19 Mar 2017
بسم الله الرحمن الرحيم
فضل علم التفسير وحاجة الأمة إليه
تمهيد
الحمد لله الذي أنزل إلينا كتابه العظيم رحمة وذكرى، وهدى وبشرى، فأنار به السبيل، وأقام به الحجة، وفرق به بين الحق والباطل، ورفع به من شاء من عباده، وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا كبيراً.
والصلاة والسلام على إمام المتقين، وأسوة المؤمنين، نبينا الأمين، الذي بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين.
أما بعد:
فإنَّ علمَ التفسيرِ من أشرف العلوم وأجلّها، وأعظمها بركة، وأحسنها أثراً، وأوسعها معرفة، وحاجة الأمّة إليه ماسّة في كلّ زمان ومكان؛ وذلك لافتقارهم إلى بيان ما أنزل الله في كتابه من الهدى، وجواب ما أشكل عليهم فهمه، وخفي عليهم علمه.
وقد شرَّف الله أهلَ التفسير ورفع قدْرَهم، وأعلى شأنهم إذْ جعلَهم مرجعاً لعباده في فَهْمِ كلامه وبيانِ مراده، وكفى بذلك فضلاً وشرفاً.
ومعرفةُ طالبِ العلمِ بفضلِ علمِ التفسيرِ وجلالةِ قَدْرِه وعلوِّ شأنه مما يعينه على تعلّمه بجدٍّ واجتهاد، وأخذه بقوّةِ عزيمةٍ وإقبالِ نفسٍ.
ومن أقبل على طلب العلم باجتهاد وحرص وعزيمة قوية صادرة عن معرفة حسنة بقَدْرِ العلم الذي يطلبه رُجى له أن يوفّق لحسن طلبه، وإدراك بغيته، والتمكّن من العلم الذي يطلبه إذا أحسن طريقة الطلب وأيّده الله بتوفيقه.
وفضائل علم التفسير كثيرة متنوّعة، وفوائده لطالب العلم في نفسه خاصة، ولأمته عامة عظيمة جليلة؛ لتعلّقه ببيان معاني كتاب الله تعالى، وقد قال الله جلّ وعلا: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)} [المائدة].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا (174) فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (175)} [النساء].
وكلامنا في هذه الرسالة الموجزة سيكون في فصلين مهمّين:
الفصل الأول: بيان أوجه فضل علم التفسير
والفصل الثاني: بيان حاجة الأمة إلى علم التفسير.
وأسأل الله تعالى التوفيق والسداد، وأن يكتب لهذه الرسالة القبول منه جلّ وعلا، وأن ينفع بها طلاب العلم.