الدروس
course cover
تفسير سورة نوح [ من الآية (21) إلى الآية (28) ]
19 Jan 2015
19 Jan 2015

6371

0

0

course cover
تفسير جزء تبارك

القسم الثاني

تفسير سورة نوح [ من الآية (21) إلى الآية (28) ]
19 Jan 2015
19 Jan 2015

19 Jan 2015

6371

0

0


0

0

0

0

0

تفسير قوله تعالى: {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28)}



تفسير قوله تعالى: (قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يقول تعالى مخبرًا عن نوحٍ، عليه السّلام، أنّه أنهى إليه، وهو العليم الّذي لا يعزب عنه شيءٌ، أنّه مع البيان المتقدّم ذكره، والدّعوة المتنوّعة المتشمّلة على التّرغيب تارةً والتّرهيب أخرى: أنّهم عصوه وكذّبوه وخالفوه، واتّبعوا أبناء الدّنيا ممّن غفل عن أمر اللّه، ومتّع بمالٍ وأولادٍ، وهي في نفس الأمر استدراجٌ وإنظارٌ لا إكرامٌ؛ ولهذا قال: {واتّبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خسارًا} قرئ {وولده} بالضّمّ وبالفتح، وكلاهما متقاربٌ). [تفسير القرآن العظيم: 8/234]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({قَالَ نُوحٌ} شَاكِياً لرَبِّه: إنَّ هذا الكلامَ والوعْظَ والتذكيرَ ما نَجَعَ فيهم ولا أَفادَ، {إِنَّهُمْ عَصَوْنِي} فيما أمَرْتُهُمْ به، {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَسَاراً}؛ أي: عَصَوُا الرسولَ الناصِحَ الدالَّ على الخيرِ، واتَّبَعُوا الْمَلأَ والأشرافَ الذين لم تَزِدْهم أموالُهم ولا أولادُهم إلاَّ خَسَاراً؛ أي: هَلاكاً وتَفويتاً للأرباحِ، فكيفَ بمَن انْقَادَ لهم وأَطاعَهم). [تيسير الكريم الرحمن: 889]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (21-{قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي} أيْ: اسْتَمَرُّوا على عِصيانِي ولم يُجِيبُوا دَعْوَتِي. شَكاهم إلى اللهِ عَزَّ وجَلَّ وهو أعْلَمُ بذلك.
{وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا} أيْ: اتَّبَعَ الأصاغرُ رُؤساءَهم وأَهْلَ الثروةِ منهم، الذين لم يَزِدْهم كثرةُ المالِ والولَدِ إلا ضَلالاً في الدنيا وعُقوبةً في الآخرةِ). [زبدة التفسير: 571]


تفسير قوله تعالى: (وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {ومكروا مكرًا كبّارًا} قال مجاهدٌ: {كبّارًا} أي عظيمًا. وقال ابن زيدٍ: {كبّارًا} أي: كبيرًا. والعرب تقول: أمرٌ عجيبٌ وعجاب وعجّاب. ورجلٌ حسان. وحسّان: وجمال وجمّال، بالتّخفيف والتّشديد، بمعنًى واحدٍ.
والمعنى في قوله: {ومكروا مكرًا كبّارًا} أي: باتّباعهم في تسويلهم لهم بأنّهم على الحقّ والهدى، كما يقولون لهم يوم القيامة: {بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا} [سبأٍ: 33] ولهذا قال هاهنا: {ومكروا مكرًا كبّارًا} ).
[تفسير القرآن العظيم: 8/234]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَمَكَرُو مَكْراً كُبَّاراً}؛ أي: مَكْراً كَبيراً بلِيغاً في مُعانَدَةِ الحقِّ). [تيسير الكريم الرحمن: 889]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (22-{وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً} أيْ: مَكْراً كَبيراً عَظيماً، وهو تَحريشُهم سِفَلَتَهم على قَتْلِ نُوحٍ). [زبدة التفسير: 571]


تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقالوا لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودًّا ولا سواعًا ولا يغوث ويعوق ونسرًا} وهذه أسماء أصنامهم الّتي كانوا يعبدونها من دون اللّه.
قال البخاريّ: حدّثنا إبراهيم، حدّثنا هشامٌ، عن ابن جريجٍ، وقال عطاءٌ، عن ابن عبّاسٍ: صارت الأوثان الّتي كانت في قوم نوحٍ في العرب بعد: أمّا ود: فكانت لكلب بدومة الجندل؛ وأما سواعٌ: فكانت لهذيلٍ، وأمّا يغوث فكانت لمراد، ثمّ لبني غطيف بالجرف عند سبأٍ، أمّا يعوق: فكانت لهمدان، وأمّا نسرٌ: فكانت لحمير لآل ذي كلاع، وهي أسماء رجالٍ صالحين من قوم نوحٍ، عليه السّلام، فلمّا هلكوا أوحى الشّيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم الّتي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسمّوها بأسمائهم. ففعلوا، فلم تعبد حتّى إذا هلك أولئك وتنسّخ العلم عبدت
وكذا روي عن عكرمة، والضّحّاك، وقتادة، وابن إسحاق، نحو هذا.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: هذه أصنامٌ كانت تعبد في زمن نوحٍ.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا ابن حميدٍ، حدّثنا مهران، عن سفيان، عن موسى، عن محمّد بن قيسٍ {[يغوث] ويعوق ونسرًا} قال: كانوا قومًا صالحين بين آدم ونوحٍ، وكان لهم أتباعٌ يقتدون بهم، فلمّا ماتوا قال أصحابهم الّذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم. فصوّروهم، فلمّا ماتوا وجاء آخرون دبّ إليهم إبليس فقال: إنّما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر، فعبدوهم.
وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة شيث، عليه السّلام، من طريق إسحاق بن بشرٍ قال: وأخبرني جويبر ومقاتلٌ، عن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: ولد لآدم عليه السّلام، أربعون ولدًا، عشرون غلامًا وعشرون جاريةً، فكان ممّن عاش منهم: هابيل، وقابيل، وصالحٌ، وعبد الرّحمن -والّذي كان سمّاه عبد الحارث-وودّ، وكان ودّ يقال له "شيث" ويقال له: "هبة اللّه" وكان إخوته قد سوّدوه، وولد له سواع ويغوث ويعوق ونسرٌ.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو عمر الدّوريّ، حدّثني أبو إسماعيل المؤدّب، عن عبد اللّه بن مسلم بن هرمز عن أبي حزرة، عن عروة بن الزّبير قال: اشتكى آدم، عليه السّلام، وعنده بنوه: ودٌّ، ويغوث، [ويعوق] وسواعٌ، ونسرٌ -قال وكان ودّ أكبرهم وأبرّهم به.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أحمد بن منصورٍ، حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا يعقوب، عن أبي المطهّر قال: ذكروا عند أبي جعفرٍ -وهو قائمٌ يصلّي-يزيد بن المهلّب، قال: فلمّا انفتل من صلاته قال: ذكرتم يزيد بن المهلّب، أما إنّه قتل في أوّل أرضٍ عبد فيها غير اللّه. قال: ثمّ ذكر ودًّا -قال: وكان ودٌّ رجلًا مسلمًا وكان محبّبًا في قومه، فلمّا مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه، فلمّا رأى إبليس جزعهم عليه، تشبّه في صورة إنسانٍ، ثمّ قال: إنّي أرى جزعكم على هذا الرّجل، فهل لكم أن أصوّر لكم مثله، فيكون في ناديكم فتذكرونه؟ قالوا: نعم. فصوّر لهم مثله، قال: ووضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه. فلمّا رأى ما بهم من ذكره قال: هل لكم أن أجعل في منزل كلّ واحدٍ منكم تمثالًا مثله، فيكون له في بيته فتذكرونه؟ قالوا: نعم. قال: فمثّل لكلّ أهل بيتٍ تمثالًا مثله، فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به، قال: وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به، قال وتناسلوا ودرس أمر ذكرهم إيّاه، حتّى اتّخذوه إلهًا يعبدونه من دون اللّه أولاد أولادهم، فكان أوّل ما عبد من غير اللّه: الصّنم الّذي سمّوه ودّا).
[تفسير القرآن العظيم: 8/234-236]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَقَالُوا} لهم داعِينَ إلى الشِّرْكِ مُزَيِّنِينَ له: {لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ}. فدَعَوْهُم إلى التعصُّبِ على ما هم عليه مِن الشِّرْكِ، وأنْ لا يَدَعُوا ما عليه آباؤُهم الأَقْدَمُون.
ثُمَّ عَيَّنُوا آلِهَتَهم فقالوا: {وَلاَ تَذَرُنَّ وَدًّا وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً}، وهذه أسماءُ رِجالٍ صالحِينَ, لَمَّا ماتُوا زَيَّنَ الشيطانُ لقَوْمِهم أنْ يُصَوِّرُوا صُوَرَهم لِيَنْشَطوا بزَعْمِهم على الطاعةِ إذا رَأَوْها، ثم طالَ الأَمَدُ وجاءَ غيرُ أولئكَ فقالَ لهم الشيطانُ: إنَّ أسلافَكم يَعْبُدُونَهم ويَتَوَسَّلُونَ بهم، وبهم يُسْقَوْنَ المطَرَ. فعَبَدُوهم.
ولهذا أَوْصَى رُؤساؤُهم للتابعِينَ لهم أنْ لا يَدَعُوا عِبادةَ هذه الآلِهَةِ). [تيسير الكريم الرحمن: 889]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (23-{وَقَالُوا} أيْ: قالَ الرؤساءُ للأتباعِ يُغْرُونَهم بِمَعصيةِ نُوحٍ, {لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} أيْ: لا تَتركوا عِبادةَ آلِهَتِكم، وهي الأصنامُ والصوَرُ التي كانتْ لهم، ثم عَبَدَتْهَا العرَبُ مِن بعدِهم.
{وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا} أيْ: لا تَتركوا عِبادةَ هذه.
قالَ محمَّدُ بنُ كعْبٍ: هذه أسماءُ قَومٍ صالحينَ كانوا بينَ آدَمَ ونوحٍ، فنَشَأَ بعدَهم قومٌ يَقتدونَ بهم في العِبادةِ، فقالَ لهم إبليسُ: لو صَوَّرْتُمْ صُوَرَهم كانَ أنْشَطَ لكم وأَشوقَ إلى العِبادةِ؟ ففَعَلُوا، ثم نَشأَ قومٌ مِن بعدِهم فقالَ إبليسُ: إنَّ الذينَ مِن قَبْلِكم كانوا يَعْبُدونَ هذه الصُّوَرَ فاعْبُدُوهم. فابتداءُ عبادةِ الأوثانِ كان مِن ذلك الوقتِ). [زبدة التفسير: 571]


تفسير قوله تعالى: (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {وقد أضلّوا كثيرًا} يعني: الأصنام الّتي اتّخذوها أضلّوا بها خلقًا كثيرًا، فإنّه استمرّت عبادتها في القرون إلى زماننا هذا في العرب والعجم وسائر صنوف بني آدم. وقد قال الخليل، عليه السّلام، في دعائه: {واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام ربّ إنّهنّ أضللن كثيرًا من النّاس} [إبراهيم: 35، 36].
وقوله: {ولا تزد الظّالمين إلا ضلالا} دعاءٌ منه على قومه لتمرّدهم وكفرهم وعنادهم، كما دعا موسى على فرعون ومثله في قوله: {ربّنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتّى يروا العذاب الأليم} [يونس: 88] وقد استجاب اللّه لكلٍّ من النّبيّين في قومه، وأغرق أمّته بتكذيبهم لما جاءهم به).
[تفسير القرآن العظيم: 8/236]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً}؛ أي: وقدْ أضَلَّ الكِبارُ والرؤساءُ بدَعْوَتِهم كثيراً مِن الخَلْقِ.
{وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً}؛ أي: لو كانَ ضَلالُهم عندَ دَعوتِي إيَّاهم بحَقٍّ، لكانَ مَصلحةً، ولكنْ لا يَزِيدُونَ بدعوةِ الرؤساءِ إلاَّ ضَلالاً؛ أي: فلم يَبْقَ مَحَلٌّ لنجاحِهم ولا لصَلاحِهم). [تيسير الكريم الرحمن: 889]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (24-{وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً} أيْ: أَضَلَّ كُبراؤُهم ورُؤساؤُهم كثيراً مِن الناسِ. وقيلَ: المرادُ الأصنامُ، أضَلَّتْ كثيرًا مِن الناسِ، {وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا} إلا خُسراناً. وقيلَ: ضَلالاً في مَكْرِهم). [زبدة التفسير: 571]


تفسير قوله تعالى: (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا (25) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (يقول تعالى: {ممّا خطاياهم} وقرئ: {خطيئاتهم} {أغرقوا} أي: من كثرة ذنوبهم وعتوّهم وإصرارهم على كفرهم ومخالفتهم رسولهم {أغرقوا فأدخلوا نارًا} أي: نقلوا من تيّار البحار إلى حرارة النّار، {فلم يجدوا لهم من دون اللّه أنصارًا} أي: لم يكن لهم معينٌ ولا مغيث ولا مجير ينقذهم من عذاب اللّه كقوله: {قال لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلا من رحم} [هودٍ: 43] ). [تفسير القرآن العظيم: 8/236]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : (ولهذا ذَكَرَ اللَّهُ عذابَهم وعُقوبَتَهم الدنيويَّةَ والأُخرويَّةَ فقالَ: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} في اليَمِّ الذي أحاطَ بهم، {فَأُدْخِلُوا نَاراً} فذَهَبَتْ أَجسادُهم في الغَرَقِ، وأرواحُهم للنارِ والْحَرَقِ.
وهذا كلُّه بسببِ خَطيئاتِهم، التي أَتاهم نَبِيُّهم نوحٌ يُنْذِرُهم عنها، ويُخبِرُهم بشُؤْمِها ومَغَبَّتِها فرَفَضُوا ما قالَ؛ حتى حَلَّ بهم النَّكَالُ.
{فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَاراً} يَنْصُرُونَهم حِينَ نَزَلَ بهم الأمْرُ الأمَرُّ، ولا أحَدَ يَقْدِرُ يُعارِضُ القَضَاءَ والقَدَرَ). [تيسير الكريم الرحمن: 889]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (25-{مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} أيْ: مِن أَجْلِها وبسبَبِها أُغْرِقوا بالطوفانِ {فَأُدْخِلُوا نَاراً} عَقِبَ ذلك، وهي نارُ الآخِرَةِ. وقيلَ: عذابَالقبرِ.
{فَلَمْ يَجِدُوا لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ أَنصَارًا} أيْ: لم يَجِدُوا أحَداً يَمنعُهم مِن عذابِ اللهِ ويَدْفَعُه عنهم). [زبدة التفسير: 571]


تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال نوحٌ ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارًا} أي: لا تترك على [وجه] الأرض منهم أحدًا ولا تومريّا وهذه من صيغ تأكيد النّفي.
قال الضّحّاك: {ديّارًا} واحدًا. وقال السّدّي: الدّيّار: الّذي يسكن الدّار.
فاستجاب اللّه له، فأهلك جميع من على وجه الأرض من الكافرين حتّى ولد نوحٍ لصلبه الّذي اعتزل عن أبيه، وقال: {سآوي إلى جبلٍ يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر اللّه إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين} [هود: 43].
وقال ابن أبي حاتمٍ: قرئ على يونس بن عبد الأعلى، أخبرنا ابن وهبٍ، أخبرني شبيب بن سعدٍ، عن أبي الجوزاء، عن ابن عبّاسٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "لو رحم اللّه من قوم نوحٍ أحدًا، لرحم امرأةً، لمّا رأت الماء حملت ولدها ثمّ صعدت الجبل، فلمّا بلغها الماء صعدت به منكبها، فلمّا بلغ الماء منكبها وضعت ولدها على رأسها، فلمّا بلغ الماء رأسها رفعت ولدها بيدها. فلو رحم اللّه منهم أحدًا لرحم هذه المرأة".
هذا حديثٌ غريبٌ، ورجاله ثقاتٌ. ونجّى اللّه أصحاب السّفينة الّذين آمنوا مع نوحٍ، عليه السّلام، وهم الّذين أمره اللّه بحملهم معه).
[تفسير القرآن العظيم: 8/236-237]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً} يَدُورُ على وجهِ الأرضِ، وذَكَرَ السببَ في ذلك فقالَ: {إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً}). [تيسير الكريم الرحمن: 889]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (26-{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} لَمَّا أَيِسَ نُوحٌ مِن إيمانِهم دعا عليهم بعدَ أنْ أُوحِيَ إليه:{أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ} فأجابَ اللهُ دعوتَه وأَغْرَقَهم. والدَّيَّارُ: مَن يَسكُنُ الدِّيارَ). [زبدة التفسير: 571]


تفسير قوله تعالى: (إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (27) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّك إن تذرهم يضلّوا عبادك} أي: إنّك إن أبقيت منهم أحدًا أضلّوا عبادك، أي: الّذين تخلقهم بعدهم {ولا يلدوا إلا فاجرًا كفّارًا} أي: فاجرًا في الأعمال كافر القلب، وذلك لخبرته بهم ومكثه بين أظهرهم ألف سنةٍ إلّا خمسين عامًا). [تفسير القرآن العظيم: 8/237]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلاَ يَلِدُوا إِلاَّ فَاجِراً كَفَّاراً}؛ أي: بَقاؤُهم مَفْسَدَةٌ مَحْضَةٌ لهم ولغيرِهم، وإنما قالَ نُوحٌ عليه السلامُ ذلك؛ لأنه معَ كَثرةِ مُخالَطَتِه إيَّاهم، ومُزاوَلَتِه لأخلاقِهم عَلِمَ بذلك نَتيجةَ أعمالِهم, لا جَرَمَ أنَّ اللَّهَ استجابَ دعوتَه فأَغْرَقَهم أَجْمعِينَ، ونَجَّى نُوحاً ومَن معَه مِن المؤمنينَ). [تيسير الكريم الرحمن: 889]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (27-{إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ} عن طريقِ الحقِّ {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا} أيْ: إلا فَاجِراً يَترُكُ طاعتَك، {كَفَّاراً} لنِعْمَتِكَ. أيْ: كثيرَ الكُفرانِ لها). [زبدة التفسير: 571]


تفسير قوله تعالى: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا (28) )

قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال: {ربّ اغفر لي ولوالديّ ولمن دخل بيتي مؤمنًا} قال الضّحّاك: يعني: مسجدي، ولا مانع من حمل الآية على ظاهرها، وهو أنّه دعا لكلّ من دخل منزله وهو مؤمنٌ، وقد قال الإمام أحمد:
حدّثنا أبو عبد الرّحمن، حدّثنا حيوة، أنبأنا سالم بن غيلان: أنّ الوليد بن قيسٍ التّجيبيّ أخبره: أنّه سمع أبا سعيدٍ الخدريّ -أو: عن أبي الهيثم، عن أبي سعيدٍ:-أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: "لا تصحب إلّا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلّا تقيٌّ".
ورواه أبو داود والتّرمذيّ، من حديث عبد اللّه بن المبارك، عن حيوة بن شريحٍ، به ثمّ قال التّرمذيّ: إنّما نعرفه من هذا الوجه.
وقوله: {وللمؤمنين والمؤمنات} دعاءٌ لجميع المؤمنين والمؤمنات، وذلك يعم الأحياء منهم والأموات؛ ولهذا يستحبّ مثل هذا الدّعاء، اقتداءً بنوحٍ، عليه السّلام، وبما جاء في الآثار، والأدعية [المشهورة] المشروعة.
وقوله: {ولا تزد الظّالمين إلا تبارًا} قال السّدّيّ: إلّا هلاكًا. وقال مجاهدٌ: إلّا خسارًا، أي: في الدّنيا والآخرة).
[تفسير القرآن العظيم: 8/237]

قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السّعْدِيُّ (ت: 1376هـ) : ({رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً} خَصَّ المَذْكورِينَ لتَأَكُّدِ حقِّهم وتَقْدِيمِ بِرِّهِم، ثُمَّ عَمَّمَ الدعاءَ فقالَ: {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً}؛ أي: خَسَاراً ودَماراً وهَلاكاً). [تيسير الكريم الرحمن: 889-890]

قالَ مُحَمَّدُ سُلَيْمَان الأَشْقَرُ (1430هـ) : (28-{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ} وكانا مُؤمنينِ.
{وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ} مَنْزِلَه الذي هو ساكِنٌ فيه. وقِيلَ: سَفينتُه. {مُؤْمِناً} فيَخْرُجُ مَن دَخَلَه غيرَ مُتَّصِفٍ بهذه الصفةِ، كامرأتِه, وولدِه الذي قالَ:{سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ}. {وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} أيْ: واغفِرْ لكلِّ مُتَّصِفٍ بالإيمانِ مِن الذكورِ والإناثِ.
{وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ تَبَاراً} هَلاكاً وخُسراناً ودَماراً. شَمِلَ دُعاؤُه هذا كلَّ ظالِمٍ إلى يومِ القِيامةِ). [زبدة التفسير: 571]



* للاستزادة ينظر: هنا