عبادُ الرحمن دليل على الرحمن
عبادُ الرحمن
لمَّا أخبر الله -عز وجل- عن جحود المشركين واستكبارهم وإنكارهم لاسم الله الرحمن، كما قال تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا وَزَادَهُمْ نُفُورًا (60)} سورة الفرقان.
جاء الرد عليهم في الآيات بعدها في محورين:
الأول: بيان بعض مظاهر رحمة الله في الكون والتي لا ينكرها أحد، كما قال تعالى:
{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا
سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا (61) وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ
وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ
شُكُورًا (62)}
فمن أراد أن يتذكر أو أراد شكر الله عز وجل على آلائه بتوحيده في ربوبيته
وألوهيته وأسمائه وصفاته، ومنها اسم الله الرحمن، يكفيه النظر في هذه
الآيات.
الثاني: بيان صفات عباد الرحمن، الذين أضافهم إليه تشريفا وتكريما لهم، كما قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا (63)} وحتى قول الله تعالى:
{وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ
أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا
لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74) أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا
صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا (75) خَالِدِينَ
فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا (76)}
وفي الآيات وصف عباد الرحمن؛ نفوسهم زاكية وقلوبهم مخبتة وآمالهم عالية،
ترفعوا عن مواطن السوء وتعلقوا بالرحمن فجزاهم بما صبروا أعالي الجنان!
وأي شرف أعظم من أن يجعلهم الله عز وجل دليلا عليه !
فإذا كان المشركون يسألون -جحودا واستكبارا-: (وما الرحمن)
جاءهم الرد ... انظروا في آلاء الله عز وجل، وانظروا إلى عباد الرحمن، تتعرفون إلى الرحمن - سبحانه-!
فأي شرف بعد هذا ؟!
وفي مثل هذا يقول ابن القيم -رحمه الله-
" وحسبي انتسابي من بعيدٍ إليكم *** ألا إنّه حظ عظيم مفخمُ
إذا قيلَ هذا عبدُهُم ومُحِبُّهُم *** تَهَلَّلَ بِشْراً وجهُـهُ يَتَبَسَّمُ
وها هو قد أبدَى الضراعةَ سائلاً *** لكمْ بِلِسانِ الحالِ والقـال مُعْلِمُ
أحِبَّتَهُ عَطْفًا عليهِ فإنهُ *** لَفِي ظمأٍ والمورد العَذْبُ أنْتُمُ "
اللهم بلغنا.
التعليقات ()