30 Nov -0001
بعد هذا ندخل في الكتب، والتعريف بالمؤلفات في هذا العلم، وهذا الأمر؛ أي التأليف في علوم القرآن يتكلّم عنه العلماء فيما يسمّونه بنشأة العلم وتطوّره ومراحله، ولكن ليس هذا هو المقصود في هذا اللقاء، وإنما المقصود أنواع التعاريف والكتب في علوم القرآن، يمكن أن نقسّمها إلى ثلاثة أقسام.
ماذا تتصوّرون أن تكون هذه الثلاثة الأقسام؟
نريد أن نحرك الأذهان قليلا ونتأمل، لما تنظرون إلى المؤلفات، أو ما كتب في علوم القرآن، يمكن أن يقسّم إلى ثلاثة أقسام.
أي مصادر علوم القرآن، من أين نستمد علوم القرآن الآن، أنا كباحث كطالب علم أريد أن أستمد مسائل علوم القرآن، من أين آخذها، من أيّ المصادر؟
يمكن أن يُقال: بأن المصادر والكتب التي يستمدّ منها مادة علوم القرآن ترجع إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: كتب ومؤلفات متنوعة تضمّنت بعض مسائل هذا العلم.
ولهذا يقولون: إن من مراحل تدوين علوم القرآن، التأليف أو التدوين الضمني، وهذه المرحلة الأولى من مراحل تدوين علوم القرآن.
كانت مسائل علوم القرآن مؤلفة من كتب أخرى، وأهم الكتب التي تضمنت مسائل ترجع إلى علوم القرآن هي كتب الحديث ، وكتب اللغة، وكتب أصول الفقه، وكتب التفسير، هذه المصادر الأربعة.
طبعًا كتب الحديث متوناً وشروحًا، حتى الشروح تضمنت مسائل مهمّة من مسائل علوم القرآن.
كتب التفسير كذلك، مقدّمات التفاسير، في ضمن تفاسير القرآن الكريم مسائل من هذا العلم.
كتب اللغة، أصل الموضوعات المتعلّقة باللغة ، والبلاغة، بلاغة القرآن وأساليبه في كتب اللغة.
وأصول الفقه، المباحث الأصوليّة المتعلّقة بعلوم القرآن، المتعلّقة بالعام والخاص، النسخ، التقييد، الإطلاق، الإجمال، البيان، هذه الموضوعات في الأصل أصولية، وهي مشتركة بين الأصول وعلوم القرآن، وهي في الأصل من موضوعات أصول الفقه، فهذا هو القسم الأول.
طبعًا هذا القسم مهم جدًا ؛ لأنه هو الأصل بدأت مسائل علوم القرآن ضمنه، ولذلك اتجه كثير من الباحثين في العصر الحاضر، وخاصّة مع وجود الجامعات التي تُعنى بالدراسات العليا وكتابة البحوث، اتجه الباحثون إلى جمع موضوعات علوم القرآن من المصادر التي هي في الأصل ليست من كتب التفسير ولا علوم القرآن، كتب اللغة، كتب الحديث وشروحه، علوم القرآن عند المحدّث الفلاني، علوم القرآن عند فلان من اللغويين، وهكذا، إذًا كتب ومؤلفات تضمّنت بعض مسائل هذا العلم مثل كتب، أبرزها هذه الأنواع الأربعة ، كتب الحديث، وكتب اللغة، وكتب أصول الفقه، وكتب التفسير، هذا القسم الأول.
سنجد مثلًا من مواد علوم القرآن ، ما دوّن في كتاب (الرسالة) للإمام الشافعي، وهو من أهم الكتب ويعتبر أول كتاب دوّن في أصول الفقه، هذا الكتاب حافل بمسائل علوم القرآن، ولذلك ألّفت رسالة علميّة (ماجستير أو دكتوراة) في علوم القرآن من خلال كتاب الرسالة، مع أنّ كتاب (الرسالة) ليس كبيرًا، لكنّه تضمّن مسائل كثيرة متعلّقة بعلوم القرآن العام والخاص وبيان القرآن، وأنواع بيان القرآن، والكلام عن الأحرف السبعة وغيرها من مباحث علوم القرآن.
أيضًا كتب اللغة؛ مهم جدًا أن نرجع إلى كتب اللغة في الموضوعات التي تتعلّق بلغة القرآن سواء كانت كتب المعاجم على وجه الخصوص، أو كتب النحو، أو كتب البلاغة، وهي أوسع؛ لأن أكثر الموضوعات المتعلقة بعلوم القرآن اللغوية ترجع إلى البلاغة وأساليب القرآن.
كتب الحديث كثيرة، سواء كانت الأحاديث؛ كأحاديث تتعلّق بعلوم القرآن؛ مثل حديث عائشة رضي الله عنها في أول صحيح البخاري في بدء الوحي فيه مسائل من علوم القرآن: أول ما نزل عليه الصلاة والسلام.
وهذا الأمر باب واسع لا يزال مجالًا رحبًا للبحث، ولاستنباط مسائل علوم القرآن، مثلًا لما تأتي أحاديث فيها إشارة إلى علوم القرآن، فيها تصريح بفضائل علوم القرآن، مثلًا: النبي عليه الصلاة والسلام لمّا قال لأبي بن كعب: ما أفضل آية في كتاب الله، أو ما أعظم آية في كتاب الله؟ قال: الله أعلم، ثم أعاد السؤال، قال: آية الكرسي {الله لا إله إلا هو الحي القيوم}، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم على صدره وقال: ليهنك العلم أبا المنذر.
هذا فيه بيان أهمية علم فضائل القرآن، ودليل عليه.
وأيضًا فيما يتعلق بمتى نزلت سورة البيّنة، حديث آخر قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي : إن الله أمرني أن أقرأ عليك سورة البيّنة.
متى نزلت؟ لأن أبي بن كعب لم يكن إلا في المدينة، إذا هي في المدينة.
مسائل كثيرة تستنبط من الأحاديث، وهذا كما قلت باب واسع، ينبغي العناية به، والرجوع إليه، ومن جرّد كتب السنة، الصحاح ، والمسانيد ، والمعاجم، سيجد فيها كمّا هائلًا من المسائل، وقد اتجه بعض الباحثين إلى هذا ، فألّفت رسائل في علوم القرآن من كتب السنة، فيما أذكر في رسالة دكتوراة في جامعة الإمام: (مسائل علوم القرآن من كتب السنة) أو من الكتب التسعة، وما شابه ذلك.
أما التفسير فأكثر مقدّمات المفسّرين مشتملة على موضوعات تتعلّق بعلوم القرآن، تفسير ابن جرير الطبري، تفسير الماوردي (النكت والعيون)، تفسير الراغب الأصفهاني، تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، وغيرها من كتب التفاسير مشتملة على موضوعات متفرّقة تتعلق بعلوم القرآن: من جهة النزول ، ومن جهة لغة القرآن ، وبعض المسائل، المكي والمدني أحيانًا، وأسباب النزول، والنسخ ولا يتعلّق بالتفسير يذكر بعض المفسرين مسائل مهمة تتعلق بعلوم القرآن في مقدمات تفاسيرهم .
وأما في أثناء التفسير فيوجد الكثير من التطبيقات في علوم القرآن، هذا هو القسم الأول.
وألفت رسائل كثيرة من رسائل الماجستير والدكتوراة في هذا القسم، رسالتي في الماجستير كانت: (علوم القرآن عند الحافظ الإمام ابن عبد البر رحمه الله)، وأحد الزملاء كانت رسالته: (علوم القرآن عند الإمام الخطّابي) مثلًا، وبعض الرسائل موجود، ويمكن الحصول عليه، والرجوع إليه.
وهذا القسم أهميته واضحة لأنه أول مراحل تدوين علوم القرآن ، والأمر الثاني أن فيه الكثير من التحريرات والتأصيلات والتحقيقات التي قد لا توجد في كتب علوم القرآن الأخرى أو الخاصّة، فالبحث في علوم القرآن والرجوع إلى مسائل علوم القرآن لابد فيه من العناية بهذا النوع، وخاصة في مقام البحث والتوسّع، وعند إرادة استيعاب المسألة وتصورها التصوّر الكامل، لا يكفي أن نقرأ ما كتب فقط في علوم القرآن؛ لأن الكثير من كتب علوم القرآن يقتصر أصحابها على النقل من الكتب نفسها وقد لا يخرجون عن مصادر علوم القرآن المعروفة، فيكون هناك نقص في المادة، مثلًا شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن القيّم أيضًا لهم أقوال كثيرة جدًا، ومهمة جدًا في علوم القرآن مع أنهم لم يؤلّفوا في علوم القرآن يعني قصدًا، غير مقدمة ابن تيمية المشهورة في التفسير أو كتاب التبيان في أيمان القرآن لابن القيم ، لكن كتبهم الأخرى ورسائلهم الأخرى مشتملة على الكثير من مسائل علوم القرآن، بل وتحريرات في غاية الأهميّة لابد للباحث أن يرجع إليها ويفيد منها، ابن حجر مثلًا، النووي، ابن عبد البر ذكرته، الأئمة الكبار، ابن حزم، له أقوال كثيرة جمعت في رسالة، الإمام ابن حزم رحمه الله، الأزهري في تهذيب اللغة، البيهقي في كتبه له كثير من المسائل المتعلّقة بعلوم القرآن حرّرها وتكلّم عنها، فهذا القسم يغفل كثير من الباحثين عنه، رغم أهميته، وأنه النواة الأولى لعلوم القرآن ، بل وهو الذي تكثر فيه التحريرات النفيسة، والتحقيقات البديعة التي قد لا توجد في كتب علوم القرآن الخاصّة، وهذا قد جرّبته وعشت معه فترات كثيرة، مثلًا الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله له تحريرات وأشياء، كتب أصول الفقه مليئة بالتحريرات التي يحتاجها طالب العلم في علوم القرآن، وقد ألّفت رسالة: (المسائل المشتركة بين علوم القرآن وأصول الفقه) لأخينا الدكتور فهد الوهبي وهي من الرسائل الجديدة وقد طبع أخيرًا.
كذلك كتب العقيدة لا أنسى في هذا الباب، وهي مهمّة جدًا يمكن أن تضاف إلى المصادر، كتب العقيدة خاصّة فيما يتعلّق بالوحي، وفي مباحث النزول والكلام، وهناك أخطاء متنوعة تقع في كتب علوم القرآن بسبب عدم تحريرها، وعدم الاعتماد على كتب أهل السنة والجماعة ، ككتاب السنة لأبي عاصم، كتاب السنة للخلال، كتاب اعتقاد أهل السنة للالكائي، الكتب المتقدمة، مصادر علم العقيدة مليئة بتحريرات مهمة جدًا في علوم القرآن وخاصّة ما يتعلّق بالمباحث المشتركة بين علوم القرآن والعقيدة، وهي التي تتعلق بالمصدر والنزول كذلك، فينبغي العناية بها والحرص عليها خاصّة لطالب العلم الذي يتخصص ويتجه إلى البحث في هذا العلم.
إًذا هذا هو القسم الأول.
القسم الثاني ما هو؟ –أظن الصورة اتضحت لكم-
ما هو القسم الثاني من أقسام مصادر علوم القرآن؟
نعم، الكتب المؤلفة تأليفًا خاصّا في هذا العلم مع جمع موضوعاته، الكتب التي تخصصت في علوم القرآن، وبعضهم يقول الكتب الموسوعيّة في علوم القرآن، يعني أنها اشتملت على أنواع من علوم القرآن ليست خاصّة بنوع، وهو الذي سيأتي في القسم الثالث؛ الكتب التي ألّفت في علوم القرآن على وجه الشمول، وعلى وجه الاستيعاب لموضوعاته، أو لأكثر موضوعاته، يعني كتب ألّفت في علوم القرآن خاصّة، وهذه الكتب المؤلفة في علوم القرآن وسمّيت بهذا الاسم، بعضهم يسمّيها المؤلفات الجامعة في هذا العلم.
طبعا ألّفت كتب لا يهمّنا كثيرًا الدخول في تفاصيل ما أول كتاب ألّف؛ لأن أول كتاب ألف يذكرون كتب لم نطلع عليها، ولم نعرفها، لا يهمنا ولكن سنتكلم عن الكتب الموجودة.
من أوائل الكتب التي ألّفت في هذا القسم، كتاب ووصلنا واطلعنا عليه: (كتاب فنون الأفنان في عجائب علوم القرآن) للإمام ابن الجوزي المتوفّى سنة 597 من الهجرة، وهذا يدلّ على أن التأليف الجامع في علوم القرآن تأخّر، فهو في آخر القرن السادس، قد يكون هناك كتب ألّفت قبل، لكننا لم نطّلع عليها، ولا نستطيع الجزم بأنها في علوم القرآن، فبعضها ألّف في أنواع من علوم القرآن ، ولكن ككتاب جامع هذا يعتبر هو الكتاب الذي جمع أكثر من نوع من أنواع علوم القرآن، واطلعنا عليه، ووصل إلينا، تكلّم فيه عن فضائل القرآن، وأنه غير مخلوق وعن نزول القرآن على سبعة أحرف، وعن كتابة المصحف وهجائه، والمحكم والمتشابه، وغير ذلك من المباحث المتعلّقة بعلوم القرآن، وإن كان لم يستوعب، طُبع بتحقيق أحمد الشرقاوي، وإكمال المراكشي بالدار البيضاء عام 1390 ه هذا أول مرة تقريبًا، ثم طُبع بعد ذلك عام 1408 بتحقيق الدكتور حسن ضياء الدين عكر وهو طبعة جيدة،
وهناك طبعة أخرى بتحقيق صلاح بن فتحي ملك عام 1422هـ، وأيضا حققه الدكتور الرشيد العبيدي في بغداد وطبع سنة 1988 م، هذه عدة طبعات من أشهرها وأحسنها الطبعة التي حققها الدكتور حسن ضياء الدين عكر.
ثم جاء بعد ذلك كتاب (جمال القرّاء وكمال الإقراء) لعلم الدين السخاوي، أبو حسن علي بن محمد بن عبدالصمد المتوفى سنة 643 هــ، الكتاب حقّق في جزئين مطبوع، حقّقه الدكتور علي حسن البواب، وله طبعة أخرى أيضًا، لا يحضرني الآن اسم المحقق، لكنه مطبوع ومتداول.
الطبعة التي عندي بتحقيق عبد الحق بن عبد الدايم سيف القاضي وهو طبعة متوفرة، ولكن الطبعة التي ذكرتها لكم قبل قليل نادرة.
قسم هذا الكتاب، أو هي في الأصل عدة كتب، تكلّم في عدة أنواع ثم جمعت في هذا الكتاب، هذا الكتاب اشتمل على موضوعات رئيسية من علوم القرآن، هذا الكتاب متضمن في الطود الراسخ والمنسوخ والناسخ، وعلم الاهتداء في معرفة الوقف والابتداء، نثر الدرر في ذكر الآيات والسور موجودة في هذا الكتاب، وهو من الكتب المهمّة التي ألّفت في علوم القرآن، وهو مطبوع بتحقيقين:
التحقيق الأول: علي حسن البواب، ثم النسخة الأخيرة التي ذكرتها الآن لكم بتحقيق عبد الحق بن عبد الدايم بن سيف القاضي، وهو أيضا رسالة علمية في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة، نوقشت هذه الرسالة، كانت بإشراف سالم المحيصن، ثم ناقشها الدكتور عبدالفتاح إبراهيم سلامة، وعبدالله بن محمد الأمين الشنقيطي.
بعد هذا الكتاب جاء كتاب آخر وهو كتاب مهم، من الكتب المهمّة في علوم القرآن، كتاب (المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز) هذا لمن، مرّ عليكم؟
نعم، لأبي شامة ، أحسنتِ، للإمام أبي شامة المقدسي، أبو القاسم عبدالرحمن بن إسماعيل المتوفى 665 هـ، وهذا الكتاب له نسخة أو أكثر من نسخة، حققهمحقق كويتي، لا يحضرني اسمه الآن، وحققه أيضا (طيار آلتي قولاج) وهو تركي، وطبع في بيروتسنة ألف وتسعمائة وخمس وسبعين (1975). هذا الكتاب بالمناسبة من الكتب المهمة فيعلوم القرآن وإن كان ليس مستوعبا لكل أنواع علوم القرآن؛ لأنه اقتصر على بعضموضوعات علوم القرآن، لكنه في الحقيقة من الكتب المهمة جدا، وفيه تحرير، ومن قرأكلامه في الأحرف السبعة، وعن القراء والقراءات، وبعض الموضوعات التي اشتمل عليها،فُإنه لا شك يُعد من أهم الكتب التي ألفت في علوم القرآن، وهو جدير بأن يقرأويستفاد منه، (المرشد الوجيز لأبي شامة).
نعطيكم بعض الموضوعات التي اشتملعليها هذا الكتاب:
تكلم فيه في الباب الأول: البيان عن كيفية نزولالقرآن، وتلاوته، وذكر حفاظه.
الباب الثاني: في جمع الصحابة رضي الله عنهمالقرآن.
الباب الثالث: في معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (أنزل القرآن علىسبعة أحرف)
الباب الرابع: في معنى القراءات المشهورة الآن.
الباب الخامس: فيالفصل بين القراءة الصحيحة القوية والشاذة.
الباب السادس: في الإقبال على ماينفع من علوم القرآن والعمل.
ستة أبواب.
والحقيقة أن الكتاب فيه تحريراتمهمة، وجدير بالبحث والقراءة. هذا ما يتعلق بكتاب المرشد الوجيز.
ثم يأتيبعده الكتاب المشهور الذي هو أول الكتب الجامعة الموسوعية في علوم القرآن، كتاب من؟
الإمام الزركشي، الذي هو (البرهان في علوم القرآن)، كتاب البرهان في علوم القرآنتأليف الإمام بدر الدين الزركشي - محمد بن عبد الله - المتوفى سنة 794 هـ، طبعاالكتاب يقع في أربعة أجزاء أو أربعة مجلدات، حققه محمد أبو الفضل إبراهيم، وطبعقديما 1967 ثم حققه تحقيقا آخر، - طبعا له عدة تحقيقات -، الدكتور يوسف المرعشلي،وأيضا شاركه جمال الذهبي، وإبراهيم الكردي، طبعته دار المعرفة في لبنان، وهذهالطبعة الثانية جيدة من حيث خدمة الكتاب وذِكر مصادر كل نوع؛ إذا ذكر المؤلف كلنوع، ذكروا في الحاشية الكتب التي صُنفت في كل نوع، ومن حيث الفهارس، والخدمة،جيدة، وكذلك طبعة محمد أبو الفضل إبراهيم هي الأولى، جيدة من حيث ضبط النص. هذاالكتاب لا شك يعتبر من أهم الكتب، إن لم يكن أهم الكتب في علوم القرآن، لولا أنهينقصه بعض الأشياء، التي استدركها عليه من جاء بعده، فإن هذا الكتاب يُعتبر حقيقةنقلة نوعية في علوم القرآن، وقد ضمنه سبعة وأربعين نوعا (47)، وسنذكر بعض الأشياءالمتعلقة به بعد أن نذكر الكتاب الذي يليه، وهو الكتاب المرجع الذي يكاد يكونالعمدة أو الكتاب الأصل في علوم القرآن الآن، هو ماذا؟ بعد البرهان في الزمن؟ - طبعا الزركشي متوفى سنة 794 هـ- يأتينا الآن كتاب السيوطي؛ الإمام جلال الدين السيوطيالمتوفى سنة 911 هـ ، (الإتقان في علوم القرآن) لجلال الدين السيوطي.
كتابالإتقان هو أكبر كتاب تقريبا في علوم القرآن، جمع فيه السيوطي، خلاصة ثمانين مبحثامن مباحث علوم القرآن، استخلصها من المؤلفات السابقة له، ويمكن أن يقال بأن هذاالكتاب، يصلح أن يكون الكتاب الجامع، واسطة العقد، وأجمع كتاب في علوم القرآن، معأنه جاءت كتب بعده لكن يبقى أنه الموسوعة التي لم يأت بعده ما يمكن أن يفوقه، أويغني عنه، وسنتكلم عنه الآن بعض الكلام، من خلال كتاب مؤلَّف، أُلف في الموازنة بينهذا الكتاب وكتاب البرهان، سنذكره الآن، لكن قبل أن نذكر ما يتعلق بالتفريق بينالبرهان والإتقان، سنذكر ما أورده المؤلف السيوطي في أول كتابه؛ لأنه ذكر بعض الكتبالتي سبقت وأشار إليها إشارة ولم نذكرها لأنها ليست من الجامعة، أو بعضها مختصر،فأردنا أن نؤخره لنعرّف به من خلال مقدمة السيوطي.
ذكر السيوطي فيمقدمته، يقول: "ولقد كنت في زمان الطلب، أتعجب من المتقدمين إذ لم يدونوا كتابا فيأنواع علوم القرآن كما وضعوا ذلك بالنسبة إلى علم الحديث، فسمعت شيخنا أستاذالأستاذين أبا عبد الله محيي الدين الكافِيْجي، أو الكافِيَجي، - يعني في خلاف فيضبطه -، يقول – طبعا شيخه هذا أبو عبد الله محي الدين الكافيجي يقول - : قد دونت في علوم التفسير كتا با لم أسبق إليه، فكتبته عنه – يعني كأنه رجع إليه – فإذا هو صغير الحجم جدا، وحاصل ما فيهبابان: الأول في ذكر معنىالتفسير والتأويل والقرآن والسورة والآية، والثاني: في شروط القول فيه بالرأي. - طبعا هذا الكتاب طُبع، اسمه التيسير في علم التفسير، وهوكتاب مختصر كما ذكر، فيه بعض الأمور والمباحث المتعلقة بعلوم القرآن، لكنه مختصرجدا، ثم يقول وبعد هذين العنصرين-، "وبعدهما خاتمة في آدابالعالم والمتعلم، فلم يشفِ لي غليلا، - والكلام للسيوطي الآن - ولم يهدني إلى المقصود سبيلا، ثم أوقفني شيخنا علم الدين البُلقينيرحمه الله تعالى على كتاب في ذلك لأخيه قاضي القضاة جلال الدين البلقيني،سماه: (مواقع العلوم منمواقع النجوم) – هذا من الكتب التي ألفت في علومالقرآن لجلال الدين البلقيني واسمه مواقع العلوم من مواقع النجوم، وهذا الكتاب طُبعأخيرا، قبل مدة، وهو كتاب مختصر، قد شرحه أخونا الدكتور عبد الرحمن معاوة في دورةمن دوراته في الحرم المكي، وهو يعمل على تحقيقه الآن تحقيقا آخر، وهو كتاب مختصروجيد لا بأس به لكنه مختصر كما سيذكره الآن السيوطي عنه، يقول: فرأيته تأليفا لطيفا ومجموعا ظريفا ذا ترتيب وتقرير وتنويعوتحبير- الذي هو كتاب مواقعالعلوم من مواقع النجوم، لجلال الدين البُلقيني، أخو شيخ السيوطي، - قال: ثم تكلم في كل نوع منها بكلام مختصر يحتاج إلى تحرير وتتماتوزوائد مهمات، فالكتاب مختصر – ثم قال: .. ، - طبعا لما اطلع عليه السيوطي،ألف كتاب قريب منه، وأجمع نوعا ما -، قال: فصنفت في ذلك كتاباسميته (التحبير في علومالتفسير) ضمنته ما ذكرالبُلقيني من الأنواع مع زيادة مثلها، - طبعا التحبير موجود الآن، وفيه مايقارب 102 من الأنواع أو من الموضوعات في علوم القرآن، فيصير ما تضمنه كتابالبُلقيني نصف هذا العدد، تقريب في الخمسين نوعا، يعني تضمن كتاب البُلقيني (مواقعالعلوم من مواقع النجوم) ما يقارب خمسين نوعا، وهو العدد الذي أورده السيوطي فيكتابه المختصر في علوم القرآن، له كتاب مختصر في علوم القرآن، مختصر جدا، - السيوطيله ثلاثة كتب مختصرة في علوم القرآن، أولها رسالة في أصول التفسير، ضمن كتابالنُقاية، له كتاب النقاية ضمنه مقدمات مختصرة لخمسة عشر علما، ومنها: التفسير، فألفرسالة أفردت في الأخير اسمها أصول التفسير للسيوطي، هذه رسالة مختصرة جدا، هي ليستفي أصول التفسير، وإنما في علوم القرآن، فيها ما يقارب الـ 54 أو الـ 55 نوع، طبعاألفها ثم ألف التحبير في علوم التفسير وضمنه أكثر من مائة نوع، تقريب 102، ثم كتابهالثالث المعروف، كتابه: (الإتقان)، وتكاد تكون كتبه الثلاثة هذه متدرجة، من أرادالبداية مثلا في طلب العلم في علوم القرآن، يمكن أن يقرأ (الأصول في التفسير) للسيوطي، ثم (التحبير) - كتاب متوسط، مطبوع في مجلد كبير، ومحقق - ، ثم كتاب (الإتقان)، وهو أجمعها، فهذه الثلاثة كتب- استطرادا – للسيوطي في علوم القرآن، لهكتاب آخر، اسمه (معترك الأقران)، مطبوع في أربعة مجلدات، لكنه يركز على النواحياللغوية في القرآن الكريم، في إعجاز القرآن هو، طيب، نعود إلى كلام السيوطي، يقول: “ ثم خطر لي بعد ذلك أن أؤلف كتابا مبسوطا- والمبسوطهو الموسع، والبسيط هو الكتاب الواسع- ثم خطر لي بعد ذلك أنأؤلف كتابا مبسوطا ومجموعا مضبوطا أسلك فيه طريق الإحصاء، وأمشي فيه على منهاجالاستقصاء، هذا كله وأنا أظن أني متفرد بذلك، غير مسبوق بالخوض في هذه المسالك،فبينا أنا أجيل في ذلك فكرا، أقدم رجلا وأؤخر أخرى، إذ بلغني أن الشيخ الإمام بدرالدين محمد بن عبد الله الزركشي أحد متأخري أصحابنا الشافعيين ألّف كتابًا في ذلك حافلًا يسمّى: (البرهان في علوم القرآن) فتتطلبته حتى وقفت عليه))،كما وصفه وتكلّم عنه أنه تضمّن سبعة وأربعين نوعًا وذكر بأنه أضاف إليه أنواعًا أخرى، وألّف هذا الكتاب الذي هو (الإتقان في علوم القرآن).
طبعًا (الاتقان في علوم القرآن) يعتبر من الكتب المهمّة جدًا، بل يمكن أن يُقال فيما يتعلّق بالكتاب الأصل في كلّ علم، بعض المعاصرين الذين لهم عناية فيما يسمّى بالمنهجية في القراءة في طلب العلم، يذكرون طريقة مفيدة لمن أراد أن يتقن العلوم كلّها في وقت يسير أن يختار من كلّ علم كتابًا يعتبر أصلًا في الفن الذي صنّف فيه فيجعله العمدة لقراءة وفي ضبط هذا الفن، ويختارون من كلّ فن كتابًا يمكن أن يكون هو الأضبط والأجمع، فمن أصول الفقه يختارون كتابًا مثلًا، والفقه يختارون كتابًا، والتفسير يختارون كتابًا، والعقيدة، وعلوم الحديث، والحديث، واللغة وعلومها نحوًا وبلاغة، وصرفًا، وعلوم القرآن.
فيختارون لعلوم القرآن الكتاب الذي يمكن أن يكون هو الأصل المغني في علوم القرآن ويغني عن غيره، كتاب: (الإتقان في علوم القرآن)
طبعًا (الإتقان في علوم القرآن) له طبعات كثيرة جدًا، منها ما طبع في مجلد كبير، ومنها المجلدات، ومنها المحقق تحقيقًا تجاريّا، ومنها المحقق، حققه أيضًا محمد أبو الفضل إبراهيم، في أربع مجلدات ومشهورة هذه الطبعة، وأفضل طبعة ونسخة لتحقيق الإتقان هي الطبعة الأخيرة التي أصدرها مجمّع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، في سبع مجلدات ، وهي طبعة نفيسة مخدومة خدمة رائعة، في سبعة مجلدات فهي أفضل طبعة لاشك، هناك طبعات كثيرة، لكن تبقى هذه الطبعة المتميزة، الطبعة التي أصدرها مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ، في سبعة مجلدات.
الفرق بين الطبعات من جهتين:
- من جهة ضبط النصّ، والسلامة من الأخطاء والنقص والتصحيف.
- الجهة الثانية: جهة الخدمة، التحقيق والتعليق على الآثار والأحاديث.
فهذه الطبعة تعتبر الأمثل من الجانبين، من جانب ضبط نص الكتاب وخدمة الكتاب، وعدم وجود الأخطاء، مع الرجوع إلى المصادر التي اعتمد عليها السيوطي، وأيضًا التحقيق والتعليق، وهي موجودة كنسخة bdf على الشبكة.
وعندي طبعتان أخرى جيدة، طبعًا طبعة محمد أبو الفضل إبراهيم، لا بأس بها، ولكن هناك طبعة أخرى جيدة في خمس مجلدات بتحقيق الدكتور محمود أحمد القيسية، ومحمد أشرف سيد سليمان الأكاسي، مؤسسة النداء، حصلت عليها وهي نادرة على كلّ حال، لا أراها إلا قليلًا في المكتبات، وأيضًا هي طبعة مضبوطة ضبط جيّد، ومخدومة خدمة جيدة في خمسة مجلدات، بتحقيق محمود أحمد القيسية، ومحمد أشرف سيد سليمان، مؤسسة النداء يبدو أنها في أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة، وهذه الطبعة، الطبعة الأولى في 1424 هــ في خمسة مجلدات، ثم طبعة محمد أبو الفضل إبراهيم.
هناك كتاب رسالة علمية في الجامعة الإسلامية، كتبها الباحث الكبير الأستاذ الدكتور حازم سعيد حيدر وهو من الباحثين المتميزين، وهو ممن أشرف على تحقيق طبعة مجمع الملك فهد؛ لأنه باحث في مجمع الملك فهد، عنوان رسالته (علوم القرآن بين الإتقان والبرهان دراسة وموازنة) طبع الكتاب الطبعة الأولى 1420 هـ، والثانية 1427 هـ، كتاب مطبوع وموجود للدكتور حازم سعيد حيدر (علوم القرآن بين الإتقان والبرهان)، ذكر في هذه الرسالة الموضوعات التي جاءت في الكتابين ، والموضوعات التي انفرد بها كل من الإمامين.
فالموضوعات المشتركة التي جاءت في الكتابين هي:
معرفة أسباب النزول، معرفة المناسبات بين الآيات، معرفة الفواصل ورؤوس الآي، الوجوه والنظائر، علم المتشابه، علم المبهمات، أسرار فواتح السور وضابطها، في خواتيم السور، معرفة المكي والمدني، معرفة أول ما نزل من القرآن وآخر ما نزل، في كيفية إنزاله، في بيان جمعه ومن حفظه من الصحابة رضوان الله عليهم، معرفة تقسيمه بحسب سوره وترتيب السور والآيات وعددها، معرفة أسمائه واشتقاقاتها، معرفة ما وقع فيه من غير لغة أهل الحجاز من قبائل العرب، معرفة ما فيه من غير لغة العرب، معرفة غريبه، معرفة الأحكام من جهة إفرادها وتركيبها –الإعراب-، معرفة اختلاف الألفاظ بزيادة أو نقص أو تغيير حركة أو إثبات لفظ بدل آخر –التي هي القراءات-، الوقف والابتداء، معرفة فضائله، علم مرسوم الخط، معرفة خواصه، هل في القرآن شيء أفضل من شيء؟، في آداب تلاوته وتاليه وكيفية تلاوته ورعاية حق المصحف الشريف، معرفة الأمثال الكائنة فيه، معرفة جدله، معرفة ناسخه ومنسوخه، معرفة موهم المختلف -يعني موهم التناقض أو الاختلاف-، معرفة المحكم من المتشابه، معرفة إعجازه، معرفة وجوه تواتره، معرفة تفسيره وتأويله ومعناه، معرفة وجوه المخاطبات والخطاب في القرآن، في بيان حقيقته ومجازه، في الكنايات والتعريف بالقرآن، في أقسام معنى الكلام، في ذكر ما تيسّر من أساليب القرآن وفنونه البليغة، في الكلام على المفردات من الأدوات والبحث عن معاني الحروف مما يحتاجه المفسّر إليه لاختلاف مدلولها.
هذه تسعة وثلاثون نوعًا (39) مشتركة بين البرهان والإتقان.
- أما ما انفرد به الزركشي فهو: معرفة على كم لغة نزل
ثانيًا: معرفة التصريف
ثالثًا: بلاغة القرآن كمعرفة كون اللفظ والتركيب أحسن وأفصح
رابعًا: معرفة توجيه القراءات، وتبيين وجه ما ذهب إليه كل قارئ
خامسًا: -يعني مما انفرد به الزركشي في البرهان- في أنه هل يجوز في التصانيف والرسائل والخطب استعمال بعض آيات القرآن الذي يسمّى الاقتباس.
سادسًا: معرفة أحكامه
سابعا: في حكم الآيات المتشابهات الواردة في الصفات
ثامنًا: في بيان معاضدة السنة للقرآن
ثمانية أشياء انفرد بها الزركشي ولم ترد في الإتقان للسيوطي.
ثم تكلّم عما انفرد به السيوطي، قال: قسّمها على أنواع -أي ما انفرد به السيوطي؛ لأن السيوطي متأخر، والأصل أن المتأخر يزيد على المتقدم- فقال: ما انفرد به السيوطي:
أولا: ما انفرد به وأصله في البرهان، يعني موجود له أصل، لكنه جعله نوعًا مستقلًا:
معرفة الحضري والسفري، والنهاري والليلي، ما تكرر نزوله، ما تأخر حكمه عن نزوله، وما تأخر نزوله عن حكمه، ما نزل مشيّعًا، وما نزل مفردًا، في بيان الموصول لفظًا والمفصول معنى، في الإمالة والفتح ما بينهما، في المدّ والقصر، في تخفيف الهمز، في كيفية تحمّله، في عامه وخاصّه، في مجمله ومبيّنه، في مطلقه ومقيّده، في منطوقه ومفهومه، في العلوم المستنبطة من القرآن، في أسماء من نزل فيهم القرآن، في مفردات القرآن، في طبقات المفسّرين.
ثمانية عشر نوعًا أصلها في البرهان لكنها غير مفردة كنوع.
النوع الثاني: مما انفرد به السيوطي: أنواع أضافها السيوطي على البرهان، مع كونه مسبوق بها من غير الزركشي:
الصيفي والشتائي، الفراشي والنومي، ما نزل مفرّقًا، وما نزل جمعًا، معرفة العالي والنازل من أسانيده، معرفة المشهور والآحاد والموضوع والمدرج، في الإدغام والإظهار والإخفاء والإقلاب، فيما يقع من الأسماء والكنى والألقاب.
هذه موجودة ليست في البرهان للزركشي، ولكنها ألفت في كتب أخرى قبل السيوطي.
أما النوع الثالث: فهو الأنواع المبتكرة في الإتقان، يعني أنواع لم ترد قبل في كتب ولا في مؤلفات في علوم القرآن:
الأرضي والسمائي، فيما نزل من القرآن على لسان بعض الصحابة، ما أنزل منه على بعض الأنبياء ، وما لم ينزل منه على أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم.
هذه التي ذكرها السيوطي وابتكرها، وبعضها فيه نوع من التكلّف، ويعتمد على بعض الآثار التي لا تضبط.
بعد استعراض هذه الأنواع، ندرك أن جلّ ما ذكر في الإتقان أساسه في البرهان، وما انفرد به صاحب الإتقان لا يعدو أن يكون قضايا فرعية، وكثير منها ذكرها بناء على أحاديث لا تصح، مع أن كتاب البرهان أوسع كثيرًا في القضايا اللغوية، نصفه أو أكثر منه متعلّق بالنواحي اللغوية، الأساليب اللغوية التي في القرآن الكريم، والأنواع التي ذكرها السيوطي في الإتقان، التي بلغت ثمانين نوعًا يمكن إدماج بعضها في بعض، وكثير مما انفرد به أو بعض ما انفرد به السيوطي، الإدغام الإخفاء الإظهار وما يتصل بعلوم التجويد يمكن الاستغناء عنها أصلًا؛ لأنه ليس من مباحث علوم القرآن، وإنما من مباحث التجويد، أو يشار إليه كنوع واحد، أمّا أن يذكر كأنواع فلا.
هذا ما يتعلّق بالبرهان والإتقان، طبعًا هم أجمع الكتب وأشهر الكتب، هما العمدة في المؤلفات الجامعة في علوم القرآن.
ألّف كتاب بعدهما: عنوانه (الزيادة والإحسان في علوم القرآن) هذا الكتاب، هو كتاب كبير طبع في عشرة أجزاء، وحقق في خمسة رسائل علمية، رسائل ماجستير في جامعة الإمام، وطبع في الشارقة، وهو لابن عقيل المكي المتوفّى 1150 هــ، ومؤلّف الكتاب حنفي المذهب صوفي النزعة، والأنواع التي ذكرها ضعف الأنواع التي ذكرها السيوطي في الإتقان، فقد ذكر ما ينيف عن مائة وخمسين نوعًا، ما يزيد عن مائة وخمسين نوعًا، جلّها ذكرها السيوطي، لكن الشيخ ابن عقيلة قد جعل من بعض الأنواع أنواعًا، طبعا هذا الكتاب حقيقة يعتبر كتابًا جامعًا، لكنه غير محرر، التحرير والتحقيق فيه قليل.
مؤلفه ... ، ويرجع إلى مصادر كثيرة لكنه لا يحرر ولا يحقق، كثير من الأشياء التي تحتاج إلى تمحيص، ولذلك ليس هذا الكتاب ذو بال عند المتخصصين من حيث قيمته العلمية، ولكنه يعتبر مرجعا واسعًا، طبعًا تكلم عنه الدكتور مصطفى مسلم المشرف على تحقيق الكتاب، وذكر مزاياه في مقدمة الكتاب، وذكر بعض المزايا، طبعًا هو يعتبر امتداد للإتقان للسيوطي، وفيه مادة علمية كثيرة، وفيه تبويب جيّد، ويذكر أن من مزاياه الدقّة والأمانة في النقل وعزو الأقوال لأصحابها، واهتمامه بالسيرة النبوية، ثم ذكر ما يؤخذ على الكتاب، طبعًا اعتمد كثيرًا على كتاب السيوطي ونقل أنواعًا بتمامها بنصها، دون أن يضيف شيئًا، يذكر الروايات ولا يحكم عليها، يذكر روايات ضعيفة وباطلة، ولا يبيّن رأيه في أي مسألة سواء كانت مسألة مشهورة أو غير مشهورة، خلافية، ويذكر في بعض الأنواع التي تتعلق بخواص القرآن، ذكر فيه أشياء لا تليق ، أشياء بدعية ولا تجوز، بدع وخرافات، نقلها من بعض الكتب التي هي لبعض الصوفية الغلاة، ولم يحكم عليها ولم يبيّن بطلانها، ولذلك هذا الكتاب لا يُنصح به كثيرًا، مع أنه كتاب كبير، لا يُنصح به لفقده للتحرير، وما فيه مغني عنه ما في الإتقان، وكذلك البرهان.
هذه الكتب من أهم ما ألّف في علوم القرآن قبل العصر الحاضر إلى أن جاء القرن الماضي (الرابع عشر)، وهذا القرن (الخامس عشر)، ازدهر فيه هذا العلم، وكثرت فيه التآليف والكتب، خاصّة عندما صار علوم القرآن مقررًا مستقلًا في الجامعات، ابتداء بجامعة الأزهر العريقة، ثم الجامعات الأخرى التي فيها كليات شرعية تُعنى بالدراسات الإسلامية والقرآنية، فكثرت المؤلفات، وهذا ما سنتكلم عنه الآن بشيء من الاختصار؛لأن المؤلفات المتأخرة كثيرة جدًا، وسنذكر بعضها، وننبه على الكتب المتميّزة، ثم إن شاء الله نختم الكلام عن الكتب الجامعة في علوم القرآن بالكتب التي يُنصح بها، ويمكن أن يقتصر طالب العلم عليها، لعلّنا نكمل من الآن ساعة، في بقية الموضوع والتعريف بالكتب، ونخصص آخر الوقت للأسئلة، إذا كان عندكم أسئلة واستفسارات نخصص الوقت الأخير لها، فمن كان عنده سؤال أو استفسار يمكنه أن يجهّزه ، ويكون في آخر الوقت، أرجو أن يكون العرض غير ممل، فطبيعة الإلقاء السردي المتتابع قد يكون فيه شيء من الملل، لكن لعل حرصكم والمتابعة منكم والكتابة تخفف من الملل، ولذّة العلم لعلها تغلب إن شاء الله، والمحب للعلم، الغالب أن حبه للعلم ينسيه التعب في تحصيله، والعلم على كل حال لا يُنال براحة الجسد، نسأل الله تعالى لنا ولكم الإعانة.
طبعًا كتاب (الإتقان في علوم القرآن) وغيره من الكتب، ليس معنى المدح لها والإشادة بها أنها لا تحتوي على أخطاء، أو ليس بها إشكالات، لا فيها بعض الأخطاء، وكذلك كل كتاب من كتب البشر، ولسنا هنا بصدد بيان منهج كل كتاب ، وما له من مزايا، وما عليه من مآخذ؛ لأن هذا يحتاج إلى وقت موسّع وطويل، وكل كتاب يمكن أن يتناول في لقاء خاص به، لكن الغرض هنا التعريف بكتب وأنواع المؤلفات في علوم القرآن.
في العصر الأخير من العصور المتأخرة من أوائل الكتب التي ألفت في علوم القرآن في القرن الماضي كتاب للعلامة المجاهد الشيخ طاهر الجزائري الدمشقي رحمه الله تعالى وهو من المجددين في القرن الماضي وكان في حياته في دمشق وأصله جزائري توفي عام 1883 ألف كتابا عنوانه (التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن على طريق الإتقان ) هذا الكتاب من أوائل ما ألف في العصر الحاضر وقد طبع بتحقيق الأستاذ الكبير عبد الفتاح أبو غدة.
هذا الكتاب الذي اعتنى به الشيخ الدكتور عبد الفتاح أبو غدة قال عنه : ( وهو كتاب نفيس يفيد المفسر والمحدث والفقيه والمقرئ والقارئ والقارئ المجود والأديب ودارس الشعر وكل راغب في ثقافة قرآنية ممتازة، ويعرّف قارئه بجهود علماء المسلمين وعنايتهم الفائقة بالقرآن الكريم وعلومه)
والكتاب طبع في حياة المؤلف سابقا قبل أكثر من ثمانين سنة، ثم أعاد طبعه الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، فخرج في طبعة جيدة، وطبعات عبد الفتاح أبو غدة في الغالب جيدة من حيث الضبط وهو متقن للتحقيق في هذا الباب .
هذا الكتاب من الكتب التي على عنوانه (التبيان لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن على طريق الإتقان) جعل:
- الفصل الأول في بيان المكي والمدني من القرآن
- الفصل الثاني في كيفية نزول القرآن ومايتعلق بذلك
- والفصل الثالث في نزول القرآن على سبعة أحرف
- ثم الفصل الرابع في جمع القرآن وترتيبه
- ثم الفصل الخامس في القراءات السبع
- ثم الفصل السادس في بيان تواتر القرآن والقراءات ومايتعلق بذلك
- ثم الفصل السابع في أسماء القرآن
- والفصل الثامن في أسماء السور ومايتعلق بذلك
- والفصل التاسع في عدد سور القرآن وأجزائه
- والفصل العاشر في عدد الآيات ويشتمل على مباحث –وكل الفصول تشتمل على مباحث-
- ثم الفصل الحادي عشر في تواصل الآي ومايتعلق بذلك
والكتاب في الحقيقة فيه فوائد كثيرة وتنبيهات متعددة وملئ بالفوائد؛ لأن فيه نقولات جميلة، وينبه على تنبيهات لطيفة، وينقل كذلك عن شيخ الإسلام وعن غيره .
وطاهر الجزائري بالمناسبة له فضل في نشر كتب شيخ الإسلام في بلاد الشام، وكان من أوائل من اعتنى بها، وكان له منهج في إخراجها حتى أنه كان حريصاً على أن ينسخ ويحقق الذي يوجد مخطوطاً منها ويدفعه بسرعة، وكان لايتأخر في التدقيق حتى لايتأخر في إخراج الكتب ويقول: (لعلنا نخرجه ثم نعاود النظر أو غيرنا فيه )، فله فضل في بلاد الشام.
وهذا الكتاب يعتبر من الكتب الجيدة وإن كان غير مشهوراً، ففيه تنبيهات كثيرة على مسائل وفروع وأخطاء وأوهام تقع في كتب علوم القرآن .
ثم يأتي بعد ذلك سلسلة الكتب التي ألفت من قبل علماء الأزهر , فلهم فضل لاشك وسبق في القرن الماضي في التأليف في علوم القرآن لما بدأ النظام الجديد للأزهر سنة 1934، بعد ذلك أنشأت كلية أصول الدين وصار مقرر علوم القرآن من المقررات الرئيسية وخاصة لطلاب الدراسات العليا فبدأت تكتب فيه كتب جيدة، هي في الأصل للطلاب ثم طبعت بعد ذلك:
منها كتاب الشيخ محمد سلامة (الفرقان في علوم القرآن ) ألفه لطلاب كلية أصول الدين وفق المنهج المقرر لطلاب الكلية.
ثم كَتب الشيخ العلامة محمد بن عبد العظيم الزرقاني كتابًا هو من أبرز الكتب المؤلفة في علوم القرآن في القرن الرابع عشر إن لم يكن أفضل كتاب، وهو (مناهل العرفان في علوم القرآن) كتبه بأسلوب شيق وعرض ممتع وتحرير فائق للمسائل التي اشتمل عليها، وهو أوسع وأشمل من الكتابين: (التبيان لطاهر الجزائري، وكتاب الفرقان)، ألفه تقريبًا في عام 1943 وأصبح هذا الكتاب مرجعا لطلاب العلم يردون حوضه فينهلون منه ويصدرون عنه.
هذا الكتاب (مناهل العرفان): تميز باقتصاره على الموضوعات الرئيسية في علوم القرآن، وطبع في مجلدين وله أكثر من طبعة, سأذكر لكم الموضوعات التي اشتمل عليها : بعد أن كتب مقدمة في القرآن وعلومه ومنهجه في التأليف
الموضوعات التي اشتمل عليها هذا الكتاب :
الجزء الأول وفيه:
- المبحث الأول في معنى علوم القرآن
- المبحث الثاني في تاريخ علوم القرآن
- المبحث الثالث في نزول القرآن، وتكلم فيه عن الوحي وتنزلات القرآن والوحي
-كل مبحث يطيل فيه فقلمه سيال وأسلوبه رائع والقاريء فيه يستمتع بأسلوبه ولايمل منه-
- المبحث الرابع في أول مانزل وآخر مانزل من القرآن وفصّل في هذه المسألة تفصيل طويل
- المبحث الخامس في أسباب النزول
- المبحث السادس في نزول القرآن على سبعة أحرف .
- المبحث السابع في المكي والمدني من القرآن الكريم .
- المبحث الثامن في جمع القرآن الكريم ومايتعلق به، وأطال جدا في هذا المبحث وأبدع أيما إبداع، وخاصة في استعراضه للشبهات كما سيأتي ذكره في مميزاته
- المبحث التاسع في ترتيب آيات القرآن وسوره .
- المبحث العاشر في كتابة القرآن ورسمه والمصاحف .
- المبحث الحادي عشر في القراءات والقراء والشبهات فيها .
هذا الجزء الأول
ثم الجزء الثاني وفيه :
- المبحث الثاني عشر في التفسير والمفسرين ومايتعلق بهما, تكلم فيه عن التفاسير ومناهجهم وأطال حقيقة أيضا في هذا المبحث .
- المبحث الثالث عشر في ترجمة القرآن وحكمها تفصيلا وهذا المبحث يعتبر من أنفس ماكتب في هذا الموضوع, أبدع أيما إبداع .
- المبحث الرابع عشر في النسخ وأطال فيه وفصل في جميع مسائله .
- المبحث الخامس عشر في محكم القرآن ومتشابهه، وهذا المبحث تورط فيه ومع الأسف وقع في أخطاء منهجية عقدية في هذا المبحث، وكذلك أكثر من كتب في هذا؛ لأنهم يدخلون في المتشابه آيات الصفات .
-وسأذكر بعد قليل كتاب يتعلق بهذا الكتاب مهم أن يُرجع إليه-
- المبحث السادس عشر في أسلوب القرآن الكريم .
- المبحث السابع عشر في إعجاز القرآن الكريم ومايتعلق به .
هذه هي موضوعات هذا الكتاب، والكتب المهمة أقف معها وأذكر بعض مافيها لأجل التركيز عليها .
هذا الكتاب كما ذكرت من أهم الكتب إن لم يكن أفضل كتاب ألف في القرن الماضي الرابع عشر في علوم القرآن، كتاب بديع نفيس محرر جدير بالعناية غير أن فيه شطحات وأخطاء في مسائل عقدية وفي بعض المسائل العلمية قام الشيخ الفاضل الدكتورخالد السبت بدراسة هذا الكتاب في رسالته للماجستير وعنوان رسالته: (كتاب مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني دراسة وتقويم ) وقد درس هذا الكتاب وذكر مزاياه ومايتعلق به ثم بين الأخطاء التي فيه والزلات التي وقع فيها فإذا أخذت هذا الكتاب وضممت إليه كتاب الدكتور خالد السبت فإنك ستخرج بحلاوة هذا الكتاب وروعة مافيه وتسلم من الوقوع في الأخطاء والزلات التي وقع فيها, حقيقة هذا الكتاب كتاب موسع يصلح للمتخصصين ويستمتع به أيضا غير المتخصصين, ركز فيه تركيزا قويا على الشبهات التي أثيرت.
ولكتاب المناهل طبعات كثيرة، ولدي طبعتين أحداهما طبعة دار الشام للتراث وهي مصورة من الطبعة القديمة فيه تحقيق فواز رمزلي، دار الكتب العلمية وله عدة تحقيقات فيما يظهر .
وكما قلت يتميز هذا الكتاب بالرد على الشبهات بتوسّع، فبعد ماينتهي من الموضوع يذكر الشبهات التي أثارها المستشرقون وغيرهم وخاصة المستشرقين لأنه كان في القرن الماضي كانت تثار الشبهات بكثرة فكان يذكر الشبهات ويرد عليها ردا مفصلا، وطبعًا هذه يحتاجها المتخصصون ولايحتاجها غيرالمتخصصين لكنه تميز بها .
هذا أيضا من كتب الأزهر المتميزة .
وألف كتاب أيضا من كتب الأزهر للشيخ عبد الوهاب عبد المجيد غزلان رحمه الله وكتابه (البيان في مباحث علوم القرآن )
يقول الدكتور فضل حسن عباس عنه: (وهو كتاب دقيق فيما عرض له من مسائل محكم العبارة وقد أفدت منه في مواضع كثيرة من هذا الكتاب- يقصد كتاب سيأتي التنبيه عليه (إتقان البرهان في علوم القرآن) لفضل عباس-، ولكنه كان وفقا لمنهاج المقرر لطلاب كلية أصول الدين بالأزهر فخلا عن الكثير من الموضوعات .
وحتى ننتهي من مدرسة الأزهر ومصر في علوم القرآن، هناك كتاب مهم جدا أيضا من الكتب الجيدة المحررة هو (المدخل لدراسة القرآن الكريم ) لمحمد محمد أبو شهبة, والمؤلف من الذين جمعوا بين التخصص في القرآن والسنة وهو عالم كبير رحمه الله كان في جامعة أم القرى وكان له برنامج في الإذاعة اسمه (قراءة من صحيح البخاري ) وكتبه جيدة سواء في السيرة والحديث أو في علوم القرآن, ألف كتاب المدخل لدراسة القران الكريم وهو كتاب محرر .
في المدرسة المصرية نختم بكتاب جامع من كتبهم وهو (الموسوعة القرآنية المتخصصة) هذا الكتاب أصدرته أو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في وزارة الأوقاف وهو موسوعة على اسمه قد شارك في تأليفه حوالي ثلاثة عشر أو أربعة عشر من علماء الأزهر من الأساتذة الكبار وأشرف عليه الأستاذ الدكتور محمود حمدي زقزوق وزير الأوقاف، وممن شارك في تأليفه:
إبراهيم خليفة وأحمد فؤاد باشا وجمال مصطفى النجار وجودت محمد المهدي والسيد علي سليمان وعبد السميع هاشم وعبدالعظيم المطعني وعبدالغفور محمود مصطفى ومحمد بكرإسماعيل ومحمد بيومي ومحمد السيد جبريل ومصطفى الشكعة وغيرهم .
قسموا هذا الكتاب بينهم وأخذ كل واحد منهم موضوعا من الموضوعات، وحقيقة يعتبر هذا الكتاب موسوعة محررة ويصلح لطلاب الدراسات العليا والمتخصصين وينبغي الاعتماد عليه والرجوع إليه خصوصا لمن أراد البحث، والغريب أن الكثير من الدارسين لاينتبهون له .
- أول موضوع كان الوحي كتبه جودت المهدي
- أسباب النزول كتبه الأستاذ الدكتور محمد السيد جبريل
- المباديء العامة والقيم في القرآن الكريم الدكتورعلي جمعة
- القرآن ومايكتب فيه للأستاذ الدكتور إبراهيم خليفة
- السور القرآنية كتبه الأستاذ الدكتورعبد البديع أبو هاشم
- التفسير والمفسرون للأستاذ الدكتور جمال مصطفى عبد الحميد
- القراءات والقراء للأستاذ الدكتور عبد الغفور محمود مصطفى .
- علم التجويد في القرآن الكريم كتبه الأستاذ الدكتور السيد إسماعيل علي سليمان .
- بلاغة القرآن كتبه العالم المتقن في البلاغة عبد العظيم المطعني .
لاندقق كثيرا؛ علي جمعة كونه ضال وانحرف وأتى بالطوام لايعني أن ليس له كتابات جيدة في العلم لابأس بها، وله انحرافاته ونحن نأخذ ماصح وما أتقن وهذا الرجل نسأل الله أن يهدينا وإياه وأن يرده إلى الحق , الوقوف وترك كتاب؛ لأن فيه شخصا طبعا هو كتب فيه موضوعين فيما يظهر المقدمة والمباديء العامة والقيم في القرآن الكريم ونلاحظ أنها ليست من الموضوعات الرئيسية في علوم القرآن، وكل يأخذ من قوله ويرد , وأيضا من الموضوعات :
- إعراب القرآن الكريم للأستاذ محمد بكر إسماعيل
- الإعجاز البياني في القرآن للأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي
- الإعجاز المعاصرأيضا للأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي
- الإعجاز العلمي كتبه أحمد فؤاد باشا
- مفردات قرآنية كتبه عبد الحي الفرماوي
- الإنسان في القرآن الكريم كذلك للأستاذ الدكتور عبد الحي فرماوي
- السنن الإلهية في القرآن الكريم للأستاذ الدكتور مصطفى الشكعة
- ترجمة معاني القرآن
وهذه الموسوعة محررة وفيها دراسة تحليلية للأقوال والمسائل المشكلة في علوم القرآن، ومن كان باحثًا فهذه الموسوعة تصلح أن يكتب كتابا في بعض الأوهام والأخطاء التي فيها؛ لأنها مهمة ولكن فيها أوهام وأخطاء فلو أن باحثا تصدى لها لكان ذلك نافعا ومفيدًا.
انتهينا بهذا من المدرسة المصرية وطبعا لهم سبق وفضل في هذا الباب وخاصة في العصورالمتأخرة، وهناك كتب أخرى ولكن هذه أشهرها وأهمها.
نعود للكتب التي ألفت في علوم القرآن أيضا ومهمة في العصر الحديث في غير مصر، سأذكر لكم مختارات من الكتب، فمن الكتب الجيدة وهو من أول الكتب (مباحث في علوم القرآن ) للدكتور صبحي الصالح وهو كتاب جيد ومرتب وضمن بعض الشبهات ورد عليها بأسلوب شيق وترتيب جيد.
ثم ألف كتاب (مباحث في علوم القرآن) لشيخنا مناع القطان ألفه لطلاب جامعة الإمام وكان مقررًا، ولايزال مقررا في كثير من الجامعات إلى الآن، وهو كتاب جيد وترتيبه حسن وفيه تحقيقات جيدة، ونقولات عديدة واعتمد فيه كثيرا على كتاب الإتقان وبعض المراجع الأخرى وهو يعتبر من الكتب التي لها شهرة كبيرة بسب أنه مقرر يدرس في الجامعات.
من الكتب الجيدة المؤلفة في علوم القرآن كتاب (المقدمات الأساسية في علوم القرآن) للأستاذ عبد الله الجديع، وهذا الكتاب من وجهة نظري يعتبر من أحسن الكتب تحريرًا وتحقيقًا وترتيبًا، رتّبه جعله على ست مقدّمات، بدأ بمقدمة تمهيديّة في التعريف بالقرآن وما يتعلق به، وأسماء السور والآيات، ثم الإعجاز جعله في مقدمة -هذا يرجع إلى الناحية التي ذكرتها لكم في البداية حقيقة القرآن-، ثم مقدمة في نزول القرآن، ومقدمة في جمع القرآن، ومقدمة في القراءات، ومقدمة في النسخ، ومقدمة في التفسير وما يتعلّق به، ومقدّمة في أحكام القرآن، وهو كتاب جمع صاحبه فيه بين حسن الترتيب والتحقيق للمسائل التي فيها إشكالات، مع حرصه على تخريج الآثار والروايات والأحاديث التي وردت في علوم القرآن، وهذه ميزة يندر أن تكون في كتب علوم القرآن، يحكم على الآثار ولا يكاد يذكر إلّا الآثار الصحيحة والروايات المعتمدة مع الأحاديث وهذا أمر مفروغ منه في حكمه عليها؛ لأنه متقن أيضًا في علوم الحديث.
طبعًا لا يخلو كغيره من الملحوظات، لكنه كتاب مفيد جدًا، بل من وجهة نظري من أحسن ما أولّف في الكتب المتأخّرة في علوم القرآن، ومن قرأه استمتع بالقراءة فيه، ووجد فيه من التحريرات والتحقيقات والنفائس والأحكام ما لا يكاد يوجد في غيره.
من الكتب أيضًا الجيدة المتأخّرة في علوم القرآن، كتاب (محاضرات في علوم القرآن) للدكتور غالي بن قدّوري الحمد، هذا الكتاب سهل، ومرتّب بشكل جيّد، ومعلوماته دقيقة، ولا يستطرد كثيرًا، فهو كتاب جيّد، فهو من الكتب المحررة في علوم القرآن.
من الكتب الممتازة في علوم القرآن؛ كتاب الأستاذ الدكتور المتخصص الكبير الفلسطيني الأصل، الذي عاش في الأردن وفي جامعاتها: أبو الحسن عباس، توفي قبل أعوام رحمه الله تعالى.
له كتاب عنوانه: (إتقان البرهان في علوم القرآن) وهذا الكتاب جمع في عنوانه بين أشهر كتابين: إتقان البرهان، فالإتقان والبرهان من أشهر الكتب، طبع الكتاب في مجلدين، وامتاز بحسن التحرير، ومناقشة الأقوال التي يوردها أهل العلم وتحريرها، والرد على الأشياء التي فيها ضعف وفيها نظر، ويستعرض ما ذكره العلماء في كلّ موضوع، وينبّه على الجيّد، ويردّ على الأشياء الضعيفة، حقيقة الكتاب من الكتب التي يظهر فيها علم المؤلّفوتمكّنه من هذا العلم (علوم القرآن)، وليس مجرد نقل؛ لأن بعض الكتب أكثرها نقل، لكن هذا الكتاب شخصية المؤلّف حاضرة فيه بقوّة، ينقد ويرد، يحاور ويتساءل، يناقش بعض الرسائل أيضًا التي ألّفت في بعض الموضوعات، ملئ بالفوائد حقيقة، والتنبيهات، ويذكر الكتب التي ألّفت في كلّ نوع، ويتكلّم عنها ويستعرض المؤلفات مع الحكم عليها فهو يعتبر من الكتب المهمّة، بل من أحسن ما كتب في القرن هذا، في آخر ثلاثين عامًا من كتب علوم القرآن، طبعًا قدّم له بمقدّمة وذكر فيه، يقول في المقدمة: (كان كتاب البرهان في علوم القرآن للإمام الزركشي فتحًا، وكان المعوّل عليه، حتى جاء الإمام السيوطي وألّف كتاب الإتقان في علوم القرآن فكان فتحًا بعد فتح، فأخذ عن الزركشي وزاد، غير أن في هذين الكتابين ما لا علاقة له مباشرة بمادة علوم القرآن، وفيهما كذلك من الروايات والآراء ما لا ينفرج فؤاد بقبوله، حيث بقيت هذه الروايات والآراء في هذين الكتابين دون تمحيص ولا عناية، وما أكثر الأقوال التي نقلاها في هذين الكتابين، وليس لها مستند وقد اعتلى الأدعياء والأعداء هذه الشوائب فصنعوا منها السهام وصوّبوها إلى صدور المسلمين في غفلة من علماء الأمة، أو تقاعس عن تمحيص ما في هذين الكتابين، ثم جاء الزرقاني فألف (مناهل العرفان في علوم القرآن)، وكان المؤمّل أن يشفي غليل الباحثين ويُطفئ ظمأ العطشى من الدارسين، غير أنه شغل بالجمع، ولم يشغل بالتمحيص فأبقى على الشوائب دون تنقية، وزاد على ما ذكره الإمامان من قبل بعض الموضوعات الجديدة، ودرس بعض الشبهات الجديدة)
فنبّه الشيخ على مشكلة النقل، وهو صادق في الغالب، يقول: (ويتوالى هذا الأمرعلى ما فيه، حتى إن الباحث الجاد يشتاق إلى تمحيص أوتدقيق فلا يجد شيئًا، وبقي كلّ محتاج إلى دراسة وتمحيص وتحقيق دون دراسة ولا تمحيص ولا تحقيق، وبقيت سهام الأعداء والأدعياء مصوبة إلى نفوس المسلمين في هذا الباب، ومن عجب أنك لا تجد في الأمة من ينهض لهذا الأمر الجلب، ألا وإن سكوت أهل العلم عن رد عادية الأدعياء والأعداء في هذا الباب لمن معضلات المسائل)
ثم قال: (وبقيت الأعنق مشربة أملًا في أن ينهض في الأمة من يقوم بتمحيص هذه المباحث العلميّة، وتحقيق ما فيها، ويكشف عوار الشبهات التي استند إليها المتربصون بالأمّة، وبقي على علماء الأمّة واجب إماطة اللثام عن هذه المتطلبات التي تلح على طلبة العلم يومًا بيوم، وذلك أنهم تكدّ ظهورهم، وتتكدّر نفوسهم لما يعلق بها من أوهام هذه المتطلبات، -هذا الكلام عفوًا ليس للمؤلف وإنما لمقدّم الكتاب وهو للأستاذ الدكتور جمال أبو حسّان-)
ثم قال: (وبقي الحال هكذا إلى أن هيّأ الله تعالى العلّامة النحرير مولانا الأستاذ الدكتور فضل بن حسن عباس ففتح باب رفع العتاب عن العلماء الأعلاء وسدّ ثلة في الذبّ عن دين الإسلام، فاستلهم بركة الكتابين الشهيرين الأولين، وسمّى كتابه (إتقان البرهان في علوم القرآن) تيمّنًا وتبرّكًا بآثار ذينك العلمين العالمين، فماذا أنت واجد في هذا الكتاب؟
تجد التحقيق العلمي قد انفتح بابه، والتحقيق أو التمحيص قد ظهرت آثاره، فما من مسألة إلا وأنت واجد فيها بغيتك تحقيقًا وتمحيصًا، وما من مبحث إلا وأنت واجد فيه إن شاء الله شفاء نفسك، ولم يكتفِ الأستاذ بتحقيق الموضوعات وتمحيصها، بل عرّج على أباطيل الأدعياء والأعداء على حدّ سواء، فزلزل بنيانها، وهدّم أركانها، فيا سرور طلبة العلم وأساتذته بهذا الفتح الجديد) إلى آخر كلام تلميذه، وحقّ له أن يمدح أستاذه، فكتابه هذا جدير بالثناء وهو كذلك، وكما قلنا في (مناهل العرفان) لا يكاد يسلم من الملحوظات والأخطاء، ولكنه على الصواب والحقيقة كتاب كما ذكر الدكتور جمال فيه تحرير بديع، ونقاش مفصّل، وردّ على الشبهات، ويتحدّث فيه بلغة علميّة حواريّة مقنعة.
أضرب مثالًا من الكتاب:
هو يختم كل موضوع من الموضوعات بذكر الشبهات التي ذكرت فيه، فيذكر الشبهة ويردّ عليها.
مثلًا: لمّا تكلّم عن تعريف القرآن الكريم في معنى علوم القرآن وتكلّم عن القرآن، فيذكر أقوالهم ويحلّلها ثم يقول بعد ما يذكر أقوال أهل العلم: الخلاصة أن لفظ القرآن معرّفًا يُراد به مجموع القرآن، ويُطلق على الأبعاض بقرائن، فإن لم يكن معرّفًا كان إطلاقه على الكل وعلى الأبعاض سواء، واعلموا أرشدكم الله إننا إذا استقرءنا الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة وجدنا أن لفظ القرآن يطلق فيها حينا على المجموع، وحينًا على الأبعاض كما أسلفنا، قال تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}، {إنا أنزلناه في ليلة مباركة}، {إنا أنزلناه في ليلة القدر}
قال: ونخلص من هذا كلّه إلى أن القرآن من حيث اللغة للعلماء فيه آراء من حيثيات مختلفة، ولكن أرجح هذه الأقوال التي ذهب إليها جمهور العلماء هو أن القرآن الكريم مصدر في الأصل (كالبرهان والشكران)، علم على هذا الكتاب المبارك من باب إطلاق اسم المصدر على اسم المفعول، ثم نقل كلام الشيخ العلامة محمد عبد العظيم الزرقاني في (مناهل العرفان)، ونقل أيضًا كلام الشيخ عبد الوهاب رضوان في ترجيحهم لهذا المعنى، ثم قال هذا هو القرآن في اللغة، ولعلّ من المفيد هنا بعد هذا التبيان الإشارة إلى أن (أل) في القرآن ليست للتعريف، وإنما هي للمح الأصل كما يقول علماء النحو، أي دخلت لتبيّن أن القرآن أصله مصدر، كما نقول الفضل والعباس فإن (أل) فيهما ليست للتعريف؛ لأنهما علمان دخلت (أل) أم لم تدخل، بيان ذلك: أن (أل) قد تكون للتعريف كما نقول الرجل والبنت والمرأة والكتاب، وقد لا تفيد صاحبها التعريف؛ لأنه معرفة قبل دخولها وبعده، وكذلك لفظ القرآن فهو علم قبل دخول (أل) وبعد أن تحدثنا عن معنى القرآن لغة، ثم انتقل إلى الحديث عنه شرعًا.