من أين؟
- أنى المستعملة بمعنى "من أين؟" تشمل الظرفية والابتدائية
- مثاله:{أنى لك هذا}.
- ليس المراد بقوله: {أنى لك هذا} هو كيف، بدليل قولها: {هو من عند الله}
- قد تكون "أنى" بمعنى "أين" فقط؛ فتكون ظرفية لا ابتدائية.
- (أن) التي بمعنى (من أين) لا يشترط أن يكون بعدها فعل
الاستعمال الثالث لـ"أنى" بمعنى:متى
- مثاله: أنى تكون زيادة النيل؟
- سبب النزول يرد جعل أنى بمعنى متى؛ في قوله تعالى: {فأتوا حرثكم أنى شئتم}
الأداة العاشرة: كم
تستعمل كم في تعيين العدد المبهم
- مثاله:كم لبثتم؟ يوماً، شهراً، سنة
- إن كان طلب التعيين على ظاهره وقع الجواب بما يعين القَدْر، كمائة أو ألف.
- إن كان طلب التعيين على غير ظاهره فلا يحتاج إلى جواب
- قد يكون مميز كم محذوفاً، ومثاله: {كم لبثتم}، وقد يكون مذكوراً، ومثاله:كم درهماً لك؟
الأداة الحادية عشر: أي
° تستعمل أي في طلب تمييز أحد المتشاركين في أمر يعمهما.
- مثاله: {أي الفريقين خير مقاماً}
يُسأل بأي عن الزمان والمكان والحال والعدد والعاقل وغيره حسب ما يضاف.