الدروس
course cover
الدرس الحادي عشر: رواية الحديث
11 Oct 2022
11 Oct 2022

1094

0

0

course cover
قواعد التحديث

القسم الثالث

الدرس الحادي عشر: رواية الحديث
11 Oct 2022
11 Oct 2022

11 Oct 2022

1094

0

0


0

0

0

0

0

الدرس الحادي عشر: رواية الحديث


قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (الباب السابع: في أحوال الرواية؛ وفيه مباحث:

1- رواية الحديث بالمعنى:

اعلم أنه قد رخص في سوق الحديث بالمعنى، دون سياقه على اللفظ، جماعة منهم: علي، وابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو الدرداء، وواثلة بن الأسقع، وأبو هريرة -رضي الله عنهم- ثم جماعة من التابعين يكثر عددهم منهم إمام الأئمة الحسن البصري ثم الشعبي وعمرو بن دينار وإبراهيم النخعي ومجاهد وعكرمة نقل ذلك عنهم في كتب سيرهم بأخبار مختلفة الألفاظ، وقال ابن سيرين: "كنت أسمع الحديث من عشرة، المعنى واحد والألفاظ مختلفة" وكذلك اختلفت ألفاظ الصحابة في رواية الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمنهم من يرويه تاما ومنهم من يأتي بالمعني، ومنهم من يورده مختصرًا وبعضهم يغاير بين اللفظين ويراه واسعا إذا لم يخالف المعنى، وكلهم لا يتعمد الكذب، وجميعهم يقصد الصدق، ومعنى ما سمع فلذلك وسعهم وكانوا يقولون: "إنما الكذب على من تعمده" وقد روي عن عمران بن مسلم، قال رجال للحسن: يا أبا سعيد إنما تحدث بالحديث أنت أحسن له سياقا، وأجود تحبيرًا، وأفصح به لسانا منه إذا حدثنا به. فقال: "إذا أصيب المعنى فلا بأس بذلك" وقد قال النضر بن شميل: "كان هشيم لحانا فكسوت لكم حديثه كسوة حسنة -يعني بالإعراب- وكان النضر بن شميل نحويًّا، وكان سفيان يقول: "إذا رأيتم يشدد في ألفاظ الحديث في المجلس، فاعلم أنه يقول: اعرفوني" قال: وجعل رجل يسأل يحيى بن سعيد القطان عن حرف في الحديث على لفظه فقال له يحيى: يا هذا ليس في الدنيا أجل من كتاب الله تعالى، قد رخص للقراءة فيه بالكلمة على سبعة أحرف فلا تشدد!.

وفي شرح التقريب للحافظ السيوطي في النوع السادس والعشرين، في الفرع الرابع منه، ما نصه مع بعض اختصار: "إن لم يكن الراوي عالما بالألفاظ، خبيرًا بما يحيل معانيها لم تجز له الرواية، لما سمعه بالمعنى بلا خلاف، بل يتعين اللفظ الذي سمعه فإن كان عالمًا بذلك فقالت طائفة من أهل الحديث والفقه والأصول: لا يجوز إلا بلفظه، وإليه ذهب ابن سيرين وثعلب وأبو بكر الرازي من الحنفية، وروي عن ابن عمر وقال جمهور السلف والخلف من الطوائف، منهم الأئمة الأربعة: يجوز بالمعنى في جميع ذلك إذا قطع بأداء المعنى؛ لأن ذلك هو الذي يشهد به أحوال الصحابة والسلف، ويدل عليه رواياتهم اللفظة الواحدة بألفاظ مختلفة، وقد ورد في المسألة حديث مرفوع رواه ابن منده في: "معرفة الصحابة" والطبراني في: "الكبيرة" من حديث عبد الله بن سليمان بن أكثم الليثي قال: قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إني إذا سمعت منك الحديث لا أستطيع أن أرويه كما أسمع منك يزيد حرفا أو ينقص حرفًا فقال: "إذا لم تحلوا حرامًا ولم تحرموا حلالًا وأصبتم المعنى فلا بأس" فذكرت ذلك للحسن فقال: "لولا هذا ما حدثنا! " وقد استدل الشافعي لذلك بحديث: "أنزل القرآن على سبعة أحرف". وروى البيهقي عن مكحول قال: دخلت أنا وأبو الأزهر على وأثلة بن الأسقع فقلنا له: "حدثنا بحديث سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليس فيه وهم ولا تزيد ولا نسيان! " فقال: "هل قرأ أحد منكم من القرآن شيئا فقلنا: نعم وما نحن بحافظين له جدًّا إنا نريد الواو والألف وننقص فقال: فهذا القرآن مكتوب بين أظهركم لا تألونه حفظا، وإنكم تزعمون أنكم تزيدون وتنقصون، فكيف بأحاديث سمعناها من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عسى أن لا يكون سمعنا لها منه إلا مرة واحدة؟ حسبكم إذا حدثنا كم بالحديث على المعنى".

وأسند أيضًا في: "المدخل" عن جابر بن عبد الله قال حذيفة: "إنا قوم عرب نورد الحديث فنقدم ونؤخر" وأسند أيضًا عن شعيب بن الحجاب قال: "دخلت أنا، وعبدان على الحسن فقلنا: يا أبا سعيد الرجل يحدث بالحديث فيزيد فيه، أو ينقص منه" قال: "إنما الكذب من تعمد ذلك".

وأسند أيضًا عن جرير بن حازم، قال: "سمعت الحسن يحدث بأحاديث الأصل واحد والكلام مختلف"

وأسند عن ابن عمون قال: "كان الحسن وإبراهيم والشعبي يأتون بالحديث على المعاني" وأسند عن أويس قال: "سألنا الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال: هذا يجوز في القرآن فكيف به في الحديث وإذا أصيب معنى الحديث فلم يحل به حراما، ولم يحرم حلالا فلا بأس" ونقل ذلك سفيان عن عمرو بن دينار وأسند عن وكيع قال: "إن لم يكن المعنى واسعًا فقد هلك الناس". اهـ. "ذكره السيد مرتضى في شرح الإحياء".

وقال الحكيم الترمذي قدس الله سره في كتابه: "نوادر الأصول":

الأصل الثامن والستون والمائتان: في سرد رواية الحديث بالمعنى عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "نضر الله امرأ سمع منا حديثًا فبلغه كما سمع منا فإنه رب مبلغ هو أوعى له من سامع" ثم رواه عن زيد بن ثابت، وجبير بن مطعم قال الترمذي قدس سره اقتضى العلماء الأداء، وتبليغ العلم فلو كان اللازم لهم أن يؤدوا تلك الألفاظ التي بلغت أسماعهم بأعيانها بلا زيادة، ولا نقصان، ولا تقديم ولا تأخير كانوا يستودعونها الصحف كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالقران فكان إذا نزل الوحي دعا الكاتب فكتبه مع ما توكل الله له يجمعه، وقرآنه فقال: {إنّ علينا جمعه وقرآنه}. وقال: {وإنّا له لحافظون} فكان الوحي محروسا بكتبه ولو كانت هذه الأحاديث سبيلها هكذا لكتبها أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهل جاءنا عن أحد منهم أنه فعل ذلك؟ وجاء عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما، أنه استأذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صحيفة فأذن له، وأما سائر الأخبار فإنهم تلقوها منه حفظًا وأدوها حفظًا فكانوا يقدمون ويؤخرون، وتختلف ألفاظ الرواية فيما لا يتغير معناه فلا ينكر ذلك منهم، ولا يرون بذلك بأسًا.

ثم أسند الترمذي قدس سره عن أبي هريرة وعبد الله بن أكيمة مرفوعًا جواز ذلك إذا لم يحرم حلال ولم يحل حرام وأصيب المعنى كما تقدم قيل ثم قال الترمذي: "فمن أراد أن يؤدي إلى من بعده حديثًا قد سمعه جاز له، أن يغير لفظه ما لم يتغير المعنى". اهـ.

وقال الإمام ابن فارس في جزئه في المصطلح في الكلام على من كان من الرواة يتورع في أداء اللفظ الملحون ويكتب عليه "كذا" ما مثاله: "هذا التثبت حسن لكن أهل العلم قد يتساهلون إذا أدوا المعنى، ويقولون: لو كان أداء اللفظ واجبا حتى لا يغفل منه حرف لأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بإثبات ما يسمعون منه كما أمرهم بإثبات الوحي الذي لا يجوز تغيير معناه ولا لفظه فلما لم يأمرهم بإثبات ذلك دل على أن الأمر في التحديث أسهل وإن كان أداء ذلك اللفظ الذي سمعه أحسن". اهـ.

وقال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة: "وأما الرواية بالمعنى فالخلاف فيها شهير، والأكثر على الجواز أيضًا ومن أقوى حججهم الإجماع على شرح الشريعة للعجم بلسانهم للعارف به. فإذا جاز الإبدال بلغة أخرى فجوازه باللغة العربية أولى، وقيل: إنما يجوز في المفردات دون المركبات، وقيل: إنما يجوز لمن يستحضر اللفظ ليتمكن من التصرف فيه، وقيل: إنما يجوز لمن كان يحفظ الحديث فنسي لفظه، وبقي معناه مرتسمًا في ذهنه فله أن يرويه بالمعنى لمصلحة تحصيل الحكم منه بخلاف من كان مستحضرًا للفظه وجميع ما تقدم يتعلق بالجواز وعدمه، ولا شك أن الأولى إيراد الحديث بألفاظه دون التصرف فيه قال القاضي عياض: "ينبغي سد باب الرواية بالمعني لئلا يتسلط من لا يحسن ممن يظن أنه يحسن كما وقع لكثير من الرواة قديمًا وحديثًا والله الموفق".

تنبيه: احتج بعضهم لمنع الرواية بالمعنى بحديث: "نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها، فأداها كما سمعها" وبأنه -صلى الله عليه وسلم- مخصوص بجوامع الكلم، ففي النقل بعبارة أخرى لا يؤمن الزيادة والنقصان.

والجواب عن الأول: بأن الأداء كما سمع، ليس مقصورًا على نقل اللفظ، بل النقل بالمعنى من غير تغيير، أداء كما سمع، فإنه أدى المعنى كما سمع لفظه، وفهمه منه نظيره أن الشاهد والمترجم إذا أدى المعنى من غير زيادة ولا نقصان، يقال إنه أدى كما سمع، وإن كان الأداء بلفظ آخر. ولو سلم أن الأداء كما سمع مقصور على نقل اللفظ، فلا دلالة في الحديث على عدم الجواز غايته أنه دعاء للناقل باللفظ لكونه أفضل، ولا نزاع في الأفضلية وعن الثاني بأن الكلام في غير جوامع الكلم ونظائرها. "كذا في المرآة وحواشيها").  [قواعد التحديث: 375-382]

هيئة الإشراف

#2

11 Oct 2022

قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (2- جواز رواية بعض الحديث بشروطه:

قال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة: "أما اختصار الحديث فالأكثر على جوازه بشرط أن يكون الذي يختصره عالمًا؛ لأن العالم لا ينقص من الحديث إلا ما لا تعلق له بما يبقيه منه، بحيث لا تختلف الدلالة، ولا يختل البيان، حتى يكون المذكور والمحذوف بمنزلة خبرين، أو يدل ما ذكره على ما حذفه؛ بخلاف الجاهل فإنه قد ينقص ما له تعلق، كترك الاستثناء".

وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم: "الصحيح الذي ذهب إليه الجماهير والمحققون من أصحاب الحديث جواز رواية بعض الحديث من العارف، إذا كان ما تركه غير متعلق بما رواه، بحيث لا يختل البيان، ولا تختلف الدلالة في تركه، سواء جوّزنا الرواية بالمعنى أم لا، وسواء رواه قبل تامًّا أم لا".

ثم قال: وأما تقطيع المصنفين الحديث في الأبواب، فهو بالجواز أولى، بل يبعد طرد الخلاف فيه؛ وقد استمر عليه عمل الأئمة الحفاظ الجلة من المحدثين وغيرهم من أصناف العلماء. اهـ).  [قواعد التحديث: 383-384]

 

قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (3- سر تكرار الحديث في الجوامع والسنن والمسانيد:

قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح في الفصل الثالث في بيان تقطيع البخاري للحديث، واختصاره وفائدة إعادته له في الأبواب وتكراره ما نصه "قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي فيما رويناه عنه في جزء سماه جواب المتعنت اعلم أن البخاري رحمه الله كان يذكر الحديث في كتابه مواضع، ويستدل به في كل باب بإسناد آخر، ويستخرج منه بحسن استنباطه، وغزارة فقهه معنى يقتضيه الباب الذي أخرجه فيه وقلما يورد حديثًا في موضعين بإسناد واحد ولفظ واحد، وإنما يورده من طريق أخرى لمعان نذكرها والله أعلم بمراده منها.

"فمنها: أنه يخرج الحديث عن صحابي ثم يورده عن صحابي آخر، والمقصود منه أن يخرج الحديث عن حد الغرابة وكذلك يفعل في أهل الطبقة الثانية والثالثة وهلم جرا إلى مشايخه فيعتقد من يرى ذلك من غير أهل الصنعة أنه تكرار، وليس كذلك لاشتماله على فائدة زائدة.

ومنها: أنه صحح أحاديث على هذه القاعدة يشتمل كل حديث منها على معان متغايرة فيورده في كل باب من طريق غير الطريق الأولى.

ومنها أحاديث يرويها بعض الرواة تامة ويرويها بعضهم مختصرة فيوردها كما جاءت ليزيل الشبهة عن ناقليها.

ومنها: أن الرواة ربما اختلفت عباراتهم فحدث راو بحديث فيه كلمة تحتمل معنى، وحدث به آخر فعبر عن تلك الكلمة بعينها بعبارة أخرى تحتمل معنى آخر فيورده بطرقه إذا صحت على شرطه ويفرد لكل لفظه بابًا مفردًا.

ومنها: أحاديث تعارض فيها الوصل والإرسال، ورجح عنده الوصل فاعتمده، وأورد الإرسال منبهًا على أنه لا تأثير له عنده في الوصل.

ومنها: أحاديث تعارض فيها الوقف والرفع والحكم فيها كذلك.

ومنها: أحاديث زاد فيها بعض الرواة رجلًا في الإسناد، ونقصه بعضهم فيوردها على الوجهين حيث يصح عنده أن الراوي سمعه من شيخ حدثه به عن آخر ثم لقي الآخر فحدثه به فكان يرويه، على الوجهين.

ومنها: أنه ربما أورد حديثًا عنعنه راويه فيرويه من طريق أخرى مصرحًا فيها بالسماع على ما عرف من طريقته في اشتراط ثبوت اللقاء في المعنعن، فهذا جميعه فيما يتعلق بإعادة المتن الواحد في موضع آخر أو أكثر.

وأما تقطيعه للحديث في الأبواب تارة، واقتصاره منه على بعضه أخرى فذلك لأنه إن كان المتن قصيرًا أو مرتبطًا بعضه ببعض، وقد اشتمل على حكمين فصاعدًا فإنه يعيده بحسب ذلك مراعيًا مع ذلك عدم إخلائه من فائدة حديثية، وهي إيراده له عن شيخ سوى الشيخ الذي أخرجه عنه قبل ذلك كما تقدم تفصيله فيستفيد بذلك تكثير الطرق لذلك الحديث، وربما ضاق عليه مخرج الحديث حيث لا يكون له إلا طريق واحدة فيتصرف حينئذ فيه فيورده في موضع موصولًا، وفي موضع معلقًا ويورده تارة تامًّا وتارة مقتصرًا على طرفه الذي يحتاج إليه في ذلك الباب فإن كان المتن مشتملًا على جمل متعددة لا تعلق لإحداها بالأخرى فإنه يخرج كل جملة منها في باب مستقل فرارًا من التطويل، وربما نشط فساقه بتمامه فهذا كله في التقطيع.

"وقد حكى بعض شراح البخاري أنه وقع في أثناء الحج في بعض النسخ بعد باب قص الخطبة بعرفة باب تعجيل الوقوف قال أبو عبد الله يزاد في هذا الباب حديث مالك عن ابن شهاب ولكني لا أريد أن أدخل فيه معادًا". اهـ.

وهو يقتضي أن لا يتعمد أن يخرج في كتابه حديثًا معادًا بجميع إسناده ومتنه، وإن كان قد وقع له من ذلك شيء فعن غير قصد، وهو قليل جدًّا "وأما اقتصاره على بعض المتن ثم لا يذكر الباقي في موضع آخر، فإنه لا يقع له ذلك الغالب، إلا حيث يكون المحذوف موقوفا على الصحابي؛ وفيه شيء، قد يحكم يرفعه فيقتصر على الجملة التي يحكم لها بالرفع، ويحذف الباقي لأنه لا تعلق له بموضوع كتابه كما وقع في حديث هزيل بن شرحبيل عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه قال: إن أهل الإسلام لا يسيبون وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون هكذا أورده وهو مختصر من حديث موقوف أوله جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال إني أعتقت عبدًا لي سائبة فمات، وترك مالًا ولم يدع وارثًا، فقال عبد الله: "إن أهل الإسلام لا يسيبون، وإن أهل الجاهلية كانوا يسيبون فأنت ولي نعمته فلك ميراثه فإن تأثمت، وتحرجت في شيء فنحن نقبله منك ونجعله في بيت المال" فاقتصر البخاري على ما يعطي حكم الرفع من هذا الحديث الموقوف، وهو قوله: "إن أهل الإسلام لا يسيبون" لأنه يستدعى بعمومه النقل عن صاحب الشرع لذلك الحكم واختصر الباقي لأنه ليس من موضوع كتابه، وهذا من أخفى المواضع التي وقعت له من هذا الجنس وإذا تقرر ذلك اتضح أنه لا يعيد إلا لفائدة حتى لو لم تظهر لإعادته فائدة من جهة الإسناد ولا من جهة المتن لكان ذلك لإعادته لأجل مغايرة الحكم التي تشتمل عليه ترجمة الثانية موجبًا لئلا يعد مكررًا فلا فائدة. كيف وهو لا يخليه مع ذلك من فائدة إسنادية وهي إخراجه للإسناد عن شيخ غير الشيخ الماضي أو غير ذلك والله الموفق". انتهى كلام الحافظ ابن حجر وبه يعلم سر صنيع من حذا حذو الإمام البخاري في مشربه جميعه، أو بعضهن فتدبر فإنه من البدائع).  [قواعد التحديث: 384-387]

 

قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (4- ذكر الخلاف في الاستشهاد بالحديث على اللغة والنحو وكذلك بكلام الصحابة وآل البيت -رضي الله عنهم:

قال الشيخ عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب، على شواهد شرح الكافية: "قال الأندلسي في شرح بديعية رفيقه ابن جابر: علوم الأدب ستة وهي: الصرف والنحو واللغة والمعاني والبيان والبديع؛ والثلاثة الأول لا يستشهد عليها إلا بكلام العرب، دون الثلاثة الأخيرة فإنه يستشهد فيها بكلام غيرهم من المولدين لأنها راجعة إلى المعاني، ولا فرق في ذلك بين العرب وغيرهم، ولذلك قبل من أهل هذا الفن الاستشهاد بكلام البحتري وأبي تمام وأبي الطيب وهلم جرا، قال وأقول الكلام الذي يستشهد به نوعان شعر وغيره فقائل الأول العلماء على طبقات أربع:

الطبقة الأولى: الشعراء الجاهليون، وهم قبل الإسلام كامرئ القيس والأعشى، والثانية: المخضرمون وهم الذين أدركوا الجاهلية والإسلام كلبيد وحسان، والثالثة: المتقدمون ويقال لهم الإسلاميون وهم الذين كانوا في صدر الإسلام كجرير والفرزدق، والرابعة المولدون ويقال لهم المحدثون وهم من بعدهم إلى زماننا كبشار بن برد وأبي نواس.

فالطبقتان الأوليان يستشهد بشعرهما إجماعًا وأما الثالثة فالصحيح صحة الاستشهاد -لعل الصواب عدم صحة الاستشهاد- بكلامها وقد كان أبو عمرو بن العلاء، وعبد الله بن أبي إسحاق والحسن البصري وعبد الله بن شبرمة يلحنون الفرزدق والكميت وذا الرمة وأضرابهم وكانوا يعدونهم من المولدين لأنهم كانوا في عصرهم، وأما الرابعة فالصحيح أنه لا يحتج بكلامها مطلقا، وقيل يحتج بكلام من يوثق به منهم واختاره الزمخشري وتبعه الشارح المحقق "أي الرضي" فإنه استشهد بشعر أبي تمام في عدة مواضع من هذا الشرح، واستشهد الزمخشري أيضًا في تفسير أوائل البقرة من الكشاف ببيت من شعره، وقال: وهو وإن كان محدثا لا يستشهد بشعره في اللغة فهو عن علماء العربية فاجعل ما يقوله بمنزلة ما يرويه.

وأما قائل الثاني "أي غير الشعر" فهو إما ربنا تبارك وتعالى، فكلامه عز اسمه أفصح كلام وأبلغه، وإما أحد الطبقات الثلاث الأولى من طبقات الشعر التي قدمناها.

وأما الاستدلال بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد جوزه ابن مالك ومنعه ابن الضائع وأبو حيان وسندهما أمران: أحدهما: أن الأحاديث لم تنقل كما سمعت من النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما رويت بالمعنى. وثانيهما: أن أئمة النحو المتقدمين من المصرين لم يحتجوا بشيء منه، ورد الأول على تقدير تسليمه بأن النقل بالمعنى إنما كان في الصدر الأول قبل تدوينه في الكتب، وقبل فساد اللغة، وغايته تبديل لف بلفظ يصح الاحتجاج به، ورد الثاني: بأنه لا يلزم من عدم استدلالهم بالحديث عدم صحة الاستدلال به.

"والصواب جواز الاحتجاج بالحديث للنحوي في ضبط ألفاظه، ويلحق به ما روي عن الصحابة وأهل البيت".

وقال السيوطي في "الاقتراح": "وأما كلامه -صلى الله عليه وسلم- فيستدل منه بما ثبت أنه قاله على اللفظ المروي، وذلك نادر جدًّا، إنما يوجد في الأحاديث القصار، على قلة أيضًا، فإن غالب الأحاديث مروي بالمعنى، وقد تداولتها الأعاجم والمولوون قبل تدوينها، وفرووها بما أدت إليه عباراتهم، فزادوا ونقصوا، وقدموا وأخروا، وبدلوا ألفاظًا بألفاظ، ولهذا ترى الحديث الواحد في القصة الواحدة مرويًّا على أوجه شتى بعبارات مختلفة".

وقال أبو حيان في شرح التسهيل: "قد أكثر المصنف من الاستدلال بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في لسان العرب، وما رأيت أحدًا من المتقدمين والمتأخرين سلك هذه الطريقة وقد جرى الكلام في ذلك مع بعض المتأخرين الأذكياء فقال: إنما ذكر العلماء ذلك لعدم وثوقهم أن ذلك لفظ الرسول -صلى الله عليه وسلم- وإنما كان كذلك لأمرين أحدهما أن الرواة جوزوا النقل بالمعنى، وقد قال سفيان الثوري: إن قلت لكم إني أحدثكم كأسمعت فلا تصدقوني إنما هو المعنى والأمر الثاني أنه وقع اللحن كثيرًا فيما روي من الحديث لأن كثيرًا من الرواة كانوا غير عرب بالطبع ويتعلمون لسان العرب بصناعة النحو، فوقع اللحن في كلامهم وروايتهم، وهم لا يعلمون، ودخل في كلامهم وروايتهم غير الفصيح من لسان العرب" انتهى باختصار.

قال بعضهم: ويلحق بذلك ما روي من خطب الإمام علي التي جمعها السيد الرضي في كتاب: "نهج البلاغة"؛ وهذه أيضًا لم يثبت أنها لفظ الإمام، فقد جاء في خطبة جامع الكتاب ما نصه: "وربما جاء في أثناء هذا الاختيار اللفظ المردد والمعنى المكرر والعذر في ذلك أن روايات كلامه تختلف اختلافا شديدًا فربما اتفق الكلام المختار في رواية فنقل على وجهه ثم وجد بعد ذلك في رواية أخرى موضوعا غير وضعه الأول إما بزيادة مختارة أو بلفظ عبارة فتقتضي الحال أن يعاد، واستظهارًا للاختيار وغيره على عقائل الكلام" انتهى بحروفه.

بل جاء في ترجمة ابن خلكان للشريف المرتضى أخي الشريف الرضي ما نصه: "وقد اختلف الناس في كتاب نهج البلاغة المجموع من كلام الإمام علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- هل هو جمعه أم جمع أخيه الرضي؟

وقد قيل: إنه ليس من كلام علي، وإنما الذي جمعه ونسبه إليه هو الذي وضعه والله أعلم").  [قواعد التحديث: 388-394]

هيئة الإشراف

#3

11 Oct 2022

الباب الثامن: في آداب المحدث وطالب الحديث وغير ذلك


قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (الباب الثامن: في آداب المحدث وطالب الحديث وغير ذلك؛ وفيه مسائل

1- آداب المحدث:

قال حجة الإسلام الغزالين في كتاب: "الأدب في الدين" ما مثاله: آداب المحدث: يقصد الصدق ويجتنب الكذب ويحدث بالمشهور، ويروى عن الثقات ويترك المناكير ولا يذكر ما جرى بين السلف، ويعرف الزمان ويتحفظ من الزلل والتصحيف واللحن والتحريف ويدع المداعبة ويقل المشاغبة ويشكر النعمة إذ جعل في درجة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويلزم التواضع ويكون معظم ما يحدث به ما ينتفع المسلمون به من فرائضهم وسننهم وآدابهم في معاني كتاب ربهم عز وجل، ولا يحمل علمه إلى الوزراء ولا يغشى أبواب الأمراء فإن ذلك يزري بالعلماء، ويذهب بهاء علمهم إذا حملوه إلى ملوكهم ومياسيرهم ولا يحدث بما لا يعلمه في أصله ولا يقرأ عليه ما لا يراه في كتابه ولا يتحدث إذا قرئ عليه، ويحذر أن يدخل حديثًا في حديث).  [قواعد التحديث: 395-396]

 

قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (2- آداب طالب الحديث:

يكتب المشهور، ولا يكتب الغريب، ولا يكتب المناكير، ويكتب عن الثقات، ولا يغلبه شهرة الحديث على قرينه، ولا يشغله طلبه عن مروءته وصلاته يجتنب الغيبة وينصت للسماع ويلزم الصمت بين يدي محدثه، ويكثر التلفت عند إصلاح نسخته، ولا يقول: سمعت وهو ما سمع، ولا ينشره لطلب العلو فيكتب من غير ثقة ويلزم أهل المعرفة بالحديث من أهل الدين، ولا يكتب عمن لا يعرف الحديث من الصالحين. اهـ).  [قواعد التحديث: 396]

 

قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (3- ما يفتقر إليه المحدث:

قال النووي: "مما يفتقر إليه من أنواع العلوم، صاحب هذه الصناعة، معرفة الفقه والأصوليين، والعربية، وأسماء الرجال، ودقائق علم الأسانيد، والتاريخ، ومعاشرة أهل هذه الصنعة، ومباحثتهم مع حسن الفكر ونباهة الذهن، ومداومة الاشتغال ونحو ذلك من الأدوات التي يفتقر إليها").  [قواعد التحديث: 397]

 

قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (4- ما يستحب للمحدث عنه التحديث:

يستحب له إذا أراد حضور مجلس التحديث أن يتطهر بغسل أو وضوء، ويتطيب ويتبخر ويستاك كما ذكره ابن السمعاني، ويسرح لحيته ويجلس في صدر مجلسه متمكنًا في جلوسه بوقار وهيبة، وقد كان مالك يفعل ذلك فقيل له فقال: "أحب أن أعظم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولا أحدث إلا على طهارة متمكنًا". وكان يكره أن يحدث في الطريق أو وهو قائم "أسنده البيهقي" وأسند عن قتادة قال: "لقد كان يستجب أن لا تقرأ الأحاديث إلا على طهارة"، وعن ضرار بن مرة قال: "كانوا يكرهون أن يحدثوا على غير طهر"، وعن ابن المسيب أنه سئل عن حديث، وهو مضطجع في مرضه فجلس، وحدث به فقيل له وددت أنك لم تتعن فقال: "كرهت أن أحدث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا مضطجع". وعن بشر بن الحارث أن ابن المبارك سئل عن حديث وهو يمشي فقال: "ليس هذا من توقير العلم! " وعن مالك قال: "مجالس العلم تحتضر بالخشوع والسكينة والوقار، ويكره أن يقوم لأحد" فقد قال: إذا قام القارئ لحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأحد فإنه يكتب عليه خطيئة، فإن رفع أحد صوته في المجلس زبره - أي انتهره- وزجره فقد كان مالك يفعل ذلك أيضًا ويقول قال الله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النّبيّ} فمن رفع صوته عند حديثه فكأنما رفع صوته فوق صوته، ويقبل على الحاضرين كلهم فقد قال حبيب بن أبي ثابت: "إن من السنة إذا حدث الرجل القوم أن يقبل عليهم جميعًا ويفتتح مجلسه ويختمه بتحميد الله تعالى والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ودعاء يليق بالحال بعد قراءة قارئ حسن الصوت شيئًا من القرآن العظيم فقد روى الحاكم في: "المستدرك" عن أبي سعيد قال: كان أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا اجتمعوا تذاكروا العلم، وقرءوا سورة، ولا يسرد الحديث سردًا عجلًا يمنع فهم بعضه كما روي عن مالك أنه كان لا يستعجل ويقول: "أحب أن أفهم حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم" وأورد البيهقي في ذلك حديث البخاري عن عروة قال: جلس أبو هريرة إلى جنب حجرة عائشة، وهي تصلي فجعل يحدث فلما قضت صلاتها قال: ألا تعجب إلى هذا وحديثه إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يسرد الحديث كسردكم" في لفظ عند البيهقي عقيبه: "إنما كان حديثه فصلًا تفهمه القلوب" "كذا في التقريب شرحه التدريب").  [قواعد التحديث: 397-399]

هيئة الإشراف

#4

11 Oct 2022

قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (5- بيان طرق درس الحديث:

اعلم أن لدرس الحديث ثلاثة طرق عند العلماء:

أولها: السرد: وهو أن يتلو السيخ المسمع أو القارئ كتابًا من كتب هذا الفن من دون تعرض لمباحثه اللغوية والفقهية وأسماء الرجال ونحوها

وثانيها: طريق الحل والبحث: وهو أن يتوقف بعد تلاوة الحديث الواحد مثلًا على لفظه الغريب، وتراكيبه العويصة، واسم قليل الوقوع من أسماء الإسناد، وسؤال ظاهر الورود والمسألة المنصوص عليها، ويحله بكلام متوسط ثم يستمر في قراءة ما بعدها.

وثالثها: طريق الإمعان: وهو أن يذكر على كلمة ما لها وما عليها، كما يذكر مثلًا على كل كلمة غريبة، وتراكيب عويصة شواهدها من كلام الشعراء، وأخوات تلك الكلمة وتراكيبها في الاشتقاق ومواضع استعمالاتها؛ وفي أسماء الرجال حالات قبائلهم وسيرهم ويخرج المسائل الفقيهة على المسائل المنصوص عليها ويقص القصص العجيبة والحكايات الغريبة بأدنى مناسبة، وما أشبهها فهذه الطرق هي المنقولة عن علماء الحرمين قديمًا وحديثًا.

قال المولى ولي الله الدهلوي، ومختار الشيخ حسن العجيمي، والشيخ أحمد القطان، والشيخ أبي طاهر الكردي: هو الطريق الأول -يعني السرد- بالنسبة إلى الخواص المتبحرين ليحصل لهم سماع الحديث، وسلسلة روايته على عجالة ثم إحالة بقية المباحث على شروحه لأن ضبط الحديث مداره اليوم على تتبع الشروح والحواشي، وبالنسبة إلى المبتدئين والمتوسطين الطريق الثاني -يعني البحث والحل- ليحيطوا بالضروري في علم الحديث علمًا، ويستفيدوا منه على وجه التحقيق دركًا وفهمًا، وعلى هذا يسرحون أنظارهم في شرح من شروح كتب الحديث غالبًا، ويرجعون إليه أثناء البحث لحل العضال ورفع الإشكال، وأما الطريق الثالث فهو طريقة القصاص القاصدين منه إظهار الفضل والعلم لأنفسهم ونحوها والله أعلم).  [قواعد التحديث: 399-400]

 

قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (6- أمثلة من لا تقبل روايته ومنهم من يحدث لا من أصل مصحح:

في التقريب وشرحه: "لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماعه أو في إسماعه، كمن لا يبالي بالنوم في السماع منه أو عليه، أو يحدث لا من أصل مصحح مقابل على أصله أو أصل شيخه").  [قواعد التحديث: 400-401]

 

قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (7- الأدب عند ذكره تعالى وذكر رسوله والصحابة والتابعين:

قال النووي: "يستحب لكاتب الحديث إذا مر ذكر الله عز وجل أن يكتب: "عز وجل" أو "تعالى" أو "سبحانه وتعالى" أو "تبارك وتعالى" أو "جل ذكره" أو "تبارك اسمه" أو "جلت عظمته" أو ما أشبه ذلك وكذلك يذكر عند ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم: "بكمالهما لا رمزًا إليهما ولا مقتصرًا على أحدهما، وكذلك يقول في الصحاب: "رضي الله عنه" فإن كان صحابيًّا ابن صحابي قال: "رضي الله عنهما" وكذلك يترضى ويترحم على سائر العلماء والأخيار ويكتب كل هذا وإن لم يكن مكتوبًا في الأصل الذي ينقل منه، فإن هذا ليس رواية وإنما هو دعاء، وينبغي للقارئ أن يقرأ كل ما ذكرناه، وإن لم يكن مذكورًا في الأصل الذي يقرأ منه، ولا يسأم من تكرر ذلك ومن أغفل هذا حرم خيرًا عظيمًا وفوت فضلًا جسيمًا").  [قواعد التحديث: 401-402]

 

قال محمد جمال الدين القاسمي (ت: 1332هـ): (8- الاهتمام بتجويد الحديث:

قال الإمام البديري في آخر شرحه لمنظومة البيقونية: "وأما قراءة الحديث مجودة كتجويد القرآن؛ من أحكام النون الساكنة والتنوين والمد والقصر وغير ذلك فهي مندوبة. وذلك لأن التجويد من محاسن الكلام، ومن لغة العرب، ومن فصاحة المتكلم وهذه المعاني مجموعة فيه -صلى الله عليه وسلم- فمن تكلم بحديثه -صلى الله عليه وسلم- فعليه بمراعاة ما نطق به -صلى الله عليه وسلم". اهـ.

ولا يخفى أن التجويد من مقتضيات اللغة العربية؛ لأنه من صفاتها الذاتية؛ لأن العرب لم تنطق بكلمها إلا مجودة فمن نطق بها غير مجودة، فكأنه لم ينطق بها فما هو في الحقيقة من محاسن الكلام بل من الذاتيات له فهو إذن من طبيعة اللغة لذلك من تركه لقد وقع في اللحن الجلي لأن العرب لا تعرف الكلام إلا مجودًا).  [قواعد التحديث: 402-403]