16 Nov 2008
النوع الثامن : المفهوم
مُوَافِقٌ مَنْطُوقَهُ كَأُفِّ = وَمِنْهُ ذُو تَخَالُفٍ فِي الْوَصْفِ
وَمِثْلُ ذَا شَرْطٌ وَغَايَةٌ عَدَدْ = وَنَبَأُ الْفَاسِقِ لِلْوَصْفِ وَرَدْ
وَالشَّرْطُ إِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلِ = وَغَايَةٌ جَاءَتْ بِنَفْيِ حِلِّ
لِزَوْجِهَا قَبْلَ نِكَاحِ غَيرِهِ = وَكَالثَّمَانِينَ لعَدِّ أَجْرِهِ
إتمام الدراية لقراء النقاية لجلال الدين السيوطي
الثامِنُ: المَفْهُومُ مُوَافَقَةً ومُخَالَفَةً في صِفَةٍ وشَرْطٍ وغَايَةٍ وعَدَدٍ.
الثامن المفهوم
وهو قسمان موافقة وهو ما
يوافق حكمه المنطوق نحو فلا تقل لهما أف فإنه يفهم تحريم الضرب من باب أولى
ومخالفة وهو ما يخالفه في صفة نحو إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا فيجب التبين
في الفسق بخلاف غيره وشرط نحو وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن أي فغير أو
لات الحمل لا يجب الإنفاق عليهن وغاية نحو فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى
تنكح زوجا غيره أي فاذا نكحته تحل للأول بشرطه وعدد نحو فاجلدوهم ثمانين جلدة أي لا أقل ولا أكثر.
شرح الشيخ عبدالكريم الخضير
النوع الثامن
المفهوم، موافق منطوقه كأفِ، ومنه ذو تخالف في الوصف ، ومثل ذا شرط و غاية
عدد، ونبأ الفاسق للوصف ورد ، والشرط أن كن أولات حملِ، وغاية جاءت بنفي
حلِ، لزوجها غير نكاح غيره، وكالثمانين لعد أجره ) مُوافِقٌ مَنْطُـوقَهُ ...... .................... ................... ومِثْلُ ذَا شَرْطٌ وغَايَةٌ عَدَدْ .............................. وغَايَةٌ جَاءَتْ بِنَفْيِ حِلِّ
يقول المؤلف _رحمه الله تعالى_ في النوع الثامن المفهوم.
(المفهوم): يقال له المنطوق ، والمنطوق لم يذكره الناظم نظرا لأنه هو الأصل ودلالة اللفظ محل نطقه وأما المفهوم فدلالة اللفظ لا في محل نطقه
فيُحتاج إلى ذكره لأنه خلاف الأصل، الأصل دلالة الحروف على معانيها.
يقول الناظم _رحمه الله تعالى_ :
......................
(موافقٌ منطوقة):موافقٌ _بالتنوين_منطوقة، أي: ما يوافق حكمه حكم المنطوق .
يعني عندنا منطوق، وعندنا له مفهوم موافقة، وعندنا له مفهوم مخالفة .
"مفهوم موافقة": إذا كان حكم المفهوم موافق لحكم المنطوق.
"ومفهوم المخالفة": إذا كان حكم المفهوم مخالف لحكم المنطوق.
فمثلا :المثال الذي ذكره موافق منطوقة ؟ هذا مفهوم الموافقة (كأفِ )
،يعني لو وجد شيء أقل من التأفيف لقلنا التأفيف حرام فما دونه مفهومه أنه
حلال ما دونه لو تصور أن هناك شيء أقلّ من التأفيف مع أنه لا يتصور؛ لأنه
لا يسمع من التأفيف إلا حرف الفاء مع الهمزة والهمزة قد.. ؛لكن الذي يسمع
في الغالب الفاء، والذي دونه لايسمع منه شيء ، الذي لا يسمع منه شيء هذا
حديث نفس _ما في شيء_ معفو عنه، فليس له مفهوم مخالفة، له مفهوم موافقة
الذي أعلى منه كالكلام الذي هو أشدّ من التأفيف فضلا عن الفعل "الضرب، والقتل" وما أشبه ذلك فهذا له مفهوم موافقة وليس له مفهوم مخالفة.
(موافق منطوقة) يعني في الحكم كأفِ.
(ومنه): أي المفهوم.
(ذو تخالفٍ): يعني مخالف لحكم المنطوق، مخالف له في أمور:
1.في الوصف
2.والشرط
3.والغاية
4.والعدد
فهناك مفهوم المخالفة وتكون هذه المخالفة في الشرط ويسمى "مفهوم الشرط" و"مفهوم الوصف" و"مفهوم الغاية" و"مفهوم العدد"
ومِنْهُ ذُو تَخَالُفٍ في الوَصْفِ
(ومنه ذا شرط): يعني "مفهوم الشرط ".
(وغاية) يعني "مفهوم الغاية".
(وعدد): "مفهوم العدد".
الأمثلة على ذلك:
_ مفهوم الوصف
وَنَبَأُ الفَاسِقِ لِلْوَصفِ وَرَدْ
{إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا}، هذا وصف، الوصف بالفسق له مفهوم، مفهومه أنه إذا كان عدل فإننا لا نحتاج إلى التبين والتثبت، إذا كان عدلاً ليس بفاسق {اشهدوا ذوي عدل منكم ممن ترضون من الشهداء}، المقصود إنّه إذا انتفى الوصف الذي هو الفسق انتفى حكمهُ من باب الاستدلال بالمفهوم.
وَنَبَأُ الفَاسِقِ لِلْوَصفِ وَرَدْ
يعني ورد مثالاً للوصف.
(والشرط): يعني "مفهوم الشرط" الذي تقدم ذكره {فإن كن أولات حملٍ}، فاتفقوا على أن ذات الحمل ينفق عليها هذا شرط، {فإن كن أولات حملٍ فأنفقوا عليهن}، {فإن كن أولات حمل} هذا شرط فالنفقة مشروطة بوجود الحمل، مفهومه أنه إذ لم تكن ذات حمل فلا نفقة لها لأنّ النفقة مشروطة بوجود الحمل، {فإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن}، وهذا يصلح لمفهوم الشرط ومفهوم الغاية على ماسيأتي، ولذا يقول أهل العلم:" أن النفقة للحمل نفسه لا لها من أجله"، فالنفقة مرتبطة بالحمل.
(و غاية): يعني "مفهوم الغاية"
(جاءت بنفي حلِ): لزوجها أي المطلق ثلاثا قبل نكاح غيره لها فتحرم على مطلقها ثلاثا إلى غاية هذه الغاية: "حتى تنكح زوجا غيره " هذه الغاية، وأيضا من مفهوم الغاية {حتى يضعن حملهنّ}،
فهذا مفهوم الغاية، هناك غاية لا يدركها جميع الناس فعندنا الجزية حكم
شرعي لكنها مُغياة بغاية؛ وهي نزول المسيح حيث يضع الجزية فالحكم ساري إلى
نزول المسيح، المقصود أن مفهوم الغاية معروف عند أهل العلم وهذه من أمثلته .
"مفهوم العدد" الذي هو تمام الأقسام كالثامنين {فأجلدوه ثمانين جلده} في حدّ الفرية، وفي حدّ الخمر، ومائة جلدة في حدّ الزنا بالنسبة للبكر، هذه أعداد لها مفهوم، ما معنى مفهوم؟
أنه لايزاد منها ولا ينقص، أعداد لها مفهوم بمعنى: أنه لا يزاد عليها ولا ينقص، {فاجلدوه ثمانين جلده} فلا يجوز واحد وثمانين، ولايجوز تسعة وسبعون،
فالعدد له مفهوم، كثيرا ما نسمع في توجيه بعض الأحاديث أوبعض الآيات: أن
العدد لا مفهوم له؛ لكن ليس على إطلاقه، العدد في ما الحديث بصدده لا مفهوم
له، فلو جاءنا من يقول: "أنه يستغفر للمشرك واحد
وسبعين مرّة لإن الله جل _وعلا_ يقول{استغفر لهم أولا تستغفر لهم إن تستغفر
لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} يقول لو استغفرت واحد وسبعين
العدد له مفهوم فلو زدت على ذلك خرجت من الحكم، نقول لا العدد لا مفهوم
له، المسألة تحكم ولا بأدلة ؟ بأدلة متى يُلغى المفهوم وهذا ليس خاص بمفهوم
العدد كل المفهومات هذه إذا عُورِضت بمنطوقات أقوى منها تُلغى المفاهيم،
فهذا مُعارض بنص منطوق مُعارض لهذا العدد؛ لأن من مُقتضى الاستغفار طلب
المغفرة والله _جل وعلا_ {لا يغفر أن يشرك به}
فلا يغفر له ولو استغفر له ملايين المرات؛ لأن هذا المفهوم مُعارض، قد
يُلغى المفهوم وهو غير عدد؛ لأنه يسهل على من ينتسب إلى العلم من طلاب
العلم أن يقول:عدد لا مفهوم له لأنه يسمع هذه الكلمة، لكنه لا مفهوم له في
المسألة التي تبحث لِوجود ما يعارض المفهوم من منطوق، _مفهوم المخالفة لو
عورض بمنطوق في غير العدد أُلغي المفهوم_ ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) منطوقهُ هكذا ((إذا بلغ الماء القلتين فإنه لا يحمل الخبث))
معناه: أنه يدفع الخبث عن نفسه، مفهوم الموافقة: إذا بلغ ثلاث قلال أربع
قلال فإنه لا يحمل الخبث، ولأنه يدفع من باب أولى، مفهوم المخالفة: إذا كان
قلة واحدة أو دون القلتين فإنه يعجز عن حمل الخبث، فيتنجس هذا مفهومه؛ لكن
هذا المفهوم معارض بمنطوق ((أن الماء طهور لا ينجسه شيء))، مع الاستثناء إلا ما غلب على لونه أو طعمه وريحه مع ماقيل فيه من ضعف؛ لكن الحكم متفق عليه .
"العدد"
العدد مُعتبر فمثلا ما جاء في الأعداد في الحدود يمكن أن يزاد فيها أو
ينقص ؟ لا يمكن أن يُزاد لكن إذا عورض هذا العدد مفهومة بمنطوق أقوى منه
عرف ان لا مفهوم له، أو وجد من أجل التوفيق بين النصوص قلنا هذا العدد لا
مفهوم له، مثل ما جاء في صلاة الفذ ((صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين)) وفي رواية حديث ابن عمر ((بسبع وعشرين))، قالوا: العدد لا مفهوم له، إنما يراد بذلك الترغيب في صلاة الجماعة، مع أنه حُمل على أوجه صحيحه، ويقال السبع والعشرين لمن صلى بالمسجد ولكن من صلى في غيره الخمس والعشرين أو السبع والعشرين لمدرك الصلاة من أولها والخمس والعشرين لمدرك بعضها أو السبع والعشرين للبعيد عن المسجد والخمس والعشرين للقريب أقوال كثيرة لأهل العلم.
والمقصود أن العدد له مفهوم هذا الأصل لأنه كلام يُعقل معناه وله مايزيد عليه وما ينقص عنه، وليس بالمراد للمتكلم.
تم التهذيب بواسطة زمزم
نهج التيسير للشيخ: محسن علي المساوي
النوع الثامن: المفهوم
وهو معنى دل عليه اللفظ لا في محل النطق، وينقسم إلى موافق ومخالف، كما قال الناظم (موافق) بالتنوين (منطوقه) بالنصب، وهو ما يوافق حكمه المنطوق، وذلك (كـ) مفهوم (أف) في قوله تعالى: {ولا تقل لهما أف}، فإنه يفهم منه تحريم الضرب من باب أولى، (ومنه) أي: ومن المفهوم (ذو تخالف) وهو ما يخالف حكمه المنطوق، وذلك (في) مفهوم (الوصف، ومثل ذا) أي مثل مفهوم الوصف مفهوم (شرط)، (و) مفهوم (غاية)، ومفهوم (عدد، ونبأ الفاسق) في قوله تعالى: {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} فيجب التبين في خبر الفاسق، ومفهومه لا يجب في خبر غيره، (لـ) مفهوم (الوصف) وجملة قوله (ورد) أي جاء مثالاً له، خبر لقوله أولاً ونبأ الفاسق (و) مفهوم (الشرط) نحو قوله تعالى: { و(إن كن أولات حمل) فانفقوا عليهن}، فيجب الإنفاق على أولات الحمل، مفهومه أنه لا يجب على غيرهن (و) مفهوم (غاية جاءت بنفي حل لزوجها) أي المطلقة بالثلاث (قبل نكاح غيره) أي لها، وذلك في قوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره}، فينتهي عدم حل نكاحها لزوجها الأول، إلى نكاح غيره لها، أي: فإذا نكحته تحل للأول، بشروطه المقررة في كتب الفقه، (و كـ) مفهوم (الثمانين لعد ) أي لمفهوم عدد (أجره): صيغة أمر من الإجراء، وذلك في قوله تعالى: {فاجلدوهم ثمانين جلدة}،
أي لا أقل ولا أكثر، وما ذكره الناظم بعض أنواع، مفهومي الموافقة
والمخالفة، ولكل منهما تفاصيل مذكورة في كتب الأصول، ثم اختلفوا في
الاحتجاج بمفهوم المخالفة على أقوال كثيرة، والأصح منها أنه يحتج به،
بشروطه المعتبرة عندهم. والله أعلم.