10 Nov 2008
أ: دواعي الذكر
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (فمِنْ دواعي الذِّكْرِ:
1- زيادةُ التقريرِ والإيضاحِ، نحوُ: {أُولَـئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
2- وقَلَّةُ الثقةِ بالقرينةِ؛ لضَعْفِها أوْ ضَعْفِ فَهْمِ السامعِ، نحوُ: (زيدٌ نِعْمَ الصديقُ)، تَقولُ ذلكَ إذا سَبَقَ لكَ ذِكْرُ زيدٍ وطالَ عَهْدُ السامعِ بهِ، أوْ ذُكِرَ معهُ كلامٌ في شأنِ غيرِه.
3- والتعريضُ بغَباوةِ السامعِ، نحوُ: عمرٌو قالَ كذا، في جوابِ: ماذا قالَ عمرٌو؟
4- والتسجيلُ على السامعِ حتَّى لا يَتأتَّى لهُ الإنكارُ، كما إذا قالَ الحاكمُ لشاهِدٍ: (هلْ أقرَّ زيدٌ هذا بأنَّ عليهِ كذا؟) فيقولُ الشاهدُ: (نعم، زيدٌ هذا أَقَرَّ بأنَّ عليهِ كذا).
5- والتعَجُّبُ إذا كانَ الحُكْمُ غريبًا، نحوُ: علِيٌّ يُقاوِمُ الأسدَ، تقولُ ذلكَ معَ سَبْقِ ذِكْرِه.
6- والتعظيمُ والإهانةُ إذا كان اللفظُ يُفيدُ ذلكَ، كأنْ يَسألَكَ سائلٌ: هلْ رَجَعَ القائدُ؟ فتقولُ: رَجَعَ المنصورُ أو المهزومُ).(دروس البلاغة)
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (فمن دَوَاعي الذِّكْرِ:
1- زيادةُ التقريرِ والإيضاحِ، نحوُ: {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
2- والتسجيلُ على السامعِ حتَّى لا يَتأتَّى لهُ الإنكارُ، كما إذا قالَ
الحاكِمُ لشاهِدٍ: هل أَقَرَّ زيدٌ هذا بأنَّ عليهِ كذا؟ فيقولُ الشاهدُ
نعمْ، زيدٌ هذا أَقَرَّ بأنَّ عليهِ كذا).
..............
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (فمِنْ دواعي الذِّكْرِ:
زيادةُ التقريرِ والإيضاحِ، نحوَ: {أُولَـئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}.
والتسجيلُ على السامعِ حتَّى لا يَتأتَّى لهُ الإنكارُ، كما إذا قالَ
الحاكمُ لشاهِدٍ: (هلْ أقرَّ زيدٌ هذا بأنَّ عليهِ كذا؟) فيقولُ الشاهدُ:
(نعم، زيدٌ هذا أَقَرَّ بأنَّ عليهِ كذا).(دروس البلاغة الصغرى)
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (فمِن دواعي الذكْرِ(1):
زيادةُ التقريرِ(2) و(3) الإيضاحِ(4)، نحوُ(5):}أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ{(6).
والتسجيلُ على السامعِ(7) حتى لا يَتأتَّى له الإنكارُ, كما إذا قالَ
الحاكمُ لشاهدٍ(8): هل أَقَرَّ زيدٌ هذا(9) بأنَّ عليه(10) كذا؟ فيقولُ
الشاهدُ: نعم، زيدٌ هذا أَقرَّ بأنَّ عليه(11) كذا(12) ).
____________________
قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) (فمن دواعي الذكْرِ) أي: ذكْرِ المسنَدِ أو المسنَدِ إليه أو متعلَّقاتِهما.
(2) (زيادةُ التقريرِ) أي: التثبيتُ في نفسِ السامعِ.
(3) (و) زيادةُ
(4) (الإيضاحِ) أي: الانكشافِ لفَهْمِ السامعِ.
ويُؤخذُ من هنا أنَّ التقريرَ والإيضاحَ حاصلان عندَ الحذفِ, وهو كذلك
لوجودِ القرينةِ المعيِّنَةِ للمحذوفِ وعندَ الذكْرِ يَزدادان؛ لأنَّ
الدَّلالةَ اللفظيَّةَ اجتَمعتْ مع القرينةِ المعيِّنةِ.
(5) (نحوُ) قولِه تعالى
(6) ({ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ})
فذَكَرَ المسنَدَ إليه, أَعْني اسْمَ الإشارةِ الثانىَ, ولم يَجعلْ هم
المفلحون خبراً عن اسمِ الإشارةِ الأوَّلِ بطريقِ العطفِ لأجْلِ زيادةِ
التقريرِ والإيضاحِ في إفادةِ اختصاصِهم بكلِّ واحدٍ من الفلاحِ في الآجِلِ
والهُدَى في العاجلِ مميِّزاً لهم عمَّا عداهم، ولو حُذِفَ لاحتَمَلَ
اختصاصَهم بالمجموعِ فلا يكونُ المميَّزُ كلَّ واحدٍ فيَفوتَ المعنى
المقصودُ الذي أفاده الذكْرُ.
(7) (والتسجيلُ على السامعِ) أي: كتابةُ الحُكْمِ عليه بينَ يدَيِ الحاكِمِ.
(8) (حتى لا يَتأتَّى له الإنكارُ كما إذا قال الحاكمُ لشاهِدٍ) أي: لشاهِدِ واقعةٍ.
(9) (هل أقَرَّ زيدٌ هذا) على نفسِه.
(10) (بأنَّ عليه) أي: على نفسِه.
(11) (كذا؟ فيقولُ الشاهِدُ: نعمْ، زيدٌ هذا أقَرَّ بأنَّ عليه) أي: على نفسِه.
(12) (كذا) فذكَرَ المتكلِّمُ الشاهدُ المسنَدَ
إليه, وهو زيدٌ؛ لئلاَّ يَجِدَ السامعُ المشهودُ عليه سبيلاً للإنكارِ بأن
يقولَ للحاكمِ عندَ التسجيلِ: إنما فَهِمَ الشاهدُ أنك أشَرْتَ إلى غيرى
فأجابَ, ولذلك لم أُنكِرْ, ولم أَطلُب الإعذارَ فيه.
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (فمِنْ دواعي الذِّكْرِ:
(1) زيادةُ التقريرِ والإيضاحِ: المرادُ بالتقريرِ الإثباتُ في ذِهْنِ
السامعِ، وبالإيضاحِ الكشْفُ. فنفْسُ التقريرِ والإيضاحِ حاصِلٌ في
الحذْفِ أيضًا عندَ وجودِ القرينةِ الْمُعَيِّنَةِ لهُ. وفي الذكْرِ
زيادتُهما لاجتماعِ الدَّلالةِ اللَّفْظِيَّةِ معَ الدَّلالةِ العقليَّةِ
حينئذٍ ؛ فلهذا جَعَلَ داعيَ الذكْرِ زيادةَ التقريرِ والإيضاحِ لا
نَفْسَهما، نحوَ: { أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مَنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }؛
فإنَّ في ذكْرِ أولئكَ الثاني منْ زيادةِ التقريرِ والإيضاحِ ما لوْ
حُذِفَ وَنُصِبَتِ القرينةُ على حذْفِه لمْ يكُنْ. وليسَ المرادُ أنَّ
أولئكَ الثانيَ لوْ لمْ يُذْكَرْ ههنا كانَ محذوفًا حتَّى يَرِدَ أنَّهُ
لوْ لمْ يُذْكَرْ كانَ ما بعدَهُ، وهوَ { هُمُ الْمُفْلِحُونَ }، معطوفًا على خَبَرِ أولئكَ الأوَّلِ، أَعْنِي { عَلَى هُدًى }، منْ غيرِ احتياجٍ إلى اعتبارِ حَذْفِ أولئكَ الثاني، فلا يكونُ الآيةُ مثالًا لاختيارِ الذِّكْرِ على الحذْفِ .
(2) وقلَّةُ الثِّقَةِ والاعتمادِ بالقرينةِ، إمَّا لضَعْفِها في نفسِها
أوْ ضَعْفِ فَهْمِ السامعِ بها، فيكونُ مُقْتَضَى الاحتياطِ أنْ يُذْكَرَ
ولا يُحْذَفَ، نحوَ: زيدٌ نِعْمَ الصديقُ، تقولُ ذلكَ إذا سَبَقَ لكَ
ذِكْرُ زيدٍ، وطالَ عهْدُ السامعِ به، أوْ ذُكِرَ معهُ كلامٌ في شأنِ
غيرِه. فإنَّ سَبْقَ ذِكْرِ زيدٍ، وإنْ كانَ قرينةً للحَذْفِ، لكنَّ طولَ
عهْدِ السامعِ به، أوْ ذِكْرَ الكلامِ في شأنِ غيرِه، أَوْرَثَ ضَعْفَ تلكَ
القرينةِ وخَفَاءَها، فيَضْعُفُ التحويلُ عليها والثِّقَةُ بها، فصارَ
الاحتياطُ أنْ يُذْكَرَ زيدٌ؛ لأنَّ فَهْمَ السامعِ من اللفظِ أقْرَبُ منْ
فَهْمِه من القرينةِ.
(3) والتعريضُ بغَباوةِ السامِعِ، إِمَّا لِقَصْدِ أنَّها وَصْفُه، أوْ
لِقَصْدِ إهانتِه، نحوَ: عمرٌو قالَ كذا، في جوابِ: ماذا قالَ عمرٌو ؟
فذِكْرُ عمرٍو في السؤالِ قرينةٌ على حَذْفِه في الجوابِ، لكنْ معَ ذلكَ
لمْ يُحْذَفْ؛ لِقَصْدِ التعريضِ بغَبَاوَةِ السامِعِ، والتنبيهِ على
أنَّهُ غَبِيٌّ لا يَنْبَغِي أنْ يكونَ الخطابُ معهُ إلَّا هكذا.
(4) والتسجيلُ على السامِعِ: أيْ كتابةُ الحُكْمِ وتقريرُه عليهِ بينَ
يَدَي الحاكِمِ؛ حتَّى لا يَتَأَتَّى لهُ الإنكارُ، كما إذا قالَ الحاكِمُ
لشاهِدٍ: هلْ أَقرَّ زيدٌ هذا بأنَّ عليهِ كذا ؟ فيقولُ الشاهِدُ: نعمْ،
زيدٌ هذا أَقَرَّ بأنَّ عليهِ كذا. فذِكْرُ زيدٍ معَ قيامِ قرينةِ
الْحَذْفِ، وهيَ السؤالُ، منْ شأنِه لِئَلَّا يَجِدَ سبيلًا للإنكارِ بأنْ
يقولَ للحاكِمِ: إنَّما فَهِمَ الشاهِدُ أنَّكَ أَشَرْتَ إلى غَيْرِي
فأجابَ؛ ولذلكَ سَكَتُّ ولم أطْلُب الإِعذارَ فيه.
(5) والتَّعَجُّبُ إذا كانَ الحكْمُ غريبًا: أيْ إظهارُ التَّعَجُّبِ
منهُ؛ لأنَّ نفسَ التعَجُّبِ لا يَتَوَقَّفُ على الذكْرِ، بلْ يكونُ
بغرابَةِ الحكْمِ، سواءٌ ذُكِرَ أوْ لم يُذْكَرْ، نحوَ: عليٌّ يُقاوِمُ
الأسدَ، تقولُ ذلكَ معَ سَبْقِ ذِكْرِه، الذي هوَ القرينةُ على الحذْفِ.
لكنْ معَ ذلكَ لمْ يُحْذَفْ؛ لأنَّ في ذِكْرِه إظهارَ التَّعَجُّبِ منه.
وإمَّا نَفْسُ التَّعَجُّبِ فمَنْشَأُهُ مقاومةُ الأسدِ، سواءٌ ذُكِرَ
عليٌّ أوْ حُذِفَ.
(6) والتعظيمُ والإهانةُ إذا كانَ اللفظُ يفيدُ ذلكَ: التعظيمُ أو
الإهانةُ كأنْ يَسْأَلَكَ سائِل:ٌ هلْ رَجَعَ القائدُ؟ فتقولُ: رَجَعَ
المنصورُ أو المهزومُ. فذِكْرُهُ بعنوانِ المنصورِ يُفيدُ تعظيمَهُ،
وبعنوانِ المهزومِ إهانتَهُ).
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ) قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (نبدأ أولا بدواعي الإثبات فنقول: ومن البلية عذل من لا يرعوي ...... عن جهله وخطاب من لا يفهم أولئك آبائي فجئني بمثلهم ......إذا جمعتنا يا جرير المجامع أولئك آبائي فجئني بمثلهم ...... إذا جمعتنا يا جرير المجامع).
أولا: زيادة التقرير والإيضاح، فمن دواعي الإثبات أن يكون المقام يحتاج فيه إلى زيادة التقرير والإيضاح،كمقام الدرس والشرح، وكذلك مقام الخطابة؛ فإن المقصود فيه التأثير، فلذلك يمكن أن يأتي فيه الإنسان بالألفاظ المترادفة،وأن يكرر فيه الأساليب؛ حتى يفهم الكلام، فالمقام الأول وهو مقام التعليم والدرس صح فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أنس بن مالكرضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم على قوم سلم ثلاثا، وإذا تكلم بالكلمة أعادها ثلاثا. فبعض الناس قد يستوعب من مرة واحدة، لكن بعضهم لا يفهم إلا بالتكرير،والتكرير الكثير ممل لمن يستوعب من مرة واحدة، والثلاث لا تمل أحدا؛ فهي الحد الوسط،وذلك منه قول الله تعالى: {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}،{أولئك على هدى من ربهم وأولئك} هذه بالإمكان أن يستغنى عنها بدلالة أولئك السابقة عليها، فمقتضى القاعدة الثانية أن يقال: أولئك على هدى من ربهم وهم المفلحون، لكن المقام مقام للإيضاح والتنويه بشأنهم ورفع منزلتهم،فاقتضى ذلك طلب الإسهاب فكرر فقال: {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}.
ومثل هذا قول الله تعالى:{قل هو الله أحد.الله الصمد} فمقتضى القاعدة الثانية أن يقال: قل هو الله أحد الصمد, لكن المقام مقام الثناء وتعديد الأوصاف، فاحتيج فيه إلى إعادة اسم الله الكريم.
وكذلك الحال في قوله تعالى: {هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم.هو
الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز
الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون. هو الله الخالق البارئ المصور} ففي الآيات الثلاث كرر قوله: {هو الله}{هو الله الذي لا إله إلا هو}؛وذلك لأن المقام مقام الثناء، فاحتيج به إلى الإسهاب،فذكر فيه هذا الاسم الجليل وما معه من التوحيد.
كذلك في الفاتحة قول الله تعالى: {اهدنا الصراط المستقيم.صراط الذين أنعمت عليهم} فمقتضى قاعدة الحذف أن يقال: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم؛ لأن الصراط المستقيم هو صراط الذين أنعم الله عليهم، هو صراط الذين أنعم الله عليهم،لكن لو قال الله تعالى: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم،لكان مقتضى هذا أن الحق يعرف بالرجال، والواقع أن الحق لا يعرف بالرجال وأن الرجال هم الذين يعرفون بالحق، فقال: {اهدنا الصراط المستقيم}،فبعد أن عرفنا الصراط المستقيم بغض النظر عن الرجال، عرفه تعريفا آخر فقال: {صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} ثانيا: التسجيل على السامع؛حتى لا يتأتى له الإنكار، أي يسجل على السامع حتى لا يمكنه الإنكار،فأن يذكر كل شيء يثبت علاقته بالأمر، {أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم} أنت هنا مقتضى القاعدة أن تحذف؛ لأنه يكفي أن يقال: أفعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم، لكنهم قصدوا التسجيل عليه؛حتى لا يشك ولا يمكنه الإنكار، فقالوا: {أأنت فعلت هذا بآلهتنا} ثم أتوا بالنداء أيضا {يا إبراهيم}؛حتى
لا يظن أن المقصود غيره، كما إذا قال الحاكم أي القاضي لشاهد: هل أقر زيد
هذا بأن عليه كذا أو بالفعل الفلاني؟ فيقول الشاهد: نعم،زيد هذا أقر بأن عليه كذا لفلان مثلا، أو بأنه فعل كذا، فيؤتى بالاسم
وباسم الإشارة أيضا، اسم الإشارة هنا مقتضى القاعدة الثانية حذفه، أقر زيد
بكذا؛ لكن الشهادة لئلا يظن أن المقصود غيره أو يستطيع التخلص من هذه الشهادة، جمع بين العلم واسم الإشارة.
كذلك من دواعي الذكر التلذذ
بمخاطبة السامع، فإذا كان الإنسان في مقام يتكلم فيه مع من يحبه فإن ذلك
من دواعي إسهابه في الكلام، فموسى بن عمران عليه السلام عندما كلمه الله في
كفاحاً دون ترجمان قال له: {وما تلك بيمينك يا موسى}...
الشيخ:... فموسى بن عمران عليه السلام عندما كلمه كفاحاً دون ترجمان قال له:{وما تلك بيمينك يا موسى} فانتهز موسى هذا المقام العظيم، مقام التشريف بالتكيلم فقال:{هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى}،فلو أراد الجواب على مقتضى السؤال لقال: عصا، {وما تلك بيمينك يا موسى}؟ عصا، لكنه هنا في مقام التشريف بالتكليم، فأراد أن يسهب فقال: {هي} أولا أعاد المبتدأ الذي علم من قبل، {عصاي} وأضافها إلى ياء المتكلم، ثم ذكر حاجته إليها، {أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى}.
كذلك من دواعي الإثبات خطاب من لا يفهم، وهو من الرزايا والبلايا،أن يكون الإنسان مضطرا لمخاطبة من لا يفهم، ولذلك قال أبو الطيب المتنبي:
ومن البلية عذل من لا يرعوي ...... عن جهله وخطاب من لا يفهم
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (من دواعي الذكر: زيادة التقرير والإيضاح، نحو قوله تعالى: {أولئك على هدىً من ربهم وأولئك هم المفلحون} ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (من دواعي هنا نقف عند الذكر، لا يقف البلاغيون إلا عند ذكر شيء كان يمكن
حذفه فذكر، وإلا لو كان الحديث عن الذكر لكل شيء لكان كل لفظة في الكلام
الذي يقرأه القاري أو يستمع إليه المستمع أو يكتبه الكاتب مطالب يطالب
البلاغيون بالوقوف عنده، لكن هنا الحديث عن الألفاظ أو الأجزاء من الجملة
التي تذكر وكان بالإمكان أن تحذف. فمثلاً في الآية: {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}
يلحظ أن أولئك الثانية بعد كلام من قال بأنها يمكن أن يستغنى عنها لدلالة
أولئك الأولى عليها فلماذا ذكرت؟ لأنه كان يمكن أن يقال في كلام من يتكلم: {أولئك على هدى من ربهم وهم مفلحون}
فما الداعي لأولئك؟ قالوا الداعي هنا: لزيادة التقرير والإيضاح لهذه الفئة
من الناس بحصول الفلاح لهم، وحصول الهدى العاجل والفلاح الآجل، {أولئك على هدى من ربهم} الله سبحانه وتعالى وهبهم الهدى في دنياهم، {وأولئك هم المفلحون} وكأنه
إشارة أيضاً إلى الجانب الآخر وهو ما يتحقق لهم في الآجلة وهو الفلاح وهو
الفوز إذاً هذا كذلك أيضاً مما يؤيد ذلك مجيء أسلوب ما يسمى القصر كما
سنعرف إن شاء الله تعالى في أحد الأبواب القادمة وهو الذي عن طريقين: تعريف
الطرفين المسند والمسند إليه معرفان، وضمير الفعل الذي جاء متوسطاً كل هذه
ألوان تضافرت لتقرير وإيضاح المنزلة التي وهبها الله عز وجل لهذا الصنف من
الناس).
القارئ: (وقلة الثقة بالقرينة لضعفها، وضعف فهم السامع نحو: (زيد نعم الصديق)، تقول ذلك إذا سبق لك ذكر زيد وطال عهد السامع به، أو ذكر معه كلام في شأن غيره).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذه من الأشياء التي يفترضها البلاغيون يقولون: (ثقة)
قلة الثقة بالقرينة، القرينة تكون حالية وتكون لفظية ففي مجلس يتحدث فيه
عن شخص يمكن أن يقال نعم الصديق مادام الحديث فيه، لكن يخشى أن السامع نسي
هذه القرينة وهي مجال الحديث عن فلان، فحينما يقال: (زيد نعم الصديق)
فهي إعادة لذكر هذا الاسم خشية طبعاً أن يقال التمثيل بمثل هذا خشية عدم
يعني دلالة القرية الحال أو اللفظية لطول الفصل فيها لضعفها ولضعف فهم
السامع، إما لأنك تشكك في ضعف فهم السامع وهذا سيأتي الغرض منه بعد قليل أو
خشية لنسيانه، ليس لضعف فهمه وإنما لطول الفصل الذي يعني يسبب نسيان
القرينة سواء كانت لضعف الفهم أو لطول الفصل).
القارئ: (والتعريض بغباوة السامع نحو : ( عمروٌ قال كذا ) ، في جواب ماذا قال عمر ؟).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (الإنسان
الذي يوصف بالغباء هو الذي لا يتذكر ما يقال له، ولذلك حينما يسأل إنسان
ما، ماذا قال عمر ؟ فيكون الجواب عليه : عمرٌ قال كذا . إعادة كلمة عمرو
وهو لون من التعريض بغباء السامع ، كأنه لا يعرف من المتحدث عنه إلا حينما
تذكر وتنص على اسمه ، وهذا يذكرني بما يقال عن المستملي أبي عبيدة ، يقال
أن المستملي أبي عبيدة يسمع غير ما يقال ، ويكتب غير ما يسمع ويفهم غير ما
يكتب وتتكرر العبارة كثيراً ، هذا يدل على أن الإنسان حينما يخاطب بأشياء
يمكن أن يدركها متوسط الناس أو عدم إدراكه لها دليل على أن عقله يحتاج إلى
شيء من مزيد يعني عناية بمعاملته معاملة خاصة ربما تكون سبباً في وصفه
بالغباء).
القارئ : (والتسجيل على السامع حتى لا يتأتى له الإنكار ، كما إذا قال الحاكم لشاهد : ( هل أقر زيد هذا بأن عليه كذا ؟ ) فيقول الشاهد : ( نعم ، زيد هذا أقر بأن عليه كذا ) ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (التسجيل على السامع هنا كأنه لون من تحديد الاعتراف الذي ينبغي أن يدون عليه وتقام الحجة بناءً عليه ، لو سئل يعني قيل له : ( هل أقر زيد هذا بأن عليه كذا ؟ )
يأتي الشاهد وينبغي أن الشاهد حتى تكون شهادته صريحة واضحة لا يعني يلجأ
فيها إلى الحيلة في اللفظ ويعني أن يعرض بالجواب لابد أن ينص على ما طلب
إليه أن يشهد فيه ولذلك عليه أن يقول: نعم زيد هذا أقر بأنه عليه كذا ؛
لأنه لو قال : ( أقر بأن عليه كذا ) لو قال بدون كلمة ( زيد ) هذا أقر يقول : لو سئل : ( أقر زيد هذا بأن عليه كذا ) فيقول : ( أقر بأن عليه كذا ) بدون ذكر زيد لكان ظاهراً يعني شاهدة لكنها شهادة يمكن أن يتخلص منها الشاهد ويقول : كلامي لم يتم يقول : ( أقر بأن عليه هذا غيره ) فيكون
نوع من التخلص ولذلك حتى يسجل على الشاهد صحت شهادته فلابد أن يكون دقيقاً
في هذا الجانب ولذلك لابد أن يتنبه لمثل هذا وهنا أنبه إلى أن جل الأمثلة
التي أوردها البلاغيون هي لذكر المسند إليه لذكر المسند إليه إلا هذا فهو
ذكر المسند لأن كلمة ( أقر ) فعل وهي مسند).
القارئ : (والتعجب إذا الحكم غريباً نحو : ( على يقاوم الأسد ) تقول ذلك مع سبق ذكره).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (كلمة ( علي يقاوم الأسد ) علي
في ذكره خياران فيمكن أن يذكر ويمكن أن يترك لأنه كما قال المؤلفون: ( مع
سبق ذكره ) فكونه يحذف سيدل عليه هذا السبق الذي مر قبل قليل لكنه ذكر اسم
علي مقصود والغرض من هذا هو التعجب ؛ لأنه يقوم بعمل غريب لا يقوم به أي
أحد فهو يقاوم الأسد، لو قيل يقاوم الأسد لأن الحديث عن علي يقاوم الأسد
لفهم أن الذي يقاوم هو علي ولكن كون تأتي كلمة ( علي ) علي يقاوم الأسد هذا
دليل على أنه يراد التركيز على ذكر اسم علي لأنه يراد أن يتعجب من قدرته
على مقاومة هذا الحيوان الشجاع).
القارئ : (والتعظيم والإهانة إذا كان اللفظ يفيد ذلك ، كأن يسألك سائل : هل رجع القائد : فتقول: رجع المنصور أو المهزوم).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (التعظيم والإهانة ثم قيده المؤلفون بقوله : إذا كان اللفظ يفيد ذلك ، وهذا
قيد جاء حسن حينما يقال : كأن يسألك سائل هل رجع القائد ؟ ممكن تقول : نعم ؛
لأن الجواب بالسؤال بهل نعم أو لا كما عرفنا في دراسة الاستفهام في
التصوير والتصديق ، لكن الجواب هنا يقول : رجع المنصور أو المهزوم ، لو قلت
نعم لفهم أنه رجع القائد ، لكن الغرض هنا هو التعظيم أو الإهانة ، حينما
تقول: رجع المنصور ، فهو تعظيم له ؛ لأن هو إشعار بانتصار هذا القائد ، أو
قلت : رجع المهزوم ، فهنا أيضاً إهانة له لأنه عبارة عن إشعار أو إخبار
بحصول الهزيمة لهذا القائد ، إذاً المسألة ليست أيضاً مرتبطة بقضية الذكر
والحذف فقط ، وإنما بنوع اللفظ المستخدم ؛ لأنه مما يعين على إدراك الغرض
البلاغي من هذا الذكر أو ذاك).
الكشاف التحليلي
- من دواعي ذكر المسند أو المسند إليه أو متعلقاتهما:
- الداعي الأول: زيادة التقرير والإيضاح، مثاله: {أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون}
من مواطن التقرير والإيضاح: مقام التعليم ومقام الخطابة، وكان صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً
- التكرار ثلاثاً توضح لمن لا يفهم إلا بالتكرير ولا تمل أحداً.
- لم يقل الله: اهدنا صراط الذين أنعمت عليهم؛ واستنبط بعضهم منه أن الحق لا يعرف بالرجال
أمثلة على الإثبات لدواعي التقرير والإيضاح
- الداعي الثاني: التسجيل على السامع، مثاله: هل أقر زيد بكذا؟ فيقول: نعم أقر زيد بكذا
- الداعي الثالث للذكر: قلة الثقة والاعتماد بالقرينة، مثاله: زيد نعم الصديق، مع سبق ذكره وذكر غيره
- الداعي الرابع: التعريض بغباوة السامع، مثاله: عمرو قال كذا؛ في جواب: ماذا قال عمرو؟
- الداعي الخامس: التعجب؛ مثاله: علي يقاوم الأسد!، مع سبق ذكره.
- الداعي السادس: التعظيم أو الإهانة، كأن يسأل سائل: هل رجع القائد؟ فتقول: رجع المنصور أو المهزوم
- الداعي السابع: التلذذ بمخاطبة السامع؛ كما أطال موسى محادثته مع ربه