30 Aug 2018
20: أنس بن مالك بن النضر النجاري الأنصاري (ت:92هـ)
قدم النبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة، وأنس
ابن عشر سنين؛ فجاءت به أمّه أمّ سليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
ليخدمه؛ فواظب على خدمته عشر سنين، فكان من أعرف الناس بشؤون النبي صلى
الله عليه وسلم، ورأى من دلائل النبوة شيئاً كثيراً ، وروى من ذلك ما
دُوّن في الصحاح والمسانيد والسنن منه شيء كثير.
وكان بعض كبار الصحابة يسألونه عن بعض ما يعلم
من شؤون النبي صلى الله عليه وسلم؛ وكان من أسعد الناس حظا بصحبة النبي
صلى الله عليه وسلم، وأعظمهم بركة بتلك الصحبة؛ وقد دعا له النبي صلى
الله عليه وسلم بالبركة؛ فبورك له في عمره وولده وماله وعلمه بركة عظيمة
هي من دلائل النبوة.
- قال الزهري: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه: أنه كان ابن عشر سنين مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة.
قال: فكان أمهاتي يواظبنني على خدمة النبي صلى الله عليه وسلم فخدمته عشر سنين، وتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشرين سنة). رواه البخاري.
- وقال سعيد من منصور: حدثني حماد بن زيد، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: (خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي: أفا قط، ولا قال لي لشيء: لم فعلت كذا؟ وهلا فعلت كذا؟). رواه مسلم.
- وقال إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة: حدثنا
أنس، قال: جاءت بي أمي أم أنس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد
أزَّرتني بنصف خمارها، وردَّتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله! هذا أنيس
ابني، أتيتك به يخدمك فادع الله له، فقال: «اللهم أكثر ماله وولده».
قال أنس: فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي وولد ولدي ليتعادّون على نحو المائة، اليوم). رواه مسلم.
- وروى حُميد الطويل، عن أنس رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم، على أم سليم، فأتته بتمر وسمن، قال: «أعيدوا سمنكم في سقائه، وتمركم في وعائه، فإني صائم» ثم قام إلى ناحية من البيت، فصلى غير المكتوبة، فدعا لأم سليم وأهل بيتها، فقالت أم سليم: يا رسول الله، إن لي خويصة، قال: «ما هي؟»، قالت: خادمك أنس.
فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا لي به، قال: «اللهم ارزقه مالا وولدا، وبارك له فيه»، فإني لمن أكثر الأنصار مالا، وحدثتني ابنتي أمينة: أنه دفن لصلبي مقدم حجاج البصرة بضع وعشرون ومائة). رواه البخاري.
- وقال جعفر بن برقان: حدثنا عمران البصري
القصير، عن أنس بن مالك قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما
أمرني بأمر فتوانيت عنه أو ضيعته، فلامني، فإن لامني أحد من أهل بيته
قال: (( دعوه، فلو قُدِّرَ - أو قال: لو قُضِيَ - أن يكون كان)). رواه أحمد وابن سعد، وفيه انقطاع، عمران لم يسمع من أنس وإنما رآه رؤية، وللحديث طرق أخرى يرقى بها إلى درجة الصحّة.
وكان شديد المحبّة للنبي صلى الله عليه وسلم
حريصاً على اتّباع هديه، وكان من شدّة محبته للنبي صلى الله عليه وسلم
يحبّ ما يرى أنّ النبي صلى الله عليه وسلم يحبّه من الطعام.
- الإمام مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي
طلحة، أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه، يقول: إنَّ خياطا دعا رسول الله
صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه، قال أنس: فذهبت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى ذلك الطعام، فقرّب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزا
ومرقاً فيه دُبَّاء وقديد، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم «يتتبع الدباء من حوالي القصعة»، قال: «فلم أزل أحب الدباء من يومئذ» رواه البخاري.
- قال: المثنى بن سعيد الذارع: سمعت أنس بن مالك يقول: (قلَّ ليلةٌ تأتي علي إلا وأنا أرى فيها خليلي صلى الله عليه وسلم)
قال المثنى: وأنس يقول ذلك وتدمع عيناه. رواه الإمام أحمد وابن سعد في الطبقات.
- وقال علي بن الجعد: أخبرنا شعبة، عن ثابت عن أبي رافع قال: قال أبو هريرة: (ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن أم سليم. يعني أنسا).
ورواه ابن سعد والطبراني من طريق عفان عن حماد بن سلمة عن ثابت به،
ورواه الطبراني في الكبير من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري، عن شعبة،
عن ثابت البناني، عن أبي رافع، عن أبي هريرة به.
وقال أنس بن سيرين: كان أنس بن مالك أحسن الناس صلاة في الحضر والسفر.
صلى أنس القبلتين، وشهد المشاهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى روي أنه خرجه معه إلى بدر يخدمه ولم يقاتل.
ولزم النبيَّ صلى الله عليه وسلم حتى مات، ثم
أحسن صحبة أبي بكر وعمر وكانا يثنيان عليه، ثم شهد بعض الفتوح مع
المسلمين، ثم سكن البصرة، وكان له بها أرض وزرع ومال، وطال عمره حتى حدّث
عنه خلق كثير من التابعين، وكان يحبّ طلاب العلم ويقرّبهم، وربّما آثرهم
بالحديث على بنيه لما يرى من حرصهم على العلم.
- قال ثابت البناني: كنا عند أنس بن مالك وجماعة من أصحابه؛ فالتفت إلينا فقال: (والله لأنتم أحب إلي من عِدَّتكم من ولد أنس إلا أن يكونوا في الخير مثلكم). رواه ابن سعد.
- قال محمد بن سيرين: كان أنس إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه ابن سعد.
- قال محمد بن عبد الله الأنصاري: حدثني أبي عن عمه ثمامة بن عبد الله عن أنس بن مالك أنه قال لبنيه: (يا بني قيدوا العلم بالكتاب). رواه ابن سعد.
- قال عفان بن مسلم: أخبرنا معتمر بن سليمان قال: سمعت أبي يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: (ما بقي أحد صلى القبلتين كلتيهما غيري). رواه ابن سعد.
- ابن عون عن عطاء الواسطي عن أنس بن مالك قال: (لا يتقي الله عبد حتى يخزن من لسانه). رواه ابن وهب وابن أبي شيبة وابن سعد وأبو داوود في الزهد.
ومما روي عنه في التفسير:
أ: عن أنس رضي الله عنه، قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: «يا رسول الله غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين ليرين الله ما أصنع»، فلما كان يوم أحد، وانكشف المسلمون، قال: «اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه - وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، - يعني المشركين - ثم تقدم»، فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: «يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد»،
قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعا
وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح، أو رمية بسهم ووجدناه قد قتل وقد مثل به
المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه قال أنس: " كنا نرى أو نظن أن
هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه}). متفق عليه وهذا لفظ البخاري، وقد روى هذا الحديث عن أنس: ثابت وحميد الطويل، وقال البخاري: {نحبه} عهده.
ب: هشيم، عن حميد، عن أنس، قال: قال عمر رضي الله عنه: اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه، فقلت لهن: {"عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن"} «فنزلت هذه الآية» رواه البخاري.
ج: ثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدث عن أنس في هذه الآية {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} قال: الحديبية). رواه البخاري وابن جرير.
روى عنه في التفسير: قتادة،
والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، والزهري، وثابت البناني، وحميد الطويل،
وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وأبو مجلز حميد بن لاحق، وأبو رجاء
العطاردي، وعاصم الأحول، ومعاوية بن قرة، والربيع بن أنس البكري.
وممن اختلف في سماعه منه: حفيده ثمامة بن عبد الله بن أنس، وحديثه عنه في صحيح البخاري لكن أعلّه الدارقطني بالانقطاع.
وأرسل عنه: الأعمش،
وعاصم بن أبي النجود، وعطاء الخراساني، ويحيى بن أبي كثير، وحماد بن
زيد، وأيوب السختياني، وهارون بن رئاب، وشعيب بن الحبحاب الأزدي، وعبد
الملك بن أبي سليمان، وداوود بن أبي هند، ومطر الوراق، وحبيب بن أبي
ثابت، وواقد بن سلامة البصري.
وروى عنه من الضعفاء: أبان بن أبي عياش، ويزيد بن أبان الرقاشي، وعلي بن زيد بن جدعان، وأبو اليقظان عثمان بن عمير ويقال عثمان قيس.
وأرسل عنه من الضعفاء: سعد بن سنان.