10 Nov 2008
المبحث الثاني: في أقسام التشبيه
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (المبحثُ الثاني: في أقسامِ التشبيهِ
يَنقَسِمُ التشبيهُ باعتبارِ طَرَفَيْهِ إلى أربعةِ أقسامٍ: تشبيهُ مفْرَدٍ
بمفْرَدٍ، نحوُ: هذا الشيءُ كالمِسْكِ في الرائحةِ. وتشبيهُ مرَكَّبٍ
بمرَكَّبٍ، بأنْ يكونَ كلٌّ من المشبَّهِ والمشبَّهِ بهِ هيئةً حاصلةً منْ
عِدَّةِ أمورٍ، كقولِ بشَّارٍ:
كأنَّ مُثارَ النقْعِ فَوْقَ رءُوسِنا ..... وأسيافُنا ليلٌ تَهَاوى كواكبُهْ
فإنَّهُ شَبَّهَ هيئةَ الغُبارِ وفيهِ السيوفُ مُضْطَرِبَةٌ بهيئةِ الليلِ وفيهِ الكواكبُ تَتساقطُ في جهاتٍ مختلِفةٍ.
وتَشبيهُ مفْرَدٍ بمرَكَّبٍ، كتشبيهِ الشقيقِ بهيئةِ أعلامٍ ياقوتيَّةٍ منشورةٍ على رِماحٍ زَبَرْجَدِيَّةٍ.
وتشبيهُ مرَكَّبٍ بمفْرَدٍ، نحوُ قولِه:
يا صَاحِبَيَّ تَقَصَّيَا نَظَـرَيْكُمَا ..... تَرَيَا وُجوهَ الأرضِ كيفَ تَصَوَّرُ
تَرَيَا نهارًا مُشْمِسًا قدْ شَابَهُ ..... زَهْـرُ الرُّبَا فكأنَّمَا هوَ مُقْمِـرُ
فإِنَّهُ شَبَّهَ هيئةَ النهارِ المشْمِسِ الذي اختَلَطَتْ بهِ أزهارُ الرَّبْوَاتِ بالليلِ المقمِرِ. كأنَّ قلوبَ الطيرِ رَطْبًا وَيَابِسًا ..... لَدَى وَكْرِها الْعُنَّابُ والْحَشَفُ البالِي النَّشْرُ مِسْكٌ والوجوهُ دَنَا ..... نِيرُ وأطرافُ الأَكُفِّ عَنْمُ صَدْغُ الحبيبِ وحالِي ..... كلاهُمــا كاللَّيــالِي كأنَّما يَبْسِمُ عنْ لؤلؤٍ ..... مُنَضَّدٍ أوْ بَرَدٍ أوْ أَقَاحِ وثَغْرُهُ في صَفَاءٍ ..... وأَدْمُعِي كاللآلِي والريحُ تَعْبَثُ بالغُصُونِ وقدْ جَرَى ..... ذَهَبُ الأصيلِ على لُجَيْنِ الماءِ).
(ويَنقسِمُ) باعتبارِ الطرَفينِ أيضًا إلى مَلفوفٍ ومَفروقٍ. فالملفوفُ:
أنْ يُؤْتَى بِمُشَبَّهَيْنِ أوْ أكثرَ ثمَّ بالمشَبَّهِ به، نحوُ:
والمفروقُ: أنْ يُؤْتَى بمشَبَّهٍ ومُشَبَّهٍ بهِ ثمَّ آخَرَ وآخَرَ، نحوُ:
فالتمثيلُ: ما كان وجهُه منْتَزَعًا منْ متعدِّدٍ، كتشبيهِ الثريَّا بعُنقودِ العِنَبِ المنوَّرِ.
وغيرُ التمثيلِ: ما ليسَ كذلكَ، كتشبيهِ النَّجمِ بالدِّرْهَمِ.
ويَنقسِمُ أيضًا بهذا الاعتبارِ إلى مفصَّلٍ ومُجْمَلٍ.
فالأوَّلُ: ما ذُكِرَ فيهِ وجهُ الشبَهِ، نحوُ:
ويَنقسِمُ باعتبارِ أداتِه إلى مُؤَكِّدٍ، وهوَ ما حُذِفَتْ أداتُه، نحوُ:
(هوَ بحرٌ في الْجُودِ). ومرْسَلٍ، وهوَ ما ليسَ كذلكَ، نحوُ: (هوَ
كالبحْرِ كَرَمًا).
ومن المؤكِّدِ ما أُضيفَ فيهِ المشبَّهُ بهِ إلى المشبَّهِ، نحوُ:
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (المبحثُ الثاني – في أقسامِ التشبيهِ) وثَغْرُه في صَفاءٍ ..... وأَدْمُعِي كَاللآلِي (والثاني) ما ليس َ كذلكَ، نحوُ: النحْوُ في الكلامِ كالمِلحِ في الطعامِ(1). والريحُ تَعبَثُ بالغصونِ وقد جَرَى ..... ذَهَبُ الأصيلِ على لُجَيْنِ الماءِ ____________________ (1) قولُه: (نحوُ: النَّحْوُ في الكلامِ كالمِلحِ في الطعامِ)،
أي: فقد حُذِفَ منه وجْهُ الشبَهِ، وهو الصلاحُ بأعمالِ كلٍّ من النحوِ
والمِلحِ على الوجهِ اللائقِ، والفسادُ بإهمالِهما، فعَنَى هذا المثالُ
أنَّ الكلامَ لاتحصُلُ منافِعُه من الدَّلالةِ على المقاصِدِ إلاَّ
بمراعاةِ القواعدِ النحويَّةِ، كما أنَّ الطعامَ لا تَحصُلُ المَنفعَةُ
المطلوبةُ منه، وهي التغذيةُ، على وجهِ الكمالِ ما لم يُصلَحْ بالمَلْحِ. (2) قولُه: (ومرسَلٍ)، أي: مُطْلَقٍ عن التأكيدِ، أي خاليًا عنه).
(يَنقسِمُ) التشبيهُ باعتبارِ وجهِ الشَّبَهِ إلى تمثيلٍ وغيرِ تمثيلٍ.
فالتمثيلُ ما كان وجهُه منتَزَعًا من متعدِّدٍ، كتشبيهِ الثريَّا بعُنقودِ
العنبِ المُنَوَّرِ. وغيرُ التمثيلِ ما ليس كذلكَ، كتشبيهِ النجْمِ
بالدرهمِ.
(ويَنقسِمُ) بهذا الاعتبارِ أيضًا إلى مفصَّلٍ ومجْمَلٍ.
(فالأوَّلُ) ما ذُكِرَ فيه وجهُ الشَّبَهِ، نحوُ:
(ويَنقسِمُ) باعتبارِ أداتِه إلى مؤكَّدٍ، وهو ما حُذِفَتْ أداتُه، نحوُ:
هو بحرٌ في الجودِ، ومرْسَلٍ(2) وهو ما ليسَ كذلكَ، نحوُ: هو كالبحرِ
كَرَمًا. ومن المؤكَّدِ ما أُضيفَ فيه المُشبَّهُ به إلى المُشبَّهِ نحوُ:
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (المبحثُ الثاني في أقسامِ التشبيهِ وثَغْرُهُ في صَفِاءٍ ..... وأَدْمُعِي كاللآلِي والثاني: ما ليسَ كذلكَ، نحوُ: (النَّحْوُ في الكلامِ كالْمِلحِ في الطعامِ). ويَنقسِمُ باعتبارِ أداتِه إلى مُؤَكِّدٍ، وهوَ ما حُذِفَتْ أداتُه، نحوُ:
(هوَ بحرٌ في الْجُودِ). ومرْسَلٍ، وهوَ ما ليسَ كذلكَ، نحوُ: (هوَ
كالبحْرِ كَرَمًا). ومن المؤكِّدِ ما أُضيفَ فيهِ المشبَّهُ بهِ إلى المشبَّهِ، نحوُ: والريحُ تَعْبَثُ بالغُصُونِ وقدْ جَرَى ..... ذَهَبُ الأصيلِ على لُجَيْنِ الماءِ).
يَنقسِمُ التشبيهُ باعتبارِ وجهِ الشبَهِ إلى تمثيلٍ وغيرِ تمثيلٍ،
فالتمثيلُ ما كان وجهُه منْتَزَعًا منْ متعدِّدٍ، كتشبيهِ الثريَّا
بعُنقودِ العِنَبِ المنوَّرِ.
وغيرُ التمثيلِ ما ليسَ كذلكَ، كتشبيهِ النَّجمِ بالدِّرْهَمِ.
ويَنقسِمُ أيضًا بهذا الاعتبارِ إلى مفصَّلٍ ومُجْمَلٍ.
فالأوَّلُ ما ذُكِرَ فيهِ وجهُ الشبَهِ، نحوُ:
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (المبحثُ الثاني في أقسامِ التشبيهِ وثَغْرُه(17) في صفاءٍ(18) ..... وأَدمُعِى(19) كاللآلِي(20) (والثانى)(21) ما ليس كذلك(22)، نحوُ: النحوُ فى الكلامِ كالمِلْحِ فى الطعامِ(23) (ويَنقسمُ)(24) باعتبارِ أداتِه(25) إلى(26) مؤكَّدٍ وهو ما حُذِفَتْ أداتُه(27)، نحوُ: هو بحرٌ في الْجُودِ(28). ومُرْسَلٍ(29)، وهو ما ليس كذلك(30)، نحو: هو كالبحرِ كَرَماً(31). ومن المؤكَّدِ ما أُضِيفَ فيه المشبَّهُ به إلى المشبَّهِ(32)، نحوُ(33): والريحُ تَعبَثُ بالغصونِ(34) و(35) قد جَرَى ..... ذَهَبُ الأصيلِ(36) على لُجَيْنِ الماءِ(37) _______________________ قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ( (1) باعتبارِ وجْهِ الشَّبهِ وباعْتبارِ الأداةِ (يَنقسمُ التشبيهُ باعتبارِ وجهِ الشبَهِ) أي: باعتبارِ انتزاعِه من متعدِّدٍ أو عدمِ انتزاعِه منه. (2) (إلى) قسمين؛ (3) (تمثيلٍ وغيرِ تمثيلٍ. فالتمثيلُ) أي: فالتشبيهُ الْمُسَمَّى تمثيلاً هو. (4) (ما كان وجهُه) أي: وجهُ الشبَهِ فيه وصْفاً. (5) (مُنْتَزَعاً) أي: مأخوذاً (6) (من مُتَعَدِّدٍ) أي: أمرين, أو أمورٍ,
والمرادُ بالمتعدِّدِ ما له تعدُّدٌ في الجملةِ, سواءٌ كان ذلك التعدُّدُ
متعلِّقاً بأجزاءِ الشيءِ الواحدِ أو لا (7) (كتشبيهِ الثُّرَيَّا بعُنقودِ العِنبِ الْمُنَوَّرِ) في قولِ أُحَيْحَةَ الْجَلاَّحِ: وقد لاحَ في الصبْحِ الثريَّا كما تَرى ..... كعُنقودِ مُلاَّحِيَّةٍ حينَ نوَّرا فالطرَفان وهما الثُّرَيَّا وعُنقودُ العِنبِ مُفرَدان, ووجهُ الشبَهِ
الجامعُ بينَهما هيئةٌ منتزَعةٌ من أجزاءِ كلٍّ، ومن وصفِه ووصْفِ جزئِه
أعنِي هيئةً حاصلةً من اجتماعِ أجرامٍ بيضٍ مستديرةٍ صغارِ المقاديرِ في
كلٍّ. (8) (وغيرُ التمثيلِ ما ليس كذلك) أي: ما لم يكنْ وجهُ الشبَهِ فيه منتزَعاً من متعدِّدٍ بأن كان مفرَداً. (9) (كتشبيهِ النجمِ بالدرهمِ) فوجهُ الشبَهِ
الاستدارةُ, وليس منتزَعا من متعدِّدٍ. هذا هو مذهبُ الجمهورِ، وذَهَبَ
السكَّاكِيُّ إلى أنه يُشترَطُ في وجهِ الشبَهِ المنتزَعِ من متعدِّدٍ في
التمثيلِ كونُه غيرَ متحقِّقٍ حِسًّا ولا عقْلاً، بل كان اعتباراً
وهْمِيًّا فيَنحصِرُ عندَه في التشبيهِ الذي وجهُه مركَّبٌ اعتباريٌّ
وهميُّ، كحِرمانِ الانتفاعِ بأبلغِ نافعٍ مع الكَدِّ والتعَبِ في استصحابِه
في تشبيهِ مثلِ اليهودِ بمثلِ الْحِمارِ في قولِه تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ...}
الآيةَ. فالتمثيلُ عندَ السَّكَّاكِيِّ أخَصُّ منه بتفسيرِ الجمهورِ وغيرُ
التمثيلِ عندَه أعمُّ لصِدقِه بما لم يكنْ وجهُه منتزَعاً من متعدِّدٍ
وبما كان منتزَعاً من متعدِّدٍ ولكن ليس وهميًّا ولا اعتباريًّا، بل كان
وصفاً حقيقيًّا بأن كان حِسِّيًّا أو عقليًّا فبينَ المذهبين عمومٌ وخصوصٌ
باعتبارِ الصدقِ. (10) (ويَنقسمُ) التشبيهُ. (11) (بهذا الاعتبارِ) أي: باعتبارِ ذكْرِ وجْهِ الشبَهِ وعدَمِ ذكْرِه. (12) (أيضاً) أي: كما يَنقسمُ الانقسامَ السابقَ. (13) (إلى) قسمين. (14) (مفصَّلٌ ومجمَلٌ فالأوَّلُ) أي: التشبيهُ المفصَّلُ. (15) (ما ذُكِرَ فيه وجهُ الشبَهِ) أعمُّ من أن يكونَ المذكورُ وجهَ الشبَهِ حقيقةً. (16) (نحوُ) قولِ الشاعرِ: (17) (وثَغْرُه) أي: أسنانُ ثَغْرِه أي: فَمِهِ مبتدأٌ (18) (في صفاءٍ) وجهُ الشبَهِ. (19) (وأَدمُعِي) معطوفٌ على ثغرِه أي: في صفاءٍ أيضاً. (20) (كاللآلي) أي: كالجواهرِ الصافيةِ، فوجْهُ
الشبَهِ وهو الصفاءُ مذكورٌ، ووصَفَ الدموعَ بالصفاءِ إشعاراً بكثرتِها
لاقتضاءِ الكثرةِ تغسيلَ المنبَعِ وتنقيتَه من الأوساخِ التي تَمتزِجُ
بالماءِ، ومن لازمِ ذلك صفاءُ الدمْعِ بخلافِ القليلِ فيَصِحُّ معه بقاءُ
تَكدُّرِ المنبَعِ بالأوساخِ فلا يَصفُو، أو يكونَ المذكورُ ملزومَ وجهِ
الشبَهِ فيُطلَقُ عليه أنه وجهُ الشبَهِ تَسامُحاً، وإن كان وجهُ الشبَهِ
حقيقةً هو اللازمَ الذي لم يُذكَرْ، نحوُ قولِهم في الكلامِ الفصيحِ: هو
كالعَسَلِ في الحلاوةِ، فإن الجامعَ لازمُها وهو ميلُ الطبْعِ واستحسانُه
للكلامِ، لا نفسُ الحلاوةِ؛ لأنها من خواصِّ المطعوماتِ. (21) (والثاني) أي: التشبيهُ المجمَلُ. (22) (ما ليس كذلك) أي: ما لم يُذْكَرْ فيه وجهُ
الشبَهِ بشيءٍ سُمِّيَ بذلك لإجمالِ وجهِه سواءٌ كان هذا الوجهُ الغيرُ
المذكورِ ظاهراً يَفْهَمُه كلُّ مَن له مَدْخَلٌ في استعمالِ التشبيهِ،
نحوُ: خالدٌ كالأسدِ، فإنَّ كلَّ أحدٍ يَفهمُ من هذا الكلامِ أنَّ وجهَ
الشبَهِ هو الجراءةُ لكونِه أشهرَ أوصافِ الأسدِ و. (23) نحوُ: (النحوُ في الكلامِ كالْمِلحِ في الطعامِ) أي:
أنَّ الكلامَ لا تَحصُلُ منافعُه من الدَّلالةِ على المقاصدِ, إلا
بمراعاةِ القواعدِ النحويَّةِ، كما أنَّ الطعامَ لا تَحصُلُ به التغذِيَةُ
على وجهِ الكمالِ ما لم يصلُحْ بالْمِلْحِ، فوجهُ الشبَهِ هو صلاحُ كلٍّ من
الكلامِ والطعامِ بإعمالِ كلٍّ من النحوِ والْمِلْحِ على الوجهِ اللائقِ
وفسادُ كلٍّ منهما بإهمالِها، وهذا ظاهرٌ، أو خَفِيًّا لا يُدْرِكُه إلا
الخواصُّ الذين أُعْطُوا ذِهْناً يُدْرِكون به الدقائقَ والأسرارَ كقولِ
كعْبِ بنِ سعْدٍ الأشعَرِيِّ: هم كالحَلْقَةِ المُفْرَغَةِ لا يُدْرَى أين
طَرَفاها، أي: أصولُهم وفروعُهم متناسِبَةٌ في الشرَفِ كما أنَّ الحلْقةَ
الْمُفْرَغَةَ في قالَبٍ متناسِبةُ الأجزاءِ في الصورةِ، فوجْهُ الشبَهِ
بينَهما التناسُبُ الكلِّيُّ الذي يَمتنِعُ منه التفاوتُ، وإن كان ذلك
التناسبُ في المُشبَّهِ تناسُباً في معنى الشرَفِ وفي المُشبَّهِ به
تناسُباً في صورةِ الأجزاءِ ولا يَخفَى أنَّ هذا الوجهَ في غايةِ
الدِّقَّةِ لا يُدْرِكُه إلا الخواصُّ. (24) (ويَنقسمُ) التشبيهُ. (25) (باعتبارِ أداتِه) أي: حذفِها وذِكْرِها. (26) (إلى) قسمين؛ مؤكَّدٌ. (27) (وهو ما حُذِفتْ أداتُه) حذْفاً يُعتبَرُ
معه تَناسِي التقديرِ، سواءٌ حُذِفَ وجهُ الشبَهِ أولم يُحذَفْ، فالأوَّلُ
نحوُ: هو بحرٌ، ويُسَمَّى حينئذٍ تشبيهاً بليغاً. والثاني. (28) نحوُ: (هو بحرٌ في الجُودِ) سُمِّيَ مؤكَّداً لتأكُّدِه بحذفِ الأداةِ حيث جُعِلَ المُشبَّهُ عينَ المُشبَّهِ به وصادِقاً عليه. (29) (ومرسَلٍ) بالجرِّ. (30) (وهو ما ليس كذلك) أي: ما لم تُحْذَفْ أداتُه بأن ذُكرَتْ. (31) (نحوُ: هو كالبحرِ كَرَماً) أي: من جهةِ الكرَمِ سُمِّيَ مُرْسَلاً لإرسالِه من التوكيدِ. (32) (ومن المؤكَّدِ ما أُضيفَ فيه المُشبَّهُ به إلى المُشبَّهِ)
أي: بعدَ حذْفِ الأداةِ وتقديمِ المُشبَّهِ به على المُشبَّهِ بل هذا
أوْكَدُ من غيرِه؛ لأنَّ الإضافةَ فيه تُجْعَلُ بيانيَّةً وهي تَقتَضِي
الاتِّحادَ في المفهومِ والماصدَقَ معاً بخلافِ ما إذا لم تكنْ إضافةً
كالمثالين السابقين فلا يُقْتَضَي الاتِّحادُ في الماصَدَقِ. (33) (نحوُ) قولِ الشاعرِ: (34) (والريحُ تَعبَثُ بالغُصونِ) أي: تُحرِّكُها تحريكاً كفعْلِ اللاعبِ العابثِ. (35) (و) الحالُ. (36) (قد جَرَى ذهَبُ الأصيلِ) أي: بَدَتْ الصُّفْرَةُ في الوقتِ المُسَمَّى بالأصيلِ, وهو من بعدِ العصرِ إلى الغروبِ. (37) (على لُجَيْنِ الماءِ) أي: على الماءِ
الذي هو كاللُّجَيْنِ, أي: الفضَّةِ في الصفاءِ والإشراقِ، وهذا تشبيهٌ
مؤكَّدٌ يَجعلُ المُشبَّهَ عينَ المُشبَّهِ به بواسطةِ جعْلِ الإضافةِ
بيانيَّةً).
يَنْقَسِمُ التشبيهُ باعتبارِ وجهِ الشبَهِ(1) إلى(2) تمثيلٍ وغيرِ تمثيلٍ، فالتمثيلُ(3)
ما كان وجهُه(4) مُنْتَزَعاً(5) من مُتَعَدِّدٍ(6)، كتشبيهِ الثريَّا
بعُنقودِ العنبِ الْمُنَوَّرِ(7)، وغيرُ التمثيلِ ما ليس كذلك(8)، كتشبيهِ
النَّجْمِ بالدِّرهمِ(9).
(ويَنقسمُ)(10) بهذا الاعتبارِ(11) أيضاً(12) إلى(13) مُفَصَّلٍ ومُجْمَلٍ.
(فالأوَّلُ)(14) ما ذُكِرَ فيه وجهُ الشبهِ(15)، نحوُ(16):
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (* المبحثُ الثاني في أَقْسامِ التشبيهِ * يا صاحِبَيَّ تَقَصَّيَا نَظَرَيْكُمَا * أي: ابْلُغَا أَقْصَى
نَظَرَيْكُمَا وغايتَهُ بالمبالَغةِ في تحْدِيقِ النظَرِ * تَرَيَا وُجوهَ
الأرضِ * أيْ: إنْ تَقَصَّيْتُمَا نَظَرَيْكُمَا واجْتَهَدْتُمَا فيهِ
ونَظَرْتُمَا ما قَابَلَكُمَا من الأرضِ * تَرَيَا وُجوهَ الأرضِ، أي:
الأماكنَ الباديةَ منها، كالوجهِ ، (كيفَ تُصَوَّرُ)، بدلٌ منْ وجوهِ
الأرْضِ، أيْ: تَرَيَا كيفَ تَبْدُو صورتُها، أوْ تَرَيَا كيفيَّةَ صورتِها
بثُبوتِ الإشراقِ لها، كما دَلَّ عليهِ قولُه (تَرَيَا نَهارًا
مُشْمِسًا)، أيْ: ذا شمسٍ لم يَسْتُرْه غَيْمٌ، (قدْ شَابَهُ)، أيْ: خالَطَ
ذلكَ النهارَ، (زَهْرُ الرُّبَا)، جَمْعُ رَبْوَةٍ بضَمِّ الأَوَّلِ
وفَتْحِه، وهيَ المكانُ الْمُرْتَفِعُ، وأرادَ بالزَّهْرِ النباتَ
مطْلَقًا، (فكأنَّما هوَ)، أيْ ذلكَ النهارُ الموصوفُ، (مُقْمِرُ)، أيْ:
ليلٌ ذو قَمَرٍ؛وذلكَ لأنَّ الأزهارَ باخضرارِها قدْ نَقَصَتْ منْ ضوءِ
الشمسِ حتَّى صارَ كأنَّهُ ضوءٌ مخلوطٌ بالسوادِ، فصارَ بذلكَ النهارُ
الْمُشْمِسُ كالليلِ الْمُقْمِرِ؛ لاختلاطِ ضَوْئِه بالسَّوَادِ. وإنَّما
كانَ هذا التشبيهُ منْ تشبيهِ الْمُرَكَّبِ بالْمُفْرَدِ؛ فإنَّهُ شَبَّهَ
هيئةً حاصِلةً من النهارِ الْمُشمِسِ الذي اخْتَلَطَتْ بهِ أَزهارُ
الرَّبْواتِ بالليلِ الْمُقْمِرِ،وكانَ المُشَبَّهُ فيهِ
مُرَكَّبًا،والمُشَبَّهُ بهِ مُفْرَدًا مُقَيَّدًا . وقدْ لَاحَ في الصُّبْحِ الثُّرَيَّا كما تَرَى ..... كعُنقودِ مُلَّاحِيَّةٍ حين نَوَّرَا ومعنى لاحَ: بدا وظَهَرَ، وأَرادَ بالصُّبْحِ ضوءَ الصباحِ في سوادِ
الليلِ، والثُّرَيَّا تصغيرُ ثَرَوَى مؤنَّثُ ثَرْوَانَ، كَسَكْرَى مؤنَّثِ
سَكْرَانَ، للمرأةِ الثَمُولةِ، سُمِّيَ بِمُصَغَّرِها النجمُ لكثرةِ
كواكبِه وضِيقِ مَحَلِّه، ومُلَّاحِيَّةٍ: بضَمِّ الميمِ وتشديدِ اللامِ،
عِنَبٌ أبيضُ طويلٌ، فإضافةُ العُنقودِ إلى مُلَّاحِيَّةٍ بيانيَّةٌ،
وقولُه ( حينَ نَوَّرَا )، أيْ: تَفَتَّحَ نَوْرُه، والنَّوْرُ الزَّهْرُ.
ومعنى البيتِ أنَّ الثُّرَيَّا الشَّبيهةَ بالعِنَبِ حينَ نَوَّرَ قدْ
لاحَتْ في الصُّبْحِ كما تَرَى، فوَجْهُ الشبَهِ بينَ الثُّرَيَّا
والعِنَبِ الْمُنَوَّرِ هوَ الهيئةُ الحاصلةُ منْ تَقَارُنِ صُوَرِ النجومِ
في الثُّرَيَّا وصُوَرِ حَبَّاتِ العِنَبِ الْمُنَوَّرِ في العُنقودِ على
الكيفيَّةِ المخصوصةِ التي ليسَ فيها غايةُ التلاصُقِ،ولا شِدَّةُ
الافتراقِ. غيرُ التمثيلِ: ما ليسَ كذلكَ، أيْ لمْ يكُنْ وجْهُه مُنْتَزَعًا منْ
مُتَعَدِّدٍ، كتشبيهِ النَّجْمِ بالدرْهَمِ؛ فإنَّ وجهَ الشبَهِ ههنا وهوَ
البياضُ والصفا ليسَ مُنْتَزَعًا منْ مُتَعَدِّدٍ . ويَنْقَسِمُ بهذا الاعتبارِ أيضًا: أيْ ويَنْقَسِمُ التشبيهُ انقسامًا
آخَرَ باعتبارِ وَجْهِ الشَّبَهِ أيضًا إلى مُفَصَّلٍ ومُجْمَلٍ: الْمُفَصَّلُ والْمُجْمَلُ ههنا من التفصيلِ الذي هوَ الصراحةُ
بالذِّكْرِ،ومن الإجمالِ الذي هوَ عَدَمُ ذِكْرِ الشيءِ صريحًا كما قالَ . فالأوَّلُ ما ذُكِرَ فيهِ وَجْهُ الشَّبَهِ، نحوَ: وثَغْرُه، أيْ: فَمُه،
والمرادُ أسنانُ فَمِه في صَفَاءٍ، هذا وَجْهُ الشَّبَهِ، وقولُه
(وأَدْمُعِي ) عَطْفٌ على ثَغْرِه. فالمعنى أنَّ ثَغْرَهُ وأَدْمُعِي
كِلَيْهِمَا في صفاءٍ كالَّآلِي، أيْ: كالجواهِرِ الصافيةِ. فهذا مِثالٌ
للتشبيهِ الْمُفَصَّلِ لكونِ التصريحِ بوجْهِ الشبَهِ فيهِ . والثاني ما ليسَ كذلكَ، أيْ لم يُذْكَرْ فيهِ وجْهُ الشبهِ، وإنْ كانَ
يُفْهَمُ معنًى، إِمَّا ظاهرًا بحيثُ يَفْهَمُه كلُّ أَحَدٍ، نحوَ: ( زيدٌ
كالأسدِ )؛ فإنَّ كلَّ أَحَدٍ مِمَّنْ يَفْهَمُ معنى هذا الكلامِ يَفْهَمُ
أنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ هوَ الشجاعةُ. أوْ خَفِيًّا لا يَفْهَمُه إلَّا
الخواصُّ، نحوَ: ( النَّحْوُ في الكلامِ كالْمِلْحِ في الطعامِ )؛ فإنَّ
وجْهَ الشبَهِ بينَ النحوِ والْمِلْحِ هوَ الصلاحُ بالإعمالِ والفسادُ
بالإهمالِ،وهذا ممَّا لا يَفْهَمُه كلُّ مَنْ يَفْهَمُ معنى هذا
الكلامِ؛ولذا خَفِيَ على بعضِ الأذهانِ،وتُوُهِّمَ أنَّ وجْهَ الشبهِ
بينَهما كونُ القليلِ مُصْلِحًا،والكثيرِ مُفْسِدًا،ولمْ يُفْهَمْ أنَّ
وَجْهَ الشبَهِ لا بُدَّ أنْ يكونَ مشْتَرَكًا بينَ المُشَبَّهِ
والمُشَبَّهِ به،وهذا الوجْهُ الذي ذَكَرَهُ هذا البَعْضُ لم يُوجَدْ في
المُشَبَّهِ الذي هوَ النحوُ ؛ لأنَّ الْمُرادَ بالنحوِ ههنا ما
يُسْتَعْمُل منهُ ويُرَاعَى في الكلامِ منْ قواعدِه المعلومةِ،وأحكامِه
الْمُقَرَّرَةِ،وهذا مِمَّا لا يَحْتَمِلُ القِلَّةَ والكثرةَ ؛ لأنَّهُ
إذا اعْتُبِرَ بكمالِه صَحَّ الكلامُوصارَ صالحًا لفَهْمِ المرادِ،وإنْ
سَقَطَ منهُ شيءٌ فَسَدَولم يُنْتَفَعْ بهِ، بخلافِ الْمِلْحِ فإنَّهُ
يَقْبَلُ القِلَّةَ والكثرةَ باعتبارِ ما يُجعَلُ فيهِ من الطعامِ. فما
جَعَلَه هذا البعضُ وجهَ الشبهِ لا يَصْلُحُ لهُ . ويَنْقَسِمُ باعتبارِ أداتِه إلى: مؤكَّدٍ، وهوَ ما حُذِفَتْ أداتُه أيْ
بحيثُ لا يُعْتَبَرُ تقديرُها في نَظْمِ الكلامِ؛ لأنَّهُ يُفيدُ حينئذٍ
جَعْلَ المُشَبَّهِ نفسَ المُشَبَّهِ به، فيَتَحَقَّقُ معنى تأكيدِ
التشبيهِ. بخلافِ ما إذا اعْتُبِرَتْ مُقَدَّرَةً ؛ لأنَّها تكونُ حينئذٍ
كالمذكورةِ فلا يَتَحَقَّقُ معنى التأكيدِ إذْ مَنْشَأُهُ ادِّعاءُ
الاتِّحادِ بينَ المُشَبَّهِ والمُشَبَّهِ بهِ، نحوَ: ( هوَ بَحْرٌ في
الْجُودِ )، بادِّعاءِ كونِه نفسَ البحرِ . ومُرْسَلٍ، وهوَ ما ليسَ كذلكَ، أيْ لمْ يُحْذَفْ أداتُه، نحوَ ( هوَ
كالبحْرِ كَرَمًا )؛ وإنَّما سُمِّيَ بذلكَ لكونِه مُرْسَلًا من التأكيدِ
المستفادِ منْ حَذْفِ الأداةِ. ومن المؤكَّدِ ما أُضيفَ فيهِ المُشَبَّهُ بهِ إلى المُشَبَّهِ إضافةً
بيانيَّةً مُقتضِيَةً للاتِّحادِ بينَ المضافِ والمضافِ إليه، فيَتَحَقَّقُ
منشأُ التأكيدِ، وهوَ جَعْلُ المُشَبَّهِ نفسَ المُشَبَّهِ بهِ، نحوَ: (
والريحُ تَعْبَثُ)، أيْ: تَلْعَبُ، (بالغُصُونِ ) وتُحَرِّكُها تَحْريكًا
كفِعْلِ اللاعبِ، (وقدْ جَرَى)، أيْ: ظَهَرَ، والجملةُ حاليَّةٌ، ( ذَهَبُ
الْأَصِيلِ )، أيْ: صُفْرَتُه التي كالذَّهَبِ،والأَصيلُ بفتْحِ الهمزةِ
هوَ الوقتُ بعدَ العَصْرِ إلى الغروبِ، ( على لُجَيْنِ الماءِ )،
اللُّجَيْنُ بضَمِّ اللامِوفَتْحِ الجيمِ هوَ الفِضَّةُ،وهذهِ الإضافةُ
إضافةُ المُشَبَّهِ بهِ إلى المُشَبَّهِ،والتقديرُ باعتبارِ أَصْلِ
التركيبِ،وحاصلُ المعنى على الماءِ الذي هوَ كاللُّجَيْنِ في البياضِ
والصفاءِ، فحُذِفَتْ أداةُ التشبيهِ حَذْفًا يُعْتَبَرُ معهُ تَنَاسِي
التقديرِ في نَظْمِ الكلامِ، ثمَّ نُقِلَ المُشَبَّهُ بهِ عنْ
مكانِه،وجُعِلَ مضافًا إلى المُشَبَّهِ إضافةً بيانيَّةً؛ ليُشْعِرَ
جَعْلَ أحدِهما نفسَ الآخَرِ،ويَتَحَقَّقَ معنى تأكيدِ التشبيهِ.وهذهِ
الإضافةُ هيَ مَحَلُّ الاستشهادِ).
يَنْقَسِمُ التشبيهُ باعتبارِ طَرَفَيْه المُشَبَّهِ والمُشَبَّهِ بهِ إفرادًا وتركيبًا إلى أربعةِ أقسامٍ:
الأوَّلُ: تشبيهُ مُفْرَدٍ بِمُفْرَدٍ، سواءٌ كانا غيرَ مُقَيَّدَيْنِ بقَيْدٍ يكونُ لهُ دَخْلٌ في التشبيهِ، أوْ كانا مُقَيَّدَيْنِ بهِ .
فالأَوَّلُ نحوَ: ( هذا الشيءُ كالْمِسْكِ في
الرائحةِ )، فتَشبيهُ الشيءِ المخصوصِ الْجُزْئِيِّ بالْمِسْكِ في الرائحةِ
تشبيهُ مُفْرَدٍ غيرِ مُقَيَّدٍ بِمُفْرَدٍ غيرِ مُقَيَّدٍ .
ومن هذا البابِ قولُه تعالى: { هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ }،
أيْ: هُنَّ كاللِّباسِ لكُمْ ، وأنْتُمْ كاللِّباسِ لهنَّ، في أنَّ كُلًّا
من المرأةِ والرَّجُلِ يَشْتَمِلُ على صاحبِه عندَ الاعتناقِ، كما أنَّ
اللِّباسَ يَشْتَمِلُ على صاحبِه، فوجْهُ الشبَهِ هوَ وَصْفُ الاشتمالِ،
ولا مَدْخَلَ فيهِ لقولِه تعالى: لكُم ولَهُنَّ؛ لأنَّ اللِّباسَ في حَدِّ
ذاتِه موصوفٌ بكونِه يَشْتَمِلُ بهِ منْ غيرِ تَوَقُّفٍ على كونِه للرجالِ
أوْ للنساءِ؛ فلذا لمْ يُعَدَّ المجرورُ قَيْدًا في المُشَبَّهِ به،
وجُعِلَ هذا القولُ منْ تَشبيهِ الْمُفرَدِ بالمفْرَدِ بلا قَيْدٍ؛ لأنَّ
المرادَ بالقَيْدِ ليسَ هوَ مُطْلَقُ القيْدِ بلْ ما لهُ دَخْلٌ في وَجْهِ
الشَّبَهِ .
والثاني نحوَ: الساعي بغيرِ طائلٍ كالراقِمِ على
الماءِ ؛ لأنَّ المُشَبَّهَ في هذا ليسَ مُجَرَّدَ الساعي ما لم يُقَيَّدْ
بكونِه بحيثُ لا يَحْصُلُ منْ سَعْيِه على شيءٍ، وكذا المُشَبَّهُ بهِ
ليسَ مُجَرَّدَ معنى الراقِمِ بدونِ أنْ يُقَيَّدَ بكونِ رَقْمِه على
الماءِ ؛ لأنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ بينَهما استواءُ وجودِ الفِعْلِ وعَدَمُه
في عَدَمِ الفائدةِ،وهوَ موقوفٌ على اعتبارِ هذين الْقَيْدَيْنِ،
فالقَيْدَانِ ههنا مِمَّا لهُ مَدْخَلٌ في وَجْهِ الشَّبَهِ؛ ولذا جُعِلَ
هذا القولُ منْ بابِ تشبيهِ الْمُفْرَدِ الْمُقَيَّدِ بالْمُفْرَدِ
الْمُقَيَّدِ .
وبهذا التفصيلِ اتَّضَحَ ما قالَ في الحاشيةِ منْ قولِه: وقدْ يكونُ المفرَدُ مُقَيَّدًا إلخ .
والقِسْمُ الثاني: تشبيهُ مرَكَّبٍ بِمُرَكَّبٍ،
بأنْ يكونَ كلٌّ من المُشَبَّهِ والمُشَبَّهِ بهِ هيئةً حاصلةً منْ
عِدَّةِ أمورٍ قدْ تَضَامَّتْ وتَلَاصَقَتْ حتَّى صارتْ شيئًا واحدًا،
بحيثُ إذا انْتُزِعَ الْوَجْهُ منْ بعضِها اخْتَلَّ التشبيهُ في قَصْدِ
المتكلِّمِ، كقولِ بَشَّارٍ:
(كأنَّ مُثارَ النَّقْعِ)، النَّقْعُ: الغُبارُ، ومُثَارُ اسمُ مفعولٍ منْ
أَثَارَ الغُبارَ إذا هَيَّجَهُ وحَرَّكَهُ، فإضافتُه إلى النَّقْعِ منْ
إضافةِ الصفةِ إلى الموصوفِ، والأصْلُ كأنَّ النَّقْعَ الْمُثارَ، أي
الْمُهَيَّجَ منْ أسْفَلَ لِأَعْلَى بحوافِرِ الخيلِ، (فوقَ رُءُوسِنا)،
أي: الكائنَ أو الْمُنْعَقِدَ فوقَ رءُوسنا، وهوَ صفةٌ لِمُثَارِ
النَّقْعِ، (وأسيافَنا)، الواو بمعنى معَ، أيْ: كأنَّ مُثارَ النَّقْعِ
الكائنَ أو الْمُنْعَقِدَ فوقَ رءُوسِنا معَ أسيافِنا، (ليلٌ تَهَاوَى
كَوَاكِبُه)، أيْ: تَتساقَطُ كَوَاكبُه شيئًا فشيئًا، بأنْ يَتْبَعَ بعضُها
بعضًا في التساقُطِ منْ غيرِ انقطاعٍ على ما يُفْهَمُ منْ صيغةِ المضارِعِ
الدالَّةِ على الاستمرارِ التَّجَدُّدِيِّ؛ فإنَّهُ شَبَّهَ هيئةَ
الغُبارِ، وفيهِ السيوفُ مضْطَرِبَةٌ إلى جهاتٍ مُختلِفةٍ في أحوالٍ
مُتَنَاسِبَةٍ من الاعوجاجِ والاستقامةِ والارتفاعِ والانخفاضِ، بهيئةِ
الليلِ وفيهِ الكواكبُ تَتساقَطُ في جهاتٍ مختلِفةٍ، ولم يَقْصِدْ تشبيهَ
مُثَارِ النقْعِ بالليلِ والسيوفَ بالكواكبِ، حتَّى يكونَ فيهِ تشبيهانِ
كلٌّ منهما تَشبيهٌ مُفْرَدٌ بمفْرَدٍ ؛ لأنَّهُ تَفوتُ معهُ الدِّقَّةُ
التركيبيَّةُ الْمَرْعِيَّةُ في وجْهِ الشَّبَهِ .
والقِسمُ الثالثُ: تشبيهُ مفْرَدٍ، سواءٌ كانَ
مُقَيَّدًا أوْ غيرَهُ ، بمُرَكَّبٍ، أيْ بهيئةٍ منْتَزَعَةٍ منْ أمورٍ
مُتَعَدِّدَةٍ اثنانِ فأكثرَ، كتشبيهِ الشقيقِ الذي هوَ مُفْرَدٌ بهيئةِ
أعلامٍ ياقوتيَّةٍ منشورةٍ على رِماحٍ زَبَرْجَدِيَّةٍ كما مَرَّ في بيانِ
معنى الْحِسِّيِّ .
والقِسمُ الرابعُ: تشبيهُ مُرَكَّبٍ بِمُفْرَدٍ، نحوَ قولِه:
ويَنْقَسِمُ التشبيهُ باعتبارِ الطرَفَيْنِ أيضًا منْ حيثُ وجودُ
التَّعَدُّدِ فيهما معًا إلى ملفوفٍ ومَفروقٍ، ومنْ حيثُ وجودُ
التَّعَدُّدِ في أحدِهما فقطْ إلى تشبيهِ التسويةِ وتشبيهِ الجمْعِ .
فالملفوفُ، أنْ يُؤْتَى أوَّلا بمُشَبَّهَيْنِ أوْ أكثَرَ بطريقِ العَطْفِ
أوْ غيرِه، ثمَّ يُؤْتَى بالمُشَبَّهِ بهما أوْ بالمُشَبَّهِ بها بذلكَ
الطريقِ، نحوَ قولِ امرئِ القَيْسِ في وَصْفِ العُقَابِ بكثرةِ اصطيادِ
الطيورِ: ( كأنَّ قُلوبَ الطَّيْرِ ) حالَ كونِ بعضِها (رَطْبًا)، وبعضِها
(يابِسًا)، فهما حالانِ من القلوبِ على التوزيعِ، (لدى وَكْرِها)، أيْ:
وَكْرِ العُقَابِ، والوَكْرُ عُشُّ الطائرِ وإنْ لمْ يكُنْ فيهِ،
(العُنَّابُ والْحَشَفُ)، هوَ أَرْدَأُ التَّمْرِ، (الْبَالِي)، صفةُ
الْحَشَفِ لتأكيدِ المشابَهَةِ؛ حيثُ كانَ في مقابَلَةِ قلوبِ الطيرِ
اليابسةِ ؛ فإنَّهُ شَبَّهَ الرَّطْبَ الطَّرِيَّ منْ قلوبِ الطيرِ
بالعُنَّابِ، واليابِسَ العَتيقَ منها بالتمْرِ الرديءِ، فذَكَرَ أوَّلًا
المُشَبَّهَيْنِ ثمَّ المُشَبَّهَ بهما على الترتيبِ، وإنَّما سُمِّيَ هذا
التشبيهُ بالملفوفِ لوجودِ لفِّ المُشَبَّهاتِ وضَمِّ بعضِها إلى بعضٍ فيه،
وكذلكَ المُشَبَّهاتُ بها .
والمفروقُ، أنْ يُؤْتَى بمُشَبَّهٍ ومُشَبَّهٍ بهِ ثمَّ بمُشَبَّهٍ آخَرَ
ومُشَبَّهٍ بهِ آخَرَ، ثمَّ كذلكَ، نحوَ: ( النَّشْرُ مِسْكٌ )، أي:
النَّشْرُ منْ هؤلاءِ النِّسوةِ والرائحةُ الطَّيِّبَةُ منهنَّ كَنَشْرِ
الْمِسْكِ ورائحتِه في الاستطابَةِ، (والوجوهُ) منهنَّ (دنانيرُ)، أيْ:
كالدنانيرِ من الذَّهَبِ في الاستدارةِ والاستنارةِ معَ مخالَطَةِ
الصُّفْرَةِ؛ فإنَّ الصُّفْرَةَ مِمَّا يُسْتَحْسَنُ في ألوانِ النساءِ،
(وأطرافُ الْأَكُفِّ) منهنَّ، والمرادُ بها الأصابعُ، ( عَنْمُ )، أيْ:
كعَنْمٍ، وهوَ شَجَرٌ لَيِّنُ الأغصانِ مُحْمَرٌّ تُشَبَّهُ بهِ أصابِعُ
الْجَواري الْمُخَضَّبَةُ. ففيهِ ثلاثُ تشبيهاتٍ؛ لأنَّهُ شَبَّهَ
النَّشْرَ بالْمِسْكِ، والوُجوهَ بالدنانيرِ، والأصابعَ
بالعَنْمِ،وَجَعَلَ كلَّ مُشَبَّهٍ معَ ما هوَ مُشَبَّهٌ بهِ منْ غيرِ أنْ
يَتَّصِلَ أحدُ المُشَبَّهَيْنِ بالمُشَبَّهِ الآخَرِ، بلْ فَرَّقَ بينَ
المُشَبَّهاتِ بالمُشَبَّهاتِ بها،وفَرَّقَ بينَ المُشَبَّهاتِ بها
بالمُشَبَّهاتِ؛ولذا سُمِّيَ هذا القِسمُ مَفْروقًا .
وإنْ تَعَدَّدَ المُشَبَّهُ دونَ المُشَبَّهِ بهِ سُمِّيَ هذا التشبيهُ
الذي وُجِدَ فيهِ ذلكَ التَّعَدُّدُ تشبيهَ التسويةِ؛ لوجودِ التسويةِ فيهِ
بينَ المُشَبَّهاتِ فيما أُلْحِقَتْ به، وهوَ المُشَبَّهُ بهِ، نحوَ: (
صُدْغُ الحبيبِ )، الصُّدْغُ بضَمِّ الصادِ ما بينَ الأُذُنِ
والعينِ،ويُطْلَقُ على الشعْرِ الْمُتَدَلِّي من الرأسِ على هذا
الْمَوْضِعِ،وهوَ الْمُرادُ ههنا، (وحالي * كِلَاهُما كاللَّيَالِي ) في
السوادِ، إلَّا أنَّ السوادَ في الصُّدْغِ حقيقيٌّ،وفي الحالِ
تَخْيِيلِيٌّ، فقدْ تَعَدَّدَ فيهِ المُشَبَّهُ،وهوَ صُدْغُ
الحبيبِ،وحالُ المتكلِّمِ،واتَّحَدَ المُشَبَّهُ به،وهوَ الليالي .
وإنْ تَعَدَّدَ المُشَبَّهُ بهِ دونَ المُشَبَّهِ سُمِّيَ ذلكَ التشبيهُ
الذي تَعَدَّدَ فيهِ المُشَبَّهُ بهِ فقطْ تَشْبِيهَ الجمْعِ؛ لأنَّكَ
جَمَعْتَ فيهِ للمُشَبَّهِ الواحدِ أُمورًا مُشَبَّهًا بها، نحوَ: (كأنَّما
يَبْسِمُ)، مضارِعٌ من الْبَسْمِ، وهوَ التَّبَسُّمُ، وأقَلُّ
الضَّحِكِ وأحْسَنُه، وفَاعِلُه ضميرٌ فيهِ يَرْجِعُ إلى الْإِثْمِدِ
المذكورِ في الشِّعْرِ قَبْلَه،وهوَ الناعِمُ البَدَنِ عنْ لؤلؤٍ،وهوَ
الْجَوْهَرُ الصافي المعروفُ، ( مُنَضَّدٍ )، أيْ: مُنَظَّمٍ، (أوْ)
يَبْسِمُ عنْ (بَرَدٍ)، وهوَ الْحَبُّ النازِلُ من السَّحَابِ معَ المطَرِ،
(أو) يَبْسِمُ عنْ ( أُقَاحٍ )، جَمْعِ أُقْحُوانٍ بضَمِّ الهمزةِ، وهوَ
البَابُونْجُ كما في الحاشيةِ، وهوَ نَوْرٌ يَنْفَتِحُ كالوردِ،وأوراقُه
في شَكْلِها أَشْبَهُ شيءٍ بالأسنانِ في اعتدالِها، ففيهِ تشبيهُ الأسنانِ
بثلاثةِ أشياءٍ: اللؤلؤُ الْمُنَضَّدُوالبَرَدُوالأُقَاحِي، فقدْ
تَعَدَّدَ المُشَبَّهُ بهواتَّحَدَ المُشَبَّهُ .
ويَنْقَسِمُ التشبيهُ باعتبارِ وجهِ الشَّبَهِ إلى تمثيلٍ وغيرِ تمثيلٍ:
فالتمثيلُ: أيُّ تشبيهٍ كانَ وجْهُهُ مُنْتَزَعًا ومأخوذًا منْ
مُتَعَدِّدٍ؛ أَمْرَيْنِ أوْ أمورٍ، وكتشبيهِ الثُّرَيَّا بعُنقودِ
الْعِنَبِ الْمُنَوَّرِ في قولِ الشاعرِ:
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ) قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (المبحث الثاني: في أقسام التشبيه تدور عليه الشمس وهي كليلة ..... تنازعه من بين ريش القشاعم إذا ضؤها لاقى من الطير فرجة ..... تدور بين البيض مثل الدراهم فهذا في الأرض البيضاء يكون كالدراهم، وفي الأرض
الصفراء أو في المساء يكون كالذهب كالدنانير، ولذلك يشبه ضوء الشمس فى
الصباح بالفضة، ويشبه في المساء بالذهب، وبالأخص إذا كانت على الماء في
كقول الشاعر: الريح تعبث بالغصون وقد جرى ..... ذهب الأصيل على لجين الماء ذهب الأصيل، أي: لون الشمس في المساء جعله كالذهب على لجين الماء، شبه الماء باللجين وهو الفضة، وكذلك قول آخر في وصف أرضٍ: يفضضها الهجير وكل بدر ..... وتذهبها الغدايا والعشايا (يفضضها الهجير) أي: يجعلها كالفضة؛ لشدة بياضها
وصقالتها، (يفضضها الهجير وكل بدر) القمر أيضا لونه عليها يجعلها كالفضة،
(وتذهبها الغدايا والعشايا)، الصباح الباكر والمساء الباكر يجعلها إذ ذاك؛
لأن أشعة الشمس حمراء كالذهب. وينقسم أيضا بهذا الاعتبار إلى مفصل ومجمل، وجه الشبه
ينقسم إلى مفصل ومجمل، فالأول ما ذكر فيه وجه الشبه، ما صرح بوجه الشبه
فيه، مثل قول الشاعر: وثغره في صفاء وأدمعي ..... كاللآلئ ..... في صفاء وأدمعي كاللآلئ فشبه ثغر المحبوب أي: أسنانه، وشبه
أدمعه هو بالآلئ، وذكر وجه الشبه وهو الصفاء.والثاني ما ليس كذلك، أي: ما
لم يذكر فيه وجه الشبه بالتصريح، مثل: النحو في الكلام كالملح في الطعام،
النحو في الكلام كالملح في الطعام، وجه الشبه الإصلاح أنه يصلحه، ولم يذكر
وجه الشبه هنا. انتهينا من تقسيمه باعتبار وجه الشبه. وينقسم باعتبار أداته إلى مؤكد: وهو ما حذفت أداته،
وهذا الذي نسميه بالاستعارة إن شاء الله، نحو هو بحر في الجود، أي: هو
كالبحر في الجود، فحُذفت أداة التشبيه فالتشبيه هنا مؤكد؛ أي أنه ليس فقط
كالبحر بل هو بحر في الواقع. وإلى تشبيه مرسل: وهو ما ليس كذلك أي: الذي ذكرت فيه
الأداة، هو كالبحر في السخاء، كالبحر أثبتت الكاف، ومن المؤكدات ما أضيف
فيه المشبه به إلى المشبه، ومن المؤكدات أي من التشبيه المؤكد، ما أضيف فيه
المشبه به إلى المشبه، نحو: والريح تعبث بالغصون وقد جرى ..... ذهب الأصيل على لجين الماء البيت الذي قلناه، جرى ذهب الأصيل، أضيف الذهب هنا إلى
الأصيل؛ تشبيها له به، فكأن الأصيل ذهب، الأصيل ضوء الشمس في آخر النهار
يسمى أصيلاً وأصيلالاً وأصيلاناً بالنون وباللام، كما قال النابغة: وقفت فيها أصيلانا أخاطبها عيت ..... جوابا وما في الربع من أحد وفي الرواية الأخرى: وقفت فيها أصيلالاً أخاطبها عيت ..... جوابا وما في الربع من أحد وكذلك لجين الماء، فاللجين الفضة، وأضيفت إلى الماء تشبيها للماء بالفضة في لونه وصفائه).
ينقسم التشبيه باعتبار وجه الشبه إلى تمثيل وغير
تمثيل، فالتشبيه باعتبار وجه الشبه إما أن يكون تمثيلا بأن يكون وجه الشبه
منتزعاً من أمور متعددة جعلت منها حقيقة واحدة، كأنك أذبت تلك الأمور كلها
وانتزعت منها حقيقة مستقلة، فهذا النوع يسمى التشبيه التمثيلي، وجه الشبه
فيه تمثيليٌ.
فالتمثيل ما كان وجهه منتزعاً من متعدد، أي جُمعت
أوصاف متعددة وأذيبت فجُعلت وجه الشبه، كتشبيه الثريا بعنقود العنب المنور؛
فذلك لاجتماع النور ولاجتماع التقارب، والاستدارة في حبات العنب
كالاستدارة في النجوم، والصغر كذلك فى الثريا، فكل هذه الأوصاف جمعتها
فاتخذت منها وجه شبه واحدٍ.
وأما غير التمثيلي: فهو ما ليس كذلك، أي: ما لم ينتزع
فيه الوصف من عدة أوصاف؛ بل نظر فيه إلى وصف واحد، كتشبيه النجم بالدرهم،
فالوجه الاستدارة والإضاءة فقط، فالدرهم أبيض من الفضة ومستدير فكذلك
النجم، بل أبلغ من هذا تشبيه ضوء الشمس بين البيض المغفر، جمع بيضة وهي
المغفر الذي يجعل على رأس الفارس ويجعل على رأس المقاتل، تشبيه ضوء الشمس
على الأرض بين الجيش بالدراهم أقصد، أو بالدنانير، فهذا أبلغ كقول أبي
الطيب المتنبي:
(كلام غير مسموع) أمامه بناجٍ ولا الوحش المزار بسالم
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (المبحث الثاني في أقسام التشبيه :
ينقسم التشبيه باعتبار طرفيه إلى أربعة أقسام :
( تشبيه مفرد بمفرد ، نحو : هذا الشيء كالمسك في الرائحة ) .
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (يلحظ هنا كما أشرت قبل قليل
أن المؤلفين ذكروا هذه الأقسام باعتبار الطرفين والاعتبارات كما أسلفت مما
أشير إليه قبل قليل ، مسألة الحسية والعقلية في نوع الطرف أهو حسي أو عقلي
، أيضاً هذا يدخل في مسألة الأقسام لكن المؤلفين لم يذكروه يعني هنا ذكروه
هناك باعتبار أنواع الطرفين . ومن تقسيماتهم باعتبار الطرفين أن المشبه به
مفرد والمشبه مفرد ، ولذلك هذا التقسيم باعتبار تعدد أجزاء الصورة فحينما
يقال : ( هذا الشيء كالمسك في الرائحة ) فالشيء المشار إليه هنا. شيء واحد،
والمسك أيضاً نوع من أنواع العطر هو شيء واحد إذاً هو تشبيه صورة مفردة
بصورة مفردة والجامع بينهما هو الرائحة الجميلة).
القارئ : (تشبيه مركب بمركب بأن يكون كل من المشبه والمشبه به هيئة حاصلة من عدة أمور ، كقول بشار :
كأن مثــار النـقـع فـوق رؤوسـنا وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
فإنه شبه هيئة الغبار وفيه السيوف مضطربة بهيئة الليل وفيه الكواكب تتساقط في جهات مختلفة).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (الصورة التي أرادها الشاعر
بشار بن برد في هذا البيت ليست مفرداً بمفرد وإنما هي مركب بمركب، فلو
أعدنا النظر في البيت مرة ثانية سنجد أن المشبه ( مثار النقع فوق رؤوسنا
وأسيافنا ) ليست قضية واحدة المشبه واحدة ، ليست مثار النقع ولا كونه
واقفاً فوق رؤوسهم ولا الحديث عن أسيافهم وإنما كل هذه مجتمعة الغبار
المتطاير من سنابك الخيل وحجبه لأشعة الشمس نتيجة كثافته شبه وحركة السيوف
وهي تخترق هذا الغبار وقد تأخذ من أشعة الشمس حينما ترتفع عن الغبار فإنها
قد تتصل بأشعة الشمس فتلتقط السيوف بلمعانها بعض الأشعة من الشمس فإذا نزلت
السيوف على رؤوس الأعداء بهذه الحركة، هذا الحركة كاملة مركبة وليست من
شيء واحد ، يشابهها أو أراد الشاعر أن يعقد بين هذه الأمور المشتركة وبين
الليل ليس الليل فقط وإنما الليل في حالة تهاوي الكواكب حينما ينظر الإنسان
إلى السماء في بعض المرات يجد أن الشهب تنزل وكأنها يعني مثل حركة السيوف
التي تخترق الغبار ثم تعود مرة ثانية إلى رؤوس الأعداء فهذه الصورة ليست من
شيء واحد وإنما هي مركبة من عدة أمور ، عندنا في المشبه الغبار المثار
وكونه يعلو رؤوس المتقاتلين والأسياف وهي تخترق ذلك الغبار ليصعد ثم تنزل
هذه الصورة تشابهها صورة الصورة التي يتمثلها الناظر إلى الشهب في الليل
وهي تتساقط من السماء وكأنها حركة السيوف التي أرادها الشاعر).
القارئ : (وتشبيه مفرد بمركب ، كتشبيه الشقيق بهيئة أعلام ياقوتية منشورة على رماح زبرجدية).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (الآن بدأوا يذكرون ما دام
المفرد والمفرد عرف في القسم الأول والمركب بالمركب في القسم الثاني فلابد
أن يكون القسم الثالث هو واحد من الاثنين والثاني من الآخر وعكسه سيكون
القسم الرابع ولذلك يقولون تشبيه مفرد بمركب يعني المشبه مفرد والمشبه به
مركب . مثل تشبيه الشقيق بأعلام ياقوتية منشورة على رماح زبرجدية لاحظ أن
التشبيه للشقيق ، الشقيق لون من ألوان الزهر شبه بأعلام ياقوتية في لونها
منشورة على رماح زبرجدية يعني ليس تشبيه الشقيق بأعلام مثلاً أو بالياقوت
أو بالرماح أو بالزبرجد لا بواحد إنما شبه الشقيق هذه الأزهار التي تأخذ
شكلاً صافي الارتفاع والاستدارة واللون لكن ها هي الشقيق هذه صورتها أزهار
محددة معروفة ، حتى تكون صورتها واضحة شبهت بأعلام ياقوتية في لونها منشورة
على رماح زبرجدية يعني في اللون وفي الاستقامة وفي الارتفاع وفي الحامل
والمحمول كلها وضحتها صورة المشبه به ولذلك صار التشبيه من النوع الثالث
مفرد تشبيه ومفرد بمركب).
القارئ : (وتشبيه مركب بمفرد نحو قوله :
يـا صـاحـبي تقصيا نـظريـكــما تريا وجوه الأرض كيف تصور
تريا نـهـاراً مشـمسـاً قـد شـابـه زهر الرُّبا فكأنما هو مقمر
فإنه شبه هيئة النهار المشمس الذي اختلطت به أزهار الربوات بالليل المقمر).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هنا عكس التشبيه السابق
المشبه هنا صورته مركبة لأنه لم يشبه النهار فقط ولا الشمس ولا ما فيه من
الزهر ، زهر الرُّبا وإنما صوّر النهار المشمس المشوب بزهر الربا الذي
انتشرت فيه هذه الألوان من الزهور شبهه بالليل المقمر ليلة قمراء . إذاً
ليلة هي مفرد ، ليلة قمراء هي مفرد لكن النهار المشمس الذي اختلطت به أزهار
الربوات هذا تشبيه مركب . إذاً هذا هو عكس الثالث وكان المشبه مركباً
والمشبه به مفرد).
القارئ : (وينقسم باعتبار الطرفين أيضاً إلى ملفوف ومفروق ، فالملفوف أن يؤتى بمشبهين أو أكثر ثم بالمشبه به نحو :
كـأن قـلوب الطيــر رطـباً ويـابسـاً لدى وكرها العناب والحشف البالي
فإنه شبه الرطب الطري من قلوب الطير بالعناب واليابس العتيق منها بالتمر الرديء).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذا اللون من التقسيم
باعتبار الطرفين ينظر فيه إلى مسألة تعدد المشبه وتعدد المشبه به ، هل يذكر
المشبه الأول ثم المشبه الثاني ثم يذكر المشبه به الأول والمشبه به الثاني
أو يذكر المشبه به الأول ثم المشبه الثاني ثم المشبه به هذا بناءً عليه
يسمى الملفوف أن يأتي أولاً بالمشبهات سواءً كانت واحداً أو اثنين أو ثلاثة
وقد تبارى الشعراء في ذكر ذلك ثم يأتي بالمشبه به ويحيل كل واحد على
الثاني فكأنه لف التشبيه أولاً ثم ذكر بعد ذلك المشبه به ويستشهدون بقول
بلقيس :
( كـأن قـلوب الطيــر رطـباً ويـابسـاً ) هذا هو التشبه تشبيه قلوب الطير
في حالة كونها رطبة وفي حالة كونها يابسة ، إذاً عندنا تشبيه القلوب
الرطبة وتشبيه القلوب اليابسة تشبه ماذا ؟ قال: لدى وكر هذه الطيور الجارحة
يقول : (لدى وكرها العناب والحشف البالــي ) العناب شبه قلوب الطيور الطير
الرطبة وقلوب الطير اليابسة يشبهها الحشف البالي . إذاً هو ذكر المشبهين
أولاً ثم ذكر المشبه به الأول والمشبه به الثاني بعد ذلك ، وهذا يسميه
البلاغيون التشبيه الملفوف باعتبار أنه تم لف المشبهين ثم جاء بعد ذلك
المشبه بهما).
القارئ : (والمفروق يؤتى بمشبه ومشبه به ثم آخر وآخر نحو :
النشــر مسـك والوجـوه دنــا نيـر وأطراف الأكـف عنم
وإن تعدد المشبه دون المشبه به سمي تشبيه التسوية).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (المفروق هو المقابل للملفوف
والمفروق في هذه الحالة هو تشبيه مكرر هو تشبيه متعدد يعني أن يذكر تشبيه
ثم يذكر تشبيه آخر ثم ثالث ثم رابع إلى ما لا نهاية . لكن يشترط فيه أن
يأتي المشبه أولاً ثم المشبه به مباشرة بعده . فكأنه فرق بين مجموعات
التشبيه يعني لم يلف التشبيه في هيئة واحدة وإنما فرق بينه ، إذاً المشبه
والمشبه به في المرة الأولى ثم المشبه والمشبه به في المرة الثانية وهكذا
..
ولذلك سميّ مفروقاً لأنه فرق بين التشبيهات المذكورة فكل تشبيه
استقل بنفسه ( النشر مسك) تشبيه النشر بالمسك ( والوجوه دنانير ) تشبيه
الوجوه بالدنانير ( وأطراف الأكف عنم ) تشبيه الأطراف ، أطراف الأكف بالعنم
؟).
القارئ : (وإن تعدد المشبه دون المشبه به سميّ تشبيه التسوية ، نحو :
صـدغ الحـبيب وحــالــي كلاهــما كالليــالــي).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (الآن ينظر إلى مسألة أن
يشبه هذا قريب من التشبيه الذي ذكر في تشبيه المركب بالمفرد ولكنه يختلف
عنه ، ليست قضية تركيب وإنما هي قضية تعدد ، يعني حينما يقول الشاعر : (صدغ
الحبيب وحالي ) الآن هو يشبه شيئين ( صدغ الحبيب ) و ( حاله ) وممكن أن
ينفصل هذا عن ذاك لكن التشبيه المركب لا ينفصل جزء عن جزء ، التشبيه المركب
كل جزيئاته يتركب منها شيء واحد أما تعدد المشبه مسـألة ( صدغ الحبيب
وحالي ) هما شيئان ( صدغ الحبيب ) و حال الشاعر ، ويقول : كلاهما كالليالي
في السواد والظلمة ، و ( صدغ الحبيب ) يعني : شعره الأسود ، و ( حاله ) حال
الشاعر من حزنه وما يشعر به من ضيق هو يشبه بذلك الليالي .
فالمشبه به هو الليالي والمشبه هما شيئان ( صدغ الحبيب وحال الشاعر ) ).
القارئ : (وإن تعدد المشبه به دون المشبه سمي تشبيه الجمع نحو :
كـأنـما يـبســـم عن لـؤلـؤ منضدٍ أو برد أو أقاح).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (التشبيه الأول ( صدغ الحبيب
وحالي ) حال الشاعر أنها كالليالي يلحظ أنه جاء مناسبة التسمية ، تسمية
هذا اللون من التشبيه بالتسوية تشبيه التسوية أنه سوى بين مشبهين بمشبه
واحد (صدغ الحبيب وحال الشاعر) بالليالي ، فالليالي دل على شبه الليالي
بالأمرين يستوي الأمران (صدغ الحبيب وحال الشاعر ) يشبههما بالليالي، أما
إذا كان العكس فتعدد المشبه به دون المشبه ففي هذا الحالة يسمى تشبيه
الجمع وهذه طبعاً مصطلحات . فقد جمع مجموعة من المشبه به لتدل على المشبه .
كـأنـما يـبســـم عن لـؤلـؤ منضدٍ أو برد أو أقاح
المشبه الآن هو أسنان الموصوف أو الموصوفة ، المشبه به
اللؤلؤ المنضد أو البرد أو الأقاح إذاً تعدد المشبه به فلهذا يسمى تشبيه
جمع).
القارئ : (وينقسم باعتبار وجه الشبه إلى تمثيل وغير تمثيل ، فالتمثيل ما كان وجهه منتزعاً من متعدد، تشبيه الثريا بعنقود العنـب المنور).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذا التقسيم باعتبار وجه
الشبه ، إذا كانت الأقسام السابقة باعتبار الطرفين أو باعتبار الأداة فهذا
باعتبار وجه الشبه ، فيقسمه البلاغيون إلى قسمين رئيسين : تمثيل وغير تمثيل
، التمثيل : ما كان وجه الشبه منتزعاً من متعدد ، ليس من صورة واحدة وإنما
( من متعدد ) كتشبيه الثريا بعنقود العنب المنور . ليس تشبيه الثريا فحسب
بشكلها بعنقود العنب لا ، وإنما بعنقود العنب المنور ، فلابد أن يكون منور ،
فالصورة هنا منتزعة من شكل العنقود وكونه أيضاً منوراً).
القارئ : (وغير التمثيل ما ليس كذلك ( كتشبيه النجـم بالدرهم ) ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (وهذا يشبه تشبيه المفرد
بالمفرد غالباً التشبيه التمثيلي يمكن أن تجتمع فيه صور التركيب ولكن ليست
القضية قضية الطرف الأول أو الطرف الثاني وإنما الغاية كيف يعني كيف يتصور
وجه الشبه . يمكن أن يكون غير تمثيل مثل تشبيه ( النجم بالدرهم ) فهذه صورة
مفرد بمفرد).
القارئ : (وينقسم أيضاً بهذا الاعتبار إلى مفصل ومجمل ، فالأول ما ذكر فيه وجه الشبه نحو:
( وثغره في صفاءٍ وأدمعي كاللآلئ ) ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (تشبيه باعتبار وجه الشبه
هناك باعتبار الطريقة تصور وجه الشبه ما هو الجامع بين الصفتين هنا لا ،
بذكر وجه الشبه أو عدم ذكره فيسمى مفصل ومجمل . المفصل : إذا كان وجه الشبه
مذكوراً مثل قول الشاعر : ( وثغره في صفاءٍ وأدمعي كاللآلئ ) يعني هو الآن
التشبيه تشبيه الثغر باللؤلؤ أو الأدمع باللؤلؤ طبعاً هذا من تشبيه
الملفوف أو ما ورد قبل قليل من تعدد ما يسمى تشبيه التسوية الذي يرد فيه
التعدد المشبه والمشبه به واحد ، فهنا المشبه هو ( الثغر والأدمع ) والمشبه
به هو (اللآلئ) لكن ليست القضية قضية ذكر تعدد المشبه أو عدم تعدده وإنما
صنف هذا البيت باعتبار أن وجه الشبه مصرح به . ما الذي يجمع بين الثغر
واللآلئ والأدمع واللآلئ ؟ هو الصفاء . والصفاء هو وجه الشبه إذاً ذكر ما
دام ذكر فهو مفصل فهو من اللون المفصل . إذاً ( وثغره في صفاء ) كلمة (في
صفاء) هنا هي وجه الشبه الجامع بين الثغر واللآلئ والأدمع واللآلئ).
القارئ : (والثاني ما ليس كذلك ، نحو : ( النحو في الكلام كالملح في الطعام ) ).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (الثاني : المجمل وهو الذي
لا يذكر فيه لا ينص فيه على وجه الشبه ، لكن لابد من وجود وجه الشبه ، لكن
يكون منصوصاً عليه أو لا يكون منصوص عليه هنا هي القضية .
أما قولهم : النحو في الكلام كالملح في الطعام . فالنحو الآن شبه بالملح ،
النحو في الكلام شبه بالملح في الطعام بجامع ، الجامع بينهما أن يكون
القدر مقبولاً لا ينقص فيخل ولا يزيد فيفسد ولذلك الجامع بين النحو والملح
هنا هو الذكر أو ذكره بمقدار مقبول).
القارئ: (وينقسم باعتبار أداته إلى مؤكد وهو ما حذفت أداته ، نحو : هو بحر في الجود).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هنا التقسيم طبعاً بحسب
الأداة وبغض النظر عن وجه الشبه ؛ لأن وجه الشبه هنا مذكور حتى يفرق بين ما
كان يعني منظوراً إليه من خلال الأداة . يقول : هو بحر في الجود ، يلحظ أن
العناصر الموجودة في هذا التشبيه : المشبه و ، والمشبه به البحر ، والجامع
بينهما ووجه الشبه هو الجود. الذي نقص في هذه الحالة هو الأداة . يعني :
هو مثل البحر أو هو كالبحر ، إذا حذفت الأداة ووجد وجه الشبه يسمى مؤكداً).
القارئ : (ومرسل وهو ما ليس كذلك نحو : هو كالبحر كرماً).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (المرسل هو ما ذكرت فيه جميع
الأركان الأربعة ، المشبه ، والمشبه به والأداة ووجه الشبه . مثل هو
كالبحر كرماً ، المشبه هو ، والأداة الكاف ، والبحر مشبه به ، والكرم هو
وجه الشبه).
القارئ : (ومن المؤكد ما أضيف فيه المشبه به إلى المشبه ، نحو :
والريـح تـعـبث بالغـصــون وقدر جـرى ذهب الأصيل على لجين الماء).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هذا لون من التشبيه يسمى ما
يكون التشبيه فيه عن طريق الإضافة(فذهب الأصيل ولجين الماء) في الأصل هي : (
أصيل كالذهب ، وماء كاللجين ) لكنها أضيف المشبه به إلى المشبه فكان من
المؤكد بجامع أن الأداة لم تذكر في هذا ولا ذاك بل كان عن طريق الإضافة
ولهذا الجامع بين الأصيل والذهب هو الصفرة لأن الأصيل المقصود به الوقت
الذي يسبق أو قبيل الغروب ، واللجين هي الفضة والماء الذي شبه باللجين في
صفائه وعدم كدرته).
القارئ : (انتهى الدرس الخامس عشر .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ..).
الكشاف التحليلي · المبحث الثاني: في أقسام التشبيه:
· ينقسم التشبيه باعتبار وجه الشبه إلى قسمين: تمثيل وغير تمثيل
§ القسم الأول:التمثيل، وهو ما كان وجه الشبه فيه وصفاً منتزعاً من متعدد
° مثاله: تشبيه الثريا بعنقود العنب المنور
§ القسم الثاني: غير التمثيل، وهو ما كان وجه الشبه فيه مفرداً
° مثاله: تشبيه النجم بالدرهم
° ذهب الشكاكي إلى أنه يشترط في وجه الشبه المنتزع من متعدد في التمثيل كونه غير متحقق حساً ولا عقلاً، وشرح ذلك
· ينقسم التشبيه أيضاً باعتبار ذكر وجه الشبه إلى قسمين:مفصل ومجمل
§ القسم الأول:المفصل، وهو ما ذكر فيه وجه الشبه
° مثاله: وثغره في صفاء * وأدمعي كاللآلي
§ القسم الثاني: التشبيه المجمل، وهو ما لم يذكر فيه وجه الشبه بشيء
° مثاله: النحو في الكلام كالملح في الطعام
· وينقسم التشبيه باعتبار ذكر أداته وحذفها إلى قسمين: مؤكد ومرسل.
§ القسم الأول: المؤكد، وهو ما حذفت أداته؛ مثاله: هو بحر في الجود، فإن حذف وجه الشبه سمي بليغاً، مثاله: هو بحر
° من المؤكد ما أضيف فيه المشبه به إلى المشبه بعد حذف الأداة وتقديم المشبه به، بل هو أوكد من غيره
- مثاله: والريح تعبث بالغصون وقد جرى * ذهب الأصيل على لجين الماء
§ القسم الثاني: المرسل، وهو ما لم تحذف أداته مثاله:هو كالبحر كرماً
· يَنْقَسِمُ التشبيهُ باعتبارِ طَرَفَيْه المُشَبَّهِ والمُشَبَّهِ بهِ إفرادًا وتركيبًا إلى أربعةِ أقسامٍ
§ القسم الأول: تشبيه مفرد بمفرد
° وهو نوعان: إذا كانا غير مقدين بقيد يكون له دخل في التشبيه، أو كانا مقيدين به.
- النوع الأول: إذا كانا غير مقيدين بقيد، ومثاله: (هذا الشيء كالمسك في الرائحة)
- النوع الثاني: إذا كانا مقيدين بقيد، ومثاله:الساعي بغير طائل كالراقم على الماء
§القسم الثاني: تشبيه مركب بمركب، ومثاله: كأن مثار النقع فوق رؤسنا * وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه
§القسم الثالث: تشبيه مفرد بمركب؛ كتشبيه الشقيق بهيئة أعلام ياقوتية منشورة على رماح زبرجدية
§القسم الرابع: تشبيه مركب بمفرد، ومثاله: تريا نهاراً مشمساً قد شابه * زهر الرُّبا فكأنما هو مقمرُ
· ينقسم التشبيه باعتبار الطرفين من
حيث وجود التعدد فيهما إلى ملفوف ومفروق، ومن حيث وجود التعدد في أحدهما
فقظ إلى تشبيه التسوية وتشبيه الجمع
§ أولاً:الملفوف والمفروق:
° الملفوف: أن يؤتى أولاً بمشبهين أو أكثر بطريق العطف أوْ غيرِه،
ثمَّ يُؤْتَى بالمُشَبَّهِ بهما أوْ بالمُشَبَّهِ بها بذلكَ الطريقِ
- مثاله: قول امرئ القيس: كأن قلوب الطير رطباً ويابساً * لدى وكرها العنَّاب والحشَف البالي
- سبب تسميته الملفوف: لوجودِ لفِّ المُشَبَّهاتِ وضَمِّ بعضِها إلى بعضٍ فيه، وكذلكَ المُشَبَّهاتُ بها.
° المفروق: أنْ يُؤْتَى بمُشَبَّهٍ ومُشَبَّهٍ بهِ ثمَّ بمُشَبَّهٍ آخَرَ ومُشَبَّهٍ بهِ آخَرَ، ثمَّ كذلكَ
- مثاله: النشر مسك والوجوه دنانيـ ـر وأطراف الأكف عنْمُ
- سبب تسميته بالمفروق: لأنه فَرَّقَ بينَ المُشَبَّهاتِ
بالمُشَبَّهاتِ بها، وفَرَّقَ بينَ المُشَبَّهاتِ بها بالمُشَبَّهاتِ
§ ثانياً: تشبيه التسوية وتشبيه الجمع
° تشبيه التسوية: إذا تَعَدَّدَ المُشَبَّهُ دونَ المُشَبَّهِ بهِ
- مثاله: صدغ الحبيب وحالي * كلاهما كالليالي
° تشبيه الجمع: إذا تَعَدَّدَ المُشَبَّهُ بهِ دونَ المُشَبَّهِ
- مثاله: كأنما يبسم عن لؤلؤ * منضد أو برد أو أقاح