2: النواسخ
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ((وأمَّا
النواسخُ)، فالتقييدُ بها يكونُ للأغراضِ التي تؤدِّيها معاني ألفاظِ
النواسخِ، كالاستمرارِ والحكايةِ عن الزمَنِ في كانَ، والتوقيتِ بزمَنٍ
معَيَّنٍ في: ظَلَّ، وباتَ، وأصْبَحَ، وأَمْسَى، وأَضْحَى، أوْ بحالةٍ
معَيَّنَةٍ في دامَ، والمقاربةِ في كادَ وكَرِبَ وأوْشَكَ، واليقينِ في
وَجَدَ وأَلْفَى ودَرَى وتَعَلَّمَ وهَلُمَّ جرًّا.
فالجملةُ في هذا تَنْعَقِدُ من الاسمِ
والخبَرِ، أوْ من المفعولَيْنِ فقطْ، فإذا قُلْتَ: ظَنَنْتُ زيدًا قائمًا،
فمعناهُ: زيدٌ قائمٌ على وجهِ الظَّنِّ).(دروس البلاغة)
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (وأمَّا
النواسخُ، المرادُ بالنواسخِ ههنا الأفعالُ الناسخةُ لحكْمِ المبتدأِ
والخبرِ ككانَ وأخواتِها، وظَنَّ وأخواتِها، وأفعالِ المقارَبَةِ.
فالتقييدُ: أيْ فتقييدُ الحكْمِ الذي في الجملةِ الداخلةِ عليها هذهِ
النواسخُ بها، أيْ بهذهِ النواسخِ، يكونُ للأغراضِ التي تُؤَدِّيها معاني
ألفاظِ النواسِخِ؛ كالاستمرارِ أو الحكايةِ عن الزمَنِ في كانَ، في قولِك:
كانَ زيدٌ مُنْطَلِقًا، فإنَّ تقييدَ الحكْمِ فيهِ بكانَ للغرَضِ الذي هوَ
مُفادُ كانَ، وهوَ الحكايةُ عن الزمانِ الماضي، سواءٌ كانَ مستَمِرًّا أوْ
مُنْقَطِعًا، فكأنَّكَ قُلْتَ: زيدٌ مُنْطَلِقٌ في الزمانِ الماضي .
وأمَّا الاستمرارُ مُطْلَقًا، فكما في قولِه تعالى: { وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا } .
والتوقيتِ بزمَنٍ مُعَيَّنٍ في ظلَّ، وباتَ، وأصْبَحَ، وأمسى، وأضْحَى.
فإنَّ معنى ظلَّ اتِّصافُ المخبَرِ عنهُ بالخبَرِ نهارًا، ومعنى باتَ
اتِّصافُه بهِ ليلًا، ومعنى أصبحَ اتِّصافُه بهِ في الصباحِ، ومعنى أمسى
اتِّصافُه بهِ في المساءِ، ومعنى أضْحَى اتِّصافُه بهِ في الضُّحى .
أو التوقيتِ لأمْرٍ بحالةٍ مُعَيَّنَةٍ في دامَ.
والمقارَبَةِ: أيْ وكالمقارَبَةِ في كادَ، وكَرُبَ، وأَوْشَكَ منْ أفعالِ المقارَبَةِ.
واليقينِ: أيْ وكاليقينِ في وَجَدَ، وأَلْفَى، ودَرَى، وتَعَلَّمَ منْ
أفعالِ القلوبِ، وهَلُمَّ جَرًّا إلى غيرِ ذلكَ من النواسِخِ .
فالجملةُ في هذا، أيْ في تقييدِ الحكمِ بالنواسخِ، تَنْعَقِدُ من الاسمِ
والخبرِ. والنواسخُ إنَّما هيَ تكونُ قُيُودًا للحكْمِ فيها، وهذا في غيرِ
أفعالِ القلوبِ، أوْ تَنْعَقِدُ من المفعولينِ فقطْ، وهذا في أفعالِ
القلوبِ؛ لأنَّ المفعولَيْنِ فيها هما المبتدأُ والْخَبَرُ، وتلكَ الأفعالُ
قيودٌ. فإذا قُلْتَ: ظننتُ زيدًا قائمًا، فمعناهُ: زيدٌ قائمٌ على وجهِ
الظنِّ، فالجملةُ في هذا انْعَقَدَتْ من الْمَفْعُولَيْنِ، وفعْلُ الظنِّ
قَيْدٌ للحكْمِ).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (وأما النواسخ: فالتقييد بها يكون للأغراض التي تؤديها معاني ألفاظ النواسخ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (النواسخ سواء كانت أفعالاً أو حروفاً فإنها تضيف معنى للجملة، صحيح أنها
ليست لا المسند ولا المسند إليه وإنما هي زائدة على الجملة، فحينما نقول
بكر مجتهد مثلاً إثبات الاجتهاد لبكر هذا هو الغرض. وحينما نأتي ونقول: كان
بكر مجتهداً هنا جاءت كان لتضيف معنى لتضيف قيد وهو أن اجتهاد بكر كان في
الماضي وهو مستمر غير منقطع؛ لأن كان تفيد الاستمرار وعدم الانقطاع وخاصة
تكون الأوصاف لله – جل وعلا- {وكان الله غفوراً رحيماً} كان وما يزال – جل وعلا -).
القارئ: (كالاستمرار والحكاية عن الزمان في كان، والتوقيت بزمن معين في ظل، وبات، وأصبح، وأمسى، وأضحى).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (كان مر شاهدها قبل قليل، أو مثالها.
أما بقية الأفعال الناسخة فهي الغرض منها بتوقيت زمن معين: في ظل لاتصاف
الحكم بالنهار، وبات بالليل، وأصبح في الصباح، وأمسى في المساء، وأضحى وقت
الضحى.
إذاًَ هي تحديد لكل أنواع الزمن الذي يتقيد به الحكم الذي دخلت عليه هذه الأفعال).
القارئ: (أو بحالة معينة في دام).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (حينما نقول: (خالد مجتهد) كما مر نقول: ما دام خالد مجتهداً، هنا دوام
محدد في حالة معينة مادام هذا الاجتهاد حاصل منه إذاً هي مقيدة بحالة معينة
وهي دوام الاجتهاد).
القارئ: (والمقاربة في كاد، وكرب، وأوشك، واليقين في: وجد، وألفى، ودرى، وتعلم، وهلم جرا).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذه كلها تدخل في تقييد الفعل بما تحمله من معنى يعني تقييد الجملة، تقييد
الحكم بما تحمله من معنى، إذاًَ نحن ننظر إلى الجملة خالية من هذا القيد
وننظر إلى دلالات معناها ثم ننظر إليها بعد أن أضيف إليها هذا القيد فنحكم
على أن الفائدة تكون فيما أضافه هذا القيد إلى معنى الجملة).
القارئ: (فالجملة في هذا تنعقد من الاسم والخبر أو من المفعولين فقط.
فإذا قلت: ظننت زيداً قائماً فمعناه زيد قائم على وجه الظن).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذا أيضاً ألوان من التقييد حينما ينظر أن الجملة تنعقد في الاسم والخبر
يعني المبتدأ والخبر وهو المسند إليه والمسند، أو من المفعولين فقط حينما
يكون أصله المبتدأ والخبر مثل قوله: ظننت زيد قائماً فزيد قائم أصلها
المبتدأ والخبر فحينما دخل عليه الفعل ظننت وهو في الوقت نفسه يحمل مسنداً
ومسنداً إليه، لكن التقييد هنا والنظر إلى المفعولين اللذين أصلهما المبتدأ
والخبر معناه زيد قائم لكنه على وجه الظن فصار الظن الآن قيد للجملة التي
وردت بعدها والمسند والمسند إليه).
الكشاف التحليلي
- ثانياً: النواسخ:
- المراد بالنواسخ هنا: الأفعالُ الناسخةُ لحكْمِ المبتدأِ والخبرِ ككانَ وأخواتِها، وظَنَّ وأخواتِها، وأفعالِ المقارَبَةِ.
- أغراض التقييد بالنواسخ: الاستمرار والحكاة عن الزمن، أو التوقيت بزمن معين، أو بحالة معينة، أو المقاربة، أو اليقين.
- الجملة في النواسخ تنعقد من الاسم والخبر أو المفعولين فقط.