الدروس
course cover
تفسير سورة البقرة [من الآية (249) إلى الآية (252) ]
17 Sep 2014
17 Sep 2014

9677

0

0

course cover
تفسير سورة البقرة

القسم الثامن عشر

تفسير سورة البقرة [من الآية (249) إلى الآية (252) ]
17 Sep 2014
17 Sep 2014

17 Sep 2014

9677

0

0


0

0

0

0

0

تفسير قول الله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249) وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)}


تفسير قوله تعالى: {فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {فلمّا فصل طالوت بالجنود قال إنّ اللّه مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس منّي ومن لم يطعمه فإنّه منّي إلّا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلّا قليلا منهم فلمّا جاوزه هو والّذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الّذين يظنّون أنّهم ملاقو اللّه كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن اللّه واللّه مع الصّابرين}

{إنّ اللّه مبتليكم بنهر}معناه: مختبركم وممتحنكم بنهر، وهذا لا يجوز أن يقوله إلا نبي، لأن اللّه عزّ وجلّ قال: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا (26) إلّا من ارتضى من رسول}ومعنى الاختبار بهذا النهر: كان ليعلم طالوت من له نيّة القتال معه ومن ليست له نيّة. فقال: {فمن شرب منه فليس مني} أي: ليس من أصحابي ولا ممن تبعني، ومن لم يطعمه.

{ومن لم يطعمه فإنه منّي}أي: لم يتطعم به.

{إلّا من اغترف غرفة بيده}، غرفة وغرفة قرئ بهما جميعا فمن قال غرفة كان معناه غرفة واحدة باليد.

ومن قال غرفة كان معناه مقدار ملء اليد.

ومعنى{فشربوا منه إلا قليلا منهم}: شربوا منه ليرجعوا عن الحرب، لأنه قد أعلمهم ذلك.

وذكر في التفسير: أن القليل الذين لم يشربوا كان عدتهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا كعدد أهل بدر.

وقوله عزّ وجلّ؛ {فلمّا جاوزه} أي: جاوز النهر هو والّذين معه.

قيل لما رأوا قلتهم، قال بعضهم لبعض: {لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده}أي: لا قوة، يقال أطقت الشيء إطاقة وطوقا، مثل أطعت طاعة وإطاعة وطوعا.

وقوله عزّ وجلّ: {قال الّذين يظنّون أنّهم ملاقو اللّه} قيل فيه قولان:

1- قال بعضهم وهو مذهب أهل اللغة - قال الذين يوقنون أنهم ملاقو اللّه قالوا ولو كانوا شاكين لكانوا ضلالا كافرين وظننت في اللغة بمعنى أيقنت موجود.

قال الشاعر - وهو دريد:

فقلت لهم ظنّوا بألفي مدجّج... سراتهم في الفارسيّ المسرّد

أي أيقنوا.

2- وقال أهل التفسير: معنى{يظنّون أنّهم ملاقو اللّه} أي: أنهم كانوا يتوهمون أنهم في هذه الموقعة يقتلون في سبيل الله لقلّة عددهم، وعظم عدد عدوهم وهم أصحاب جالوت.

وقوله عزّ وجلّ: {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن اللّه} أي: كم من فرقة، وإنما قيل للفرقة فئة - من قولهم فأوت رأسه بالعصا.

وفأيت إذا شققته، فالفئة الفرقة من هذا.

وقوله عزّ وجلّ: {واللّه مع الصّابرين}أي: أن اللّه ينصر الصّابرين، إذا صبروا على طاعته، وما يزلف عنده). [معاني القرآن: 1/330-332]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: فلمّا فصل طالوت بالجنود قال إنّ اللّه مبتليكم بنهرٍ فمن شرب منه فليس منّي ومن لم يطعمه فإنّه منّي إلاّ من اغترف غرفةً بيده فشربوا منه إلاّ قليلاً منهم
قبل هذه الآية متروك من اللفظ يدل معنى ما ذكر عليه، وهو فاتفق بنو إسرائيل على طالوت ملكا وأذعنوا وتهيؤوا لغزوهم عدوهم فلما فصل، وفصل معناه خرج بهم من القطر، وفصل حال السفر من حال الإقامة، قال السدي وغيره: كانوا ثمانين ألفا.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: ولا محالة أنهم كان فيهم المؤمن والمنافق والمجد والكسلان، وقال وهب بن منبه: لم يتخلف عنه إلا ذو عذر من صغر أو كبر أو مرض.
واختلف المفسرون في النهر، فقال وهب بن منبه: لما فصل طالوت قالوا له إن المياه لا تحملنا فادع الله يجر لنا نهرا، فقال لهم طالوت إنّ اللّه مبتليكم الآية، وقال قتادة: النهر الذي ابتلاهم الله به هو نهر بين الأردن وفلسطين، وقاله ابن عباس، وقال أيضا هو والسدي: النهر نهر فلسطين، وقرأ جمهور القراء «بنهر» بفتح الهاء، وقرأ مجاهد وحميد الأعرج وأبو السمال وغيرهم «بنهر» بإسكان الهاء في جميع القرآن، ومعنى هذا الابتلاء أنه اختبار لهم، فمن ظهرت طاعته في ترك الماء علم أنه يطيع فيما عدا ذلك، ومن غلب شهوته في الماء وعصى الأمر فهو بالعصيان في الشدائد أحرى، وروي أنهم أتوا النهر وهم قد نالهم عطش وهو في غاية العذوبة والحسن، ولذلك رخص للمطيعين في الغرفة ليرتفع عنهم أذى العطش بعض الارتفاع، وليكسروا نزاع النفس في هذه الحال إلى الاغتراف بالأيدي لنظافته وسهولته، وقد قال
علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الأكف أنظف الآنية. ومنه قول الحسن رحمه الله: [البسيط].
لا يدلفون إلى ماء بآنية = إلّا اغترافا من الغدران بالرّاح
وظاهر قول طالوت إنّ اللّه مبتليكم هو أن ذلك بوحي إلى النبي وإخبار من النبي لطالوت، ويحتمل أن يكون هذا مما ألهم الله طالوت إليه فجرب به جنده، وجعل الإلهام ابتلاء من الله لهم، وهذه النزعة واجب أن تقع من كل متولي حرب، فليس يحارب إلّا بالجند المطيع، ومنه قول معاوية: «عليّ في أخبث جند وأعصاه وأنا في أصح جند وأطوعه»، ومنه قول علي رضي الله عنه: «أفسدتم عليّ رأيي بالعصيان»، وبين أن الغرفة كافة ضرر العطش عند الحزمة الصابرين على شظف العيش الذين هممهم في غير الرفاهية، كما قال عروة: [الطويل] وأحسو قراح الماء والماء بارد فيشبه أن طالوت أراد تجربة القوم، وقد ذهب قوم إلى أن عبد الله بن حذافة السهمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمر أصحابه بإيقاد النار والدخول فيها تجربة لطاعتهم، لكنه حمله مزاحه على تخشين الأمر الذي كلفهم.
وقوله: فليس منّي أي ليس من أصحابي في هذه الحرب، ولم يخرجهم بذلك عن الإيمان، ومثل هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «من غشنا فليس منا، ومن رمانا بالنبل فليس منا، وليس منا من شق الجيوب ولطم الخدود»، وفي قوله تعالى: ومن لم يطعمه سد للذرائع لأن أدنى الذوق يدخل في لفظ الطعم، فإذا وقع النهي عن الطعم فلا سبيل إلى وقوع الشرب ممن يتجنب الطعم. ولهذه المبالغات لم يأت الكلام، ومن لم يشرب منه. وقرأ أبو عمرو ونافع وابن كثير «غرفة» بفتح الغين. وهذا على تعدية الفعل إلى المصدر. والمفعول محذوف، والمعنى إلا من اغترف ماء غرفة، وقرأ الباقون «غرفة» بضم الغين وهذا على تعدية الفعل إلى المفعول به، لأن الغرفة هي العين المغترفة. فهذا بمنزلة إلّا من اغترف ماء، وكان أبو علي يرجح ضم الغين، ورجحه الطبري أيضا من جهة أن «غرفة» بالفتح إنما هو مصدر على غير اغتراف، ثم أخبر تعالى عنهم أن الأكثر شرب وخالف ما أريد منه، وروي عن ابن عباس وقتادة وغيرهما أن القوم شربوا على قدر يقينهم. فشرب الكفار شرب الهيم، وشرب العاصون دون ذلك، وانصرف من القوم ستة وسبعون ألفا، وبقي بعض المؤمنين لم يشرب شيئا، وأخذ بعضهم الغرفة، فأما من شرب فلم يرو، بل برّح به العطش، وأما من ترك الماء فحسنت حاله وكان أجلد ممن أخذ الغرفة.

قوله عز وجل: ... فلمّا جاوزه هو والّذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الّذين يظنّون أنّهم ملاقوا اللّه كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن اللّه واللّه مع الصّابرين (249)
«جاوز» فاعل من جاز يجوز. وهي مفاعلة من اثنين في كل موضع. لأن النهر وما أشبهه كأنه يجاوز. واختلف الناس في الّذين آمنوا معه كم كانوا؟ فقال البراء بن عازب: كنا نتحدث أن عدة أهل بدر كعدة أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا، وفي رواية: وثلاثة عشر رجلا، وما جاوز معه إلا مؤمن، وقال قتادة: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه يوم بدر: «أنتم كعدة أصحاب طالوت»، وقال السدي وابن عباس: بل جاوز معه أربعة آلاف رجل، قال ابن عباس: فيهم من شرب، قالا: فلما نظروا إلى جالوت وجنوده قالوا: لا طاقة لنا اليوم، ورجع منهم ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون، هذا نص قول السدي ومعنى قول ابن عباس، فعلى القول الأول قالت الجملة: لا طاقة لنا اليوم، على جهة استكثار العدو. فقال أهل الصلابة منهم والتصميم والاستماتة: كم من فئةٍ قليلةٍ الآية، وظن لقاء الله على هذا القول يحسن أن يكون ظنا على بابه، أي يظنون أنهم يستشهدون في ذلك اليوم لعزمهم على صدق القتال، كما جرى لعبد الله بن حرام في يوم أحد، ولغيره، وعلى القول الثاني قال كثير من الأربعة الآلاف: لا طاقة لنا على جهة الفشل والفزع من الموت، وانصرفوا عن طالوت، فقال المؤمنون الموقنون بالبعث والرجوع إلى الله وهم عدة أهل بدر: كم من فئةٍ قليلةٍ والظن على هذا بمعنى اليقين، وهو فيما لم يقع بعد ولا خرج إلى الحس.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وما روي عن ابن عباس من أن في الأربعة الآلاف من شرب يرد عليه قوله تعالى: هو والّذين آمنوا معه، وأكثر المفسرين على أنه إنما جاوز النهر من لم يشرب إلا غرفة ومن لم يشرب جملة، ثم كانت بصائر هؤلاء مختلفة، فبعض كع وقليل صمم، وقرأ أبي بن كعب «كأين من فئة»، والفئة الجماعة التي يرجع إليها في الشدائد، من قولهم: فاء يفيء إذا رجع، وقد يكون الرجل الواحد فئة تشبيها، والملك فئة الناس، والجبل فئة، والحصن، كل ذلك تشبيه، وفي قولهم رضي الله عنهم: كم من فئةٍ الآية، تحريض بالمثال وحض واستشعار للصبر، واقتداء بمن صدق ربه، و «إذن الله» هنا تمكينه وعلمه، فمجموع ذلك هو الإذن، واللّه مع الصّابرين بنصره وتأييده). [المحرر الوجيز: 2/10-15]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فلمّا فصل طالوت بالجنود قال إنّ اللّه مبتليكم بنهرٍ فمن شرب منه فليس منّي ومن لم يطعمه فإنّه منّي إلا من اغترف غرفةً بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلمّا جاوزه هو والّذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الّذين يظنّون أنّهم ملاقو اللّه كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن اللّه واللّه مع الصّابرين (249)}
يقول تعالى مخبرًا عن طالوت ملك بني إسرائيل حين خرج في جنوده ومن أطاعه من ملأ بني إسرائيل وكان جيشه يومئذٍ فيما ذكره السّدّيّ ثمانين ألفًا فاللّه أعلم، أنّه قال: {إنّ اللّه مبتليكم [بنهر]} قال ابن عبّاسٍ وغيره: وهو نهرٌ بين الأردنّ وفلسطين يعني: نهر الشّريعة المشهور {فمن شرب منه فليس منّي} أي: فلا يصحبني اليوم في هذا الوجه {ومن لم يطعمه فإنّه منّي إلا من اغترف غرفةً بيده} أي: فلا بأس عليه قال اللّه تعالى {فشربوا منه إلا قليلا منهم} قال ابن جريجٍ: قال ابن عبّاسٍ: من اغترف منه بيده روي، ومن شرب منه لم يرو. وكذا رواه السّدّيّ عن أبي مالكٍ، عن ابن عبّاسٍ. وكذا قال قتادة وابن شوذبٍ.
وقال السّدّيّ: كان الجيش ثمانين ألفًا فشرب ستّةٌ وسبعون ألفًا وتبقّى معه أربعة آلافٍ كذا قال.
وقد روى ابن جريرٍ من طريق إسرائيل وسفيان الثّوريّ ومسعر بن كدامٍ عن أبي إسحاق السّبيعيّ، عن البراء بن عازبٍ قال: كنّا نتحدّث أنّ أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم الّذين كانوا يوم بدرٍ ثلاثمائةٍ وبضعة عشر على عدّة أصحاب طالوت الّذين جازوا معه النّهر، وما جازه معه إلّا مؤمنٌ. ورواه البخاريّ عن عبد اللّه بن رجاءٍ عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن البراء قال: "كنّا -أصحاب محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم-نتحدّث أنّ عدّة أصحاب بدرٍ على عدّة أصحاب طالوت، الّذين جازوا معه النّهر، ولم يجاوز معه إلّا مؤمنٌ بضعة عشر وثلاثمائةٍ".
ثمّ رواه من حديث سفيان الثّوريّ وزهيرٍ، عن أبي إسحاق عن البراء بنحوه ولهذا قال تعالى: {فلمّا جاوزه هو والّذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده} أي: استقلّوا أنفسهم عن لقاء عدوّهم لكثرتهم فشجّعهم علماؤهم [وهم] العالمون بأنّ وعد اللّه حقٌّ فإنّ النّصر من عند اللّه ليس عن كثرة عددٍ ولا عددٍ. ولهذا قالوا: {كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن اللّه واللّه مع الصّابرين} ). [تفسير ابن كثير: 1/668]

تفسير قوله تعالى: {وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {ولمّا برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربّنا أفرغ علينا صبرا وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين}

{ربّنا أفرغ علينا صبرا}أي: أصبب علينا الصبر صبّا، كما تقول: أفرغت الإناء إذا صببت ما فيه). [معاني القرآن: 1/332]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: ولمّا برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربّنا أفرغ علينا صبراً وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (250) فهزموهم بإذن اللّه وقتل داود جالوت وآتاه اللّه الملك والحكمة وعلّمه ممّا يشاء
برزوا معناه: صاروا في البراز وهو الأفيح من الأرض المتسع، و «جالوت» اسم أعجمي معرب، والإفراغ أعظم الصب، كأنه يتضمن عموم المفرغ عليه، والهزم أصله أن يضرب الشيء فيدخل بعضه في بعض، وكذلك الجيش الذي يرد يركب ردعه، ثم قيل في معنى الغلبة: هزم، وكان جالوت أمير العمالقة وملكهم، وكان فيما روي في ثلاثمائة ألف فارس). [المحرر الوجيز: 2/15]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ولمّا برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربّنا أفرغ علينا صبرًا وثبّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (250) فهزموهم بإذن اللّه وقتل داود جالوت وآتاه اللّه الملك والحكمة وعلّمه ممّا يشاء ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض ولكنّ اللّه ذو فضلٍ على العالمين (251) تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحقّ وإنّك لمن المرسلين (252)}
أي: لمّا واجه حزب الإيمان -وهم قليلٌ-من أصحاب طالوت لعدوّهم أصحاب جالوت -وهم عددٌ كثيرٌ- {قالوا ربّنا أفرغ علينا صبرًا} أي: أنزل علينا صبرًا من عندك {وثبّت أقدامنا} أي: في لقاء الأعداء وجنّبنا الفرار والعجز {وانصرنا على القوم الكافرين} ). [تفسير ابن كثير: 1/669]

تفسير قوله تعالى: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ:{فهزموهم بإذن اللّه وقتل داوود جالوت وآتاه اللّه الملك والحكمة وعلّمه ممّا يشاء ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكنّ اللّه ذو فضل على العالمين}

{فهزموهم بإذن اللّه}معناه: كسروهم وردوهم،

وأصل الهزم في اللغة: كسر الشيء، وثنى بعضه على بعض، يقال سقاء مهزوم، إذا كان بعضه قد ثنى على بعض مع جفاف، وقصب متهزّم، ومهزوم، قد كسر وشقق، والعرب تقول هزمت على زيد أي عطفت عليه.

قال الشاعر:

هزمت عليك اليوم يا بنت مالك... فجودي علينا بالنوال وأنعمي

ويقال: سمعت هزمة الرعد

قال الأصمعي: كأنه صوت فيه تشقق: وقوله عزّ وجلّ: {وآتاه اللّه الملك والحكمة}أي: آتى داود - عليه السلام - الملك لأنه ملك بعد قتله جالوت وأوتي العلم.

ومعنى{وعلّمه ممّا يشاء}: قيل ممّا علّمه عمل الدروع، ومنطق الطير.

وقوله عزّ وجلّ: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعض لفسدت الأرض}أي: لولا ما أمر الله به المسلمين من حرب الكافرين لفسدت الأرض وقيل أيضا: لولا دفع اللّه الكافرين بالمسلمين لكثر الكفر فنزلت بالناس السخطة واستؤصل أهل الأرض.

ويجوز {ولولا دفع اللّه}، ولولا دفاع اللّه.

ونصب {بعضهم} بدلا من الناس، المعنى: ولولا دفع اللّه بعض الناس ببعض، و (دفع) مرفوع بالابتداء، وقد فسرنا هذا فيما مضى). [معاني القرآن: 1/332-333]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وروي في قصة داود وقتله جالوت، أن أصحاب طالوت كان فيهم إخوة داود وهم بنو إيشى، وكان داود صغيرا يرعى غنما لأبيه، فلما حضرت الحرب قال في نفسه: لأذهبن لرؤية هذه الحرب، فلما نهض
مر في طريقه بحجر فناداه: يا داود، خذني فبي تقتل جالوت، ثم ناداه حجر آخر، ثم آخر، ثم آخر فأخذها وجعلها في مخلاته وسار، فلما حضر الناس، خرج جالوت يطلب مبارزا فكع الناس عنه حتى قال طالوت:
من يبرز له ويقتله فأنا أزوجه بنتي وأحكمه في مالي، فجاء داود، فقال: أنا أبرز له وأقتله، فقال له طالوت:
فاركب فرسي، وخذ سلاحي، ففعل، وخرج في أحسن شكة فلما مشى قليلا رجع. فقال الناس: جبن الفتى، فقال داود: إن الله إن لم يقتله لي ويعني عليه لم ينفعني هذا الفرس ولا هذا السلاح، ولكني أحب أن أقاتله على عادتي.
قال: وكان داود من أرمى الناس بالمقلاع، فنزل وأخذ مخلاته فتقلدها وأخذ مقلاعه، وخرج إلى جالوت وهو شاك في سلاحه، فقال له جالوت: أنت يا فتى تخرج إليّ، قال: نعم. قال: هكذا كما يخرج إلى الكلب. قال: نعم وأنت أهون. قال: لأطعمن اليوم لحمك الطير والسباع، ثم تدانيا فأدار داود مقلاعه، وأدخل يده إلى الحجارة فروي أنها التأمت فصارت حجرا واحدا فأخذه فوضعه في المقلاع وسمى الله وأداره ورماه فأصاب به رأس جالوت فقتله، وحز رأسه وجعله في مخلاته واختلط الناس وحمل أصحاب طالوت وكانت الهزيمة، ثم إن داود جاء يطلب شرطه من طالوت، فقال له: إن بنات الملوك لهن غرائب من المهر، ولا بد لك من قتل مائتين من هؤلاء الجراجمة الذين يؤذون الناس، وتجيئني بغلفهم وطمع طالوت أن يعرض داود للقتل بهذه النزعة فقتل داود منهم مائتين، وجاء بذلك وطلب امرأته فدفعها إليه طالوت، وعظم أمر داود، فيروى أن طالوت تخلى له عن الملك وصار هو الملك، ويروى أن بني إسرائيل غلبت طالوت على ذلك بسبب أن داود قتل جالوت، وكان سبب الفتح، وروي أن طالوت أخاف داود حتى هرب منه فكان في جبل إلى أن مات طالوت فذهبت بنو إسرائيل إلى داود فملكته أمرها، وروي أن نبي الله سمويل أوحى الله إليه أن يذهب إلى إيشى ويسأله أن يعرض عليه بنيه فيدهن الذي يشار إليه بدهن القدس ويجعله ملك بني إسرائيل. والله أعلم أي ذلك كان، غير أنه يقطع من ألفاظ الآية على أن داود صار ملك بني إسرائيل. وقد روي في صدر هذه القصة: أن داود كان يسير في مطبخة طالوت ثم كلمه حجر فأخذه فكان ذلك سبب قتله جالوت ومملكته، وقد أكثر الناس في قصص هذه الآية، وذلك كله لين الأسانيد، فلذلك انتقيت منه ما تنفك به الآية وتعلم به مناقل النازلة واختصرت سائر ذلك، وأما الحكمة التي آتاه الله فهي النبوة والزبور وقال السدي: آتاه الله ملك طالوت ونبوة شمعون والذي علمه هي صنعة الدروع ومنطق الطير وغير ذلك من أنواع علمه صلى الله عليه وسلم.

قوله عز وجل: ... ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض ولكنّ اللّه ذو فضلٍ على العالمين (251) تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحقّ وإنّك لمن المرسلين (252)
أخبر الله تعالى في هذه الآية أنه لولا دفعه بالمؤمنين في صدور الكفرة على مر الدهر لفسدت الأرض، لأن الكفر كان يطبقها ويتمادى في جميع أقطارها، ولكنه تعالى لا يخلي الزمان من قائم بحق، وداع إلى الله ومقاتل عليه، إلى أن جعل ذلك في أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى قيام الساعة، له الحمد كثيرا. قال مكي: وأكثر المفسرين على أن المعنى لولا أن الله يدفع بمن يصلي عمن لا يصلي وبمن يتقي عمن لا يتقي لأهلك الناس بذنوبهم.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: وليس هذا معنى الآية ولا هي منه في ورد ولا صدر، والحديث الذي روى ابن عمر صحيح، وما ذكر مكي من احتجاج ابن عمر عليه بالآية لا يصح عندي لأن ابن عمر من الفصحاء، وقرأ أبو عمرو وابن كثير: ولولا دفع اللّه، وفي الحج إنّ اللّه يدافع [الآية: 38]، وقرأ نافع «ولولا دفاع الله»، «وإن الله يدافع»، وقرأ الباقون ولولا دفع اللّه «وإن الله يدافع» ففرقوا بينهما، والدفاع يحتمل أن يكون مصدر دفع ككتب كتابا ولقي لقاء، ويحتمل أن يكون مصدر دافع كقاتل قتالا،). [المحرر الوجيز: 2/16-18]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فهزموهم بإذن اللّه} أي: غلبوهم وقهروهم بنصر اللّه لهم {وقتل داود جالوت} ذكروا في الإسرائيليّات: أنّه قتله بمقلاعٍ كان في يده رماه به فأصابه فقتله، وكان طالوت قد وعده إن قتل جالوت أن يزوّجه ابنته ويشاطره نعمته ويشركه في أمره فوفى له ثمّ آل الملك إلى داود عليه السّلام مع ما منحه اللّه به من النّبوّة العظيمة؛ ولهذا قال تعالى: {وآتاه اللّه الملك} الّذي كان بيد طالوت {والحكمة} أي: النّبوّة بعد شمويل {وعلّمه ممّا يشاء} أي: ممّا يشاء اللّه من العلم الّذي اختصّه به صلّى اللّه عليه وسلّم ثمّ قال تعالى: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض} أي: لولاه يدفع عن قومٍ بآخرين، كما دفع عن بني إسرائيل بمقاتلة طالوت وشجاعة داود لهلكوا كما قال: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لهدّمت صوامع وبيعٌ وصلواتٌ ومساجد يذكر فيها اسم اللّه كثيرًا} الآية [الحجّ:40].
وقال ابن جريرٍ، رحمه اللّه: حدّثني أبو حميدٍ الحمصيّ أحمد بن المغيرة حدّثنا يحيى بن سعيدٍ حدّثنا حفص بن سليمان عن محمّد بن سوقة عن وبرة بن عبد الرّحمن عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه ليدفع بالمسلم الصالحٍ عن مائة أهل بيتٍ من جيرانه البلاء". ثمّ قرأ ابن عمر: {ولولا دفع اللّه النّاس بعضهم ببعضٍ لفسدت الأرض} وهذا إسنادٌ ضعيفٌ فإنّ يحيى بن سعيدٍ [هذا] هو أبو زكريّا العطّار الحمصيّ وهو ضعيفٌ جدًّا.
ثمّ قال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو حميدٍ الحمصيّ حدّثنا يحيى بن سعيدٍ حدّثنا عثمان بن عبد الرّحمن عن محمّد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللّه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ اللّه ليصلح بصلاح الرّجل المسلم ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويراتٍ حوله، ولا يزالون في حفظ اللّه عزّ وجلّ ما دام فيهم".
وهذا أيضًا غريبٌ ضعيفٌ لما تقدّم أيضًا. وقال أبو بكر بن مردويه: حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم أخبرنا عليّ بن إسماعيل بن حمّادٍ أخبرنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ أخبرنا زيد بن الحباب، حدّثني حمّاد بن زيدٍ عن أيّوب عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان –رفع الحديث-قال: "لا يزال فيكم سبعةٌ بهم تنصرون وبهم تمطرون وبهم ترزقون حتّى يأتي أمر اللّه".
وقال ابن مردويه أيضًا: وحدّثنا محمّد بن أحمد حدّثنا محمّد بن جرير بن يزيد، حدّثنا أبو معاذٍ نهار بن عثمان اللّيثيّ أخبرنا زيد بن الحباب أخبرني عمر البزّار، عن عنبسة الخواصّ، عن قتادة عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصّنعانيّ عن عبادة بن الصّامت قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "الأبدال في أمّتي ثلاثون بهم تقوم الأرض، وبهم تمطرون وبهم تنصرون" قال قتادة: إنّي لأرجو أن يكون الحسن منهم.
وقوله: {ولكنّ اللّه ذو فضلٍ على العالمين} أي: منٌّ عليهم ورحمةٌ بهم، يدفع عنهم ببعضهم بعضًا وله الحكم والحكمة والحجّة على خلقه في جميع أفعاله وأقواله). [تفسير ابن كثير: 1/669-670]

تفسير قوله تعالى: {تِلْكَ آَيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)}

قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحقّ وإنّك لمن المرسلين}أي: هذه الآيات التي أنبأت بها وأنبئت، آيات الله، أي: علاماته التي تدل على توحيده، وتثبيت رسالات أنبيائه، إذ كان يعجز عن الإتيان بمثلها المخلقون.

وقوله عزّ وجل: {وإنّك لمن المرسلين}أي: وأنت من هؤلاء الذين قصصت آياتهم، لأنك قد أعطيت من الآيات مثل الذي أعطوا وزدت على ما أعطوا.

ونحن نبين ذلك في الآية التي تليها إن شاء اللّه). [معاني القرآن: 1/333]

قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (والإشارة بتلك إلى ما سلف من القصص والأنباء، وفي هذه القصة بجملتها مثال عظيم للمؤمنين ومعتبر، وقد كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم معدين لحرب الكفار، فلهم في هذه النازلة معتبر يقتضي تقوية النفوس والثقة بالله وغير ذلك من وجوه العبرة). [المحرر الوجيز: 2/18]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ قال تعالى: {تلك آيات اللّه نتلوها عليك بالحقّ وإنّك لمن المرسلين} أي: هذه آيات اللّه الّتي قصصناها عليك من أمر الّذين ذكرناهم بالحقّ أي: بالواقع الّذي كان عليه الأمر، المطابق لما بأيدي أهل الكتاب من الحقّ الّذي يعلمه علماء بني إسرائيل {وإنّك} يا محمّد {لمن المرسلين} وهذا توكيد وتوطئة للقسم). [تفسير ابن كثير: 1/670]


* للاستزادة ينظر: هنا