7 Aug 2016
بيان فضائل سورة الفاتحة صحّ في فضل
سورة الفاتحة أحاديث كثيرة دلَّت على أنّها أعظمُ سُوَرِ القرآن، وأنّها
أفضل القرآن، وأنّها خير سورة في القرآن، وأنّها أمّ القرآن أي أصله
وجامعة معانيه ومقدّمه، وأنّه ليس في التوراة، ولا في الزبور، ولا في
الإنجيل، ولا في القرآن مثلها، وأنّها نورٌ لم يُؤتَه نبيّ قبل نبيّنا
محمد صلى الله عليه وسلم، وأنّه لا يَقرأ بحرفٍ منها إلا أعطيه، وأنّها
رقية نافعة، وأن الصلاة لا تتمّ إلا بها.
فهي سورة مباركةٌ كثيرة الفضائل، عظيمة القَدْر، جليلة
المعاني، واسعة الهدايات؛ قد أحكمها الله تعالى غاية الإحكام، وجعلها
أعظم سورة في القرآن، وفرضها على كلّ مسلم قادر على تلاوتها أن يقرأها في
كلّ ركعة من صلاته، وعظّم ثواب تلاوتها، وفي ذلك من دلائل فضلها، وعظيم
محبّة الله تعالى لها، والتنبيه على سعة معانيها وحاجة الناس إلى تلاوتها
وتدبّرها ما لا يخفى.
ومن الأحاديث الصحيحة الصريحة في فضلها:
1. حديث أبي سعيد بن المعلَّى رضي الله عنه، قال: كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلم أجبْه، فقلت: يا رسول الله إني كنت أصلي؛ فقال: ألم يقل الله: {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}.
ثم قال لي: «لأعلمنك سورة هي أعظم السور في القرآن، قبل أن تخرج من المسجد». ثم أخذ بيدي، فلما أراد أن يخرج، قلت له: «ألم تقل لأعلمنك سورة هي أعظم سورة في القرآن» قال: {الحمد لله رب العالمين} «هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته». رواه البخاري من طريق خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المعلى.
2. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أم القرآن هي السبع المثاني، والقرآن العظيم» رواه البخاري من طريق ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة.
3. وحديث العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ألا أعلمك سورة ما أنزل في التوراة، ولا في الزبور، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلها؟ »
قلت: بلى.
قال: « فإني أرجو أن لا أخرج من ذلك الباب حتى تعلمها »
ثم قام رسول الله؛ فقمت معه؛ فأخذ بيدي، فجعل يحدّثني حتى بلغ قُرْبَ الباب، قال: فذكّرته، فقلت: يا رسول الله، السورة التي قلت لي!
قال: « فكيف تقرأ إذا قمت تصلي؟ »
قال: فقرأت فاتحة الكتاب، قال: « هيَ هي، وهي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيت بعد ». رواه الإمام أحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان.
ورواه أبو عبيد وأحمد
من طريق إسماعيل بن جعفر قال: أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -وقرأ عليه أبيّ بن كعب أمَّ القرآن-
فقال: « والذي نفسي بيده، ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها إنها السبع من المثاني».
قال البيهقي: (فيشبه أن يكون هذا القولُ صدرَ من جهةِ صاحبِ الشرعِ صلى الله عليه وسلم لأبيّ، ولأبي سعيد بن المعلَّى كليهما).
4. وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم في مسيرٍ له فنزل ونزل رجل إلى جانبه؛ فالتفتَ إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال: «ألا أخبرك بأفضل القرآن» قال: (فتلا عليه {الحمد لله رب العالمين}). رواه النسائي في السنن الكبرى وابن حبان والحاكم كلهم من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس به.
5. وحديث عبد الله بن جابر البياضي الأنصاري رضي الله عنه قال:
انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أهراق الماء، فقلت: السلام
عليك يا رسول الله؛ فلم يردَّ علي، فقلت: السلام عليك يا رسول الله؛ فلم
يردَّ علي، فقلت: السلام عليك يا رسول الله؛ فلم يردَّ علي؛ فانطلق رسول
الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وأنا خلفه، حتى دخل رحلَه، ودخلت أنا إلى
المسجد؛ فجلستُ كئيباً حزيناً؛ فخرج عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه
وسلم قد تطهَّر، فقال: (عليك السلام ورحمة الله، وعليك السلام ورحمة الله، وعليك السلام ورحمة الله).
ثم قال: (ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر بخير سورة في القرآن؟).
قلت: بلى يا رسول الله.
قال: (اقرأ {الحمد لله رب العالمين} حتى تختمها). رواه
الإمام أحمد والضياء المقدسي في المختارة من طريق محمّد بن عبيد عن هاشم
بن البريد، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل، عن ابن جابر، وهو حديث
حسن، وقد تقدّمت بعض شواهده.
ورواه البيهقي في شعب
الإيمان من طريق علي بن هاشم بن البريد عن أبيه به، وزاد: قال علي: وأحسبه
قال: ( فيها شفاء من كل داء) وهذه الزيادة لا تصح.
6. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم، سمع نقيضا من فوقه، فرفع رأسه، فقال: " هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم" فنزل منه مَلَك، فقال: "هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم"؛ فسلَّم وقال: (أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته). رواه
مسلم في صحيحه وابن أبي شيبة في مصنفه والنسائي في الكبرى وأبو يعلى
وابن حبان والطبراني في الكبير والحاكم والبيهقي في السنن الصغرى وغيرهم
من طريق عمار بن رزيق، عن عبد الله بن عيسى، عن سعيد بن جبير، عن ابن
عباس.
وهذا الحديث من مراسيل
الصحابة لأن ابن عباس لم يكن قد وُلِدَ حين نزول الفاتحة بمكة، وظاهر معنى
البشارة يفيد أنه أول نزول السورة، والقول في النزول المعتبر فيه أول
النزول، وأما نزول السورة بأحرف أخرى أو للمعارضة فلا يغيّر المكّي
والمدنيّ وإلا لاعتبرنا جميع سور القرآن مدنية لأنّ النبي صلى الله عليه
وسلم قد عورض بالقرآن كلّه مرتين في آخر رمضان في حياته صلى الله عليه
وسلم.
وقوله: (لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته)
فسّر بعض العلماء الحرف بكلّ كلمة فيها طلب نحو "اهدنا" و"غفرانك"،
و"اعف عنا"، ولعل الأظهر عموم حروفها؛ كما فسّره حديث أبي هريرة مرفوعاً:
(قسمت الصلاة بيني وبين عبدي..) الحديث؛ فكلّ جملة طلبية عطاؤها الإجابة، وكلّ جملة خبرية عطاؤها ذِكْرُ الله وإثابته.
7. وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه،قال:
انطلق نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سَفْرَةٍ سافروها، حتى
نزلوا على حيٍّ من أحياء العرب؛ فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدِغ
سيّد ذلك الحيّ، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم
هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء؛ فأتوهم، فقالوا:
يا أيها الرهط إن سيّدنا لُدِغ، وسعينا له بكل شيء لا ينفعه، فهل عند أحد
منكم من شيء؟
فقال بعضهم: نعم، والله
إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا؛ فما أنا براقٍ لكم
حتى تجعلوا لنا جُعْلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم؛ فانطلق يتفل عليه،
ويقرأ: {الحمد لله رب العالمين..}؛ فكأنما
نُشِطَ من عِقَال؛ فانطلق يمشي وما به قَلَبَة، قال: فأوفوهم جُعْلَهم
الذي صالحوهم عليه؛ فقال بعضهم: اقسموا؛ فقال الذي رَقَى: لا تفعلوا حتى
نأتيَ النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنذكرَ له الذي كان؛ فننظرَ ما يأمرُنا؛
فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له؛ فقال: «وما يدريك أنها رقية؟!!»
ثم قال: «قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهما» فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم). متفق عليه من حديث أبي بشر اليشكري عن أبي المتوكّل الناجي عن أبي سعيد الخدري.
ورواه أحمد وابن أبي
شيبة والترمذي وابن ماجه من طريق جعفر بن إياس، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد
الخدري، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية ثلاثين راكبا،
قال: فنزلنا بقوم من العرب، قال: فسألناهم أن يضيفونا فأبوا، قال: فلدغ
سيدهم، قال: فأتونا، فقالوا: فيكم أحد يرقي من العقرب؟
قال: فقلت: نعم أنا، ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئا، قالوا: فإنا نعطيكم ثلاثين شاة، قال: فقرأتُ عليها الحمدَ سبع مرات.
قال: فبرأ، قال: فلما
قبضنا الغنم، قال: عرض في أنفسنا منها، قال: فكففنا حتى أتينا النبي صلى
الله عليه وسلم، قال: فذكرنا ذلك له، قال: فقال: « أما علمت أنها رقية، اقسموها واضربوا لي معكم بسهم ».
وله طرق أخرى.
قال النووي: (أما قوله صلى الله عليه وسلم: « واضربوا لي بسهم» فإنما قاله تطييباً لقلوبهم ومبالغةً في تعريفهم أنه حلال لا شبهة فيه).
8. وحديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب» متفق عليه من حديث الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت.
والأحاديث في الأمر بقراءة الفاتحة في الصلاة متواترة عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم.
9. وحديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج» ثلاثا غير تمام. فقيل لأبي هريرة: إنا نكون وراء الإمام؟ فقال: «اقرأ بها في نفسك»؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الحمد لله رب العالمين}، قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرحمن الرحيم} ، قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: {مالك يوم الدين}، قال: مجدني عبدي - وقال مرة فوض إلي عبدي - فإذا قال: {إياك نعبد وإياك نستعين} قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل). رواه
مسلم في صحيحه وأحمد والبخاري في القراءة خلف الإمام والترمذي والنسائي
كلهم من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه،
وله طرق أخرى كثيرة.
10. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن
نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء، فيهم لديغ أو سليم،
فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راقٍ، إنَّ في الماء رجلا
لديغا أو سليما، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ، فجاء
بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا، حتى
قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرا، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: «إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله» رواه
البخاري وابن حبان والدارقطني والبيهقي كلهم من طريق أبي معشر يوسف بن
يزيد البراء عن عبيد الله بن الأخنس عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس.
11. وحديث عامر بن شراحيل الشعبي، عن خارجة بن الصلت، عن عمّه،
قال: أقبلنا من عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأتينا على حي من العرب،
فقالوا: نُبّئنا أنكم جئتم من عند هذا الرجل بخير، فهل عندكم دواء أو
رقية؟ فإنَّ عندنا معتوها في القيود. قال: فقلنا: نعم.
قال: فجاءوا بالمعتوه
في القيود، قال: فقرأت بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية، أجمع بزاقي،
ثم أتفل، قال: فكأنما نشط من عقال قال: فأعطوني جُعْلا، فقلت: لا، حتى
أسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته فقال: « كل لعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق ». رواه الإمام أحمد وابن أبي شيبة وأبو داوود وابن حبان والحاكم وغيرهم.
وفي رواية عند الإمام أحمد وأبي داوود: (فرقيته بفاتحة الكتاب، فبرأ، فأعطوني مائة شاة).
وفي رواية عند أبي داوود قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال: «هل قلت غير هذا؟» قلت: لا، قال «خذها؛ فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق».
والحديث صححه الألباني في السلسلة الصحيحة، وله شاهد من مرسل قيس بن أبي حازم عند ابن أبي شيبة.
التنبيه على ضعف بعض ما يُروى في فضل سورة الفاتحة
ومما
ينبغي التنبّه له والتنبيه عليه ما رواه الضعفاء والمتّهمون من الأحاديث
والآثار الضعيفة والواهية في فضل سورة الفاتحة، وكذلك ما أخطأ فيه بعض
الثقات، ومن تلك المرويات ما ذاع وشاع، وظنّه كثير من الناس صحيحاً وهو
عند التحقيق ضعيف، بل منه ما هو منكر مخالف لما صحّ من النصوص، ومنه ما هو
مجازفة من بعض الرواة حُملت عنهم فاشتهرت وانتشرت، وكثير ممن يشيع تلك
المرويّات الضعيفة إنما يحملهم عليها التماس الثواب لما ظنّوه من صحّة تلك
المرويات وحسنها، وهم مخطئون من جهة تسرّعهم في نشر ما يُنسب إلى النبي
صلى الله عليه وسلم وأصحابه من غير تثبّت ولا سؤالٍ لأهل العلم. عبد العزيز ابن جريج والد عبد الملك ضعيف الحديث، قال فيه البخاري: لا يتابع في حديثه. والله تعالى أعلم وصلى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلَّم.
ويحسن بطالب علم التفسير أن يكون على معرفة بما شاع من تلك المرويات، وأن
يتبيّن سبب ضعفه ومرتبته، وما يُتساهل فيه وما لا يُتساهل فيه منها.
أنواع الضعف في المرويات:
والضعف في المرويات إما أن يكون من جهة الإسناد، وإما أن يكون من جهة المتن:
فأما ضعف الإسناد فهو على درجتين:
إحداهما: الضعف
الشديد، وهو ما يكون من رواية متروكي الحديث من الكذابين، والمتّهمين
بالكذب، وكثيري الخطأ في الرواية؛ فهؤلاء رواياتهم لا تتقوّى بتعدد الطرق،
ولا يُعوَّل عليها.
والأخرى:
الضعف غير الشديد، وهو ما يقبل التقوية بتعدد الطرق، وهو على أنواع؛ فمنه
ما يكون من رواية الراوي ضعيف الضبط، وما يكون من رواية بعض المدلسين،
وبعض الانقطاع في الإسناد، ونحو ذلك من العلل التي توجب ضعف الإسناد في
نفسه، لكنَّها لا تمنع تقويته بتعدد الطرق؛ فما تعدّدت طرقه واختلفت
مخارجه ولم يكن في متنه نكارة فيحكم بصحته.
وإن لم تتعدّد طرقه ولم يكن في المتن نكارة فمن أهل العلم من رأى التوسّع
في روياتها في الفضائل ونحوها؛ ومنهم من يشدّد، فأمّا ما كان شديد الضعف في
الإسناد أو منكر المتن فلا يقبل.
وأما المتون التي تُروى بالأسانيد الضعيفة فهي على ثلاثة أنواع:
النوع الأول: متون صحيحة المعنى لا نكارة فيها، قد
دلّت عليها أدلّة أخرى، فيكون في الأدلة الصحيحة ما يُغني عن الاستدلال
بما روي بالأسانيد الضعيفة، وقد تُصحح بعض مرويات هذا النوع إذا كان
الإسناد غير شديد الضعف.
والنوع الثاني: ما يُتوقّف في معناه فلا يُنفى
ولا يُثبت إلا بدليل صحيح، فمرويّات هذا النوع تُردُّ حكماً لضعف إسنادها؛
لكن لا يقتضي ذلك نفي المتن ولا إثباته؛ إلا أن يظهر لأحد من أهل العلم
وجه من أوجه الاستدلال المعتبرة فيخرج من هذا النوع ويحكم بنفيه أو إثباته،
ومن لم يتبيّن له الحكم فيكل علمَ ذلكَ إلى الله تعالى.
والنوع الثالث: ما يكون في متنه نكارة أو مخالفة لما صحّ من النصوص أو مجازفة بكلام عظيم لا يُحتمل من ضعفاء الرواة.
وقد يقع في بعض المرويات ما يتردد بين نوعين، وما يختلف فيه أهل العلم تصحيحاً وتضعيفاً.
أنواع المرويات الضعيفة في فضل سورة الفاتحة:
المرويات الضعيفة في فضل سورة الفاتحة على ثلاثة أنواع على ما تقدّم تفصيله.
فمن أمثلة النوع الأول:
1. حديث
سليم بن مسلم، عن الحسن بن دينار، عن يزيد الرشك قال: سمعت أبا زيد،
وكانت له صحبة قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض فجاج المدينة،
فسمع رجلا يتهجد ويقرأ بأم القرآن، فقام النبي صلى الله عليه وسلم
فاستمع حتى ختمها، ثم قال: «ما في القرآن مثلها» رواه الطبراني في الأوسط وقال: (لا يروى هذا الحديث عن أبي زيد عمرو بن أخطب إلا بهذا الإسناد، تفرد به سليم بن مسلم).
الحسن بن دينار هو ابن واصل التميمي، ودينار زوج أمّه، متروك الحديث.
وقد صحّ ما يغني عنه من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « والذي نفسي بيده، ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها إنها السبع من المثاني». رواه الإمام أحمد والترمذي وغيرهما.
2. وحديث عبادة بن الصامت مرفوعاً: «أم القرآن عوض من غيرها، وليس غيرها منها بعوض»
رواه
الدارقطني والحاكم من طريق: محمد بن خلاد الإسكندراني، ثنا أشهب بن عبد
العزيز، ثنا سفيان بن عيينة، عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع، عن عبادة
بن الصامت.
قال الدارقطني: (تفرد به محمد بن خلاد عن أشهب عن ابن عيينة).
ومحمد بن خلاد مختلف فيه؛ وقد احترقت كتبه فصار يحدّث من حفظه ويروي بالمعنى فيقع في بعض حديثه ما يُنكر عليه.
وهذا الحديث قد رواه البخاري ومسلم وغيرهما من طريق سفيان بن عيينة عن ابن شهاب، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت بلفظ: «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب»
فلعلّ ابن خلاد روى الحديث بالمعنى فأخطأ فيه.
3. وأثر ابن جريج، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، قال: سألت ابن عباس عن قوله {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} قال: «هي
أم القرآن، استثناها الله عز وجل لأمة محمد صلى الله عليه وسلم فدخرها
لهم، حتى أخرجها لهم، ولم يعطها أحدا قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم» .
قال سعيد: ثم قرأها ابن عباس، وقرأ فيها {بسم الله الرحمن الرحيم}). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن وابن جرير في تفسيره، ورواه ابن الضريس عن سعيد بن جبير مقطوعاً.
ومن أمثلة النوع الثاني:
1. حديث أبان، عن شهر بن حوشب، عن ابن عباس، رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فاتحة الكتاب تعدل بثلثي القرآن»رواه عبد بن حميد مرفوعاً، ورواه الفريابي في تفسيره كما في الدر المنثور، وابن مروان الدينوري في المجالسة كلاهما موقوفاً على ابن عباس بلفظ: «فاتحة الكتاب ثلثا القرآن».
واختُلف في أبان هذا من هو؛ فذهب البوصيري إلى أنه أبان بن صمعة، وهو ثقة لكنّه اختلط بعدما أسنّ.
وذهب الألباني إلى أنه
أبان ابن أبي عياش البصري، وهو متروك الحديث، وقال ابن حجر في المطالب
العالية: (أبان هو الرقاشي: متروك)، ولعله أراد أبان ابن أبي عياش، فسبق
ذهنه إلى يزيد بن أبان الرقاشي، وكلاهما متروكان.
وقد حسّن البوصيري إسناد الحديث، وضعّفه ابن حجر لأجل اختلافهما في تعيين أبان.
وأما الألباني فضعّفه جداً؛ لضعف أبان، وضعف شهر بن حوشب.
2. وحديث أبي الأحوص الكوفي، عن منصور، عن مجاهد، عن أبي هريرة قال: «رنَّ إبليس حين أنزلت فاتحة الكتاب، وأنزلت بالمدينة». رواه الطبراني في الأوسط وابن الأعرابي في معجمه.
رجاله ثقات إلا أنّه منقطع، مجاهد لم يسمع من أبي هريرة.
وقد صحّ هذا الأثر عن
مجاهد من وجه آخر؛ فرواه أبو الشيخ في العظمة، وأبو نعيم في الحلية من
طريق أبي الربيع الزهراني: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد قال: «رنَّ
إبليس أربعا: حين لُعن، وحين أُهبط، وحين بُعث محمد صلى الله عليه وسلم
وبُعث على فترة من الرسل، وحين أنزلت {الحمد لله رب العالمين}».
ورواه ابن الضريس من طريق معلى بن أسد، عن عبد الواحد بن زياد، عن الأعمش، عن مجاهد، قال: (لما نزلت: {الحمد لله رب العالمين}, شق على إبليس مشقة عظيمة شديدة، ورن رنة شديدة، ونخر نخرة شديدة).
قال مجاهد: (فمن رنَّ أو نخر فهو ملعون).
وروى أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع الأسدي أحد ثقات التابعين أنه قال: «لما نزلت فاتحة الكتاب رنَّ إبليس كرنَّتِه يوم لُعِن» أخرجه ابن الضريس في فضائل القرآن.
3. وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله عز وجل أعطاني فيما منَّ به علي؛ إني أعطيتك فاتحة الكتاب، وهي من كنوز عرشي، ثم قسمتها بيني وبينك نصفين»رواه
ابن الضريس في فضائل القرآن والعقيلي في الضعفاء والبيهقي في شعب
الإيمان والديلمي في مسند الفردوس كلهم من طريق مسلم بن إبراهيم عن صالح
بن بشير المري عن ثابت عن أنس، وصالح بن بشير ضعيف الحديث، قال النسائي: متروك الحديث.
قال ابن عدي: (هو رجل
قاص حسن الصوت، وعامة أحاديثه منكرات ينكرها الأئمة عليه، وليس هو بصاحب
حديث، وإنما أتى من قلة معرفته بالأسانيد والمتون، وعندي أنه مع هذا لا
يتعمد الكذب، بل يغلط [فيها]).
4. وحديث
العلاء بن المسيّب، عن فضيل بن عمرٍو، عن علي بن أبي طالبٍ رضي اللّه
عنه أنّه سئل عن فاتحة الكتاب، فقال: ثنا نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم ثمّ تغيّر لونه، وردّدها ساعةً حين ذكر النّبيّ صلّى اللّه عليه
وسلّم ثمّ قال: (أنها نزلت من كنزٍ تحت العرش).
رواه إسحاق بن راهويه كما في إتحاف الخيرة والديلمي في مسند الفردوس
كلاهما من هذا الطريق، وهو ضعيف لانقطاع إسناده؛ فإنّ فضيلاً لم يدرك
عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه.
وقد صحّ من حديث حذيفة بن اليمان وحديث أبي ذرٍّ رضي الله عنهما أنّ الذي نزل من تحت العرش خواتيم سورة البقرة.
5. حديث
معاوية بن صالح، عن أبي سليمان قال: مرّ أصحاب رسول الله صلّى الله
عليه وسلّم في بعض غزواتهم على رجل مقعد متربّع فقرأ بعضهم في أذنه شيئا
من القرآن فبرئ، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «هي أمّ القرآن، وهي شفاء من كل داء» رواه الثعلبي، وهو مرسل.
وقال السيوطي في الدر
المنثور: (وأخرج الثعلبي من طريق معاوية بن صالح عن أبي سلمان قال: مر
أصحاب رسول الله في بعض غزوهم على رجل قد صرع، فقرأ بعضهم في أذنه بأم
القرآن فبرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هي أم الكتاب وهي شفاء من كل داء».
ونسخة تفسير الثعلبي المطبوعة كثيرة التصحيف؛ فلعل ما ذكره السيوطي أقرب.
6. وحديث
علي بن هاشم، عن أبيه، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد
الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا جابر، ألا أخبرك بخير
سورة نزلت في القرآن؟
قال: قلت: بلى يا رسول الله.
قال: «فاتحة الكتاب» قال علي: وأحسبه قال: «فيها شفاء من كل داء». رواه البيهقي في شعب الإيمان.
وأصل الحديث قد صحّ في مسند الإمام أحمد دون زيادة «فيها شفاء من كل داء» وقد انقلب اسم الصحابي على الرواي والصحيح هو عبد الله بن جابر البياضي كما في مسند الإمام أحمد.
7. ومرسل عبد الملك بن عمير، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «في فاتحة الكتاب شفاء من كل داء» رواه الدارمي والبيهقي في شعب الإيمان وابن مروان الدينوري في المجالسة من طريق سفيان الثوري عن عبد الملك بن عمير مرسلاً.
8. وحديث سلام الطويل عن زيد العمي عن ابن سيرين عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«فاتحة الكتاب شفاء من السُّمّ». رواه سعيد بن منصور ومن طريقه البيهقي في شعب الإيمان،
وقال: (وعندي أن هذا الاختصار من الحديث الذي رواه محمد بن سيرين عن
أخيه، عن معبد بن سيرين، عن أبي سعيد في رقية اللديغ بفاتحة الكتاب).
سلام الطويل متّهم بالكذب، وزيد العمي ضعيف، وقد حكم الألباني على هذا الخبر بالوضع في السلسلة الضعيفة.
وعامّة أحاديث هذا النوع مما لا يُنكر معناه، لكنَّها لا تُحتمل بهذه
الأسانيد الضعيفة، لما فيها من زيادات يفتقر الجزم بها إلى دليل ثابت.
ومن أمثلة النوع الثالث:
1. حديث يوسف بن عطية، عن سفيان، عن زاهر الأزدي، عن أبي الدرداء مرفوعاً:«فاتحة
الكتاب تجزي ما لا يجزي شيء من القرآن، ولو أن فاتحة الكتاب جعلت في كفة
الميزان، وجعل القرآن في الكفة الأخرى، لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن
سبع مرات» رواه الديلمي في مسند الفردوس، ويوسف بن عطية الصفار كثير الوهم والخطأ متروك الحديث.
قال فيه البخاري: منكر الحديث.
وقال النسائي: متروك الحديث، وليس بثقة.
وقال الفلاس: كان يهم وما علمته يكذب.
2. وحديث سليمان بن أحمد الواسطي عن علي بن الحسين الأحول، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ أم القرآن وقل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن» رواه الطبراني في الأوسط.
ورواه ابن الشجري في أماليه من طريق سليمان بن أحمد عن صلة بن سليمان الأحول عن ابن جريج به.
وسليمان بن أحمد الواسطي متروك الحديث.
3. وحديث الوليد بن جميل، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«أربع آيات نزلن من كنز تحت العرش، لم ينزل منهن شيء غيرهن: أم الكتاب، فإنه يقول: {وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم}، وآية الكرسي، وسورة البقرة، والكوثر». رواه ابن الضريس في فضائل القرآن، والطبراني في المعجم الكبير، والمستغفري في فضائل القرآن وغيرهم.
والوليد بن جميل القرشي ليّن الحديث، قال فيه أبو حاتم الرازي: شيخ يروي عن القاسم أحاديث منكرة.
وقد ضعّف الألباني هذا الحديث في السلسلة الضعيفة.
4: وحديث عبيد الله بن أبي حميد، عن أبي المليح، عن معقل بن يسار، رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اعملوا
بالقرآن، أحلوا حلاله وحرموا حرامه، واقتدوا به ولا تكفروا بشيء منه،
وما تشابه عليكم منه فردوه إلى الله وإلى أولي العلم من بعدي، كما
يخبرونكم به، وآمنوا بالتوراة والإنجيل والزبور، وما أوتي النبيون من
ربكم، وليسعكم القرآن وما فيه من البيان، فإنه شافع مشفع، وما حل مصدق
ألا وإن لكل آية منه نورا يوم القيامة، ألا وإني أعطيت سورة البقرة من
الذكر الأول، وأعطيت طه والطواسين من ألواح موسى، وأعطيت فاتحة الكتاب
وخواتيم البقرة من تحت العرش، والمفصل نافلة»رواه محمد بن نصر المروزي في قيام الليل، والحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن الكبري.
وعبيد الله بن أبي حميد الهذلي قال فيه البخاري: منكر الحديث
وقال أيضاً: يروي عن أبي المليح عجائب.
وقال الإمام أحمد: ترك الناس حديث.
وقال النسائي: ليس بثقة.
وهذا الحديث بعض ما فيه قد دلت عليه أحاديث صحيحة، لكنّه تفرّد بزيادات منكرة.
5. ومرسل
الحسن البصري الذي أخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن من طريق أبي نصيرة
مسلم بن عبيد، عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ فاتحة الكتاب فكأنما قرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان».
وروي موقوفاً على الحسن
وهو أشبه، رواه البيهقي في شعب الإيمان والثعلبي في تفسيره من طريق
الحسين بن الفضل قال: حدثنا عفان بن مسلم، عن الربيع بن صبيح، عن الحسن،
قال: «أنزل
الله عز وجل مائة وأربعة كتب من السماء أودع علومها أربعة منها: التوراة
والإنجيل والزبور والفرقان، ثم أودع علوم التوراة والإنجيل والزبور
والفرقان، ثم أودع علوم القرآن المفصل، ثم أودع علوم المفصل فاتحة الكتاب
فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع كتب الله المنزلة».
زاد الثعلبي: «ومن قرأها فكأنما قرأ التوراة والإنجيل والزبور والفرقان».
6. وحديث
أحمد بن الحارث الغساني، قال: حدثتني ساكنة بنت الجعد، قالت: سمعت رجاء
الغنوي، وكان أصيبت يده يوم الجمل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «استشفوا بما حمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه، وبما مدح الله به نفسه» ، قلنا: وما ذاك بأبي وأمي يا رسول الله؟ قال: «الحمد لله وقل هو الله أحد، فإنه من لم يشفه القرآن فلا شفاه الله » رواه
أبو محمد الخلال في فضائل سورة الإخلاص، وابن قانع في معجم الصحابة،
وأبو نعيم في معرفة الصحابة، والثعلبي والواحدي في تفسيريهما.
والحديث ضعيف جداً؛ أحمد بن الحارث الغساني متروك الحديث.
قال الألباني: (وهذا
الحديث يوحي بترك المعالجة بالأدوية المادية والاعتماد فيها على تلاوة
القرآن وهذا شيء لا يتفق في قليل ولا كثير مع سنته صلى الله عليه وسلم
القولية والفعلية، فقد تعالج صلى الله عليه وسلم بالأدوية المادية مرارا،
وأمر بذلك فقال: يا عباد الله تداووا فإن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له
دواء "، أخرجه الحاكم بسند صحيح، وهو مخرج في " غاية المرام " (292) عن
جمع من الصحابة نحوه).ا.هـ.
7. وحديث شداد بن أوس مرفوعاً: «إذا أخذ أحدكم مضجعه، فليقرأ بأم الكتاب وسورة، فإن الله يوكل به ملكا يهب معه إذا هب».
رواه ابن عساكر من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن رجل عن مطرف بن
عبد الله بن الشخير عن رجل من أهل بلقين، قال: وأحسبه من بني مجاشع عن
شداد بن أوس مرفوعا.
قال الألباني: (وهذا
إسناد ظاهر الضعف، لجهالة الرجل البلقيني شيخ مطرف، وكذا الراوي عنه. لكنه
لم يتفرد به، فقد قال الخرائطي في " مكارم الأخلاق " (8 / 233 / 1):
حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا سالم بن نوح عن الجريري عن أبي العلاء عن
رجل من مجاشع عن شداد بن أوس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
فذكره، إلا أنه قال: " سورة من كتاب الله ".
ورجاله ثقات غير الرجل المجاشعي، وأبو العلاء اسمه يزيد بن عبد الله بن
الشخير، وهو أخو مطرف المذكور في الطريق الأولى. وبالجملة، فالحديث ضعيف
لجهالة تابعيه. والله أعلم).
8. وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه مرفوعاً: «إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب و {قل هو الله أحد} فقد أمنت من كل شيء إلا الموت». رواه البزار من طريق غسان بن عبيد الموصلي، عن أبي عمران الجوني، عن أنس، وغسان ضعيف الحديث، كتب الإمام أحمد حديثه ثمّ تركه لنكارة ما يرويه، وقال فيه يحيى بن معين: «لم يكن يعرف الحديث إلا أنه لم يكن من أهل الكذب».
9. وحديث عمران بن حصين مرفوعاً: «فاتحة الكتاب وآية الكرسي لا يقرأهما عبد في دار فتصيبهم في ذلك اليوم عين إنس أو جن». رواه الديلمي في مسند الفردوس كما في الدر المنثور، وضعّفه الألباني.
10. وحديث
المأمون بن أحمد الهروي قال: حدّثنا أحمد بن عبد الله [الجويباري] قال:
حدثنا: أبو معاوية الضرير، عن أبي مالك الأشجعي، عن ابن حمران، عن حذيفة
بن اليمان، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إن القوم ليبعث الله عليهم العذاب حتما مقضيّا فيقرأ صبيّ من صبيانهم في الكتاب: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} فيسمعه الله عزّ وجلّ فيرفع عنهم ذلك العذاب أربعين سنة» رواه الثعلبي في تفسيره.
قال المناوي: موضوع.
وقال الزيلعي: «رواه
الثعلبي في تفسيره، من حديث أبي معاوية الضرير، عن أبي مالك الأشجعي، عن
ربعي بن حراش، عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكره سواء».
قال ابن حجر: (إلا أن دون أبي معاوية من لا يحتج به، وله شاهد في مسند الدارمي، عن ثابت بن عجلان، قال: «كان يقال: إن الله ليريد العذاب بأهل الأرض فإذا سمع تعليم الصبيان بالحكمة صرف ذلك عنهم»، يعني بالحكمة: القرآن).
وقال ولي الدين العراقي: «فيه أحمد بن عبد الله الجويباري، ومأمون بن أحمد الهرويّ، كذابان، وهو من وضع أحدهما». ذكره المناوي.
قال المناوي: (ولفظ «كان يقال» حكمه الرّفع، فإن صدر من صحابيّ كان مرفوعا متّصلا، ومن تابعيّ فمرفوع مرسل).
11. عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أتى منزله فقرأ {الحمد لله} سورة الفاتحة و{قل هو الله أحد} نفى الله عنه الفقر، وكثر خير بيته حتى يفيض على جيرانه». رواه الحافظ السمرقندي في فضائل {قل هو الله أحد} كما في الدر المنثور.
12. وحديث صالح المري، عن أيوب، عن أبي قلابة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شهد خاتمة القرآن كان كمن شهد الغنائم حين تقسم، ومن شهد فاتحة القرآن كان كمن شهد فتحا في سبيل الله» رواه أبو عبيد القاسم بن سلام وابن الضريس في فضائل القرآن.
13. وحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ {بسم الله الرحمن الرحيم} ثم قرأ فاتحة الكتاب ثم قال آمين لم يبق في السماء ملك مقرب إلا استغفر له». رواه الديلمي في الفردوس.
14. وحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعاً: «إن فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من آل عمران: {شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وألوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم. إن الدين عند الله الإسلام} و {قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء} إلى قوله: {وترزق من تشاء بغير حساب} معلَّقات،
ما بينهن وبين الله حجاب لما أراد الله أن ينزلهن تعلقن بالعرش، قلن:
ربنا، تهبطنا إلى أرضك، وإلى من يعصيك. فقال الله عز وجل: بي حلفت، لا
يقرأكن أحد من عبادي دبر كل صلاة إلا جعلت الجنة مثواه على ما كان منه،
وإلا أسكنته حظيرة القدس، وإلا نظرت إليه بعيني المكنونة كل يوم سبعين
نظرة، وإلا قضيت له كل يوم سبعين حاجة، أدناها المغفرة، وإلا أعذته من كل
عدو ونصرته منه، ولا يمنعه من دخول الجنة إلا الموت». رواه
ابن حبان في المجروحين وابن السني في عمل اليوم والليلة وابن الفاخر في
موجبات الجنة والمستغفري في فضائل القرآن كلهم من طريق محمد بن زنبور
المكي عن الحارث بن عمير: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب مرفوعا.
قال ابن حبان:«موضوع لا أصل له، والحارث كان ممن يروي عن الأثبات الموضوعات».
وذكره الألباني في السلسلة الضعيفة وقال: موضوع.