الدروس
course cover
سيرة جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري(ت:78هـ) رضي الله عنهما
30 Aug 2018
30 Aug 2018

3900

0

0

course cover
سير أعلام المفسرين

القسم الثاني

سيرة جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري(ت:78هـ) رضي الله عنهما
30 Aug 2018
30 Aug 2018

30 Aug 2018

3900

0

0


0

0

0

0

0

19: سيرة جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي الأنصاري (ت:78هـ)
من علماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفقهائهم، ولد قبل الهجرة ببضع عشرة سنة، وله مناقب كثيرة:
- منها شهوده بيعة العقبة الثانية وهو شابّ مع أبيه وخاليه.
- وشهوده تسع عشرة غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يتخلّف عن بدر وأحد إلا لمنع والده إياه ليخلّفه على بناته.
- وشهوده بيعة الرضوان، وهو من رواة أحاديثها.
- واستغفار النبي صلى الله عليه وسلم له خاصة في ليلة واحدة خمساً وعشرين مرّة.
- وعناية النبي صلى الله عليه وسلم به، وتلطّفه له، وتعزيته له في والده، وإعانته على قضاء دينه بأمر يعدّ من دلائل النبوة.
- ومنها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم خصّه بشهود بعض دلائل النبوة.
- ومنها حرصه على طلب العلم وحفظه حتى رحل مسيرة شهر في طلب حديث واحد.
- ومنها أنه من المكثرين من رواية الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- ومنها تصدّره للفتيا والتعليم سنين طويلة بالمدينة ، وجاور بمكة نحو سنة فانتفع به أهل العلم فيها.

مشاهده مع النبي صلى الله عليه وسلم:
شهد بيعة العقبة الثانية مع أبيه وخاليه وهو صغير، ثم منعه أبوه من القتال ببدر وأحدٍ ليخلِفَه في أهله، واستشهد أبوه يوم أحد، وهو الذي كلّمه الله كفاحاً بعد موته.
ولم يتخلّف جابر بن عبد الله عن غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم بعد أحد، فكانت أول غزوة غزاها غزوة حمراء الأسد، وشهد بيعة الرضوان.
- قال ابن جريج: قال عطاء: قال جابر: «أنا وأبي وخالي من أصحاب العقبة» رواه البخاري في صحيحه.
- ,قال سفيان بن عيينة: كان عمرو [بن دينار] يقول: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: «شهد بي خالاي العقبة» ، رواه البخاري في صحيحه وقال: قال ابن عيينة: (أحدهما البراء بن معرور).
- وقال زكريا بن إسحاق المكي: أخبرنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله، يقول: «غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة»
قال جابر: «لم أشهد بدرا، ولا أحداً منعني أبي، فلما قتل عبد الله يوم أحد، لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة قط» رواه أحمد ومسلم.
- وقال عمرو بن دينار: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية: «أنتم خير أهل الأرض» وكنا ألفا وأربع مائة، ولو كنت أبصر اليوم لأريتكم مكان الشجرة). رواه البخاري ومسلم.
- قال الذهبي: قال ابن سعد: (شهد العقبة مع السبعين، وكان أصغرهم، وأراد شهود بدر، فخلفه أبوه على أخواته، وكن تسعا، وخلفه يوم أحد فاستشهد يومئذ، وكان أبوه عقبيا بدريا من النقباء).
- وقال أبو بكر بن أبي شيبة: حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر قال: (كنت أمتح لأصحابي الماء يوم بدر). قال الواقدي: هذا وهم من أهل العراق.
- قال الذهبي: (صدق، فإن زكريا بن إسحاق روى عن أبي الزبير، عن جابر، قال: "لم أشهد بدرا ولا أحدا، منعني أبي فلما قتل لم أتخلف عن غزوة" أخرجه مسلم).


استغفار النبي صلى الله عليه وسلم له:
- قال حماد بن سلمة: أنبأنا أبو الزبير عن جابر قال: (استغفر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين مرة ليلة البعير). رواه الترمذي في سننه والنسائي في فضائل الصحابة.
- قال أبو عيسى الترمذي: (ومعنى قوله: ليلة البعير ما روي عن جابر من غير وجه أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فباع بعيره من النبي صلى الله عليه وسلم واشترط ظهره إلى المدينة، يقول جابر ليلة بعت من النبي صلى الله عليه وسلم البعير استغفر لي خمسا وعشرين مرة، وكان جابر قد قتل أبوه عبد الله بن عمرو بن حرام يوم أحد وترك بنات، فكان جابر يعولهن وينفق عليهن، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبر جابرا ويرحمه لسبب ذلك).

تعزية النبي صلى الله عليه وسلم له في وفاة أبيه:
- قال موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري: سمعت طلحة بن خراش يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال لي: يا جابر ما لي أراك منكسرا؟
قلت: يا رسول الله استشهد أبي، وترك عيالا ودينا.
قال: أفلا أبشرك بما لقي الله به أباك؟
قال: بلى يا رسول الله.
قال: ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب، وأحيا أباك فكلمه كفاحا.
فقال: يا عبدي تمن علي أعطك.
قال: يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية.
قال الرب عز وجل: إنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون.
قال: يا رب فأبلغ من ورائي.
فأنزل الله عز وجل هذه الآية: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا...} الآية كلها ).
رواه الترمذي وابن ماجة وابن خزيمة في التوحيد وابن أبي عاصم في السنة وابن حبان وغيرهم من طرق عن موسى بن إبراهيم به.

عيادة النبي صلى الله عليه وسلم له:
- قال سفيان بن عيينة: سمعت ابن المنكدر يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: مرضت فجاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر، وهما ماشيان؛ فأتاني وقد أغمي علي، فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم صبَّ وضوءَه عليَّ؛ فأفقت، فقلت: يا رسول الله كيف أقضي في مالي؟ كيف أصنع في مالي؟
قال: (فما أجابني بشيء حتى نزلت آية الميراث) متفق عليه.

حرصه على حفظ الحديث ورحلته في طلبه:
- قال القاسم بن عبد الواحد المكي: حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل، أن جابر بن عبد الله قال: بلغني حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيرا، ثم شددت عليه رحلي، فسرت إليه شهرا، حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنيس، فقلت للبواب: قل له: جابر على الباب، فقال ابن عبد الله؟ قلت: نعم، فخرج يطأ ثوبه فاعتنقني، واعتنقته، فقلت: حديثا بلغني عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في القصاص، فخشيت أن تموت، أو أموت قبل أن أسمعه ...) فذكر الحديث، وهو في مسند الإمام أحمد والأدب المفرد للبخاري، ومعجم الصحابة لابن قانع، والمعجم الكبير للطبراني.
- قال البخاري في صحيحه في كتاب العلم: (باب الخروج في طلب العلم، ورحل جابر بن عبد الله مسيرة شهر إلى عبد الله بن أنيس في حديث واحد).

شيء من أخباره وما شهد من دلائل النبوة:
- قال حجاج بن أبي زينب: حدثني أبو سفيان طلحة بن نافع، قال: سمعت جابر بن عبد الله، قال: كنت جالسا في داري، فمرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأشار إلي، فقمت إليه، فأخذ بيدي، فانطلقنا حتى أتى بعض حجر نسائه، فدخل ثم أذن لي، فدخلت الحجاب عليها، فقال: «هل من غداء؟» فقالوا: نعم، فأتي بثلاثة أقرصة، فوضعن على نبي، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم قرصا، فوضعه بين يديه، وأخذ قرصا آخر، فوضعه بين يدي، ثم أخذ الثالث، فكسره باثنين، فجعل نصفه بين يديه، ونصفه بين يدي، ثم قال: «هل من أدم؟» قالوا: لا إلا شيء من خل، قال: «هاتوه، فنعم الأدم هو» رواه مسلم في صحيحه، والدارمي وزاد: قال جابر: «فما زلت أحب الخل منذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم»، فقال أبو سفيان: «فما زلت أحبه منذ سمعته من جابر»
- وقال حنظلة بن أبي سفيان: أخبرنا سعيد بن ميناء، قال: سمعت جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما قال: لما حفر الخندق رأيت بالنبي صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا، فانكفأت إلى امرأتي، فقلت: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله صلى الله عليه وسلم خمصا شديدا، فأخرجت إليَّ جراباً فيه صاع من شعير، ولنا بهيمة داجن فذبحتُها، وطحَنَتِ الشعير، ففرَغَتْ إلى فراغي، وقطعتُها في برمتها، ثم وليت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: لا تفضحني برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه، فجئته فساررته، فقلت: يا رسول الله ذبحنا بهيمة لنا وطحنا صاعا من شعير كان عندنا، فتعال أنت ونفر معك، فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أهل الخندق، إن جابرا قد صنع سورا، فحي هلا بكم» فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تنزلن برمتكم، ولا تخبزن عجينكم حتى أجيء».
فجئت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الناس حتى جئت امرأتي، فقالت: بك وبك، فقلت: قد فعلتُ الذي قلتِ، فأخرجت له عجينا فبصق فيه وبارك، ثم عمد إلى برمتنا فبصق وبارك، ثم قال: «ادع خابزة فلتخبز معي، واقدحي من برمتكم ولا تنزلوها»
وهم ألفٌ، فأقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه وانحرفوا، وإن برمتنا لتغطّ كما هي، وإن عجيننا ليخبز كما هو). رواه البخاري ومسلم.
- وقال شعبة، عن محارب بن دثار قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: بعتُ من النبي صلى الله عليه وسلم بعيراً في سفر، فلما أتينا المدينة قال: «ائت المسجد فصل ركعتين» فوزن - قال شعبة: أراه فوزن لي - فأرجح، فما زال معي منها شيء حتى أصابها أهل الشأم يوم الحرة). رواه أحمد والبخاري، ورواه أحمد أيضاً ومسلم من طريق الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن جابر، قال: أقبلنا من مكة إلى المدينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتل جملي، وساق الحديث بقصته، وفيه ثم قال لي: «بعني جملك هذا»، قال: قلت: لا، بل هو لك، قال: «لا، بل بعنيه» قال: قلت: لا، بل هو لك يا رسول الله، قال: «لا، بل بعنيه»، قال: قلت: فإن لرجل علي أوقية ذهب، فهو لك بها، قال: «قد أخذته، فتبلغ عليه إلى المدينة»، قال: فلما قدمت المدينة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال: «أعطه أوقية من ذهب وزده»، قال: فأعطاني أوقية من ذهب، وزادني قيراطا، قال: فقلت: لا تفارقني زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: (فكان في كيس لي فأخذه أهل الشام يوم الحرة).
- وقال سالم بن أبي الجعد، عن جابر بن عبد الله، قال: أصابنا عطش بالحديبية فجهشنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبين يديه تور فيه ماء، فقال: بأصابعه هكذا فيها، وقال: (( خذوا بسم الله "، قال: فجعل الماء يتخلل من بين أصابعه كأنها عيون، فوسعنا، وكفانا)). رواه أحمد والدارمي والنسائي في الكبرى.
- وقال أبو إسماعيل حاتم بن إسماعيل العبدري، عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة، عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح، فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته، فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير شيئا يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها؛ فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كالبعير المخشوش، الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: «انقادي علي بإذن الله» فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما، لأم بينهما - يعني جمعهما - فقال: «التئما علي بإذن الله» فالتأمتا.
قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يحس رسول الله صلى الله عليه وسلم بقربي فيبتعد؛ فجلست أحدث نفسي، فحانت مني لفتة، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف وقفة، فقال برأسه هكذا - وأشار أبو إسماعيل برأسه يمينا وشمالا - ثم أقبل، فلما انتهى إلي قال: «يا جابر هل رأيت مقامي؟»
قلت: نعم، يا رسول الله.
قال: «فانطلق إلى الشجرتين فاقطع من كل واحدة منهما غصنا، فأقبل بهما، حتى إذا قمت مقامي فأرسل غصنا عن يمينك وغصنا عن يسارك»
قال جابر: فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته، فانذلق لي، فأتيت الشجرتين فقطعت من كل واحدة منهما غصنا، ثم أقبلت أجرهما حتى قمت مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرسلت غصنا عن يميني وغصنا عن يساري، ثم لحقته، فقلت: قد فعلت، يا رسول الله فعم ذاك؟
قال: «إني مررت بقبرين يعذبان، فأحببت، بشفاعتي، أن يرفه عنهما، ما دام الغصنان رطبين».
قال: فأتينا العسكر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا جابر ناد بوضوء» فقلت: ألا وضوء؟ ألا وضوء؟ ألا وضوء؟
قال: قلت: يا رسول الله ما وجدت في الركب من قطرة، وكان رجل من الأنصار يُبرد لرسول الله صلى الله عليه وسلم الماء في أشجاب له، على حمارة من جريد، قال: فقال لي: «انطلق إلى فلان ابن فلان الأنصاري، فانظر هل في أشجابه من شيء؟»
قال: فانطلقت إليه فنظرت فيها فلم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إني لم أجد فيها إلا قطرة في عزلاء شجب منها، لو أني أفرغه لشربه يابسه، قال: «اذهب فأتني به» فأتيته به، فأخذه بيده فجعل يتكلم بشيء لا أدري ما هو، ويغمزه بيديه، ثم أعطانيه، فقال: «يا جابر ناد بجفنة» فقلت: يا جفنة الركب فأتيت بها تحمل، فوضعتها بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بيده في الجفنة هكذا، فبسطها وفرق بين أصابعه، ثم وضعها في قعر الجفنة، وقال: «خذ يا جابر فصب علي، وقل باسم الله» فصببت عليه وقلت: باسم الله، فرأيت الماء يتفور من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم فارت الجفنة ودارت حتى امتلأت، فقال: «يا جابر ناد من كان له حاجة بماء» قال فأتى الناس فاستقوا حتى رووا، قال: فقلت: هل بقي أحد له حاجة؟ فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الجفنة وهي ملأى). رواه مسلم في صحيحه، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي في دلائل النبوة، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف والدارمي في سننه من طريق إسماعيل بن عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر بسياق مختلف.
- وقال زكريا بن أبي زائدة: حدثني عامر الشعبي قال: حدثني جابر بن عبد الله أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فأراد أن يسيّبه، قال: فلحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لي، وضربه، فسار سيرا لم يسر مثله، قال: «بعنيه بوقية»، قلت: لا، ثم قال: «بعنيه»، فبعته بوقية، واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي، فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت، فأرسل في أثري، فقال: «أتراني ماكستك لآخذ جملك، خذ جملك، ودراهمك فهو لك». رواه أحمد في مسنده، ومسلم في صحيحه، والنسائي في السنن الكبرى وابن حبان في صحيحه.
- وقال حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن جابر بن عبد الله، قال: كان ليهوديّ على أبي تمر، فقتل يوم أحد، وترك حديقتين، وتمر اليهودي يستوعب ما في الحديقتين؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « هل لك أن تأخذ العام بعضه وتؤخر بعضه؟» فأبى اليهودي.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « يا جابر إذا حضر الجداد، فآذني فآذنته، فجاء هو وأبو بكر، فجعل يجدّ ويكال من أسفل النخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بالبركة، حتى وفينا جميع حقه من أصغر الحديقتين - فيما يحسب عمار- ثم أتيتهم برطب وماء، فأكلوا وشربوا، ثم قال: «هذا من النعيم الذي تسألون عنه» رواه النسائي وأبو يعلى والبيهقي في شعب الإيمان.
- وقال زكريا بن أبي زائدة: حدثني عامر الشعبي قال: حدثني جابر بن عبد الله أن أباه توفي وعليه دين. قال فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت: إن أبي ترك عليه دينا وليس عندنا إلا ما يخرج نخله فلا يبلغ ما يخرج نخله سنتين ما عليه فانطلق معي لكيلا يفحش علي الغرماء. قال فمشى حول بيدر من بيادر التمر ودعا ثم جلس عليه وقال: أين غرماؤه؟ فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل الذي أعطاهم). رواه ابن سعد.

تصدّره لتعليم العلم:
- قال وكيع عن هشام بن عروة قال: رأيت لجابر بن عبد الله حلقة في المسجد , يؤخذ عنه). رواه البيهقي في المدخل إلى السنن، وذكر ابن حجر في الإصابة أنّه في مصنف وكيع.
- وقال عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت: خرجت أنا وأبي نطلبُ العلمَ في هذا الحيِّ من الأنصار قبل أن يهلكوا؛ فكان أول من لَقِيَنا أبو اليسَر فذكر الحديث..
ثم قال: ثم مضينا حتى أتينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في مسجده وهو يصلي..) فذكر الحديث. رواه مسلم في صحيحه، والبخاري في الأدب المفرد، وابن شبة في تاريخ المدينة، وابن حبان في صحيحه، وغيرهم.
- وقال محمد بن عمرو بن علقمة: حدثنا أبو سلمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: وجدت عامة علم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الحي من الأنصار، إن كنت لأقيل عند باب أحدهم ولو شئت أن يؤذن لي عليه لأذن، ولكن أبتغي بذلك طيب نفسه"). رواه ابن أبي خيثمة في كتاب العلم، والبيهقي في المدخل إلى السنن، والخطيب البغدادي في الجامع.
- قال أبو بكر البيهقي رحمه الله: (جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام وأبوه من أكابر الصحابة، شهد العقبة في السبعين من الأنصار , الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها، استشهد أبوه يوم أحد، وبقي جابر بعد النبي صلى الله عليه وسلم مدة مديدة حتى احتاجوا إلى علمه).



من وصاياه:

- قال الهيثم بن محمد الخشاب: أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سعيد بن المسيب، عن جابر بن عبد الله، قال: (ينبغي للعالم أن يغسل قلبه كما يغسل الرجل ثوبه من النجس).
- وبإسناده، عن جابر، قال: (تعلموا الصمت، ثم تعلموا الحلم، ثم تعلموا العمل بالعلم، ثم انشروا). رواهما البيهقي في شعب الإيمان.


وفاته:
كُفَّ بصره في آخر عمره، وتوفي بالمدينة، واختلف في سنة وفاته
- فقال خارجة بن الحارث، وابن نمير، والهيثم بن عدي، والمدائني، والواقدي، وأبو حفص الفلاس، وابن زبر الربعي، وابن حبان: سنة 78هـ ، واختاره الذهبي.
- وفي رواية أخرى عن الهيثم بن عديّ: سنة 68هـ. وهو خطأ.
- وفي رواية أخرى عن ابن نمير ذكرها ابن زبر: سنة 72هـ.، وهو خطأ أيضاً.
- وقال ابن سعد: سنة 73هـ، وهذه سنة وفاة جابر بن سمرة.
- وقال ابن عبد البر: سنة 74هـ، ولا أعلم له مستنداً.
- وعن أبي نعيم الفضل بن دكين روايتان، إحداهما: سنة 77ه، والأخرى: سنة 79هـ، ولعلهما على التقريب، والصواب بينهما.
وأرجح الأقوال قول الجمهور، وهو أنه توفي سنة 78هـ، وقد ذكر أنه مات هو وعبد الرحمن بن غنم الأشعري في وقت واحد، وعبد الرحمن توفي سنة 78هـ.

- قال محمد بن عمر الواقدي: (مات جابر بن عبد الله سنة ثمان وسبعين، وحدثني خارجة بن الحارث، قال: «رأيت على سريره بردا، وصلى عليه أبان بن عثمان، وهو والي المدينة، ومات جابر بن عبد الله وهو ابن أربع وتسعين، وكان يكنى أبا عبد الله، وكان قد ذهب بصره» رواه أبو نعيم في معرفة الصحابة.
- وقال عاصم بن سويد: سمعت جَدّي معاوية بن معبد قال: (أدركت جابر بن عبد الله في بني حرام، يجلس في الشمس يستدبرها بظهره فاسودّ ظهره؛ فلما مات أخذ حسن بن حسن بن علي بين عمودي سرير جابر). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: (ويقال أنه مات وهو ابن أربع وتسعين وصلى عليه أبان بن عثمان وهو والي المدينة وكان آخر من مات من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة). رواه ابن عساكر.
- قال أبو مسهر: (عبد الرحمن بن غنم هو رأس التابعين كان بفلسطين وقيل: تفقه به عامة التابعين بالشام, وكان صادقا فاضلا كبير القدر مات هو وجابر بن عبد الله في وقت).
قال الهيثم بن عدي وشباب: توفي سنة ثمان وسبعين.

- قال قتادة: كان آخر أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلم موتا بالمدينة جابر). رواه البغوي في معجم الصحابة وابن أبي شيبة في المصنف
قال أبو القاسم البغوي: (وهذا عندي وهم، وآخر من مات بالمدينة سهل بن سعد، أخبرت عن ابن نمير قال: مات جابر بن عبد الله في سنة ثمان وسبعين).
- وقال ابن عيينة: حدثنا أبو حازم قال: (كان سهل بن سعد آخر من بقي بالمدينة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن أبي خيثمة.
وسهل بن سعد توفي سنة إحدى وتسعين وقيل سنة ثمان وثمانين؛ فهو بعد جابر ببضع عشرة سنة، لكن كان يروى عن قتادة أن سهلاً توفّي بمصر.
ورجّح الحافظ العراقي أنّ آخر الصحابة موتاً بالمدينة محمود بن الربيع توفي بها سنة تسع وتسعين للهجرة.

رواة التفسير عن جابر:
روى عن جابر بن عبد الله جماعة من كبار مفسري التابعين، منهم: سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، ومجاهد بن جبر، وعكرمة مولى ابن عباس، وزيد بن أسلم، وعامر بن شراحيل الشعبي، ووهب بن منبه، وقتادة بن دعامة السدوسي، ومحمد بن كعب القرظي، وعطية العوفي، وأرسل عنه عطاء الخراساني.
ومن الرواة المكثرين من الرواية عنه: أبو الزبير المكي واسمه محمد بن مسلم بن تدرس، ومحمد بن المنكدر، وعمرو بن دينار، وأبو سفيان طلحة بن نافع.
وممن له رواية عنه في كتب التفسير المسندة سوى من تقدّم: أبو جعفر الباقر محمد بن علي بن الحسين، ومحمد بن عمرو بن الحسن، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت، وسعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، وسعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، وعبد الرحمن بن سابط، وسالم بن أبي الجعد، وسعيد بن أبي هلال، ويزيد بن صهيب الفقير، وعبد الله بن عبيدة، وعمار بن أبي عمار المكي، سعيد بن أبي كرب الهداني، وعبد الله بن عثمان بن خثيم، وطلق بن حبيب العنزي، وأبو نضرة العبدي، وسعيد بن مينا المكي، وسليمان بن قيس اليشكري وله صحيفة عنه

من مروياته في التفسير:
- قال عمرو بن دينار: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: {قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم} قال: «أعوذ بوجهك»، {أو من تحت أرجلكم} قال: «أعوذ بوجهك»، فلما نزلت: {أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض} قال: «هاتان أهون، - أو أيسر -» رواه أحمد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم.
- وقال حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، قال: سمعت جابر بن عبد الله، يقول: «أتانا النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما فأطعمناهم رطبا، وسقيناهم ماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم» هذا من النعيم الذي تسألون عنه " رواه أبو داوود الطيالسي وأحمد والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن حبان والطبراني.
- وقال عبد الله بن محمد بن عقيل، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: «{الصراط المستقيم} هو الإسلام، وهو أوسع مما بين السماء والأرض» رواه ابن جرير والحاكم وصححه.