14 Sep 2014
مقدمات تفسير سورة الكافرون
من تفسير ابن كثير وتفسير السعدي وزبدة التفسير للأشقر
أسماء السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (تفسير سورة الكافرون). [تفسير القرآن العظيم: 8/506]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (آخر تفسير سورة: {قل يا أيّها الكافرون}، وللّه الحمد والمنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/508]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (تفسيرُ سورةِ الكافرونَ). [تيسير الكريم الرحمن: 936]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (سُورَةُ الْكَافِرُونَ). [زبدة التفسير: 602]
نزول السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهي مكّيّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/506]
أسباب نزول السورة
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (1، 2 -{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّ الْكُفَّارَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْبُدَ آلِهَتَهُمْ سَنَةً وَيَعْبُدُوا إِلَهَهُ سَنَةً، فَأَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}). [زبدة التفسير: 602]
فضائل السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثبت في صحيح مسلمٍ، عن جابرٍ أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ بهذه السّورة وبـ {قل هو اللّه أحدٌ} في ركعتي الطّواف.
وفي صحيح مسلمٍ من حديث أبي هريرة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ بهما في ركعتي الفجر، وقال الإمام أحمد: حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قرأ في الرّكعتين قبل الفجر والرّكعتين بعد المغرب بضعاً وعشرين مرّةً، أو بضع عشرة مرّةً: {قل يا أيّها الكافرون}، و{قل هو اللّه أحدٌ}.
وقال أحمد أيضاً: حدّثنا محمد بن عبد اللّه بن الزّبير، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر قال: رمقت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أربعاً وعشرين أو خمسةً وعشرين مرّةً، يقرأ في الرّكعتين قبل الفجر والرّكعتين بعد المغرب بـ {قل يا أيّها الكافرون}، و{قل هو اللّه أحدٌ}.
وقال أحمد: حدّثنا أبو أحمد، هو محمد بن عبد اللّه بن الزّبير الزّبيريّ، حدّثنا سفيان، هو الثّوريّ، عن أبي إسحاق، عن مجاهدٍ، عن ابن عمر قال: رمقت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم شهراً، وكان يقرأ في الرّكعتين قبل الفجر: {قل يا أيّها الكافرون}، و{قل هو اللّه أحدٌ}.
وكذا رواه التّرمذيّ وابن ماجه من حديث أبي أحمد الزّبيريّ، وأخرجه النّسائيّ من وجهٍ آخر عن أبي إسحاق به، وقال التّرمذيّ: هذا حديثٌ حسنٌ.
وقد تقدّم في الحديث أنّها تعدل ربع القرآن، {وإذا زلزلت} تعدل ربع القرآن.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا هاشم بن القاسم، حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا أبو إسحاق، عن فروة بن نوفلٍ -هو ابن معاوية- عن أبيه، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال له: ((هل لك في ربيبةٍ لنا تكفلها؟)). قال: أراها زينب، قال: ثمّ جاء فسأله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم عنها، قال: ((ما فعلت الجارية)). قال: تركتها عند أمّها. قال: ((فمجيء ما جاء بك)). قال: جئت لتعلّمني شيئاً أقوله عند منامي. قال: ((اقرأ: {قل يا أيّها الكافرون}. ثمّ نم على خاتمتها؛ فإنّها براءةٌ من الشّرك)). تفرّد به أحمد.
وقال أبو القاسم الطّبرانيّ: حدّثنا أحمد بن عمرٍو القطرانيّ، حدّثنا محمد بن الطّفيل، حدّثنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن جبلة بن حارثة، وهو أخو زيد بن حارثة، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((إذا أويت إلى فراشك فاقرأ: {قل يا أيّها الكافرون} حتّى تمرّ بآخرها؛ فإنّها براءةٌ من الشّرك)).
وقال الإمام أحمد: حدّثنا حجّاجٌ، حدّثنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن فروة بن نوفلٍ، عن الحارث بن جبلة قال: قلت: يا رسول اللّه، علّمني شيئاً أقوله عند منامي. قال: ((إذا أخذت مضجعك من اللّيل فاقرأ: {قل يا أيّها الكافرون}؛ فإنّها براءةٌ من الشّرك)).
وروى الطّبرانيّ من طريق شريكٍ، عن جابرٍ، عن معقل الزّبيديّ، عن عبّاد بن أخضر أو أحمر، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان إذا أخذ مضجعه قرأ: {قل يا أيّها الكافرون} حتّى يختمها). [تفسير القرآن العظيم: 8/506-507]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون، وهي آمرةٌ بالإخلاص فيه؛ فقوله: {قل يا أيّها الكافرون}. شمل كلّ كافرٍ على وجه الأرض، ولكن المواجهون بهذا الخطاب هم كفّار قريشٍ.
وقيل: إنّهم من جهلهم دعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى عبادة أوثانهم سنةً، ويعبدون معبوده سنةً؛ فأنزل اللّه هذه السّورة.
وأمر رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم فيها أن يتبرّأ من دينهم بالكلّيّة؛ فقال: {لا أعبد ما تعبدون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/507]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ بهذهِ السُّورَةِ وَبِـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} فِي رَكْعَتَيِ الطوافِ، وَفِي رَكْعَتَي الفَجْرِ، وَالرَّكْعَتَيْنِ بَعْدَ المغربِ، وَأَوْتَرَ بِـ "سَبِّحْ",و{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ}، وَ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}). [زبدة التفسير: 602]
* للاستزادة ينظر: هنا
تفسير قوله تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)}
تفسير قوله تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (هذه السورة سورة البراءة من العمل الذي يعمله المشركون، وهي آمرةٌ بالإخلاص فيه؛ فقوله: {قل يا أيّها الكافرون}. شمل كلّ كافرٍ على وجه الأرض، ولكن المواجهون بهذا الخطاب هم كفّار قريشٍ.
وقيل: إنّهم من جهلهم دعوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إلى عبادة أوثانهم سنةً، ويعبدون معبوده سنةً؛ فأنزل اللّه هذه السّورة.
وأمر رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم فيها أن يتبرّأ من دينهم بالكلّيّة؛ فقال: {لا أعبد ما تعبدون}). [تفسير القرآن العظيم: 8/507] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (أي: قلْ للكافرينَ معلناً ومصرّحاً {لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}). [تيسير الكريم الرحمن: 936]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (1، 2 -{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ السُّورَةِ أَنَّ الْكُفَّارَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْبُدَ آلِهَتَهُمْ سَنَةً وَيَعْبُدُوا إِلَهَهُ سَنَةً، فَأَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَقُولَ لَهُمْ: {لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}). [زبدة التفسير: 602] (م)
تفسير قوله تعالى: (لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وأمر رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم فيها أن يتبرّأ من دينهم بالكلّيّة؛ فقال: {لا أعبد ما تعبدون} يعني: من الأصنام والأنداد). [تفسير القرآن العظيم: 8/507]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} أي: تبرَّأ ممَا كانوا يعبدونَ منْ دونِ اللهِ، ظاهراً وباطناً). [تيسير الكريم الرحمن: 936]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : ({لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}؛ أَيْ: لا أَفْعَلُ مَا تَطْلُبُونَ مِنِّي مِنْ عِبَادَةِ مَا تَعْبُدُونَ من الأصنامِ؛أَيْ: لَسْتُ الآنَ أَعْبُدُ آلِهَتَكُمْ). [زبدة التفسير: 602]
تفسير قوله تعالى: (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا أنتم عابدون ما أعبد}. وهو اللّه وحده، لا شريك له. فـ"ما" ههنا بمعنى "من".
ثمّ قال: {ولا أنا عابدٌ ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد}. أي: ولا أعبد عبادتكم، أي: لا أسلكها ولا أقتدي بها، وإنّما أعبد اللّه على الوجه الذي يحبّه ويرضاه.
ولهذا قال: {ولا أنتم عابدون ما أعبد}. أي: لا تقتدون بأوامر اللّه وشرعه في عبادته، بل قد اخترعتم شيئاً من تلقاء أنفسكم؛ كما قال: {إن يتّبعون إلاّ الظّنّ وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربّهم الهدى}. فتبرّأ منهم في جميع ما هم فيه؛ فإنّ العابد لابدّ له من معبودٍ يعبده وعبادةٍ يسلكها إليه.
فالرسول صلّى اللّه عليه وسلّم وأتباعه يعبدون اللّه بما شرعه، ولهذا كان كلمة الإسلام: لا إله إلاّ اللّه محمّدٌ رسول اللّه، أي: لا معبود إلاّ اللّه، ولا طريق إليه إلاّ ما جاء به الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم، والمشركون يعبدون غير اللّه عبادةً لم يأذن بها اللّه؛ ولهذا قال لهم الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم: {لكم دينكم ولي دين}.
كما قال تعالى: {وإن كذّبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريءٌ ممّا تعملون}.
وقال: {لنا أعمالنا ولكم أعمالكم}). [تفسير القرآن العظيم: 8/507-508]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} لعدمِ إخلاصكمْ للهِ في عبادتهِ، فعبادتكمْ لهُ المقترنةُ بالشركِ لا تسمى عبادةً، ثمَّ كرَّرَ ذلكَ ليدلَّ الأولُ على عدمِ وجودِ الفعلِ، والثاني على أنَّ ذلكَ قدْ صارَ وصفاً لازماً). [تيسير الكريم الرحمن: 936]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (3- {وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}؛ أَيْ: وَلَسْتُمْ أَنْتُمْ مَا دُمْتُمْ عَلَى شِرْكِكُمْ وَكُفْرِكُمْ عَابِدِينَ اللَّهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ). [زبدة التفسير: 602]
تفسير قوله تعالى: (وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولا أنا عابدٌ ما عبدتم}. نفي قبوله لذلك بالكلّيّة؛ لأنّ النّفي بالجملة الاسميّة آكدٌ، فكأنّه نفى الفعل وكونه قابلاً لذلك، ومعناه: نفي الوقوع ونفي الإمكان الشّرعيّ أيضاً، وهو قولٌ حسنٌ أيضاً، واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/508]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (4-{وَلاَ أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ}؛ أَيْ: فِي مُسْتَقْبَلِ أَيَّامِي وَمَا يَأْتِي مِنْ عُمُرِي، لَنْ أَعْبُدَ شَيْئاً منْ آلِهَتِكُم الَّتِي تَعْبُدُونَهَا). [زبدة التفسير: 602-603]
تفسير قوله تعالى: (وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) )
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَلا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ} لعدمِ إخلاصكمْ للهِ في عبادتهِ، فعبادتكمْ لهُ المقترنةُ بالشركِ لا تسمى عبادةً، ثمَّ كرَّرَ ذلكَ ليدلَّ الأولُ على عدمِ وجودِ الفعلِ، والثاني على أنَّ ذلكَ قدْ صارَ وصفاً لازماً). [تيسير الكريم الرحمن: 936] (م)
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (5-{وَلاَ أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ}؛ أَيْ: لَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ فِي مُسْتَقْبَلِ أَيَّامِكُمْ مَا دُمْتُمْ عَلَى كُفْرِكُمْ وَعِبَادَتِكُمْ للأصنامِ؛ فَإِنَّ عِبَادَةَ الْكَافِرِ بِاللَّهِ والمُشْرِكِ بِهِ مَرْفُوضَةٌ، لا يُعْتَدُّ بِهَا.
وَقِيلَ: فِي الآيَاتِ تَكرارٌ، والغرضُ التأكيدُ؛ لقطعِ أطماعِ الْكُفَّارِ عَنْ أَنْ يُجِيبَهُم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَا سَأَلُوهُ منْ عِبَادَتِهِ آلِهَتَهُمْ). [زبدة التفسير: 603]
تفسير قوله تعالى: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال البخاريّ: يقال: {لكم دينكم} الكفر، {ولي دين} الإسلام، ولم يقل: ديني؛ لأنّ الآيات بالنّون، فحذف الياء كما قال {فهو يهدين}، و{يشفين}). [تفسير القرآن العظيم: 8/508]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقال البخاريّ: يقال: {لكم دينكم} الكفر، {ولي دين} الإسلام، ولم يقل: ديني؛ لأنّ الآيات بالنّون، فحذف الياء كما قال {فهو يهدين}، و{يشفين}.
وقال غيره: {لا أعبد ما تعبدون} الآن، ولا أجيبكم فيما بقي من عمري، {ولا أنتم عابدون ما أعبد}. وهم الذين قالوا: {وليزيدنّ كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربّك طغياناً وكفراً}. انتهى ما ذكره.
ونقل ابن جريرٍ عن بعض أهل العربيّة أنّ ذلك من باب التأكيد؛ كقوله: {فإنّ مع العسر يسراً إنّ مع العسر يسراً}. وكقوله: {لترونّ الجحيم ثمّ لترونّها عين اليقين}. وحكاه بعضهم -كابن الجوزيّ وغيره- عن ابن قتيبة، فاللّه أعلم. فهذه ثلاثة أقوالٍ؛ أوّلها ما ذكرناه أوّلاً
الثاني: ما حكاه البخاريّ وغيره من المفسّرين أنّ المراد: {لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد} في الماضي، {ولا أنا عابدٌ ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد} في المستقبل.
الثالث: أنّ ذلك تأكيدٌ محضٌ.
وثمّ قولٌ رابعٌ نصره أبو العبّاس ابن تيميّة في بعض كتبه، وهو أنّ المراد بقوله: {لا أعبد ما تعبدون}. نفي الفعل؛ لأنّها جملةٌ فعليّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/508]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقد استدلّ الإمام أبو عبد اللّه الشّافعيّ وغيره بهذه الآية الكريمة {لكم دينكم ولي دين} على أنّ الكفر كلّه ملّةٌ واحدةٌ، فورث اليهود من النّصارى وبالعكس، إذا كان بينهما نسبٌ أو سببٌ يتوارث به؛ لأنّ الأديان ماعدا الإسلام كلّها كالشّيء الواحد في البطلان، وذهب أحمد بن حنبلٍ ومن وافقه إلى عدم توريث النّصارى من اليهود وبالعكس؛ لحديث عمرو بن شعيبٍ، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((لا يتوارث أهل ملّتين شتّى)) ). [تفسير القرآن العظيم: 8/508]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ولهذا ميَّزَ بينَ الفريقينِ، وفصلَ بينَ الطائفتينِ، فقالَ: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} كمَا قالَ تعالى: {قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ} {أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ}). [تيسير الكريم الرحمن: 936]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (6-{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}؛ أَيْ: إِنْ رَضِيتُمْ بِدِينِكُمْ فَقَدْ رَضِيتُ بِدِينِي، وَإِنَّ دِينَكُمُ الَّذِي هُوَ الإشراكُ لَكُمْ لا يَتَجَاوَزُكُمْ إِلَيَّ، وَدِينِي الَّذِي هُوَ التَّوْحِيدُ مَقْصُورٌ عَلَيَّ، لا يَتَجَاوَزُنِي إِلَى الحصولِ لَكُمْ). [زبدة التفسير: 603]
* للاستزادة ينظر: هنا