عرض المقالة

بعض حجج القرآن في سورة الحجر

صفية الشقيفي
هيئة الإدارة

0
15268
0
0
0
4

غير مصنف

مراجَعة


بعض حجج القرآن في سورة الحجر



في سورة الحجر بيان لكثير من حجج القرآن على المشركين المكذبين برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وبالقرآن، ومحاولة معارضته وصد الناس عنه باتهام النبي صلى الله عليه وسلم بالجنون كما قالوا:
{وقالوا يا أيها الذي نُزل عليه الذكر إنّك لمجنون}
واشتراط نزول آيات ليؤمنوا وما كانوا ليؤمنوا !
ورد الله عز وجل عليهم على ما اشترطوه من نزول الملائكة للتصديق بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأكدّ أنه وحده المتكفل بحفظ القرآن، فقال: {إنَّا نحنُ نزَّلنا الذَِكرَ وإنّا له لحافظون}
ثمّ بين لهم أن سبب تكذيبهم في نفوسهم لا في ضعف حجة القرآن، ولا لجنون النبي صلى الله عليه وسلم كما زعموا؛ بل الحقيقة أنه لو جاءتهم الآيات لكذبوا بها، كما قال: {ولو فتحنا عليهم بابًا من السماء فظلوا فيه يعرجون لقالوا إنما سُكرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون}
ثم جاءت الآيات بعد ذلك لتبين لهم عجزهم من كل وجه عن تحصيل النفع لهم ولذويهم، وعجزهم عن دفع الضر عن أنفسهم، مع كمال قدرة الله عز وجل وعلمه وحكمته، فحقيق بهم أن يؤمنوا بالله عز وجل ويخضعوا لأمره، ومن هذا:
1. أن الله عز وجل هو الذي خلق السماء التي تعلوهم، وزينها بالنجوم التي يهتدون بها في ظلمة الليل، كما قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ (16) وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ (17) إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ (18)}
وهو سبحانه من يحفظ هذه السماء من كل شيطان رجيم، ومن الشياطين من يسترق السمع ليعلم بأمر الله عز وجل وبوحيه، كما قال سبحانه في سورة الجن، حكاية عنهم: {وأنَّا لمسنا السماء فوجدناها مُلئت حرسًا شديدًا وشهبًا. وأنّا كنا نقعدُ منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدًا}
ومع هذا فوحده رب العالمين من يأذن لهذه الشهب؛ فإما أن تدرك الشيطان فتهلكه قبل أن يلقي بما سمع إلى أوليائه من الإنس،؛ مثل الكهنة والسحرة، وإما أن لا يُدركه الشهاب، فيلقي بما سمع إليهم، فتنة لعباده، كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: " إذا قضى اللّه الأمر في السّماء، ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله، كالسّلسلة على صفوانٍ فإذا فزّع عن قلوبهم، قالوا: ماذا قال ربّكم، قالوا للّذي قال: الحقّ، وهو العليّ الكبير، فيسمعها مسترقو السّمع، ومسترقو السّمع هكذا واحدٌ فوق آخر فربّما أدرك الشّهاب المستمع قبل أن يرمي بها إلى صاحبه فيحرقه، وربّما لم يدركه حتّى يرمي بها إلى الّذي يليه، إلى الّذي هو أسفل منه، حتّى يلقوها إلى الأرض فتلقى على فم السّاحر، فيكذب معها مائة كذبةٍ، فيصدّق فيقولون: ألم يخبرنا يوم كذا وكذا، يكون كذا وكذا، فوجدناه حقًّا؟ للكلمة الّتي سمعت من السّماء ". رواه البخاري.
كل هذا بأمر الله عز وجل، ولا حيلة لهم في استراق السمع إلا بإذنه، فكيف يصدقون كهنتهم، ويُكذبون الله عز وجل ورسله !


2. هذه الأرض التي يسيرون عليها،
وثبتها الله عز وجل بالرواسي أي الجبال، وأخرج لهم من نباتها بحكمة وميزان كما قال الله عز وجل: {وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ (19)}
ووصف الشيء بموزون يفيد أنه مُقدّر بقدر من عند الله عز وجل، والخلق عاجزون عن التحكم فيه بزيادة أو نقصان، ولا يمكنهم ادّعاء أنهم الذين خلقوا الأرض ممددة أو أنهم من ثبتها بالرواسي!

3. قال الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ (20)}
فيه احتجاج على المشركين أن الله عز وجل هو الذي يسر سبل العيش على الأرض لهم، ولمن تحت أيديهم من أولادهم وعبيدهم والأنعام والحيوانات التي يملكونها؛ فحقيقة الأمر أنهم ليسوا هم الرازقين بل وحده الله عز وجل يرزقهم، فبأي شيء يكفرون به وبرسوله!


4. قال الله عز وجل: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)}
الخزائن هي التي يحفظ فيها نفائس الأموال، لتكون بعيدة عمن ينالها من اللصوص وغيرهم.
والتعبير عن ملك الله عز وجل هنا بالخزائن يفيد عجز الخلق عن الوصول لشيء من ملك الله عز وجل إلا أن يأتيهم الله به، والله عز وجل ينزله بقدر معلوم يفيد سعة علمه وحكمته.


5. قال الله عز وجل: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ (22)}
جاء في تفسير: {وما أنتم له بخازنين} معنيان:
الأول: لا تقدرون على منع نزول الماء من السماء، والثاني: لا تقدرون على تخزينه في الأرض لينتفع به العباد.
وفي هذا بيان لعجزهم عن تحصيل الماء وعن حفظه.

6. قال الله عز وجل: {وَإِنَّا لَنَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَنَحْنُ الْوَارِثُونَ (23) وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ (24) وَإِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَحْشُرُهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (25)}
في هذه الآيات بيان أن الله عز وجل هو الذي بيده الحياة والموت، وهم لا يملكون أن يعيشوا لحظة واحدة بعد أجلهم الذي كتبه الله لهم، ثم في النهاية يُحشرون إلى ربهم فيحاسبهم على ما قدّموا.

فإذا كان هذا هو حقيقة أمرهم، فكيف يظنون أن بإمكانهم معارضة القرآن، والصد عنه !
وحجج القرآن من أقوى الحجج التي يمكن أن يستعملها الداعي إلى الله عز وجل في إقامة الحجة على خصمه، فالقرآن هو كلام الله الحكيم العليم.

التعليقات ()

أشهر المقالات
يبدو أن هذه المقالات ستعجبك

الاغتباط بالتخلص م...

الاغتباط بالتخلص من الإحباط الحمد...

شرح مراتب الجهاد و...

شرح مراتب الجهاد وبيان فضل الجنديّة...

كلمة في أسباب نجاح...

بسم الله الرحمن الرحيم أسباب نجاح...

الاغتباط بالتخلص م...

الاغتباط بالتخلص من الإحباط الحمد...

الاغتباط بالتخلص م...

الاغتباط بالتخلص من الإحباط الحمد...

شكر وامتنان..بعضا ...

الحمد لله حمدا كثيرا،، طيبا،، مباركا...