9 Sep 2014
تفسير قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19) فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ (21) بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25)}
تفسير قوله تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ (16) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (روي عن عليٍّ وابن عبّاسٍ وعبادة بن الصّامت وأبي هريرة وشدّاد بن أوسٍ وابن عمر ومحمّد بن عليّ بن الحسين ومكحولٍ وبكر بن عبد اللّه المزنيّ وبكير بن الأشجّ ومالكٍ وابن أبي ذئبٍ وعبد العزيز بن أبي سلمة الماجشون أنّهم قالوا: الشّفق: الحمرة.
وقال عبد الرّزّاق عن معمرٍ، عن ابن خثيمٍ، عن أبي لبيبة، عن أبي هريرة قال: الشّفق: البياض. فالشّفق هو حمرة الأفق؛ إمّا قبل طلوع الشّمس، كما قاله مجاهدٌ، وإمّا بعد غروبها كما هو معروفٌ عند أهل اللّغة، قال الخليل بن أحمد: الشّفق: الحمرة من غروب الشّمس إلى وقت العشاء الآخرة، فإذا ذهب قيل: غاب الشّفق.
وقال الجوهريّ: الشّفق: بقيّة ضوء الشّمس وحمرتها في أوّل اللّيل إلى قريبٍ من العتمة.
وكذا قال عكرمة: الشّفق الذي يكون بين المغرب والعشاء.
وفي صحيح مسلمٍ، عن عبد اللّه بن عمرٍو، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ((وقت المغرب ما لم يغب الشّفق)). ففي هذا كلّه دليلٌ على أنّ الشّفق هو كما قاله الجوهريّ والخليل، ولكن صحّ عن مجاهدٍ أنّه قال في هذه الآية: {فلا أقسم بالشّفق}: هو النّهار كلّه.
وفي روايةٍ عنه أيضاً أنّه قال: الشّفق: الشّمس. رواهما ابن أبي حاتمٍ، وإنّما حمله على هذا قرنه بقوله تعالى: {واللّيل وما وسق}). [تفسير القرآن العظيم: 8/358-359]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (أقسمَ في هذا الموضعِ بآياتِ الليلِ، فأقسمَ بالشفقِ الذي هوَ بقيةُ نورِ الشمسِ، الذي هوَ مفتتحُ الليلِ). [تيسير الكريم الرحمن: 917]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(16-{فَلاَ أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ}:يُقْسِمُ اللَّهُ تَعَالَى بالشَّفَقِ، وَالشَّفَقُ: الحُمْرَةُ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى وَقْتِ صَلاةِ العشاءِ الآخِرَةِ). [زبدة التفسير: 589]
تفسير قوله تعالى: (وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ (17) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واللّيل وما وسق}. أي: جمع، كأنّه أقسم بالضّياء والظّلام.
وقال ابن جريرٍ: أقسم اللّه بالنّهار مدبراً، وباللّيل مقبلاً. قال ابن جريرٍ وقال آخرون: الشّفق اسمٌ للحمرة والبياض، وقالوا: هو من الأضداد. قال ابن عبّاسٍ ومجاهدٌ والحسن وقتادة: {وما وسق}: وما جمع.
قال قتادة: وما جمع من نجمٍ ودابّةٍ، واستشهد ابن عبّاسٍ بقول الشّاعر:
مستوسقاتٌ لو يجدن سائقا
وقال عكرمة: {واللّيل وما وسق}. يقول: ما ساق من ظلمةٍ، إذا كان اللّيل ذهب كلّ شيءٍ إلى مأواه). [تفسير القرآن العظيم: 8/359]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ} أي: احتوى عليهِ من حيواناتٍ وغيرهَا). [تيسير الكريم الرحمن: 917]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(17-{وَاللَّيْلِ وَمَا وَسَقَ}؛ أَيْ: مَا جَمَعَ وَضَمَّ وَحَوَى وَلَفَّ، فَإِنَّهُ جَمَعَ وَضَمَّ مَا كَانَ مُنْتَشِراً بالنهارِ فِي تَصَرُّفِهِ؛ وَذَلِكَ أَنَّ اللَّيْلَ إِذَا أَقْبَلَ آوَى كُلُّ شَيْءٍ إِلَى مَأْوَاهُ). [زبدة التفسير: 589]
تفسير قوله تعالى: (وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ (18) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {والقمر إذا اتّسق}. قال ابن عبّاسٍ: إذا اجتمع واستوى. وكذا قال عكرمة ومجاهدٌ وسعيد بن جبيرٍ ومسروقٌ وأبو صالحٍ والضّحّاك وابن زيدٍ، {والقمر إذا اتّسق}: إذا استوى. وقال الحسن: إذا اجتمع، إذا امتلأ. وقال قتادة: إذا استدار. ومعنى كلامهم: أنّه إذا تكامل نوره وأبدر جعله مقابلاً للّيل وما وسق). [تفسير القرآن العظيم: 8/359]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ} أي: امتلأَ نوراً بإبدارهِ، وذلكَ أحسنُ مَا يكونُ وأكثرُ منافعَ). [تيسير الكريم الرحمن: 917]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(18-{وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ}؛ أَي: اجْتَمَعَ وَتَكَامَلَ. وَاتِّسَاقُهُ: امْتِلاؤُهُ وَاجْتِمَاعُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ، وَيَكُونُ ذَلِكَ فِي مُنْتَصَفِ الشَّهْرِ القَمَرِيِّ). [زبدة التفسير: 589]
تفسير قوله تعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ}. قال البخاريّ: أخبرنا سعيد بن النّضر، أخبرنا هشيمٌ، أخبرنا أبو بشرٍ، عن مجاهدٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: {لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ}: حالاً بعد حالٍ، قال هذا نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم. هكذا رواه البخاريّ بهذا اللّفظ، وهو محتملٌ أن يكون ابن عبّاسٍ أسند هذا التّفسير عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، كأنّه قال: سمعت هذا من نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم، فيكون قوله: نبيّكم مرفوعاً على الفاعليّة من قال، وهو الأظهر واللّه أعلم.
كما قال أنسٌ: ((لا يأتي عامٌ إلاّ والّذي بعده شرٌّ منه)). سمعته من نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم.
وقال ابن جريرٍ: حدّثني يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا هشيمٌ، أخبرنا أبو بشرٍ، عن مجاهدٍ أنّ ابن عبّاسٍ كان يقول: {لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ}. قال: يعني نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم، يقول: حالاً بعد حالٍ. هذا لفظه.
وقال عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ: {طبقاً عن طبقٍ}: حالاً بعد حالٍ. وكذا قال عكرمة ومرّة الطّيّب ومجاهدٌ والحسن والضّحّاك.
ويحتمل أن يكون المراد: {لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ}: حالاً بعد حالٍ، قال: هذا... يعني: المراد بهذا نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم، فيكون مرفوعاً على أنّ "هذا" و"نبيّكم" يكونان مبتدأً وخبراً، واللّه أعلم.
ولعلّ هذا قد يكون هو المتبادر إلى كثيرٍ من الرّواة كما قال أبو داود الطّيالسيّ وغندرٌ: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ: (لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ). قال: محمّدٌ صلّى اللّه عليه وسلّم.
ويؤيّد هذا المعنى قراءة عمر وابن مسعودٍ وابن عبّاسٍ وعامّة أهل مكّة والكوفة: (لتركبنّ) بفتح التّاء والباء، وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ الأشجّ، حدّثنا أبو أسامة، عن إسماعيل، عن الشّعبيّ: (لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ). قال: لتركبنّ يا محمّد، سماءً بعد سماءٍ.
هكذا روي عن ابن مسعودٍ ومسروقٍ وأبي العالية: {طبقاً عن طبقٍ}: سماءً بعد سماءٍ.
قلت: يعنون ليلة الإسراء، وقال أبو إسحاق والسّدّيّ عن رجلٍ، عن ابن عبّاسٍ: {طبقاً عن طبقٍ}: منزلاً على منزلٍ. وكذا رواه العوفيّ عن ابن عبّاسٍ مثله، وزاد: ويقال: أمراً بعد أمرٍ وحالاً بعد حالٍ.
وقال السّدّيّ نفسه: {لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ}: أعمال من قبلكم منزلاً عن منزلٍ.
قلت: كأنّه أراد معنى الحديث الصّحيح: ((لتركبنّ سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذّة، حتّى لو دخلوا جحر ضبٍّ لدخلتموه)). قالوا: يا رسول اللّه، اليهود والنّصارى؟ قال: ((فمن؟)). وهذا محتملٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا هشام بن عمّارٍ، حدّثنا صدقة، حدّثنا ابن جابرٍ أنّه سمع مكحولاً يقول في قول اللّه: {لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ}. قال: في كلّ عشرين سنةٍ تحدثون أمراً لم تكونوا عليه.
وقال الأعمش: حدّثني إبراهيم، قال: قال عبد اللّه: {لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ}. قال: السّماء تنشقّ، ثمّ تحمرّ، ثمّ تكون لوناً بعد لونٍ.
وقال الثّوريّ عن قيس بن وهبٍ، عن مرّة، عن ابن مسعودٍ: {طبقاً عن طبقٍ}. قال: السّماء مرّةً كالدّهان، ومرّةً تنشقّ.
وروى البزّار من طريق جابرٍ الجعفيّ، عن الشّعبيّ، عن علقمة، عن عبد اللّه بن مسعودٍ: (لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ) يا محمّد، يعني: حالاً بعد حالٍ.
ثمّ قال: ورواه جابرٌ، عن مجاهدٍ، عن ابن عبّاسٍ.
وقال سعيد بن جبيرٍ: {لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ}. قال: قومٌ كانوا في الدّنيا خسيسٌ أمرهم، فارتفعوا في الآخرة، وآخرون كانوا أشرافاً في الدّنيا فاتّضعوا في الآخرة.
وقال عكرمة: {طبقاً عن طبقٍ}: حالاً بعد حالٍ، فطيماً بعدما كان رضيعاً، وشيخاً بعدما كان شابًّا. وقال الحسن البصريّ: {طبقاً عن طبقٍ}. يقول: حالاً بعد حالٍ، رخاءً بعد شدّةٍ، وشدّةً بعد رخاءٍ، وغنًى بعد فقرٍ، وفقراً بعد غنًى، وصحّةً بعد سقمٍ، وسقماً بعد صحّةٍ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: ذكر عن عبد اللّه بن زاهرٍ، حدّثني أبي، عن عمرو بن شمرٍ، عن جابرٍ، هو الجعفيّ، عن محمّد بن عليٍّ، عن جابر بن عبد اللّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ((إنّ ابن آدم لفي غفلةٍ ممّا خلق له، إنّ اللّه إذا أراد خلقه قال للملك: اكتب رزقه، اكتب أجله، اكتب أثره، اكتب شقيًّا أو سعيداً. ثمّ يرتفع ذلك الملك، ويبعث اللّه إليه ملكاً فيحفظه حتّى يدرك، ثمّ يرتفع ذلك الملك، ثمّ يوكّل اللّه به ملكين يكتبان حسناته وسيّئاته، فإذا حضره الموت ارتفع ذانك الملكان، وجاءه ملك الموت فقبض روحه، فإذا دخل قبره ردّ الرّوح في جسده، ثمّ ارتفع ملك الموت وجاءه ملكا القبر فامتحناه ثمّ يرتفعان، فإذا قامت السّاعة انحطّ عليه ملك الحسنات وملك السّيّئات، فانتشطا كتاباً معقوداً في عنقه ثمّ حضرا معه، واحداً سائقاً وآخر شهيداً، ثمّ قال عزّ وجلّ: {لقد كنت في غفلةٍ من هذا})).
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: (({لتركبنّ طبقاً عن طبقٍ})). قال: ((حالاً بعد حالٍ)). ثمّ قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّ قدّامكم لأمراً عظيماً لا تقدرونه، فاستعينوا باللّه العظيم)).
هذا حديثٌ منكرٌ، وإسناده فيه ضعفاء، ولكنّ معناه صحيحٌ، واللّه سبحانه وتعالى أعلم.
ثمّ قال ابن جريرٍ بعدما حكى أقوال النّاس في هذه الآية من القرّاء والمفسّرين: والصّواب من التّأويل قول من قال: لتركبنّ أنت يا محمّد، حالاً بعد حالٍ وأمراً بعد أمرٍ من الشّدائد، والمراد بذلك وإن كان الخطاب موجّهاً إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جميع النّاس أنّهم يلقون من شدائد يوم القيامة وأهواله أحوالاً). [تفسير القرآن العظيم: 8/359-361]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (والمقسَمُ عليهِ قولهُ: {لَتَرْكَبُنَّ} أيُّهَا الناسُ {طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} أي: أطواراً متعددةً، وأحوالاً متباينةً، من النطفةِ إلى العلقةِ، إلى المضغةِ، إلى نفخِ الروحِ، ثمَّ يكونُ وليداً، وطفلاً، ثمَّ مميزاً، ثم يجري عليهِ قلمُ التكليفِ، والأمرُ والنهيُ، ثمَّ يموتُ بعدَ ذلكَ، ثمَّ يبعثُ ويجازى بأعمالهِ، فهذهِ الطبقاتُ المختلفةُ الجاريةُ على العبدِ، دالَّةٌ على أنَّ اللهَ وحدهُ هوَ المعبودُ، الموحَّدُ، المدبِّرُ لعبادهِ بحكمتهِ ورحمتهِ، وأنَّ العبدَ فقيرٌ عاجزٌ، تحتَ تدبيرِ العزيزِ الرحيمِ، ومع هذا، فكثيرٌ مِنَ الناسِ لا يؤمنونَ). [تيسير الكريم الرحمن: 917]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(19-{لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}: لَتَرْكَبُنَّ أَيُّهَا النَّاسُ حَالاً بَعْدَ حَالٍ، مِنَ الْغِنَى وَالفَقْرِ، وَالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ والحَشْرِ والحسابِ، ودخولِ الْجَنَّةِ أَو النَّارِ). [زبدة التفسير: 589]
تفسير قوله تعالى: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فما لهم لا يؤمنون (20) وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون}. أي: فماذا يمنعهم من الإيمان باللّه ورسوله واليوم الآخر؟ وما لهم إذا قرئت عليهم آيات الرّحمن وكلامه وهو هذا القرآن لا يسجدون إعظاماً وإكراماً واحتراماً). [تفسير القرآن العظيم: 8/361]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (والمقسَمُ عليهِ قولهُ: {لَتَرْكَبُنَّ} أيُّهَا الناسُ {طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ} أي: أطواراً متعددةً، وأحوالاً متباينةً، من النطفةِ إلى العلقةِ، إلى المضغةِ، إلى نفخِ الروحِ، ثمَّ يكونُ وليداً، وطفلاً، ثمَّ مميزاً، ثم يجري عليهِ قلمُ التكليفِ، والأمرُ والنهيُ، ثمَّ يموتُ بعدَ ذلكَ، ثمَّ يبعثُ ويجازى بأعمالهِ، فهذهِ الطبقاتُ المختلفةُ الجاريةُ على العبدِ، دالَّةٌ على أنَّ اللهَ وحدهُ هوَ المعبودُ، الموحَّدُ، المدبِّرُ لعبادهِ بحكمتهِ ورحمتهِ، وأنَّ العبدَ فقيرٌ عاجزٌ، تحتَ تدبيرِ العزيزِ الرحيمِ، ومع هذا، فكثيرٌ مِنَ الناسِ لا يؤمنونَ). [تيسير الكريم الرحمن: 917] (م)
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(20-{فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبما جَاءَ بِهِ من الْقُرْآنِ، مَعَ وُجُودِ مُوجِبَاتِ الإِيمَانِ بِذَلِكَ؟!). [زبدة التفسير: 589]
تفسير قوله تعالى: (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآَنُ لَا يَسْجُدُونَ (21) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {فما لهم لا يؤمنون (20) وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون}. أي: فماذا يمنعهم من الإيمان باللّه ورسوله واليوم الآخر؟ وما لهم إذا قرئت عليهم آيات الرّحمن وكلامه وهو هذا القرآن لا يسجدون إعظاماً وإكراماً واحتراماً). [تفسير القرآن العظيم: 8/361] (م)
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(21- {وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ}؛ أَيْ: أَيُّ مَانِعٍ لَهُمْ منْ سُجُودِهِمْ وَخُضُوعِهِمْ عِنْدَ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ؟! وَقِيلَ: الْمُرَادُ نَفْسُ السُّجُودِ, الْمَعْرُوفِ بِسُجُودِ التلاوةِ). [زبدة التفسير: 589]
تفسير قوله تعالى: (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ (22) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {بل الّذين كفروا يكذّبون}. أي: من سجيّتهم التّكذيب والعناد والمخالفة للحقّ). [تفسير القرآن العظيم: 8/361]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ}أي: يعاندونَ الحقَّ بعدما تبينَ، فلا يستغربُ عدمُ إيمانهمْ وعدمُ انقيادهمْ للقرآنِ، فإنَّ المكذبَ بالحقِّ عناداً، لا حيلةَ فيهِ). [تيسير الكريم الرحمن: 917]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(22-{بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ}؛ أَيْ: يُكَذِّبُونَ بِالْكِتَابِ المُشْتَمِلِ عَلَى إثباتِ التَّوْحِيدِ والبَعْثِ والثَّوَابِ والعقابِ). [زبدة التفسير: 589-590]
تفسير قوله تعالى: (وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ (23) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واللّه أعلم بما يوعون}. قال مجاهدٌ وقتادة: يكتمون في صدورهم). [تفسير القرآن العظيم: 8/361]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ} أي: بمَا يعلمونهُ وينوونَهُ سرّاً، فاللهُ يعلمُ سرَّهمْ وجهرهمْ، وسيجازيهمْ بأعمالهمْ، ولهذا قالَ: {فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}). [تيسير الكريم الرحمن: 917]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(23-{وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُوعُونَ}؛ أَيْ: بِمَا يُضْمِرُونَهُ فِي أَنْفُسِهِمْ من التَّكْذِيبِ، وَيَجْمَعُونَ من الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ والسَّـيِّئَةِ). [زبدة التفسير: 590]
تفسير قوله تعالى: (فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (24) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فبشّرهم بعذابٍ أليمٍ}. أي: فأخبرهم يا محمّد، بأنّ اللّه عزّ وجلّ قد أعدّ لهم عذاباً أليماً). [تفسير القرآن العظيم: 8/362]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} وسميتِ البشارةُ بشارةً، لأنَّهَا تؤثرُ في البشرةِ سروراً أو غمّاً.فهذهِ حالُ أكثرِ الناسِ، التكذيبُ بالقرآنِ، وعدمُ الإيمانِ). [تيسير الكريم الرحمن: 917]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(24-{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} الْكَلامُ خارجٌ مَخْرَجَ التَّهَكُّمِ بِهِم). [زبدة التفسير: 590]
تفسير قوله تعالى: (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (25) )
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إلاّ الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات}. هذا استثناءٌ منقطعٌ، لكنّ الّذين آمنوا، أي: بقلوبهم وعملوا الصّالحات بجوارحهم، {لهم أجرٌ}. أي: في الدّار الآخرة، {غير ممنونٍ}. قال ابن عبّاسٍ: غير منقوصٍ.
وقال مجاهدٌ والضّحّاك: غير محسوبٍ.
وحاصل قولهما أنّه غير مقطوعٍ، كما قال تعالى: {عطاءً غير مجذوذٍ}. وقال السّدّيّ: قال بعضهم: {غير ممنونٍ}: غير منقوصٍ. وقال بعضهم: غير ممنونٍ عليهم. وهذا القول الأخير عن بعضهم قد أنكره غير واحدٍ؛ فإنّ اللّه عزّ وجلّ له المنّة على أهل الجنّة في كلّ حالٍ وآنٍ ولحظةٍ، وإنّما دخلوها بفضله ورحمته، لا بأعمالهم، فله عليهم المنّة دائماً سرمداً، والحمد للّه وحده أبداً؛ ولهذا يلهمون تسبيحه وتحميده كما يلهمون النّفس، {وآخر دعواهم أن الحمد للّه ربّ العالمين}). [تفسير القرآن العظيم: 8/362]
قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ومنَ الناسِ فريقٌ هداهمُ اللهُ، فآمنوا باللهِ، وقبلُوا ما جاءَتْهمْ بهِ الرسلُ، فآمنُوا وعملُوا الصالحاتِ. فهؤلاءِ لهمْ أجرٌ غيرُ ممنونٍ أي: غيرُ مقطوعٍ، بلْ هوَ أجرٌ دائمٌ مما لا عينٌ رأتْ، ولا أذنٌ سمعتْ، ولا خطرَ على قلبِ بشرٍ.
تم تفسير السورة، ولله الحمد). [تيسير الكريم الرحمن: 917-918]
قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) :(25-{إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ}: لا يُمَنُّ عَلَيْهِمْ بِهِ). [زبدة التفسير: 590]
* للاستزادة ينظر: هنا