3: الاستعارة
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (الاستعارةُ
الاستعارةُ: هيَ مَجازٌ عَلاقتُه المشابَهةُ، كقولِه تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}،
أيْ: من الضلالِ إلى الْهُدى، فقد استُعْمِلَت (الظلُماتُ) و(النورُ) في
غيرِ معناهما الحقيقيِّ، والعَلاقةُ المشابَهةُ بينَ (الضلالِ) و(الظلامِ)،
و(الْهُدى) و(النورِ)، والقرينةُ ما قبلَ ذلكَ.
وأصْلُ الاستعارةِ تشبيهٌ حُذِفَ أحدُ طَرَفَيْه ووجهُ شبهِهِ وأداتُه.
والمشبَّه يُسمَّى مُستعارًا له، والْمُشَبَّهُ بهِ مستعارًا منه. ففي هذا
المثالِ المستعارُ لهُ هوَ (الضلالُ) و(الْهُدى)، والمستعارُ منهُ هوَ معنى
(الظلامِ) و(النورِ)، ولفظُ (الظلماتِ) و(النورِ) يُسَمَّى مُستعارًا).
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (الاستعــارةُ)
الاستعارةُ هي مجازٌ عَلاقتُه المشابَهةُ كقولِهِ تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}،
أي من الضلالِ إلى الهُدى(1). قد استُعمِلَت الظلماتُ والنورُ في غيرِ
معناهما الحقيقيِّ، والعَلاقةُ المشابَهةُ بينَ الضلالِ والظلامِ، والهُدى
والنورِ، والقرينةُ ما قبلَ ذلك.
وأصْلُ الاستعارةِ تشبيهٌ حُذِفَ أحَدُ طرَفَيْه، ووجهُ شَبَهِه، وأداتُه.
والمُشبَّهُ يُسَمَّى مُستعارًا له، والمُشبَّهُ به مُستعارًا منه. ففي هذا
المثالِ المُستعارُ له هو الضلالُ والهُدى، والمُستعارُ منه هو معنى
الظلامِ والنورِ، ولفظُ الظلماتِ والنورِ يُسَمَّى مُستعارًا).
____________________
قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (أي من الضلاَلِ إلى الهُدى)،
يُقالُ في إجْرَائها شُبِّهَت الضـلالةُ بالظلْمةِ بجامِعِ عدَمِ الاهتداءِ
في كلٍّ، واستُعيِرَ اللفظُ الدالُّ على المشبَّهِ به، وهو الظلمَةُ،
للمشبَّهِ، وهو الضلالةُ، على طريقِ الاستعارةِ الأصليَّةِ).
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (الاستعارةُ
الاستعارةُ: هيَ مَجازٌ عَلاقتُه المشابَهةُ، كقولِه تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}،
أيْ: من الضلالِ إلى الْهُدى، فقد استُعْمِلَت (الظلُماتُ) و(النورُ) في
غيرِ معناهما الحقيقيِّ، والعَلاقةُ المشابَهةُ بينَ (الضلالِ) و(الظلامِ)،
و(الْهُدى) و(النورِ)، والقرينةُ ما قبلَ ذلكَ.
وأصْلُ الاستعارةِ تشبيهٌ حُذِفَ أحدُ طَرَفَيْه ووجهُ شبهِهِ وأداتُه.
والمشبَّه يُسمَّى مُستعارًا له، والْمُشَبَّهُ بهِ مستعارًا منه. ففي هذا
المثالِ المستعارُ لهُ هوَ (الضلالُ) و(الْهُدى)، والمستعارُ منهُ هوَ معنى
(الظلامِ) و(النورِ)، ولفظُ (الظلماتِ) و(النورِ) يُسَمَّى مُستعارًا).
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (الاستعارةُ(1) ______________________________
الاستعارةُ هي(2) مَجازٌ(3) عَلاقتُه المشابَهَةُ(4)، كقولِه تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}
أي: من الضلالِ إلى الهُدى, فقد استُعْمِلَت الظلماتُ والنورُ في غيرِ
معناهما الحقيقيِّ(5) والعَلاقةِ المُشابَهةِ بينَ الضلالِ والظلامِ(6)
و(7) الهُدى والنورِ(8), والقرينةُ(9) ما قبلَ ذلك(10).
وأصلُ الاستعارةِ(11) تشبيهٌ حُذِفَ أحَدُ طرَفَيْه(12), و(13) وجْهُ شَبَهِه وأداتُه(14).
و(15) المشبَّهُ يُسمَّى مُسْتَعاراً له(16)، والمشبَّهُ به يُسمَّى
مُستعاراً منه,(17) ففي هذا المثالِ(18) المستعارُ له هو الضلالُ والهُدى،
والمستعارُ منه هو معنى الظلامِ والنورِ، ولفظُ الظلماتِ والنورِ يُسمَّى
مُسْتَعاراً(19).
قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) الاستعارةُ
(2)
أي: تعريفُها وأقسامُها (الاستعارةُ هي) في اللغةِ من قولِهم: استعارَ المالَ إذا طلَبَه عارِيَّةً واصطلاحاً.
(3) (مَجازٌ) أي: لفظٌ مُسْتَعارٌ من المعنى الأصليِّ للمعنى المَجازيِّ مع قرينةٍ مانعةٍ عن إرادةِ المعنى الأصليِّ.
(4) (عَلاقتُه المشابَهةُ) أي: قَصَدَ أن
الاستعمالَ بسببِ المشابَهةِ بين المعنى المنقولِ عنه والمعنى المستعمَلِ
فيه, فوجودُ المشابَهةِ في نفسِ الأمرِ بدونِ قصدِها لا يَكفي في كونِ
اللفظِ استعارةً, ومن هنا عُلِمَ أنَّ لفظَ الاستعارةِ مصدرٌ بمعنى
المفعولِ كالنسْخِ بمعنى المنسوخِ, وأصلُ الإطلاقِ التجوُّزُ, ثم صارَ
حقيقةً عرفيَّةً.
(5) كقولِه تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}. أي: من الضلالِ إلى الهُدى فقد استُعمِلَت الظلماتُ والنورُ في غيرِ معناهما الحقيقيِّ على وجهِ الاستعارةِ
(6) (والعَلاقةُ المشابَهةُ بينَ الضلالِ والظلامِ) في عدَمِ الاهتداءِ بكلٍّ.
(7) (و) المشابَهةُ بينَ.
(8) (الهُدى والنورِ) في الاهتداءِ بكلٍّ.
(9) (والقرينةُ) المانِعةُ من إرادةِ المعنى الأصليِّ.
(10) (ما قبلَ ذلك) أي: الكلامُ الذي قبلَ هذه
الكلماتِ, وهو كِتَابٌ أَنْزَلْنَاه.... إلخ، فتقولُ في إجراءِ الاستعارةِ
في الظُّلُماتِ: شُبِّهَت الضلالةُ بالظلُماتِ بجامعِ عدَمِ الاهتداءِ في
كلٍّ, واسْتُعِيرَ اللفظُ الدالُّ على المُشبَّهِ به, وهو الظلماتُ,
للمشبَّهِ, وهو الضلالةُ, على سبيلِ الاستعارةِ الأصليَّةِ. وقِسْ عليه
إجراءَ الاستعارةِ في النورِ فتدَبَّرْ. وتُطلَقُ الاستعارةُ اصطلاحاً
أيضاً على المعنى المصدريِّ وهو استعمالُ لفظِ المُشبَّهِ به في المُشبَّهِ
لمشابَهةٍ مع قرينةٍ مانعةٍ، وعلى هذا الإطلاقِ قالَ.
(11) (وأصلُ الاستعارةِ) بمعنى الاستعمالِ المذكورِ.
(12) (تشبيهٌ حُذِفَ أحدُ طَرَفَيْه) إما المُشبَّهُ أو المُشبَّهُ به.
(13) (و) حُذِفَ.
(14) (وجهُ شبهِه وأداتُه) كقولِك: رأيتُ أسداً
في المدرسةِ. فأصلُ هذه الاستعارةِ رأيتُ في المدرسةِ رجلاً شجاعاً
كالأسدِ في الجراءةِ فحَذَفْتَ المُشبَّهَ, وهو رجلاً شجاعاً, والأداةَ وهي
الكافُ, ووجهَ الشَّبَهِ وهو الجراءةُ, وأَلْحَقْتَه بقرينةِ المدرسةِ
لتَدُلَّ على أنك لا تريدُ بالأسدِ معناه الحقيقيَّ, بل أردْتَ به رجلاً
شجاعاً، ومع ذلك فالاستعارةُ أبلغُ من التشبيهِ المذكورِ؛ لأنَّ التشبيهَ
مهما تَناهَى في المبالَغةِ فلابدَّ فيه من ذكْرِ الطرفَيْن المُشبَّهِ
والمُشبَّهِ به, وهذا اعترافٌ بتبايُنِهما وأن العَلاقةَ بينَهما ليس إلا
التشابُهُ والتقاربُ فلا تَصِلُ إلى حدِّ الاتِّحادِ بخلافِ الاستعارةِ
ففيها دعوى اتِّحادِ طرَفَيْهما المستعارِ منه, والمستعارِ له, وامتزاجِهما
وأنهما صارا معنًى واحداً يَصْدُقُ عليهما لفظٌ واحدٌ.
(15) (و) برعايةِ هذا الإطلاقِ يصِحُّ الاشتقاقُ
من لفْظِ الاستعارةِ كما هو شأنُ كلِّ مصدرٍ فيُشتَقُّ منه لِمُتعلقاتِه
وهي المُشبَّهُ والمُشبَّهُ به واللفظُ والمتكلِّمُ المستعمِلُ للفْظِ.
(16) فـ (المُشبَّهُ يُسَمَّى مُسْتَعاراً له)؛ لأنه هو الذي أُتِي باللفظِ الذي هو لغيرِه, وأُطلِقَ عليه فصارَ كالإنسانِ الذي استُعِيرَ له الثوبُ من صاحبِه وأُلْبِسَه.
(17) (والمُشبَّهُ به يُسَمَّى مُسْتَعاراً منه)
إذ هو كالإنسانِ الذي اسْتُعِيرَ منه ثوبُه, وأُلْبِسَه غيرُه, حيث أُتِي
منه بلفظِه, وأُطْلِقَ على غيرِه، ويُقالُ للفظِ: مُستعارٌ؛ لأنه أُتِيَ به
من صاحبِه لغيرِه كاللباسِ المستعارِ من صاحبِه لِلابِسِه.
(18) (ففي هذا المثالِ) أي: قولِه تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ... الآيةَ،
(19) (المستعارُ له الضلالُ والهُدى، والمستعارُ منه هو معنى الظلامِ والنورِ, ولفظُ الظلُماتِ والنورِ يُسَمَّى مستعاراً) ويَنبغي
أن يُقالَ على هذا للمتكلِّمِ المستعمِلِ للَّفْظِ في غيرِ معناه
الأصليِّ: مستعيرٌ؛ لأنه هو الآتِي باللفظِ من صاحبِه كالآتي باللباسِ من
صاحبِه, ولكنَّ هذا الاشتقاقَ للمستعمِلِ لم يَجْرِ به عُرْفُهم ولذا
قالوا: إن أركانَ الاستعارةِ ثلاثةٌ فقط؛ مُستعارٌ منه, وهو المُشبَّهُ به
ومُسْتَعارٌ له وهو المُشبَّهُ ويُقالُ لهما: الطرَفان. ومُستعارٌ وهو
اللفظُ المنقولُ).
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (الاستعارةُ
هيَ مَجازٌ عَلاقتُه المشابَهَةُ بينَ ما اسْتُعْمِلَ فيهِ الآنَوبينَ المعنى الأصلِيِّ، كقولِه تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}،
أيْ: من الضَّلالِ إلى الْهُدَى؛ فقد استُعْمِلَت الظُّلُمَاتُ والنورُ في
غيرِ معناهُما الحقيقيِّ، والعَلاقةُ المشابَهَةُ بينَ الضلالِ والظلامِ
والْهُدَى والنورُ. قالَ في الحاشيةِ: ويُقالُ في إجرائِها: شُبِّهَتِ
الضَّلالَةُ بالظُّلْمَةِ، إلخ .
أقولُ: هذا الذي ذَكَرَهُ هوَ في إجراءِ استعارةِ الظُّلْمَةِ للضَّلالَةِ .
ويُقالُ في إِجراءِ استعارةِ النورِ للَّهُدَى: شُبِّهَت الهدايةُ بالنورِ،
بجامِعِ الاهتداءِ في كلٍّ، واستُعِيرَ اللفظُ الدالُّ على المُشَبَّهِ
بهوهوَ النورُ للمُشَبَّهِ وهوَ الهدايةُ، على طريقِ الاستعارةِ
التصريحيَّةِ الأصليَّةِ. وسيَجِيءُ في كلامِ المصنِّفِ معنى الاستعارةِ
التصريحيَّةِ والأصليَّةِ، والقرينةُ ما قَبلَ ذلكَ، وهوَ قولُه تعالى: { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ }؛ لأنَّ إنْزالَ الكتابِ ليسَ إلَّا لإخراجِ الناسِ مِمَّا هُمْ فيهِ من الضَّلالِ والْغِيِّ إلى الهدى والرُّشْدِ .
وأَصْلُ الاستعارةِ تشبيهٌ لكنْ لا مُطْلَقًا، بلْ بحيثُ حُذِفَ أحَدُ
طَرَفَيْهِ، هوَ المُشَبَّهُ في الْمُصَرَّحَةِ، والمُشَبَّهُ بهِ في
الْمَكْنِيَّةِ، وحُذِفَ وجْهُ شبَهِهِ وأداتُه، لَيَصِحُّ ادِّعاءُ دخولِ
المُشَبَّهِ في جِنْسِ المُشَبَّهِ بهِ وإطلاقُ اسمِ أحدِهما على الآخَرِ .
ثمَّ لَمَّا كانَ الاستعارةُ بهذا الإطلاقِ مَصْدَرًا صَحَّ الاشتقاقُ منْ
لفظِ الاستعارةِ كما هوَ شأنُ كلِّ مَصْدَرٍ، فيُشْتَقُّ منهُ الْمُستعارُ
لهُ والْمُسْتَعَارُ منهُ والْمُسْتَعَارُ، وتُطْلَقُ هذه الأسماءُ على
متَعَلِّقَاتِ التشبيهِ كما أشارَ إليه بقولِه:
والمُشَبَّهُ يُسَمَّى مُستعارًا لهُ؛ لأنَّهُ هوَ الذي أتى بهِ باللفظِ
الذي هوَ لغيرِه وأُطْلِقَ عليهِ، فصارَ كالإنسانِ الذي اسْتُعِيرَ لهُ
الثوبُ منْ صاحبِه .
والمُشَبَّهُ بهِ يُسَمَّى مُستعارًا منهُ؛ إذْ هوَ الذي اسْتُعِيرَ منهُ
لفظُه وأُطْلِقَ على غيرِه، فهوَ كالرجُلِ الذي اسْتُعِيرَ منهُ ثوبُه
وأُلْبِسَ غيرَه .
ففي هذا المثالِ الذي ذُكِرَ منْ قولِه تعالى: { أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ }
الآيةَ، الْمُستعارُ لهُ هوَ الضَّلالُ والْهُدَى المُشَبَّهَيْنِ،
والْمُستعارُ منهُ هوَ معنى الظَّلامِ والنورِ المُشَبَّهِ بهما، ولفظُهما،
أيْ: ولفْظُ الظُّلُمَاتِ والنورِ، يُسَمَّى مُستعارًا؛ لأنَّهُ أُتِيَ
بهِ منْ صاحبِه لغيرِه كاللِّباسِ الْمُستعارِ منْ صاحبِه للابِسِه).
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ) قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (ثم
قال: الاستعارة، والاستعارة في اللغة طلب العارية, والعارية بالمد طلب غلة
الآلة, أي: استعمالها لمدة محددة, أو لعمل محدد, ثم ترجعها, وهي مشتقة من
العار؛ لأن طلبها من غير حاجة عار, أو لأن منعها أيضاًُ من غير حاجة عار,
أو مشتقة من الاعتوار؛ لأنها يتعاورها الناس, تستعير هذا الكتاب من هذا
الشخص, تقرأ فيه ثم ترده إليه, فيعيره شخصاً آخر وهكذا, فيتعاوره الناس
فهذا الذي سميت به العارية عارية, وجمعها عواري, ومنه قول الشاعر: فتلك سرابيل ابن داود بيننا ..... عواري والأيام غير قصار وكذلك قول الآخر: إنما أنفسـنا عـارية ..... والعواري قصارى أن ترد والعواري قصارى معناه: منتهى أمرها أن ترد إلى معيرها, وهو الله سبحانه وتعالى, فحياتنا إنما هي عارية فقط. إنما أنفسـنا عـارية ..... والعواري قصارى أن ترد والاستعارة
في الاصطلاح هي المجاز الذي علاقته التشبيه, المجاز الذي علاقته المشابهة,
ففيها التشبيه, لكنه ليس له أداة, ماله أداة في الأصل, كقولك: زيد أسد,
‘‘فزيد أسد‘‘ هذا استعارة؛ لأنك استعرت لفظ الأسد من الحيوان المفترس,
فأعرته لرجل شجاع, كما إذا أخذت ثوبه وأعرته للآخر فلبسه, كذلك أخذت اسمه
فجعلت الاسم كالثوب, وجردته عن الحيوان المفترس, وأعرته للرجل الشجاع
فلبسه، وذلك كقول الله تعالى: { كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور }. فالكفر كالظملة، والإيمان كالنور, فالإيمان مشبه
بالنور الذي يُخْرَجُ الناس إليه, والكفر مشبه بالظلام الذي يُخْرَجُ الناس
منه, فأطلقت الظلمات على الكفر والجهل والظلم, وأطلق النور على الهداية
والاستقامة,هذا الإيمان. وهنا لم يقل: لتخرج الناس من الظلمة إلى النور؛ لأنهم
ليسوا في ظلمة الكفر فقط, بل في ظلمة الكفر, وفي ظلمة الجهل, وفي ظلمة
الظلم, وكلها ظلمات ، وظلمات الجاهلية { لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد }
أي: من الضلال إلى الهدى, فلقد استعملت الظلمات والنور في غير معناهما
الحقيقي, والعلاقة بين المعنيين المشابهة, بين الضلال والظلام, وبين الهدى
والنور, والقرينة هي قوله: { لتخرج الناس من الظلمات إل النور بإذن ربهم }، فما سبق قرينة وما لحق أيضاً قرينة؛ لأنه قال: { إلى صراط العزيز الحميد} يسير جداً . القرينة ما قبل ذلك, وما بعده أيضاً. وأصل الاستعارة تشبيه حُذف أحد طرفيه ووجه شبهه, فهو
تشبيه الذي حُذف فيه المشبه، وحُذفت فيه الأداة, فأثبت المشبه به فقط. "زيد
أسد" أصل الكلام تشبيه زيد بالأسد, فحُذف المشبه, وحُذفت أداة التشبيه,
وجُعل الأسد اسماً لزيد, جاء الأسد, رأيت أسداً يرمي, فحُذف إذاً ثلاثة
أمور؛ ثلاثة أركانمن أركان التشبيه ، أركان التشبيه كم؟! ـ أحد الجالسين: (أربعة) الشيخ: أربعة. حذف منها ثلاثة, وبقي واحد, حذف منها: 1- المشبه . 2- وأداة التشبيه . 3- ووجه الشبه. فبقي المشبه به فقط { من الظلمات إلى النور }.
فالظلمات, أصل الكلام أن يقال: الكفر والجهل والظلم كالظلمات في الغواية
والشر, فحُذف المشبه وهو الكفر والظلم والجهل, وحٌذفت أداة التشبيه وهي
الكاف, وحُذف وجه الشبه وهو الغواية وما معها ، فبقي المشبه به فقط, وهو
الظلمات, وكذلك النور).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)
القارئ: (قال المؤلفون – رحمهم الله تعالى - : الاستعارة .
الاستعارة : هي مجاز علاقته المشابهة كقوله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور}
أي من الضلال إلى الهدى فقد استعملت الظلمات والنور في غير معناهما
الحقيقي والعلاقة المشابهة بين الضلال والظلام والهدى والنور ، والقرينة ما
قبل ذلك).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (بسم الله والحمد لله وصلى الله وسلم وبارك على رسوله محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين .. وبعـد :
فهذا الموضوع منبثق عن الموضوع الذي قبله وهو الحديث عن المجاز .
المجاز كما عرفه البلاغيون : استعمال اللفظ في غير ما وضع له لعلاقة مع
قرينة ، والعلاقة إن كانت المشابهة ، إن كانت العلاقة المشابهة صار هذا
المجاز استعارة ، ولذلك لم يذكر المؤلفون رحمهم الله هنا تعريف الاستعارة
بل وصفوها بأنها مجاز علاقته المشابهة اعتماداً على ما ورد في تعريف المجاز
.
إذاً يمكن أن يقال في تعريف الاستعارة : هي استعمال اللفظ في
غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة لإرادة المعنى الأصلي .
مثَّل المؤلفون رحمهم الله بقول الله عز وجل : { كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور }
وتوقفوا عند كلمتي الظلمات وكلمة والنور ، ورأوا الظلمات هنا ليست بمعناها
الحقيقي وهي خلو المكان من الضوء وإنما المراد هنا هو الضلال بدليل
القرينة التي وردت في الآية وهي قوله عز وجل : { كتاب أنزلناه إليك لتخرج }
فإنـزال الكتاب ليس لإخراجهم من مكان مظلم لا ضوء فيه إلى مكان فيه ضوء ،
وإنما الضلال الذي يتشابه مع الظلام في عدم الاهتداء في كلٍ. فإذا كان يسير
في الظلام فهو لا يهتدي إلى طريقه . وكذلك إذا كان في ضلال فهو لا يهتدي
إلى الطريق الذي يرغب في الوصول إليه .
إذاً الاستعارة هي استعمال كلمة الظلمات والمقصود هو الضلال
بدل الظلام ، وكذلك النور والمقصود به الهدى ، إذاً الاستعارة هي أن يستعار
لفظ من معناه الأصلي ، الظلمات هنا بمعنى خلو المكان من الضوء والنور هو
المكان المملوء بالضوء وهذا الاستعمال الأصلي في اللغة . والمراد ليس هذا
المعنى وإنما ما يترتب عليه وهو مشابهته للضلال بالنسبة للظلمات ومشابهة
النور للهدى . بجامع كل معرفة كل واحد لطريقه إذا كان يسير في النور وكان
على هدىً من أمره .
إذاً هذا هو موضوع الاستعارة وهو أن يؤخذ اللفظ من المعنى الذي
وضع له عند البلاغيين يقولون : وضع له أو استعمل في المعنى الذي يتبادر
إلى الذهن من حيث الدلالة اللغوية الأولى إلى معنى آخر، لكن لابد أن تكون
العلاقة بين اللفظ المذكور والمعنى المراد هي علاقة المشابهة حتى يختلف عن
الجنس الآخر أو النوع الآخر من المجاز كما سيأتي في الدرس اللاحق إن شاء
الله تعالى).
القارئ : (وأصل الاستعارة تشبيه حُذف أحد طرفيه ووجه شبهه وأداته والمشبه يسمى مستعاراً له).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (الاستعارة أصلها تشبيه حذف
أحد طرفيه ووجه شبهه وأداته . نعرف من خلال دراستنا لدرس التشبيه أنه يتكون
من أركان أربعة : مشبه ، ومشبه به وأداة تشبيه ووجه شبه . إذا حذف ثلاثة
من هذه الأربعة صار الكلام استعارة وليس تشبيهاً ، شريطة أن يكون الموجود
واحداً من الطرفين : المشبه أو المشبه به . طبعاً لا يمكن أن تبقى الأداة ؛
لأن الأداة تتوسط أو تكون للموازنة بين شيئين . ووجه الشبه كذلك يمكن لا
يذكر بمفرده ، بل لابد أن يذكر ما يستند عليه وجه الشبه.
إذاً الاستعارة هي في الأصل تشبيه ولكن حذف أحد طرفيها
بالتشبيه مع الأداة ووجه الشبه ففي الآية الكريمة ( الظلمات ) لو أننا
رجعنا إلى التشبيه أرجعنا التشبيه إلى أصله في الآية لكان المعنى: أخرج
الله الناس من ضلال كالظلمات في عدم الاهتداء في كلٍ منهما إلى هدىً مثل
النور في معرفة طريق كل واحد . إذاً حذف كلمة الضلال والأداة ووجه الشبه
وبقيت فقط كلمة الظلمات وهي الكلمة المستعارة ولذلك سميت استعارة).
القارئ : (والمشبه يسمى مستعاراً له
والمشبه به مستعاراً منه ، ففي هذا المثال المستعار له هو الضلال والهدى
والمستعار منه هو معنى الظلام والنور ، ولفظ الظلمات والنور يسمى مستعاراً).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (كما هو في حال التشبيه
الأصل أن يكون المشبه به هو الأوضح من المشبه ؛ لأن إلحاق المشبه به يراد
به إعطاء المشبه صورة تميزه بإلحاقه بالمشبه به المعروف الذي يتميز عنه
بأشياء كثيرة . ولذلك فالمشبه إن كان موجوداً أو مقدراً يسمى مستعاراً له ،
والمشبه به إن كان موجوداً كذلك أو مقدراً يسمى مستعاراً منه ، فالظلمات
هنا في الآية مستعار منه ، والنور مستعار منه ، والمستعار له هو الضلال
والهدى كما هو واضح في الآية الكريمة).
الكشاف التحليلي
الاستعارة
· الاستعارة لغة: من استعار المال إذا طلبه عارية
· الاستعارة اصطلاحاً: مجاز علاقته المشابهة
§ شرح التعريف
§ مثال توضيحي: {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور}
§ فائدة:تطلق الاستعارة اصطلاحاً: أيضاً على المعنى
المصدريِّ : وهو استعمالُ لفظِ المُشبَّهِ به في المُشبَّهِ لمشابَهةٍ مع
قرينةٍ مانعةٍ
° أصل الاستعارة بالمعنى المصدري:تشبيه حذف أحد طرفيه ووجه شبهه وأداته
° مثال التوضيحي: رأيت أسداً في المدرسة
° الاستعارة أبلغ من التشبيه، لأن التشبيه مهما تناهي في المبالغة فلا بد فيه من ذكر الطرفين
§ المشبه يسمى مستعاراً له، والمشبه به يسمى مستعاراً منه
° المستعار له والمستعار منه في قوله تعالى: {كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور}
§ تنبيه: العرف المستعمل أن أركانَ الاستعارةِ ثلاثةٌ فقط:
° مُستعارٌ منه: وهو المُشبَّهُ به .
° ومُسْتَعارٌ له: وهو المُشبَّهُ ويُقالُ لهما: الطرَفان.
° ومُستعارٌ: وهو اللفظُ المنقولُ.