10 Nov 2008
6: حسن الابتداء وبراعة الاستهلال
قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (6-
حُسْنُ الابتداءِ: هوَ أنْ يَجعَلَ المتكلِّمُ مَبْدَأَ كلامِه عذْبَ
اللفظِ، حَسَنَ السَّبْكِ، وصحيحَ المعنى. فإذا اشْتَمَلَ على إشارةٍ
لطيفةٍ إلى المقصودِ سُمِّيَ براعةَ الاستهلالِ، كقولِه في تَهنئةٍ بزوالِ
مَرَضٍ:
الْمَجْدُ عُوفِيَ إذْ عُوفِيتَ والكَرَمُ ..... وزالَ عنْكَ إلى أعدائِكَ السَّقَمُ
وكقولِ الآخَرِ في التهنئةِ ببناءِ قصْرٍ:
قصْرٌ عليهِ تحيَّةٌ وسلامُ ..... خَلَعَتْ عليهِ جَمَالَها الأيَّامُ).
الحواشي النقية للشيخ: محمد علي بن حسين المالكي قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (16-
حُسْنُ الابتداءِ: هو أن يَجعَلَ المتكلِّمُ(1) مَبدأَ كلامِه عذْبَ
اللفظِ(2)، حسَنَ السبْكِ، صحيحَ المعنى. فإذا اشتَمَلَ على إشارةٍ
لطيفةٍ إلى المقصودِ(3) سُمِّيَ براعةَ الاستهلالِ، كقولِه(4) في
تهنئةٍ(5) بزوالِ مَرَضٍ: الْمَجْدُ عُوفِيَ(6) إذ عُوفِيتَ والكرَمُ ..... وزالَ عنكَ إلى أعدائِكَ السَّقَمُ وكقولِ الآخَرِ(7) في التهنئةِ ببناءِ قصْرٍ: قصْرٌ عليه تحيَّةٌ وسَلامُ ..... خلَعَتْ عليه جَمالَها الأيَّامُ __________________________ قال الشيخ محمد علي بن حسين بن إبراهيم المالكي (ت: 1368هـ): ((1) قولُه: (أن يَجعلَ المتكلِّمُ)، أي: شاعرًا كانَ أو كاتبًا. (2) قولُه: (عذْبَ اللفظِ)، متعلِّقٌ بالمفرَداتِ، بأنْ يكونَ في غايةِ البُعدِ عن التنافُرِ والثِّقَلِ، وعن مخالَفةِ القياسِ. وقولُه: (حسَنَ السبْكِ)،
متعلِّقٌ بالمركَّباتِ، أي بأنْ يكونَ في غايةِ البُعدِ عن التعقيدِ
وضعْفِ التأليفِ وتَنافُرِ الكلماتِ، مُطابِقًا لما يَقتضيهِ الحالُ.
وقولُه: (صحيحَ المعنى)، بأن يَسْلَمَ من التناقُضِ والبُّطْلانِ والابتذالِ ومخالَفةِ الْعُرْفِ ونحوِ ذلكَ. (3) وقوله: ( فإذا اشتَمَلَ على إشارةٍ لطيفةٍ إلى المقصودِ إلخ)،
بأن يَشتمِلَ ابتداءُ الكلامِ المسوقِ لبيانِ عِلْمِ الفقهِ مَثلاً على ما
يُشْعِرُ به مِثلُ أفعالِ المكلَّفينَ وأحكامِها، والمسوقُ لمدْحِ النبيِّ
صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مَثلاً على ذي سَلَمٍ وكاظِمَةَ ونحوِ ذلكَ من
مَحَلاَّتِه وأراضي بلدِهِ. وقوله: ( لطيفةٍ)، أي: خفيَّةٍ، لا خصوصَ الواضحةِ. وقولُه: (سُمِّيَ براعةَ استهلالٍ)،
البراعةُ معناها الفَوَقَانُ. والاستهلالُ في الأصلِ عبارةٌ عن أوَّلِ
ظهورِ الهلالِ، ثمَّ نُقِلَ لأوَّلِ كلِّ شيءٍ. وفي الأطولِ: الاستهلالُ هو
أوَّلُ صوتِ الصبيِّ حينَ الوِلادةِ، وأوَّلُ المطَرِ، ثمَّ استُعْمِلَ
لأوَّلِ كلِّ شيءٍ. فقولُهم للابتداءِ المناسبِ للمقصودِ: براعةُ استهلالٍ،
من إضافةِ الصفةِ للموصوفِ، ومعناهُ أوَّلٌ وابتداءٌ بارعٌ وفائقٌ لغيرِه
من الابتداءِاتِ، أي التي ليستْ مشعِرةً بالمقصودِ. دسوقيٌّ. (4) قولُه: (كقولِه)، أي: أبي الطيِّبِ المتنبِّي. (5) وقوله: ( في تهنئةٍ)، بالهمزةِ، وهي إيجادُ كلامٍ يُزيدُ سرورًا بشيءٍ مفروحٍ به. (6) قولُه: (المجْدُ عُوفِيَ إلخ)، الإشارةُ فيه إلى المقصودِ بذكْرِ عُوفِيتَ وزوالِ السقَمِ. (7) قولُه: (وكقولِ الآخَرِ)، أي: الشاعرِ الآخَرِ، وهو أشجَعُ السُّلَمِيُّ. وقولُه: (خَلَعَتْ عليهِ جَمالَها الأيَّامُ)، ضمَّنَ خلَعَ معنى طرَحَ، فعَدَّاه للمفعولِ الثاني بعلى، والمعنى أنَّ الأيَّامَ نزَعَتْ جمالَها وطَرَحَتْه على ذلكَ القصْرِ).
دروسُ البلاغةِ الصُّغْرى قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (خاتِمةٌ الْمَجْدُ عُوفِيَ إذْ عُوفِيتَ والكَرَمُ ..... وزالَ عنْكَ إلى أعدائِكَ السَّقَمُ قصْرٌ عليهِ تحيَّةٌ وسلامُ ..... خَلَعَتْ عليهِ جَمَالَها الأيَّامُ).
حسْنُ الابتداءِ: هوَ أنْ يَجعَلَ المتكلِّمُ مَبْدَأَ كلامِه عذْبَ
اللفظِ، حَسَنَ السَّبْكِ، وصحيحَ المعنى. فإذا اشْتَمَلَ على إشارةٍ
لطيفةٍ إلى المقصودِ سُمِّيَ براعةَ الاستهلالِ، كقولِه في تَهنئةٍ بزوالِ
مَرَضٍ:
حسن الصياغة للشيخ: محمد ياسين بن عيسى الفاداني قال المؤلفون؛ حفني بن إسماعيل بن خليل ناصفٍ (ت: 1338هـ)، ومحمَّدُ ديابٍ بن إسماعيل بن درويش (ت: 1340هـ)، وسلطانُ محمَّدٍ (ت: بعد 1329هـ)، ومصطفى طَمُومٍ (ت: 1354هـ): (خاتِمَةٌ (1) الْمَجْدُ عُوفِيَ إذ عُوفِيتَ(13) والكرَمُ ..... وزالَ عنك إلى أعدائِك السَّقَمُ (14) وكقولِ الآخَرِ(15) في التهنئةِ ببناءِ قصْرٍ: قصْرٌ عليه تحيَّةٌ وسلامُ ..... خَلَعَتْ عليه جَمَالَها الأيَّامُ(16) ) ___________________________ قال الشيخ علم الدين محمد ياسين بن محمد عيسى الفاداني المكي (ت: 1410هـ): ((1) خاتِمةٌ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَها. (2) (حُسْنُ الابتداءِ هو أن يَجعَلَ المتكلِّمُ ) شاعراً كانَ أو كاتِباً. (3) (مَبْدأَ كلامِه عذْبَ اللَّفظِ) أي: حسَنَه بأن يكونَ في غايةِ البُعدِ عن التنافرِ واستثقالِ الطبْعِ ومخالَفةِ القياسِ. (4) (حَسَنَ السَّبْكِ) أي: الصياغةِ والتركيبِ
بأن يكونَ في غايةِ البُعدِ عن التعقيدِ اللفظيِّ وضعْفِ التأليفِ وتنافُرِ
الكلماتِ مطابِقاً لما يَقتضيه الحالُ. (5) (صحيحَ المعنى) بأن يَسلَمَ من إيهامِ
التناقضِ ومن البُطلانِ ومن الابتذالِ بحيث يَعرفُه كلُّ أحدٍ ومن مخالَفةِ
العُرفِ ومن عدَمِ المطابَقةِ لِمُقتضَى الحالِ. (6) (فإذا اشتَملَ) أي: مَبدأُ كلامِه. (7) (على إشارةٍ لطيفةٍ) ولو كانت خَفِيَّةً. (8) (إلى المقصودِ) الذي سِيقَ الكلامُ لأجلِه. (9) (سُمِّيَ) أي: الابتداءُ المناسِبُ للمقصودِ. (10) (براعةَ الاستهلالِ) أي: استهلالٌ بارعٌ ,
أي: أوَّلٌ وابتداءٌ فائقٌ لغيرِه من الابتداءاتِ التي ليست مُشعِرةً
بالمقصودِ , وقد يُطلَقُ هذا الاسمُ أيضا على نفسِ الاشتمالِ المذكورِ أي:
كونُ الابتداءِ مناسِباً للمقصودِ. (11) (كقولِه) أي: أبي الطيِّبِ. (12) (في تهنئةٍ) بالهمزةِ , وهي إيجادُ كلامٍ يَزيدُ سروراً بشيءٍ مفروحٍ به. (13) (بزوالِ مرَضٍ: الْمَجْدُ عُوفي إذ عُوفِيتَ) أي: أنتَ. (14) (والكرمُ وزالَ عنك إلى أعدائِكَ السَّقَمُ) أي: المرَضُ فاعلُ زالَ. (15) (وكقولِ الآخَرِ) وهو أشجَعُ السُّلَمِيُّ. (16) (في التهنئةِ ببناءِ قصْرٍ: قصْرٌ عليه تحِيَّةٌ وسلامُ خلَعَتْ عليه جمالَها الأيَّامُ)
بالرفْعِ فاعلٌ، ضَمَّنَ خلَعَ معنى طرَحَ فعدَّاه للمفعولِ الثاني بعلى,
والمعنى أنَّ الأيامَ نزَعَتْ جمالَها وطرَحَتْه على ذلك القصْرِ, وفي
نسبةِ الخلْعِ إلى الأيَّامِ دَلالةٌ على تشبيهِ الأيَّامِ برجُلٍ له
لِباسٌ جميلٌ نزَعَه وطرَحَه على غيرِه, فجمالُ الأيَّامِ كلِباسٍ ألْبَسَه
ذلك القصْرَ).
16- حُسْنُ الابتداءِ هو أن يَجعلَ المتكلِّمُ(2) مبدأَ كلامِه عَذْبَ
اللفظِ(3) حَسَنَ السَّبْكِ(4) صحيحَ المعنى(5)، فإذا اشتَملَ(6) على
إشارةٍ لطيفةٍ(7) إلى المقصودِ(8) سُمِّيَ(9) براعةَ الاستهلالِ(10)،
كقولِه(11) في تهنئةٍ(12) بزوالِ مرَضٍ:
شموس البراعة للشيخ: أبي الأفضال محمد فضل حق الرامفوري قال الشيخ أبو الأفضال محمد فضل
حق الرامفوري (ت: 1359هـ): (6- حُسْنُ الابتداءِ: قَصْرٌ عليهِ تَحِيَّةٌ وسَلَامُ ..... خَلَعَتْ عليهِ جَمالَها الأيَّامُ
هوَ أنْ يَجْعَلَ المتكلِّمُ، شاعرًا كانَ أوْ كاتبًا،
مَبْدَأَ كلامِه عَذْبَ اللفظِ، بأنْ يكونَ في غايةِ البُعْدِ عن
التنافُرِ واستثقالِ الطبْعِ، حَسَنَ السبْكِ، بأنْ يُصاغَ صياغةً تكونُ في
غايةِ البُعْدِ عن التعقيدِ وعنْ كلِّ ما يُخِلُّ بالفصاحةِ، صحيحَ
المعنى، بأنْ يَسْلمَ من التناقُضِ والامتناعِ ومخالَفَةِ العُرْفِ ونحوَ
ذلكَ .
فإذا اشْتَمَلَ مَبْدأُ الكلامِ معَ ذلكَ على إشارةٍ لطيفةٍ إلى المقصودِ
مُشْعِرَةٍ بهِ في الْجُمْلَةِ سُمِّيَ الْمَبْدَأُ بهذا الاشتمالِ براعةَ
الاستهلالِ .
الاستهلالُ في الأصْلِ: أوَّلُ ظهورِ الهلالِ، ثمَّ اسْتُعْمِلَ لأوَّلِ كلِّ شيءٍ .
والْبَرَاعَةُ: مَصْدَرُ بَرُعَ الرجُلُ إذا فاقَ أقرانَهُ في العلْمِ أوْ غيرِه .
فتسميةُ الْمَبْدَأِ الْمُشْتَمِلِ على الإشارةِ اللطيفةِ إلى المقصودِ
ببراعةِ الاستهلالِ؛ لكونِه ابتداءً فائقًا غيرَه من الابتداءاتِ التي
ليستْ كذلكَ، كقولِه في تهنئةٍ بزوالِ مَرَضٍ: ( الْمَجْدُ والشرَفُ عُوفِيَ إذْ عُوفِيتَ ) أيُّها الممدوحُ، وعُوفِيَ الكرَمُ.
وزالَ: خَبَرٌ ليسَ بدعاءٍ؛ لأنَّهُ خاطَبَهُ بعدَ
زوالِ مَرَضِه. عنكَ إلى أعدائِكَ السَّقَمُ والمَرَضُ، وهوَ مَطْلَعُ
قصيدةٍ لأبي الطَّيِّبِ يُهَنِّئُ سيفَ الدَّوْلةِ بحصولِ العافيةِ عن
الْمَرَضِ، وهوَ مُشْتَمِلٌ على الإشارةِ بالتهنئةِ والبِشارةِ بالعافيةِ
التي هيَ المقصودةُ من القصيدةِ، فكانَ منْ بَرَاعةِ الاستهلالِ.
وكقولِ الآخَرِ في التهنئةِ ببناءِ قَصْرٍ:
شرح دروس البلاغة للشيخ: محمد الحسن الددو الشنقيطي (مفرغ) قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي: (ثم
قال: خاتمة: هذه الخاتمة يذكر فيها أهل البلاغة التأنق، والتأنق معناه طلب
الحسن في الكلام في مواطن محددة، وهي: الابتداء والتخلص والانتهاء، فهذه
ثلاثة مواضع ينبغي التأنق فيها أي إحسان الألفاظ فيها، فأول الخطبة
ومقدمتها، أو أول القصيدة أو مكان التخلص منها، أو ما كان عند نهايتها ـ
يطلب فيه التأنيق، كما قال السيوطي – رحمه الله – في خاتمة ألفيته في
البلاغة، قال: ويطلب التأنيق في ابتداء ..... وفي تخلص وفي انتهاء وهذه
الأبيات أيضاً تأنق هو فيها – رحمه الله – فكانت خاتمة حسنة، لذلك قال: حسن
الابتداء، هذا من التأنق، ويسمى: براعة الاستهلال، براعة الاستهلال، أي:
أن يكون في أول الكلام ما يدل على قصد المتكلم به، وأن يكون ذلك بأسلوب
حسن، وهو أن يجعل المتكلم مبدء كلامه عذب اللفظ حسن السبك صحيح المعنى،
فإذا اشتمل على إشارة لطيفة إلى المقصود سمي براعة الاستهلال، وذلك كقول
المتنبي في تهنئته لسيف الدولة بزوال مرض، في شفائه من مرض قال: المجد عوفي إذ عوفيت والكرم ..... وزال عنك إلى أعدائك السقم قصر عليه تحية وسلام ..... خلعت عليه جمالها الأيام
....وسور القرآن في ابتدائها ..... وفي خلوصها وفي انتهائها
......واردة أكمل وجه وأجل ..... وكيف لا وهو كلام الله جل
...ومن لها أذعن بالتأمل ..... بان له كل خفي وجلي
كذلك قول الآخر في التهنئة ببناء قصر، وهو إبراهيم الموصلي يهنئ المعتصم ببناء قصره قال:
شرح دروس البلاغة الكبرى للدكتور محمد بن علي الصامل (مفرغ) الْمَجْدُ عُوفِيَ إذْ عُوفِيتَ والكَرَمُ ..... وزالَ عنْكَ إلى أعدائِكَ السَّقَمُ وكقولِ الآخَرِ في التهنئةِ ببناءِ قصْرٍ: قصْرٌ عليهِ تحيَّةٌ وسلامُ ..... خَلَعَتْ عليهِ جَمَالَها الأيَّامُ). قال الدكتور محمد بن علي الصامل: ( (حُسْنُ
الابتداءِ)؛ أو ما يسمى ببراعة الاستهلال، أو حسن المطلع؛ هذا من الألوان
البديعية والبلاغية العامة التي يدرجها بعض البلاغيين في البديع، وهي:
تُعنى بقدرة المتكلم على البدء بكلامٍ عزبِ جميلٍ جيدٍ، يفصح عن مضمون أو
موضوع المعنى الذي يريد أن يتحدثا فيه، وأمثلته كثيرة ربما ذكر المؤلفون
قول أبي الطيب في تهنئة بزوال مرض: الْمَجْدُ عُوفِيَ إذْ عُوفِيتَ والكَرَمُ ..... وزالَ عنْكَ إلى أعدائِكَ السَّقَمُ هنا
لاحظ أن الشاعر بدأ البداية القوية: (الْمَجْدُ عُوفِيَ)؛ يعني معافاة هذا
المهنا بزوال مرضه، كأنما هي تهنئة للمجد الذي عوفي، وقول الأخر حينما هنأ
ببناء قصرٍ، يقول: قصْرٌ عليهِ تحيَّةٌ وسلامُ ..... خَلَعَتْ عليهِ جَمَالَها الأيَّامُ هنا
مسألة براعة الاستهلال تهم كثير من الناس، الذين يكتبون كتاباتهم، أو
يبدؤون خُطبهم في خطب الجمعة، أو الكلمات التي تلقى في المحافل، يوفق
الإنسان حينما يبدأ البداية الطيبة التي يمكن أن تفصح عن المعنى. وخير ما يبدأ به البسملة، ثم الحمدله، وقد ورد في
كتاب الله عز وجل عينات ونماذج لبراعة الاستهلال، بل لكل باستهلالات
القرآن الكريم هي مما يدخل في هذا الجانب سواءً أدركنا ذلك أو لم ندرك،
ولكن نأخذ عينات البدء بالحمدله في السور التي وردت في بداياتها. هنا الحمد لله التاء تكون هي البداية، ولكن ما
يعقب كلمة الحمد: الحمد لله رب العالمين، ثم يأتي بعد ذلك جملة الصلة فيما
يشعر موضوع السورة، أو موضوع الحديث الذي يرد فيه مثل هذا الافتتاح أو هذا
البدء. والسور الخمس التي بدأت بالحمد لله كل واحدةٍ
جاءت الجمل التي أعقبت الحمد لله، بما يفصح عن مضمون أو موضوع السور التي
وردت يفها، ولعل مما يدخل في ذلك من أوسع أبوابه خطبة الحاجة المشهورة التي
يذكرها الناس. لأنها إقتداء بقول الرسول –صلى الله ليعه وسلم-
الذي سَنها للمسلمين، حينما يمكن الإنسان أن يبدأ كلامه؛ لأن صاحب الحاجة
يحسن أن يبدأ بمثل قوله: إن الحمد لله نحده ونستعينه ونستغفره، ونستعينه
هنا نفصح عن مسألة الحاجة. من الأشياء الطريفة التي يمكن أن تقال في مثل هذا
الوضع قول: الشيخ أبي الثناء محمود الشافعي في مقدمة كتابه الأدعية،
المسمى "دواء المصاب في الدعاء المجاب"، قال: (الحمد لله سامع الدعاء ودافع
البلاء). وقول ابن الجوزي –رحمه الله- في مقدمة خطبة له عن
وفاة الرسول –صلى الله عليه وسلم-: "الحمد لله الذي أستأثر بالبقاء"،
وبداية صفي الدين الحلي بكتابه "نتائج المعية في شرح الكافي البديعية"
الحمد لله الذي حل لنا سحر البيان. إذًا كل ما جاء بعد الحمد، وما جاء بعد التحميد من عبارات يكشف عن الموضوع ومضمون الكلام الذي يرمي المؤلف أو الخطيب للوصول إليه).
القارئ: (حُسْنُ
الابتداءِ: هوَ أنْ يَجعَلَ المتكلِّمُ مَبْدَأَ كلامِه عذْبَ اللفظِ،
حَسَنَ السَّبْكِ، وصحيحَ المعنى. فإذا اشْتَمَلَ على إشارةٍ لطيفةٍ إلى
المقصودِ سُمِّيَ براعةَ الاستهلالِ، كقولِه في تَهنئةٍ بزوالِ مَرَضٍ:
الكشاف التحليلي
· حسن الابتداء
§ هو أن يجعل مبدأ كلامه عذب اللفظ حسن السبك صحيح المعنى
° معنى عذب اللفظ:بأنْ يكونَ في غايةِ البُعْدِ عن التنافُرِ واستثقالِ الطبْعِ
° معنى حسن السبك أي في الصياغة والتركيب
° معنى صحيح المعنى اي يسلم من إيهام التناقض والابتذال ونحو ذلك
§ إذا اشتمل حسن الابتداء على إشارة لطيفة للمقصود سمي براعة الاستهلال
§ البراعة معناها الفَوَقان، والاستهلال في الأصل عبارة عن أول ظهور الهلال، ثم نقل لأول شيء
° مثاله: قوله في التهنئة ببناء قصر:
قصْرٌ عليه تحِيَّةٌ وسلامُ ..... خلَعَتْ عليه جمالَها الأيَّامُ