22 Jan 2015
تفسير
قوله تعالى: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ
مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآَتَيْنَا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ
وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ
مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ
آَمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا
وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ (253)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {تلك
الرّسل فضّلنا بعضهم على بعض منهم من كلّم اللّه ورفع بعضهم درجات وآتينا
عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناه بروح القدس ولو شاء اللّه ما اقتتل الّذين
من بعدهم من بعد ما جاءتهم البيّنات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من
كفر ولو شاء اللّه ما اقتتلوا ولكنّ اللّه يفعل ما يريد}
{الرّسل} صفة لتلك كقولك أولئك الرسل فضلنا بعضهم على بعض إلا أنه قيل تلك للجماعة، وخبر الابتداء (فضلنا بعضهم على بعض).
ومعنى:{منهم من كلّم اللّه} أي: من كلّمه اللّه.
{تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعض منهم من
كلّم اللّه ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناه بروح
القدس ولو شاء اللّه ما اقتتل الّذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البيّنات
ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء اللّه ما اقتتلوا ولكنّ
اللّه يفعل ما يريد}
والهاء حذقت من الصلة لطول الاسم، وهو موسى - صلى الله عليه وسلم - أسمعه الله كلامه من غير وحي أتاه به عن اللّه ملك.
وقوله عزّ وجلّ: {وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات}أي:
أعطيناه والبينات الحجج التي تدل على إثبات نبوته - صلى الله عليه وسلم -
من إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى والإنباء بما غاب عنه.
وقوله عزّ وجلّ: {ورفع بعضهم درجات}.
جاء في التفسير: أنه يعنى به محمد - صلى الله
عليه وسلم - أرسل إلى الناس كافة، وليس شيء من الآيات التي أعطيها الأنبياء
إلا والذي أعطى محمد - صلى الله عليه وسلم - أكثر منه، لأنه - صلى الله
عليه وسلم -
كلمته الشجرة،
وأطعم " من كفّ التمر خلقا كثيرا،
وأمرّ يده على شاة أم معبد فدرت، وحلبت بعد جفاف،
ومنها انشقاق القمر، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى الآيات في الأرض ورآها في السماء، والذي جاء في آيات النبي كثير.
فأما انشقاق القمر وصحته فقد روينا فيه أحاديث:
حدثني إسماعيل بن إسحاق قال: حدثنا محمد بن المنهال، قال حدثنا يزيد ابن زريع عن سعيد عن قتادة عن أنس قال: سأل أهل مكة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - آية فأراهم انشقاق القمر فرقتين.
وحدثني مسدّد يرفعه إلى أنس أيضا مثل ذلك.
ونحن نذكر جميع ما روى في هذا الباب في مكانه
إن شاء الله، ولكنا ذكرنا ههنا جملة من الآيات لنبين بها فضل النبيّ - صلى
الله عليه وسلم - فيما أتى به من الآيات.
ومن أعظم الآيات القرآن الذي أتى به العرب وهم أعلم قوم بالكلام.
لهم الأشعار ولهم السجع والخطابة، وكل ذلك
معروف في كلامها، فقيل لهم ائتوا بعشر سور فعجزوا عن ذلك، وقيل لهم ائتوا
بسورة ولم يشترط عليهم فيها أن تكون كالبقرة وآل عمران وإنما قيل لهم ائتوا
بسورة فعجزوا عن ذلك.
فهذا معنى {ورفع بعضهم درجات}.
وقوله عزّ وجلّ: {ولو شاء اللّه ما اقتتل الّذين من بعدهم} يعني: من بعد الرسل: {من بعد ما جاءتهم البيّنات}أي: من بعد ما وضحت لهم البراهين، فلو شاء الله ما أمر بالقتال بعد وضوح الحجة،
ويجوز أن يكون {ولو شاء اللّه ما اقتتلوا}أي: لو شاء اللّه أن يضطرهم أن يكونوا مؤمنين غير مختلفين لفعل ذلك كما قال: {ولو شاء اللّه لجمعهم على الهدى}). [معاني القرآن: 1/333-335]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعضٍ منهم من كلّم اللّه ورفع بعضهم درجاتٍ وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناه بروح القدس }
الرّسل فضّلنا
بعضهم على بعضٍ منهم من كلّم اللّه ورفع بعضهم درجاتٍ وآتينا عيسى ابن مريم
البيّنات وأيّدناه بروح القدس تلك رفع بالابتداء، والرّسل خبره، ويجوز أن
يكون الرّسل عطف بيان وفضّلنا الخبر، وتلك إشارة إلى جماعة مؤنثة اللفظ،
ونص الله في هذه الآية على تفضيل بعض الأنبياء على بعض وذلك في الجملة دون
تعيين مفضول. وهكذا هي الأحاديث عن النبي عليه السلام. فإنه قال: «أنا سيد ولد آدم»، وقال: «لا تفضلوني على موسى»، وقال: «لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى»،
وفي هذا نهي شديد عن تعيين المفضول، لأن يونس عليه السلام كان شابا وتفسخ
تحت أعباء النبوءة، فإذا كان هذا التوقف فيه لمحمد وإبراهيم ونوح فغيره
أحرى، فربط الباب أن التفضيل فيهم على غير تعيين المفضول، وقد قال أبو
هريرة: «خير ولد آدم نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وهم أولو العزم والمكلم موسى صلى الله عليه وسلم».
وقد سئل رسول الله
صلى الله عليه وسلم عن آدم أنبي مرسل هو؟ فقال نعم نبي مكلم، وقد تأول بعض
الناس أن تكليم آدم كان في الجنة، فعلى هذا تبقى خاصة موسى، وقوله تعالى: {ورفع بعضهم درجاتٍ} قال مجاهد وغيره: «هي
إشارة إلى محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه بعث إلى الناس كافة وأعطي الخمس
التي لم يعطها أحد قبله، وهو أعظم الناس أمة، وختم الله به النبوات إلى غير
ذلك من الخلق العظيم الذي أعطاه الله، ومن معجزاته وباهر آياته»،
ويحتمل اللفظ أن يراد به محمد وغيره ممن عظمت آياته ويكون الكلام تأكيدا
للأول، ويحتمل أن يريد رفع إدريس المكان العليّ ومراتب الأنبياء في السماء
فتكون الدرجات في المسافة ويبقى التفضيل مذكورا في صدر الآية فقط، وبينات
عيسى عليه السلام هي إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، وخلق الطير من
الطين، وروح القدس: جبريل عليه السلام، وقد تقدم ما قال العلماء فيه.
قوله عز وجل:{
... ولو شاء اللّه ما اقتتل الّذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البيّنات
ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء اللّه ما اقتتلوا ولكنّ
اللّه يفعل ما يريد (253)}
ظاهر اللفظ في
قولهم: من بعدهم يعطي أنه أراد القوم الذين جاؤوا من بعد جميع الرسل، وليس
كذلك المعنى، بل المراد ما اقتتل الناس بعد كل نبي فلف الكلام لفا يفهمه
السامع، وهذا كما تقول: اشتريت خيلا، ثم بعتها، فجائزة لك هذه العبارة وأنت
اشتريت فرسا ثم بعته، ثم آخر وبعته، ثم آخر وبعته، وكذلك هذه النوازل إنما
اختلف الناس بعد كل نبي فمنهم من آمن ومنهم من كفر بغيا وحسدا، وعلى حطام
الدنيا، وذلك كله بقضاء وقدر وإرادة من الله تعالى، ولو شاء خلاف ذلك لكان.
ولكنه المستأثر بسر الحكمة في ذلك. الفعال لما يريد، فاقتتلوا بأن قاتل
المؤمنون الكافرين على مر الدهر. وذلك هو دفع الله الناس بعضهم ببعض). [المحرر الوجيز: 2/ 18-21]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {تلك
الرّسل فضّلنا بعضهم على بعضٍ منهم من كلّم اللّه ورفع بعضهم درجاتٍ
وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات وأيّدناه بروح القدس ولو شاء اللّه ما اقتتل
الّذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البيّنات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن
ومنهم من كفر ولو شاء اللّه ما اقتتلوا ولكنّ اللّه يفعل ما يريد (253)}
يخبر تعالى أنّه فضّل بعض الرّسل على بعضٍ كما قال: {ولقد فضّلنا بعض النّبيّين على بعضٍ وآتينا داود زبورًا}[الإسراء:55] وقال هاهنا: {تلك الرّسل فضّلنا بعضهم على بعضٍ منهم من كلّم اللّه} يعني: موسى ومحمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم وكذلك آدم، كما ورد به الحديث المرويّ في صحيح ابن حبّان عن أبي ذرٍّ رضي اللّه عنه {ورفع بعضهم درجاتٍ} كما ثبت في حديث الإسراء حين رأى النّبيّ صلى الله عليه وسلم الأنبياء في السموات بحسب تفاوت منازلهم عند اللّه عزّ وجلّ.
فإن قيل: فما الجمع بين هذه الآية وبين الحديث الثّابت في الصّحيحين عن أبي هريرة قال: «استبّ
رجلٌ من المسلمين ورجلٌ من اليهود فقال اليهوديّ في قسمٍ يقسمه: لا والذي
اصطفى موسى على العالمين. فرفع المسلم يده فلطم بها وجه اليهوديّ فقال: أي
خبيث وعلى محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم! فجاء اليهوديّ إلى رسول اللّه
صلّى اللّه عليه وسلّم فاشتكى على المسلم فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه
وسلّم: «لا تفضّلوني على الأنبياء فإنّ
النّاس يصعقون يوم القيامة فأكون أوّل من يفيق فأجد موسى باطشًا بقائمة
العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطّور؟ فلا تفضّلوني على الأنبياء» وفي روايةٍ: «لا تفضّلوا بين الأنبياء».
فالجواب من وجوهٍ:
أحدها: أنّ هذا كان قبل أن يعلم بالتّفضيل وفي هذا نظرٌ.
الثّاني: أنّ هذا قاله من باب الهضم والتّواضع.
الثّالث: أنّ هذا نهيٌ عن التّفضيل في مثل هذه الحال الّتي تحاكموا فيها عند التّخاصم والتّشاجر.
الرّابع: لا تفضّلوا بمجرّد الآراء والعصبيّة.
الخامس: ليس مقام التّفضيل إليكم وإنّما هو إلى اللّه عزّ وجلّ وعليكم الانقياد والتّسليم له والإيمان به.
وقوله: {وآتينا عيسى ابن مريم البيّنات} أي: الحجج والدّلائل القاطعات على صحّة ما جاء بني إسرائيل به، من أنّه عبد اللّه ورسوله إليهم {وأيّدناه بروح القدس} يعني: أنّ اللّه أيّده بجبريل عليه السّلام ثمّ قال تعالى: {ولو
شاء اللّه ما اقتتل الّذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البيّنات ولكن
اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء اللّه ما اقتتلوا} أي: بل كلّ ذلك عن قضاء اللّه وقدره؛ ولهذا قال: {ولكنّ اللّه يفعل ما يريد} ). [تفسير ابن كثير: 1/ 670-671]
تفسير قوله تعالى: {يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ
أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ
وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلّة ولا شفاعة والكافرون هم الظّالمون}
أي: أنفقوا في الجهاد وليعن بعضكم بعضا عليه.
وقوله عزّ وجلّ: {من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلّة} يعني: يوم القيامة " والخلّة " الصداقة،
ويجوز {لا بيع فيه ولا خلّة ولا شفاعة}، {لا بيع فيه ولا خلّة ولا شفاعة}، على الرفع بتنوين والنصب (بغير تنوين)،
ويجوز {لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة}
بنصب الأول بغير تنوين وعطف الثاني على موضع الأول، لأن موضعه نصب، إلا أن
التنوين حذف لعلة قد ذكرناها، ويكون دخول " لا " مع حروف العطف مؤكدا،
لأنك إذا عطفت على موضع ما بعد " لا " عطفته بتنوين.
تقول: لا رجل وغلاما لك.
قال الشاعر:
فلا أب وابنا مثل مروان وابنه... إذا هو بالمجد ارتدى أو تأزّرا.
ومعنى {والكافرون هم الظّالمون}أي: هم الذين وضعوا الأمر غير موضعه وهذا أصل الظلم في اللغة). [معاني القرآن: 1/335-336]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ والكافرون هم الظّالمون (254)}
قال ابن جريج: «هذه الآية تجمع الزكاة والتطوع»،
وهذا كلام صحيح فالزكاة واجبة والتطوع مندوب إليه، وظاهر هذه الآية أنها
مراد بها جميع وجوه البر من سبيل وصلة رحم، ولكن ما تقدم من الآيات في ذكر
القتال وأن الله يدفع بالمؤمنين في صدور الكافرين، يترجح منه أن هذا الندب
إنما هو في سبيل الله، ويقوي ذلك قوله في آخر الآية: {والكافرون هم الظّالمون}،
أي فكافحوهم بالقتال بالأنفس وإنفاق الأموال، وندب الله تعالى بهذه الآية،
إلى إنفاق شيء مما أنعم به وهذه غاية التفضل فعلا وقولا، وحذر تعالى من
الإمساك، إلى أن يجيء يوم لا يمكن فيه بيع ولا شراء ولا استدراك بنفقة في
ذات الله، إذ هي مبايعة على ما قد فسرناه في قوله تعالى: {من ذا الّذي يقرض اللّه}[البقرة: 245]، أو إذ البيع فدية لأن المرء قد يشتري نفسه ومراده بماله، وكأن معنى الآية معنى سائر الآي التي تتضمن إلا فدية يوم القيامة.
وأخبر الله تعالى
بعدم الخلة يوم القيامة، والمعنى: خلة نافعة تقتضي المساهمة، كما كانت في
الدنيا، وأهل التقوى بينهم في ذلك اليوم خلة ولكنها غير محتاج إليها. وخلة
غيرهم لا تغني من الله شيئا.
وأخبر تعالى أن
الشفاعة أيضا معدومة في ذلك اليوم، فحمل الطبري ذلك على عموم اللفظ وخصوص
المعنى، وأن المراد ولا شفاعةٌ للكفار. وهذا لا يحتاج إليه. بل الشفاعة
المعروفة في الدنيا وهي انتداب الشافع وتحكمه على كره المشفوع عنده مرتفعة
يوم القيامة البتة. وإنما توجد شفاعة بإذن الله تعالى. فحقيقتها رحمة من
الله تعالى. لكنه شرف الذي أذن له في أن يشفع، وإنما المعدوم مثل حال
الدنيا من البيع والخلة والشفاعة. وقرأ ابن كثير وأبو عمرو: «لا بيع فيه
ولا خلة ولا شفاعة» بالنصب في كل ذلك بلا تنوين، وكذلك في سورة إبراهيم: {لا بيعٌ فيه ولا خلالٌ}[الآية: 31]، وفي الطور: {لا لغوٌ فيها ولا تأثيمٌ}[الآية: 23]، وقرأ الباقون جميع ذلك بالرفع والتنوين، والظّالمون واضعو الشيء في غير موضعه. وقال عطاء بن دينار: «الحمد لله الذي قال: {والكافرون هم الظّالمون} ولم يقل: الظالمون هم الكافرون» ). [المحرر الوجيز: 2/ 21-22]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ( {يا أيّها الّذين آمنوا أنفقوا ممّا رزقناكم من قبل أن يأتي يومٌ لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ والكافرون هم الظّالمون (254)}
يأمر تعالى عباده بالإنفاق ممّا رزقهم في سبيله سبيل الخير ليدّخروا ثواب
ذلك عند ربّهم ومليكهم وليبادروا إلى ذلك في هذه الحياة الدّنيا {من قبل أن يأتي يومٌ} يعني: يوم القيامة {لا بيعٌ فيه ولا خلّةٌ ولا شفاعةٌ}
أي: لا يباع أحدٌ من نفسه ولا يفادى بمالٍ لو بذله، ولو جاء بملء الأرض
ذهبًا ولا تنفعه خلّة أحدٍ، يعني: صداقته بل ولا نسابته كما قال: {فإذا نفخ في الصّور فلا أنساب بينهم يومئذٍ ولا يتساءلون}[المؤمنون:101]{ولا شفاعةٌ} أي: ولا تنفعهم شفاعة الشّافعين.
وقوله: {والكافرون هم الظّالمون}
مبتدأٌ محصورٌ في خبره أي: ولا ظالم أظلم ممّن وافى اللّه يومئذٍ كافرًا.
وقد روى ابن أبي حاتمٍ عن عطاء بن دينارٍ أنّه قال: الحمد للّه الّذي قال: {والكافرون هم الظّالمون} ولم يقل: والظالمون هم الكافرون). [تفسير ابن كثير: 1/ 671]
* للاستزادة ينظر: هنا