14 Sep 2014
تفسير قوله تعالى: {فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) }
تفسير قوله تعالى: (فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (15) )
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (يخبرُ تعالَى عنْ طبيعةِ الإنسانِ منْ حيثُ هوَ،وأنَّهُ جاهلٌ ظالمٌ، لا علمَ لهُ بالعواقبِ، يظنُ الحالةَ التي تقعُ فيهِ تستمرُ ولا تزولُ، ويظنُّ أنَّ إكرامَ اللهِ في الدنيا وإنعامَهُ عليه يدلُّ على كرامتهِ عندهُ وقربه منهُ). [تيسير الكريم الرحمن: 923]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (15-{فَأَمَّا الإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلاَهُ رَبُّهُ}: امْتَحَنَهُ وَاخْتَبَرَهُ بالنِّعَمِ، {فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ}؛ أَيْ: أَكْرَمَهُ بِالْمَالِ وَوَسَّعَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ، {فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ}: اعْتَقَدَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الكَرامةُ؛ فَرَحاً بِمَا نَالَ، وَسُرُوراً بِمَا أُعْطِيَ غَيْرَ شَاكِرٍ لِلَّهِ عَلَى ذَلِكَ، وَلا خَاطِرٍ بِبَالِهِ أَنَّ ذَلِكَ امْتِحَانٌ لَهُ مِنْ رَبِّهِ). [زبدة التفسير: 593]
تفسير قوله تعالى: (وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ (16) )
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (يخبرُ تعالَى عنْ طبيعةِ الإنسانِ منْ حيثُ هوَ،وأنَّهُ جاهلٌ ظالمٌ، لا علمَ لهُ بالعواقبِ، يظنُ الحالةَ التي تقعُ فيهِ تستمرُ ولا تزولُ، ويظنُّ أنَّ إكرامَ اللهِ في الدنيا وإنعامَهُ عليه يدلُّ على كرامتهِ عندهُ وقربه منهُ، وأنَّهُ إذا {قَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} أي: ضيَّقهُ، فصارَ بقدرِ قوتهِ لا يفضلُ منهُ، أن هذا إهانةٌ منَ اللهِ لهُ). [تيسير الكريم الرحمن: 923-924]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (فردَّ اللهُ عليهِ هذا الحسبانَ: بقولهِ: {كَلاَّ} أي: ليسَ كلُّ منْ نعَّمْتُهُ في الدنيا فهوَ كريمٌ عليَّ، ولا كلُّ مَنْ قدَرتُ عليهِ رزقهُ فهوَ مهانٌ لديَّ، وإنَّمَا الغنى والفقرُ، والسعةُ والضيقُ ابتلاءٌ منَ اللهِ، وامتحانٌ يمتحنُ بهِ العبادَ، ليرى مَنْ يقومُ لهُ بالشكرِ والصبرِ، فيثيبُهُ على ذلكَ الثوابَ الجزيلَ، ممنْ ليسَ كذلكَ فينقلهُ إلى العذابِ الوبيلِ.
وأيضاً فإنَّ وقوفَ همّةِ العبدِ عندَ مرادِ نفسهِ فقطْ، منْ ضعفِ الهمةِ، ولهذا لامَهمُ اللهُ على عدمِ اهتمامِهمْ بأحوالِ الخلقِ المحتاجينَ، فقالَ: {كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} الذي فقدَ أباهُ وكاسبَهُ، واحتاجَ إلى جبرِ خاطرهِ والإحسانِ إليهِ.
فأنتمْ لا تكرمونهُ بلْ تهينونَهُ، وهذا يدلُّ علَى عدمِ الرحمةِ في قلوبكمْ، وعدمِ الرغبةِ في الخيرِ). [تيسير الكريم الرحمن: 924]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (16-{وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاَهُ}؛أَي: اخْتَبَرَهُ وَامْتَحَنَهُ، {فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ}؛ أَيْ: ضَيَّقَهُ وَلَمْ يُوَسِّعْهُ لَهُ، وَلا بَسَطَ لَهُ فِيهِ، {فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ}؛ أَيْ: أَوْلانِي هَوَاناً،وَهَذِهِ صِفَةُ الْكَافِرِ الَّذِي لا يُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ؛لأَنَّهُ لا كَرَامَةَ عِنْدَهُ إِلاَّ الدُّنْيَا والتَّوَسُّعُ فِي مَتَاعِهَا، وَلا إِهَانَةَ عِنْدَهُ إِلاَّ فَوْتُهَا وَعَدَمُ وُصُولِهِ إِلَى مَا يُرِيدُ منْ زِينَتِهَا، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فالكرامةُ عِنْدَهُ أَنْ يُكْرِمَهُ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ، وَيُوَفِّقَهُ لِعَمَلِ الآخِرَةِ، والإهانةُ عِنْدَهُ أَلاَّ يُوَفِّقَهُ اللَّهُ للطَّاعَةِ وَعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَيْسَ سَعَةُ الدُّنْيَا كَرَامَةً، وَلَيْسَ ضِيقُهَا إِهَانَةً، وَإِنَّمَا الغِنَى اخْتِبَارٌ للغَنِيِّ هَلْ يَشْكُرُ، وَالفَقْرُ اخْتِبَارٌ لَهُ هَلْ يَصْبِرُ). [زبدة التفسير: 593]
تفسير قوله تعالى: (كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يقول تعالى منكراً على الإنسان في اعتقاده إذا وسّع الله عليه في الرزق؛ ليختبره في ذلك، فيعتقد أن ذلك من الله إكرامٌ له، وليس كذلك، بل هو ابتلاءٌ وامتحانٌ، كما قال تعالى: {أيحسبون أنّما نمدّهم به من مالٍ وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون}.
وكذلك في الجانب الآخر، إذا ابتلاه وامتحنه، وضيّق عليه في الرزق يعتقد أن ذلك من الله إهانةٌ له، قال الله: {كلاّ} أي: ليس الأمر كما زعم، لا في هذا ولا في هذا؛ فإنّ الله يعطي المال من يحبّ ومن لا يحبّ، ويضيّق على من يحبّ ومن لا يحبّ، وإنما المدار في ذلك على طاعة الله في كلٍّ من الحالين، إذا كان غنيًّا بأن يشكر الله على ذلك، وإذا كان فقيراً بأن يصبر.
وقوله: {بل لا تكرمون اليتيم} فيه أمرٌ بالإكرام له، كما جاء في الحديث الذي رواه عبد الله بن المبارك، عن سعيد بن أبي أيّوب، عن يحيى بن سليمان، عن زيد بن أبي عتّابٍ، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ((خير بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يحسن إليه، وشرّ بيتٍ في المسلمين بيتٌ فيه يتيمٌ يساء إليه)). ثمّ قال بأصبعه: ((أنا وكافل اليتيم في الجنّة هكذا)).
وقال أبو داود: حدّثنا محمد بن الصّبّاح بن سفيان، أخبرنا عبد العزيز - يعني: ابن أبي حاتمٍ - حدّثني أبي، عن سهلٍ - يعني: ابن سعدٍ - أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: ((أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة)). وقرن بين أصابعه الوسطى والتي تلي الإبهام). [تفسير القرآن العظيم: 8/398]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (يخبرُ تعالَى عنْ طبيعةِ الإنسانِ منْ حيثُ هوَ،وأنَّهُ جاهلٌ ظالمٌ، لا علمَ لهُ بالعواقبِ، يظنُ الحالةَ التي تقعُ فيهِ تستمرُ ولا تزولُ، ويظنُّ أنَّ إكرامَ اللهِ في الدنيا وإنعامَهُ عليه يدلُّ على كرامتهِ عندهُ وقربه منهُ، وأنَّهُ إذا {قَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ} أي: ضيَّقهُ، فصارَ بقدرِ قوتهِ لا يفضلُ منهُ، أن هذا إهانةٌ منَ اللهِ لهُ). [تيسير الكريم الرحمن: 923-924]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (فردَّ اللهُ عليهِ هذا الحسبانَ: بقولهِ: {كَلاَّ} أي: ليسَ كلُّ منْ نعَّمْتُهُ في الدنيا فهوَ كريمٌ عليَّ، ولا كلُّ مَنْ قدَرتُ عليهِ رزقهُ فهوَ مهانٌ لديَّ، وإنَّمَا الغنى والفقرُ، والسعةُ والضيقُ ابتلاءٌ منَ اللهِ، وامتحانٌ يمتحنُ بهِ العبادَ، ليرى مَنْ يقومُ لهُ بالشكرِ والصبرِ، فيثيبُهُ على ذلكَ الثوابَ الجزيلَ، ممنْ ليسَ كذلكَ فينقلهُ إلى العذابِ الوبيلِ.
وأيضاً فإنَّ وقوفَ همّةِ العبدِ عندَ مرادِ نفسهِ فقطْ، منْ ضعفِ الهمةِ، ولهذا لامَهمُ اللهُ على عدمِ اهتمامِهمْ بأحوالِ الخلقِ المحتاجينَ، فقالَ: {كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} الذي فقدَ أباهُ وكاسبَهُ، واحتاجَ إلى جبرِ خاطرهِ والإحسانِ إليهِ.
فأنتمْ لا تكرمونهُ بلْ تهينونَهُ، وهذا يدلُّ علَى عدمِ الرحمةِ في قلوبكمْ، وعدمِ الرغبةِ في الخيرِ). [تيسير الكريم الرحمن: 924] (م)
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (17-{كَلاَّ}: رَدْعٌ للإنسانِ الْقَائِلِ فِي الحَالَتَيْنِ مَا قَالَ, وَزَجْرٌ لَهُ، {بَلْ لاَ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} بِمَا آتَاكُمُ اللَّهُ مِنَ الغِنَى، وَلَوْ أَكْرَمْتُمُوهُ لَكَانَ ذَلِكَ لَكُمْ كَرَامَةً عِنْدَ اللَّهِ). [زبدة التفسير: 593]
تفسير قوله تعالى: (وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( (ولا تحضّون على طعام المسكين) يعني: لا يأمرون بالإحسان إلى الفقراء والمساكين، ويحثّ بعضهم على بعضٍ في ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 8/399]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}
أي: لا يحضُّ بعضُكمْ بعضاً على إطعامِ المحاويجِ منَ المساكينِ والفقراءِ، وذلكَ لأجلِ الشُّحِّ على الدنيا ومحبتهَا الشديدةِ المتمكنةِ مِنَ القلوبِ، ولهذا قالَ: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ}). [تيسير الكريم الرحمن: 924]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (18-{وَلاَ تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ}؛ أَيْ: لا تَحُضُّونَ أَنْفُسَكُمْ، أَوْ لا يَحُضُّ بَعْضُكُمْ بَعْضاً عَلَى ذَلِكَ، وَلا يَأْمُرُ بِهِ، وَلا يُرْشِدُ إِلَيْهِ، فَيَبْقَى مَغْلُوباً مَقْهُوراً بَيْنَكُمْ، لا تُمَدُّ لَهُ يَدٌ بِعَوْنٍ). [زبدة التفسير: 593]
تفسير قوله تعالى: (وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا لَمًّا (19) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وتأكلون التّراث} يعني: الميراث.
{أكلاً لمًّا} أي: من أيّ جهةٍ حصل لهم، من حلالٍ أو حرامٍ). [تفسير القرآن العظيم: 8/399]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ} أي: المالَ المخلفَ {أَكْلاً لَمًّا} أي: ذريعاً، لا تبقونَ على شيءٍ منهُ). [تيسير الكريم الرحمن: 924]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (19-{وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ}: أَمْوَالَ الْيَتَامَى وَالنِّسَاءِ وَالضُّعَفَاءِ، {أَكْلاً لَمًّا}؛ أَيْ: أَكْلاً شَدِيداً). [زبدة التفسير: 593]
تفسير قوله تعالى: (وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وتحبّون المال حبًّا جمًّا} أي: كثيراً. زاد بعضهم: فاحشاً). [تفسير القرآن العظيم: 8/399]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا}
أي: كثيراً شديداً، وهذا كقولهِ تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى}، {كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الآخِرَةَ}). [تيسير الكريم الرحمن: 924]
* للاستزادة ينظر: هنا