الدروس
course cover
سيرة حذيفة بن اليمان بن جابر العبسي (ت:36هـ) رضي الله عنه
29 Aug 2018
29 Aug 2018

2681

0

0

course cover
سير أعلام المفسرين

القسم الأول

سيرة حذيفة بن اليمان بن جابر العبسي (ت:36هـ) رضي الله عنه
29 Aug 2018
29 Aug 2018

29 Aug 2018

2681

0

0


0

0

0

0

0

9: حذيفة بن اليمان بن جابر العبسي الغطفاني (ت:36هـ)
من نجباء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصاحب سِرّه، وأعلم الصحابة بالمنافقين وأحوالهم، وبالفتن وأنواعها والمخارج منها، وهو الذي ندبه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب؛ ليخبره خبر المشركين.
كنيته أبو عبد الله، واسم أبيه حسل ويقال: حُسيل، وكان قد أصاب دماً في قومه؛ فهرب منهم إلى يثرب، وحالف الأوس، وهم من اليمانية، فلقّبه قومه اليمان، لمحالفته إياهم؛ فلمّا قدم النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينةَ أسلم اليمان، واستشهد يوم أحد، قتله المسلمون خطأ، فعفا حذيفة عنهم وتصدّق بديته على المسلمين.
- قال علي ابن المديني: (حذيفة بن اليمان هو حذيفة بن حسل، وحسل كان يقال له: اليمان، وهو رجل من عبس حليف للأنصار). رواه الخطيب البغدادي.
وذكر ابن أبي خيثمة عن سفيان الثوري أن أبا حذيفة اسمه حُسَيل.
وكان جليل القدر عند أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كان عمر يسأله عنه الفتن والمخارج منها، ويرقبه إذا قُدّمت جنازة؛ فإن رأى حذيفة يصلي عليها صلى، وإن رآه تأخّر لم يصلّ عليها، وأناب غيره، ولذلك لعلم حذيفة بالمنافقين.
شهد المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غير بدر، حبسه المشركون عنها ثم أطلقوه بعد أن أخذوا عليه العهد أن لا يقاتلهم.
- قال الوليد بن عبد الله بن جُميع الزهري: حدثنا أبو الطفيل قال: حدثنا حذيفة بن اليمان قال: ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبي حسيل، قال: فأخذنا كفار قريش، قالوا: إنكم تريدون محمدا، فقلنا: ما نريده، ما نريد إلا المدينة، فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرفن إلى المدينة، ولا نقاتل معه، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرناه الخبر، فقال: «انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم» رواه أحمد ومسلم وغيرهما.
وشهد فتوح فارس في عهد أبي بكر وعمر، وهو الذي أخذ الراية بعد مقتل النعمان بن مقرّن بنهاوند، وفَتَحَ أصبهان والريّ وغيرهما.
وهو الذي ندب عثمان لجمع الناس على مصحف واحد، بعدما رأى من اختلاف الناس في القراءة.
أمّره عمر على المدائن فبقي أميراً عليها حتى توفّي بعد مقتل عثمان في أوّل سنة 36هـ.
- قال محمد بن سيرين: دخل أبو مسعود الأنصاري على حذيفة في مرضه الذي مات فيه فاعتنقه فقال: الفراق
فقال: «نعم، حبيب جاء على فاقة» رواه ابن أبي شيبة.
- وقال أبو كريب: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن أبيه، عن أبي إسحاق السبيعي أن صلة بن زفر حدثه أن حذيفة بن اليمان كُفّن في ثوبين.

قال: بعثني وأبا مسعود، فابتعنا له كفناً حلة عصب بثلاث مائة درهم، فقال: «أرياني ما ابتعتما لي». فأريناه؛فقال: «ما هذا لي بكفن، إنما يكفيني ريطتان بيضاوان ليس معهما قميص، وإني لا أُترَك إلا قليلا حتى أنال خيرا منهما أو شرا منهما» فابتعنا له ريطتين بيضاوين). رواه الطبراني في المعجم الكبير.

- وقال عبد الملك بن ميسرة: سمعت النزال بن سبرة قال: سألنا أبا مسعود: ما قال حذيفة عند الموت؟
قال: قال: «أعوذ بالله من صباح إلى النار، اشتروا لي ثوبين أبيضين فكفنوني فيهما، فإنهما لن يتركا علي إلا يسيرا حتى أكسى خيرا منهما، أو أسلبهما سلبا سريعا» رواه الطبراني في المعجم الكبير.
- وقال أبو وائل شقيق بن سلمة، عن خالد بن ربيع العبسي، قال: لما بلغنا ثقل حذيفة خرج إليه نفر من بني عبس، ونفر من الأنصار معنا أبو مسعود.
قال: فانتهينا إليه في بعض الليل فقال: «أي ساعة هذه؟»
قلنا: ساعة كذا وكذا
قال: «أعوذ بالله من صباح إلى النار، هل جئتموني معكم بكفن؟»
قلنا: نعم.
قال: «فلا تغالوا بكفني؛ فإنْ يكن لصاحبكم خير عند الله يبدل خيراً منه، وإلا سلب سريعا» رواه ابن ابي شيبة.

- قال يحيى بن عبد الله بن بكير: «توفي حذيفة بن اليمان سنة ست وثلاثين» رواه الطبراني في المعجم الكبير.
وكذلك قال محمد بن عبد الله بن نمير.
- وقال بلال بن يحيى: (عاش حذيفة بعد قتل عثمان أربعين ليلة). رواه الخطيب البغدادي.
وكان عثمان قد قُتل في الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 35هـ.

- قال علي بن زيد بن جدعان، عن سعيد بن المسيب , عن حذيفة بن اليمان قال: «خيرني رسول الله صلى الله عليه وسلم الهجرة والنصرة؛ فاخترت النصرة» رواه الطبراني في المعجم الكبير.
- قال بسر بن عبيد الله الحضرمي: حدثني أبو إدريس الخولاني، أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني). رواه البخاري ومسلم.
- وقال هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، قالت: (لما كان يوم أحد هُزم المشركون هزيمة بينة، فصاح إبليس: أي عباد الله أخراكم، فرجعت أولاهم على أخراهم، فاجتلدت أخراهم؛ فنظر حذيفة فإذا هو بأبيه، فنادى أي عباد الله أبي أبي).
فقالت: (فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه، فقال حذيفة: غفر الله لكم).
قال عروة: (فوالله ما زالت في حذيفة منها بقية خير حتى لقي الله عز وجل). رواه البخاري.
- وقال المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها، يقرأ مترسلا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع، فجعل يقول: «سبحان ربي العظيم»، فكان ركوعه نحوا من قيامه، ثم قال: «سمع الله لمن حمده»، ثم قام طويلا قريبا مما ركع، ثم سجد، فقال: «سبحان ربي الأعلى»، فكان سجوده قريبا من قيامه). رواه مسلم وأحمد والنسائي.
- وقال الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، عن حذيفة في خبر طويل: قال حذيفة: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب، وأخذتنا ريح شديدة وقر،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا رجل يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟» فسكتنا فلم يجبه منا أحد.
ثم قال: «ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟» فسكتنا فلم يجبه منا أحد.
ثم قال: «ألا رجل يأتينا بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟»، فسكتنا فلم يجبه منا أحد.
فقال: «قم يا حذيفة، فأتنا بخبر القوم»، فلم أجد بدا إذ دعاني باسمي أن أقوم.. ) الحديث، رواه مسلم والبيهقي في السنن الكبرى.
- وقال ابن وهب: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، أن أبا إدريس الخولاني، كان يقول: قال حذيفة بن اليمان: (والله إني لأعلم الناس بكل فتنة هي كائنة فيما بيني وبين الساعة، وما بي أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرَّ إليَّ في ذلك شيئاً لم يحدّثه غيري، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وهو يحدث مجلسا أنا فيه عن الفتن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعدّ الفتن: «منهن ثلاث لا يكدن يذرن شيئا، ومنهن فتن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار» قال حذيفة: فذهب أولئك الرهط كلهم غيري). رواه مسلم.
- وقال الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة، قال: «قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما، ما ترك شيئا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة، إلا حدث به»، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابي هؤلاء، وإنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأراه فأذكره، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه). رواه مسلم.
- وقال أبو وائل شقيق بن سلمة: سمعت حذيفة، قال: كنا جلوسا عند عمر رضي الله عنه، فقال: أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة، قلت أنا كما قاله: قال: إنك عليه أو عليها لجريء، قلت: «فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره، تكفرها الصلاة والصوم والصدقة، والأمر والنهي»، قال: ليس هذا أريد، ولكن الفتنة التي تموج كما يموج البحر، قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها بابا مغلقا، قال: أيكسر أم يفتح؟ قال: يكسر، قال: إذا لا يغلق أبدا، قلنا: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم، كما أن دون الغد الليلة، إني حدثته بحديث ليس بالأغاليط فهبنا أن نسأل حذيفة، فأمرنا مسروقا فسأله، فقال: الباب عمر). رواه البخاري ومسلم.
- وقال أبو معاوية، عن الأعمش، زيد بن وهب: مات رجل من المنافقين فلم يصل عليه حذيفة، فقال له عمر: أمن القوم هو؟
قال: نعم.
فقال له عمر: بالله منهم أنا؟
قال: (لا، ولن أخبر به أحدا بعدك). رواه ابن أبي شيبة.
- وقال واصل الأحدب، عن أبي وائل، عن حذيفة بن اليمان، قال: «إن المنافقين اليوم شر منهم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون» رواه البخاري.
- وقال رُزين الجهني: حدثنا أبو الرقاد، قال: خرجت مع مولاي وأنا غلام، فدفعت إلى حذيفة وهو يقول: «إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيصير منافقا وإني لأسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرات , لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر , ولتحاضن على الخير أو ليسحتنكم الله بعذاب جميعا، أو ليؤمَّرَنَّ عليكم شرارُكم، ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم» رواه أحمد وابن أبي شيبة.
- وقال الأعمش عن يحيى بن وثاب قال: قال حذيفة: «والله لا يأتيهم أمر يضجون منه إلا أردفهم أمر يشغلهم عنه» رواه ابن أبي شيبة.
- وقال المغيرة بن مقسم عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس أنه قال: قدمت الشام فصليت ركعتين، ثم قلت: اللهم يسر لي جليسا صالحا، فأتيت قوما فجلست إليهم، فإذا شيخ قد جاء حتى جلس إلى جنبي، قلت: من هذا؟
قالوا: أبو الدرداء.
فقلت: إني دعوت الله أن ييسر لي جليسا صالحا، فيسرك لي.
قال: ممن أنت؟
قلت من أهل الكوفة.
قال: (أوليس عندكم ابن أم عبد صاحب النعلين والوساد والمطهرة، وفيكم الذي أجاره الله من الشيطان - يعني على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم - أوليس فيكم صاحب سر النبي صلى الله عليه وسلم الذي لا يعلمه أحد غيره). رواه أحمد والبخاري وغيرهما، وفي رواية أحمد: (أليس فيكم الذي يعلم السر، ولا يعلمه غيره يعني حذيفة).

- وقال أبو أسامة الحافظ وعبيدة بن الأسود الهمداني: حدثنا مجالد، عن الشعبي، قال: قلنا: كيف أصاب حذيفة ما لم يصب أبو بكر ولا عمر؟
قال صلة بن زفر: قد والله سألنا حذيفة عن ذلك، فقال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ذات ليلة، فأدلجنا دلجة، فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، فقال أناس: لو دفعناه الساعة فوقع فاندقت عنقه استرحنا منه. فلما سمعتهم تقدمتهم، فسرت بينه وبينهم، فجعلت أقرأ سورة من القرآن، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «من هذا؟» قلت: حذيفة يا رسول الله. قال: «ادن» فدنوت، فقال: «ما سمعت هؤلاء خلفك ما قالوا؟» قلت: بلى يا رسول الله؛ ولذلك سرت بينك وبينهم.

قال: «أما إنهم منافقون، فلان وفلان وفلان» رواه الطبراني في الكبير.

- وقال إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن بن عوف: حدثنا ابن شهاب [الزهري] عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان - وكان يغازي أهل الشام في فتح إرمينية وأذربيجان مع أهل العراق - فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة؛ فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى.
فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان؛ فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن ابن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف). رواه البخاري والترمذي والنسائي في الكبرى.

- وقال حفص بن عمر الدوري المقرئ: حدثنا إسماعيل بن جعفر أبو إبراهيم المديني، عن عمارة بن غزية، عن ابن شهاب الزهري، عن خارجة بن زيد، عن زيد بن ثابت: أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قدم من غزوة غزاها بفرج أرمينية فحضرها أهل العراق وأهل الشام، فإذا أهل العراق يقرءون بقراءة عبد الله بن مسعود، ويأتون بما لم يسمع أهل الشام، ويقرأ أهل الشام، بقراءة أبي بن كعب، ويأتون بما لم يسمع أهل العراق، فيكفرهم أهل العراق، قال: «فأمرني عثمان رضي الله عنه أن أكتب له مصحفا» فكتبته، فلما فرغت منه عرضه). رواه عمر بن شبة.
- وقال مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف قال: «قدم حذيفة المدائن على حمارٍ بإكافه على إكاف، سادلاً رجليه، ومعه عِرْق ورغيف وهو يأكل» رواه ابن سعد في الطبقات.
عرْق أي قطعة لحم.


رويت عن حذيفة رضي الله عنه حروفٌ في القراءة، ومسائل في التفسير.
روى عنه في التفسير من الصحابة: أنس بن مالك ، وأبو الطفيل، وجندب بن عبد الله.
ومن التابعين: صلة بن زفر، وزر بن حبيش، وربعي بن حراش، وعبد الله بن عبد الرحمن الأشهل، وأبو وائل شقيق بن سلمة، وعامر بن شراحيل الشعبي، وغيرهم.
وممن أرسل عنه: أبو البختري الطائي، وأبو الضحي مسلم بن صبيح، وأبو مجلز لاحق بن حميد، وأبو سلام الحبشي، والحسن البصري، وقتادة بن دعامة السدوسي، والضحاك بن مزاحم.