10 Nov 2008
أ: الاستعارة المصرحة والمكنية
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (وتَنقسِمُ الاستعارةُ إلى مُصرَّحَةٍ، وهيَ ما صُرِّحَ فيها بلفظِ المشبَّهِ به، كما في قولِه:
فأَمْطَرَتْ لؤْلؤًا منْ نرْجِسٍ وَسَقَتْ ..... وَرْدًا وَعَضَّتْ على العُنَّابِ بالبَرَدِ
فقد استعارَ (اللؤلؤَ) و(النرجِسَ) و(الوَرْدَ) و(العُنَّابَ) و(البَرَدَ) للدموعِ، والعيونِ، والخدودِ، والأناملِ، والأسنانِ.
وإلى مَكْنِيَّةٍ، وهيَ ما حُذِفَ فيها المشبَّهُ به، ورُمِزَ إليه بشيءٍ منْ لوازِمِه، كقولِه تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}، فقد استعارَ (الطائرَ) للذُّلِّ ثمَّ حَذَفَه، ودَلَّ عليهِ بشيءٍ منْ لوازمِه وهوَ (الْجَناحُ).
وإثباتُ (الجَناحِ) للذُّلِّ يُسَمُّونَه استعارةً تَخييليَّةً).
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): ( (وتَنقسِمُ) الاستعارةُ إلى مصرَّحةٍ، وهي ما صُرِّحَ فيها بلفظِ المُشبَّهِ به، كما في قولِه:
فأمْطَرَتْ لؤلؤًا من نرْجِسٍ وسَقَتْ ..... وَرْدًا وعضَّتْ على العُنَّابِ بالبَرَدِ
فقد استعارَ اللؤلؤَ والنرجِسَ والورْدَ والعُنَّابَ والبَرَدَ للدموعِ
والعيونِ والخدودِ والأناملِ... والأسنانِ. وإلى مَكْنِيَّةٍ وهي ما حُذِفَ
فيها المُشبَّهُ به ورُمِزَ إليه بشيءٍ من لوازمِه، كقولِه تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}،
فقد استعارَ الطائرَ للذُّلِّ(1)، ثم حذَفَه ودَلَّ عليه بشيءٍ من
لوازمِه وهو الجَناحُ، وإثباتُ الجناحِ للذُّلِّ يُسمُّونه استعارةً
تَخييليَّةً).
____________________
قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ( (1) قولُه: (فقد استعارَ الطائرَ للذُّلِّ إلخ)،
أي: بعدَ تشبيهِ الذلِّ بالطائرِ وادِّعاءِ أنَّ الذلَّ فرْدٌ من أفرادِ
الطائرِ على مذْهَبِ السلَفِ، وإمَّا على مذْهَبِ الخطيبِ فيُقالُ: شَبَّهَ
الذلَّ بالطائرِ تشبيهًا مُضمَرًا في النفسِ مَرمُوزًا له بإثباتِ
الجَناحِ للذلِّ استعارةً تخييليَّةً، وعلى مَذهَبِ السكَّاكيِّ يُقالُ:
فقد استَعارَ الذلَّ بعدَ تشبيهِه بالطائرِ وادِّعاءً أنَّه فرْدٌ مِن
أفرادِ الطائرِ للطائرِ الادِّعائيِّ على طريقِ الاستعارةِ المكنيَّةِ
الأصليَّةِ، ثمَّ شَبَّهَ الجَناحَ الادِّعائيَّ المدَّعَى إثباتُه للذلِّ
عندَ ادِّعاءِ أنَّه طائرٌ بجَناحِ الطائرِ الحقيقيِّ، ثمَّ استُعيرَ لفظُ
الجَناحِ المحقَّقِ للجَناحِ الادِّعائيِّ استعارةً تصريحيَّةً تخييليَّةً،
فتَحْصُلُ في المكنيَّةِ ثلاثةُ مذاهبَ: الأوَّلُ للخطيبِ، أنَّها
التشبيهُ المُضْمَرُ في النفسِ المدلولِ عليهِ بلفظٍ يَدُلُّ عليه. والثاني
للقومِ، أنَّها لفظُ المشبَّهِ به المطوِيِّ من الكلامِ المرموزِ إليه
بذِكْرِ لازمِه. والثالثُ للسكَّاكيِّ، أنَّها نفسُ لفظِ المشبَّهِ
المستعمَلِ في المشبَّهِ به الادِّعائيِّ.
وفي التخييليَّةِ مذهبانِ: أحدُهما للقومِ وللخطيبِ، أنَّها مَجازٌ عقليٌّ
في إثباتِ اللازمِ الذي هو قرينةُ المكنيَّةِ لغيرِ ما هو، ويُسمَّى
استعارةً تخييليَّةً بطريقِ الاشتراكِ اللفظيِّ. والثاني للسكَّاكيِّ،
أنَّها في نحوِ جَناحَ الذلِّ وأظْفارِ المنيِّةِ لفظٌ لازَمَ المشبَّهَ به
المستعارَ للازمِ المشبَّهِ الوهمِيِّ الادِّعائيِّ استعارةً تخييليَّةً،
وفي نحوِ قولِه تعالى: {يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ}
عبارةٌ عن لفظِ البلْعِ المستعارِ لغَوْرِ الماءِ استعارةً تحقيقيَّةً،
كما أنَّ الماءَ استعارةٌ بالكنايةِ للغذاءِ، وفي نحوِ: هَزَمَ الأميرُ
الجنْدَ، وأَنبَتَ الربيعُ البَقلَ، عبارةٌ عن لفظِ الهَزْمِ والإنباتِ
مستعمَلَيْنِ في معناهِما الحقيقيِّ، وأنَّه يَجوزُ انفرادُ المكنيَّةِ عن
التخييليَّةِ كما يَجوزُ انفرادُ التخييليَّةِ عن المكنيَّةِ في نحوِ
المنيَّةُ الشبيهةُ بالسبْعِ نَشبَتْ بزيدٍ، فالأظفارُ في مِثلِ هذا عندَ
السكَّاكيِّ استعارةٌ تخييليَّةٌ مع صريحِ التشبيهِ، لا مع المكنيَّةِ،
وهيَ عندَ القومِ والخطيبِ في مثلِ هذا ترشيحُ التشبيهِ لا استعارةٌ.
بَقِيَ مَذهبانِ في المكنيَّةِ: أحدُهما للعصامِ، أنَّها لفظُ المشبَّهِ به
المقلوبِ المستعمَلِ في المشبَّهِ المقلوبِ مع جعْلِ مجموعِ الكلامِ بعدَ
ذلكَ كنايةً. والقرينةُ على الاستعارةِ ذِكْرُ مُلائِمِ المشبَّهِ
المقلوبِ، وعلى الكنايةِ حاليَّةٌ هيَ كونُ المقامِ مقامَ إفادةِ المعنى
الكِنَائيِّ. ففي نحوِ أَنشبَت المنيَّةُ أظفارَها بزيدٍ، يُشبِّهُ السبْعَ
بالمنيَّةِ في اغتيالِ النفوسِ قهرًا، ويَتناسَى التشبيهَ ويَدَّعي أنَّ
السبْعَ من جنسِ المنيَّةِ، ويُستعارُ للسبعِ الحقيقيِّ لفظُ المنيَّةِ،
ويُجعلُ مجموعُ أنْشَبَت المنيَّةُ إلخ من حيثُ معناهُ المجازيِّ وهو
إنشابُ السبْعِ الحقيقيِّ أظفارَه بزيدٍ كنايةً عن تحقُّقِ الموتِ بلا
رِيبةٍ، أي بالقوَّةِ القريبةِ من الفعْلِ، أو في المستقبَلِ بحيثُ لا
يَتَخَلَّفُ ولا يُلاحَظُ الخلاصُ منه، والقرينةُ على الاستعارةِ ذكْرُ
الأظفارِ المستعمَلُ في حقيقتِها المنسوبةِ لمَن هي له، وعلى الكنايةِ كونُ
المقامِ مقامَ إفادةِ تحَقُّقِ الموتِ بقَطْعِ النظَرِ عن أسبابِه، وقيلَ
عدَمُ وجودِ السبْعِ الحقيقيِّ عندَ زيدٍ وقتَ التكلُّمِ بهذا الكلامِ.
وثانيهما لصاحبِ الكشْفِ، أخَذَه من كلامِ صاحبِ الكشَّافِ على ما ذكَرَه
السعْدُ وحقَّقَه عبدُ الحكيمِ، أنَّها لازمُ المشبَّهِ به المذكورِ
المستعارِ للاَّزمِ المشبَّهِ المحقَّقِ أو الموهومِ استعارةً غيرَ مقصودةٍ
في نفسِها، بل قُصِدَ بها الدَّلالةُ على لازمِها، وهو إثباتُ وصْفِ
المشبَّهِ به للمشبَّهِ، فهي عندَهُ استعارةٌ تصريحيَّةٌ متلَبِّسَةٌ
بكنايةٍ عن النِّسبةِ، ففي قولِه تعالى: {يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ}
وقولِكَ: عالِمٌ يَغْترِفُ منهُ الناسُ، وقولِكَ: شجاعٌ يَفترِسُ أقرانَه،
النقضُ مُستعارٌ للإبطالِ، والاغترافُ مستعارٌ لانتفاعِ الناسِ بالعالِمِ،
والافتراسُ مُستعارٌ لبَطْشِ الشجاعِ وفَتْكِه، استعارةً تصريحيَّةً
تحقيقيَّةً. وفي قولِكَ: أظفارُ المنيَّةِ نَشبَتْ بزيدٍ، أو مخالِبُ
المنيَّةِ نَشبَتْ به، وقولِ لَبيدٍ: إذ أصْبَحَتْ بيدِ الشمالِ زمامُها،
الأظفارُ والمخالِبُ واليدُ مستعاراتٌ لأظفارٍ ومخالبَ ويدٍ موهومةٍ
مشبَّهةٍ بمعانيها المحقَّقةِ استعارةً تصريحيَّةً تخيليَّةً، ثمَّ النقْضُ
في الآيةِ كنايةٌ عن استعارةِ الجَبَلِيَّةِ للعهْدِ، والاغترافُ كنايةٌ
عن استعارةِ البَحْرِيَّةِ للعالِمِ، والافتراسُ كنايةٌ عن استعارةِ
الأسديَّةِ للشجاعِ، والأظفارُ والمخالِبُ كنايةٌ عن استعارةِ السبعيَّةِ
للمنيَّةِ، واليدُ كنايةٌ عن استعارةِ الإنسانيَّةِ للشمالِ. هذا ما صرَّحَ
به صاحبُ الكشْفِ المنسوبِ له هذا القولُ، كما يُؤخَذُ من السيِّدِ
وغيرِه. وبَقِيَ في التخييليَّةِ مَذهبانِ: أحدُهما لصاحبِ الكشْفِ، على ما
فَهِمَه السعْدُ من ظاهِرِ كلامِه، أنَّها في نحوِ أظفارِ المنيَّةِ
نَشَبتْ بزيدٍ مجازٌ في الإثباتِ يُسمَّى استعارةً تخييليَّةً على طريقِ
الاشتراكِ اللفظيِّ لسَلَفٍ. وفي نحوِ: {يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ}،
إمَّا استعارةٌ تحقيقيَّةٌ تصريحيَّةٌ باستعارةِ النقضِ للإبطالِ،
وإمَّا مَجازٌ مرسَلٌ لعَلاقةِ التقييدِ والإطلاقِ بمرتَبتَيْنِ، أو
لعَلاقةِ التقيُّدِ فقط بمَرتَبةٍ، وإمَّا كنايةٌ بإطلاقِ النقضِ وإرادةِ
لازمِ معناهُ الذي هو الإبطالُ، وإمَّا باستعمالِ النقْضِ في معنًى عامٍّ
يَشتركُ فيهِ الطرفانِ على طريقِ الاستعارةِ، أو على طريقِ المجازِ
المرسَلِ برُتبةٍ، أو على طريقِ الكنايةِ. وقرينةُ المَجازِ في التابعِ
المذكورِ إنْ لم تكُنْ حاليَّةً إمَّا لفظُ المشبَّهِ في المَكنيَّةِ كلفظِ
العهْدِ في الآيةِ، وإمَّا غيرُه إنْ كانَ كلفظِ بعلْمِه في قولِكَ:
عالِمٌ اغتَرَفَ الناسُ بعلْمِه، فافْهَمْ. وثانيهُما: للعصامِ، صرَّحَ به
في شرْحِ السمَرْقَنْدِيَّةِ، أنَّها حقيقةٌ لُغويَّةٌ وإثباتُها للمشبَّهِ
حقيقةٌ عقليَّةٌ دائمًا، فلا تَجوزُ عندَه في نحوِ الأظفارِ لغةً، ولا في
إضافتِها للمنيَّةِ عقلاً، والظاهرُ أنَّه لا يُوافِقُ على تسميتِها
استعارةً تخييليَّةً، وإلاَّ فلا وجه لهَ حينئذٍ، كما أشارَ لذلكَ حفيدُه
والدَّبْجَنِيُّ وغيرُهما).
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (وتَنقسِمُ الاستعارةُ إلى مُصرَّحَةٍ، وهيَ ما صُرِّحَ فيها بلفظِ المشبَّهِ به، كما في قولِه: فأَمْطَرَتْ لؤْلؤًا منْ نرْجِسٍ وَسَقَتْ ..... وَرْدًا وَعَضَّتْ على العُنَّابِ بالبَرَدِ فقد استعارَ (اللؤلؤَ) و(النرجِسَ) و(الوَرْدَ) و(العُنَّابَ) و(البَرَدَ) للدموعِ، والعيونِ، والخدودِ، والأناملِ، والأسنانِ. وإلى مَكْنِيَّةٍ، وهيَ ما حُذِفَ فيها المشبَّهُ به، ورُمِزَ إليه بشيءٍ منْ لوازِمِه، كقولِه تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}، فقد استعارَ (الطائرَ) للذُّلِّ ثمَّ حَذَفَه، ودَلَّ عليهِ بشيءٍ منْ لوازمِه وهوَ (الْجَناحُ). وإثباتُ (الجَناحِ) للذُّلِّ يُسَمُّونَه استعارةً تَخييليَّةً).
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (وتَنقسمُ الاستعارةُ(1) إلى(2) مُصَرَّحَةٍ, وهي ما صُرِّحَ فيها(3) بلفظِ المشبَّهِ به(4)، كما فى قولِه(5):
فأَمطَرَتْ(6) لؤلؤاً من نرجِسٍ(7) وسَقَتْ ..... وَرْداً وعَضَّتْ على العُنَّابِ(8) بالبَرَدِ(9)
فقد استعارَ(10) اللؤلؤَ والنرْجِسَ والورْدَ والعُنَّابَ والبَرَدَ
للدموعِ والعيونِ والخدودِ والأناملِ والأسنانِ(11)، وإلى مَكْنيَّةٍ وهى
ما(12) حُذِفَ فيها المشبَّهُ به (13)
ورُمِزَ(14) إليه(15) بشيءٍ(16) من لوازمِه(17)، كقولِه تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ}
فقد استعارَ(18) الطائرَ للذُّلِّ(19) ثم حذَفَه(20) ودَلَّ عليه(21) بشيءٍ من
لوازمِه وهو الْجَنَاحُ(22)، وإثباتُ الْجَناحِ(23) للذُّلِّ(24)
يُسمُّونَه(25) استعارةً تَخْييلِيَّةً(26) ).
______________________
قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) (وتَنقسمُ الاستعارةُ) بالمعنى المصدريِّ باعتبارِ ذاتِها أي: ما يُذكَرُ من طرَفي التشبيهِ.
(2) (إلى) ثلاثةِ أقسامٍ.
(3) (مصرَّحةٌ وهي ما صُرِّحَ فيها بـِ) ذكْرِ
(4) (لفظِ المُشبَّهِ به) أي: باللفظِ الدالِّ
على المُشبَّهِ به فقط من غيرِ أن يُذكَرَ شيءٌ من أركانِ التشبيهِ سِواهُ،
وتُطلَقُ على نفسِ اللفظِ المذكورِ المستعارِ الدالِّ على المُشبَّهِ به,
وتُسمَّى هذه الاستعارةُ أيضاً تَصْرِيحيَّةً للتصريحِ فيها باللفظِ
المستعارِ الدالِّ على المُشبَّهِ به.
(5) (كما في قولِه ) أي: الشاعرِ.
(6) (فأَمطرَتْ) أي: المرأةُ.
(7) (لؤلؤاً من نَرْجِسٍ) نَبْتٌ من الرَّياحِينِ.
(8) (وسَقَتْ. ورداً وعَضَّتْ على العُنَّابِ) شجَرٌ له حَبٌّ كحَبِّ الزيتونِ, وأحسنُه الأحمرُ الْحُلْوُ.
(9) (بالبَرَدِ) وهو حَبُّ الغَمامِ.
(10) (فقد استعارَ ) أي: الشاعرُ.
(11) (اللؤلؤَ والنَّرْجِسَ والوردَ والعُنَّابَ والبَرَدَ للدموعِ والعيونِ والخدودِ والأناملِ والأسنانِ) أي:
بعدَ تشبيهِ كلِّ واحدٍ من الخمْسِ الأخيرةِ بواحدٍ من الخمسِ الأُوَلِ
لجامعٍ, وهو: في تشبيهِ الدموعِ باللؤلؤِ صفاءُ كلٍّ, وفي تشبيهِ العيونِ
بالنرجِسِ اجتماعُ السوادِ والبياضِ, وتشبيهِ الخدِّ بالوردِ حُمرةُ كلٍّ
منهما, وفي تشبيهِ الأناملِ بالعُنَّابِ اتِّفاقُهما في الشكلِ, وفي تشبيهِ
الأسنانِ بالبَرَدِ بياضُ كلٍّ مع النَّصاعةِ، ويُقالُ في إجراءِ
الاستعارةِ في التشبيهِ الأوَّلِ: شُبِّهَت الدموعُ باللالئِ بجامعِ
الصفاءِ في كلٍّ, ثم استُعيرَ اللفظُ الدالُّ على المُشبَّهِ به, وهو
اللؤلؤُ للمشبَّهِ, وهو الدموعُ على سبيلِ الاستعارةِ التصريحيَّةِ. وقِسْ
عليه إجراءَ الاستعارةِ في الأربعةِ الباقيةِ.
(12) (وإلى مَكْنيَّةٍ وهي ما) ذُكِرَ فيها لفظُ المُشبَّهِ فقط.
(13) (وحُذِفَ فيها المُشبَّهُ به) أي: اللفظُ الدالُّ على المُشبَّهِ به).
(14) (ورُمِزَ) أي: أُشِيرَ.
(15) (إليه) أي: إلى المُشبَّهِ به المحذوفِ.
(16) (بـ) ذِكْرِ.
(17) (شيءٍ
من لوازمِه) فلم يُذْكَرْ فيها من أركانِ التشبيهِ إلا دالُّ المُشبَّهِ
وتُطلَقُ على نفسِ اللفظِ المذكورِ الدالِّ على المُشبَّهِ, وتُسَمَّى هذه
الاستعارةُ أيضًا استعارةً بالكِنايةِ لعدَمِ التصريحِ فيها باللفظِ
المستعارِ الذي هو المقصودُ, بل كُنِّىَ عنه, ونُبِّهَ عليه بلازِمِه
ليَنتقِلَ منه إلى المقصودِ استعارتُه كما هو شأنُ الكِنايةِ فإنه
يُنْتَقَلُ فيها من اللازمِ المساوي إلى الملزومِ, هذان قسمان, والقسمُ
الثالثُ الاستعارةُ التَّخْيِيليَّةُ وهي إثباتُ لازِمِ المُشبَّهِ به
للمشبَّه, الدالِّ هذا اللازمُ على استعارةِ لفظِ المُشبَّهِ به للمشبَّهِ
أعني أنها قرينةُ الاستعارةِ الْمَكْنِيَّةِ لازِمَةٌ لها, لا تَنْفَكُّ
عنها, ولذا يُمَثَّلُ لهما بمثالٍ واحدٍ.
(18) (كقولِه تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ} فقد استعارَ) أي: اللهُ تعالى.
(19) (الطائرَ للذُلِّ) أي: بعدَ تشبيهِ معنى الذُّلِّ بمعنى الطائرِ.
(20) (ثم حذَفَه) أي:
(21) (ودلَّ عليه) أي: على لفظِ الطائرِ المحذوفِ.
(22) (بشيءٍ من لوازمِه وهو الْجَناحُ) فيُقالُ في إجراءِ الاستعارةِ فيهما
شبَّهَ الذُّلَّ بطائرٍ, واستُعيرَ اللفظُ الدالُّ على المُشبَّهِ به, وهو
الطائرُ للمشبَّهِ وهو الذُّلُّ, ثم حذِفَ الطائرُ, ورُمِزَ إليه بشيءٍ من
لوازمِه, وهو الْجَناحُ على سبيلِ الاستعارةِ المكنيَّةِ.
(23) (وإثباتُ الْجَناحِ) الذي هو من لوازمِ الطائرِ المُشبَّهِ به.
(24) (للذُّلِّ) الذي هو المُشبَّهُ قرينةٌ للمَكنِيَّةِ .
(25) و (يُسمُّونه) أي: يُسمِّيه السلَفُ والخطيبُ.
(26) (استعارةً تخييليَّةً) أما تَسميتُه استعارةً فلأن مُتعلِّقَه قد استعيرَ
أي: نُقِلَ عما يُناسبُه ويُلائمُه واستُعمِلَ مع ما شُبِّهَ بما يُناسبُه,
وأما تسميتُه تخييليَّة؛ً فلأن متعلِّقَه لَمَّا نُقِلَ عن ملائمِه
وأُثْبِتَ للمشبَّهِ صارَ يُخَيَّلُ للسامعِ أن المُشبَّهَ من جنسِ
المُشبَّهِ به, وهذا مذهَبُ السلَفِ في المكنيَّةِ والتخييليَّةِ, وكذا
مذهبُ الخطيبِ القُزْوِينِيِّ في التخييليَّةِ, وقال الخطيبُ في الاستعارةِ
الْمَكْنيَّةِ: إنها التشبيهُ الْمُضْمَرُ في النفسِ المرموزُ إليه
بإثباتِ لازمِ المُشبَّهِ به للمشبَّهِ, فيُقالُ: في الآيةِ المذكورةِ
شَبَّهَ الذلَّ بالطائرِ تشبيهاً مُضمَراً في النفسِ مرموزاً له بذكْرِ
الْجَناحِ الذي هو لازِمُ الطائرِ للذُّلِّ استعارةٌ تخييليَّةٌ ويَلزَمُ
عليه أنْ لا وجهَ لتسميتِها استعارةً؛ لأن الاستعارةَ عرْفاً كما سَبقَ
اللفظُ المستعمَلُ في غيرِ ما وُضِعَ له لعَلاقةِ المشابَهةِ أو نفسِ
الاستعمالِ المذكورِ, والتشبيهُ المضمَرُ غيرُ ذلك؛ لأنه فعْلٌ من أفعالِ
النفسِ, وهناك مذاهبُ أُخرى فيهما, أَشهرُها مذهبُ السَّكَّاكِيِّ فقالَ في
المَكْنيَّةِ: إنها لفظُ المُشبَّهِ المستعمَلُ في المُشبَّهِ به؛ ادعاءً
أنه عينُه فيُقالُ في تقريرِها في الآيةِ المذكورةِ: شَبَّهَ الذُّلَّ
بالطائرِ وادَّعَى أن للطائرِ فَرْدَيْنِ؛ فرْدٌ حقيقيٌّ وهو الطائرُ
الحقيقيُّ وفرْدٌ ادِّعائيٌّ, وهوَ الذُّلُّ, ثم اسْتُعِيرَ اللفظُ الدالُّ
على الفرْدِ الحقيقيِّ, وهو الطائرُ للفرْدِ الادِّعائيِّ, وهو الذُّلُّ
على الاستعارةِ المَكْنيَّةِ, وقالَ في قرينةِ المَكْنيَّةِ: إنها تارةً
تكونُ تخييليَّةً أي: مستعارةً لأمرٍ وهميٍّ كأظفارِ المَنِيَّةِ, وتارةً
تكونُ تحقيقيَّةً أي: مستعارةً لأمرٍ مُحَقَّقٍ كابْلَعِي ماءَك, وتارةً
تكونُ حقيقةً كأنْبَتَ الربيعُ البَقْلَ فلا تَلازُمَ عندَه بينَ
المَكْنيَّةِ والتخييليَّةِ, بل تُوجدُ كلٌّ منهما بدونِ الأخرى ففي
الحالةِ الأُولى أي: فيما إذا كانت قرينةُ المَكْنيَّةِ استعارةً
تخييليَّةً كما في الآيةِ المذكورةِ يقالُ في إجرائِها: لَمَّا شَبَّهَ
الذُّلَّ بالطائرِ أَخَذَ الوهْمُ في تصويرِ الذلِّ بصورةِ الطائرِ
وتَخَيَّلَ أن للذُّلِّ صورةً وهميَّةً من الْجَناحِ مثلَ صورةِ الْجَناحِ
للطائرِ في الشكلِ والقَدْرِ فاستُعيرَ لفظُ الْجَناحِ الدالُّ على صورةِ
الْجَنَاحِ المحققِّةِ للصورةِ الوهميَّةِ المتخيَّلَةِ على سبيلِ
الاستعارةِ التخييليَّةِ التصريحيَّةِ, والقرينةُ إضافتُه إلى الذُّلِّ
فتَلَخَصَّ مما سَبَقَ أن في المَكْنيَّةِ ثلاثَ مذاهبَ؛ الأوَّلُ للسلَفِ,
والثاني للخطيبِ, والثالثُ للسَّكَّاكِيِّ, وفي التخييليَّةِ مذهبان؛
أحدُهما للسلَفِ والخطيبِ, والثاني للسَّكَّاكِيِّ, وفي هذا القدْرِ
كفايةٌ ...).
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (وتَنْقَسِمُ
الاستعارةُ إلى مُصَرَّحَةٍ: وهيَ ما صُرِّحَ فيها بلفظِ المُشَبَّهِ
بهوأُرِيدَ بهِ المُشَبَّهُ بادِّعاءِ كونِه منْ جِنْسِه، كما في قولِه: فأَمْطَرَتْ لُؤْلُؤًا مِنْ نَرْجِسٍ وسَقَتْ ..... وَرْدًا وعَضَّتْ على العُنَّابِ بالْبَرَدِ فقد استعارَ اللؤلؤَ والنَّرْجِسَ والوَرْدَ والعُنَّابَ والبَرَدَ
المُشَبَّهَ بها للمُشَبَّهاتِ الغيرِ المذكورةِ، أَعْنِي استعارَ للدموعِ
اللؤلؤَ،والعيونِ النرجِسَ،والخدودِ الورْدَ،والأناملِ
العُنَّابَ،والأسنانِ البَرَدَ، فقدْ صَرَّحَ ههنا بلَفْظِ المُشَبَّهِ
بهوأُرِيدَ بهِ المُشَبَّهُ، بادِّعاءِ أنَّهُ نَفْسُ المُشَبَّهِ بهِ . وإلى مَكْنِيَّةٍ: وهيَ ما شُبِّهَ فيها شيءٌ بشيءٍ ثمَّ ذُكِرَ
المُشَبَّهُ وحُذِفَ فيها المُشَبَّهُ به ولم يُصَرَّحْ بذكرِه، ولكِنْ
رُمِزَ إليه بشيءٍ منْ لوازمِه الذي أُثْبِتَ للمُشَبَّهِ ليَنْتَقِلَ منهُ
إلى ما هوَ المقصودُ من الاستعارةِ،وهوَ ادِّعاءُ دخولِ المُشَبَّهِ في
جِنْسِ المُشَبَّهِ بهِ حيثُ لابَسَهُ ما لَابَسَ المُشَبَّهَ به، كقولِه
تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ }،
فقدْ شَبَّهَ فيهِ الذُّلَّ بالطائِرِ، ثمَّ استعارَ الطائرَ المُشَبَّهَ
بهِ للذُّلِّ المُشَبَّهِ ثمَّ حَذَفَهُولم يُصَرِّحْ بذِكْرِه، ودَلَّ
عليهِ بشيءٍ منْ لوازِمِه،وهوَ الْجَناحُ، وأَثْبَتَ هذا اللازمَ للذُّلِّ
ليَدُلَّ على ادِّعاءِ أنَّهُ منْ جِنْسِ الطائرِ؛ ولذلكَ إثباتُ ذلكَ
اللازمِ لهُ، أيْ إثباتُ الْجَناحِ للذُّلِّ، يُسَمُّونَهُ استعارةً
تخييليَّةً، فإنَّهُ يُخَيَّلُ للسامعِ أنَّ المُشَبَّهَ منْ جنسِ
المُشَبَّهِ بهِ . قالَ في الحاشيةِ: ويُقالُ في إجرائِها، إلخ . وتقريرُه
واضحٌ غَنِيٌّ عن الشرْحِ والبيانِ).
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)
قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (وتنقسم
الاستعارة إلى مصرحة ومكنية, فالمصرحة هي ما صُرح فيها بلفظ المشبه به,
إذا ذكر المشبه به بلفظه صريحاً فهذه تسمى بالاستعارة التصريحية, تسمى
الاستعارة المصرحة أيضاً كما في قوله:
فأمطرت لؤلؤاً من نرجس وسقت ..... ورداً وعضت على العنَّاب بالبرد
يقول: "فأمطرت لؤلؤا". أي: أنزلت من عينيها دموعاً كاللؤلؤ, فاللؤلؤ هنا هو المشبه به, وأمطرت أيضاً شبه الدموع بالمطر النازل،"من نرجس", شبه العيون بالنرجس, شبه العينين بالنرجس, وذكر المشبه به ‘‘وسقت ورداً‘‘. شبه الخد بالورد, وشبه نزول الدمع عليه بالسقي "وعضت على العنَّاب بالبرد". شبه الأصابع بالعنَّاب, وشبه الأسنان بالبرد, العنَّاب نبت معروف, والبرد الذي ينزل في المطر, فهذا كله استعارات تصريحية, ((فأمطرت)) هذه الاستعارة الأولى، ((لؤلؤا)) ، الاستعارة الثانية، ((من نرجس))، الاستعارة الثالثة، ((وسقت))، الاستعارة رابعة، ((ورداً)) ،الاستعارة خامسة، ((وعضت على العنَّاب)) العنَّاب الاستعارة السادسة, ((بالبرد)) الاستعارة السابعة, هذا البيت وحده جمع سبع استعارات.
(سؤال غير مسموع).
الشيخ: نعم
الشيخ: العناب نبت
معروف,تشبه به الأصابع, ثمرة نبت معروف لين ومعتدل, فقد استعار اللؤلؤ,
والنرجس, والورد, والعناب, والبرد, واستعار أيضاً المطر, والسقي، للدموع,
والعيون, والخدود, والأنامل, والأسنان.
وإلى مكنية وهي القسم الثاني, الاستعارة المكنية وهي
غير المصرحة, وهي ما حُذف فيها المشبه به, ورُمز إليه بشي من لوازمه, لذا
لم يذكر المشبه به, فكل أركان التشبيه حُذفت, لم يذكر أي شيء يدل على
التشبيه إلا بعض أوصاف المشبه به, بعض لوازام المشبه به, وذلك مثل قول الله
تعالى: { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة }.
فشبه الذل بالطائر, ولم يذكر الطائر هنا, والطائر له جناح, وهو من لوازمه,
فذكر الجناح؛ ففهم الطائر من ذكر الجناح, فالطائر هو المشبه به, وقد حُذف,
لكن ذكر بعض لوازمه . وهو الجناح, قال: { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة }.
فقد استعار الطائر للذل, ثم حذفه, ودل عليه بشيء من لوازمه, وهو الجناح ،
وإثبات الجناح للذل يسمونه استعارة تخييلية, هذا أمر آخر, نوع آخر من أنواع
الاستعارة, وهو الاستعارة التخييلية, ولا تكون إلا في المكنية, الاستعارة
والتخييلية قسم من المكنية, والتخيلية هي أن تتخيل شيئاً لا حقيقة له ، شيء
ماله حقيقة ؛ فتتخيله لتصفه, كتخيلك للذل في هيئة طائر, وكأن له جناحاً,
فشبهت جناح الذل بجناح الطائر, فأثبت له الخفض, كما ينخفض جناح الطائر, هل
رأيت الذل قط؟! ما رأيته, هل هو من الطائر؟ أنت تتخيل كذلك ، فتخيلتَ أن
الذل بمثابة الطائر, وأن له جناحاً, وأنه ينخفض ويرتفع؛ فلذلك قلت, لذلك
استعرتَ له الجناح, فإذن هي الاستعارة تخييلية).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ) فأمطـرت لؤلؤاً من نـرجـس وســقت ورداً وعضت على العناب بالبرد قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هنا تقسيم للاستعارة
بالنسبة لنوع الطرف المذكور ، إذا كان الطرف المذكور هو المشبه به أو
المستعار منه ، فهذا تسمى الاستعارة حينئذٍ تصريحية أو مصرح بها ؛ لأن
الأصل هو ذكر المشبه به باعتبار أن المشبه يُلحق بالمشبه به . ولهذا كل
تركيب جاءت الاستعارة فيه بذكر لفظ المشبه به أو المستعار منه فإنها تسمى
تصريحية ؛ لأنه صرّح باللفظ الأهم وهو المشبه به . ومثلوا لذلك بقول الشاعر
: فأمطـرت لؤلؤاً من نـرجـس وســقت ورداً وعضت على العناب بالبرد
القارئ: (وتنقسم الاستعارة إلى مصرحة وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به ، كما في قوله :
إذاً المصرح به هو المشبه به ، اللؤلؤ يعني كأنه يقول: دمعٌ
كاللؤلؤ ، وعيون كالنرجس وخدود كالورد وأنامل كالعناب وأسنان كالبرد ، فلم
يُذكر المشبه وإنما ذكر المشبه به ولهذا صارت الاستعارة تصريحية).
القارئ: (وإلى مكنية وهي ما حذف فيها المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه ، كقوله تعالى : {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } فقد استعار الطائر للذل ثم حذفه ودل عليه بشيء من لوازمه (وهو الجناح) ، وإثبات الجناح للذل يسمونه استعارة تخيلية).
قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (القسم الثاني من أقسام
الاستعارة هو ما لم يصرح بالمشبه به يعني يحذف ، فليس في العبارة ذكر لنص
المشبه به وإنما يرمز إليه بشيء من لوازمه ، حتى يستدل عليه ؛ لأنه لا يذكر
المشبه به صراحة وإنما يذكر ما يرمز إليه بشيء مثلاً : في قول الله عز وجل
: { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة } نحن
عند البلاغيين يقولون إن شبه التذلل للوالدين بالطائر بجامع الحنو والعطف
والإشفاق لكل منهما ، لكن لم يرد لكلمة الطائر ذكر في الآية الكريمة ،
وإنما ورد ما يرمز إلى الطائر وهو كلمة جناح ولهذا يجعلونها مكنية لأن
المشبه به توارى واختفى خلف العبارة ولكن الذي نبه عليه ودلنا عليه هو كلمة
جناح التي هي من صفات وخصائص الطائر ، ولذلك { واخفض لهما جناح الذل من الرحمة }
جاء بعد حذف الطائر واستدل على المشبه به وهو الطائر تشبيه ذلك الرجل الذي
يحنو على والديه بحنو الطائر على صغاره ، الطائر لم يُذكر ولكن اكتفى بذكر
الجناح الذي يرمز ويشير إلى الطائر.
ما عقب به المؤلفون في مسألة: ( وإثبات الجناح للذل يسمونه
استعارة تخيلية ) الحقيقة أن الاستعارة التخيلية الكلام فيها كثير ولكن
مكمن خطورة ؛ لأن معنى التخييل أن تتصور ما لا حقيقة له. ولهذا استند
عليها المعتزلة في كثير من أمورهم في تأويلاتهم على قضية الاستعارة
التخيلية ولهذا يكثر عند الزمخشري التخريج على هذا اللون من الاستعارة ولعل
مناسبةً تأتي لتفصيل الحديث على هذا الموضوع).
الكشاف التحليلي
· تنقسم الاستعارة بالمعنى المصدري باعتبار ذاتها إلى ثلاثة أقسام:مصرحة، ومكنية، وتخييلية
§ القسم الأول: المصرَّحة وهي ما صرح فيها بلفظ المشبه به، ومثاله:فأمطرت لؤلؤاً من نرجس وسقت * ورداً وعضت على العناب بالبَرَدِ
- سبب تسميتها تصريحية
§ القسم الثاني: الاستعارة المكنية، وهي ما حذف فيها المشبه به ورمز إليه بشيء من لوزامه، ومثاله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}
- سبب تسميتها مكنية
° تنبيه: لا تَجْرِي المكنيَّةُ في الفعلِ واسمِه، ولا في الحرْفِ، خلافًا لمن وَهِمَ في ذلكَ
§ القسم الثالث: الاستعارة التخييلية، وهي إثبات لازم المشبه به للمشبه، ومثاله: {واخفض لهما جناح الذل من الرحمة}
- سبب تسميتها استعارة تخييلية
° مسألة: اختلاف أهل البلاغة في الاستعارة المكنية والتخييلية
° في المكنية ثلاث مذاهب:للسلف، وللخطيب، وللسكاكي، وفي التخييلية مذهبان: أحدهما للسلف والخطيب، والثاني للسكاكي
° المذاهب في المكنية:
- مذهب الخطيبِ أنَّها التشبيهُ المُضْمَرُ في النفسِ المدلولِ عليهِ بلفظٍ يَدُلُّ عليه.
- مذهب السلف: أنها لفظ المشبه به المطوي من الكلام المرموز إليه بذكر لازمه
- مذهب السكاكي: أنها نفس لفظِ المشبَّهِ المستعمَلِ في المشبَّهِ به الادِّعائيِّ.
° المذاهب في التخييلية:
- مذهب السلف والخطيب: أنَّها مَجازٌ عقليٌّ في إثباتِ اللازمِ
الذي هو قرينةُ المكنيَّةِ لغيرِ ما هو، ويُسمَّى استعارةً تخييليَّةً
بطريقِ الاشتراكِ اللفظيِّ.
- مذهب السكاكي:
° بقي مذهبان في المكنية:
- المذهب الأول للعصام: أنَّها لفظُ المشبَّهِ به المقلوبِ
المستعمَلِ في المشبَّهِ المقلوبِ مع جعْلِ مجموعِ الكلامِ بعدَ ذلكَ
كنايةً. والقرينةُ على الاستعارةِ ذِكْرُ مُلائِمِ المشبَّهِ المقلوبِ،
وعلى الكنايةِ حاليَّةٌ هيَ كونُ المقامِ مقامَ إفادةِ المعنى الكِنَائيِّ.
- المذهب الثاني: لصاحب الكشف:أنَّها لازمُ المشبَّهِ به
المذكورِ المستعارِ للاَّزمِ المشبَّهِ المحقَّقِ أو الموهومِ استعارةً
غيرَ مقصودةٍ في نفسِها، بل قُصِدَ بها الدَّلالةُ على لازمِها، وهو إثباتُ
وصْفِ المشبَّهِ به للمشبَّهِ
° بقي في التخييلية مذهبان:
- المذهب الأول: لصاحب الكشف
- المذهب الثاني: للعصام، أنَّها حقيقةٌ لُغويَّةٌ، وإثباتُها للمشبَّهِ حقيقةٌ عقليَّةٌ دائمًا،
° مثال توضيحي مذهب الجمهور ومذهب السكاكي ومذهب الخطيب في استعارة تعبية: أعجَبَني إراقةُ الضاربِ دمَ زيدٍ
° مثال توضيحي مذهب الجمهور ومذهب السكاكي ومذهب الخطيب في استعارة تعبية: قولِك لجليسِك المشغولِ قلبُه عنكَ: أنتَ مطلوبٌ منكَ أن تَسيرَ الآنَ إلينا.