حسن التعليل
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (23- حسْنُ التعليلِ: هوَ أنْ يُدَّعَى لوصْفٍ علَّةٌ غيرُ حقيقيَّةٍ فيها غرابةٌ، كقولِه:
لوْ لمْ تكُنْ نيَّةُ الجَوْزاءِ خدمتُهُ >>> لما رأيتَ عليها عِقْدَ مُنْتَطِقِ).
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (10- حُسْنُ التعليلِ: هو أن يُدَّعَى لوصْفٍ(1) عِلَّةٌ(2) غيرُ حقيقيَّةٍ(3) فيها غرابةٌ، كقولِه: لو لم تكنْ نيَّةُ الجَوْزَاءِ(4) خِدمتَهُ >> لمَا رأيتَ عليها عِقْدَ مُنْتَطَقِ). __________________ قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (أن يُدَّعَى لوصْفٍ)،
أي: أنْ يُثبَتَ لوصفٍ علَّةٌ مناسِبةٌ له، ويكونَ ذلكَ الإثباتُ بالدعوى
والإصرارِ، لا بالشكِّ، وإلاَّ كانَ ملْحَقًا بحُسْنِ التعليلِ لا منه،
كقولِ أبي تمَّامٍ: رُبًا شَفَعَتْ ريحُ الصَّبَا لرياضِها >> إلى المُزنِ حتَّى جادَها وهو هامِعُ كأنَّ السحابَ الغُرَّ غَيَّبْنَ تحتَها >>حبيبًا فلا تَرْقَى لهُنَّ مدامِعُ فإنَّه علَّلَ على سبيلِ الشكِّ نزولَ المطَرِ من السحابِ بأنَّها
غَيَّبَتْ حبيبًا تحتَ تلكَ الرُّبا، فهي تَبكي عليها. والوصفُ أربعةُ
أنواعٍ؛ لأنَّه إمَّا: ثابتٌ في نفسِه لا يَظهَرُ له في العادةِ عِلَّةٌ،
وقَصَدَ بما أتى به بيانَ عِلَّتِه بحسْبِ الدعوى، كقولِ أبي الطيِّبِ
المتنبِّي: لم يَحْكِ نائلَكَ السحابُ وإنَّما ..... حُمَّتْ به فصبِيبُها الرُّحَضَاءُ أي: لم يُشابِهْ عطاءَكَ السحابُ، وإنَّما صارَتْ محمومةً بشهودِ نائلِكَ،
وعلْمُها بكونِ نائلِكَ فوقَ نائلِها، فالمطَرُ المصبوبُ، أي النازلُ منها،
من أجْلِ الرُّحَضَاءِ، أي الحُمَّى التي أصابَتْها بسببِ غَيْرَتِها،
فنزولُ المطرِ من السحابِ صفةٌ ثابتةٌ لا يَظْهَرُ لها في العادةِ علَّةٌ،
وقد علَّلَه بأنَّه عرَقُ حُمَّاها الحادثةِ بسببِ عطاءِ الممدوحِ، وهذه
العلَّةُ غيرُ مطابِقَةٍ للواقعِ. وإمَّا ثابتٌ يَظهَرُ له في العادةِ
علَّةٌ غيرُ العِلَّةِ التي ذكرَها المتكلِّمُ لحُسْنِ التعليلِ، كقولِ أبي
الطيِّبِ أيضًا: ما به قَتْلُ أعادِيهِ ولكنْ ..... يَتَّقِي إخْلافَ ما تَرْجُو الذئابُ فإنَّ قتْلَ الأعداءِ في العادَةِ لدَفْعِ مضرَّتِهم وصَفْوِ المملكةِ عن
منازعتِهم، لا لما ذَكَرَهُ من أنَّ طبيعةَ الكرَمِ قد غلَبَتْ عليه،
ومحبَّةُ صدْقِ رجاءِ الراجينَ بَعَثَتْهُ على قتْلِ أعدائِه، لما عَلِمَ
من أنَّه إذا توجَّهَ إلى الحرْبِ صارت الذئابُ تَرْجُو اتِّساعَ الرزْقِ
عليها بلحومِ من يَقتلُه من الأعادي. فالعلَّةُ هنا في الوصْفِ الذي هو
قتْلُ الأعادي، وهي تحقيقُ ما تترَجَّاهُ الذئابُ، غيرُ مطابِقَةٍ للواقعِ.
وإمَّا غيرُ ثابتٍ أُريدَ إثباتُه وهو ممكِنُ الحصولِ في ذاتِه، كقولِ
مسلمِ بنِ الوليدِ: يا وَاشيًا حسُنَتْ فينا إساءتُه ..... نَجَّى حِذارُكَ إنساني من الغَرَقِ يُريدُ أنَّ إساءةَ الواشي إنَّما حسُنَتْ عندَهُ، وإنْ لم يَستحْسِنْها
الناسُ؛ لأنَّها أوْجَبَتْ حِذارَه منه، فلم يَبْكِ لِئَلاَّ يُشْعِرَ
الواشيَ بما عندَه، ولمَّا تَرَكَ البُكاءَ نَجَا إنسانُ عينِه من الغرَقِ
في الدموعِ. فقد أَوْجَبَتْ إساءةُ الواشي نجاةَ إنسانِ عينِ الشاعرِ من
الغرَقِ في الدموعِ، وغرَقُ إنسانِ العينِ في الدموعِ كنايةٌ عن العَمَى،
فاستحسانُ إساءةِ الواشي أمرٌ ممكِنٌ، لكنَّهُ غيرُ واقعٍ عادةً، ونجاةُ
إنسانِ عينِ الشاعرِ من الغرَقِ لحِذارهِ علَّةٌ لِمَا ذُكِرَ من استحسانِ
إساءتِه علَّةٌ غيرُ مطابِقَةٍ للواقعِ، وهي لطيفةٌ كما لا يَخْفَى. وإمَّا
غيرُ ثابتٍ ولا ممكِنٍ ادَّعَى وقوعَه وعلَّلَ بعلَّةٍ تناسبُه، كقولِ
صاحبِ التلخيصِ مترجِمًا معنى بَيْتٍ فارسيٍّ: لو لم تكن، البيتَ، بِناءً
على كونِ الانتطاقِ، وإن كانَ معلولاً ومُسبَّبًا عن نيَّةِ الخِدمةِ في
الخارجِ، إلاَّ أنَّ الشاعرَ جعلَه دليلاً على كونِ الجوزاءِ نيَّتُها
خدمةُ الممدوحِ، وعلَّةً للعلْمِ بوجودِه، حتَّى يكونَ المعلولُ، وهو كونُ
نيَّةِ الجوزاءِ الخدمةَ، وصفًا غيرَ ممكِنٍ، وأمَّا إذا جَعَلْتَ نيَّةَ
خدمةِ الجوزاءِ للمدوحِ علَّةً للانتطاقِ فإنَّ المعلولَ، وهو الانتطاقُ،
يكونُ حينئذٍ وصفًا ثابتًا لا يَظهَرُ له في العادَةِ علَّةٌ، ويكونُ
البيتُ من أمثلةِ الضرْبِ الأوَّلِ نظيرَ قولِ المتنبِّي: لم يَحْكِ
نائلَكَ، البيتَ. وسيأتي زيادةُ توضيحٍ لهذيْنِ الاحتمالَيْنِ في بيتِ
الكتابِ هذا. وبالجملةِ فالعِلَّةُ المذكورةُ في الكلامِ لحسْنِ التعليلِ
قد يُقْصَدُ كونُها علَّةً لثبوتِ الوصفِ ووجودِه في نفسِه كما في
الضربيْنِ الأوَّلَيْنِ؛ لأنَّ ثبوتَه معلومٌ، وقد يُقْصَدُ كونُها علَّةً
للعلْمِ به، وذلكَ إذا كانَ المستدَلُّ عليه مجهولاً، فتكونُ تلك العلَّةُ
من بابِ الدليلِ، وذلكَ كما في الضربَيْنِ الأخيريْنِ؛ لعدَمِ العلْمِ
بثبوتِ الصفةِ، بل الغرَضُ إثباتُها، فافهَمْ. سعدٌ ودسوقيٌّ. (2) قولُه: (علَّةٌ)، أي: مناسِبةٌ لذلكَ الوصفِ. (3) وقوله: ( غيرُ حقيقيَّةٍ)، أي: غيرُ
مطابِقَةٍ للواقعِ، بمعنى أنَّها ليستْ علَّةً له في نفسِ الأمْرِ، بل
اعتَبَرَ كونَها علَّةً بوجهٍ يُتخيَّلُ به كونُ التعليلِ صحيحًا؛ فلذا
قالَ: فيها غرابةٌ، فلو كانت تلكَ العلَّةُ التي اعتُبِرَتْ مناسِبةً
للوصْفِ حقيقيةً، أي علَّةٌ له في نفسِ الأمْرِ، لم يكنْ ذلكَ من
مُحسِّناتِ الكلامِ لعدَمِ التصرُّفِ فيه دسوقيٌ. (4) قولُه: (الجوزاءِ)، معلومةٌ، وهي بُرْجٌ من البروجِ الفلكيَّةِ، وحولَها نجومٌ تُسَمَّى نطاقَ الجوزاءِ، وقولُه: (مُنتطَقٌ)،
بفتْحِ الطاءِ اسمُ مفعولٍ من انْتَطَقَ، أي شَدَّ النطاقَ أي المِنطقَةَ
بوسَطِه. والنِّطاقُ والمِنطقَةُ ما يُشَدُّ به الوسَطُ، وقد يكونُ
مرصَّعًا بالجواهرِ حتَّى يكونَ كعُقْدٍ خالصٍ من الدرِّ، أي: لمَّا رأيتُ
عليها عُقدًا منتطَقًا به، أي مشدودًا في وسطِها كالنِّطاقِ أي الحزامُ،
فالمرادُ بالانتطاقِ هنا الحالةُ الشبيهةُ بالانتطاقِ، وهي كونُ الجوزاءِ
أحاطَتْ بها تلكَ النجومُ كإحاطةِ النطاقِ الذي فيه جوهَرٌ، فصارَ كعُقدٍ
من الدُّرِّ بوسَطِ الإنسانِ. واعلَمْ أنَّ لو هنا إمَّا أن تَجْرِيَ على
المشهورِ المقرَّرِ فيها، وهو أنْ يكونَ جوابُها معلولاً لمضمونِ شرطِها،
فتكونُ نيَّةُ خدمةِ الممدوحِ علَّةً لانتطاقِ الجوزاءِ، ويكونَ البيتُ من
الضرْبِ الأوَّلِ، وهو ما إذا كانت الصفةُ التي ادَّعَى لها علَّةً مناسبةً
ثابتةً ولم تَظهَرْ لها علَّةٌ في العادةِ؛ وذلكَ لأنَّ المعلولَ الذي هو
انتطاقُ الجوزاءِ ثابتٌ؛ لأنَّ المرادَ به إحاطةُ النجومِ بها كإحاطةِ
النطاقِ بالإنسانِ، وإذا كانَ المرادُ بالانتطاقِ الحالةَ الشبيهةَ
بالانتطاقِ فهي محسوسةٌ ثابتةٌ، ونيَّةُ الخدمةِ التي هي علَّتُها غيرُ
مطابِقَةٍ. وإمَّا أن تَجْرِيَ على خلافِ المشهورِ المقرَّرِ فيها بأنْ
تُجعَلَ للاستدلالِ بانتفاءِ الجزاءِ على انتفاءِ الشرطِ، وبوجودِه على
وجودِه؛ لأنَّ الشرْطَ علَّةٌ في الجزاءِ، فيَصِحُّ الاستدلالُ بوجودِ
الجزاءِ على وجودِ الشرْطِ كما هنا، فإنَّ الانتطاقَ وإنْ كانَ معلومًا
مسبَّبًا عن النيَّةِ في الخارجِ، إلاَّ أنَّ الشاعرَ جعلَهُ دليلاً
لنيَّةِ خدمةِ الجوزاءِ للمدوحِ، وعلَّةً للعلْمِ بوجودِها، فاستدَلَّ
بوجودِ الانتطاقِ في الخارجِ على وجودِ نيَّةِ الخدمةِ، فكأنَّه قالَ: لو
لم يكُنْ قصدُها الخدمةَ لما كانتْ منتَطَقَةً، لكنَّ كونَها غيرَ منتطِقةٍ
باطلٌ لمشاهدةِ انتطاقِها، فبَطَلَ المقدَّمُ وهو لم يكُنْ قصدُها
الخدمةَ، فيَثْبُتُ نقيضُه وهو المطلوبُ، وبعدَمِ الجزاءِ على عدَمِ
الشرْطِ كما في قولِه تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا}،
أي: لم تُوجَدْ؛ فإنَّ انتفاءَ الفسادِ وإنْ كانَ انتفاءً للاَّزِمِ، أي
المعلولِ المسبَّبِ عن التعدُّدِ، إلاَّ أنَّه يكونُ علَّةً للعلْمِ
بانتفاءِ الملزومِ، أي علَّةَ الفسادِ وسببَه الذي هو التعدُّدُ، فيَثْبُتُ
المرادُ الذي هو الوحدةُ؛ وذلكَ لأنَّ وجودَ المعلولِ يدُلُّ على وجودِ
علَّتِه، وعدَمُ وجودِ المعلولِ يدُلُّ على عدَمِ وجودِ علَّتِه. قالَ ابنُ
يعقوبَ: وهذا الاحتمالُ الثاني في البيتِ، ولو كانَ هو الأقربَ لأنْ
يُحمَلَ عليه البيتُ لتصحيحِ تمثيلِ صاحبِ التلخيصِ به للضَّرْبِ الرابعِ،
أي كونِ المعلولِ وصْفًا غيرَ ممكِنٍ، لكنْ فيه تَمَحُّلٌ؛ لأنَّ الظاهرَ
أنَّ مرادَهم بالعِلَّةِ هنا ما يكونُ عِلَّةً في الوجودِ لا في العلْمِ
كما تَشهَدُ بهِ الأمثلةُ السابقةُ ا.هـ فتأمَّلْ).
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (حسْنُ التعليلِ: هوَ أنْ يُدَّعَى لوصْفٍ علَّةٌ غيرُ حقيقيَّةٍ فيها غرابةٌ، كقولِه:
لوْ لمْ تكُنْ نيَّةُ الجَوْزاءِ خدمتُهُ ..... لما رأيتَ عليها عِقْدَ مُنْتَطِقِ).
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (حسْنُ التعليلِ هو أن يُدَّعَى(1) لوصفٍ علَّةٌ(2) غيرُ حقيقيَّةٍ(3) لو لم تكنْ نيَّةُ الجوزاءِ(7) خِدْمَتَه(8) .... لَمَا رأيْتَ عليها(9) عِقْدَ مُنْتَطَقِ(10) ). _____________________ قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) (حسْنُ التعليلِ هو أن يُدَّعَى) أي: يُثْبَتَ بالدَّعْوَى. (2) (لوصْفٍ علَّةٌ) مناسِبةٌ له. (3) (غيرُ حقيقيَّةٍ) أي: غيرُ مطابِقةٍ
للواقعِ بمعنى أنها ليستْ علَّةً في نفْسِ الأمْرِ بل اعتُبِرَتْ علَّةً
بوجْهٍ يُتَخَيَّلُ به كونُ التعليلِ بها صحيحاً سواءٌ كانت أمراً
اعتباريًّا أو موجوداً في الخارجِ, وهذا القيْدُ لازِمٌ؛ إذ لو كانت تلك
العِلَّةُ حقيقيَّةً, أي: عِلَّةً في نفسِ الأمرِ لم يكنْ ذلك من محسِّناتِ
الكلامِ لعدَمِ التصرُّفِ فيه. (4) (فيها) أي: في هذه العِلَّةِ. (5) (غَرَابَةٌ) أي: اعتبارٌ لطيفٌ مشتمِلٌ على
دقَّةِ نظَرٍ سواءٌ كان هذا الوصفُ الذي ادَّعَيْتَ له علَّةً, ثابتاً
فيُقصَدُ بيانُ علَّتِه أو غيرَ ثابتٍ, فيُرادُ إثباتُها, وسواءٌ كان
الوصفُ الثابتُ ظاهرَ العلَّةِ كقولِ المتنبِّي: ما به قتْلُ أعادِيه ولكنْ ...... يَتَّقِي إخلافَ ما تَرجُو الذئابُ فإنَّ قتْلَ الأعادي عادةُ الملوكِ ليَسْلَموا من أذاهم وضَرِّهم
ولكنَّ المتنبِّيَ اختَرَعَ لذلك سبباً غريباً, وهو الكرَمُ الغَريزيُّ
ومحبَّتُه إجابةُ طالبِ الإحسانِ وتجنُّبُ إخلافِ مرجوِّ الذئابِ أو كان
غيرَ ظاهرِ العلَّةِ, كقولِ أبي هلالٍ العسْكَرِيِّ: زعَمَ البنَفْسِجُ أنه كعُذَارِه .... حُسْناً فسَلُّوا من قفاه لسانَه فخروجُ ورقةِ البنفسجِ إلى الخلْفِ, لا علَّةَ له, لكنَّه ادَّعى أن
علَّتَه الافتراءُ على المحبوبِ, وسواءٌ كان الوصْفُ الغيرُ الثابتِ
ممكِناً كقولِ مسلِمِ بنِ الوليدِ: يا وَاشِياً حسُنَتْ فينا إساءتُه ..... نَجَّى حذارُكَ إنساني من الغَرَقِ. فاستحسانُ الإساءةِ ممكِنٌ غيرُ ثابتٍ فقُصِدَ إثباتُه. أو كان غيرَ ممكِنٍ. (6) (كقولِه) أي: الخطيبِ القُزْوِينِيِّ مترْجِماً بالعربيَّةِ بيتاً فارسيًّا. (7) (لو لم تكنْ نيَّةُ الجوزاءِ) برْجٌ من
البروجُ الفلَكيَّةِ الاثني عشرَ فيه عدَّةُ نجومٍ تُسمَّى نِطاقَ الجوزاءِ
ومنْطِقَةَ الجَوْزاءِ. والْمِنْطَاقُ والمِنْطَقةُ ما يُشَدُّ به الوسَطُ
وقد يكونُ مُرَصَّعاً بالجواهرِ حتى يكونَ كعقْدٍ خالصٍ من الدُّرِّ. (8) (خِدْمتَه) بالنصْبِ خبرُ لم تكنْ أي: خدمةَ الممدوحِ. (9) (لما رأيتَ عليها) أي: على الجوازاءِ (10) (عِقدَ مُنْتَطَقِ) بفتحِ الطاءِ اسمُ
مفعولٍ أي: لما رأَيْتَ عليها عِقْداً مُنْتَطَقاً به, أي: مشدوداً في
وسَطِها كالنِّطاقِ أي: الحزامِ فجَعلَ الشاعرُ علَّةَ شَدِّ الجوزاءِ
النطاقَ في وسطِها خدمةَ الممدوحِ, وهي صفةٌ غيرُ ممكِنةٍ, فقَصَدَ
إثباتَها على خِلافِ الواقعِ).
فيها(4) غرابةٌ(5)، كقولِه(6):
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري
قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (23- حُسْنُ التعليلِ:
هوَ أنْ يَدَّعِيَ، أيْ: يُثْبِتَ، بطريقِ الدَّعْوَى لوصْفِ عِلَّةٍ غيرِ
حقيقيَّةٍ، أيْ: غيرِ مطابِقَةٍ للواقِعِ، بمعنى أنَّها ليستْ عِلَّةً لهُ
في نفْسِ الأمْرِ، بلْ بمجرَّدِ الادِّعاءِ بوجهٍ يُتَخَيَّلُ بهِ كونُ
التعليلِ صحيحًا حتَّى يَتَحَقَّقَ التصرُّفُ فيهِ، فيُعَدُّ منْ
مُحسِّناتِ الكلامِ. ولوْ كانتْ عِلَّةً لهُ في نفسِ الأمْرِ لم يكُنْ ذلكَ
من الْمُحَسِّنَاتِ لعَدَمِ التصرُّفِ فيهِ، ثمَّ لا بُدَّ أنْ يكونَ معَ
ذلكَ فيها، أيْ في هذه العِلَّةِ، غرابةٌ بحيثُ لا يُدْرِكُ كونَها علَّةً
إلَّا مَنْ لهُ تَصَرُّفٌ في دقائقِ المعانِي، وفي الاعتباراتِ اللطيفةِ،
كقولِه:
لوْ لمْ تكُنْ نِيَّةُ الجوزاءِ خِدْمَتَهُ ..... لَمَا رأَيْتَ عليها عِقْدَ مُنْتَطَقِ
الجوزاءُ: اسمُ بُرْجٍ من البروجِ الفلكيَّةِ، وحولَها نجومٌ تُسَمَّى نطاقَ الجوزاءِ، والنِّطاقُ والْمِنْطَقَةُ: ما يُشَدُّ بهِ الوَسَطُ، وحاصِلُ معنى البيتِ أنَّ الجوزاءَ معَ ارتفاعِها لها عَزْمٌ ونِيَّةٌ لخدمَةِ الممدوحِ، ومنْ أَجْلِ ذلكَ انْتَطَقَتْ أيْ شَدَّت النِّطاقَ تَهَيُّؤًا لخدمَتِه، فلوْ لم تَنْوِ خدمتَهُ ما رأَيْتَ عليها نِطاقًا شَدَّتْ بهِ وَسَطَها، فقدْ جَعَلَ عِلَّةَ الانتطاقِ نِيَّةَ خِدْمَةِ الممدوحِ، وهيَ ليستْ علَّةً حقيقيَّةً بل ادِّعائيَّةً مَحْضَةً، ومعَ ذلكَ فيها من الغَرابةِ ما لا يَخْفَى).
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ) قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (كذلك
من المحسنات المعنوية التعليل: وهو مشتق من العلة، وهي ما يغير حال الشيء،
والمقصود به هنا ذكر علة الوصف، أي ذكر سبب الوصف، وهو أن يُدَّعى لوصف
علة. أن يدعي المتكلم للوصف علة غير حقيقية وفيها غرابة، أي بعد، وذلك مثل
قول الشاعر: لو لم تكن نية الجوزاء خدمته ..... لما رأيت عليها عقد منتطق هو
يدعي أن الجوزاء النجوم المعروفة، تنوي خدمة هذا الملك، أي: تقوم بخدمته،
والدليل على ذلك أو العلة أنها تنتطق، فالجوزاء لها نطاق، ثلاثة نجوم
كالمنطقة، وتسمى منطقة الجوزاء، والجوزاء تشبه رجلا هيئتها هيئة رجل، لها
رأس ويدان ورجلان ومنطقة في الوسط ثلاثة نجوم، فقال: لو لم تكن نية الجوزاء خدمته ..... لما رأيت عليها عَقد منتطق أو
رعقد منتطق فالعِقد الزينة، والعَقد أي: أن تعقد النطاق، النطاق هو الحزام،
فهذا النوع للتعليل الغريب الأمر الغريب جداً، مثل قول الآخر: من كان يزعم أن الشمس ما غربت ..... في فيه كذَّبه في وجهه الشفق فهو يظن أن الحمرة التي في وجهه مشتقة من غروب الشمس في فيه أي: اللسان في فمه. من كان يزعم أن الشمس ما غربت ......في فيه كذَّبه في وجهه الشفق والعرب
كثيرا ما تستخدم الألوان لهذا، فيزعمون أن حمرة الوجه تدل على الخجل أي:
الحياء، وأن صفرة الوجه تدل على الوجل أي: الخوف، ومن ذلك قول الشاعر: تفاحة كُسيت لونين خلتهما ..... لوني محب ومحبوب قد افترقا تعانقا فبدا واشٍ فراعهما ..... فاحمر ذا خجلاً واصفر ذا فرقا الفرق:
الخوف، هو هنا يشير إلى أن التفاحة فيها لونان: الصفرة والحمرة، وقد
اجتمعا فيها فخالطا لونها، فكأن جانبا منها أصيب بالخجل والجانب الآخر أصيب
بالخوف والوجل).
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ) لـو لـم تــكـن نـيـة الجــوزاء خـدمتـه ..... لما رأيت عليها عقد منتطق). قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (حسن التعليل لا أدري لما اختار المؤلفون هذا اللون وهو رابع أقسام حسن
التعليل في كتب البلاغيين وهو القسم الذي لم يجد له البلاغيون مثالاً غير
هذا البيت الذي يقال إن القزويني ترجمه من الفارسية. لـو لـم تــكـن نـيـة الجــوزاء خـدمتـه ..... لما رأيت عليها عقد منتطق الجوزاء: اسم
نجم حوله مجموعة من النجوم تشبه النطاق الحزام الذي يتمنطق به الإنسان،
الإنسان حينما يرغب العمل ويعزم عليه يتمنطق يشد نطاقه ويحزمه وهو شد
المئزر المعروف دليل العزم على القيام بعمل يحتاج إلى جهد ومشقة فهو يقول: الجوزاء تريد أن تخدم الممدوح والدليل
على ذلك أنها تمنطقت الجوزاء في هذه مجموعة من النجوم لبست النطاق لأنها
تنوي أن تخدم ذلك الممدوح وهذه طبعاً مبالغة ولكن اسمع الأمثلة الأخرى لحسن
التعليل الذي يذكرها البلاغيون غير هذا اللون يقول أبو الطيب: (ما به قتل أعاديه) يقول الممدوح هذا لا يريد قتل الأعادي هو حينما يحارب هو لا يريد قتل الأعادي قال: ما بــه قــتـل أعـاديــه ولكـن ......يـتـقـي إخلاف ما ترجوا الذئاب يقول الذئاب حينما تعلم بخروج هذا
القائد هذا الممدوح إلى الحرب فهي توقن بأنه سيكون لها ما تقتات به من جثث
الأعداء هو لا يقتل لرغبة في القتل خشية أن يخلف ما ترجوه الذئاب. ويقول مسلم بن الوليد: (يا واشـياً حنت فينا إساءته) الواشي حينما يشي بين اثنين وشايته ليست حسنة؛ لكن هنا كأنه استحسن وشاية الواشي لماذا استحسن الوشاية؟ قال: (نـجـا حـذارك إنساني من الغرق)
يقول لو أنك لم تشِ بنا لم أحذر ونتيجة أني حذرت فقد نجا حذري إنساني من
الغرق) لأنني لو لم أحذر لظللت أبكي على ما يحصل فتغرق عيني بسبب عدم
الحذر، وهذا لون من الشعر الحديث، مدح أحمد شوقي حينما قال: أصيبت (مصر) بزلزال قال: ما زلزلــت مـصــر من كـيـد ألـمّ بـها ......لكنها رقصت من عدلكم طرباً وهذا لون من المبالغة المقيتة وتحسين ما لا يحسن).
القارئ: (الثالث والعشرون: حسن التعليل هو أن يدعى لوصف علة غير حقيقية فيها غرابة، كقوله:
حسن التعليل هو أن يدعي لوصف علة غير
حقيقية فيها غرابة. العلة يذكر أمر ثم يعلل لهذا الأمر هذه العلة ليست
صحيحة، ليست حقيقية لكن فيها غرابة.
يقول:
الكشاف التحليلي · حسن التعليل: لو لم تكن نية الجوزاء خدمته ...... لما رأيت عليها عقد منتطقِ
° يستوي في هذا:إذا كان هذا الوصفُ الذي ادَّعَيْتَ له علَّةً
ثابتاً فيُقصَدُ بيانُ علَّتِه أو غيرَ ثابتٍ, فيُرادُ إثباتُها. ما به قتل أعاديه ولكن ..... يَتَّقِي إخلافَ ما تَرجُو الذئابُ، - أو غير ظاهر: ومثاله: زعم البنفسج أنه كعذاره ..... حسنا فسلوا من قفاه لسانه يا وَاشِياً حسُنَتْ فينا إساءتُه ..... نَجَّى حذارُكَ إنساني من الغَرَقِ، لو لم تكن نية الجوزاء خدمته ...... لما رأيت عليها عقد منتطق - كأنَّ السحابَ الغُرَّ غَيَّبْنَ تحتَها .... حبيبًا فلا تَرْقَى لهُنَّ مدامِعُ لم يحك نائلك السحاب وإنما ..... حُمَّتْ به فصبِيبُها الرُّحَضَاءُ ما به قَتْلُ أعادِيهِ ولكنْ ...... يَتَّقِي إخْلافَ ما تَرْجُو الذئابُ يا وَاشيًا حسُنَتْ فينا إساءتُه ..... نَجَّى حِذارُكَ إنساني من الغَرَقِ لو لم تكنْ نيَّةُ الجَوْزَاء خِدمتَهُ ...... لمَا رأيتَ عليها عِقْدَ مُنْتَطَقِ
§ تعريفه: هو أن يدعى لوصف علة غير حقيقية فيها غرابة.
§ مثاله:
° يستوي في هذا إذا كان :
- الوصف الثابت ظاهر العلة:
- الوصف غير الثابت ممكنا، ومثاله:
° النوع الأول : أن يكون ثابتاً في نفسه لا يظهر له في العادة علة؛ وقصد بما أتى بيات علته بحسب الدعوى.
- مثاله قول المتنبي:
- مثاله قول أبي الطيب:
- مثاله: قول مسلم بن الوليد:
- مثاله:
° نوع (لو) في قوله: لو لم تكن نية الجوزاء خدمته
- إما أن يكون جوابها معلولاً لمضمون شرطها.
- وإما أنْ تُجعَلَ للاستدلالِ بانتفاءِ الجزاءِ على انتفاءِ الشرطِ، وبوجودِه على وجودِه
- فائدة: العرب تستخدم الألوان للدلالة على المعاني؛ فيزعمون أن حمرة الوجه للخجل، وأن صفرته للوجل