النوع الحادى عشر : أول ما نزل
اقْرَأْ عَلَى الْأَصَحِّ فَالْمُدَّثَِّرُ = أَوَّلُهُ وَالْعَكْسُ قَوْمٌ يُكْثِرُ
أَوَّلُهُ التَّطْفيفُ ثُمَّ الْبَقْرَهْ = وَقِيلَ بِالْعَكْسِ بِدَارِ الْهِجْرَهْ
إتمام الدراية لقراء النقاية لجلال الدين السيوطي
النوعُ الحَادِيَ عَشَرَ: أَوَّلُ مَا نَزَلَ، الأصحُّ أنَّهُ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}، ثم المدثِّرُ، وبالمدينةِ؛ {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ}، وقيلَ: البَقَرَةُ.
أول ما نزل من القرآن
النوع الحادي عشر
أول ما نزل الأصح أنه اقرأ باسم ربك ثم المدثر وقيل عكسه لما في الصحيحين
عن أبي سلمة بن عبد الرحمن سألت جابر بن عبد الله أي القرآن انزل قبل قال
يا أيها المدثر قلت أو اقرأ باسم ربك قال أحدثكم بما حدثنا به رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إني جاورت بحراء فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثم نظرت إلى السماء
فإذا هو يعنى جبريل فأخذتني رجفة فاتيت خديجة فأمرتهم فدثروني فأنزل الله تعالى يا أيها المدثر قم فأنذر ))
وأجاب الأول بما في الصحيحين أيضا عن أبي سلمة عن جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في حديثه (( فبينما
أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي فإذا الملك الذي أتاني بحراء
جالس على كرسي بين السماء والأرض فرجعت فقلت زملوني زملوني فدثروني فأنزل
الله تعالى يا أيها المدثر )) فقوله صلى الله عليه وسلم الملك الذي
جاءني بحراء دال على أن هذه القصة متأخرة عن قصة حراء التي فيها اقرأ باسم
ربك قال البلقيني ويجمع بين الحديثين بأن السؤال كان عن نزول بقية إقرا
والمدثر فأجاب عنه بما تقدم
وفي
المستدرك عن عائشة أول ما نزل من القران اقرأ باسم ربك الذي خلق و أول ما
نزل بالمدينة ويل للمطففين وقيل البقرة نقل البلقيني الأول عن علي بن
الحسين والثاني عن عكرمة
وروي البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أول ما نزل بالمدينة ويل للمطففين ثم البقرة.
شرح الشيخ عبدالكريم الخضير
يقول المؤلف_رحمه الله تعالى_: في النوع الحادي عشر: .......................... ..................فالمُدَّثِّرُ أَوَّلُهُ التَّطْفِيفُ ، ثُمَّ البَقَرَةْ
(
أوّل ما نزل): من القرآن مطلقًا (اقرأ) في قصة بدء الوحي الشهيرة المـُخرجة
في الصحيحين وغيرهما من حديث عائشة، والنبيّ_عليه الصلاة والسلام_ أوّل ما
بُديء به من الوحي الرؤيا الصادقة، وفي الحديث:(كان يتحنث في غار حراء
الليالي ذوات العدد) يعني: يتعبد، (وبينما هو كذلك إذ نزل عليه الملك
فجاءهُ الملك فقال له: اقرأ، فقال: (( ما أنا بقاريء)) ، ثمّ قال له: اقرأ، فقال:((ما أنا بقاريء))، ثمّ قال له:((اقرأ باسم ربك الذي خلق)). السورة المعروفة.
اقرأ
على الأصح وخبرُها والدليل عليها، في الصحيحين وغيرهما، وهذا قول الأكثر
وهو القول الصحيح، فالمدثر هذا القول الثاني وهو: أن أوّل ما نزل
المـُدثر..
أَوَّلُهُ ، والعَكْسُ قَومٌ يَكْثُرُ
العكس القول بعكس ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني، ذهب إليه قوم يكثرُ عددهم، ويصعُبُ حصرُّهم.
يقول
المؤلف_رحمه الله تعالى_: النوع الحادي عشر: أوّل ما نزل:اقرأ على الأصح،
وهو قول الأكثر، وقال به قومٌ يكثُرُ عددهم ويستعصي حَصرُهم والدليل فيه
صحيحٌ صريح.
(فالمـُدثرُ أوّلُه):
العطف بالفاء للترتيب ، يعني: أوّل ما نزل من القرآن، وهذا ثبت في الصحيح
من حديث جابر_ رضي الله تعالى عنه_:(أنّه سُئل عن أوّل ما نزل؟، فقال:
المـُدثر)، وجاء بالقصة التي تفيد أن اقرأ قبل المـُدثر؛ لقوله في خبره:((فجائني الملك الذي جائني بحراء))، فدّل على أن قصة حراء التي فيها نزول "أقرأ" مُتقدمة على القصة التي فيها الأمر بالإنذار.
أَوَّلُهُ ، والعَكْسُ قَومٌ يَكْثُرُ
(أوّله): هذا بالنسبة للأوّلية المـُطلقة، خلاف الأوّلية المـُطلقة هل هي اقرأ أو المـُدثر؟
الأكثر
والأصح: أنّها اقرأ، أما الأوّلية النسبية بالنسبةِ للرسالة والتبليغ
فأوّل ما نزل عليه المـُدثر، وتكون حينئذٍ أوّلية نسبية، وهذا يُحمل حديث
جابر، أما الأوّلية المـُطلقة فهي: "اقرأ".
وقِيْلَ بالعَكْسِ بِدَارِ الهِجْرَةْ
يعني:أوّل ما نزل بالمدينة "دار الهجرة" على النبي_ عليه الصلاة والسلام _ سورة التطفيف: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } [1] ، وهذا مروي عن ابن عباس.
(ثمّ البقرة): من أوائل ما نَزَل بالمدينة بعد التطفيف، وقيل: بالعكس، وهذا مروي عن عكرمة : البقرة ثمّ التطفيف .
(وقيل بالعكس بدار الهجرة): دار الهجرة هي المدينة، وهي طَيبةَ، وهي طابة، وهي الدار، ولها أسماء مذكورة في تواريخ المدينة.
فالمذكور عن ابن عباس والمروي عنه:أن أوّل ما نزل المدينة سورة: {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ } التطفيف ثمّ البقرة، وقيل بالعكس، ومُقتضى تقديم الناظم، وجزمه بأنّ أوّل من نزل التطفيف ثمّ البقرة، (وقيل)
سياق القول الثاني بصيغة التمريض، تدل على ترجيحهِ القول الأوّل، وهذا
استعملهُ بخلاف استعمالهِ لما جاء في أوّل ما نزل مُطلقًا، اقرأ أو
المـُدثر؛ لأن حديث جابر في الصحيح،
فهل يمكن التعبير عن قول جابر المـَذكور في الصحيح بقيل؟ هل يجوز أن نسوقهُ بصيغة التمريض كما قال: وقيل بالعكس ؟
المسألة تحتاج إلى تفصيل:
_إن أريد بذلك تضعيف القول لمخالفة ما هو أصح منه، صح أن نقول قيل.
_ وإن أريد ثبوت القول لقائلهِ، فلا يجوز أن نقول قيل لأنّه ثابتٌ في الصحيح.
[1] سورة (المطففين:1)
نهج التيسير للشيخ: محسن علي المساوي
النوع الحادي عشر: أول ما نزل
(اقرأ) خبر مقدم (على الأصح فالمدثر) أي بعده (أوله) أي أول ما نزل، وهو بالرفع مبتدأ مؤخر، وذلك لما في الصحيحين وغيرهما من حديث بدء الوحي، (والعكس) وهو أن المدثر أنزل أولاً، ثم اقرأ (قوم يكثر) أي قوم كثير على القول به، وذلك لما في الصحيحين عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: سألت جابر بن عبد الله: أي القرآن أنزل قبل؟ قال: {يا أيها المدثر}. قلت: أو {اقرأ باسم ربك}؟ قال: أحدثكم بما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني
جاورت بحراء فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي، فنوديت، فنظرت أمامي
وخلفي، وعن يميني وعن شمالي، ثم نظرت إلى السماء، فإذا هو (يعني جبريل) فأخذتني رجفة، فأتيت خديجة، فأمرتهم فدثروني، فأنزل الله تعالى: {يا أيها المدثر * قم فأنذر}
)) وأجاب الأول عنه بحديث الصحيحين أيضاً، عن أبي سلمة عن جابر سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث عن فترة الوحي، فقال في حديثه: ((فبينما
أنا أمشي إذا سمعت صوتا من السماء، فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي أتاني
بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرجعت فقلت: زملوني زملوني،
فدثروني. فأنز الله تعالى: {يا أيها المدثر} )). فقوله صلى الله عليه وسلم ((فإذا الملك الذي جاءني بحراء))،
دال على أن هذه القصة متأخرة عن قصة حراء التي فيها اقرأ باسم ربك. قال
البلقيني، كما في شرح النقاية: ويجمع بين الحديثين بأن السؤال أي في الحديث
الأول كان عن بقية اقرأ والمدثر، فأجاب عنه بما تقدم.
(أوله) أي أول ما نزل بالمدينة (التطفيف) أي سورة التطفيف ثم (البقره) لما روى البيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما، أول ما نزل بالمدينة: ويل للمطففين ثم البقرة (وقيل بالعكس) وهو منقول عن عكرمة وقوله (بدار الهجرة) متعلق بأوله.
"تنبيه"
يجوز إطلاق البقرة على السورة، كما فعل الناظم هنا، خلافاً لمن قال لا
يجوز ذلك، بل يقال السورة التي تذكر فيها البقرة، أفاده في روح المعاني.