30 Aug 2018
سير أعلام المفسرين من التابعين
1: أبو يزيد الربيع بن خثيم الثوري (ت: 61هـ)
الإمام العابد الزاهد المخبت؛ من المخضرمين أدرك الجاهلية والإسلام، ولم ير النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
وهو ثقة جليل القدر كبير الشأن في التابعين، نزل الكوفة وصحب ابن مسعود؛ وتعلّم من علمه وهديه وسمته، وحصّل خيراً كثيراً.
قال بكر بن ماعز: كان عبد الله بن مسعود إذا رأى الربيع بن خثيم مقبلا قال : (بشر المخبتين! أما والله لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك). رواه ابن أبي شيبة.
وكان من العلماء الحكماء، عظيم الزهد في
الدنيا، بصيراً بأمر دينه، ناصحاً للمسلمين، وله وصايا مأثورة، وحكم
مشهورة، وأخبار وآثار اعتنى السلف بتدوينها وروايتها، وأفرد لها ابن أبي
شيبة باباً في مصنفه في كتاب الزهد، ونقل منها طائفة ابن سعد
قال إبراهيم التيمي: (أخبرني من صحب ابن خثيم عشرين عاما ما سمع منه كلمة تُعاب). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة.
وقال ابن الكواء للربيع بن خثيم: ما نراك تذم أحدا ولا تعيبه!!
قال: ويلك يا ابن الكواء! ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذمي إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله على ذنوب العباد وأمنوا على ذنوبهم). رواه ابن أبي شيبة
- محمد بن فضيل عن أبيه عن سعيد بن مسروق عن
الربيع بن خثيم أنه سُرق له فرس وقد أعطى به عشرين ألفا فاجتمع عليه حيُّه
وقالوا: ادع الله عليه؛ فقال: (اللهم إن كان غنيا فاغفر له، وإن كان فقيراً فأغنه).
وكان شديد الخشية؛ ذكر الأعمش عمّن حدّثه أن الربيع بن خثيم مرّ بالحدّادين فنظر إلى الكير وما فيه فخرّ مغشيّاً عليه.
وكان حريصاً على تحقيق الإخلاص معتنياً به، قالت سرّيته: كان الربيع يدخل عليه الداخل وفي حجره المصحف يقرأ فيه فيغطيه). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة.
وكان يقول: (كل ما لا يراد به وجه الله يضمحلّ). رواه ابن سعد.
- سفيان بن سعيد الثوري، عن أبيه قال: كان إذا قيل للربيع بن خثيم: كيف أصبحتم؟ قال: ضعفاء مذنبين، نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا). رواه ابن سعد وابن أبي شيبة.
- قال نسير بن ذعلوق: كان الربيع بن خثيم يبكي حتى تبتل لحيته من دموعه ويقول: «أدركنا قوما كنا في جنوبهم لصوصا» رواه ابن سعد.
من وصاياه الجليلة:
- ما رواه ابن أبي شيبة من طريق سفيان بن سعيد الثوري عن أبيه عن بكر بن ماعز أن الربيع بن خثيم قال له:
«يا بكر، اخزن عليك
لسانك إلا مما لك ولا عليك، فإني اتهمت الناس على ديني، أطع الله فيما
علمت، وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه، لأنا عليكم في العمد أخوف مني
عليكم في الخطأ، ما خيركم اليوم بخيرٍ، ولكنه خيرٌ من آخر شر منه، ما
تتبعون الخير كل اتباعه، ولا تفرون من الشر حق فراره، ما كل ما أنزل الله
على محمدٍ أدركتم، ولا كل ما تقرءون تدرون ما هو، السرائر اللاتي يخفين على
الناس هن لله بَوَادٍ، ابتغوا دواءها»
ثم يقول لنفسه: «وما دواؤها؟ أن تتوب ثم لا تعود»
- ما رواه ابن سعد من طريق الربيع بن المنذر الثوري عن أبيه، عن الربيع بن خثيم قال: «إن من الحديث حديثا له ضوء كضوء النهار تعرفه، وإن من الحديث حديثا له ظلمة كظلمة الليل تنكره» رواه ابن سعد.
روى عن: ابن مسعود
روى عنه: الشعبي، وسعيد بن مسروق الثوري أبو سفيان، وبكر بن ماعز، وأبو رزين، ومنذر الثوري، ونسير بن ذعلوق، وغيرهم.
من مروياته في التفسير:
أ: قال الأعمش:حدثنا مسعود أبو رزين، عن الربيع بن خثيم في قوله: {وأحاطت به خطيئته} ، قال: هو الذي يموت على خطيئته قبل أن يتوب). رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.
ب: قال نسير بن ذعلوق: سألت الربيع بن خثيم عن الصلاة الوسطى، قال: أرأيت إن علمتها كنت محافظا عليها ومضيعا سائرهن؟ قلت: لا! فقال: فإنك إن حافظت عليهن فقد حافظت عليها). رواه ابن جرير
ج: منصور بن المعتمر، عن أبي رزين، عن الربيع بن خثيم: {فليضحكوا قليلا}، قال: في الدنيا، {وليبكوا كثيرًا} قال: في الآخرة). رواه ابن جرير وابن أبي حاتم.