أ: الضمير
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (أمَّا
الضميرُ)، فيُؤْتَى بهِ لكونِ المقامِ للتكَلُّمِ أو الْخِطابِ أو
الغَيْبةِ معَ الاختصارِ، نحوُ: أنا رَجَوْتُكَ في هذا الأمْرِ، وأنتَ
وَعَدْتَني بإنجازِه. والأصْلُ في الْخِطابِ أنْ يكونَ لمشاهَدٍ معَيَّنٍ،
وقدْ يُخاطَبُ غيرُ المشاهَدِ إذا كانَ مستَحْضَرًا في القلْبِ، نحوُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.
وغيرُ المعيَّنِ إذا قُصِدَ تعميمُ الخِطابِ لكلِّ مَنْ يُمْكِنُ خطابُهِ، نحوُ: اللئيمُ مَنْ إذا أَحْسَنْتَ إليهِ أَساءَ إليكَ).(دروس البلاغة)
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (وقَدَّمَ
الضميرَ على سائرِ الأقسامِ؛ لكونِه أعرَفَ المعارِفِ، فقالَ: وأمَّا
الضميرُ فيُؤْتَى بهِ لكَوْنِ المقامِ للمتكلِّمِ أو الخطابِ أو الغَيْبَةِ
معَ الاختصارِ. وإنَّما قالَ معَ الاختصارِ احترازًا عنْ مِثْلِ قولِ
الخليفةِ: أميرُ المؤمنين يَأْمُرُ بكذا، فإنَّهُ وإنْ كانَ قدْ أُتِيَ
فيهِ بالاسمِ الظاهِرِ معَ كونِ المقامِ للمتكلِّمِ، لكِنْ ليسَ فيهِ
اختصارٌ نحوَ: أنا رَجَوْتُكَ في هذا الأمرِ، فقدْ أُتِيَ فيهِ بضميرِ
المتكلِّمِ لكونِ المقامِ للمتكلِّمِ معَ حصولِ الاختصارِ، وجُمِعَ بينَ
أنا والتاءِ إشارةً إلى أنَّهُ لا فَرْقَ بينَ أنْ يكونَ الضميرُ
مُتَّصِلًا أوْ مُنْفَصلًا. وكذا يُقالُ في مثالِ الخطابِ في وجهِ الجمْعِ
بينَ الضميرِ المتَّصِلِ والمنفَصِلِ، وهوَ قولُه: أنتَ وَعَدْتَنِي
بإنجازِه. ولَمَّا كانَ هذا المثالُ مُتَضَمِّنًا لِمِثَالِ الْغَيْبَةِ
أيضًا لم يَذْكُرْ لها مثالًا على حِدَةٍ. ثمَّ المثالُ الأوَّلُ وإنْ كانَ
أيضًا مُتَضَمِّنًا لمثالِ الخطابِ لكنَّهُ لمْ يَكْتَفِ بهِ، بلْ
أَوْرَدَ للخِطابِ مِثالًا على حِدَةٍ؛ لأنَّهُ بِصَدَدِ تفصيلِ الخطابِ
وزيادةِ البحثِ فيهِ، فنَاسَبَ أنْ يَذْكُرَ لهُ مِثَالًا بالاستقلالِ،
ثمَّ يُفَصِّلَ فيهِ الكلامَ وَيَبْحَثَ عنْ حالِه؛ فلذا أَوْرَدَ مثالَه
أوَّلًا ثمَّ قالَ: والأصلُ في الْخِطابِ أنْ يكونَ لِمُشَاهَدٍ مُعَيَّنٍ،
أمَّا كونُه لمشاهَدٍ فلأنَّ الخِطابَ هوَ توجيهُ الكلامِ إلى حاضرٍ،
وهوَ لا يكونُ في الأغلَبِ إلَّا مشاهَدًا. وأمَّا كونُه مُعَيَّنًا
فلِأنَّ وَضْعَ مُطْلَقِ المعارِفِ على أنْ يُسْتَعْمَلَ في مُعَيَّنٍ.
وقدْ يُعْدَلُ عنْ هذا الأصْلِ ويُخَاطَبُ غيرُ المشاهَدِ إذا كانَ
مُسْتَحْضَرًا في القلْبِ؛ لجَعْلِ ذلكَ الحضورِ بمنزلةِ المشاهَدَةِ،
نحوَ: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ }، فإنَّ
المخاطَبَ فيهِ وهوَ ذاتُه تعالى وإنْ لمْ يكُنْ مُشاهَدًا، لكنَّهُ
لاستحضارِه في القلْبِ جُعِلَ بمنزلةِ المشاهَدِ، وخوطِبَ خِطابَ المشاهَدِ
.
وكذا قدْ يُخاطَبُ غيرُ الْمُعَيَّنِ إذا قُصِدَ تعميمُ الْخِطابِ لكلِّ
مَنْ يُمْكِنُ خِطابُه، أيْ على سبيلِ البَدَلِ لا على سبيلِ التناوُلِ
دُفعةً، نحوَ: ( اللئيمُ مَنْ إذا أَحْسَنْتَ إليهِ أساءَ إليكَ )،
فإنَّكَ لا تُريدُ بهذا مُخاطَبًا بعينِه قَصْدًا إلى أنَّ سُوءَ معاملتِه
لا يَخْتَصُّ واحدًا دونَ واحدٍ، فكأنَّكَ قُلْتَ: إذا أُحْسِنَ إليهِ.
وفائدةُ العُدولِ عنْ هذه العبارةِ إلى الْخِطابِ المبالَغَةُ في تشهيرِ
سوءِ معاملتِه، كأنَّكَ أَحْضَرْتَ كلَّ واحدٍ مِمَّنْ يُمْكِنُ خطابُه
فخَاطَبْتَهُ بذلكَ، وصَوَّرْتَ سُوءَ معاملتِه في ذِهْنِه).
الكشاف التحليلي
- أولاً: الضمير
- سبب تقديم الضمير
- يؤتى بالضمير: لكون المقام للمتكلم أو الخطاب أو الغيبة؛ مع الاختصار
- قوله مع الاختصار احترازاً من قول الخليفة:أمير المؤمنين يأمر بكذا
- أمثلة على الضمير
- الأصل في الخطاب أن يكون لمشاهد معين
- وقدْ يُخاطَبُ غيرُ المشاهَدِ إذا كانَ مستَحْضَرًا في القلْبِ، نحوُ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.
- قد يخاطب غيرُ المعيَّنِ إذا قُصِدَ تعميمُ الخِطابِ لكلِّ مَنْ
يُمْكِنُ خطابُهِ، نحوُ: اللئيمُ مَنْ إذا أَحْسَنْتَ إليهِ أَساءَ إليكَ.