7 Sep 2014
مقدمات تفسير سورة المطففين
من تفسير ابن كثير وتفسير السعدي وزبدة التفسير للأشقر
أسماء السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (تفسير سورة المطفّفين). [تفسير القرآن العظيم: 8/346]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (آخر تفسير سورة المطفّفين، وللّه الحمد والمنّة). [تفسير القرآن العظيم: 8/354]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (تفسيرُ سورة المطففين). [تيسير الكريم الرحمن: 915]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (سورة المطففين). [زبدة التفسير: 587]
نزول السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهي مدنيّةٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/346]
أسباب نزول السورة
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال النّسائيّ وابن ماجه: أخبرنا محمّد بن عقيلٍ، زاد ابن ماجه وعبد الرّحمن بن بشرٍ قالا: حدّثنا عليّ بن الحسين بن واقدٍ، حدّثني أبي، عن يزيد، هو ابن أبي سعيدٍ النّحويّ مولى قريشٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ قال: لمّا قدم نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم المدينة كانوا من أخبث النّاس كيلاً؛ فأنزل اللّه: {ويلٌ للمطفّفين}. فحسّنوا الكيل بعد ذلك.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا جعفر بن النّضر بن حمّادٍ، حدّثنا محمّد بن عبيدٍ، عن الأعمش، عن عمرو بن مرّة، عن عبد اللّه بن الحارث، عن هلال بن طلقٍ، قال: بينا أنا أسير مع ابن عمر فقلت: من أحسن هيئةً وأوفاه كيلاً، أهل مكّة والمدينة؟ قال: حقّ لهم. أما سمعت اللّه يقول: {ويلٌ للمطفّفين}.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو السّائب، حدّثنا ابن فضيلٍ، عن ضرارٍ، عن عبد اللّه المكتب، عن رجلٍ، عن عبد اللّه قال: قال له رجلٌ: يا أبا عبد الرّحمن، إنّ أهل المدينة ليوفون الكيل.
قال: وما يمنعهم أن يوفوا الكيل وقد قال اللّه: {ويلٌ للمطفّفين}. حتّى بلغ: {يوم يقوم النّاس لربّ العالمين}). [تفسير القرآن العظيم: 8/346]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ كَانُوا مِن أَخْبَثِ النَّاسِ كَيْلاً؛ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} فَأَحْسَنُوا الكيلَ بَعْدَ ذَلِكَ). [زبدة التفسير: 587]
* للاستزادة ينظر: هنا
تفسير قوله تعالى: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) }
تفسير قوله تعالى: (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (فالمراد بالتّطفيف ههنا البخس في المكيال والميزان؛ إمّا بالازدياد إن اقتضى من النّاس، وإمّا بالنّقصان إن قضاهم، ولهذا فسّر تعالى المطفّفين الّذين وعدهم بالخسار والهلاك وهو الويل بقوله: {الّذين إذا اكتالوا على النّاس}). [تفسير القرآن العظيم: 8/346]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَيْلٌ} كلمةُ عذابٍ ووعيدٍ {لِلْمُطَفِّفِينَ} وفسَّرَ اللهُ المطففينَ بقولهِ {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ} ). [تيسير الكريم الرحمن: 915]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (1- {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ} التَّطْفِيفُ: الأَخْذُ فِي الكَيْلِ أَو الوزنِ شَيْئاً طَفِيفاً؛ أَيْ: نَزْراً حَقِيراً، فَالْمُطَفِّفُ هُوَ المُقَلِّلُ حَقَّ صَاحِبِهِ بِنُقْصَانِهِ عَن الْحَقِّ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ. وَرُبَّمَا كَانَ لأَحَدِهِمْ صَاعَانِ يَكِيلُ لِلنَّاسِ بِأَحَدِهِمَا، وَيَكْتَالُ لِنَفْسِهِ بالآخَرِ). [زبدة التفسير: 587]
تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ (2) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({الّذين إذا اكتالوا على النّاس}. أي: من النّاس، {يستوفون}. أي: يأخذون حقّهم بالوافي والزّائد). [تفسير القرآن العظيم: 8/346]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ} أي: أخذوا منهمْ وفاءً عمَّا ثبتَ لهمْ قِبلَهمْ يستوفونَهُ كاملاً من غيرِ نقصٍ). [تيسير الكريم الرحمن: 915]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (2-{الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ}؛ يَعْنِي: الَّذِينَ إِذَا اشْتَرَوْا لأَنْفُسِهِم اسْتَوْفَوْا فِي الكيلِ والوزنِ). [زبدة التفسير: 587]
تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (3) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} أي: ينقصون.
والأحسن أن يجعل (كالوا) و(وزنوا) متعدّياً، ويكون (هم) في محلّ نصبٍ، ومنهم من يجعلها ضميراً مؤكّداً للمستتر في قوله: (كالوا) و(وزنوا)، ويحذف المفعول لدلالة الكلام عليه، وكلاهما متقاربٌ، وقد أمر اللّه تعالى بالوفاء في الكيل والميزان، فقال: {وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خيرٌ وأحسن تأويلاً}.
وقال: {وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلّف نفساً إلاّ وسعها}.
وقال: {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان}. وأهلك اللّه قوم شعيبٍ وذمّهم على ما كانوا يبخسون النّاس في المكيال والميزان). [تفسير القرآن العظيم: 8/346-347]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ}أي: إذا أعطوا الناسَ حقَّهمْ الذي للناسِ عليهم بكيلٍ أو وزنٍ، {يَخْسِرُونَ} أي: ينقصونهم ذلكَ، إما بمكيالٍ وميزانٍ ناقصينِ، أو بعدمِ ملءِ المكيالِ والميزانِ، أو نحوَ ذلكَ، فهذا سرقةٌ الناّسِ، وعدمُ إنصافٍ منهمْ.
وإذا كانَ هذا الوعيدُ على الذينَ يبخسونَ الناسَ بالمكيالِ والميزانِ، فالذي يأخذُ أموالهمْ قهراً أو سرقةً، أولى بهذا الوعيدِ منَ المطففينَ.
ودلتِ الآيةُ الكريمةُ، على أنَّ الإنسانَ كما يأخذُ من الناسِ الذي لهُ، يجبُ عليهِ أنْ يعطيهمْ كلَّ ما لهمْ منَ الأموالِ والمعاملاتِ، بلْ يدخلُ في الحججُ والمقالاتُ، فإنَّهُ كما أنَّ المتناظرينِ قدْ جرتِ العادةُ أنَّ كلَّ واحدٍ يحرصُ على ما لهُ منَ الحججِ، فيجبُ عليهِ أيضاً أن يبيِّنَ ما لخصمهِ منَ الحججِ ، وأنْ ينظرَ في أدلةِ خصمهِ كما ينظرُ في أدلتهِ هوَ، وفي هذا الموضعِ يعرفُ إنصافُ الإنسانِ من تعصبهِ واعتسافهِ، وتواضعهُ من كبرهِ، وعقلهُ من سفههِ، نسألُ اللهَ التوفيقَ لكلِّ خيرٍ). [تيسير الكريم الرحمن: 915]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (3-{وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ}؛ أَيْ: وَإِذَا كَالُوا لِغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ يُنْقِصُونَ الكَيْلَ، وَإِذَا وَزَنُوا لِغَيْرِهِمْ مِنَ النَّاسِ يُنْقِصُونَ الوَزْنَ). [زبدة التفسير: 587]
تفسير قوله تعالى: (أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال اللّه متوعّداً لهم: {ألا يظنّ أولئك أنّهم مبعوثون ليومٍ عظيمٍ}. أي: أما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السّرائر والضّمائر في يومٍ عظيم الهول كثير الفزع جليل الخطب من خسر فيه أدخل ناراً حاميةً؟!). [تفسير القرآن العظيم: 8/347]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ثمَّ وعدَ تعالى المطففينَ، وتعجَّبَ من حالهم وإقامتهم على ما همْ عليهِ، فقالَ: {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} فالذي جرَّأهُمْ على التطفيفِ عدمُ إيمانهمْ باليومِ الآخرِ، وإلا فلو آمنُوا بهِ وعرفُوا أنَّهمْ يقومونَ بينَ يدي اللهِ، يحاسبهمْ على القليلِ والكثيرِ، لأقلعوا عنْ ذلكَ وتابُوا منهُ). [تيسير الكريم الرحمن: 915]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (4-{أَلاَ يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ}؛ الْمَعْنَى: أَنَّهُمْ لاَ يُخْطِرُونَ بِبَالِهِمْ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ فَمَسْؤُولُونَ عَمَّا يَفْعَلُونَ، فَهَلاَّ ظَنُّوهُ حَتَّى يَتَدَبَّرُوا فِيهِ وَيَبْحَثُوا عَنْهُ، وَيَتْرُكُوا مَا يَخْشَوْنَ منْ عَاقِبَتِهِ). [زبدة التفسير: 587]
تفسير قوله تعالى: (لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال اللّه متوعّداً لهم: {ألا يظنّ أولئك أنّهم مبعوثون ليومٍ عظيمٍ}. أي: أما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السّرائر والضّمائر في يومٍ عظيم الهول كثير الفزع جليل الخطب من خسر فيه أدخل ناراً حاميةً؟!). [تفسير القرآن العظيم: 8/347] (م)
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (5-{لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، فَهُوَ عَظِيمٌ لِمَا فِيهِ من الأُمُورِ العِظَامِ، مِن الْبَعْثِ والحسابِ والعقابِ، ودخولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، وَأَهْلِ النَّارِ النَّارَ). [زبدة التفسير: 587]
تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {يوم يقوم النّاس لربّ العالمين}. أي: يوم يقومون حفاةً عراةً غرلاً في موقفٍ صعبٍ حرجٍ ضيّقٍ ضنكٍ على المجرم، ويغشاهم من أمر اللّه ما تعجز القوى والحواسّ عنه.
قال الإمام مالكٌ عن نافعٍ، عن ابن عمر، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: (({يوم يقوم النّاس لربّ العالمين} حتّى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه)). رواه البخاريّ من حديث مالكٍ وعبد اللّه بن عونٍ، كلاهما عن نافعٍ به، ورواه مسلمٌ من الطّريقين أيضاً، وكذلك رواه أيّوب وصالح بن كيسان وعبد اللّه وعبيد اللّه ابنا عمر ومحمّد بن إسحاق، عن نافعٍ، عن ابن عمر به.
ولفظ الإمام أحمد: حدّثنا يزيد، أخبرنا ابن إسحاق، عن نافعٍ، عن ابن عمر سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: (({يوم يقوم النّاس لربّ العالمين}: لعظمة الرّحمن عزّ وجلّ يوم القيامة حتّى إنّ العرق ليلجم الرّجال إلى أنصاف آذانهم)).
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدّثنا إبراهيم بن إسحاق، حدّثنا ابن المبارك، عن عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ، حدّثني سليم بن عامرٍ، حدّثني المقداد، يعني ابن الأسود الكنديّ، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ((إذا كان يوم القيامة أدنيت الشّمس من العباد حتّى تكون قدر ميلٍ أو ميلين)).
قال: ((فتصهرهم الشّمس فيكونون في العرق كقدر أعمالهم، ومنهم من يأخذه إلى عقبيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاماً)).
رواه مسلمٌ عن الحكم بن موسى، عن يحيى بن حمزة، والتّرمذيّ عن سويدٍ، عن ابن المبارك، كلاهما عن ابن جابرٍ به.
حديثٌ آخر: قال الإمام أحمد: حدّثنا الحسن بن سوّارٍ، حدّثنا اللّيث بن سعدٍ، عن معاوية بن صالحٍ، أنّ أبا عبد الرّحمن حدّثه، عن أبي أمامة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((تدنو الشّمس يوم القيامة على قدر ميلٍ ويزداد في حرّها كذا وكذا، تغلي منها الهوامّ كما تغلي منها القدور، يعرقون فيها على قدر خطاياهم، منهم من يبلغ إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ساقيه، ومنهم من يبلغ إلى وسطه، ومنهم من يلجمه العرق)).
انفرد به أحمد.
حديثٌ آخر قال الإمام أحمد: حدّثنا حسنٌ، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا أبو عشانة حيّ بن يؤمن، أنّه سمع عقبة بن عامرٍ يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ((تدنو الشّمس من الأرض فيعرق النّاس، فمن النّاس من يبلغ عرقه عقبيه، ومنهم من يبلغ إلى نصف السّاق، ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه، ومنهم من يبلغ العجز، ومنهم من يبلغ الخاصرة، ومنهم من يبلغ منكبه، ومنهم من يبلغ وسط فيه)). وأشار بيده فألجمها فاه - رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم يشير بيده هكذا- ((ومنهم من يغطّه عرقه)). وضرب بيده إشارةً، انفرد به أحمد.
وفي حديثٍ: أنّهم يقومون سبعين سنةً لا يتكلّمون، وقيل: يقومون ثلاثمائة سنةٍ. وقيل: يقومون أربعين ألف سنةٍ، ويقضى بينهم في مقدار عشرة آلاف سنةٍ، كما في صحيح مسلمٍ عن أبي هريرة مرفوعاً: ((في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ)).
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو عونٍ الزّياديّ، أخبرنا عبد السّلام بن عجلان، سمعت أبا يزيد المدنيّ، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لبشيرٍ الغفاريّ: ((كيف أنت صانعٌ في يومٍ يقوم النّاس فيه ثلاثمائة سنةٍ لربّ العالمين من أيّام الدّنيا، لا يأتيهم فيه خبرٌ من السّماء ولا يؤمر فيهم بأمرٍ؟)). قال بشيرٌ: المستعان اللّه. قال: ((فإذا أويت إلى فراشك فتعوّذ باللّه من كرب يوم القيامة وسوء الحساب)).
ورواه ابن جريرٍ من طريق عبد السّلام به.
وفي سنن أبي داود أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يتعوّذ باللّه من ضيق المقام يوم القيامة.
وعن ابن مسعودٍ، يقومون أربعين سنةً رافعي رؤوسهم إلى السّماء، لا يكلّمهم أحدٌ، قد ألجم العرق برّهم وفاجرهم. وعن ابن عمر: يقومون مائة سنةٍ. رواهما ابن جريرٍ.
وفي سنن أبي داود والنّسائيّ وابن ماجه من حديث زيد بن الحباب، عن معاوية بن صالحٍ، عن أزهر بن سعيدٍ الحرازيّ، عن عاصم بن حميدٍ، عن عائشة أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يفتتح قيام اللّيل؛ يكبّر عشراً، ويحمد عشراً، ويسبّح عشراً، ويستغفر عشراً، ويقول: ((اللّهمّ اغفر لي واهدني وارزقني وعافني)). ويتعوّذ من ضيق المقام يوم القيامة). [تفسير القرآن العظيم: 8/347-349]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ثمَّ وعدَ تعالى المطففينَ، وتعجَّبَ من حالهم وإقامتهم على ما همْ عليهِ، فقالَ: {أَلا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} فالذي جرَّأهُمْ على التطفيفِ عدمُ إيمانهمْ باليومِ الآخرِ، وإلا فلو آمنُوا بهِ وعرفُوا أنَّهمْ يقومونَ بينَ يدي اللهِ، يحاسبهمْ على القليلِ والكثيرِ، لأقلعوا عنْ ذلكَ وتابُوا منهُ). [تيسير الكريم الرحمن: 915] (م)
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (6-{يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}:يَقُومُونَ وَاقِفِينَ مُنْتَظِرِينَ لأَمْرِ رَبِّ العَالَمِينَ، أَوْ لِجَزَائِهِ أَوْ لِحِسَابِهِ؛ دَلالَةً عَلَى عِظَمِ ذَنْبِ التَّطْفِيفِ وَمَزِيدِ إِثْمِهِ وَفَظَاعَةِ عِقَابِهِ؛ وَذَلِكَ لِمَا فِيهِ منْ خِيَانَةِ الأمانةِ وَأَكْلِ حَقِّ الغيرِ). [زبدة التفسير: 587]
* للاستزادة ينظر: هنا