الدروس
course cover
الدرس العاشر-
12 Oct 2022
12 Oct 2022

1094

0

0

course cover
مصابيح المغاني

القسم الثاني

الدرس العاشر-
12 Oct 2022
12 Oct 2022

12 Oct 2022

1094

0

0


0

0

0

0

0

الدرس العاشر


قال ابن نور الدين محمد بن علي الموزعي (ت: 825هـ): (باب الهاء وما أوله الهاء

الهاء: تكون في أول الكلام وآخره، أما أوله: فقد تبدل الهاء عوضًا من الهمزة مثل: هراق وأراق، وأما في آخره فتأتي على أربعة عشر وجهًا:

الأول: ضميرًا للغائب: وتستعمل في موضع الجر والنصب، قال الله تعالى: {قال له صاحبه وهو يحاوره}.

الثاني: تكون حرفًا للغيبة، وهي الهاء في «إياه» فقيل: إن التحقيق أن الضمير «إيا» وحدها، والهاء حرف لمجرد معنى الغيبة.

الثالث: تكون دالة على التأنيث، وليس له مذكر، كقربة وبُرمة وعمامة وإداوة وبهيمة ومدينة وما أشبه ذلك، وقال الكوفيون: هي الأصل والتاء في الوصل بدل منها، وعكس ذلك البصريون.

الرابع: تكون فارقة بين المذكر والمؤنث، فتقع في المؤنث نحو: قائم وقائمة وفتى وفتاة، وقد تقع في المذكر وذلك في العدد من الثلاثة إلى العشرة.

الخامس: تكون فارقة بين الواحد الجمع نحو: تمرة وتمر، وحمامة وحمام، وقد تقع في المذكر كقولك: هذا حمار، وهؤلاء حمارة، وقد تقع في الجمع دون الواحد في اسمين خاصة كقولك: حمأ وحمأة ومثله: حمأة وكم للواحد وكمأة للجمع.

السادس: تدخل للمبالغة في المدح والذم، كقولهم في المدح رجل علامة ونسّابة وراوية وخليفة، وفي الذم: لحانة وهلباجة، وقد قيل: إن الهاء في قوله تعالى: {بل الإنسان على نفسه بصيرة}، وقوله تعالى: {ما في بطون هذه الأنعام خالصةً لذكورنا}، وقوله تعالى: {وذلك دين القيمة} من ذلك.

السابع: تأتي لتأكيد التأنيث في الجمع الذي على «فَعَال» و«فُعُولَه» وليست بلامة في كل موضع، كقولهم في مثل: جمل جمالة، وفي حجر: حجارة، وفي فحل: فحالة وفُحولة، وفي عم: عمومة، وفي خالة: خؤولة، وكذلك في ملائكة، قال الله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن}.

الثامن: تأتي للنسب في الجمع الذي على زنة «مَفاعِل» نحو: المهالبة والأشاعثة، والأشاعرة.

التاسع: تأتي عوضًا من حرف محذوف لزومًا وذلك في أربعة مواضع:

أحدها: الجمع الذي على زنة «مفاعيل» نحو: زناديق وزنادقة وجحاجيح وجحاجحة، ومتى لم تأت بها أتيت بالباب؛ لأنهما يتعاقبان.

ثانيها: المصدر الذي حذفت عينه، كقولهم: أقام إقامة، والأصل أقام إقوامًا واستقوم استقوامًا.

ثالثها: الفعل المعتل اللام عوضًا من حذف اللام، وذلك في لغة بعض العرب، يقولون: ارمه، ولا ترمه.

رابعها: تكون عوضًا من الباء، كقولهم: هذه، والأصل هذي.

العاشر: تأتي لبيان المرات كقولك: جلست جلسة وجلستين.

الحادي عشر: تأتي في حال الوقف لبيان الحركة أو الحرف الذي قبلها نحو دخولها بعد ألف الندبة لبيان الألف في قولك: وازيداه، ونحو: {سلطانيه}، و{كتابيه}، و{حسابيه}، و{ماليه} لبيان الياء، ولبيان الحركة كقوله تعالى: {فبهداهم اقتده}، وقوله تعالى: {لم يتسنه}، ونحو قول الشاعر:

إذا ما ترعرع فينا الغلام = فما إن يقال له من هوه

إذا لم يسد قبل شد الأزار = فذلك فينا الذي لا هوه

ولي صاحب من بني الشيصبان = فطورًا أقول وطورًا هوه

وتسمى هاء السكت، وتسمى أيضًا هاء الاستراحة، وقد تثبت في الوصل على نية الوقف، كقراءة غير حمزة، والكسائي: {لم يتسنه وانظر}، {فبهداهم اقتده}، قيل: بإثبات هاء السكت في الدرج.

الثاني عشر: تدخل لإمكان النطق بالكلمة، وذلك في فعل الأمر إذا صار إلى حرف واحد كقوله: عِهْ، وشِهْ، وقِهْ.

الثالث عشر: تأتي لبيان الحركة وكراهية اجتماع الساكنين، كقولهم في الوقف على ثمّ: ثّمَّهْ، وعلى هَلُمَّ: هَلُمَّهْ، وعلى إنّ بمعنى نعم، إنَّهْ، قال الشاعر:

يا أيها الناس ألا هَلُمَّهْ

الرابع عشر: تدخل للمحاذاة والازدواج كقولهم: لكل ساقطةٍ لاقطة، أي: لكل كلمة ساقطة أي يسقط بها الإنسان لاقط يلقطها، كذا فسره أبو بكر بن الأنباري، فدخلت الهاء لتزدوج الأولى مع الثانية، كما قالوا: يأتينا بالغدايا والعشايا فجمعوا غداة على غدايا لتزدوج مع العشايا.


فصل هيت، وهات، وهيهات

أما هيتَ لك، فمعناه: هلم لك، أي: تعال وأسرع، قال الشاعر في علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه:

أبلغ أمير المؤمنين = أخا العراق إذا أتيتا

إن العراق وأهله = سلم إليك فهيت هيتا

ومثله: هل، وهَيَّ، وهَيَّك، وهَيْك، وهَيَّا، كله بمعنى أسرع، وهو اسم فعل يستوي فيه الواحد والجمع والمؤنث إلا أن العدد فيما بعده، تقول: هيت لك، وهيت لكما، وهيت لَكُنّ.

وأما هات، فاسم فعل بمعنى أعطني، تقول: هات الشيء، أي: أعطنيه، قال الله تعالى: {قل هاتوا برهانكم}، قال الخليل: أصل هات من آتى يؤتى، فقلبت الألف هاء، ويقال للاثنين: هاتيا مثل آتيا، وللجمع هاتوا، وللمرأة هاتي، والنسوة: هاتين، مثل آتين.

وأما هيهات، فكلمة معناها: التبعيد، قال الله جل جلاله: {هيهات هيهات لما توعدون}، وقال جرير:

هيهات هيهات العقيق وأهله = وهيهات خل بالعقيق نحاوله

قال الفراء: هو بمنزلة البعيد، ففسره بالصفة، وقال الزجاج وابن الأنباري: هو بمنزلة البعد، وفسراه بالمصدر، وقال أبو علي الفارسي، وغيره: هو بمنزلة بعد، وفسره بالفعل، قال أبو الحسن الواحدي: وهو بمنزلة الأصوات وليس له اشتقاق، وفيه زيادة معنى ليست في «بعد» وإن كنا نفسره به، وهو أن المتكلم يخبر عن اعتقاده استبعاد ذلك الذي يخبر عن بعده، فكأنه بمنزلة قوله: بعد جدًا، وما أبعده.

وفيها لغات: فمنهم من يفتح التاء مثل كيف، وهذه لغة أهل الحجاز، وتميم وأسد يكسرونها على كل حال بمنزلة نون التثنية، قال الراجز يصف إبلًا قطعت قفارًا حتى صارت إلى القفار

تصبح بالقفر أتاويات

هيهات من مصبحها هيهات

هيهات حجر من صنيبعات

ومن العرب من يضمها، وقد قرئ بهن جميعًا، وقد تنون على اللغات الثلاث، قال الشاعر:

تذكرت أيامًا مضين من الصبا = فهيهات هيهات إليك روجوعها

وقد روي قول الراجز:

هيهات من مصبحها هيهات

بضم الأولى وكسر الثانية، ومنهم من يسكنها، ومنهم من يحذفها، ومنهم من يجعلها نونًا، وقد تبدل الهاء همزة فيقال: أيهات مثل: هراق وأراق قال الشاعر:

أيهات منك الحاية أيهاتا

ومنهم من يقول: أيهاك، وأيهان، وأيها، قال الكسائي: من كسر التاء وقف عليها بالهاء فيقول: هيهاه، ومن نصبها وقف بالتاء وإن شاء بالهاء، وقال الفراء: يوقف بالتاء).  [مصابيح المغاني: 498-506]

هيئة الإشراف

#2

12 Oct 2022

قال ابن نور الدين محمد بن علي الموزعي (ت: 825هـ): ( (فصل)

هل: استفهام عن الحكم لا المحكوم عليه، كقولك: هل قام زيد، وهل زيد قام؟ فالسؤال عن حصول القيام المحكوم به على زيد، ولا يجوز هل زيدًا ضربت؟ لأن تقدم الاسم مشعر حينئذٍ بأن الضرب واقع، وإنما السؤال عن محل الضرب لا عن الضرب، ولا يجوز: هل زيد قام أم عمرو؟ لأن السؤال حينئذٍ عن حقيقة القائم، وأما القيام فهو واقع، وأم موضوعة للسؤال عن تصور المحكوم عليه لا عن الحكم، ولأجل هذا قلنا: «هل» لا تعادل أم، وإنما تعادل أو.

وأما الهمزة فإنها تصلح في الاستفهام عن الحكم وعن المحكوم به كقولك: أقام زيد أم عمرو؟ وكقولك: أقام زيد أو عمرو؟ وسائر أدوات الاستفهامات إنما تصلح للسؤال عن حقيقة المحكوم عليه.

ومختصر القول: أن «هل» موضوعة للاستفهام عن التصديق والإيجاب الذي هو معرفة المركبات، الذي هو إسناد الحكم إلى المحكوم عليه وسائر الأدوات غير الهمزة موضوعة للتصور الذي هو معرفة حقائق المفردات التي هي محكوم عليها، والهمزة صالحة للأمرين.

ولها مع الاستفهام أربعة معان:

أحدها: النفي، كقوله تعالى: {فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}، وقوله تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، وقوله تعالى: {فهل على الرسل إلا البلاغ}، قال الفرزدق:

هل ابنك إلا ابنٌ من الناس فاصطبر = فلن يرجع الموتى حنين المآتم

وقال ابن قيس الرقيات:

لا بارك الله في الغواني هل = يصبحن إلا لهن مطلبُ

الثاني: تكون بمعنى «إن» في التوكيد والتحقيق، ذكره جماعة من النحويين وحملوا عليه قوله تعالى: {هل في ذلك قسم لذي حجر}، قال ابن هشام وهو بعيد.

الثالث: تكون بمعنى قد، وبذلك فسر قوله سبحانه: {هل أتى على الإنسان حين من الدهر}، جماعة منهم ابن عباس، والكسائي والفراء، والمبرد رضي الله تعالى عنهم، وبالغ الزمخشري فزعم أنها تأتي أبدًا بمعنى قد وأن الاستفهام بها إنما هو مستفاد من همزة مقدرة معها، ونقله في المفصل عن سيبويه واحتج لدخولها عليها وأنشد قول الشاعر:

سائل فوارس يربوع بشدتنا = أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم

وأنكر ابن هشام ما نقله عن سيبويه، وادعى أن الموجود في كتاب سيبويه خلافه، كما زعم.

وعكس قوم مقالة الزمخشري فزعموا أنها لا تأتي بمعنى قد، قال ابن هشام: وهو الصواب عندي؛ إذ لا متمسك لمن أثبت ذلك إلا أحد ثلاثة أمور:

أحدها: تفسير ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، ولعله إنما أراد أن الاستفهام في الآية للتقرير، وليس باستفهام حقيقي، وقد صرح بذلك جماعة من المفسرين قال بعضهم: هل هنا للاستفهام التقريري، والمقرر به: من أنكر البعث، وقد علم أنهم يقولون: نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه، فيقال: والذي أحدث الإنسان بعد أن لم يكن كيف يمتنع عليه إعادته بعد موته.

والدليل الثاني: نص سيبويه الذي شافه العرب وفهم مقاصدهم وقد مضى أن سيبويه لم يقل ذلك، وإنما قال في عدة ما يكون الكلم ما نصه: وهل وهي للاستفهام، ولم يزد على ذلك.

والدليل الثالث: البيت المذكور، والرواية الصحيحة:

أم هل رأونا بسفح القاع ذي الأكم

وأم هذه منقطعة بمعنى: بل، فلا دليل فيه، وبتقدير ثبوته: فالبيت شاذ لاجتماع حرفين بمعنى واحد كقوله:

ولا للمابهم أبدًا دواءُ

والذي يظهر في البيت أسهل لاختلاف اللفظين، وفي تسهيل ابن مالك: أنه تعين مرادفة هل لقد إذا دخلت عليها الهمزة يعني كما في البيت، ومفهوم كلامه: أنها لا تتعين عند عدم الهمزة، بل قد تأتي لذلك والله أعلم.

الرابع: التمني، وحمل عليه قوله تعالى حكاية عن الكفار: {فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا}.


(فصل)

هَلَمَّ: اسم فعل يأتي على وجهين، يأتي متعديًا كهات، قال الله تعالى: {قل هلم شهداءكم}، ويأتي غير متعد، بمعنى: تعال واقبل، ومنه قوله تعالى: {هلم إلينا}، قال الخليل وغيره من البصريين: أصله: لُمَّ، من لَمَّ الله شعثه، كأنه أراد: لُمَّ نفسك إلينا، وها: للتنبيه وإنما حذفت ألفها لكثرة الاستعمال، وجعلا اسمًا، وقال الكوفيون: هي مركبة من «هل» «مع» «أم» محذوفة همزتها.

ويستوي فيه الواحد والجمع والتأنيث في لغة أهل الحجاز، قال الله تعالى: {والقائلين لإخوانهم هلمَّ إلينا}، وأهل نجد يصرفونها فيجرونها مجرى سائر الأفعال فيقولون للاثنين: هَلّمَّا، وللجمع: هَلُمُّوا وللمرأة: هَلُمِّي، وللنساء: هَلْمُمْن، والأول أفصح.


(فصل)

هلا وهلا بالتخفيف والتشديد

فبالتخفيف: زجر للخيل أي توسعي وتنحي قالت ليلى:

وأي جوادٍ لا يُقالُ له هلا

وأما هلا بالتشديد: فمعناها: التحضيض، وتختص بالفعل وأصلها: «لا» بنيت مع هل فصارا بمنزلة الحرف الواحد.


(فصل)

هيا: من حروف النداء، قال الشاعر:

يقولُ من طربٍ هيا ربا

أصلها: أيا، فأبدلت الهمزة هاء مثل هراق وأراق.


(فصل)

هو وهي: ضميران من ضمائر الرفع للمذكر والمؤنث، وفروعهما لا تخفي، وهما مبنيان، وإنما بنوا الواو من هو والياء من هي على الفتح ليفرقوا بين هاتين اللتين من نفس الاسم المكنى، وبين الواو والياء اللتين تكونان صلة في: رايته ومررت به.

وقد تكون حرفًا في قول أكثر البصريين وهو الضمير الذي يفصل به بين المبتدأ وخبره، ويسميه البصريون: الفصل، ويسميه الكوفيون: العماد، لأنه يعتمد عليه معنى الكلام، وقال الخليل: هو اسم.

وهو يدل على ثلاثة أمور:

الأول: الفصل والتمييز بين الخبر والتابع فالذي بعده خبر لا تابع ولهذا سمي فصلًا.

الثاني: التوكيد، ذكره جماعة وبنوا عليه أنه لا يجامع التوكيد فلا يقال زيد نفسه هو الفاضل، ولهذا سماه الكوفيون: عمادًا؛ لأنه يعتمد عليه معنى الكلام، وسماه بعض الكوفيين: دعامة؛ لأنه يدعم الكلام أي يقويه ويؤكده.

الثالث: الاختصاص، وكثير من البيانيين يقتصر عليه.

وقد ذكر الزمخشري الثلاثة في تفسير قوله تعالى: {أولئك هم المفلحون} فقال: فائدته الدلالة على أن الوارد بعده: خبر لا صفة، والتوكيد وإيجاب أن فائدته المسند ثابتة للمسند إليه دون غيره.

وشرطه: أن يقع بين المبتدأ وخبره، وأن يكون الخبر اسمًا معرفة، وخالف بعضهم: فجوز المضارع لشبهه بالاسم، وجعل منه: {إنه هو يبدئ ويعيد} وهو عند غيره توكيد أو مبتدأ، وكذلك قوله تعالى: {ومكر أولئك هو يبور}.

وأما قول الشاعر:

وما هي إلا شربة بالحوءب

وقول بنت الحمارس:

ما هي إلا حظةٌ أو تطليق

فإن أهل الكوفة قالوا: هي كناية عن شيء مجهول، وأهل البصرة يتأولونها القصة.

وربما حذفت من «هو» الواو في ضرورة الشعر كما قال الشاعر:

فبيناه يشري رحله قال قائل = لمن جملٌ رخوُ الملاط نجيبُ

وكما قال:

إنه لا يبرئ داء الهدبد = مثل القلايا من سنامٍ وكبد

وكذا الياء من «هي» قال الشاعر:

دار لسعدي إذه من هواكا.


(فصل)

ها: على أربعة أوجه:

الأول: تكون ضميرًا للمؤنث فيستعمل مجرور الموضع ومنصوبه، كقوله تعالى: {فألهمها فجورها وتقواها}.

الثاني: تكون اسمًا للفعل، وهو خذ، ويجوز مد ألفها، وتستعمل ممدودة، ومقصورة متصلة بكاف الخطاب على اختلاف أحوالها وبدونها، ومنه الحديث: «الذهب بالذهب والورق بالورق ربا، إلا ها وها» ويجوز في الممدودة أن يستغنى عن الكاف بتصريف همزتها تصاريف الكاف، فيقال: للمذكر بالفتح و«هاء» للمؤنث بالكسر، وهاؤما، وهاؤن، وهاؤم، ومنه قوله تعالى: {هاؤمُ اقرءوا كتابيه}.

الثالث: تكون زجرًا للإبل، وهي مبنية على الكسر إذا مدت وقد تقصر.

الرابع: تكون للتنبيه فتدخل على أمور منها: الإشارة غير المختصة بالبعيد نحو: هذا، وهذه، وهُنا، بخلاف ثَمَّ وهُنالِكَ.

ومنها: ضمير الرفع المخبر عنه باسم الإشارة نحو: {ها أنتم أولاء}، وقيل: إنها كانت داخلة على الإشارة فتقدمت، ورد بنحو: {ها أنتم هؤلاء}، وأجيب بأنها أعيدت توكيدًا، فإن قصرتها دلت على القرب، تقول إذا قيل: أين أنت؟ ها أنا ذا، إذا كنت قريبًا، وللمؤنث ها أنا ذِه، وها هو ذا، وها هي ذه.

وقال الأخفش: إنما هو: أأنتم على إبدال الهمزة هاء، كما تقول: هيَّاك في إيَّاك.

ومنها: اتصالها بأي، فتكون نعتًا لها كقولك: يا أيُّها الرجل، وهي واجبة ويجوز في لغة بني أسد أن تُحذف ألها، وأن تضم اتباعًا وعليه قراءة ابن عامر: {سنفرغ لكم أيه الثقلان}، بضم الهاء في الوصل.

ومنها: اسم الله في القسم عند حذف الحرف يقال: ها الله، بقطع الهمزة وبغير قطعها وحذف ألف «ها» لغتان.

وفي قولهم: لا ها الله ذا، قولان:

أحدهما: وهو قول الخليل: ذا: مقسم عليه وتقديره: لا والله للأمر ذا، فحذف الأمر لكثرة الاستعمال، ولهذا لا يجوز أن يقاس عليه فيقال: ها الله أخوك.

والثاني: وهو قول الأخفش، أنه من جملة القسم فهو توكيد له، كأنه قال: ذا قسمي، قال: والدليل عليه أنهم يذكرون المقسم عليه بعد «ذا» فيقولون: لا ها الله ذا لقد كان كذا.

وقد تكون «ها» في عرض الكلام تقول: ها إن زيدًا منطلق، وها أفعل كذا.

قال الشاعر:

ونحن اقتسمنا المال نصفين بيننا = فقلتُ لهم هذا لها ها وذا ليا).  [مصابيح المغاني: 506-518]

هيئة الإشراف

#3

12 Oct 2022

قال ابن نور الدين محمد بن علي الموزعي (ت: 825هـ): (باب الواو وما أوله الواو

الواو تنقسم إلى أحد عشر قسمًا:

الأولى: العاطفة، وهي لمطلق الجمع، ولا تدل على ترتيب ولا معية فإذا قلت جاء زيد وعمرو، احتمل أن يكون مجيء عمرو بعد زيد، ويحتمل أن يكون قبله، ويحتمل أن يكون معه، قال ابن مالك: وكونها للمعية راجح وللترتيب كثير ولعكسه قليل.

وقال الفراء، وقطرب، والربعي، وثعلب، وأبو عمر الزاهد، وهشام: تدل على الترتيب، ونسب ذلك إلى الشافعي.

وأكثر الناس على الأول، حتى ادعى السيرافي: أن النحويين واللغويين أجمعوا على أنها لا تفيد الترتيب.

قلت: ولم أعلم أحدًا من أهل اللسان والأصول قال: إنها للمعية إلا ما نقل عن إمام الحرمين في البرهان عن بعض الحنفية، نعم يحتمل الجمع والمعية في حال النفي، فإذا قلت: ما قام زيد وعمرو، احتمل نفي القيام عنها مطلقًا، واحتمل نفي القيام في حال اجتماعهما معًا، فإن أردت أن تخلصه للنفي أتيت بـ «لا» فقلت: ما قام زيد ولا عمرو، ومنه قوله تعالى: {وما أموالكم ولا أولادكم}.

وقولي: مطلق الجمع، أحسن من قول بعضهم: للجمع المطلق، فإنه قيد الجمع بالإطلاق وهو يخرج مثل قوله تعالى: {إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين}، فإن الواو لم تجمع بين الرج والرسالة جمعًا مطلقًا، ولو كان جمعًا مطلقًا لكانا معًا، بل بينهما أربعون سنة، وإنما أفادت مطلق الجمع.

وقد ترد العاطفة بعد ذلك لوجوه ثلاثة:

أحدها: أن تكون بمعنى: مع، كقولك: استوى الماء والخشبة، وجاء البرد والطيالسة، قال الشاعر:

فكنتُ وإياها كحران لم يفق = عن الماء إذ لاقاه حتى تقددا

أي معها، ويلزم نصب الاسم المعطوف وحمل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: «بعثت والساعة كهاتين» وأشار إلى السبابة والإبهام.

الثاني: أن تكون بمعنى أو، إمَّا في التخيير أو في التقسيم أو في الإباحة، فأما التخيير فقاله بعضهم، وحمل عليه قوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}، المعنى: أو ثلاث أو رباع، وقال الشاعر:

وقالوا نأت فاختر لها الصبر والبكا

قال: معناه: أو البكا؛ إذ لا يجتمع مع الصبر، وأجاب من رده: بأنه يحتمل أن يكون الأصل: فاختر من الصبر والبكا أحدهما، ثم حذف «من» كما في: {واختار موسى قومه}، ويؤيده أن أبا علي القالي رواه: بـ «من».

وأما التقسيم، فممن ذكره ابن مالك في التحفة، كقولك: الكلمة: اسم وفعل وحرف، وكقوله:

كما الناس مجروم عليه وجارم

قال ابن هشام: والصواب أنها في ذلك على معناها الأصلي؛ إذ الأنواع مجتمعة في الدخول تحت الجنس.

وأما الإباحة، فقاله الزمخشري، وزعم أنه يقال: جالس الحسن وابن سيرين أي أحدهما، وأنه لهذا قيل: {تلك عشرة كاملة}، بعد ذكر ثلاثة وسبعة لئلا يتوهم متوهم إرادة التخيير}، وهذا فيه بعد.

الثالث: أن تكون بمعنى الباء، كقولهم: متى أنت وبلادي؟ والمعنى: متى عهدك ببلادك؟ وكقولك: بعت الشاء شاة ودرهم، والمعنى: شاة بدرهم إلا أنك لما عطفته على المرفوع ارتفع بالعطف عليه.

الثانية: واو الاستئناف، فيرتفع ما بعدها على الاستئناف، كقوله تعالى: {لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء}، وكقوله تعالى: {واتقوا الله ويعلمكم الله}، ونحو: لا تأكل السمك وتشرب اللبن، إذا رفعت: تشرب ومنه قول الشاعر:

على الحكم المأتي يومًا إذا قضى = قضيته ألا يجور ويقصدُ

الثالثة: واو الحال، ويرتفع ما بعدها على الابتداء، وبعضهم يسميها واو الابتداء؛ لأن ما بعدها مبتدأ، والأقدمون يقدرونها بـ «إذ».

قال ابن هشام: ولا يريدون أنها بمعنى إذ؛ لئلا يرادف الحرف الاسم، بل إنها وما بعدها قيد للفعل السابق، كما أن إذ كذلك.

قلت: ويدل له كلام سيبويه فإنه قال: الواو ها هنا في موضع إذ، ولم يكن في معنى إذ، وذلك كقوله تعالى: {وطائفةٌ قد أهمتهم أنفسهم}.

وقول الشاعر:

بأيدي رجالٍ لم يشيموا سيوفهم = ولم تكثر القتلى بها حين سُلت

ولو قدرت عاطفة لانقلب المدح ذمًا.

ووهم مكي وأبو البقاء فقالا في الآية: الواو للحال، وقيل: بمعنى إذ.

وزاد مكي: وقيل للابتداء، والثلاثة كلها بمعنى واحد.

الرابعة: واو الصرف، وهي الناصبة للفعل المضارع المعطوف على اسم قبله، كقول الشاعر:

للبس عباءة وتقر عيني = أحب إلي من لبس الشفوف

وقوله تعالى: {ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين}، وسماها الكوفيون واو الصرف: لصرفها المضارع عن جهة الأول.

والنصب بأن مضمرة بعدها لا بها عند البصريين خلافًا للكوفيين.

الخامسة: واو القسم، وينجر الاسم بعدها، كقوله تعالى: {والليل إذا يغشى}.

السادسة: وا ورب، وينجر الاسم بعدها أيضًا كقول امرئ القيس:

ومثلك حُبلى قد طرقت ومرضعا = فألهيتها عن ذم تمائم محول

السابعة: الزائدة المقحمة، كقوله تعالى: {فاضرب به ولا تحنث}، أي: اضرب به لا تحنث، وهو أجود من حمله على النهي، وكقوله تعالى: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه من تأويل الأحاديث}.

أثبتها الكوفيون والأخفش وجماعة، قال الأصمعي: قلت لأبي عمرو: قولهم: ربنا ولك الحمد، فقال: يقول الرجل للرجل: بعني هذا الثوب فيقول: هو لك، وأظنه أراد: هو لك، انتهى.

وحمل على ذلك قوله تعالى: {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} بدليل الآية الأخرى، وقيل: هي عاطفة، والزائدة الواو في {وقال لهم خزنتها}، وقيل: هما عاطفتان، والجواب محذوف، أي: كان كيت وكيت، وكذا البحث في قوله تعالى: {فلما أسلما وتله للجبين وناديناه} وقوله تعالى: {فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابت الجب}، ومن ذلك قول امرئ القيس:

فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى = بنا بطن خبت ذي قفافٍ عقنقل

الواو مقحمة في قوله: وانتحى، والتقدير: فلما أجزنا ساحة الحي انتحى بنا فيكون جواب: فلما.

وكان أبو العباس محمد بن يزيد، ينكر أن يكون الشيء زائدًا مقحمًا لغير معنى في شيء من الكلام، ويقدر الجواب محذوفًا في الآيات وفي بيت امرئ القيس.

وقال أبو عبيدة: هو نسق، والجواب في قوله: هصرت، في البيت الثاني وهو:

هصرتُ بفودي رأسها فتمايلت = علي هضيم الكشح ريّا المخلخل

وأنشد الفراء:

حتى إذا امتلأت بطونكم = ورأيتم أبناءكم شبوا

وقلبتم ظهر المجن لنا = إن اللئيم الفاجر الخب

قلبتم: جواب حتى وأنشد الأخفش:

فإذا وذلك يا كبيشةُ لم يكن = إلا كلمة حالمٍ بخيال

والثامنة: واو الثمانية، قال ابن هشام: ذكرها جماعة من الأدباء كالحريري ومن النحويين كابن خالويه، ومن المفسرين كالثعلبي، وزعموا أن العرب إذا عدوا قالوا: ستة، سبعة، وثمانية، إيذانًا بأن السبعة عدد تام وأن ما بعدها عدد مستأنف، واستدلوا على ذلك بآيات من القرآن الكريم.

احداهن: قوله تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم} إلى قوله تعالى: {وثامنهم كلبهم}.

الثانية: قال في آية النار: {فُتحت}؛ لأن أبوابها سبعة، وفي الجنة: {وفتحت}؛ لأن أبوابها ثمانية.

الثالثة: قوله تعالى: {والناهون عن المنكر}؛ لأنه الوصف الثامن.

الرابعة: قوله تعالى: {وأبكارًا} في آية التحريم؛ لأنه الوصف الثامن.

ورد هذه وأنكرها وأجاب عن الآيات بجوابات جيدة.

أما الآية الأولى فقيل: الواو لعطف جملة على جملة؛ إذ التقدير: هم سبعة، ثم اختلف فقيل: الجميع كلامهم، وقيل: العطف من كلام الله تعالى، والمعنى: نعم هم سبعة وثامنهم كلبهم، وأن هذا تصديق لهذه المقالة، كما أن {رجمًا بالغيب} تكذيب لتلك المقالة، ويؤيده قول ابن عباس رضي الله عنهما: «حين جاءت الواو انقطعت العدة» أي: لم تبق عدة يلتفت إليها.

وأما الآية الثانية: فلا دليل فيها؛ إذ ليس فيها ذكر عدد البتة وإنما فيها ذكر الأبواب، وهي جمع لا يدل على عدد خاص، ثم الواو ليست داخلة عليه، بل على جملة هو فيها، وقد مر أن الواو في: {وفتحت} مقحمة عند قوم وعاطفة عند آخرين، وقيل: هي واو الحال، أي: جاءوها مفتحة أبوابها كما جاء في {جنات عدنٍ مفتحةً لهم الأبواب}، وهذا قول المبرد والفارسي وجماعة.

ويحتمل عندي أنها الواو الزائدة المؤكدة للوصف الثابت كقوله تعالى: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتابٌ معلوم}، قيل: وإنما فتحت لهم قبل مجيئهم إكرامًا لهم عن أن يقفوا حتى تفتح.

وأما الثالثة: فالظاهر أن العطف في هذا الوصف لخصوصية إنما كان من جهة أن الأمر والنهي من حيث هما متقابلان بخلاف بقية الصفات، أو لأن الآمر بالمعروف ناه عن المنكر، وهو ترك المعروف، والناهي عن المنكر آمر بالمعروف، فأشير إلى الاعتداد بكل من الوصفين وأنه لا يكتفى فيه بما يحصل في ضمن الآخر لدلالة الواو على المغايرة.

وأما الرابعة: فالصواب أن هذه الواو وقعت بين صفتين هما تقسيم لمن اشتمل على جميع الصفات السابقة، فلا يصح إسقاطها؛ إذ لا تجتمع الثيوبة والبكارة، وواو الثمانية عند القائل بها صالحة للسقوط، ثم إن {أبكارًا} صفة تاسعة لا ثامنة؛ إذ أول الصفات: {خيرًا منكن} لا مسلمات.

فإن أجاب بأن مسلمات وما بعده تفصيل لـ {خيرًا منكن}، فلم تعد قسمة لها.

قلنا: وكذلك {ثيباتٍ وأبكارًا} تفصيل للصفات السابقة فلا نعدهما معهن.

التاسعة: الواو الداخلة على الجملة الموصوف بها لتأكيد لصوقها بموصوفها وإفادة أن اتصافه بها أمر ثابت.

وهذه الواو أثبتها أبو الحسن الهروي والزمخشري، كقولك: ما رأيت أحدًا إلا وعليه ثياب حسنة، وإن شئت قلت: إلا عليه ثياب حسنة، وكقول الله سبحانه: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتابٌ معلوم}.

وفي موضع آخر: {وما أهلكنا من قرية إلا ولها منذرون}، وقال الشاعر:

إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن = سراجٌ لها إلا ووجهك أنور

فجاء بالواو، وقال آخر:

وما مس كفي من يدٍ طاب ريحها = من الناس إلا ريح كفك أطيب

فحذف الواو.

ورد هذا ابن هشام وزعم أنها واو الحال.

وليس كما زعم فبينهما فرق بيّن، فواو الحال لا يحسن سقوطها فلا تقول: جئتك الشمس طالعة ولا يجوز {يغشى طائفةً منكم وطائفة قد أهمتهم}، بخلاف هذه فإن لك أن تسقطها، والمعنى باقٍ مستقيم والله أعلم.

العاشرة: واو ضمير المذكور من الجمع السالم المرفوع، كالزيدون قاموا، وهي اسم، وقال المازني: حرف والفاعل مستتر، وتختص بجميع العقلاء، وقد تستعمل لغيرهم إذا نزلوا منزلتهم قول الله تعالى: {يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم}، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم في الهرة: «إنها من الطوافين عليكم والطوافات».

الحادية عشرة: واو علامة المذكورين في لغة طيء، أو أزد شنؤة، أو بلحارث، قال الشاعر:

يلومونني في اشتراء النخيل أهلي وكلهم ألوم

ومنه الحديث: «يتعاقبون فيكم ملائة بالليل وملائكة بالنهار».

وهي عند سيبويه: حرف دال على الجماعة، كما أن التاء في قامت حرف دال على التأنيث، وقيل: هي اسم مرفوع على الفاعلية، ثم قيل ما بعده بدل منه، وقيل: مبتدأ والجملة خبر مقدم.

وهذا أمر مردود بنقل الأئمة أن ذلك لغة لقوم معينين، والبدل وتقديم الخبر لا يختص بالقوم المعينين).  [مصابيح المغاني: 519-534]

هيئة الإشراف

#4

12 Oct 2022

قال ابن نور الدين محمد بن علي الموزعي (ت: 825هـ): ( (فصل)

ويك: كلمة قيل معناها: ويحك، وقيل: معناها، ويلك.

وضعف هذان القولان بأنه كان يجب كسر الهمزة من «أن» كما يقال: ويلك إنّه وويحك إنّه.

واحتج بأن المعنى: ويك اعلم أنه لا يفلح الكافرون، وضعف لحذف اللام من ويلك وحذف اعلم، فمثل هذا لا يحذف؛ لأنه لا يعرف معناه.

وقيل: بانتصابها بفعل مضمر قبل أن، ثم قيل: معناها: إنها كلمة يقولها المتندم إذا أنبته على ما كان منه، فهي على هذا مفصولة كأنه قال: (وي كأنه لا يفلح الكافرون)، وقال الكسائي: معناها: ألم تر كيف، وقال بعضهم: وي: اسم فعل والكاف حرف خطاب ونصب «أن» على إضمار اللام من الآية، والحاصل من الأقوال: أن الكاف حرف خطاب، إلا على معنى التندم فإنها مفصولة، وقال الخليل: - وي مفصولة وحدها كما قال زيد بن عمرو بن نفيل:

وي كأن من يكن له نشبٌ يحبب = ومن يفتقر يعش عيش ضُرّ

وكأن: للتحقيق كما قال:

كأنني حين أمسي لا تكلمني = متيم يشتهي ما ليس موجودًا

أي: أنا حين أمسي، وكأن للتشبيه، والكسائي يقول في الآية والبيت: هو ويك أدخل عليه «أن» ومعناها: ألم تر كيف، ما تقدم.


(فصل)

وا: على وجهين:

أحدهما: أن تكون حرف نداء مختصًا بباب الندبة نحو: وازيداه، أجاز بعضهم استعماله في النداء الحقيقي.

الثاني: أن تكون اسمًا لأعجب، كقوله:

وا بأبي أنت وفوكا لأشنب

كأنما ذُر عليه الزرنبُ

أو زنجبيل طيبٌ مطيبُ. 


(فصل)

واها: اسم تعجب أيضًا، تقول إذا تعجبت من طيب الشيء: واها ما أطيبه، قال أبو النجم:

واها لريا ثم واهًا واها = هي المنى لو أننا نلناها

وأما ويهًا: فتكون للإغراء، فإذا أغريته بالشيء قلت: ويهًا يا فلان، وهو تحريض كما يقال: دونك يا فلان، قال الكميت:

وجاءت حوادث في مثلها = يُقال لمثلي ويهًا فُلُ.


باب الألف اللينة

وتأتي على سبعة أوجه:

الأول: تكون ضميرًا للاثنين، كقولك: الزيدان قاما.

الثاني: تكون علامة للاثنين في لغة طيء أو أزد شنوءة، قال الشاعر:

تولى قتال المارقين بنفسه = وقد اسلماه مبعد وحميم

وقال آخر:

ألفيتا عيناك عند القفا = أولى فأولى لك ذا واقيه

وقال آخر:

ذريني للغنى أسعى فإني = رأيت الناس شرهم الفقير

وأحقرهم وأهونهم عليه = وإن كانا له نسبٌ وخيرُ

الثالث: تكون كافة كقول الشاعر:

فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا = إذا نحن فيهم سوقةٌ نتنصف

وقيل: الألف بعض ما الكافة، وقيل: ألف إشباع وبين مضافة إلى الجملة.

الرابعة: تكون فاصلة بين الهمزتين نحو: {أأنذرتهم}.

الخامس: تكون فاصلة بين نون النسوة وبين نون التوكيد، نحو: اضربنان.

السادس: تكون لمد الصوت بالمنادى المستغاث، أو المتعجب منه، أو المندوب، فالأول كقول الشاعر:

يا يزيدًا لآملٍ نيل عزّ = وغنًى بعد فاقةٍ وهوانِ

والثاني: كقول الشاعر:

يا عجبا لهذه الفليقه = هل تذهبن القوباء الريقه

والثالث: كقول الشاعر:

حُمِّلت أمرًا عظيمًا فاصطبرت له = وقمت فيه بأمر الله يا عمرا

وكقول الآخر:

فيا راكبًا إمَّا عرضت فبلغن = نداماي من نجران ألا تلاقيا

وقال أبو عبيدة: فيا راكباه للندبة، فحذف الهاء كقوله تعالى: {يا أسفا على يوسف}، ولا يجوز التنوين إن قصد بالنداء راكبًا بعينه.

السابع: تكون بدلًا من نون ساكنة، وهي إمَّا نون التوكيد أو تنوين المنصوب فالأول: كقوله تعالى: {لنسفعًا}، {وليكونًا}، وكقول الشاعر:

فإياك والميتات لا تعبدنها = ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا

والثاني: كقولك: رأيت زيدًا، تبدل ألفًا في الوقف في أشهر اللغات وأكثرها وربيعة لا تقف بالتنوين في الأحوال كلها.


باب الياء وما أوله الياء

الياء المفردة تكون ضميرًا للمؤنثة نحو «تقومين»، و«قومي»  وقال الأخفش والمازني: هي حرف تأنيث والفاعل مستتر.


(فصل)

يا: حرف موضوع لنداء البعيد، أو ما نزل منزلة البعيد من نائم أو ساه، وقد ينادى بها القريب توكيدًا، وقيل: هي مشتركة بين القريب والبعيد، فإن قيل: فالله سبحانه قريب يجيب دعوة الداع إذا دعاه، وهو يختص بـ «يا» التي لنداء البعيد، قلنا: ذلك ... تبعيد لنفسه واستقصار لها، أو تفخيم أو تعظيم لله جل جلاله لبعده عن صفات المخلوقين في التعالي والعظمة وسائر الصفات.

وهي أكثر حروف النداء استعمالًا، ولهذا لا يقدر عند حذف حرف النداء سواها نحو: {يوسف أعرض عن هذا}، وتتعين وحدها في نداء اسم الله والاسم المستغاث، وأيها، وأيتها، وتتعين هي و«وا» في المندوب.

وقد تكون «يا» كلمة تعجب كقول طرفة وكان يصطاد في صباه القبر وهو طائر:

يا لك من قبرةٍ بمعمر = خلا لك الجو فبيضي واصفري

وقول الشاعر:

يا بأبي أنت وفوك الأشنب

على روايته بالياء.

وإذا وليها ما ليس بمنادى كالفعل نحو قوله تعالى: (ألا يا اسجدوا).

وقول ذي الرمة:

ألا يا اسلمي يا دارمي على البلى = ولا زال منهلًا بجرعائك القطر

وكالحرف في نحو: {يا ليتني كنت معهم}، وقوله صلى الله عليه وسلم: «يا رب كاسية في الدنيا عارية في القيامة»، وكالجملة الاسمية نحو قول الشاعر:

يا لعنة الله والأقوام كلهم = والصالحين على سمعان من جار.

فقيل: للنداء والمنادى محذوف، واكتفى بحرف النداء، كما حذفت حرف النداء اكتفاء بالمنادى في قوله عز وجل{ يوسف أعرض عن هذا}؛ إذ كان المراد معلومًا.

وقيل: إن «يا» للتنبيه لئلا يلزم الإجحاف بحذف الجملة كلها.

وقال ابن مالك: إن وليها دعاء كالبيت المذكور أو أمر نحو: (ألا يا اسجدوا)، فهي للنداء، لكثرة وقوع النداء قبلها، نحو: {يا آدم اسكن}، و{يا نوح اهبط بسلامٍ منا}، ونحو: {يا مالك ليقض علينا ربك}، وإلا فهي للتنبيه، ومتى كانت للتنبيه سقطت الألف التي في فعل الأمر لأنها ألف وصل، ثم تحذف الألف التي في «يا» لالتقاء الساكنين كقول ذي الرمة:

ألا يا اسلمي يا دارمي على البلى = ولا زال منهلًا بجرعائك القطر

والله تعالى أعلم.

قال مصنفه رحمه الله: فرغت منه نصف النهار الرابع والعشرين من ربيع الآخر سنة 855هـ وذلك بقرية موزع عمرها الله بالدين والدنيا، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وسلم).  [مصابيح المغاني: 534-546]