10 Nov 2008
د: الاسم الموصول
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (وَأمَّا
الموصولُ)، فيُؤْتَى بهِ إذا تَعَيَّنَ طريقًا لإحضارِ معناهُ، كقولِكَ:
الذي كانَ معنا أمْسِ مسافِرٌ، إذا لمْ تكُنْ تَعْرِفُ اسْمَه. أمَّا إذا
لمْ يَتعيَّنْ طريقًا لذلكَ فيكونُ لأغراضٍ أخرى:
1- كالتعليلِ، نحوُ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا}.
2- وإخفاءِ الأمرِ عنْ غيرِ المخاطَبِ، نحوُ:
وأَخَذْتُ ما جادَ الأميرُ بهِ ...... وقَضَيْتُ حاجاتِي كما أَهْوَى
3- والتنبيهِ على الخطأِ، نحوُ:
إنَّ الذينَ تَرَوْنَهُم إخوانَكم ,.... يَشْفِي غَليلَ صُدورِهم أنْ تُصْرَعُوا
4- وتفخيمِ شأنِ المحكومِ بهِ، نحوُ: إنَّ الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا ..... بيتًا دعائمُهُ أَعَزُّ وأطْوَلُ
6- والتهَكُّمِ، نحوُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}).(دروس البلاغة)
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (وأمَّا
الموصولُ فيُؤْتَى بهِ إذا تَعَيَّنَ طريقًا لإحضارِ معناهُ بأنْ لا يكونَ
للمتكلِّمِ علْمٌ سوى اتِّصافِه بمضمونِ جملةٍ هيَ الصِّلَةُ، كقولِك:
الذي كانَ مَعَنَا أمسِ مسافِرٌ، إذا لمْ تكُنْ تعرفُ اسْمَه، ولا أحوالَه
الْمُخْتَصَّةَ بهِ سوى الصِّلَةِ. أمَّا إذا لمْ يَتَعَيَّنْ طريقًا لذلكَ
فيكونُ لأغراضٍ أُخرى:
كالتعليلِ، بأنْ يكونَ التعبيرُ عن المخبَرِ عنهُ بالموصولِ بِصِلَتِه مُشْعِرًا بعِلَّةِ ثبوتِ الخبَرِ للمُخْبَرِ عنه، نحوَ: { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا }، فهذا التعبيرُ مُشْعِرٌ بأنَّ إيمانَهم وأعمالَهم الصالحاتِ عِلَّةٌ لكَوْنِ الجنَّاتِ لهم .
وإخفاءِ الأمرِ عنْ غيرِ المخاطَبِ، حيثُ لا يَعْرِفُه على وجهِ انتسابِ الصِّلَةِ إلَّا المخاطَبُ، نحوَ:
وأَخَذْتُ ما جادَ الأميرُ بهِ ..... وقَضَيْتُ حاجاتِي كما أَهْوَى
فالتعبيرُ عنْ هذا الشيءِ الذي جادَ بهِ الأميرُ بالموصولِ بِصِلَتِه؛
لإخفائِه عنْ غيرِ المخاطَبِ من الحاضرينَ، حيثُ لا يعرفُه على هذا الوجهِ
إلَّا المخاطَبُ.
(3) والتنبيهِ على الخطأِ: أيْ تنبيهِ المتكلِّمِ للمخاطَبِ على خَطَئِه
وَغَلَطِه، نحوَ: (إِنَّ الذينَ تُرَوْنَهُمْ) بصيغةِ المجهولِ، والمعنى
على البناءِ للفاعلِ أيْ: تَظُنُّونَهم؛ لأنَّ استعمالَ الإرَاءَةِ بمعنى
الظَّنِّ بصورةِ الْمَبْنِيِّ للمجهولِ وإنْ كانَ المعنى على البناءِ
للفاعلِ. ( إِخْوَانَكُمْ يَشْفِي غَلِيلَ صُدُورِهم )، أيْ: عَطَشَ
قلوبِهم وحِقْدَهم. (أنْ تُصْرَعوا)، أيْ: تُصابوا وتَهْلِكوا بالحوادثِ.
ففي هذا التعبيرِ من التنبيهِ على خَطَئِهم في هذا الظَّنِّ ما ليسَ في
قولِك لوْ قلتَ: إنَّ القومَ الفُلانِيَّ يَشْفِي غليلَ صدورِهم أنْ
تُصْرَعوا.
(4) وتفخيمِ شأنِ المحكومِ به وتعظيمِه منْ جهةِ إسنادِه إلى ذلكَ
الموصولِ بِصِلَتِه، نحوَ: ( إنَّ الذي سَمَكَ السماءَ )، أيْ: رَفَعَها، (
بَنَى لنا بَيْتًا )، أيْ: بيتَ الشرَفِ والْمَجْدِ، ( دعائِمُه )، أيْ:
قوائمُ ذلكَ البيتِ، ( أَعَزُّ وأَطْوَلُ ) منْ دعائمِ كلِّ بيتٍ.
فالإتيانُ بالموصولِ معَ صِلَتِه، وإسنادُ المحكومِ بهِ إليه، يَدُلُّ على
فَخامَةِ شأنِ المحكومِ بهِ؛ لكونِه فِعْلُ مَنْ رَفَعَ السماءَ التي لا
بِناءَ أعْظَمَ وأرفَعَ منها في مَرْأَى الْعَيْنِ.
(5) والتهويلِ تعظيمًا وتحقيرًا، أيْ تَهويلِ معناهُ لقَصْدِ تعظيمِه أوْ تحقيرِه، نحوَ: { فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ }،
فإنَّ في هذا الإبهامِ الكائنِ في الموصولِ من التهويلِ والتعظيمِ ما لا
يَخْفى؛ لِمَا فيهِ من الإيمَاءِ إلى أنَّ تفصيلَه تَقْصُرُ عنه العِبارةُ.
ونحوَ: مَنْ لمْ يَدْرِ حقيقةَ الحالِ قال ما قالَ، فالموصولُ في قولِه:
قالَ ما قالَ، يَدُلُّ على أنَّهُ بَلَغَ من التحقيرِ غايةً لا تُدْرَكُ،
ولا تَفِي العبارةُ بتفصيلِها.
(6) والتَّهَكُّمِ، نحوَ: { يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ }، فإنَّ قولَهم: الذي نُزِّلَ عليهِ الذِّكْرُ، إنَّما هوَ على وجهِ التَّهَكُّمِ والاستهزاءِ منهم، كما قالَ فِرْعَوْنُ: { إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ }، كيفَ وهمْ لا يُقِرُّونَ بنزولِ الذِّكْرِ عليهِ صَلَّى اللَّهُ تعالى عَلَيْهِ وسَلَّمَ).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ) إن الذيــن تـرونــهـم وإخـوانـكم يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا وتفخيم شأن المحكوم به، نحو: إن الـذي ســمـك السـماء بـنـى لنا بيتاً دعائمه أعز وأطول
والتهويل تعظيماً وتحقيراً : {فغشيهم من اليم ما غشيهم}، ونحو: (من لم يدر حقيقة الحال قال ما قال). والتهكم، نحو: { يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون } ). قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (اسم
الموصول يتميز عن غيره من أنواع العارف بحاجته إلى جملة الصلة، الاسم
الموصول مع صلته كالكلمة الواحدة، لا يمثل الاسم الموصول لوحده المسند
إليه، المسند إليه مثلاً أو المسند ليس فقط الاسم الموصل وإنما الاسم
الموصول مع صلته، فالصلة والموصول هي بمثابة الكلمة الواحدة مثل المضاف
والمضاف إليه، ولهذا لابد من التنبيه إلى أن الصلة تقع في جملة والجملة قد
تطول وطول الجملة يتطلب دلالتها على مجموعة من المعاني ومن هنا يكتسب اسم
الموصول ميزة وهي: كثرة التحديد فيه، فإذا كان الشيء غير معروف لا يعرف له
مثلاً اسم يكن أن يقال: (الذي كان معنا أمس مسافر) هنا أنت لا تعرف مثلاً
اسمه كان بإمكانك أن تقول: فلان، عبد الله، زيد، بكر، لكن لا تعرف اسمه
وتحدده بالموصول مع صلته، الموصول (الذي) وصلته: (كان معنا أمس مسافر)،
فكلها (الذي كان معنا أمس مسافر) كلها الآن بمثابة الكلمة الواحدة مع أنها
خمس كلمات، (الذي كان معنا أمس مسافر) ولكنها في دلالتها أنها بمثابة
الكلمة الواحدة، ولذلك يكون الأغراض البلاغية التي تتحقق عن طريق اسم
الموصول المجال فيها مفتوح، ليست محددة، يمكن أن تستنبط معنى لم يستنبطه
غيرك، حينما نقرأ التعليل: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً } كون
لهم جنات الفردوس نزل هي تعليل لحصول الأمن وعمل الصالحات يؤدي في النهاية
إلى جنات الفردوس، فإذاً لماذا دخلوا جنة الفردوس؟ لأنهم آمنوا وعملوا
الصالحات. (إخفاء الأمر عن غير المخاطب) شف (عين غير
المخاطب)؛ لأن المخاطب يعرف فهناك قرينة مشتركة تدل على تفسير اسم الموصول
وخاصة (ما)؛ لأنها تقع موقع النكرة (وأخذت ما جاد الأمير به) ما هذا الذي
جاد به الأمير؟ أنا لا أعرفه، لكن المخاطب يعرفه، الذي خوطب به يعرفه،
(وقضيت حاجاتي كما أهوى) فالغرض هنا إخفاء الأمر عن غير المخاطب؛ لأن
المخاطب يعرف هذا الأمر. والتنبيه عن الخطأ: إن الذيـن ترونــهم إخوانكم يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا هذا طبعاً تنبيه أن كون الإنسان يشفي غليله وقوع القتل على من يحبون إخوان فهذا خطأ. تفخيم شأن المحكوم به: (إن الذي سمك
السماء) كون الله سبحانه وتعالى المخاطب أو المحكوم به أو المحكوم (الذي
سمك السماء) من هو؟ هو الله جل وعلا. فكون يقال: الله مثلاً حينما يستدعي
المقام المخاطبة بهذا اللفظ لفظ الجلالة اللفظ العظيم، لكن حينما يراد
تعظيم الأمر يقال: (سمك السماء) وهو الله سبحانه وتعالى، لكن مجيء جملة
الصلة (سمك السماء) لتضيف معنى للمخاطب. التهويل: سواءً كان تعظيماً أو تحقيراً مثل التعظيم: {فغشيهم من اليم ما غشيهم}،
يعني الذي غشيهم، فالموصول هنا للتهويل من أمر السماء، أما التحقير فيقول:
(من لم يدر حقيقة الحال قال ما قال)، يعني نوعاً من التحقير لذلك القول
الذي صدر منه. أو التهكم: { يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون }. وهذا يتهكمون به على حد زعمهم).
القارئ: (وأما
الموصول فيؤتى به إذا تعين طريقاً لإحضار معناه، كقولك: (الذي كان معنا
أمس سافر)، إذا لم تكن تعرف اسمه، أما إذا لم يتعين طريقاً لذلك فيكون
لأغراض أخرى، نحو: { إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلاً } وإخفاء الأمر عن غير المخاطب، نحو:
وأخـذت ما جــاد الأميــر بــــه وقضيت حاجاتي كما أهوى
والتنبيه على الخطأ، نحو:
الكشاف التحليلي
- رابعاً: الموصول
- فيُؤْتَى بهِ إذا تَعَيَّنَ طريقًا لإحضارِ معناهُ، كقولِكَ: الذي كانَ معنا أمْسِ مسافِرٌ، إذا لمْ تكُنْ تَعْرِفُ اسْمَه
- قد يؤتى بالموصول لأغراضٍ أخرى إذا لمْ يَتعيَّنْ طريقًا لإحضار معناه
- لغرض التعليل، ومثاله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا}.
- لغرض إخفاءِ الأمرِ عنْ غيرِ المخاطَبِ، مثاله: وأَخَذْتُ ما جادَ الأميرُ بهِ
- لغرض التنبيه على الخطأ، ومثاله:
إنَّ الذينَ تَرَوْنَهُم إخوانَكم * يَشْفِي غَليلَ صُدورِهم أنْ تُصْرَعُوا
- لغرض تفخيمِ شأنِ المحكومِ بهِ، ومثاله:إنَّ الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا * بيتًا دعائمُهُ أَعَزُّ وأطْوَلُ
- لغرض التهويلِ تعظيمًا وتحقيرًا، مثاله: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}، مَنْ لم يَدْرِ حقيقةَ الحالِ قالَ ما قالَ