21 Aug 2015
* للاستزادة ينظر: هنا
تفسير قوله تعالى: {لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ (196)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وقوله عزّ وجلّ: {لا يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد}
خطاب للنبي - صلى الله عليه وسلم - وخطاب للخلق في هذا الموضع، المعنى لا يغرنكم أيها المؤمنون.
ويروى أن: قوما من الكفار كانوا يتجرون ويربحون
في أسفار كانوا يسافرونها، فأعلم اللّه عزّ وجلّ - أن ذلك مما لا ينبغي أن
يغبطوا به، لأن مصيرهم بكفرهم إلى النار ولا خير بخير بعده النار، فقال
عزّ وجلّ: {متاع قليل ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد}). [معاني القرآن: 1/500-501]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (قوله تعالى: (لا
يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم
وبئس المهاد (197) لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها
الأنهار خالدين فيها نزلاً من عند اللّه وما عند اللّه خيرٌ للأبرار (198)
نزلت لا يغرّنّك في
هذه الآية، منزلة: لا تظن أن حال الكفار حسنة فتهتم لذلك، وذلك أن المغتر
فارح بالشيء الذي يغتر به، فالكفار مغترون بتقلبهم والمؤمنون مهتمون به،
لكنه ربما يقع في نفس مؤمن أن هذا الإملاء للكفار إنما هو لخير لهم، فيجيء
هذا جنوحا إلى حالهم ونوعا من الاغترار فلذلك حسنت لا يغرّنّك ونظيره قول
عمر لحفصة: لا يغرنك إن كانت جارتك أوضأ منك وأحب إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم، المعنى: لا تغتري بما يتم لتلك من الإدلال فتقعي فيه فيطلقك
النبي صلى الله عليه وسلم، والخطاب للنبي عليه السلام، والمراد أمته
وللكفار في ذلك حظ، أي لا يغرنكم تقلبهم، وقرأ ابن أبي إسحاق ويعقوب: «لا
يغرنك» بسكون النون خفيفة، وكذلك «لا يصدنك ولا يصدنكم ولا يغرنكم» -
وشبهه، و «التقلب»: التصرف في التجارات والأرباح والحروب وسائر الأعمال). [المحرر الوجيز: 2/453-454]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لا
يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم
وبئس المهاد (197) لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها
الأنهار خالدين فيها نزلًا من عند اللّه وما عند اللّه خيرٌ للأبرار (198)}
يقول تعالى: لا تنظروا إلى ما هؤلاء الكفّار مترفون فيه، من النّعمة
والغبطة والسّرور، فعمّا قليلٍ يزول هذا كلّه عنهم، ويصبحون مرتهنين
بأعمالهم السّيّئة، فإنّما نمدّ لهم فيما هم فيه استدراجًا، وجميع ما هم
فيه {متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد}
وهذه الآية كقوله تعالى: {ما يجادل في آيات اللّه إلا الّذين كفروا فلا يغررك تقلّبهم في البلاد}[غافرٍ:4]، وقال تعالى: {إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون. متاعٌ في الدّنيا ثمّ إلينا مرجعهم ثمّ نذيقهم العذاب الشّديد بما كانوا يكفرون}[يونس:69، 70]، وقال تعالى: {نمتّعهم قليلا ثمّ نضطرّهم إلى عذابٍ غليظٍ}[لقمان:24]، وقال تعالى: {فمهّل الكافرين أمهلهم رويدًا}[الطّارق:17]، أي: قليلًا وقال تعالى: {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} [القصص:61]). [تفسير القرآن العظيم: 2/192]
تفسير قوله تعالى: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (197)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ):
(ويروى أن قوما من الكفار كانوا يتجرون ويربحون في أسفار كانوا يسافرونها،
فأعلم اللّه عزّ وجلّ - أن ذلك مما لا ينبغي أن يغبطوا به، لأن مصيرهم
بكفرهم إلى النار ولا خير بخير بعده النار.
فقال عزّ وجلّ: {متاع قليل ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد}أي: ذلك الكسب والربح الذي يربحونه متاع قليل). [معاني القرآن: 1/500-501]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى عن قلة ذلك المتاع، لأنه منقض صائر إلى ذل وقل وعذاب). [المحرر الوجيز: 2/454]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لا
يغرّنّك تقلّب الّذين كفروا في البلاد (196) متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم
وبئس المهاد (197) لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها
الأنهار خالدين فيها نزلًا من عند اللّه وما عند اللّه خيرٌ للأبرار (198)}
يقول تعالى: لا تنظروا إلى ما هؤلاء الكفّار مترفون فيه، من النّعمة
والغبطة والسّرور، فعمّا قليلٍ يزول هذا كلّه عنهم، ويصبحون مرتهنين
بأعمالهم السّيّئة، فإنّما نمدّ لهم فيما هم فيه استدراجًا، وجميع ما هم
فيه {متاعٌ قليلٌ ثمّ مأواهم جهنّم وبئس المهاد}
وهذه الآية كقوله تعالى: {ما يجادل في آيات اللّه إلا الّذين كفروا فلا يغررك تقلّبهم في البلاد}[غافرٍ:4]، وقال تعالى: {إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون. متاعٌ في الدّنيا ثمّ إلينا مرجعهم ثمّ نذيقهم العذاب الشّديد بما كانوا يكفرون}[يونس:69، 70]، وقال تعالى: {نمتّعهم قليلا ثمّ نضطرّهم إلى عذابٍ غليظٍ}[لقمان:24]، وقال تعالى: {فمهّل الكافرين أمهلهم رويدًا}[الطّارق:17]، أي: قليلًا وقال تعالى: {أفمن وعدناه وعدًا حسنًا فهو لاقيه كمن متّعناه متاع الحياة الدّنيا ثمّ هو يوم القيامة من المحضرين} [القصص:61]). [تفسير القرآن العظيم: 2/192] (م)
تفسير قوله تعالى: {لَكِنِ
الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ
اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ (198)}
قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ السَّرِيِّ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (وأعلم - جلّ وعزّ - أن من أراد اللّه واتقاه فله الجنة فقال: {لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلا من عند اللّه وما عند اللّه خير للأبرار}
{نزلا} مؤكد أيضا، لأن خلودهم فيها إنزالهم فيها.
وواحد الأبرار - بارّ وأبرار، مثل صاحب وأصحاب
ويجوز أن يكون برّ وأبرار، على فعل وأفعال، تقول بررت والدي فأنا برّ،
وأصله برر، لكن الراء أدغمت للتضعيف). [معاني القرآن: 1/501]
قالَ عَبْدُ الحَقِّ بنُ غَالِبِ بنِ عَطِيَّةَ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:546هـ) : (وقرأ
أبو جعفر بن القعقاع: «لكنّ الذين»، بشد النون، وعلى أن الّذين في موضع
نصب اسما ل «لكنّ»، ونزلًا: معناه تكرمة، ونصبه على المصدر المؤكد، وقرأ
الحسن: «نزلا» ساكنة الزاي، وقوله تعالى: وما عند اللّه خيرٌ للأبرار يحتمل
أن يريد: خير مما هؤلاء فيه من التقلب والتنعم، ويحتمل أن يريد: خير مما
هم فيه في الدنيا، وإلى هذا ذهب ابن مسعود فإنه قال: ما من مؤمن ولا كافر
إلا والموت خير له، أما الكافر فلئلا يزداد إثما، وأما المؤمن فلأن ما عند
الله خير للأبرار.
قال أبو محمد: وروي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، فقال
القاضي ابن الطيب: هذا هو بالإضافة إلى ما يصير إليه كل واحد منهما في
الآخرة، فالدنيا على المؤمن المنعم سجن بالإضافة إلى الجنة، والدنيا للكافر
الفقير المضيق عليه في حاله وصحته جنة بالإضافة إلى جهنم، وقيل: المعنى
أنها سجن المؤمن لأنها موضع تبعه في الطاعات وصومه وقيامه، فهو فيها
كالمعنت المنكل، وينتظر الثواب في الأخرى التي هي جنته، والدنيا جنة
الكافر، لأنها موضع ثوابه على ما عسى أن يعمل من خير، وليس ينتظر في الآخرة
ثوابا، فهذه جنته، وهذا القول عندي كالتفسير والشرح للأول). [المحرر الوجيز: 2/454]
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وهكذا لمّا ذكر حال الكفّار في الدّنيا وذكر مآلهم إلى النّار قال بعده: " {لكن الّذين اتّقوا ربّهم لهم جنّاتٌ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نزلًا} أي: ضيافةً من عند اللّه {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار}
وقال ابن مردويه: حدّثنا أحمد بن نصرٍ أخبرنا أبو طاهرٍ سهل بن عبد اللّه،
أنبأنا هشام بن عمّار، أنبأنا سعيد بن يحيى، أنبأنا عبيد الله بن الوليد
الوصافي عن محارب بن دثار، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص، عن النّبيّ صلّى
اللّه عليه وسلّم قال: "إنّما سمّوا الأبرار لأنّهم برّوا الآباء
والأبناء، كما أنّ لوالديك عليك حقًّا، كذلك لولدك عليك حقٌّ".
كذا رواه ابن مردويه عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا وقد قال ابن
أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا أحمد بن جناب، حدّثنا عيسى بن يونس، عن عبيد
اللّه بن الوليد الوصّافيّ عن محارب بن دثارٍ عن ابن عمر قال: إنّما
سمّاهم اللّه أبرارًا لأنّهم برّوا الآباء والأبناء، كما أنّ لوالديك عليك
حقًّا، كذلك لولدك عليك حقٌّ، وهذا أشبه واللّه أعلم.
ثمّ قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبي، حدّثنا مسلم بن إبراهيم، حدّثنا هشامٌ
الدّستوائي، عن رجلٍ، عن الحسن قال: الأبرار الّذين لا يؤذون الذّرّ.
وقال ابن أبي حاتمٍ أيضًا: حدّثنا أحمد بن سنانٍ، حدّثنا أبو معاوية، عن
الأعمش، عن خيثمة، عن الأسود قال: قال عبد اللّه -يعني ابن مسعودٍ-: ما من
نفس برّة ولا فاجرةٍ إلّا الموت خيرٌ لها، لئن كان برًّا لقد قال اللّه: {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار}
وكذا رواه عبد الرّزّاق، عن الأعمش، عن الثّوريّ، به، وقرأ: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ}[آل عمران:178].
وقال ابن جريرٍ: حدّثني المثنّى، حدّثنا إسحاق، حدّثنا ابن أبي جعفرٍ، عن
فرج بن فضالة، عن لقمان، عن أبي الدّرداء أنّه كان يقول: ما من مؤمنٍ إلّا
والموت خيرٌ له، وما من كافرٍ إلّا والموت خيرٌ له، ومن لم يصدّقني فإنّ
اللّه يقول: {وما عند اللّه خيرٌ للأبرار} ويقول: {ولا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملي لهم خيرٌ لأنفسهم إنّما نملي لهم ليزدادوا إثمًا ولهم عذابٌ مهينٌ} ). [تفسير القرآن العظيم: 2/192-193]