الدروس
course cover
ائتلاف اللفظ مع المعنى
10 Nov 2008
10 Nov 2008

13839

0

0

course cover
دروس البلاغة

القسم الخامس

ائتلاف اللفظ مع المعنى
10 Nov 2008
10 Nov 2008

10 Nov 2008

13839

0

0


0

0

0

0

0

ائتلاف اللفظ مع المعنى


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (24- ائتلافُ اللفظِ معَ المعنى: هوَ أنْ تكونَ الألفاظُ موافِقَةً للمعانِي، فتختارُ الألفاظَ الجَزْلَةَ، والعباراتِ الشديدةَ للفخْرِ والحماسةِ؛ والكلماتِ الرقيقةَ، والعباراتِ الليِّنَةَ للغَزَلِ ونحوَه، كقولِه:

إذا ما غَضِبْنَا غَضْبةً مُضَرِّيةً ..... هَتَكنا حِجابَ الشمْسِ أوْ قَطَرَتْ دمَا

إذا ما أَعَرْنَا سيِّدًا منْ قَبيلَةٍ .... ذرى مِنْبَرٍ صلَّى عَلَيْنا وَسَلَّمَا

وقوِله:

لم يَطُلْ ليلي ولكِنْ لَمْ أَنَمْ ..... ونَفَى عنِّي الكَرَى طيْفٌ ألَمّ).

هيئة الإشراف

#2

13 Nov 2008

الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (11- ائتلافُ اللفظِ مع المعنى: هو أن تكونَ الألفاظُ موافِقةً للمعاني، فتَختارَ الألفاظَ الجَزْلَةَ(1)،والعباراتِ الشديدةَ(2)
للفخْرِ (3)والحماسةِ(4)، والكلماتِ الرقيقةَ والعباراتِ اللَّيِّنَةَ(5) للغزَلِ ونَحْوِه، كقولِه(6):

إذا ما غَضِبْنا غَضْبَةً مُضَرِيَّةً .... هتَكْنَا حجابَ الشمسِ(7) أو قَطَرَتْ دمَا

إذا ما أعَرْنا سيِّدًا من قبيلةٍ .... ذُرَى مِنبَرٍ صلَّى علينا وسلَّمَا

وقولِه:

لم يَطُلْ لَيْلِي ولكنْ لم أنَمْ .... ونَفَى عنِّي الكَرَى(8) طيفٌ أَلَمّ).

______________________

قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (الألفاظَ الجَزْلَةَ)، أي: العظيمةَ الغيرَ الركيكةِ.

(2) وقوله: ( والعباراتِ الشديدةَ)، عطْفُ تفسيرٍ.

(3) وقوله: ( للفخْرِ)، أي: الافتخارِ وعَدِّ القديمِ كما في صِحاحِ الجوهريِّ.

(4) وقوله: ( والحماسةِ)، أي: الشجاعةِ.

(5) قولُه: (والعباراتِ اللَّيِّنَةَ)، عطْفٌ تفسيريٌّ لما قبلَه. وقولُه: (للغزَلِ)، هو ذكْرُ محاسِنِ الشابِّ الحسَنِ والشابَّةِ الحسَنَةِ، وقولُه: (ونحوِه)، أي: كالمدحِ.

(6) قولُه: (كقولِه إلخ)، أي: في الفخْرِ والحماسةِ، وقولُه: (وقولِه)، أي: في الغزَلِ، ففي تمثيلِه لفٌّ ونَشْرٌ مُرَتَّبٌ.

(7) قولُه: (الشمسِ)، أرادَ بها الحقَّ بجامعِ الوضوحِ في كلٍّ بقرينةِ السياقِ، وقولُه: (أو قَطَرَتْ دمًا)، يُريدُ إلى أنْ تُظهِرَ لونَ الدمِ وهو الحُمرةُ، فهو ترشيحٌ للاستعارةِ في الشمسِ، فافْهَمْ. وقولُه: (ذُرَى مِنْبَرٍ)، أي: صفةُ شرَفٍ، وذُرَى الشيءِ بالضمِّ أعاليهِ، الواحدةُ ذِروةٌ وذُروةٌ أيضًا بالضَّمِّ، وهي أعلى السنامِ، صِحاحٌ. وقولُه: (صلَّى علينا وسلَّمَ)، أي: دَعَا لنا ونَوَّهَ باسمِنا في جماعةٍ.

(8) قولُه: (الكَرَى)، أي: النُّعاسُ، وقولُه: (طَيْفٌ أَلَمَّ)، أي: طيفُ خيالِ المحبوبِ. أَلَمَّ، أي: نَزَلَ. قالَ في الصحاحِ: طيفُ الخيالِ مجيئُهُ في النومِ. قالَ أميَّةُ بنُ أبي عائذٍ:

ألا يا لِقومٍ لِطَيْفِ الخيالِ..... أَرَقُّ من نازحٍ ذي دَلالِ).

هيئة الإشراف

#3

20 Nov 2008

دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (ائتلافُ اللفظِ معَ المعنى: هوَ أنْ تكونَ الألفاظُ موافِقَةً للمعانِي، فتختارُ الألفاظَ الجَزْلَةَ، والعباراتِ الشديدةَ للفخْرِ والحماسةِ؛ والكلماتِ الرقيقةَ، والعباراتِ الليِّنَةَ للغَزَلِ ونحوَه، كقولِه:

إذا ما غَضِبْنَا غَضْبةً مُضَرِّيةً ..... هَتَكنا حِجابَ الشمْسِ أوْ قَطَرَتْ دمَا

إذا ما أَعَرْنَا سيِّدًا منْ قَبيلَةٍ .... ذي مِنْبَرٍ صلَّى عَلَيْنا وَسَلَّمَا

وقوِله:

لم يَطُلْ ليلي ولكِنْ لَمْ أَنَمْ ..... ونَفَى عنِّي الكَرَى طيْفٌ ألَمّ).

هيئة الإشراف

#4

3 Dec 2008

حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني


قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (11- ائتلافُ اللفظِ مع المعنى هو أن تكونَ الألفاظُ موافِقةً للمعانى, فتُختارُ الألفاظُ الجَزْلَةُ(1) والعباراتُ الشديدةُ(2) للفخْرِ(3) والحماسةِ(4) و(5) الكلماتُ الرقيقةُ والعباراتُ الليِّنَةُ(6) للغَزَلِ(7)، ونحوِه(8)، كقولِه(9):

إذا ما غضِبْنَا(10) غَضْبَةً مُضَرِيَّةً (11) ..... هتَكْنَا(12) حِجابَ الشمسِ(13) أو(14) قَطَرَتْ(15) دَمَا(16)

إذا ما أَعَرْنَا(17) سيِّداً من قبيلةٍ ..... ذُرَى مِنْبَرٍ (18) صلَّى علينا(19) وسَلَّما(20)


وقولِه(21):

لم يَطُلْ لَيْلِي(22) ولكن لم أَنَمْ ..... ونَفَى عنِّي الكَرَى(23) طَيْفٌ(24) أَلَمْ(25) ).

_________________________

قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) (ائتلافُ اللفظِ مع المعنى هو أن تكونَ الألفاظُ موافِقةً للمعاني, فتُختارَ الألفاظُ الجزْلَةُ) أي: العظيمةُ الغيرُ الرَّكيكةِ.

(2) (والعباراتُ الشديدةُ) أي: شديدةُ اللهجةِ.

(3) (للفخْرِ) أي: الافتخارِ والمباهاةِ بالمكارمِ والمناقبِ.

(4) (والحماسةِ) أي: الشدَّةِ في الأمرِ والشجاعةِ.

(5) (و) تُختارَ.

(6) (الكلماتُ الرقيقةُ والعباراتُ الليِّنةُ) عطْفُ تفسيرٍ لما قبلَه

(7) (للغَزَلِ) بفتحتين هو حديثُ الفِتيانِ والجواري.

(8) (ونحوِه) كالمدْحِ.

(9) (كقولِه) أي: الشاعرِ في الفخْرِ والحماسةِ.

(10) (إذا ما غَضِبْنَا) ما زائدةٌ لوقوعِها بعدَ إذا.

(11) (غَضْبَةً مُضَرِيَّةً) نِسبةً إلى مُضَرَ بنِ نِزارِ بنِ مَعَدِّ بنِ عَدْنانَ.

(12) (هتكْنَا) أي: خَرَقْنَا وجَذَبْنا حتى نَزَعْنا.

(13) (حِجابَ الشمسِ) المرادُ بالشمسِ هنا الحقُّ بجامعِ الوضوحِ في كلٍّ بقرينةِ السياقِ.

(14) (أو) بمعنى إلى.

(15) (قَطَرَتْ) أي: الشمسُ.

(16) (دماً) أي: إلى أن يَظْهَرَ لونُ الدمِ, وهو الحمرةُ, فهو ترشيحٌ للاستعارةِ في الشمسِ.

(17) (إذا ما أَعَرْنَا) ما زائدةٌ كالبيتِ السابقِ.

(18) (سيِّداً من قبيلةٍ ذُرَى مِنْبَرٍ) الذُّرَى بضمِّ الذالِ المعجَمةِ أو كسْرِها جمْعُ ذُروةٍ بالضمِّ أو الكسْرِ أيضاً وهو من كلِّ شيءٍ أعلاه. أي: صفةُ شرَفٍ.

(19) (صلَّى علينا) أي: دعا لنا بخيرٍ.

(20) (وسلَّما) أي: ذَكرَ ونَوَّهَ باسمِنا في جماعتِه وقومِه.

(21) (وقولِه) أي: الشاعرِ في الغزَلِ.

(22) (لم يَطُلْ لَيْلِي ) بياءِ المتكلِّمِ.

(23) (ولكن لم أَنَمْ ونَفَى عنِّي الكَرَى) كالعصا وزناً, أي: النُّعاسُ.

(24) (طَيْفٌ) أي: طيفُ خيالِ المحبوبِ.

(25) (أَلَمْ) أي: نَزَلَ. قال ابنُ فارسٍ: الطَّيْفُ والطائفُ ما أطافَ بالإنسانِ من الجِنِّ والإنسِ والخيالِ انتهى).

هيئة الإشراف

#5

11 Dec 2008

شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري


قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (24- ائتلافُ اللفظِ معَ المعنى:
هوَ أنْ تكونَ الألفاظُ موافِقةً للمعانِي، ولائقةً لمقصودِ الكلامِ، فتختارُ الألفاظَ الْجَزْلَةَ والعباراتِ الشديدةَ للفَخْرِ والحماسةِ. الحماسةُ في الأصْلِ مَصْدَرٌ بمعنى الشِّدَّةِ، يُقالُ: حَمُسَ الرجُلُ في الأمْرِ حَمْسًا وحَماسةً إذا اشتَدَّ فيهِ، ثمَّ سُمِّيَت الشجاعةُ حَمَاسةً؛ لأنَّ الشُّجاعَ يَشْتَدُّ على قَرْنِه. وتَخْتَارُ الكلماتِ الرقيقةَ والعباراتِ اللينةَ للغَزَلِ ونحوَهُ. الغَزَلُ اللَّهْوُ معَ النساءِ، وكذلكَ الْمَغْزَلُ، ومُغَازَلَتُهُنَّ: مُحادَثَتُهُنَّ ومُرَاوَدَتُهُنَّ، كقولِه: (إذا ما غَضِبْنَا غَضْبَةً مُضَرِيَّةً)، أيْ: مَنْوسبَةً إلى مُضَرَ التي هيَ منْ أَجَلِّ قبائلِ العرَبِ، (هَتَكْنَا حِجابَ الشمْسِ أوْ قَطَرَتْ دمَا )، (إذا ما أَعَرْنا ) من الإعارةِ، وكلمةُ ( ما ) زائدةٌ، (سَيِّدًا منْ قبيلةٍ)، (ذي مِنْبَرٍ صَلَّى علينا وسَلَّمَا) .
فأَوْرَدَ ههنا الألفاظَ الْمُفَخَّمَةَ الشديدةَ لكونِ المعاني منْ قبيلِ الفَخْرِ، وقولِه:

لم يَطُلْ لَيْلِي ولكِنْ لمْ أَنَمْ ..... ونَفَى عَنِّي الْكَرَى -أي النومَ- طَيْفٌ أَلَمّ

أيْ: خيالٌ نَزَلَ بي، أَوْرَدَ فيهِ الألفاظَ الرقيقةَ لكونِ المعاني رشيقةً منْ قَبيلِ الغَزَلِ).

هيئة الإشراف

#6

8 Jan 2009

شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ)


قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (كذلك من محسنات المعنى: ائتلاف اللفظ مع المعنى، والائتلاف انضمامه إليه واقترابه منه، وهو مشتق من الألفة، وهو: أن تكون الألفاظ موافقة للمعاني، فُتختار الألفاظ الجزلة والعبارات الشديدة للفخر والحماسة، وتختار الكلمات الرقيقة والعبارات اللينة للغزل، فهذا كثير في لغة العرب، ولذلك فهو طريقة كلام النبي صلى الله عليه وسلم في الخطب، إذا خطب في أمر الحرب ونحو ذلك أتى بالكلام الجزل القوي، وإذا خطب في أمور الآخرة والوعظ أتى بالكلمات المؤثرة في هذا المجال وهكذا.
وكذلك في القرآن، فأساليب القرآن متنوعة، إذا جيء بالأساليب في الثناء على أولياء الله وما أعد الله لهم في جناته كان الأسلوب مغايرا للكلام إذا ما جاء في وصف النار، نسأل الله السلامة والعافية، وما أعد الله فيها من العذاب لأعدائه، وكذلك إذا جاء الحديث في القرآن على القيامة، يأتي بعبارات مروعة، القارعة، الحاقة، والآزفة، يأتي بعبارات مروعة عن القيامة تناسب وصفها، فهذا المناسب أن يختار لكل أمر الألفاظ المناسبة له، ففي الحماسة والفخر كقول الشاعر:

إذا ما غضبنا غضبةً مُضَرِيَّة هتكنا ..... حجاب الشمس أو قطرت دما

إذا ما أعرنا سيداً من قبيلة ...... نُرى منبر صلى علينا وسلما

هنا قال:
(إذا ما غضبنا غضبة مضرية) فهذه الألفاظ ذات جزالة وقوة، (إذا ما غضبنا غضبة مضرية) نسبة إلى مضر وقريش منهم، والشاعر قرشي (غضبة مضرية هتكنا حجاب الشمس) لم تقتصر فقط الغضبة على أمور الأرض وما حولها، بل وصلت إلى الشمس، وهذا ادعاء، (هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما) حتى كأن الشمس قطرت دما لشدة هول هذه الغضبة، (إذا ما أعرنا سيدا من قبيلة نُرى منبر) أي: أعلى المنبر، (صلى علينا وسلما)؛ لأنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وآله، فهذا غاية في الفخر، واختيرت له الألفاظ الجزلة القوية.
ويذكر عن أحد، عن أبي دلامة، الشاعر المعروف الهجَّاء، في أيام بني العباس، أنه أساء إليه هاشمي، رجل من بني هاشم أساء إليه، فتكلم أبو دلامة فيه، فقال له الهاشمي: إنك لا تستطيع أن تهجوني؛ لأنك تصلي عليّ في صلاتك. فقال: إنما أصلي على آله الطيبين فقط. فأخرجه منهم، قال: ألست تصلي على آل النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أصلي على آله الطيبين. فهذا الأسلوب هنا غاية في الجزالة.
ونظيره الخطب المروية عن الخلفاء في أوقات الأزمات، في أوقات الحماسة كقول علي: "يا أهل العراق لقد عصيتموني حتى قال الناس: ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب، فوالله إني لجُذيلها المحكك، وعُذيقها المرجل، ولكن لا رأي لمن لا يطاع، فأبدلني الله خيرا منكم وأبدلكم شرا مني".
وكذلك قول عمر رضي الله عنه في خطبته: ألا إن الأسيفع أسيفع جنية قد رضي من دينه وأمانته بأن يقال سابق حاد، فدان معرضا، فأصبح (كلام غير مسموع) فمن كان له عليه دين فليعد بالغداة فلنقسم ماله بينهم بالحصص.
وكذلك في خطاب العلماء لطلاب العلم، الكلام الذي يوجهونه إليهم يقصد منه الفائدة ورفع مستواهم، فليس كالكلام الذي يوجه إلى العامة، ولذلك قال علي رضي الله عنه لأبي الأسود حين اتخذه كاتباً وأمره أن يكتب، قال: "ألصق رونفك بالجبوب، وخذ المسطر بأباخصك، واجعل شحمتيك إلى قيهلي؛ حتى أنغي نغية إلا أوعيتها في (غير مسموع) رباطك .
فخاطبه بهذه الكلمات الغريبة ليعرف معانيها ويهتم بها. وقد سُئل محمد بن يعقوب الفيروز آبادي صاحب (القاموس) عن معنى هذا الكلام، فقال: (ألصق) معناه: ألزق. (روانفك) معناه: (غير مسموع). بالجبوب معناه: بالصَّلَّة. (وخذ المسطر) أي: المزبر. (بأباخصك) أي: بشناترك. (واجعل شحمتيك) أي: صندروتيك (إلى قيهلي): إلى أذعباني. (حتى لا أنغى نغية) أي: حتى لا ألبس لبسة. (إلا أوعيتها): إلا أودعتها. في لفظة رباطك في حباطة جلجلانك، فشرح الكلام بأغرب منه.
(ألصق روانفك بالجبوب) أي: تمكن في جلستك من الأرض، فاجعل مقعدتك على الأرض، (ألصق روانفك)، الروانف: المقعدة بالأرض، (بالجبوب)، الجبوب: الأرض، ومن ذلك قول امرئ القيس:

فيبتن ينهشن الجبوب بها ...... ويبيت مرتفقاً على رحل

ألصق روانفك بالجبوب وخذ المسطر، وهو القلم، يسمى المسطر والمزبر, (بأباخصك) أي: برؤوس أصابعك وتسمى الشناتر أيضاً، لكن الشناتر من لغة أهل اليمن بلغة حمير، ولهذا كان لدى الخليفة الرشيد رجل من أهل اليمن يزعم أن القرآن أنزل بلغة أهل اليمن، والرشيد يستمع إليه، فحضر مضري أي: رجل من مضر، فقال له الرشيد: ما رأيك فيما يقول هذا؟ فقال: ماذا يقول؟ قال: يزعم أن القرآن نزل بلغتهم، قال: ما أدري ما يقول غير أن الله تعالى يقول في كتابه: {جعلوا أصابعهم في آذانهم} ولم يقل: جعلوا شناترهم في صنَّاراتهم. الشناتر في لغة أهل اليمن الأصابع، الآذان: الصنَّارات في لغة أهل اليمن لغة حمير، قال: ما أدري ما يقول غير أن الله تعالى يقول في كتابه: {جعلوا أصابعهم في آذانهم} ولم يقل: جعلوا شناترهم في صنَّاراتهم.

فإذن هذه المزبر بأباخصك، واجعل شحمتيك أي عينيك، وهما أيضاً الحندورتان، الحندورتان العينين، إلى قيهلي أي إلى وجهي، والقيهل هو الأذعبان أيضا.

حتى إذا القيهل التاذت حديقته ..... به وهمَّت بإزهار فإزهاء

طلقتها من مثاق وثقت بها ..... والعجب أصل لما في النفس من داء

(القيهل) الوجه التاذت حديقته أي التمت واجتمعت حديقته وهي اللحية، أحاطت به كأنها حديقة تحيط

حتى إذا القيهل التاذت حديقته به ..... وهمَّت بإزهار فإزهاء

أي همت أن يبدأ فيها الشيب، طلقتها من مثاق وثقت بها، أي: النفس، والعجب أصل لما في النفس من داء.

فإلى قيهلي حتى لا ألبس لبسة، أي: حتى لا أنطق بلفظ، وهذا معنى حتى لا أنغي نغية، أي: لا أنطق بأي لفظ، إلا أودعتها، أي: تلك اللفظة ومعنى أودعتها حفظتها، وهذا معنى أوعيتها أيضا، في حماقة جلجلانك أو في (كلام غير مسموع) رباطك معناه في قرارة قلبك أو في سوداء قلبك، (ردا على كلام غير مسموع) يخاطب طلاب العلم يريد أن يزيد ملكاتهم في اللغة، ولذلك فكان بعض الفقهاء أيضا يستعمل غريب اللغة في نظم الفقه، ليتعلم الطالب الفقه واللغة في وقت واحد، كقول الشيخ محمد (غير مسموع) مؤلف كتاب (غير مسموع) هذا الكتاب ثلاثة آلاف وسبعمائة وخمسة وعشرين بيتا في الفقه، لكن أغلب أبياته فيها ألفاظ غريبة جداً من غريب اللغة، ينظم بها الفقه ليكون ذلك، ليكون دارسه يدرس اللغة والفقه معا، فمثلا يقول في الزكاة:

ومن عليه شنق قد ذاب .... شحطها = فمشرت آرابا

على السباهل فيشفى فيه ..... إيزاؤه عن مالك يرويه

ومن عليه شنق أي: شاة، قد ذاب أي: وجب، شنقها: أي ذبحها، فمشرت أي: قطعت، آراباً أي: أعضاء، على السباهل أي: على الفقراء. معناه: من وجبت عليه شاة في الزكاة فذبحها ووزعها أعضاء على الفقراء فهل تجزئ أم لا؟ فهذه المسألة نظمها في هذه الألفاظ الغريبة.

وهذا كثير جداً كقوله: من أكبرت، من أكبرت أي: من حاضت، وقد فُسر به قول الله تعالى: {فلما رأينه أكبرنه} فسره بعض الناس أن معناه لما رأينه حِضْنَ، فتكون الهاء للسكت حينئذ وليست ضميراً، ليست ضميرا يعود على يوسف هذا تفسير غريب، والمعروف أن أكبرنه أي أكبرن يوسف عليه السلام أي كبرنه وأعجبن به فائتلاف اللفظ مع المعنى هو من هذا القبيل، هو أن تكون الألفاظ موافقة للمعاني فتُختار الألفاظ الجزلة.

وفي الغزل مثل قول الشاعر:

لم يُطل ليلي ولكن لم أنم ..... ونفى عني الكرى طيف ألم

فاختار هذه الألفاظ القليلة للتعبير في المعنى العاطفي، وانظر الفرق بين هذا، وبين الكلام السابق، ولذلك فإن بشار بن برد دخل عليه أحد الشعراء الناقدين فقال له: أتقول:

رباب ربة البيت ..... تخلط السمن بالزيت

لها خمس دجاجات ..... وديك حسن الصوت

وأنت الذي تقول:

إذا الملك الجبار سعَّر خده ..... خرجنا إليه بالسيوف نعاتبه

إلى أن يقول:

كأن مثار النقع فوق رؤوسنا ..... وأسيافنا ليل تهاوى كواكبه

في قصيدته المشهورة، فقال:

ويلك لذلك عندها، أي عند رباب هذه أحسن من (كلام غير مسموع) عندك، فكل إنسان يُخاطب على مستواه.

ولذلك يقول الحسين بن مطير وهو أحد شعراء اليمامة المشاهير، ويُزعم أن وأنا ما أدري أن قبيلة المطير المشهورة العربية تنسب إليه، أى الحسين بن مطير العربية هذا، يقول:

يمنيننا حتى ترف قلوبنا .... رفيق الخزامى بات طل يجودها

فهذا غاية في الرقة، غاية في الرقة؛ لأنه في مقام الغزل، فأتى بهذه الألفاظ المناسبة له).

هيئة الإشراف

#7

2 Aug 2017

شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ)


القارئ: (الرابع والعشرون: ائتلاف اللفظ مع المعنى هو: أن تكون الألفاظ موافقة للمعاني، فتختار الألفاظ الجزلة والعبارات الشديدة للفخر، والحماسة، والكلمات الرقيقة، والعبارات اللينة للغزل، ونحوه، كقوله:

إذا مـا غـضـبـنـا غـضـبـة مضــريـة ...... هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما

إذا مــا أعـرنـا ســيــداً مـن قبيــلة .....ذُرى منبر صلى علينا وسلما

وقوله:

لـم يــطـل لـيـلي ولـكـن لــم أنــم ..... ونفى عني الكرى طيفٌ ألـم).

قال الدكتور محمد بن علي الصامل: (هنا ائتلاف اللفظ المعنى أن يكون هناك تناسب بين الألفاظ وبين المعاني من حيث نطق الألفاظ فخامة هذه الألفاظ صعوبة النطق وبين المعاني التي تحملها ويقولون أن ألفاظ الحرب غير ألفاظ الحب ، ألفاظ الحرب تكون قوية هائلة تتلاءم مع جو المعركة ، القتل ، السيف ، الطعن .
أما ألفاظ الحب تكون رقيقة لأنها تتناسب، وتتلاءم مع المناسبة الخاصة بها، ومن طبيعة اللغة أن التلاءم واضح بين المعاني وقد أفرد عدد من العلماء منهم أبو الفتح عثمان بن جني كتابه ( الخصائص ) فصلاً سماه : ( تعاقب الألفاظ لتعاقب المعاني) فذكر مثلاً القبض والقبص ، والنضح والنضخ، وذكر أن الألفاظ تتلاءم مع المعاني ، لو أنك تأملت دلالة اللفظ ونطق اللفظ يمكن أن تدرك المعنى من جراء ذلك، ولم يذكر البلاغيون أن هذا يدخل في لون الائتلاف ، يسمونه ائتلاف بين اللفظ والمعنى إذا كان الموضوع المتحدث عنه فخراً أو حماسة تكون كلماته قوية جزلة وعباراته مخيفة.
أما إذا كان في الغزل فتكون كلماته رقيقة وضربوا لذلك مثالاً قول الشاعر :

إذا مـا غـضـبـنـا غـضـبـة مضــريـة هتـكنا .......

يلحظ كلمة (هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دماً) يلحظ هذه العبارات لا يمكن أن تقال في غرض سهل لاحظ غضب وغضبة وهتكنا حجاب والشمس وقطرت دماً .

إذا مــا أعـرنـا ســيــداً مـن قبيــلة ..... ذرى منبر صلى علينا وسلما

هذا من الفخر الذي ليس بعده فخر ويقول الآخر في الغزل في الوجد يقول :

لـم يــطـل لـيـلي ولـكـن لــم أنــم ..... ونفى عني الكرى طيفٌ ألـم

كل هذه ألفاظ رقيقة وما يقال عن بشار بن برد حينما قيل كيف تقول :

ربـــابــة ربــــة البـــيـــــت ......تصـب الخل في الزيت

قال هذه الأبيات إلى من قيلت لها أفضل من قول امرئ القيس في معلقته، فالمتكلم لابد أن يلاءم ولابد أن يتفق في الألفاظ التي يذكرها والمعاني التي يذكرها مع المناسبة التي يذكرها فيها).

عبد العزيز بن داخل المطيري

#8

29 Oct 2018

الكشاف التحليلي 

· ائتلاف اللفظ مع المعنى:
§ معناه: أن تكون الألفاظ موافقة للمعاني فتختار اللفظ الجزل للفخر والحماسة والرقيقة للغزل ونحوه..
° ائتلاف اللفظ للمعنى كثير في لغة العرب؛ بل هو من أساليب القرآن ومن طرق كلام النبوة سواء في الوعظ أو الوعد أو الوعيد
- فائدة:الحماسة في الأصل بمعنى الشدة، ثمَّ سُمِّيَت الشجاعةُ حَمَاسةً؛ لأنَّ الشُّجاعَ يَشْتَدُّ على قَرْنِه.
- الغزل: اللهو مع النساء
° مثال الألفاظ الجزلة في الفخر والحماسة:

إذا ما غضبنا غضبة مضرية .....هتكنا حجاب الشمس أو قطرت دما

° مثال اللفظ الرقيق للغزل:

لم يطل ليلي ولكن لم أنم ..... ونفى عني الكرى طيف ألم

- فائدة:قال ابنُ فارسٍ: الطَّيْفُ والطائفُ : ما أطافَ بالإنسانِ من الجِنِّ والإنسِ والخيالِ

- خبر أبي دلامة مع الرجل الهاشمي الذي أساء إليه

° أمثلة على ائتلاف اللفظ بالمعنى من كلام عمر وعلي رضي الله عنهما

- معنى كلام علي رضي الله عنه: ألصق روانفك بالجبوب، وخذ المسطر بأباخسك، واجعل شحمتيك إلى قيهلي؛ حتى لا أنغي نغية إلا أودعيتها في لمظة رباطك

- كان بعض الفقهاء أيضا يستعمل غريب اللغة في نظم الفقه، ليتعلم الطالب الفقه واللغة في وقت واحد