الدروس
course cover
الأسباب الموصلة إلى المطالب العالية
16 May 2015
16 May 2015

2644

0

0

course cover
خلاصة تفسير القرآن

القسم الثالث

الأسباب الموصلة إلى المطالب العالية
16 May 2015
16 May 2015

16 May 2015

2644

0

0


0

0

0

0

0

فائدة

بل فوائد عظيمة في ذكر شيء من الأسباب

التي ذكرها الله في كتابه موصلة إلى المطالب العالية


قالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ نَاصِرٍ السَّعْدِيُّ (ت: 1376هـ): (فائدة

بل فوائد عظيمة في ذكر شيء من الأسباب

التي ذكرها الله في كتابه موصلة إلى المطالب العالية

لا ريب أن من حكمة الله ورحمته أنه جعل العباد مفتقرين إلى جلب المنافع الدينية والدنيوية، وإلى دفع المضار الدينية والدنيوية، فاقتضت حكمته وسنته التي لا تتبدل أن هذه المنافع المتنوعة - وخصوصا الأمور العظام - لا تحصل إلا بالسعي بأسبابها الموصلة إليها، وكذلك المضار لا تندفع إلا بالسعي بالأسباب التي تدفعها، وقد بين في كتابه غاية التبيين هذه الأسباب، وأرشد العباد إليها، فمن سلكها فاز بالمطلوب، ونجا من كل مرهوب.

فأصل الأسباب كلها الإيمان والعمل الصالح، جعل الله خيرات الدنيا والآخرة وحصولها بحسب قيام العبد بهذين الأمرين، وقد ذكر الله في القرآن من هذا شيئا كثيرا جدا، وقد تقدم في هذا الكتاب شيء من ذلك عند ذكر فوائد الإيمان.

وجعل الله القيام بالعبودية والتوكل سببا لكفاية الله للعبد جميع مطالبه، شاهده قوله تعالى:

{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3]

{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: 36]

أي: بمن يقوم بعبوديته ظاهرا وباطنا.

وجعل الله التقوى والسعي والحركة سببا للرزق، شاهده قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا - وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 - 3]

وقوله: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15]

وجعل الله التقوى والإيمان وتكرار دعوة ذي النون سببا للخروج من كل كرب وضيق وشدة، شاهده الآية السابقة، وكذلك قوله:

{وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ - فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 87 - 88]

وجعل الله الدعاء والطمع في فضله سببا لحصول جميع المطالب، دليله قوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]

وقوله: {وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]

وجعل الله الإحسان في عبادة الخالق، والإحسان إلى الخلق سببا يدرك به فضله وإحسانه العاجل والآجل، شاهده الآية السابقة: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56] وقوله:

{هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]

{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]

ومن أحبه الله نال جميع ما يطلب.

وجعل الله التوبة والاستغفار والإيمان والحسنات والمصائب مع الصبر عليها أسبابا لمحو الذنوب والخطايا، شاهده قوله تعالى:

{وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: 82]

{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]

{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90]

وجعل الله الصبر سببا وآلة تدرك بها الخيرات، ويستدفع بها الكريهات، شاهده الآية السابقة، وقوله: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} [البقرة: 45]

أي: على جميع أموركم، ولما ذكر الله ما وصل إليه أهل الجنة من كمال النعيم، وزوال كل محذور، ذكر أن هذا أثر صبرهم، فقال:

{سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ} [الرعد: 24]

{أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان: 75]

ومنه أنه جعل الصبر واليقين تنال بهما أعلى مقامات، وهي الإمامة في الدين، دليله قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24]

وجعل الله مفتاح العلم حسن السؤال وحسن الإنصات والتعلم والتقوى وحسن القصد، شاهده قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ} [المائدة: 101]

وقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29]

أي: نورا وعلما تفرقون به بين الحقائق كلها، وقوله: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} [المائدة: 16]

وقوله: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69]

وجعل الله الاستعداد للأعداء بكل مستطاع من القوة، وأخذ الحَذر منهم سببا لحصول النصر والسلامة من شرورهم، شاهده قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} [النساء: 71] وقوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60]

وجعل الله اليسر يتبع العسر، والفرج عند اشتداد الكرب، شاهده قوله تعالى: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6]

{سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق: 7]

{أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ} [النمل: 62]

وجعل الله الشكر سببا للمزيد منها ومن غيرها، وكفران النعم سببا لزوالها، شاهده قوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7]

وجعل الله الصبر والتقوى سببا للعواقب الحميدة والمنازل الرفيعة، شاهده قوله تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]

{إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 90]

وجعل الله الجهاد سببا للنصر، وحصول الأغراض المطلوبة من الأعداء، والوقاية من شرورهم، شاهده قوله تعالى: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 14]

{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 84]

وجعل الله لمحبته التي هي أعلى ما ناله العباد أسبابا، أهمها وأعظمها متابعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال وسائر الأحوال، قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: 31]

ومن أسبابها ما ذكره بقوله: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146]

{يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134]

{يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 76]

{يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]

وجعل الله النظر إلى النعم، والفضل الذي أعطيه العبد، وغض النظر مما لم يعطه سببا للقناعة، شاهده قوله تعالى:

{قَالَ يا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالَاتِي وَبِكَلَامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 144]

وجعل الله القيام بالعدل في الأمور كلها سببا لصلاح الأحوال، وضده سببا لفسادها واختلافها، شاهده قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ - أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ - وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ} [الرحمن: 7 - 9]

وجعل الله كمال إخلاص العبد لربه سببا يدفع به عنه المعاصي وأسبابها وأنواع الفتن، شاهده قوله تعالى: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [يوسف: 24]

وجعل الله قوة التوكل عليه مع الإيمان حصنا حصينا يمنع العبد من تسلط الشيطان، خصوصا إذا انضم إلى ذلك الإكثار من ذكر الله، والاستعاذة بالله من الشيطان، شاهده قوله تعالى:

{إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 99]

وقال: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: 1]

و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: 1] إلى آخرهما.

وجعل الله مفتاح الإيمان واليقين التفكر في آيات الله المتلوة، وآياته المشهودة، والمقابلة بين الحق والباطل بحسن فهم وقوة بصيرة، شاهده قوله تعالى:

{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]

والأمر بالتفكر بالمخلوقات في عدة آيات، وقوله:

{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 77]

فهي سبب للإيمان، والإيمان موجب للانتفاع بها.

وجعل الله القيام بأمور الدين سببا لتيسير الأمور، وعدم القيام بها سببا للتعسير، وشاهده قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى - وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى - وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى - وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى - فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى} [الليل: 5 - 10]

وجعل الله العلم النافع للرفعة في الدنيا والآخرة، شاهده قوله تعالى: {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة: 11]

وجعل الله كون العبد طيبا في عقيدته وخلقه وعمله سببا لدخول الجنة، وللبشارة عند الموت، شاهده قوله تعالى: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73]

وقوله: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} [النحل: 32]

وجعل الله مقابلة المسيء بالإحسان، وحسن الخلق سببا يكون به العدو صديقا، وتتمكن فيه صداقة الصديق، دليله قوله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34]

{فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]

وبذلك تحصل الراحة للعبد، ويتيسر له كثير من أحواله.

وجعل الله الإنفاق في محله سببا للخلف العاجل والثواب الآجل، شاهده قوله تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: 39]

وجعل الله لرزقه أبوابا وأسبابا متنوعة، فمتى انغلق عن العبد باب منها فلا يحزن؛ فإن الله يفتح له غيره، وقد يكون أقوى منه وأحسن، وقد يكون مثله ودونه، شاهده قوله تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130]

وقوله: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 28]

وجعل الله التحرز والبعد عن الموبقات المهلكة والحذر من وسائلها طريقا سهلا هينا لتركها، شاهده قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} [البقرة: 187] [أي محارمه] {فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187]

أي: لا تفعلوها ولا تحوموا حولها؛ فمن رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، وإذا قيل مثل هذه الآية: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187] كان المراد بالحدود المحارم، وأما إذا قيل:

{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا} [البقرة: 229]

فهذه الحدود التي حددها الله للمباحات، فعلى العبد أن لا يتجاوزها؛ لأنه إذا تجاوز المباح وقع في المحرَّم، فافهم الفرق بين الأمرين.

وجعل الله السبب الوحيد القوي المثمر للثمرات الجليلة للدعوة إلى سبيله ما تضمنته هذه الآية: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125]

فالحكمة وضع الدعوة في موضعها، ودعاية كل أحد بحسب ما يليق بحاله ويناسبه، ويكون أقرب لحصول المقصود منه، (وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) : البالغة في الحسن مبلغا، يصير لها من التأثير وسرعة الانقياد ما يناسب مقتضى الحال؛ فالموعظة بيان الأحكام مع ذكر ما يقترن بها من الترغيب في ذكر مصالحها ومنافعها وخيراتها الحاملة عليها، وذكر ما يقترن بها من الترهيب على فاعل المحرمات أو تارك الواجبات من العقوبات والخسران والحسرات وحرمان الخير العاجل والآجل.

" والمجادلة بالتي هي أحسن " بالعبارات الواضحة والبراهين البينة التي تحق الحق وتبطل الباطل، مع الرفق واللين وعدم المغاضبة والمشاتمة). [تيسير اللطيف المنان: 2/346-354]