عرض المقالة

استخراج الفوائد السلوكية من الآيات القرآنية

عبد العزيز بن داخل المطيري
المشرف العام

0
8141
0
0
0
0

علوم القرآن

غير مراجَع


بسم الله الرحمن الرحيم



استخراج الفوائد السلوكية من الآيات القرآنية


الحمد لله الذي أنزل القرآن الكريم وعلّمه، ورفع به من شاء من عباده وكرّمه، وجعله لأوليائه هدى وبشرى، وشفاء وذكرا، وتبياناً لكل شيء، ونجاة لكل قلب حيّ، وصرّف فيه من كلّ مثل؛ ليخرج من آمن به من الظلمات إلى النور، ومن الجهل إلى العلم، ومن الشقاء إلى السعادة، ويهديهم به إلى صراطه المستقيم.
والصلاة والسلام على منْ منَّ الله به علينا؛ فبيّنا لنا ما نزّله الله علينا من الكتاب والحكمة، وعلّمنا ما تزكو به نفوسنا، وتتهذب به أخلاقنا، وتصلح به أحوالنا وأعمالنا؛ فصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.
أما بعد:
فإن أسعد الناس بالقرآن الكريم من تلاه حقّ تلاوته فآمن به وتدبّره، وعظّم شأنه في نفسه وأكبره، وتفكّر في آياته وادّكر، واستعبر مما فيه واعتبر؛ حتى أثمرت له تلاوته من المعارف الإيمانية والبصائر السلوكية ما ينير له الطريق، ويبيّن له الحقائق، ويسمو بهمّته، ويشدّ من عزيمته حتى يتحفّز لاستباق الخيرات بسير المشمّرين، واجتهاد المحسنين {أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}
{قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم}

إنّ من أعظم نعم الله على عبده المؤمن أن يتلو كتابه بقلب منيب خاشع ، مبتغٍ للهدى حريص عليه، عارفٍ بمعاني كلام الله، عاقل لما فيه من الأمثال، فيفتح الله له من أبواب الهداية ما لم يكن يخطر له على بال، ويهبه الفهم في كتابه؛ حتى يفهم من الآية الواحدة والآيات اليسيرة فوائد جليلة لا يعقلها ولا يتفطّن لها غيره من سائر الناس ؛ فيفهم فهماً لا يفهمه غيره، ويعرف من المعارف ما لا يدركه سواه؛ فإنّ الله خصّ أهل الإنابة والخشية بخطاب خاصّ في كتابه الكريم لا يشاركهم فيه غيرهم، ووعدهم بالتذكر بكتابه {سيذكّر من يخشى} {وما يتذكر إلا من ينيب} {إن في ذلك لعبرة لمن يخشى} {وأنذر به الذين يخشون ربهم} {إنما تنذر الذين يخشون ربهم} {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد}.
بل بيّن الله أن مقصوده الخاص من إنزال كتابه الكريم تذكير أهل خشيته {طه . ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى . إلا تذكرة لمن يخشى}.

ومن حرص على تدبّر القرآن، وأعطاه حقّه من الاجتهاد والشكر لله بالعمل بما استخلصه بتدبّره، وعظّم قدره في نفسه، واعترف لله فيه بفضله: رُجي له أن يفتح الله له في فهم القرآن فتحاً عظيما.
وإن من أهمّ ما ينبغي للمفسّر أن يعتني به أن يعقل خطاب الله له، ويستخلص الفوائد السلوكية من الايات القرآنية التي درس تفسيرها، وعرف معانيها؛ ليزداد بتلاوته علماً وإيمانا وهداية وثباتاً؛ ولينتقل من المعرفة المجرّدة إلى الاستفادة العلمية والسلوكية من دراسته.

وقد كتب جماعة من أهل العلم في هذا الفنّ من التدبر كتابات نافعة جليلة القدر تدلّ على عنايتهم بهذا الباب ومن ذلك:
- رسالة في تفسير قول الله عز وجلّ : {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} وقوله: {وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} لشيخ الإسلام ابن تيمية بيّن فيها آداب الدعاء المستنبطة من هاتين الآيتين، وهي هنا ( http://goo.gl/kb828S )
-
تفسير صدر سورة العنكبوت لشيخ الإسلام ابن تيمية نقله عنه ابن القيّم رحمه الله في كتاب الفوائد.
-
تفسير قول الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم} لابن القيم رحمه الله في كتاب الفوائد.
-
فصل في الفوائد المستنبطة من قصة أضياف إبراهيم عليه السلام لابن القيم رحمه الله في رسالته التبوكية.
-
فصل في الفوائد المستفادة من قول الله تعالى:{فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون} لابن القيم رحمه الله في كتابه إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان.

وقراءة المفسّر وطالب علم التفسير لهذه الأمثلة وتأمّلها مرة بعد مرّة، ومحاولة السير على طريقتها تعينه بإذن الله تعالى على اكتساب الملكة التفسيرية وحسن استنباط الفوائد السلوكية التي هي لبّ التدبّر ومقصد ضرب الأمثال في القرآن.

وسأذكر في هذا الموضوع أمثلة لاستخراج بعض الفوائد السلوكية منالآيات القرآنية من باب تطبيق ما دعوت إليه وتوضيح فكرة التعلّم بالاستفادة من الأمثلة الحسنة، وعامّتها قد نشر من قبل لكن جمعها في موضوع واحد وإعادة النظر فيها وتهذيبها يعين على ما قصدت إليه، وليستفاد منها من أكثر من وجه، والله المستعان وبه التوفيق.

أمثلة:
- فوائد سلوكية من قول الله تعالى: {ألا بذكر الله تطمئنّ القلوب}

- فوائد سلوكية من قول الله تعالى: {للذين استجابوا لربّهم الحسنى}

- تأملات في قول الله تعالى:{بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق}

التعليقات ()

أشهر المقالات
يبدو أن هذه المقالات ستعجبك

التعريف ببرنامج ال...

التعريف ببرنامج التأسيس في...

مَعينُ الصابرين...

مَعينُ الصابرين اليقين هو المعين...

التواني في طلب الع...

شماعة المعوقات: التواني في طلب العلم...

رسالة في تفسير قول...

رسالة في تفسير قوله تعالى :{ واصبر...

تأملات في قول الله...

قال الله عز وجل: {وَمَن يُطِعِ اللّهَ...

شكر وامتنان..بعضا ...

الحمد لله حمدا كثيرا،، طيبا،، مباركا...